Jump to content
منتدى البحرين اليوم

ابحث في المنتدى

Showing results for tags 'يوسف الحمدان'.

  • Search By Tags

    اكتب العلامات مفصولة بفواصل.
  • Search By Author

Content Type


Forums

  • قسم المناسبات
    • هنا البحرين
    • اخبار العالم
    • منتدى الفعاليات والتغطيات الخارجية
    • البحرين اليوم في سطور
  • القسم العام
    • أقرأ
    • منتدى ديوانية الأعضاء
    • منتدى السفر والسياحة
    • المنتدى الديني
    • منتدى النقاش
    • منتدى القصص والعبر
    • التراث والتاريخ
    • منتديات الأسرة
    • منتدى الحيوانات والنبات والطيور والأسماك
    • منتدى المواضيع العامة
  • القسم التجاري
    • الإعلانات المبوبة
    • تداول الاسهم العالمية
  • قسم الفن والطرب والدراما
    • الاخبار الفنية
    • منتدى المسرح
    • مشاهير البحرين
    • مشاهير العرب
    • منتديات المسلسلات والبرامج والافلام
    • مسلسلات 2023
  • قسم الشعر والأدب
    • منتدى الشعر والخواطر الادبي
  • القسم التعليمي
    • المنتدى الدراسي الجامعي
    • المنتدى الدراسي
    • The English forum
  • قسم التقنيات
  • منتديات الترفيه
    • منتدى الرياضه والسيارات
    • غرفة البحرين اليوم البالتوك
  • قسم بنك وفلوس المنتدى
  • القسم الاداري للاعضاء
    • اخبار بحرين تودي
    • خاص وسري
  • قسم ادارة المنتدى فقط
  • قسم الادارة العليا فقط

Find results in...

Find results that contain...


Date Created

  • Start

    End


آخر تحديث

  • Start

    End


Filter by number of...

