فهد مندي Posted ديسمبر 27, 2014 Report Share Posted ديسمبر 27, 2014 في الإعلام: «الخبر مقدس .. والتعليق حر» تاريخ النشر :23 ديسمبر 2014 سميرة رجب كان أول ما لفت نظري وأنا ادخل مبنى «المعهد العالي للإعلام والاتصال» (ISIC) بالمملكة المغربية، وكان مكتوبا بالخط العريض ومعلقاً من السقف فوق العتبة الأولى من سلالم المعهد: «الخبر مقدّس والتعليق حر» (الملك محمد الخامس).أربع كلمات لربما تختصر أهم قاعدة إعلامية.. اُختير لها، بحرفية ومهنية عالية، مكان في قلب مبنى المعهد، حيث يُلزم كل طلبة المعهد قراءته كل يوم على مدار العام، ومدار سنوات الدراسة. وهكذا يتم نحت هذا المبدأ في عقل طلبة الاعلام، لتؤسَس عليه أخلاقيات الإعلام وتشريعاته، وممارساته. وبمجموع هذه المبادئ والقواعد تبني المجتمعات قوتها الإعلامية فكرا ومنهجا ثقافيا، سواء كان إعلاماً حرا أو موجهاً. تأسس «المعهد العالي للإعلام والاتصال» في المغرب عام 1969، وهو واحد من أقوى معهدين في إفريقيا، من حيث التأسيس والمناهج والمعرفة (الثاني هو «معهد الصحافة وعلوم الأخبار» في تونس، الذي تأسس في سنة 1964). وهما اعرق معهدين في الوطن العربي في مجال تعليم وتدريب الإعلاميين على أحدث الأسس والقواعد التي تواكب تطور الإعلام فكرا ومنهجا، حيث تستقطب جميع وسائل الإعلام في العالم خريجيهما المؤهلين بكفاءة عالية جدا.اعتمد «المعهد العالي للإعلام والاتصال» في قوته على عدة معايير أهمها: 1) انه المعهد الحكومي الوحيد في البلاد في مجاله.. 2) الالتزام الصارم بتطبيق معايير وشروط قبول دقيقة جدا يجب توافرها في جميع المنتسبين للمعهد، مع اهتمام خاص بمعيار القاعدة المعرفية والثقافية.. 3) الالتزام الصارم بقبول 60 طالبا وطالبة فقط كل عام، من آلاف المتقدمين سنويا للحصول على القبول للدراسة في هذا المعهد، وبالتالي لا يتخرّج فيه اكثر من هذا العدد كل عام، علماً بأن عدد سكان المملكة المغربية يزيد على 33 مليون نسمة (مقارنة: القبول في قسم الإعلام بجامعة البحرين سنويا يصل الى 400 طالب وطالبة، مع عدم الالتزام بأيّ معيار إعلامي في شروط القبول، علما ان عدد سكان البحرين لا يتجاوز 700 ألف نسمة، مما أغرق سوق العمل بخريجيه).إذن هكذا يتم صناعة وتكوين الإعلاميين الأكفاء، بدءا بمبدأ «الخبر مقدس والتعليق حر»، وهو أول ما يقرأه كل من يدخل مبنى المعهد العالي للإعلام والاتصال بالمغرب، ليقول له باختصار ان للصحافة قواعد، واهم هذه القواعد هو صون قدسية الخبر، المتمثلة في مصداقيته، وهدفه ومصادره. وقدسية الخبر تعد أهم معيار في تصنيف الصحفي والصحيفة، ما بين الصحيفة المحترفة (الرصينة) والموثوق بها، التي تتميز باحترامها لمصداقية الخبر وهدفه النبيل في بناء الرأي العام السليم والوعي المجتمعي الموضوعي، وبين الصحيفة الصفراء (التبلويد) التي تنقل الخبر بدون احتراف بهدف الإثارة وبدون مصادر موثوقة أو بدون مصادر أصلا.. وتهتم معاهد الإعلام ومناهجه التعليمية بتدريس هذه القواعد وأنواع الصحف والصحفيين ليعرف الإعلامي القدير كيف يكتسب الاحترام المهني لنفسه ولمؤسسته الإعلامية.. وفي الجانب الآخر، لقلة عدد هذه المعاهد أو عدم وجودها أصلا، ابتليت مجتمعاتنا بصحف صفراء تحرث، بدون معول، لزراعة الجهل وهدم الوعي. أما الشق الثاني من المقولة فإنه يخص «التعليق» أو الرأي، الذي يأخذ من الحرية ساحة رحبة للإبداع والاستشراف، ولكن ضمن الضوابط التي تؤمن صحة الرأي وقوته. وأهمها هو الكم المعرفي والثقافي الكفيل بالتقليل من معدلات الخطأ، وبمعالجة أضرار الاختلاف والخلاف في الرأي.. لذلك يعدّ عمود الرأي أعلى مراحل العمل الصحفي، وأحد أهم العناصر التي تميّز الصحف المحترفة عن غيرها (التبلويد). لذلك أولت دول العالم اهتماما بالتعليم والتدريب في مجال الصحافة والإعلام كمسألة استراتيجية وأمر حساس ومهم، فتديره إدارة خاصة ومحكمة، ولا تترك الأمر لاحتمالات الخطأ، شأنها في ذلك شأن أهمية قوتي الأمن والدفاع، لما للإعلام من دور وقوة في تشكيل جيش الرأي العام، داخليا وخارجيا، والذي من دونه تفشل قوى الأمن والعسكر في أداء أدوارها ومهامها Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.