انضم

  • Start

    End


Group


AIM


MSN


Website URL


ICQ


Yahoo


Jabber


Skype


البلد - المنطقة


الهواية


من الذي اخبرك عن منتدى البحرين اليوم


رصيدي هو

  1. From the album: مذكرات فهد مندي

    رحلة مزرعة محمود جناحي (بوطلال) في سند من الساعة 8:30 مساءً الى 3:00 صباحا والموجودين: الشيخ خالد بن عبدالوهاب - خليفة البنعلي - فهد مندي - يوسف الحمدان - عصام الخياط - عبدالله خليل مندي - محمد الحوسني - جمعة الشروقي - حسين جناحي - حامد بوحجي - مهند الانصاري - علي الانصاري وابوه محمود الانصاري - محمد شويطر - العوفي
  2. كتب: يوسف الحمدان العدد 12428 الثلاثاء 18 أبريل 2023 الموافق 27 رمضان 1444 للإعلامي الإذاعي والتلفزيوني المميز فايز السادة حضور الألق في كل برامجه التي يقدمها وبمختلف أنواعها الاجتماعية والأسرية والرمضانية والرياضية والفنية والصباحية والاحتفائية وخاصة في إذاعة البحرين التي يشارك من خلالها مختلف الفئات الاجتماعية في البحرين والخليج، كما أن لبرنامجه الرمضاني الذي كان يقدمه في تليفزيون البحرين عبر مجلس رمضان ميزة ونكهة خاصتين افتقدناهما في هذا الشهر الفضيل.. هذا الحضور المتألق للإعلامي القدير فايز الساده، افتقدناه هذا الشهر بسبب إصابته بوعكة صحية ألمت به عسى أن يعود بعدها متعافيا وحاضرا متمتعا بصحة جيدة تؤهله لتقديم الأجمل والأفضل من البرامج الاعلامية التي نالت إعجاب جماهير الاذاعة والتلفزيون معا.. مع الحبيب فايز السادة بدأت برامجي الاذاعية الاولى في منتصف تسعينيات القرن الماضي كمعد في البداية، وكان الغالي بوفيصل أحد أهم من قدم برامجي التي اعددتها للإذاعة، وكان يتميز بخفة ظل فريدة ومحببة لدى مستمعيه بجانب كونه موسوعة جماهيرية يعرف من أول كلمات الاتصال بالبرنامج من هو المشارك من المستمعين في البرنامج.. مع بوفيصل اعددت برامج مثل (عسى ما شر) وبرامج رمضان والعيدين وبرامج فنية استضفنا اهم نجوم الفن في البحرين والخليج ومن بينها برنامج (فوق النخل).. الاعلامي بوفيصل شارك الكثير من الاعلاميين والاعلاميات في اعداد وتقديم البرامج، من بينهم الاعلامية المميزة نسرين معروف التي حصل لي شرف التعاون معها في بعض البرامج، فهو فعلا جوكر الإذاعة بحق وبجدارة وأينما تضعه تجده الإعلامي المناسب.. ومن اهم برامجه التي حظيت باهتمام ومتابعة كبيرين من قبل المستمعين (لهم بصمة) الذي استضاف فيه شخصيات لها حضورها المميز في المجتمع واشرك فيه أسرها واقربائها والمجتمع، وكان فعلا برنامجا مميزا للمفاجات التي تحدث من خلاله ولها تأثير كبير وغير عادي على ضيف البرنامج، إضافة إلى برنامجه الرياضي (المستطيل الأخضر) الذي افتقدته هذه الايام جماهير الرياضة،. أما البرنامج الصباحي الذي يعتبر سلوة الدرب اليومي لدى الموظفين والأسر والعمال، فهو الذي افتقده حقا أغلب هؤلاء المتابعين، خاصة وأنه برنامج يمنح فيه السادة وزميلته الاعلامية أيضا نسرين معروف عصارة الروح التي تبعث الأمل والابتسامة في روح المستمعين.. الإعلامي فايز السادة من شدة حبه للتواصل مع الجمهور واسعادهم يتمنى وجوده ومشاركته في المسرحيات وخاصة تلك التي تقدم للأطفال، ولم يزل الأمل معقودا لتحقق ذلك بعد خروجه من مستشفى الملك فيصل سالما معافى اللهم امين يارب العالمين.. الاعلامي المميز الغالي فايز السادة، ندرك أن حبك لمستمعيك يفوق كل وصف، ورغبتك العارمة الشديدة للعودة لبرامجك ربما تثير فيك قلق نتمنى أن تؤجله الآن حتى تتجاوز عابرتك المرضية، فنحن نعرف قلقك مثلما نعرف ضحكتك الفارهة حين تنجاوز هذا القلق، فكثيرا من الأمل والاسترخاء والاهتمام بالصحة والعافية يجعلنا مطمئنين أكثر لمتابعة الأجمل والأكثر تميزا من برامجك المميزة التي اعتدناها منك دائما أيها الجوكر الفريد في إعلامنا السمعي والمرئي في مملكة البحرين.. حفظك الله وحماك وأنعم عليك بالصحة والعافية وطول العمر يارب.. https://www.alayam.com/Article/courts-article/420748/فايز-السادة..-جوكر-الإعلام-الذي--ننتظر-صوته-وطلته...html
  3. *لتحقيق نقلة نوعية .. مسرح جلجامش يعيين عدداً من المستشارين المسرحيين* بخطواتٌ حثيثه نحو تطوير مخرجات الدورة القادمة للجمعية العمومية لمسرح جلجامش، وسعياً لتحقيق مزيداً من الإنجازات، اعلن رئيس مجلس ادارة مسرح جلجامش السيد فهد مندي عن تعيين مستشارين للمسرح من الخبرات المتميزة في الحركة المسرحية بمملكة البحرين. فقد تم تعيين الأستاذة القدير كلثوم امين مستشارة للمسرح نظير خبرتها الطويله في مجال تأسيس وتطوير المواهب المسرحية على جميع الأصعدة، وتشهد الساحة الفنية على جهود الأستاذة كلثوم امين على المستوى المحلي والخارجي. كما تم تعيين الأستاذ الدكتور يوسف الحمدان مستشاراً للمسرح نظير خبرته الطويلة والمخضرمة في مجال الأدب والنقد المسرحي اضافة الى العديد من المؤلفات المسرحية العديدة، وجدير بالذكر تعيين الأستاذ يوسف الحمدان عضواً في اللجان التنفيذية الرفيعة على المستوى المحلي والخارجي واخرها تعيينه عضواً في الهيئة العربية للمسرح. وقد تم تعيين المخرج نضال العطاوي مستشاراً للمسرح نظير خبرته المتميزة في العمل المسرحي وقيادته للعديد من المجموعات المسرحية الشبابية والتي خرجت العديد من المؤلفين والمخرجين والممثلين الشباب العاملين في المجال المسرحي اضافة الى العاملين في الجوانب الفنية الأخرى. وجدير بالذكر بأن الأستاذ نضال العطاوي عضواً مؤسساً لمسرح جلجامش، وقد شهدت مسيرته الفنية العديد من الإنجازات على المستوى الحلي والخارجي وعرف عنه خبرته الواسعة في الأعمال الإدارية المسرحية وتدريب وتأسيس قواعد شبابية عاملة في المسرح. هذا وقد تقدم رئيس مجلس إدارة المسرح بخالص التهاني والتبريكات للسادة المستشارين متمنياً لهم التوفيق ناقلاً ثقة اعضاء مجلس الإدارة واعضاء المسرح في السادة المستشارين وابدى الجميع استعدادهم التام للعمل جنباً الى جنب لتحقيق الأهداف المرجوة. https://albiladpress.com/news/2023/5271/spaces/800223.html
  4. يقام في الفترة من 20-27 فبراير القادم الدورة الرابعة من مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي بمشاركة الفرق الأهلية المسرحية بدول مجلس التعاون الخليجي، كما سيصاحب المهرجان برنامج فكري موسع يتناول مختلف القضايا المسرحية في كل دولة. وفيما يلي تنشر " البلاد" البرنامج الكامل للمهرجان. " العروض" عرض الافتتاح يوم الاثنين 20 فبراير وهو عرض مستضاف. عرض يوم الثلاثاء 21 فبراير مسرحية " الهود" لفرقة مسرح الشباب من المملكة العربية السعودية، من تأليف راشد الشمراني وإعداد مشعل الرشيد، وإخراج معتز العبدالله. عرض الأربعاء 22 فبراير مسرحية" ياخليج" لفرقة مسرح جلجامش من مملكة البحرين من تأليف يوسف الحمدان وإخراج عبدالله البكري. عرض الخميس 23 فبراير مسرحية" زنغبوت" لفرقة مسرح الشارقة الوطني من الإمارات من تأليف إسماعيل عبدالله وإخراج محمد العامري. عرض الجمعة 24 فبراير مسرحية" عنقود العنب" لفرقة المسرح العربي من الكويت من تأليف نادية القناعي وإخراج عبدالله القلاف. عرض السبت 25 فبراير مسرحية " غجر البحر" لفرقة قطر المسرحية فكرة ناصر عبدالرضا وتأليف طالب الدوس وإخراج ناصر عبدالرضا. عرض الأحد 26 فبراير مسرحية " سدرة الشيخ" لفرقة صلالة للفنون المسرحية الأهلية من سلطنة عمان من تأليف عماد الشنفري وإخراج خالد الشنفري. وحفل الختام سيكون يوم الاثنين 27 فبراير. " البرنامج الفكري". الثلاثاء 21 فبراير " الفرق المسرحية العمانية اليوم..جهودها وانجازاتها. الأربعاء 22 فبراير " المرأة في المسرح الكويتي: مبدعة وموضوعا للإبداع". الخميس 23 فبراير " المسرح القطري..مسيرته وابرز محطاته". الجمعة 24 فبراير " تأثير الموسيقى الشعبية في المسرح الإماراتي" السبت 25 فبراير " الممثل المسرحي البحريني بين الموهبة والشهادة" وسيتحدث في هذه الندوة كل من الناقد يوسف الحمدان، والكاتب والصحافي أسامة الماجد، والناقدة كلثوم أمين، والفنان عبدالله ملك، والفنان علي سلمان. الأحد 26 فبراير " المسرح السعودي في أفق رؤية 2030 https://albiladpress.com/news/2023/5214/spaces/792581.html?#_=_
  5. مسرحيّون: المسرح البحريني في حالة يأس بسبب الإهمال والتهميش! في ندوةٍ عقدتها «الأيام» حول الآمال المؤجّلة للمسارح وواقعها المهمل.. الأيام - العدد 12173 السبت 6 أغسطس 2022 الموافق 8 محرم 1444 في خطابه الشهير المعنون بـ«محكومون بالأمل» كتب المسرحي السوري سعدالله ونوس، «إن المسرح، ورغم كل الثورات التكنولوجية، سيظل ذلك المكان النموذجي الذي يتأمل فيه الإنسان شرطه التاريخي والوجودي معًا»، مؤكدًا على أن المسرح «ليس تجليًا من تجليات المجتمع المدني فحسب، بل هو شرط من شروط قيام هذا المجتمع، وضرورة من ضرورات نموه وازدهاره». فيما تضمن ميثاق العمل الوطني لمملكة البحرين، مجموعة من المقومات الأساسية للمجتمع البحريني، ومن بينها: التعليم، والثقافة، والعلوم، حيثُ «ترعى الدولة العلوم والآداب والفنون»، ولأن المسرح يُعد جزءًا أساس من مقومات الثقافة في أي مجتمع، طرحنا في الندوة التي عقدتها (الأيام) موضوع المسرح، وذلك تحت عنوان «المسارح في البحرين.. آمال مؤجلة وواقعٌ مهمل». في هذه الندوة، التي استضفنا فيها رؤساء المسارح في المملكة، تطرقنا لآمال المسارح والمسرحيين المؤجلة، وربما المعطلة، والمشكلات التي يعانيها الحراك المسرحي، والأسباب الجذرية التي تعوق حلحلتها، وما المنى التي يتمنون أن تتحقق بتضافر جهود المؤسسات المعنية، خاصة «هيئة البحرين للثقافة والآثار»، مع تعيين الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة، رئيساً لها. سيد احمد رضا المسرح الملقى على الهامش يؤكد المسرحيون بأن المسرح مهمل، ولا يستطيعون، في ظل هذا الإهمال المستمر، إلا أن يعتقدوا بأنهُ إهمالٌ متعمد، فلا اعتراف حقيقي به، وكل ما بوسعهم فعله، هو أن يعيدوا طرح قضاياهم، علها تلقى آذاناً صاغية، بيد أنهم باتوا مؤمنين بأن طرحهم هذا، أشبه بلوكِ للقضايا والشكايا دون استجابةٍ تذكر، حتى بلغ بهم الحال إلى اليأس والمكابدة، فلا أحد يصغي لهم، بل إن الجهة التي يفترض بها أن تكون على اتصال بهم، ليست على اتصال مباشر بالحالة المسرحية، ولهذا يؤكدون بأن الإهمال تجه المسرح، أقرب ما يكون إلى الإقصاء. ولا يقتصر تحمل مسؤولية هذا الإهمال على (هيئة الثقافة)، بل يرى البعض منهم أن مختلف الجهات التي يمكنُ لها أن تسهم في دعم المسرح وتعضد دوره، كوزارة الإعلام، والتربية، والسياحة، بالإضافة للصحافة، والبرلمان... يتحملون جزءاً من المسؤولية، مؤكدين على أهمية دور الحكومة في وضع الخطط والسياسات المعنية بالثقافة والفنون، لكي لا يستمر تهميش المسرح والثقافة بكل فروعها. فيما يرون بأن الثقافة عمومًا والمسرح خصوصًا، يمثلان ركائز أساسية لكل بلد، ولا يجب أن يهملا ليسوء بهم الحال إلى ما هو عليه، محملين القطاع الخاص مسؤولية المساهمة في دعم الثقافة والمسرح، وحاثين الحكومة على إجبار هذا القطاع ليسهم في الدعم، كواجب من واجبات المسؤولية الاجتماعية. كما يعاني المسرح في البحرين، من شح المخصصات المالية، والتي تعيق تقدمه، وتحد من تمثيله للمملكة خارجيًا، مؤكدين بأن نجاح المسرح نجاحُ للبحرين، ورفعٌ لاسمها في المحافل الدولية، إذ أن المسرح البحريني، يمتلك من الإمكانات ما يؤهلهُ لفعل ذلك. ويشكو المسرحيون من عدم الالتفات لهم، في الوقت الذي تستقطب فيه الفرق الأجنبية، ما يجعلهم مجرد متفرجين، دون إشراكهم في الفعل الثقافي، وفي ظل كل ذلك، يرى المسرحيون بأن التركة الملقاة على رئيس هيئة الثقافة، تركةٌ ثقيلة، متفائلين بأن يسعى لحل قضاياهم العالقة، ومطالبهم المُهملة. الحمدان: المسرح يلوك قضاياه وشكواه دون استجابة! الناقد، ورئيس اتحاد جمعيات المسرحيين البحرينيين، يوسف الحمدان، أكد بأن الاتحاد وفي مؤتمره الأول، طرح مجموعة من المرئيات التي تناولت القضايا الملحة المتعلقة بنهوض المسرح ومعالجة مشاكله، وقد سُلمت هذه المرئيات للجهات المعنية، «بيد أنّا لم نلمس أي استجابة أو تنفيذ لأيٍ منها حتى الآن، كما لو أنها وضعت على الرفوف المؤجلة» ما يؤكد لدى الحمدان، «انعدام الاعتراف الحقيقي بالمسرح». وتتضمن هذه المرئيات مسألة الدعم المسرحي، وتوظيف خريجي المسرح، والبنى التحتية المسرحية، وضرورة الدعم المتواصل، والاهتمام بمسرح الطفل، ومسرح الدمى، وإقامة المهرجانات، وإنشاء المسابقات المسرحية، والجوائز، والتكريمات... وهنا يلفتُ الحمدان إلى أن الاتحاد بوصفه المظلة التي تنطوي تحتها المسارح، يعاني هو الآخر، إذ «لم يتوفر لهُ مقر منذُ تأسيسه، رغم وعد (هيئة الثقافة) بتوفير المقر، إلا أن هذا الوعد لم ينفذ، كما أن الاتحاد لا يحصل على أية مخصصات مالية!»، متمنياً من الرئيس الجديد للهيئة أن يلتفت لكل هذه القضايا. اليأس الناعم يشيعُ اليأس في أوساط المسرحيين، مع هامش أملٍ، هم محكومون به، ليعينهم على الصمود لتقديم اشتغال يبقي على المسرح، في محاولةٍ أشبهُ بالإنعاش المستمر، فبينما «نلوك قضايانا وشكوانا دون استجابة تذكر من الجهات المعنية»، يؤكدُ الحمدان بأن هذه الجهات «علمتنا باقتدار، اليأس الناعم؛ فعندما نطرح قضايانا، نجابه بالابتسامة الجميلة، وما يشعرنا ببصيص أملٍ، والذي سرعان ما يتلاشى، ليتكرر هذا الأمر مراتٍ ومرات!». ويلفت بأن هذه الحالة «جعلتنا كمسرحيين نضطر للتسول للحصول على الدعم». مشيراً إلى أن (الصالة الثقافية)، والتي تكاد تكون فضاء العرض الوحيد، «تؤجرُ للعروض الخاصة، فيما نحنُ كمسارح ومسرحيين، في آخر أولوياتها». وبذلك أضحى المسرح «في حالة يأس، بدلاً من حالة المكابدة الخلقية والإبداعية الطبيعية» كما بين. الصفار: هيئة الثقافة لا تملك برنامجًا تنمويًا للمسرح ترى، ما الأسباب الجذرية لهذا الإهمال والتهميش للمسرح والذي يؤكد عليه المسرحيون في البحرين، يرجعُ الفنان محمد الصفار، نائب رئيس مسرح الصواري، هذا الإهمال لعدم وجود برنامج تنموي، مؤكدًا «أن (هيئة الثقافة) لا تملك برنامجًا تنمويًا للمسرح، وليس لديها أي تشبيك في الداخل والخارج فيما يخص القطاع المسرحي». إلى جانب ذلك، يشير الصفار إلى أن الجميع يصم آذانه عن مشكلات المسرح، «لا أحد يصغي إليه وإلينا، وما يؤسف له بأن (هيئة الثقافة) ليست على اتصال مباشر بالحالة المسرحية»، ولهذا يتساءل «ما قيمة الثقافة كحركة دون محركها الرئيس، ورافدها الأكبر؟»، مبينًا بأن «المسرح يلم شمل كل الثقافة؛ هناك المؤلف، والنص، والعرض، والسينوغرافيا... ولابد من وجود المسرح بوصفه محيطًا يجمع العديد من الفنون». «المسرح الوطني» لا وطني! في سياق التوغل في جذور مشكلة المسرح، يقفُ الصفار على مشكلة التعاطي مع الثقافة عمومًا، مواصلاً تساؤله عما إذا «تحولت (هيئة الثقافة) لصالونٍ خاص، وحالة مخملية؟»، مستغربًا «كيف نتحدث في العام 2022 عن عدم وجود صالات كافية للتدريبات المسرحية!؟ وهل من المعقول أن نطرق باب (وزارة التربية) لاستئجار صالاتها، ونلقى استجابة، فيما لا تستجيب لنا (الثقافة) وهي الجهة المعنية؟!»، ويتابع الصفار، «لدينا (المسرح الوطني)، لكن كيف لا يشهد هذا المسرح عروضًا وطنية، ولا يسمحُ لنا باستخدامه كمسارح ومسرحيين، فهل يعقل أن يكون مسرحًا وطنيًا لا وطنيًا؟». يصرُ الصفار على أن (الهيئة) «أهملت المسرح إهمالاً يشبه الأقصاء، فهي لا تشركنا كمسارح في برامجها؛ كربيع الثقافة، وصيف البحرين.. وللمفارقة، كان لدى الهيئة قسمٌ خاص بشؤون المسرح، وتم إلغاؤه»، وكل ذلك انعكس على الحالة المسرحية عمومًا، كما يقول الصفار، موصفاً المسرح بـ«خط الفقر، والبيئة الطاردة التي ينفرُ منها المبدعون». يوسف: كل فروع الثقافة تعيش حالة يأس وليس المسرح فقط يُحمل الفنان يعقوب يوسف، عضو مسرح أوال، الحكومة مسؤولية عدم الاهمام بالثقافة عموماً، متسائلاً «هل وضعت الحكومة خطة أو سياسة للفنون والثقافة؟»، مشيراً إلى أن «المسرح ليس وحدهُ الذي يعيش حالة اليأس، بل الثقافة بكل تفرعاتها؛ من غناء، وموسيقى، وآداب، وفنون...»، مؤكداً بأن الثقافة «لم يعد لها اعتبار». ويلفتُ يوسف، بأن التقصير في دعم المسرح لا تتحمل مسؤوليته (هيئة الثقافة) وحدها، فـ «الصحافة مقصرة أيضاً على صعيد التغطيات والكتابات النقدية، إلى جانب (وزارة الإعلام) التي كفت عن تصوير المسرحيات وعرضها للجمهور، و(وزارة التربية) التي أوفقت ابتعاث الطلبة لدراسة المسرح، بالإضافة للبرلمان الذي لم يتطرق لقضايا الثقافة عموماً والمسرح خصوصاً، والقطاع الخاص غير الداعم، والذي ينبغي أن يدعم الثقافة كنوعٍ من المساهمة الاجتماعية». مطلوبٌ منا أن نكون متفرجين فقط يشعرُ يوسف بتشاؤم تجاه الحراك الثقافي والمسرحي عموماً، «إذا بقي الوضع على ما هو عليه، فالأمر لا يحمد عقباه»، لافتاً إلى أن «الثقافة والمسرح، يمكنُ لهما أن يكونا خير ممثل للبحرين على الصعيدين الخارجي والداخلي (للقادمين إليها)»، مشيراً إلى أن استيراد الثقافة مختلف عن تصديرها؛ «مطلوب منا في البحرين أن نكون متفرجين، فبرنامجُ كربيع الثقافة، الذي أعطى للبحرين رونقاً وجمالاً، يستقطب الفرق الأجنبية دون الالتفات للفرق المحلية، ولو إن جزءاً مما صرف على هذا الربيع، خصص للإبداع البحريني، لأحدث فارقاً». وحول مبادرة (مسرح أوال) لإنشاء مقر خاص، يضم محال تجارية تمول اشتغاله، بين يوسف «حاولت الإدارة قدر الإمكان توفير مبالغ لإنشاء مقرها المجهز بصالات للتدريب، لكن هذا تم على حساب الفنان المسرحي نفسه، وهذا ليس بالأمر السهل»، متابعاً «كلما رفعنا قضايانا إلى (الهيئة) أجابتنا بأنها لا تملك ميزانية كافية، ولهذا على الدولة أن تضع في اعتبارها الثقافة، وتخصص الميزانيات المناسبة للنهوض بهذا القطاع». الماجد: مسرحُ يفتقر لبناه التحتية يتمنى عقيل الماجد، رئيس مسرح الريف، أن يحظى المسرح ببعضٍ من الاهتمام الذي تحظى به كرة القدم على الصعيد الرسمي، متسائلاً «هناك عمل لإنشاء ملاعب في كل المناطق والقرى، فلماذا لا تكون هناك صالات عرض مسرحية في كل محافظة؟»، مؤكداً بأن المسرح «خرج من الناس وإلى الناس، ولابد أن تضم مناطق البحرين صالات عرض، أسوةً بالملاعب»، مشيراً إلى أن المسرح «يعاني أيما معاناة؛ فهو يفتقر للبنى التحتية، من مقارّ مناسبة للمسارح، وصالات للتدريب، إلى جانب شح صالات العرض، فكيف للمسرحي أن يعمل في فضاءٍ يفتقر للأساسات؟». ويقترحُ الماجد إنشاء مجمع ثقافي يضم مقار المسارح، إلى جانب صالات مهيئة للتدريب والعرض، مبيناً «هذا الأمر من أبسط الأمور التي يمكنُ أن يفكر بها المرء، ومن اليسير إعادة ترميم مدرسة أو مجمع تجاري أو غيره، ليكون مكاناً مناسباً للمسارح واشتغالاتها». مندي: أعطني مسرحاً أعطيك... يلقى باللائمة دائماً على الجهات المسؤولة، فلماذا لا تستثمر المسارح لتأمين استقلاليتها المالية النسبية؟ يبين الفنان فهد مندي، رئيس مسرح جلجامش، بأن المسارح عاجزة عن الاستثمار في ظل انعدم الدعم، فالمسرح كما يلفت، غير قادر على تأمين الأساسيات التي يعملُ عليها، فكيف سيستطيع أن يقدم على الاستثمار؟ ومن أين لهُ ذلك؟ فيما يرجع عزوف الناس عن المسرح، إلى المسألة الرئيسة المتمثلة في إهماله، مبيناً «أنا مؤمن بمقولة (أعطني مسرحاً أعطيك شعباً مثقفاً)، ولطالما كان الجمهور البحريني متعطش لما يقدمه المسرح، ولكن إهمال المسرح على مدى سنين، من قبل (هيئة الثقافة) والجهات الأخرى، جعل المسرح يفقد جمهوره». ويلفت مندي إلى أن دعم المسرح على جميع الأصعدة «كفيل بخلق حالة مسرحية صحية، وإعادة الجمهور إلى المسرح»، منتقداً المسؤولين الغائبين عن الحراك المسرحي،«عندما تقدم عرضاً، فكل ما يفعله المسؤول هو الحضور لحظة التكريم، ثم الانصراف قبل العرض، فلماذا لا نجد حباً للمسرح والثقافة لدى هؤلاء المسؤولين!؟». وحول ما إذا تواصلت (وزارة السياحة) معهم في سياق تنظيم عروض مسرحية تستقطب السياح، بين مندي «لم يسبق أن شهدنا أي اتصال من هذا النوع، رغم استعدادنا لأن نكون جزءاً من استراتيجية السياحة للأعوام القادمة، خاصة وأن الثقافة عموماً والمسرح خصوصاً تمثل واحدةً من الركائز الأساسية لكل بلد». الدرزي: مرغمون على المسرح الفقير تشكل مسألة المخصصات المالية مشكلة كبرى للمسارح، وقد فصل الفنان عبدالله الدرزي، رئيس مسرح البيادر، أسباب كونها واحدة من أبرز المشكلات، «فمُقابل 12 ألف دينار سنوياً للمسرح، مطلوبٌ منهُ أن يوفر كل احتياجاته، من إيجار مقر، ومصاريف كهرباء وماء، وخدمات، ومشاركات خارجية، وعروض داخلية، وكل شيء!». موضحاً «العمل المسرحي الواحد، في حده الأدنى، يكلف 4 آلاف دينار، فكيف يمكننا أن ننتج أعمالاً مع الإيفاء بكل الالتزامات الأخرى، وفي الوقت ذاته نشارك خارجياً لتمثيل البحرين؟!». لهذا يؤكد الدرزي بأن «المسرحي البحريني، لا يعيش القلق المسرحي الصحي المتمثل في القلق الإبداعي، بل هو قلقُ مالي؛ من أين سأمول عملي، وقلق المكان؛ أين سأتدرب، وسأعرض...»، مبيناً «كمسرحيين نلجأ لتقليل التكلفة، وذلك على حساب التقنية، والإبداع، فنحنُ نعتمد (المسرح الفقير)، لأننا مرغمون عليه، لا لأناّ عاجزون عن تقديم إبداعات، تماثل التي تقدم في المهرجانات الدولية». ضرورة التفريغ الفني يلفتُ الدرزي، إلى جانب العديد من المشكلات التي يعانيها المسرح البحريني، لمسألة «ضرورة وجود (معهد للفنون المسرحية)، للحفاظ على تواتر المسرح بين الأجيال»، مبيناً «هناك فجوة معرفية بين الأجيال المسرحية، وينبغي سد هذه الفجوة من خلال معهد أكاديمي، إلى جانب تخريج أجيال قادرة على النقد والمساهمة في الحراك المسرحي». كما يتساءل الدرزي «لم لا يوجد تفريغٌ فني للفنان، ليتسنى لهُ تمثيل بلاده خير تمثيل؟ فكما أضحى هناك احتراف رياضي، لابد من العمل على التفريغ الفني، خاصة وأن المسرحي ممثلُ لبلاده تماماً كما الرياضي». مشرف الندوة: سيد احمد رضا جريدة الايام https://www.alayam.com/alayam/first/973000/News.html
  6. الحمدان وضع الجمهور داخل الموقف الذي تشكله المسرحية "بي ريلاكس"... ثورة جدية للوصول إلى الشكل الفني لمسرح المستقبل أسامة الماجد مسرحية "بي ريلاكس" التي قدمها مسرح جلجامش يوم أمس بنادي الخريجين، من تأليف وإخراج يوسف الحمدان، وتمثيل حسين المبشر، وساعد في الإخراج الفنان حمد الخجم، وموسيقى ومؤثرات الفنان علي رضا، وتنفيذ الفنان عبدالرحمن العطاوي، عبارة عن مونولوج طويل متدفق يكشف في استرساله عن أشياء، حيث تعتمد المسرحية كثيراً على قاعدة الحوار الذاتي منطلقاً لها. إنها قضية فشل إنسان في استخدام طاقاته للوصول لهدفه، وعندما دق جرس انتهاء حياته لم يكن قد حقق خطوة واحدة عما بدأ به، لقد ناضل ولكن في غير الجبهة أو بعيداً عن مرماه. القصة تدور في مستشفى الطب النفسي، حيث عزلة الإنسان ، الإنسان في كل زمان ومكان ويسجل تحطمه تحت معاول تهوي عليه بكل قسوة وضراوة بسبب المجتمع، وقد التقط المخرج الحمدان بذكاء وحس أبعاد الموقف الدرامي وتبين مركز ثقله، فطرحه حول الجمهور بلا خشبة، وهكذا قذف بنا الحمدان ووضعنا داخل الموقف الذي تشكله المسرحية. اقترب بنا من السأم والنفوز والعذاب والفوضى، من كل المشاعر والأحاسيس التي تولدها شخصية حسين "الفارس السابق"، الامر الذي معه لم نتحول إلى متفرجين وأصبحنا نحس بأن ذلك الرجل يمشي معنا كالظل. الأسلوب عند يوسف الحمدان ليس مجرد أداة طيعة تتلون بالموضوع، بل هي طريقة حياة، هي مزاج لا خلاص للإنسان منه، فهو ليس ثوباً يخلع ويلبس حسب المناسبات بل هو الكيان ذاته في الحق والواقع. وإذا قلنا إن الحمدان في كل أعماله المسرحية التي كتبها ظل مخلصاً لشكل التعبير أو أسلوب التعبير، فذلك إنما ينم عن أصالته وصدقه، فقد تختلف الموضوعات التي يتطرق إليها الكاتب وتتنوع الأفكار والآراء التي يدلي بها تبعاً لتنوع وتعدد تلك الموضوعات التي يواجهها، ولكن أسلوب التعبير لا يتغير لدى الكاتب الأصيل لأن الأسلوب في الحقيقة هو الشخص. في تصوري الشخصي إن مسرحية "بي ريلاكس" تمثل في حقيقة الامر ثورة جدية للوصول إلى الشكل الفني لمسرح المستقبل، ويمكننا أن نضعها في مصاف علامات على الطريق نحو فن مسرحي جديد في منطقة الخليج والعالم العربي. كما أن التجسيد المسرحي للنص جاء موفقاً إلى حد بعيد، فقد استطاع الفنان المبشر أن يبهرنا بإيقاعه الأدائي والحركي بما يعكس الفكرة الأساسية التي تحويها المسرحية، وكان سهلاً عليه الاستغراق والدخول في تعقيدات العمل ليبرز أقصى ما يمكن أن تمنحه الوسائل البسيطة التي يستخدمها في التعبير عن أعماق الموضوع الذي يعرضه بالإرتجال. أخيراً أقول: إن الحياة اكثر من مجرد مظهر، إنها يمكن أن تكون بالنسبة لكل منا، ما هي بالنسبة لأبطال يوسف الحمدان الذين يقدمهم للمسرح، يمكن أن تكون بحثاً دائباً وإن كان بحثاً يائساً عن الحقيقة، وما الحقيقة غير البراءة والصبا والمثل العلى. صحيفة البلاد الخميس ٤ اغسطس ٢٠٢٢ https://albiladpress.com/news/2022/5043/spaces/769845.html
  7. رئيس مسرح جلجامش (فهد مندي): يوسف الحمدان ابونا كلنا https://www.albiladpress.com/news/2022/5040/spaces/769470.html
  8. سعيد الحمد فارس القضايا وسيد المختلفين.. الايام - العدد 12128 الأربعاء 22 يونيو 2022 الموافق 23 ذو القعدة 1443 لا طعم ولا نكهة ولا رائحة بصفحة قضايا اليومية بصحيفة الأيام دون عمود فارس القضايا (أبعاد) كاتبنا الراحل سعيد الحمد.. وحوار يجمعنا دون أبي عبدالله هو حوار أشبه بوجبة دون توابل أو بهارات.. هو سيد المختلفين ولكنه الأقرب إلى قلوبنا حتى وإن اختلفنا في بعض التفاصيل مع آرائه وأفكاره.. خاض بحر الحياة سياسة وادبا واعلاما وفنا ودراما ومسرحا وتراثا، وكان هذا المخاض الغزير زادا ارتوت به كتاباته واعمدته وبرامجه الإذاعية والتلفزيونية، فتميزت به عن غيرها من الكتابات والبرامج.. ماذا أقول عن الحبيب بوعبدالله وقد جمعتني به صحبة ومحبة ورفقة درب في الحياة والفكر والطريق لسنوات نادرة وفريدة وحميمة تقاسمتنا في بيوتات وشقق وملتقيات الأصدقاء.. الحبيب بوعبدالله لا وقت لديه لنفسه او لأقرب الناس إليه كما لو أنه قد قدر عليه أن يحمل هموم الناس والوطن على عاتقه حتى آخر لحظة من حياته، ويبثها ويتبناها من خلال قضاياه اليومية بصحيفة الأيام.. فقدك صعب يا صديقي البهي.. موجع فراقك يا أبا عبدالله.. ألف رحمة ونور على روحك الطاهرة..
  9. مديات التقنيات البصرية في المسرح وتحولاتها الخلاقة .. تأتي هذه الدراسة بعد إجراء بعض التعديلات عليها وبعض الإضافات .. بقلم : يوسف الحمدان سوف لن يهدأ هذا الجيل ، جيل الإصبع ، جيل الصورة بشتى أشكالها وأنواعها وتقنياتها البصرية والرقمية ، قبل أن يرى الكائنات البشرية واللابشرية أشبه ببيادق ودمى البلي ستيشن وهي تتحول إلى لعبة ، هو يحركها ويتسلى بها ، فهذه أقصى غاية متعته وسعادته ، وربما تنسحب هذه المتعة والسعادة على محاولته الحثيثة والمستميتة في تحويل فعل المسرح الحي المؤثر في الآخر إلى كائن مستلب تماما من روحه ، يخضع لمزاجه الخاص ورغبته العارمة في اللعب والتسلية . إنها هيمنة الصورة وطغيان تقنياتها البصرية والرقمية ، بما فيها وسائط التلفزيون والسينما والملتميديا ووسائل التواصل الاجتماعي والغرافيك والفوتو شوب وكل المعطيات الرقمية النووية الهائلة ، إذ كل المؤشرات توميء أو تشير بأن الكائن البشري سيتحول رقما في ترس الماكينة المعلوماتية التكنولوجية الضخمة الهائلة ، فبقدر رغبة هذا الكائن العارمة في السيطرة على هذه الآلة الجهنمية الضخمة ، بالقدر نفسه وأضعافه هي رغبة هذه الآلة على تحويل كل اهتمامات هذا الكائن نحوها ، بحيث يصبح أسيرا لمغرياتها ومغوياتها السريعة النووية التحول والتغير والتأثير . وإذا وقفنا على التلفزيون والسينما بوصفهما فنين أو وسيطين هما نتاج أو صنو هذه التقنيات البصرية ، فكيف يكون الحال عليه في فن المسرح بوصفه فنا حيا ، رأس ماله الحقيقي والفعلي الممثل وأفضية العرض بشتى أنواعها وأشكالها ؟ كيف يستطيع هذا الفن الحي أن يستثمر هذه التقنيات ويوظفها في عروضه دون أن تلغي أو تهمش كيانه بوصفه واحدا من أهم الفنون وأقدمها تأثيرا وتواصلا مع المجتمع ؟ طبعا لم يكن المسرح بمعزل تام عن استثمار وتوظيف مثل هذه التقنيات في عروضه المسرحية ، ولعل بداية التحديات كانت مع الرسام والنحات الإيطالي ليوناردو دافنشي الذي سبقت اكتشافاته اختراع التلفزيون والسينما ، وذلك عام 1518 عندما أوجد حلولا تقنية لأوبرا أسطورة أورفيوس ، وذلك من خلال تصميمه خشبة مسرح ميكنية تستوعب وتحرك مختلف المناظر المعقدة المتعددة في الأوبرا وتغير مستوياتها من خلال مصعد يرفع من تحت الخشبة إلى أعلى ليشكل بذلك قببا وكنائس وجبال . وهنا نلحظ أن التقنيات البصرية قد تأسست وتشكلت في البدء في المسرح ، وكانت هي الإرهاص الأول لاكتشاف التلفزيون والسينما فيما بعد ، وكانت المحفز الأول أيضا لبزوغ فجر المسرح التسجيلي على يد الكاتب المسرحي والرسام الألماني بيتر فايس ، الذي ولد في برلين واستقر في السويد وبدأ نشاطه مع المسرح التسجيلي الوثائقي عام 1945 ، مع الحرب العالمية الثانية ، ويعتمد مسرحه على تقارير حقيقية وعلى الوثائق الصحفية التي تخاطب الطبقة العاملة , وذلك من خلال رؤية عصرية باستعمال الحيل الدرامية ومن بينها الوثيقة المصورة ، وكانت مسرحية ( مارا صاد ) أو ( عذابات موكنبوت ) من أشهر مسرحياته والتي نالت حظا وافرا لدى أشهر وأهم الكتاب العرب والمخرجين أيضا ، ومن بين الكتاب الذين قدموها برؤية تلتئم وواقعنا العربي الراحل سعد الله ونوس والتي أطلق عليها ( رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة ) اما المخرجون فهم كثر ومن بينهم المخرج المصري سناء شافع . ولنا أن نشير إلى تجربة خليجية عربية تأثرت بالاتجاه التسجيلي الوثائقي لبيتر فايس ، وإن منحت مضمونها بعدا فنيا جماليا مختلفا ، وأعني بها تجربة الناقد والكاتب الكويتي الدكتور علي العنزي في نصه ( أسفار الموت والمقاومة ) وهي واحدة من النصوص المسرحية التي استوقفتني لأهميتها الوثائقية أولا ، خاصة وأنها تناولت قضية عشناها وشغلتنا وأرقتنا خليجيا وعربيا ، وثانيا لأن مؤلفها العنزي تمكن وبجرأة غير عادية ، أن يتناول مثل هذا النوع من القضايا الصعبة والإشكالية التي تتكيء على الوثيقة والمستند الواقعي والتشريعي اللذين لا مناص لهما من التورط في الحالة التقريرية والسردية والمباشرة في كثير من الأحيان ، أن يتناوله في إطار مسرحي فني ، لم يبرع في التميز فيه إلا القلة من الكتاب ، وخاصة الكتاب الذين اشتغلوا في الحقل السياسي بشتى صنوفه الفكرية والأيديولوجية ، من أمثال آرفين بيسكاتور وبرتولد بريخت وبيتر فايس وإن شذ عنهم برؤيته البصرية التجريبية للوثيقة الحية . ولعل أهم ما في هذا النص الوثائقي ، هو تناول الكاتب العنزي أحداثه الوثائقية والتاريخية في أسفار عنونها برحلة محنة الكويت ومقاومة أهلها إبان الغزو العراقي على الكويت ، واختزال هذه الأحداث في محاكمات معضدة بالأدلة والمستندات والضحايا والشهود والسلايدات والأفلام التي توازي حالات الاعتراف وتسلط الضوء على تاريخ الواقعة ، بجانب محاولته إشراك الجمهور في المحاكمات . ومن بعد بيتر فايس كمؤسس للمسرح التسجيلي ، يأتي وبجرأة أكبر على استثمار وتوظيف هذه التقنيات المخرج الألماني أرفين بيسكاتور ، الذي اعتمد في عروضه الوثائقية السياسية على العناصر البصرية ، ومن بينها الأفلام الصامتة ، وهي صور منعكسة على شاشات كبيرة للحصول على مصداقية الفعل لتحريك المتفرج وتفعيل الموقف النقدي من خلال تكييف المسرح لمطابقته للبيئة ، ومن ثم تبعه مجموعة من المسرحيين المعاصرين مثل “آن ديفاريه سميث” و “ساره جونز” و “نيلاجا صن” و “بروك هايكوك” وغيرهم من مسرحيين اعتمدوا على تقنيات التوثيق الحديثة من خلال استخدام “الإنترنت” و “المالتيميديا” و “الإسقاط الضوئى” لخدمة هدف المسرح الوثائقى . ألا أن المنعطف الحقيقي والذي تمكن من أن يحدث ثورة في مجال هذه التقنيات البصرية كان مع المخرج الأمريكي روبرت ويلسون ، وهو مصمم مسرحي وكاتب وممثل ومخرج لمسرحيات ما بعد الحداثة كما أن له رسوماً ومطبوعات وأفلام، ومنذ عام 1960 قدم أشكالاً من الدراما الإنسانية الذاتية ، وتتميز أعماله بالإستاتيكية الصورية والخطوات البطيئة، والتناقض في مسرحه هو الأساس ، ويرتبط ذلك بفكرة التفكيك والتناقض ، كما أن الفعل الذي تقوم عليه أي مسرحية من مسرحياته يتشكل وينحل ويتداخل مع أشياء أخرى ويتشظى ويعاد تشـكيله . إن روبرت ويلسون تمكن من استضافة الغرائبي والسيريالي والملحمي والتشكيلي والنحتي والتلفزيوني والسينمائي في أعماله المسرحية ، وقد سخر لإنجاز أعماله المسرحية فريق كبير من أمهر التقنين في مختلف التقنيات البصرية والميكنية التي تتطلبها عروضه المسرحية التي يطغى فيها الجانب البصري على كل المفردات الأخرى فيها . ولشدة هوس روبرت ويلسون بالتقنيات البصرية ، فإنه يقوم بتصميم وإعداد الصور والرسوم والأفلام والميزانسين قبل تدريب الممثلين وقراءة النص واختبار فضاء العرض ، فمثل هذه المهمة يعتبرها ويلسون مسألة تنظيم معماري في الزمن والفضاء ، إنه الأداء على أسس الرقص دون الاكتراث أو الاهتمام بالبناء الأدبي للنص ، فالقيمة البصرية بالنسبة له أكثر أهمية من القيمة الأدبية . وقد اعتاد ويلسون دائما أن يبتكر شكلاً متميزا غير مألوف للعرض ، ففي مسرحية ماكنة هاملت لهنري ميللر القصيرة، كان المؤلف قد خطط للعرض كي لا يتجاوز 15 دقيقة، لكن العرض في معالجة ولسون استغرق ساعتين ونصف، حيث وزع حوار المسرحية على الممثلين بشكل عشوائي، مما أعطى للعرض طابعاً سريالياً صرفاً ، كما فسح المجال واسعا للصورة والفيلم والموسيقى . ومن أهم أعماله مسرحية 1914 عن أحداث حدثت في براغ على خشبة المسرح الوطني إبان الحرب العالمية الأولى ، وهي مستوحاة من رواية ( جندي تشيكي شجاع ) لمؤلفها ياسولاف هاسي كتبها عام 1921ومسرحية الأيام الأخيرة للبشرية التي كتبها كار كراوس بعد الحرب العالمية . أما في عروض ريتشارد ششنر وهو أحد أهم مخرجي مسرح ما بعد الحداثة الذي اشتغل على تفكيك النصوص ومعارضتها بالرؤى البصرية المتعارضة والأحداث المتناقضة بغية الإيحاء باللامعنى ، وذلك عبر كولاج بصري يتخطى السائد والمألوف في معالجة التقنيات البصرية ، الأمر الذي يمنح العرض أبعادا تأويلية قائمة على استفزاز ونقض المتوقع . ويعد المخرج التونسي المبدع توفيق الجبالي أحد أهم من اشتغل على اللا مستقر والمستفز للمتوقع في عروضه المسرحية التي أسست لرؤية بصرية مغايرة لها معطياتها وشروطها الخاصة بها . ففي عرضه ( المجنون ) نلحظ كيف تتحول كل مفردات وعناصر الخلق المسرحي، من صوت ولون وتشكيل ونحت ورقص وسمهجات وهلوسات وحكايات وموسيقى وذبذبات ووشوشات وتجليات صوفية مهووسة بالذي لن يأتي ولن يستقر، تتحول إلى صورة حية تختزل كون جبران وتضعه في محور فلكي يشبه درب التبانة، حيث لا تميز الضوء عن السديم، ولا حركية الكون عن ثبات محورها وتفلته. إن اشتغالات واشتعالات الجبالي المخبرية القلقة في المسرح، غالبا ما تقترح على مؤديها ومتلقيها لغة هي من (الجنون) الذي لا يأبه بالتوصيف أو التصنيف، ولا يأبه بالتوضيح أو الغامض والمبهم. هي لغة ليست في وارد التعاطي مع المسرح بوصفه فعل ممثل وفضاء للتمثيل أو التمسرح، إنما هي لغة اشتباكية مع الأحياء والأشياء، مع النقائض والمتضادات، مع المخفي بوصفه أكثر (جُنًا) من المخفي ذاته، مع الوهم بوصفه حلما، ومع العذابات بوصفها مسارات لا حدود لانتهائها ولا ملامح لأسرار منابعها. إنه يلج بنا إلى ذرى أمواج يصعب علينا تخطف ُطشارها الزبدي، وإلى استقصاءات مخبرية تتجاوز حصرها في البحث الجسدي السائد، إذ كل الحالات في (مجنونه) الخلاق المتفلت، هي في كل حالة منها استقصاء مخبري، ففي الوقت الذي ترعف فيه أجساد ودواخل خيوله الحرة، بما يعتمل بها من قلق ومحاولة للهروب نحو الفضاء الأكثر تحررا، في الوقت ذاته يكشف لنا ليلها الخلاق عن مبهمات لكائنات يكتسيها ظلام مريب وملبس، وكما لو أن هذه الحيوات المبهمة ظلالات تحيا في جوانح كمائن هذه الأجساد (الخيول)، وهذا الظلام المتعدد الحيوات والمبهمات والأوهام والدروب الغرائبية المريبة. إن الجبالي لا يعنيه أن يكون الممثل في (مجنونه) و(جنونه) محورًا كي يتحقق العرض، ولا تعنيه التماثلات المرتبة كي تتحقق النتائجية والتماثلية البصرية والصوتية في العرض، يعنيه أن يكون المسرح وإن لم يكن الفضاء، تعنيه الحالة التي من شأنها أن تنتج حياة في المسرح وإن لم تكن حية بالمعنى البيولوجي أو المادي، تعنيه اشتباكات الأزمنة النفسية والميتافيزيقية في حيزها الأكثر مواربة وقلقا وحيرة. لذا حتى لو كانت الأصوات المسجلة والوشوشات والذبذبات وحدها تتملك فضاء العرض أو فضاء الجنون، فمن شأنها أن تنتج وتشكل عرضها وأفقها. كل الأجساد في هلوسات الشاعر المجنون (جبران والجبالي)، صورًا حية، تتآخى وتتقاطع مع كل الكائنات الأخرى في العرض، كما أنها صور تتمنتج في الآن ذاته ويخبو وهجها في الآن ذاته أيضا، ويظل بحثك عنها، هو بحثك عن الصور التي ضلت طريقها في مخيلتك البصرية. وتظل تبحث وتبحث، تصعد وتهبط، وكما لو أنك سيزيف الجنون الكوني الذي أومضه الجبالي في لحظة صورية بصرية هائلة الضوء والعتمة والريبة، لتبدو أمامه متكأ الأثر الأول لقدم الصعود نحو سلم العذابات الكوني، ونحو أمل يأخذنا نحو الصعود إلى الهاوية. يستحضر (جنون) الجبالي سيزيف كوننا المضني في لحظة برقية مؤثرة، ليظل في كل وهلة ماثلا بقوة في دواخلنا، ولتتشكل من بين محيط عتمته (التبانية)، أفضية صورية تتجلى في نثار ضوء هنا يخطف أعيننا نحوه للحظات ومن ثم يخبو، لتتشكل معه مواويل حزن تأتي من بعيد قاع ذاكرتنا ومخيلتنا، لتستقر في ذاكرة ومخيلة حضرت اللحظة وتجاوزتنا إلى لحظات غريبة ظلت تشاغب أوهامنا وستظل حتى قاع أخرى أشد شراسة وفتكا لتكهناتنا بمصيرها ومصيرنا. هو الليل، هو الظلام، هو سحر اللون، هو منبلج الخلق والكون والصورة، هو الصوت المبتدى واللامنتهى، هو نحن والآخر وما بعد الآخر، هو شاشة المسرح والفيلم والوهم والحلم، هو ورطة لعبة ( البازل) التركيبية والمركبة التي اختزل فيها (جنون) الجبالي رؤية أخرى جديدة لبورتريه جبران خليل جبران، ليتماهى في حيزها غير المكتمل (المجنون) و(الجنون)، ولينتج من خلالها الجبالي أفقا جديدا وخلاقا وساحرا في عالمنا المسرحي بكونيته المنفتحة على رؤى نحلم يوما أن نحقق شظايا صورة منها . وهنا نلحظ قدرة هؤلاء المخرجين على استثمار مثل هذه التقنيات لمعطيات وفضاءات المسرح وليس العكس ، بمعنى أن تصبح هذه التقنيات جزءا لا يتجزأ من عناصر العرض المسرحي وليس العكس . الصورة قامعة ومخاتلة لمخيلة الخلق والتكوين ، وما لم تكن قادرا على الإمساك بتلابيبها فإنها تجرك وتجذبك نحو ممكناتها دون هوادة ، فهي بالرغم من أنها تستثير مخيلتك للبحث والاكتشاف ، إلا أنها في الوقت نفسه ممكن أن تؤطرك في مغرياتها ومغوياتها ، وفي هذا الصدد وقع في مثل هذه الفخاخ والحبائل الكثير من المخرجين الذين أصبحت تجاربهم المسرحية أشبه بعروض سينمائية أو رقمية لا تحفل ولا تقف عند المسرح بوصفه قادرا على توظيف مثل هذه التقنيات في أفضيته الحية ، ذلك أنهم لم يتمكنوا من خلق نشوء متزامن بين الفعل المسرحي والصورة وتقنياتها البصرية . ومن التجارب المسرحية العالمية التي أتيحت لي فرصة مشاهدتها ضمن مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما ، تجربة الممثلة المخرجة الحائزة على جائزة كازانوفا للمونودراما ، الليتوانية بيروتي مار ، التي تمكنت في مسرحيتها أنتيجون أن تجعل من المسرح فضاء ملتيميديا رقميا هائلا ، تبدو فيه كنقطة صفرية تائهة وهي تبحث عن قرارها الكوني في مواجهة هذا العصر ، ولتصبح هذه التقنية جزءا لا يتجزأ من كيانها البشري الوجودي . ومن أهم التجارب المؤسسة الرائدة في عالم المسرح والتي احتفت بهذه التقنيات بوصفها عنصرا حيا في المسرح ، تجربة الباحث والمنظر الفرنسي باتريس بافيس ، الذي تمكن من أن يجعل من جسد الممثل علامة بصرية قابلة للتغير والتحول والتجدد والتأثير ، والذي استثمرها المخرج العراقي الرائد في مسرح الصورة بوطننا العربي الدكتور صلاح القصب في أغلب إن لم نقل كل مسرحياته ، ومن أهمها مسرحية الحلم الضوئي وعزلة الكريستال وماكبث والتي تسنى لي مشاهدتها أيضا ، حيث تمكن من تحويل الفضاء المسرحي إلى فضاء يشبه الفضاء السينمائي في تقنيته ، كما هو الحال في تجارب المخرج المصري انتصار عبدالفتاح في مسرحيته ( مخدة الكحل ) التي تحولت إلى صور حية و المخرج البحريني عبدالله السعداوي في مسرحياته ولعل أهمها مسرحية اسكوريال والقربان اللتين تحولت أفضيتها إلى بيئة سينمائية تواشجت مختلف التقنيات البصرية بما فيها الجسد على إبرازها وتدشين ملامحها الجمالية المؤسسة في مسرحنا الخليجي ، والتي استثمرها بطريقة مختلفة عبر وسائط وتقنيات بصرية الفنان خالد الرويعي في مسرحيتيه ( الرسائل ) و ( إيفا ) . ومن التجارب التي استوقفتني في هذا الصدد ، مونودراما ( فيفا لاديفا ) أو ( عاشت الحياة ) لمؤلفتها الكاتبة الروائية اللبنانية هدى بركات ومخرجها الفنان الراحل نبيل الأظن ونجمتها الفنانة اللبنانية العربية الاستثنائية رندا أسمر ، والتي تسنى لي مشاهدتها في مهرجان الهيئة العربية للمسرح عام 2010 على خشبة مسرح بابل ، حيث تم توظيف شاشة بحجم إطار فوتوغرافي تظهر صورة امرأة تؤدي دور الملقنة أو الشخصية الانعكاسية لشخصية بطلة العرض التي تؤديها الفنانة رندا أسمر ، والتي من خلالها تتجلى حالات الثنائيات المتناقضة بين الداخل والخارج ، الأسود والأحمر ، الباطن والظاهر ، الشباب والشيخوخة ، وهي أشبه بالصوت الداخلي أو الجانب اللامرئي في شخصية رندا أسمر ، التي أصبحت متماهية في أدائها مع هذه الصورة الرقمية المؤطرة وكما لو أنها الصورة والشخصية ، الحلم والوهم ، الفرح والخيبة في آن واحد . ومن التجارب التي حاولت استثمار هذه التقنيات أيضا ، وخاصة تقنية الفيديو والشرائح البصرية ، تجربة المخرج المسرحي المصري الشاب الفنان مازن الغرباوي في مسرحيته ( انتحار معلن ) لمؤلفها الكاتب والناقد المسرحي السعودي الدكتور سامي الجمعان ، حيث جعل من النهر الذي يلتهم فضاء العرض بتموجاته المريبة وسواده المرعب المفزع كمينا مخاتلا ووحشا متربصا لضحيته التي تعلن الانتحار بجواره لحظة يأس قاتل فادح ، والتي استقى المؤلف رؤيته النصية من حياة فرجينيا وولف في اللحظات الأخيرة من حياتها . وتتعدد علامات الجسد البصرية بتعدد رؤى المخرجين ، ومن بين من أولى هذه العلامة أهمية كبرى في تجاربه المسرحية ، المخرجة الشابة المغربية أسماء الهوري في مسرحيتها ( خريف ) ، والتي تمكنت من أن تجعل من خزانة العرض كادرا سينمائيا تتعدد فيه الدلالات الجسدية وتختزل فيه القضايا التي يقترحها العرض على فضائه المسرحي وعلى المتلقي ، وكذلك المخرج المغربي محمد الحر في مسرحيته ( صولو ) الذي اشتغل على تقنية المونتاج لمنح رواية الكاتب المغربي الطاهر بن جلون ( ليلة القدر ) فضاء روحانيا واجتماعيا آخر ومؤثرا . وقد سبقه في الاشتغال على مونتاجية العرض المخرج الكويتي فيصل العميري في مسرحيته ( صدى الصمت ) ، حيث تأسس العرض كله منذ البداية على هذه التغريبة المونتاجية التي أهلته مثلما أهلت ( خريف ) للهوري و( صولو ) للحر بأن ينال جائزة أفضل عرض مسرحي عربي في مهرجان الهيئة العربية للمسرح الذي أقيم بدولة الكويت عام 2015. وتتجلى مبررات فوز المخرج فيصل العميري بالمركز الأول عن مسرحيته ( صدى الصمت ) ، في قدرته على استثمار كافة مفردات وعناصر العرض المسرحي ، وإبرازها بما يمكنها من تفجير البعد الدلالي للنص وتشظية أبعاده الإنسانية المركبة والصعبة ، واستثمار الفضاء المسرحي بفسحه الأوسع لرائحة انعكاسات الحرب على الشخصيات وما تخلفه من غربة ومن وحشة ومن حالة عبثية فاقعة ، معضدا ذلك بتواشج حوار خلاق بين الفنون البصرية والسمعية والأدبية والسينمائية والموسيقية ، التي شكلت أفضية زمنية متعددة هي باستمرار في حالة تنامي وتقاطع واشتباك ، إضافة إلى استثمار المخرج للمؤثرات الموسيقية الحية والتي شكل منها حالة تندغم فيها لعبة الحوار المتشظي بين الشخصيات وبين كونها قائدا لدفة العرض من خلال الدراماتورج المهرج البائس الذي قام بأدائه الفنان عبدالله التركماني ، والذي تمكن من خلال المخرج أن يخلق عالما مونتاجيا لكل الحالات في العرض ، الأمر الذي أصبح فيه هذا العرض يتحرك بعناصره ضمن زخم سينمائي لافت ليمنح المسرح بذلك إمكانية قصوى لاستقطاب الفنون البصرية وجعلها عنصرا مهما من عناصر العرض المسرحي . كما أن توظيف المخرج للإضاءة في هذا العرض جاء ملائما للتحولات الزمنية بأبعادها الواقعية والدلالية والتخيلية ، بجانب التعامل الاحترافي الموفق في تشكيل جسد وروح الممثل في التجربة ، حيث نلحظ التحولات بين الأداء الغروتيسكي والكاريكاتوري والواقعي والعبثي ، الأمر الذي أصبح فيه هذا النص السردي حالة من حالات الفعل المسرحي التي كتبت على فضاء العرض المسرحي وليس على الورق . تمكن المخرج العميري أيضا من كشف العوالم النفسية لكل شخصية في العرض ، لتصبح نسيجا حيا لرؤية إبداعية أصبح فيها العميري مؤلفا بارعا لعرضه المسرحي المفعم بالدلالات المتوالدة بجمالياتها الفنية والتقنية الآسرة . ولم يكن هذا الاستثمار والتوظيف ببعيدين أو غريبين على المخرج الكويتي الدكتور عبدالله العابر ، حيث تمكن من خلق لحمة بصرية قوامها الجسد والتقنية البصرية في مسرحيته ( الصبخة ) التي ألفها بدراماتورجية الناقد والكاتب الكويتي الدكتور فيصل القحطاني ، والتي أذهلنا فيها من خلال استخدام اللقطة الوامضة كومضة النقطة الحمراء في لوحة الفنان التشكيلي خوان ميرو لتدفعنا للبحث عن دلالات أخرى في التجربة ، إضافة إلى مقترحاته المونتاجية التي وضعتنا في قلب البحث عن أزمنة هي أقرب للحلم من الواقع ، وكما لو أنه يقترح نقاطا صفرية صعبة لا تتوفر إلا في العالم الرقمي الهائل لهذه التقنيات البصرية الديجيتالية المركبة المتشظية الالتباسية . وبجرأة لا متناهية يحيل المخرج الإماراتي محمد العامري فضاء عرض ( كتاب الله ) للدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة إلى عالم تتحاور وتتقاطع فيه كل التقنيات البصرية والرقمية والغرافيكية ، لتصبح متآخية مع الجسد بوصفه علامة بصرية ومع فضاء العرض بوصفه منتجا لهذه التقنيات وليس تابعا لها ، وهو تحد يصعب تجاوزه إذا ما وقفت على الممكنات البصرية التقنية الهائلة التي تم توظيفها في هذا العرض . وإذا كانت بعض هذه التجارب مستثمرة لهذه التقنيات ، فإن المصمم السينوغرافي والمخرج الكويتي المبدع فيصل العبيد منتجا لها ، وخاصة في اشتغالاته الميكنية وخدعه البصرية التي منحت التجربة المسرحية في الكويت وهجا تقنيا إبداعيا مغايرا ومؤسسا ، وكما لو أنه يقترح علينا في بعض تجاربه المسرحية إمكانية استثمار الخيال العلمي والتقني بوصفه لازمة أساسية لتأويل العرض بعيدا عن منطلقاته الفنية المتاحة الأقرب للمعطى الواقعي المتشابه في عناصره . إن التقنيات البصرية والرقمية الهائلة أسهمت دون أدنى شك في إشعال وتأجيج خلايا المخيلة إلى أقصى مدياتها لدى المشتغلين في حقل المسرح ، ومن هنا ينبغي استثمارها وفق معطيات التجربة المسرحية تجنبا للخلط العشوائي بينها وبين هذه المعطيات ، واستثمارها أيضا بوصف المسرح أيضا قادرا على مدها بطاقته التخيلية فسحا أكثر وأكبر من شأنها أن تكون هي من منتجاته وابتكاراته وليس العكس ، وليس معادلا موازيا موضوعيا له . ويظل السؤال مقلقا للرأس : كيف يمكننا أن نشكل من هذه العلائق الحية والبصرية اتجاها أو اتجاهات مسرحية لها مؤسسوها ومبدعوها كما هو الحال مثلا لدى روبرت ويلسون ومن سبقه من المؤسسين من أمثال بيتر فايس وأرفين بيسكاتور ؟ متى نستطيع أن نخرج من الحالة الوظيفية الطارئة لهذه التقنيات والتي يقتضيها هذا العرض دون ذاك ؟ متى يتمكن مخرجونا من المسك بتلابيب هذه التقنيات والتحكم فيها بوصفها عناصر تنتمي لكونهم المسرحي أولا وأخيرا ؟ متى تتحول هذه الأصفار الرقمية كائنات حية لا تدع المجال واسعا أمام من يتحكم بها في ملعبه بوصفها بيادق للعبة الإلكترونية الشائعة ؟ كيف يصنع المسرح تقنياته البصرية وليس العكس ، حيث لا تزال الاستعارة ماثلة بقوة في أغلب التجارب التي تستخدم التقنيات البصرية ؟ متى تجد هذه التقنيات البصرية والرقمية الهائلة موقعا فعليا لها في أكاديمياتنا المسرحية والفنية وليس هامشيا ؟ متى ندرك ان جيل الأصبع للمسرح بالمرصاد ؟ أسئلة تروم التأسيس لوهج اتجاهي خلاق في المسرح ومغاير في كل معطياته عن من سبقه من المؤسسين لاتجاهات مسرحية سابقة ..
  10. الفنان علي الغرير .. رحيل ضحكة الحياة التي لا تموت بقلم : *يوسف الحمدان* أيها الموت ترفق بنا قليلا ، فما أكثر الأخبار المفجعة المحزنة الفادحة التي تنهال على رؤوسنا وأرواحنا ونفوسنا والتي تباغتنا دون انتظار موعد منا في الغفلة والغفوة والهجعة واليقظة ، من أول وسن العين حتى مطلع الفجر ، وما أكثرها قسوة وشراسة وضراوة على كل طاقة مقاومة في دواخلنا .. ترفق بنا أيها الموت ، فما عدنا نحتمل وداع من نحب من الأصدقاء الآباء والأبناء والقرناء ، وكما لو أننا خلقنا لنشيعهم في أول الوقت ونمضي معهم حزنا وكمدا حتى يحين موعد لقائنا بهم .. ترفق بنا أيها الموت قليلا ، ترفق بمن وهبوا الحياة فينا حبا وبهجة وابتسامة وضحكة وفرحا وكما لو أنهم وجدوا ليزيحوا أثقال الحزن والأسى والضجر والبؤس عن أنفسنا بالرغم من الأحزان والآلام التي تسكن وترافق حياتهم اليومية في ممارستهم لفنهم ودونه . ما أثقل وطأ الحزن حين داهمني خبر وفاة الفنان البحريني الجميل الوادع الرقيق المحب بلا حدود ، علي الغرير ، إبني وصديقي ، والذي ظل ذلك الطفل البريء صاحب الضحكة التي تضم كل العالم بين شدقيها وبين حناياها ، صاحب القلب الكبير الذي لا يهدأ له بال قبل أن يحتضنك ويقبلك ويثير في كوامن سكونك وجمودك كل ممكنات الفرح بأوفيهاته وقفشاته العابرة والذي يصعب أن أراه غير ذلك ولو أمده الله بالعمر الطويل . بوخالد الحبيب ، الطفل المشاغب الذي يحيل كل حزن أو جدية في أي دور مسرحي يسند إليه إلى كائن مخلوق ومجبول بالفرح والبهجة وإن حاول المخرج غير ذلك ، هكذا كان في أول الدرب وأول الحب للمسرح في نادي مدينة عيسى الرياضي الثقافي في ثمانينيات القرن الماضي برفقة الصديق الفنان عبدالله السعداوي وبرفقة الفنان مصطفى رشيد في ( كوكتيل ) الفرح والاكتشاف لنجم كوميدي من الطراز الأول يتسابق أكثر المخرجين والمنتجين على الحظوة به . هو بوخالد الذي كلما توهج وتجلى في دور أسند إليه ، سواء في المسرح أو الدراما التلفزيونية ، أصبحت روحه وعمره أكثر ولوجا في الطفولة ، وكما لو أنه يبحث عن عمر آخر يعيده إلى الطفل الذي يخشى أن يغادره ، أو كما لو أنه يخشى علينا نحن محبيه وجمهوره من أن يسرقنا العمر من طفولتنا . أي كائن هذا الذي وهب عمره الطفلي هذا لنا كي نحيا أطفالا تتقاسم أيامنا وأوقاتنا الضحكات والمداعبات ، ليس في المسرح أو من خلال أدواره في الدراما التلفزيونية فحسب ، إنما في كل اللحظات التي نعيشها ولو كانت بعيدا عن مهمته الفنية ؟ هو النجم الذي استقطبته الشوارع والبيوت والأحياء والمناسبات وكما لو أنها موات دون طلته وقفشاته المحببة اللطيفة لدى كل الأعمار ، هو النجم الذي سكن قلوب وشفاة كل أهل البحرين والخليج العربي ، هو التواضع والإنسانية في أبهى تجلياتها النبيلة ، هو الفنان الإنسان الذي يصعب أن ترى من يحقد عليه أو يغار منه إلا إذا تمنت روحه بعض طفولته الودودة . آه ما أصعب فقدك أيها الحبيب بوخالد .. وما أقسى وطأته على محبيك ورفقاء دربك ، كيف لنا أن نواجه يوما أو لحظة لا ننتظر فيه أو فيها درب ضحكتك الطفلية الودودة ؟ ترفق بنا أيها الموت قليلا ، فمن غادرنا يصعب ويتعذر علينا تعويضه بطفل آخر ، ويشق علينا أن تمضي دروبنا في دهاليز وأروقة الفن والكوميديا والفرح والبهجة دون أن نراه أو نطمئن على أننا لا زلنا أطفالا بوجوده بيننا وإن بعدت المسافات . أعاننا الله جميعا على فقدك يا أبا خالد ..
  11. الناقد المسرحي والإعلامي يوسف الحمدان يوشك أن يكون مسرحنا في واد غير ذي زرع .. بمناسبة اليوم العالمي للمسرح ٢٧ مارس ٢٠١٩ فيما كنت أتأمل كلمة المخرج والدراماتورج الكوبي..كارلوس سيلدران أستاذ المسرح بجامعة هافانا ، بمناسبة اليوم العالمي للمسرح ، وذهابه الرائي والمسئول نحو لحظات اللقاء بالجمهور التي تتكون من خلالها حياته غير القابلة للاستنساخ والتي تعكس أعمق الحنايا في أنفسنا و أكثرها شخصية ، والتي تنسج لحظات التعري من الأقنعة . فيما كنت أتأمل هذا النسج التفاعلي الصامت الذي لا يحتفي بظاهر الأشكال وفقاعاتها الطافرة، بقدر احتفائه في البحث عن موطن و مساحة شاسعة تغطي العالم، تنشأ في أعماق النفس وتسعفها على التحرر والحظوة بالحقيقة اليومية المبهمة غير القابلة للاختراق، لتكون مؤهلة للإبحار في مخيلة الشعب، ولتصبح بذرة مغروسة في أبعد أرض موجودة للمتفرجين عليك . فيما كنت أتأمل هذه الكلمة العميقة الرائية للمخرج والدراماتورج الكوبي كارلوس سيلدران ، وجدت نفسي مرغما على الانجرار إلى واد غير ذي زرع في أرضنا المسرحية العربية إلا من رحم ربي من التجارب المسرحية التي ظلت سامقة باسقة مثمرة بالرغم من اليباب المجاور والمحيط بها ، ومن بين هذه التجارب التي حددت مساراتها المسرحية المخصبة ولم تلتفت أو تأبه بالمحيط بها أو المجاور لها في هذا اليباب ، تجارب المخرج التونسي توفيق الجبالي والمخرج الكويتي سليمان البسام والمخرج العراقي السويدي مهند الهادي ، وهم مخرجون عرب إنسانيون كونيون في رؤاهم المسرحية ، بجانب تجارب بعض المخرجين الشباب الذين نطمح في أن تتحصن تجاربهم من هذا المد اليبابي في أرض مسرحنا العربي، من أمثال أسماء الهوري ومحمد الحر وأمين ناسور من المغرب ، وتونس بنت علي من الجزائر ، وفيصل العميري وعبدالله العابر وفيصل العبيد من الكويت ، ومحمد العامري وحسن رجب من الإمارات العربية المتحدة ، وزيد خليل وإياد شنطاوي من الأردن ، وإيمان عوده من فلسطين ، وعماد الشنفري من سلطنة عمان ، وهي تجارب كما أشرت أتمنى أن تفتح أفقا إبداعيا جديدا في المسرح العربي والكوني مستقبلا ، وأنا في هذه السانحة المتأملة أقف على العرض المسرحي بوصفه أرقى تجليات حالة وفسح الرؤية في المسرح . وأنا أتشبث ببعض أمل في هذه الأرض ، لا تنفك أشواك الغابة الكثيفة في أرض مسرحنا العربي من أن توخزني وتدميني أحيانا إذا التفت لغير واديها أو انصرفت وتعاطفت مع من يحاول الخلاص من كوارثها ، فبالرغم من كثرة وكثافة العروض المسرحية التي تقدم طوال العام ، منذ أعوام ، في مهرجاناتنا المسرحية العربية ، والتي يختزل بعضها أعواما في مهرجان واحد على صعيد الإنتاج المسرحي ، إلا أن العرض المختبري الرائي فيها يوشك أن يكون شحيحا ونادرا ندرة العطر في الزهور ، لهاث هنا وفوضى هناك وتخبط يوشك أن يسم هذه الكثافة ، والبحث عن المميز في هذه الغابة يوشك أن يكون أشبه بالبحث عن قطرة ماء نقية في مستنقع آسن . عروض لا تبحث ولا تنطلق من رؤية مختبرية في أغلبها، عروض تروم الحظوة بجائزة المهرجان قبل جائزة العرض والجمهور، عروض لا تحتفي بالفكر في تجاربها بقدر احتفائها بالطافح على السطح وبالفكرة المجانية، عروض لا تتأمل، لا تتعمق، لا تسأل، لا تشاكس، لا تشكل وهجا يغري هدير الروح والمخيلة، عروض تقدم في هذا المهرجان وعينها على ذاك المهرجان، عروض مطمئنة على خيبتها باعتبارها إنجازا وانتصارا، وكما لو أن فريقها هو الحكم والجمهور والجائزة . إنها عروض أوشكت إن لم تصبح تشبه بعضها في كل شيء وفي كل مفردة، فالعرض يكرر نفسه في الآخر القادم وكما لو أنه يضفي بعض الحلى والزخارف التي نسيها مخرجه في العرض الذي سبقه، والأداء هو نفس الأداء، وكما لو أن الكلام بعاميته ودارجيته هو من يحسم أمر اللغة والجسد والوعي بفضاء العرض، والمختبر للأسف الشديد بات معلومة موجزة مكررة يتلقى المشاركون في ورشته بعض ما حفظوه وما تم حفظه سلفا، ليصبح العرض في نهاية الأمر خارج إطار المعلومة والمختبر والورشة . والجمهور هو نحن المسرحيون ، ولا علاقة حتى لجمهور النخبة من خارج إطار المسرح والمسرحيين به وبما يقدمه المسرحيون في عروضهم ، وكما لو أن هذا الجمهور لا علاقة له بمختبرات العرض المسرحي ، وينسى هؤلاء المسرحيين أن أكبر وأكثر المخرجين المسرحيين المجربين والتجريبيين في العالم ، أن أول ما يشغل فكرهم هو اختبار الفكرة ومدى تواشجها أو استفزازها للمتلقي ، هكذا تفعل أريان نوشكين ويفعل تادوش كانتور وروبرت ويلسون وبيتر بروك وأوجينيو باربا وجوزيف تشاينا مع جمهورهم قبل العرض وأثناءه وبعده ، انطلاقا من كون العرض فضاء رحبا تأويليا لمخيلة التلقي التي أغلب مسرحيينا للأسف الشديد أهملوها وهجروها ولم يكترثوا بها على الإطلاق . إنها عروض تنتظر نتيجة لجنة الحكم قبل انتظارها ردود فعل المتلقي ، ذلك أن أكبر مصيبة وأكبر كارثة ابتلى بها مسرحنا العربي ، هي عروض المسابقة ، وليست عروض المهرجان ، وهذه حالة عربية بامتياز للأسف الشديد ، وإن كانت الجوائز قد تسهم أحيانا في دعم الفرق وتشجيعها على العطاء الخلاق باستمرار ، إلا أنها من الممكن أن تأخذ هذه الجوائز منحى تحفيزيا وداعما للفرق غير أن تكون جائزة في مسابقة ، خاصة وأنها ، بوعي أو دون وعي ، أسهمت في كثير من الأحيان في تشكيل وعي مغاير ومضاد للوعي بالمسرح ومسئوليته لدى بعض الفرق المسرحية ، بإحساسها الدائم أنها الأفضل ، فباتت تكرس بوعي أو دون وعي نفس مفرداتها الفنية والجمالية في كل عرض تقدمه بوصفها منطقة الجذب التي تتجه إليها لجنة الحكم أثناء تقييمها للعرض . وحتى لا يعتقد البعض أنني متحاملا على المهرجانات ولجان التحكيم ، فإني أؤكد وللمرة الألف ، أن المشكلة في المسرحيين أنفسهم قبل المهرجانات ، فالمهرجانات بالتأكيد لا تدعو إلى تمييع وتسييح التجارب المسرحية ، وإن كانت بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في آلياتها الإدارية والفنية ، أقول المشكلة في المسرحيين ، لأن بعضهم يهندس ويفصل أثواب تجربته المسرحية وفق وحسب نوعية كل مهرجان مسرحي ، وبالتالي ينصرف هؤلاء المسرحيين عن الاهتمام بتجربتهم المسرحية الخاصة بهم وكيفية إنضاجها وتدشينها بالأسئلة الشائكة والمقلقة والمؤرقة التي من شأنها أن تشكل رؤية عميقة في حراكنا المسرحي وتؤثر فيه وفي المتلقين لعروضهم المسرحية . إن استسهال الكثير من مسرحيينا العرب بأهمية ودور المسرح في محاورة الفكر والمخيلة والتأثير في الحياة بلغة ترقى على الحياة نفسها ، قادهم لأن يتعاطوا المسرح ، وفق إيقاعهم اللهاثي السريع ، بوصفه شيفرات يومية أشبه بشيفرات ( السوشيال ميديا ) ، وكان الأمل أن تصبح هذه السوشيال ميديا لغة فنية تستثمر العصر وتقرؤه من زاوية فكرية عميقة ، بعيدا عن الثرثرة اليومية العامية التي تضج بها هذه القناة اللحظية والبرقية ، إذ كيف يمكننا أن نؤسس لوعي جديد من خلال هذه الثورات المعلوماتية الهائلة والمرعبة ، بدلا من تعاطيها ككلمات وشيفرات لا رابط فكري بينها ولا نسيج يشظي الرؤية من خلالها . إن هذه الحالة ( الغابوية ) الكثيفة ، أزعم أنها ستطغى على سطح احتفالاتنا باليوم العالمي للمسرح هذا العام ، فالمهم أن نقدم شيئا بهذه المناسبة ، وليس الأهم في ما الذي يليق بهذه المناسبة كي نقدمه فيها ، وتلك الطامة الكبرى ، إذ أن هذه المناسبة ينبغي أن نقدم من خلالها رؤى جديدة وإبداعات مغايرة ، تجعلنا أهلا بها وبالمسرح الذي نتجسده في حياتنا يوميا ، فإذا لم نكن مؤهلين لتقديم ما يليق بالمسرح الذي نريد ونطمح ونحلم ، وبنا كمسرحيين يشغلنا هم المسرح في كل لحظة من لحظات حياتنا ، فلنكتفي بتأمل ومراجعة رؤانا وتجاربنا المسرحية حتى مناسبة قادمة لليوم العالمي للمسرح ، ولنتذكر بعض ما جاء في كلمة المخرج والدراماتورج الكوبي كارلوس سيلدران : ” كل أساتذة المسرح يحملون معهم إلى قبورهم لحظاتهم التي يتجسد فيها الوضوح و الجمال و التي لا يمكن أن تعاد مرة أخرى ، كل واحد منهم يضمحل بالطريقة نفسها بدون أي رد للاعتبار لحماية عطائهم و تخليدهم.
  12. إبراهيم بحر .. الساكن في القلب حد الحب والحياة بقلم : يوسف الحمدان ويرحل عنا سيد الفرح الصديق الجميل الفنان الإنسان إبراهيم بحر الساكن في القلب حد الحب والحياة ، وكما لو أننا في غفلة عن رحيله المباغت والمحزن والمفجع بعد تعاف أفعم روحه بعمر جديد ملؤه الحيوية واليفاعة والأمل في استرداد طاقة أوشكت أن تغادر حلمه في أن يبدأ من جديد مسيرته الفنية وكما لو أنه اللحظة يقبل عليها بقلب العاشق الفتي لريحانة روحه البكر الندية .. هو رفقة الفن والحياة والفرح في المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت إبان سبعينيات القرن الماضي ، وتحديدا في منتصفه الثاني .. هو الذي أقبل علينا وهو مكتنز بموهبة مسرحية مميزة استوقفت من سبقه ، مثلما استوقفت أقرانه في قسم التمثيل والإخراج في هذا المعهد .. هو الذي بادرنا بابتسامته الطفلية الحنونة ، وشقاوته الشعبية اللطيفة والمحببة التي جعلت من سكن الطلبة البحرينيين بالسالمية بيئة حميمة للفرح والمزاح الجميل والمقالب التي تدخر في قلوبنا وأرواحنا ضحكات وكما لو أنني اللحظة نصغي إليها ، وإبراهيم ( بومحمد ) العزيز لا يزال يقنع الصديق ولزيم شقته بالسكن فؤاد الحمر بعدم وجود أصوات تشاغبهما في الليل وأثناء النوم ، وما يصدر من الصديق فؤاد الحمر ما هو إلا وهم وتخيلات لا مكان لها في الواقع ، ليكتشف الحمربعد أيم بأن هذه الأصوات ما هي إلا مواء وكانت تصدر من قطط صغيرة وجدت إحدى خزانات الشقة مأوى لها ، لينفجر الضحك مجددا ولنعيش بعد أيام منها مقالب أخرى ، وكما لو أن الصديق الحميم إبراهيم بحر يؤدي أدوارا أخرى في سكن الطلبة بعد انتهاء الدوام بالمعهد ، ليجدد الفرح في قلوبنا وليشعل مخيلتنا معه بما يتخيله أو يعيشه . ثلاثة أعوام قضيتها مع الصديق الراحل الباقي في قلوبنا الحبيب الغالي بومحمد ، لم يعكر صفوها يوما عارض ما ، كانت الضحكات تسبقنا ونحن نتوجه معا إلى المعهد بصحبة الأصدقاء البحرينيين واليمنيين وكانت الفنانة الراحلة فايزة كمال والفنان الكويتي داوود حسين أيضا من بينهم ، وكانت مواويل إبراهيم بحر وزهيرياته اللطيفة التي كان يؤديها بروح مسرحية أصيلة تقتنص جميل الوقت في سهراتنا وأمسياتنا ورحلاتنا البرية مع بعض الأصدقاء الفنانين الكويتيين . ويمضي بنا هذا الفرح جميلا بصحبة الصديق بومحمد في الأنشطة الطلابية الصيفية ، فكان المخرج والممثل في بعض الاسكيتشات النقدية الكوميدية الخفيفة التي كنا نقدمها في نادي الوحدة آنذاك ، ولا أنسى ما حييت تعليقاته الساخرة على بعض طلبة الجامعات الذين يشاركون في هذه الأنشطة وخاصة ممن ليست لديه أية علاقة بالفن سوى رغبته في أن يشارك فحسب ، ومن ضمن تعليقاته اللطيفة " لا تصير لوح ، بلل جسمك ابماي وتعال التدريب " ، أو " لين صارت لك ريول تعال ارقص " .. أيام تمضي والمسرح حياة ملازمة للصديق بومحمد ، حتى يأتي اليوم الذي نكون وصحبة من الأصدقاء الفنانين في مواجهة تجربة مسرحية جديدة ، وهي تأسيس مسرح الصواري عام 1991 ، 14 أغسطس ، والذي بدأت معه حياة جديدة أسهمت في تأسيس أفق جديد مشاكس ومغاير في حركتنا المسرحية البحرينية ، ويتم اختيار بومحمد رئيسا للمسرح ، وهو أول رئيس لفرقة الصواري ، وأجمل عهد لحراكنا المسرحي فيه ، حينما تسلم بومحمد زمام رئاسته وإدارته . كان بومحمد بجانب كونه فنانا جميلا متألقا ، بل نجما في حينه ، كان إداريا بامتياز ، فالفترة التي تسلم فيها الإدارة حققت فرقة الصواري إنجازات لم تحققها أية فرقة قبلها في البحرين ، فكان من نصيبها أن تكون من أهم الفرق المشاركة في المهرجانات التجريبية الدولية ، والتي بدأت مع مسرحية ( كاريكاتير ) تأليفي وإخراجي عام 92 ، وبعدها ( سكوريال ) إخراج الصديق عبدالله السعداوي ، ومن ثم مسرحية ( الكمامة ) التي حاز فيها مسرح الصواري جائزة أفضل إخراج دولي ، وكان المخرج عبدالله السعداوي ، وتوالت الإنجازات والفعاليات في مناسبات عدة ، من بينها اليوم العالمي للمسرح . ويتميز إبراهيم بحر بحكمته ألإدارية وبسخائه الإنساني على أعضاء الفرقة ، وتحمل المسئوليات الصعبة فيها ، وكان مرنا هادئا لطيفا لا مكان للأنانية في نفسه أوسلوكه ، كانت الفرقة أولا وقبل كل شيء وإن كلفه ذلك الكثير من المتاعب . ويتميز بومحمد في علاقاته الفنية والإنسانية الرحبة حتى مع من اختلف معهم أو يختلف معهم ، فهو بالرغم من العشرة الذين استقالوا من مسرح الجزيرة عام 89 ، إلا أنه ظل على صلة طيبة مع أعضاء هذا المسرح ، ويشاركهم أدوارهم في كثير من المسلسلات التلفزيونية . كما أن إبراهيم بحر ، لم يبخل بفنه على فرق مسرحية أخرى ، فقد كان حاضرا ومؤثرا فيها وبقوة ، فقد شارك مع مسرح أوال في مسرحية ( بنت النوخذا ) للكاتب عقيل سوار والمخرج عبدالله يوسف ، وكان متألقا في دوره ، بل كان الأكثر حضورا في أدائه بين أسرة العرض في هذه المسرحية ، كما أنه شارك أصدقائه في الكثير من الأعمال المسرحية التي أنتجتها مؤسسات خاصة ، ومن بينها مؤسسة البهدهي في مسرحية ( المفهي ) مع الفنان الكبير أطال الله في عمره سعد البوعينين والفنان الراحل محمد البهدهي . ويتمتع الصديق بومحمد بصدر رحب قل من يتمتع به في يومنا هذا ، وأذكر أنه أخرج لفرقة الصواري مسرحية ( الدنيا دوارة ) ودعا إلى مناقشتها بعد انتهائها ، وبالرغم من حدة بعض الآراء ، إلا أنه كان يصغي ويحاور ويتعلم دون انفعال أو رفض لهذا الرأي أو ذاك ، ذلك أنه يدرك تماما بأن هذا المسرح تأسس والحوار والاختلاف فيه سمة من سمات تطوير التجربة . ونظرا لفائقية موهبته المسرحية وخاصة في التمثيل ، يتم من بين كثير من قامات المسرح في خليجنا العربي بل والوطن العربي ، ترشيحه واختياره ممثلا في مسرحية ( واقدساه ) إنتاج اتحاد المسرحيين العرب ، وكان له حضور الألق فيها ولنا كبير الفخر والاعتزاز بأن يكون ممثلنا في هذه المسرحية العربية قامة بحجم قامة الفنان القدير إبراهيم بحر . وبالرغم من سابقية بعض زملائه الفنانين البحرينيين عليه في الدراسة أو التجربة الأدائية في المسرح والتلفزيون ، إلا أن إبراهيم بحر ظلا مأثورا ومقربا لدى كبار المخرجين ، وممثلا لنا في مسلسلات كثيرة بحرينية وخليجية وعربية ، أنتجتها حكومات أو شركات ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الحضور النادر والفريد لألق إبراهيم بحر الفني . ولا يمكن أن ننسى الأدوار التي أسهمت في رفع رصيد مسلسلاتنا التلفزيونية البحرينية إبان التسعينيات ، خاصة المسلسلات التراثية التي أخرجها الفنان أحمد يعقوب المقلة ، ومن بينها مسلسل ( ملفى الأياويد ) و ( البيت العود ) و( سعدون ) وغيرها من المسلسلات البحرينية والمشتركة والتي من بينها ( عائلة بوجاسم ) . من يتذكر قسمات أو ملامح وجه الفنان الراحل إبراهيم بحر ، يتذكر هذا الوجه البحريني الأسمر البحري الأصيل الحاد الملامح ، هذا الوجه الكاريزما الذي لا يمكن أن ينساه من عهد المسرح أو الدراما التلفزيونية ، وأذكر كم كان إبراهيم بحر محبوبا بين جماهيره عندما كنا نخرج معا في رمضان لقضاء بعض الوقت في مقاهي المحرق ، فلا يمكن لأحد أن يراه دون أن يحييه باسمه المعروف أو باسمه الفني ويثني على دوره . يرحل إبراهيم بحر عنا اليوم ، وكما لو أنني اللحظة قبل قليل قد اتصلت به للمشاركة في انتخابات مجلس إدارة مسرح الصواري ، ليجيبني : سأسافر إلى الكويت ، مرتبط بمسلسل تلفزيوني ، وإن شاء الله سنلتقي بعد أن أعود .. هو الحب حيث لا مجال للتفريط به بعد شعور ولو عابر بأن قلوبنا لم تزل بعد التعافي خضراء يانعة .. لروح الصديق الجميل الإنسان الفنان الباقي في قلوبنا إبراهيم بحر الرحمة والسكينة والسلام والطمأنينة ، وألهم أهله وذويه ومحبيه وأصدقائه الصبر والسلوان .. وإنا لله وإنا إليه راجعون ..
  13. بقلم: يوسف الحمدان السبت ٢٦ يناير ٢٠١٩ - 01:10 عندما كان ترشيح العروض المسرحية الأهلية للمشاركة في المهرجانات الخارجية محالا أمره ومناطا إلى الجهات العليا المعنية بالإعلام والثقافة بمملكة البحرين كانت الأمور أكثر سوية وأكثر إنصافا وأكثر قبولا ورضا من قبل الفرق المسرحية الأهلية والمسرحيين بشكل عام، فهذه الجهات هي من تختار لجان التقييم للعروض المرشحة للمهرجانات الخارجية، وعلى ضوء تقييمها تحسم أمر الفرقة التي ينبغي أن تشارك في هذه المهرجانات، مراعية في ذلك ضرورة استقلالية اللجنة وعدم انتمائها إلى فرق مسرحية أهلية، تجنبا لأي حساسية أو احتجاجات أو اعتراضات من قبل أي فرقة مسرحية من هذه الفرق، بل كانت هذه الجهات تعتمد في ذلك التقييم أيضا على الآراء النقدية التي تكتب عن العروض المسرحية وعلى ذائقة بعض المسؤولين فيها الذين يتقصون مدى جدية هذه العروض من عدمهما من خلال استئناسهم ببعض الرؤى النزيهة في حقل المسرح نقدا وإخراجا وتجربة وخبرة، وفي نهاية الأمر يحسم هؤلاء المسؤولون أمرهم على العرض المسرحي الذي يستحق الترشيح من بين هذه العروض، حتى وإن كان من خارج إطار الفرقة الأهلية، كما حدث مع مسرحية (المؤلف) للنادي الأهلي التي شاركت في مهرجان قرطاج في عام 86 أو 87، والتي لم يختلف أحد على تميزها وتمثيلها لمملكة البحرين في المهرجانات الخارجية. ولكن للأسف الشديد، عندما أنيط أمر ترشيح العروض المسرحية للمشاركات الخارجية من قبل هيئة البحرين للثقافة والآثار، إلى (جمعية اتحاد المسرحيين البحرينيين) بدأت الفوضى والنزاعات تدب في جسد مسرحنا البحريني، وبدأ التواكل في السباق من قبل بعض الفرق المسرحية الأهلية، وخاصة أقدمها، للحظوة بالمشاركة في هذه المهرجانات، خاصة إذا كانت المكافأة التي ستحظى بها هذه الفرقة مغرية ماليا وتختلف عن غيرها من المكافآت، والتي تمنح بشكل أخص من قبل مهرجان الشارقة الخليجي. ونموذجنا فيما نذهب إليه، مسرحية (ظلالوه)، تأليف كاتب السطور، إخراج الفنان اسماعيل مراد، إنتاج فرقة جلجامش بالتعاون مع مركز شباب الزلاق الثقافي، والحائزة على جائزة التأليف وأفضل عرض وأفضل ممثلة أولى في مهرجان سمو الشيخ خالد بن حمد للمسرح الشبابي، والتي أقامت فرقة مسرح أوال أولا، معضدة باتحاد المسرحيين الذي يرأسه أيضا عضو من مسرح أوال، أقامت الدنيا بسببها ولم تقعد، حتى تمكنت من إزاحتها تماما من المشاركات الخارجية، لتحظى في نهاية الأمر بنصيب المشاركة عنوة في مهرجان الشارقة الخليجي المزمع إقامته في فبراير 2019 بالشارقة، بمسرحيتها (نوح الحنين) لمخرجها رئيس مسرح أوال أنور أحمد، حجتها في ذلك أن عرض (ظلالوه) الذي اتفق أغلب من حضره من المسرحيين والجمهور على أنه الأجدر للمشاركة في المهرجانات الخارجية من بين المسرحيات التي قدمت خلال العامين، نظرًا إلى كونه يمتح من الأسطورة والموروث الشعبي برؤية معاصرة بعيدة كل البعد عن المتكرر والسائد، حجتها أن هذا العرض ينتمي إلى مركز الزلاق الثقافي، علما بأن البنر والخبر والمشاركون أكثرهم من فرقة جلجامش الأهلية معضدة بفرقة شبابية تولت زمام الأداء الكوريغرافي في العرض، وهي حجة لا يسندها دليل أو عضد، والدليل استماتة فرقة أوال في تقديم ما يربو على الخمسة عروض مسرحية في زمن نووي، كي يرسو الأمر عبر لعبة الحظ (المدبرة) على واحد منها. وأعتقد أن الأمر لا بد أن يكون من الضرورة بمكان، أن يناط إلى الجهات المعنية بهيئة البحرين للثقافة والآثار، خاصة أن الاتحاد مشكل من أهل الفرق الأهلية ذاتها، وكل منهم يود أن يشعل النار صوب خبزه، والأكثر هيمنة -للأسف الشديد- سينال الخبز والتنور والخبازين، طوعا أو كرها، والدليل -للأسف الشديد- ترك المجال لهذا الاتحاد لتشكيل لجنة الاختيار والتقييم، وهم ثلاثة، اثنان من فرقة واحدة والثالث من جامعة أهلية، فهل يعقل ذلك؟ إن الضغوطات التي مورست على فرقة جلجامش الاستعراضية الأهلية، يصعب تحملها، خاصة أن أعضاءها شباب من ذوي التجربة والخبرة غير الطويلتين والغضتين، بل إن هذا الاتحاد لم يضع في اعتباره حتى انسحاب هذه الفرقة من كيانه، المهم أن تمضي الأمور بحسب ما تقتضيه المصالح الضيقة للفرقة المرشحة ومن اصطف معهم من الاتحاد. كما أن هذا الاتحاد، كما هو واضح من خلال مماطلات أعضائه، يعتمد في رفضه لمشاركة جلجامش على الأعراف وليس القانون، فكيف يسمح لنفسه بالوقوع في مثل هذا المنزلق؟ ولماذا تكون فرقة جلجامش هي كبش فداء الاختيار الأول للاتحاد من أول تأسيسه؟ أليس الأجدر بهذا الاتحاد أن ينظم أموره وقوانينه ولوائحه بدلا من الاستشاطة في سن الأعراف بوصفها قوانين ولوائح على فرقة جلجامش؟! أعتقد أنه إذا استمر مثل هذا الحال في جسم هذا الاتحاد، فإن المستقبل القادم للمسرحيين البحرينيين سيكون معتما، وكنا نتمنى على هذا الاتحاد، أن يهتم ويعنى بحقوق الفنانين المسرحيين ويتولى الدفاع عنهم، وهذه هي مهمته الأساسية، بدلا من نصب الشراك والفخاخ والحبائل في دروب الفرق المسرحية وترجيح مصالح فرق على أخرى، بما فيها حتى تضييق الوقت على الفرق في حجوزاتها للصالة، باستثناء فرقة مسرح اوال. علينا أن نتعلم من دروس وأريحية الدول المجاورة في ترشيحها للعروض المسرحية المشاركة في مثل مهرجان الشارقة الخليجي، فدولة الكويت حسمت أمر مشاركتها بالتفاهم الودي فيما بين فرقها المسرحية، إذ كل مهرجان تشارك فرقة من فرقها المسرحية، وهكذا حتى يتاح لكل الفرق المسرحية المشاركة في هذا المهرجان، وكذلك سلطنة عمان التي يتم ترشيح العرض من قبل الجهة الرسمية المعنية، وكذلك المملكة العربية السعودية، والأمر منصف ومقبول كذلك بالنسبة للفرق المسرحية في دولة الإمارات العربية المتحدة، أما نحن، فينبغي على الاتحاد مراجعة أجندته في هذا الشأن، وإلا فعلى المسرح البحريني السلام، وليعذرني هذا الاتحاد إذا كنت خارج دائرة الانتماء إليه من قبل هذه اللحظة، فهو اتحاد يفرق ولا يوحد، ولا يمكن أن يكون أمر إصلاحه إلا إذا عادت ثانية صلاحية تشكيل لجنة الاختيار والترشيح إلى الجهة المعنية بهيئة البحرين للثقافة والآثار، فهي الجهة التي نثق بها حقا ونعلم كل الجهود التي تبذلها رئيستها الشيخة مي بنت محمد آل خليفة معضدة بجهود مديرة الثقافة والفنون الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة من أجل التطوير والارتقاء بالثقافة والفنون في مملكة البحرين. http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1152378#.XEwO9jew_b0.whatsapp
  14. بحثا عن اتحاد مسرحي يوحد ولا يفرق !! يوسف الحمدان عندما كان ترشيح العروض المسرحية الأهلية للمشاركة في المهرجانات الخارجية ، محال أمره ومناط إلى الجهات العليا المعنية بالإعلام والثقافة بمملكة البحرين ، كانت الأمور أكثر سوية وأكثر إنصافا وأكثر قبولا ورضا من قبل الفرق المسرحية الأهلية والمسرحيين بشكل عام ، فهذه الجهات هي من تختار لجان التقييم للعروض المرشحة للمهرجانات الخارجية ، وعلى ضوء تقييمها تحسم أمر الفرقة التي ينبغي أن تشارك في هذه المهرجانات ، مراعية في ذلك ضرورة استقلالية اللجنة وعدم انتمائها لفرق مسرحية أهلية ، تجنبا لأي حساسية أو احتجاجات أو اعتراضات من قبل أي فرقة مسرحية من هذه الفرق ، بل كانت هذه الجهات تعتمد في ذلك التقييم أيضا على الآراء النقدية التي تكتب عن العروض المسرحية وعلى ذائقة بعض المسئولين فيها الذين يتقصون مدى جدية وجدة هذه العروض من عدمهما من خلال استئناسهم ببعض الرؤى النزيهة في حقل المسرح نقدا وإخراجا وتجربة وخبرة ، وفي نهاية الأمر يحسم هؤلاء المسئولين أمرهم على العرض المسرحي الذي يستحق الترشيح من بين هذه العروض ، حتى وإن كان من خارج إطار الفرقة الأهلية ، كما حدث مع مسرحية ( المؤلف ) للنادي الأهلي التي شاركت في مهرجان قرطاج في عام 86 أو 87 ، والتي لم يختلف أحد على تميزها وتمثيلها لمملكة البحرين في المهرجانات الخارجية . ولكن وللأسف الشديد ، عندما أنيط أمر ترشيح العروض المسرحية للمشاركات الخارجية من قبل هيئة البحرين للثقافة والآثار ، إلى ( جمعية اتحاد المسرحيين البحرينيين ) ، بدأت الفوضى والنزاعات تدب في جسد مسرحنا البحريني ، وبدأ التواكل في السباق من قبل بعض الفرق المسرحية الأهلية ، وخاصة أقدمها ، للحظوة بالمشاركة في هذه المهرجانات ، خاصة ما إذا كانت المكافأة التي ستحظى بها هذه الفرقة مغرية ماليا وتختلف عن غيرها من المكافآت ، والتي تمنح بشكل أخص من قبل مهرجان الشارقة الخليجي . ونموذجنا فيما نذهب إليه ، مسرحية ( ظلالوه ) ، تأليف كاتب السطور ، إخراج الفنان إسماعيل مراد ، إنتاج فرقة جلجامش بالتعاون مع مركز شباب الزلاق الثقافي ، والحائزة على جائزة التأليف وأفضل عرض وأفضل ممثلة أولى في مهرجان سمو الشيخ خالد بن حمد للمسرح الشبابي ، والتي أقامت فرقة مسرح أوال أولا ، معضدة باتحاد المسرحيين الذي يرأسه أيضا عضو من مسرح أوال ، أقامت الدنيا بسببها ولم تقعد ، حتى تمكنت من إزاحتها تماما من المشاركات الخارجية ، لتحظى في نهاية الأمر بنصيب المشاركة عنوة في مهرجان الشارقة الخليجي المزمع إقامته في فبراير 2019 بالشارقة ، بمسرحيتها ( نوح الحنين ) لمخرجها رئيس مسرح أوال أنور أحمد ، حجتها في ذلك أن عرض ( ظلالوه ) الذي اتفق أغلب من حضره من المسرحيين والجمهور ، بأنه الأجدر للمشاركة في المهرجانات الخارجية ، من بين المسرحيات التي قدمت خلال العامين ، نظرا لكونه يمتح من الأسطورة والموروث الشعبي برؤية معاصرة بعيدة كل البعد عن المتكرر والسائد ، حجتها أن هذا العرض ينتمي لمركز الزلاق الثقافي ، علما بأن البنر والخبر والمشاركون أكثرهم من فرقة جلجامش الأهلية معضدة بفرقة شبابية تولت زمام الأداء الكوريغرافي في العرض ، وهي حجة لا يسندها دليل أو عضد ، والدليل استماتة فرقة أوال في تقديم ما يربو على الخمسة عروض مسرحية في زمن نووي ، كي يرسو الأمر عبر لعبة الحظ ( المدبرة ) على واحد منها . وأعتقد أن الأمر لا بد وأن يكون من الضرورة بمكان ، أن يناط إلى الجهات المعنية بهيئة البحرين للثقافة والآثار ، خاصة وأن الاتحاد مشكل من أهل الفرق الأهلية ذاتها ، وكل منهم يود أن يشعل الضوء صوب خبزه ، والأكثر ـ للأسف الشديد ـ هيمنة ، سينال الخبز والتنور والخبازين ، طوعا أو كرها ، والدليل ـ للأسف الشديد ـ ترك المجال لهذا الاتحاد لتشكيل لجنة الاختيار والتقييم ، وهم ثلاثة ، إثنان من فرقة واحدة والثالث من جامعة أهلية ، فهل يعقل ذلك ؟ إن الضغوطات التي مورست على فرقة جلجامش الاستعراضية الأهلية ، يصعب تحملها ، خاصة وأن أعضاؤها شباب من ذوي التجربة والخبرة غير الطويلتين والغضتين ، بل أن هذا الاتحاد لم يضع في اعتباره حتى انسحاب هذه الفرقة من كيانه ، المهم أن تمضي الأمور حسب ما تقتضيه المصالح الضيقة للفرقة المرشحة ومن اصطف معهم من الاتحاد . كما أن هذا الاتحاد ، كما هو واضح من خلال مماطلات أعضائه ، يعتمد في رفضه لمشاركة جلجامش على الأعراف وليس القانون ، فكيف يسمح لنفسه بالوقوع في مثل هذا المنزلق ؟ ولماذا تكون فرقة جلجامش هي كبش فداء الاختيار الأول للاتحاد من أول تأسيسه ؟ أليس الأجدر بهذا الاتحاد أن ينظم أموره وقوانينه ولوائحه بدلا من الاستشاطة في سن الأعراف بوصفها قوانين ولوائح على فرقة جلجامش ؟ ! أعتقد أنه إذا استمر مثل هذا الحال في جسم هذا الاتحاد ، فإن المستقبل القادم للمسرحيين البحرينيين سيكون معتما ، وكنا نتمنى على هذا الاتحاد ، أن يهتم ويعنى بحقوق الفنانين المسرحيين ويتولى الدفاع عنهم ، وهذه هي مهمته الأساسية ، بدلا من نصب الشراك والفخاخ والحبائل في دروب الفرق المسرحية وترجيح مصالح فرق على أخرى . علينا أن نتعلم من دروس وأريحية الدول المجاورة في ترشيحها للعروض المسرحية المشاركة في مثل مهرجان الشارقة الخليجي ، فدولة الكويت حسمت أمر مشاركتها بالتفاهم الودي فيما بين فرقها المسرحية ، إذ كل مهرجان تشارك فرقة من فرقها المسرحية ، وهكذا حتى يتاح لكل الفرق المسرحية المشاركة في هذا المهرجان ، وكذلك سلطنة عمان التي يتم ترشيح العرض من قبل الجهة الرسمية المعنية ، وكذلك المملكة العربية السعودية ، والأمر منصف ومقبول كذلك بالنسبة للفرق المسرحية في دولة الإمارات العربية المتحدة ، أما نحن ، فينبغي على الاتحاد مراجعة أجندته في هذا الشأن ، وإلا فعلى المسرح البحريني السلام ، وليعذرني هذا الاتحاد إذا كنت خارج دائرة الانتماء إليه من قبْل هذه اللحظة ، فهو اتحاد يفرق ولا يوحد ، ولا يمكن أن يكون أمر إصلاحه إلا إذا عادت ثانية صلاحية تشكيل لجنة الاختيار والترشيح إلى الجهة المعنية بهيئة البحرين للثقافة والآثار، فهي الجهة التي نثق بها حقا ونعلم كل الجهود التي تبذلها رئيستها الشيخة مي بنت محمد آل خليفة معضدة بجهود مديرة الثقافة والفنون الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة من أجل تطوير والارتقاء بالثقافة والفنون في مملكة البحرين .
  15. الايام - العدد 10712 الثلاثاء 7 أغسطس 2018 الموافق 24 ذو القعدة 1439 تأتي مسرحية مقامات بديع الزمان الهمذاني لفرقة لحظة للمسرح المغربية التي استضافتها هيئة البحرين للثقافة والآثار ضمن مهرجان صيف البحرين 2018 والتي قدمت على خشبة الصالة الثقافية بالجفير، لتؤكد امتدادها المخلص والتراثي الرائي لأحد أهم مؤسسي الاحتفالية في الوطن العربي، وهو الفنان المغربي الراحل الطيب الصديقي، الذي شكل وهجه المسرحي البحثي في هذا الاتجاه، عبر اتحاد المسرحيين العرب آنذاك، إضافة إلى منظري الاحتفالية بالمغرب، عبدالكريم برشيد والدكتور عبدالرحمن بن زيدان، وهي في رأيي بمثابة تكريم خاص لهذا الفنان المؤسس والمؤثر في الساحة المسرحية المغربية أكثر تحديدا. في هذه التجربة التي تصدى لها المخرج محمد زهير، وهو أحد من عملوا مع الصديقي في أغلب تجاربه المسرحية، نكون أمام رؤية مختلفة حاولت تحرير المقامات من فضفضتها التراثية التي حفلت بها تجارب الصديقي، حيث كل ما يتعالق مع الشكل التراثي في معطياته الإيقاعية والاستعراضية واللونية والغنائية والمشخصاتية والجوقاتية، هو الأساس في التجربة، بمعنى أن الصديقي عبر مقاماته هذه يروم البحث بالدرجة الأساسية عن الشكل أو الفضاء المسرحي الذي يلتئم مع موروثنا العربي قلباً وقالباً. إن المخرج زهير في هذه التجربة يقترح رؤية أخرى أكثر اختزالية للموروث وأكثر انفتاحاً على أفق الممثل الأدائي، لذا نلحظ اشتغالاته وبشكل واضح وكبير على أداء الممثل ذاته وإمكاناته الفنية المتعددة، بجانب اشتغالاته على المقامات بوصفها تراثاً أدبياً وفنياً مهيأً للعرض أكثر من كونه القضية كلها في العرض، كما نلحظ قدرته على تحرير فضاء العرض من أثقال المعمار التقليدي التراثي وزخارفه التي تشتغل مع الممثل بوصفها مكملا لأدائه وليس بوصفه محاوراً لها. لذا كان امتداده المخلص للصديقي من منطلق فسحة الرؤية وليس في ضيقها أو في محاكاتها كما قدمها الصديقي نفسه. وهو إذ يعرض هذه المقامات القردية، والمكفوفية، والدينارية، والأصفهانية، والساسانية، والمجاعية، والوعظية، والخمرية، والمضيرية، فإنه يعرضها بوصفها مشهديات تخضع لقراءة معاصرة، وكما لو أن عناوين هذه المقامات شكلا من أشكال الفصول المسرحية المتداخلة التي تجمع بين أزمنة متعددة، وإن كان راهننا العربي هو بؤرتها الزمنية التي تتكئ عليه رؤية المخرج زهير، على خلاف الصديقي الذي يعرض هذه المقامات لكونها امتدادا لأزمنتها التي عاشها الهمذاني وعيسى بن هشام. في هذه التجربة نكون أمام عرض كوميدي ساخر، استثمر فيه المخرج زهير مختلف الإمكانات الأدائية لدى الممثل، من أداء صوتي متنوع وأداء حركي حر يتنقل فيه الممثل بين الرقص الكاريكاتيري والتمثيل الأراجوزي والشقلبة القرادية، وقد تمكن الممثلون والممثلات من تشكيل فضائهم المسرحي الذي ينسجم ويتناغم مع رؤية المخرج الاختزالية للمقامات ومع إمكاناتهم الهائلة في التعبير الأدائي. وبالرغم من ورود كثير من فسح الأفضية الأدائية التي تقتضيها تجربة الصديقي في غير مكانها، كمسرح الفنا أو مسرح البساط ومسرح الحلقة، إلى أن المخرج زهير آثر الاشتغال على الخشبة وفق فسح حر لا تتجاوز القطع المؤثثة فيه، شماعتين وقواعد خشبية (بروتكبلات) متوسطة الحجم لا تزيد عن الثلاث، وبالتالي كان الممثل هو من يشكل بأدائه المتنوع سينوغرافيا العرض. التاريخ والموروث ومنابعهما القديمة في هذا العرض أشبه بأيقونات قديمة يستحضرها الممثل للتعليق عليها، مقدما جسده الراهن للمتلقي بوصفه هو من يعيد صياغة هذا التاريخ وهذا الموروث، ويحدد موقفه منهما، لذا كانت الإمكانات الأدائية لدى الممثل تقترح مشهديتها على المتلقي بوصفها ربيبة تجربة معاصرة استثمرت فنون السيرك والكوميديا دي لارتي والتغريب البريختي ومسرح البولوفوار لتكون هي الحكاية والعرض، وهنا يتبدى الجهد الإخراجي والرؤيوي لدى المخرج زهير، الذي لم يكن ينشد أن يكون عرضه ريبوتوارا كما اعتقد البعض لمسرحية الطيب الصديقي، إنما ليكون قراءة جديدة باحثة لما تصدى له الصديقي في عرضه سابقاً، وليكون هؤلاء الممثلين الستة بحجم قوافل الصديقي في قدرتهم الأدائية لكل الشخصيات التي تصدوا لتجسيدها على الخشبة. فتحية لكل فريق العرض، المخرج محمد زهير وأبطال العرض الرائعين، جميلة الهوني، مريم الزعيمي، إيمان الرغاي، عادل أبا تراب، مصطفى الهواري، جمال النعمان، زهير أيت بن جدي.
  16. بقلم : يوسف الحمدان وحده المسرح الذي لا يهرم ولا يشيخ ولا يموت ، لأنه ولد بعمر الأسطورة ، حيث ميلاد الأبدية ، حيث الزمن الذي يسبق كل ميلاد ، وحيث النصوص التي استحضرت الأسطورة وتمثلتها قبل بزوغ فجر هيرودوت ، وحيث الملاحم التي سبغت على آلهتها وأنصاف آلهتها والبشر روحا أسطورية عصي على واصفها وفارزها ومصنفها رهن احترابها بتضاريس مواقع أحداثها ، فأي ملاحم تلك التي تتربع الأسطورة عرش تواريخها وأحداثها ونسيج نصوصها ؟ هل كان المسرح أول الخلق في التكوين ؟ هل كنا لو لم يكن المسرح ؟ هل كنا نحيا لو لم يكن المسرح أول الفعل ؟ هل كنا نتاج أسطورة سبقت أي كتابة أو فعل ؟ هل كانت الأسطورة مخيال دفقنا المسرحي الأول ؟ هل كانت الأسطورة وكان المسرح المستحيل ؟ هل كان المستحيل المولد الأول للشك الخلقي المنتج للمسرح ؟وحده المسرح الذي ينتج الأسطورة ويهد أركانها بأزاميل أسطورية أيضا ، وكما لو أن حالة إنتاج الأسطورة وهدم أركانها ضرورة لخلق مسرحي أكثر تمردا على ذات نشوئه واكتماله ، ضرورة للبحث عن نوع يستثري با الذي سوف يأتي بعده ولا يقف عند نواصيه ، ذلك أنه المستحيل الشك حيث لا يقين إلا ما يكون أكثر شكا في المستحيل والشك معا .وحده المسرح الذي خلد أساطير الحياة منذ زهرة الخلود الدلمونية وزهرة اللوتس الفرعونية ورموز الحب والبغض والخير والشر والخصب واليباب في كل أساطير الكون ، وظلت معينا لرؤانا ورؤيانا في المسرح حتى يومنا هذا والأيام التي لم تأت بعد ، لذا نعود إليها كلما استبدت بنا الأسطورة أو استبد بنا التاريخ أو اضطرنا الواقع لنقرؤها بمثل ما تم التسليم بها أو بعكسها أو بما يقترحه مخيالنا عليها ، ونظل نبحث شكا فيها أو في ذواتنا أو في وجودنا ، معتملين في أتون صراعات وأحداث تدفعنا نحو التباس أكثر فيها ، بوصفه مولدنا الرئيس الذي نحتاج كي يظل المسرح مغمورا بفيض وشظايا الفعل الذي يرسم خريطة اشتغالنا في المسرح كلما اعترض مخيالنا سور أو حاجز أو سديم ..وحده المسرح المتنوع المتعدد فينا ، إلى حد يوشك أن يكون كل انفعال أو فعل في تفاصيل جوارحنا أو حياتنا نوعا من أنواع المسرح ، نوعا يتنوع ويتعدد ويقترح اشتباكاته وتقاطعاته مع كل تفاصيل ذواتنا وواقعنا واللامرئي في كوننا ، وكما لو أن جهازنا البشري عالما ممتدا مكتظا بما سبقه وبما فيه وبما سوف يأتي ويحدث بعد ، وحده المسرح الذي لا ينتظر بيتا أو مأوى كي يعيش ويحيا ، وكما لو أننا خلقنا من أنفاسه وترابه وهيوليته وسديمه ، إنه يوجد في كل مكان ويأتي بأزمنة لم تكن يوما رهنا بزمان ، أو ملتبس على الذات مكانها أو زمانها ، إنه أشبه بسيزيف كل الأزمنة واللاأزمنة ، هدفه في كل لحظة صعود بالصخرة العذاب والمحنة أن يصل ولا يصل ، لأن في الوصول محنة وعذاب أيضا ، إذ ماذا بعد الوصول ؟ ألم يكون غودو بيكيت الذي ننتظر ربيب هذا السيزيف ؟ ويا ترى ماذا يحدث لو وصل غودو الذي انتظرناه ؟ إنه المنتظَر المريب ، إنه نهاية البحث والاكتشاف والعثر لو كان قد وصل . إن حريتنا الاخيرة والأبدية في سيزيف الذي لا يزال حتى يومنا هذا يعاود حمل الصخرة على عاتقه كلما ألقت به ذرى الجبال في قاع الأرض ، فهل كانت هذه الحرية فكرة لا منتهى ولا حدود لتحققها حتى تصبح أبدية مقرون أمر اشتعال فعلنا المسرحي باستمرارها ؟ حريتنا في بروميثيوس الذي لا يكف عن إيقاد شعلته كلما تعمد البعض أو استمات من أجل اطفائها .. حريتنا في رامي القرص كلما عاود رمي قرصه ثانية لحظة ارتداده ..حريتنا في زهرة الخلود التي لا زال جلجامش يبحث عنها ليمنح البشرية حياة جديدة خالدة ..إنها الحريات التي تكتنز بوهج يتجاوز حدود كل مصنفات وأنواع الدراما إلى ما بعدها ، وتدعوك للحوار حولها من أعلى ذرى الشك والمستحيل ، إذ ما الحرية الخالدة إذا كان البحث مستحثا عن مستعبد جديد ؟ فهل فضاء المسرح مقرونة حريته بالبحث عن الحرية كلما رسى قلقه الوجودي على حرية ظن أنها المستقر الأخير ؟ هل كان ( جوزيف ك ) في قضية أندريه جيد وجان لويس بارو في ( القضية ) المقتبسة عن ( محاكمة ) فرانز كافكا ، مقرون أمر عدالته وحريته بالإجابة على التهم الموجهة إليه من قبل القضاة المسخيين ؟ أم أنها مقرونة بحرية ليست رهنا بتهم أو مساءلات ، بقدر ما هي مشغولة بحزمات الشك الكافكاوي المرتاب في كل أفضية الحرية والعدالة في هذا الكون ؟ ..وحده المسرح الذي لا تغلق أمام وجهه كل قبب البرلمانات في هذا الكون ، لأنه الأسبق منها ، بل هو منتجها قبل أن ترسو أركانها على عتبات مدينة أثينا ما قبل الميلاد ، وهو المعارض الأول لقوانينها التي لم تنصف بعد حين من الدهر شكوك فلاسفة أثينا العظماء ، من أمثال سقراط وتلامذته ، أو أريستوفانيس الذي فتح أبواب الجحيم على كل سلطات أثينا بنقده الغروتيسكي العالي والمر عبر مسرحياته الكوميدية الساخرة ، وحده المسرح المجبول بصراع مضن من أجل الوصول إلى حرية يرى ما بعدها بوصفه الغواية الأبدية لمخيلتنا .كم هم عظماء هؤلاء الذين وجدوا في المسرح طريقا ابديا للبحث عن خلاص لا بد وأن يكون مؤكدا عبر الأزمنة كلها وإن ظل حلما ، كم هم عظماء هؤلاء الذين استلهموا رؤاهم المسرحية من ملاحم أزمنة سحيقة ومن واقع يقترب من روح الأسطورة ومن فضاء هو أقرب للحلم من الواقع ، من أمثال تشيكوف وغوغول وماير خولد وأرتولد بريخت وارتو وبيكيت وهارولد بينتر والمعلم الياباني سوزوكي وأريان نوشكين وغروتوفسكي وتادوش كانتور وتوفيق الجبالي وسعد الله ونوس وبيتر بروك وأوجينيو باربا وليتشه وأمثالهم من مفكري المسرح الذين اشتبكت رؤاهم بقلق البحث الذي يدفعنا لقراءة الشك حتى شك آخر فيما نتوفر عليه حريات هي ليست من قبيل المنال ، ومن حريات هي في ملتبس التكوين والتشكيل ، ومن حريات هي في فسحة العرض وفي فضاء المتلقي .هل نريد مسرحا بحجم رأس ستيفن هوكينج عالم الفيزياء والفضاء والرياضيات الذي قرأ مستقبل الجنس البشري والذي ظل يردد في كل إنجاز حضاري كوني هذه العبارة " إني بعد لم أكمل عملي " ؟ إنه أسطورة الرأس والحياة والنبؤة ، فهل أكمل المسرح بعد عمله ، أم أننا اليوم مطالبون أكثر من أي يوم مضى للبحث عن شك يدمي يقين قناعتنا بالوصول إلى ما نريد في عالم المسرح ؟
  17. العدد 9288 الأحد 14 سبتمبر 2014 الموافق 19 ذو القعدة 1435 يوسف الحمدان يتحدث عن كيفية قراءة العرض المسرحي نظم مركز التديب بمسرح البيادر ورشة مسرحية قدمها الناقد المسرحي يوسف الحمدان بعنوان «كيفية قراءة العرض المسرحي» خلال الفترة من 10 - 12 سبتمبر الجاري بمقر مسرح البيادر. حيث قام الحمدان بسرد موجز عن تاريخ حركة النقد المسرحي. كما تحدث عن أهمية النقد كفعل معرفي وإبداعي ودوره بالنسبة للأعمال الفنية إضافة إلى دوره في تقريب العمل الفني إلى المتلقي هو أيضا يسهم في إثراء خبرة المبدع في تعاطيه مع أدوات إبداعه. الى جانب حديثه عن اتجاهات النقد المسرحي وقراءة النص المسرحي سواء كانت متزامنة أو متوازية مع اتجاهات الإبداع المسرحي العالمي كالكلاسيكية والرومانسية والواقعية والكوميدية. وتطرقت الورشة الى تحليل علمي دقيق لعدة اعمال محلية وعربية وعالمية ومنها مسرحية «بيتنا الذي!!»، ومسرحية «نهارات علول»، ومسرحية «ريتشارد الثالث». وتأتي هذه الورشة ضمن أهداف المركز في المساهمة في خلق بيئة محفزة للإبداع في مجال الفنون المسرحية، وتحفيز ودفع حركة التدريب في مملكة البحرين الى جانب تطوير القدرات الفنية والتقنية والإدارية للفنانين الشباب، وتعزيز وتشجيع الحوار والتواصل بين الفنانين المهتمين في مجال الفنون المسرحية. يذكر أن تأسس مسرح البيادر في مايو 2005، وهو تحت ظل وزارة الثقافة الداعم الأول لمسرح البيادر، وهو كأحد المسارح الأهلية الناشطة في الساحة البحرينية يسعى لتقديم لون جديد مغاير لأسلوب مسرحيات الكبار، حيث تجمع العروض المقدمة أسلوباً فنياً يعتمد على المتعة البصرية والإبهار كمنهج وقناعة، وبمساندة مضمون نصي يحمل رسالة إنسانية وطنية بلون الفكاهة المرحة والدراما المتصاعدة. - See more at: http://www.alayam.com/News/sevendays/Variety/268759#sthash.mEYt1jqN.dpuf
×
×
  • Create New...