Jump to content
منتدى البحرين اليوم

اوائل رواد الحركة المسرحية في البحرين


فهد مندي

Recommended Posts

اوائل رواد الحركة المسرحية في البحرين

عبدالله المدني

القدس العربي

 

6 - مارس - 2014

تحدثنا في مقال سابق عن تاريخ الحركة المسرحية في البحرين، لكننا لم نقل كل شيء. لقد تطرقنا إلى مسرحية ‘عبدالرحمن الناصر’ التي تم عرضها في 1947 من على خشبة مسرح النادي الأهلي في المنامة، وقلنا انها عــُدت بمثابة العلامة البارزة في تاريخ الحركة المسرحية البحرينية. فما السبب الذي جعلها كذلك؟
قبل ان نجيب على هذا السؤال لابد من الإشارة إلى أن المسرحية المذكورة كانت من إخراج عميد الصحافة البحرينية المرحوم الأستاذ محمود المردي الذي أخرج قبل ذلك، وتحديدا في 1941، مسرحية ‘لولا المحامي’ للبناني سعيد تقي الدين، والتي كانت مسرحية جادة من خمسة فصول تدور أحداثها حول الإقطاع في القرية اللبنانية. وبهذا يكون المردي أول بحريني يقدم مسرحية حول أحداث إجتماعية من واقع الحياة السائدة في المجتمعات العربية. بعد ذلك قدم المردي سلسلة من المسرحيات من أهمها ‘دموع’ في 1944 ، و’نخب العدو’ في 1946 وهي مسرحية كوميدية من ثلاثة فصول حول الصراع الطائفي في القرية اللبنانية، و’الهادي’ في 1947 وهي مسرحية أعدها المردي بنفسه ودفع فيها لأول مرة بفتاة بحرينية كي تمثل على المسرح، وأخيرا مسرحية ‘عبدالرحمن الناصر’ للمصري عزيز أباظة التي أتينا على ذكرها وتساءلنا عن سبب اعتبارها علامة بارزة في تاريخ الحركة المسرحية البحرينية.
في رأي الشاعر البحريني المعروف قاسم حداد أنّ السبب يرجع إلى التجسيد الحي للمناظر المسرحية الأندلسية التي نفذها الفنان المبدع ‘يوسف قاسم الخاجة’. حيث قام الأخير بصنع تماثيل من الجبس لإبراز قصر الحمراء، كما قام بصناعة تماثيل لأسود تخرج من أفواهها المياه. ولأن المياه لم تكن موصلة وقتذاك أي في 1947، قام يوسف قاسم بعقد اتفاق مع السقايين لجلب ما يكفي من المياه لتخزينها ثم دفعها إلى أفواه الأسود من خلال أنابيب بلاستيكية صنعها بنفسه من بقايا الحقن الشرجية المستعملة. أما الأسود فقد صنعها الخاجة من الطين الناعم المستخدم في صناعة الأواني الفخارية بعد خلطها بشعر الماعز، وقبل أن يـُطليها باللون الأبيض. وبهذه الرؤية يكون يوسف قاسم قد استجاب فنيا لمتطلبات هندسية حتمها النص المسرحي ذاته، وقدم حلولاً منطقية ساهمت في دفع هذه التجربة نحو النجاح. ومما يجدر بنا ذكره هنا أن مسرحية ‘عبدالرحمن الناصر’ كــُتبت لتجسد عصرا من عصور الازدهار في الأندلس قبل أن يعقب ذلك الازدهار صراع دموي بين ولدي عبدالرحمن الناصر: الحــَكم وعبدالله، علما بأن عبدالله تآمر مع الفاطميين ضد أخيه الحكم، الأمر الذي مهد الطريق لضياع الأندلس وسقوطها دولتها الاسلامية.
ولأن المسرح لم يكن في تلك الأيام ضمن إهتمامات الناس فقد إضطر القائمون عليه لبذل جهد كبير من أجل ترغيب الناس في الحضور والمشاهدة والاستفادة. وفي هذا السياق يضرب لنا الأديب والناقد المسرحي الدكتور ‘إبراهيم غلوم’ مثلا حول ما قام به المردي قبيل عرض أول مسرحية يخرجها وهي مسرحية ‘لولا المحامي’. فمن أجل أن يضمن حضور عدد كبير من الناس لمشاهدة تلك المسرحية، نشر إعلانا في مارس 1943 في جريدة ‘البحرين’ كان نصه هو الآتي: ‘لولا المحامي .. رواية أدبية إجتماعية غرامية موسيقية، إختيرت لما تنطوي عليه من معان إنسانية. إننا إذ نحث الجمهور على مشاهدتها فإننا في نفس الوقت نهيب أن يسارعوا إلى مشاهدة صورة من صور الحياة الناطقة بكل معاني الإنسانية’. ومما يجدر بنا ذكره في هذا السياق أن هذه المسرحية كتبها اللبناني سعيد تقي الدين في 1923 حينما كان طالبا في جامعة بيروت الأمريكية، ومن بعد أن قدمها تقي الدين ورفاقه على مسرح الجامعة الأمريكية قدمتها فرقة جورج أبيض المصرية في القاهرة، ثم أعجب بها الكاتب المسرحي العراقي الكردي ‘فؤاد رشيد بكر’ فأعدها وعرضها تحت إسم ‘العلم والجهل’ في 1926 من على مسرح ‘مدرسة زانستي’ في السليمانية.
وبالعودة إلى يوسف قاسم الخاجة، صاحب الفضل الكبير في نجاح مسرحية ‘عبدالرحمن الناصر’، لا بد من التنويه أنه كان فنانا شاملا، وصاحب مواهب متعددة في الرسم والتصوير والتصميم والتمثيل والعزف والغناء، بل كان إضافة إلى ذلك رجلا موسوعيا بسبب أسفاره ومغامراته من أجل لقمة العيش التي جعلته يتعرف على ثقافات الشعوب الأخرى ويقتبس منها الكثير من الأفكار. لكنه كالكثيرين غيره من الرواد البحرينيين الأوائل هــُضم حقه في التكريم، فلم يعد أحد من الجيل الجديد يتذكره. ومما يُــذكر عن الرجل أنه كان صديقا لرجل الأعمال السعودي الكبير سليمان العليان أثناء دراسة الأخير في مدرسة الهداية الخليفية، ثم أثناء عمله مع شركة بابكو. وحينما انتقل العليان من البحرين إلى الظهران للعمل مع شركة أرامكو في بدايات الخمسينات، ألح على الخاجة أن يبيع محل التصوير الذي كان يمتلكه في المنامة، وأن يأتي إلى الظهران بسبب حاجة شركة أرامكو الماسة وقتذاك للمصورين من أجل إعداد بطاقات الهوية الشخصية وشارات العمل. وبالفعل باع الخاجة محله وسافر إلى الظهران حيث افتتح هناك أول ستوديو للتصوير في تاريخ المنطقة الشرقية من السعودية تحت إسم ‘ستوديو الظهران’. ويروي الخاجة بنفسه في مقابلة صحفية معه أن الحياة وقتذاك كانت صعبة ومرهقة، لكن الأعمال كانت كثيرة ومربحة. ولذلك إفتتح فرعا لإستوديو الظهران في الدمام وآخر في الهفوف، وقام بإستقدام الكثيرين من زملائه البحرينيين للعمل معه. غير أن الخاجة – طبقا لإعترافه إصيب بالإحباط حينما تعرض لمضايقات في الدمام من قبل رجال ‘هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر’ الذين اعتبروا التصوير أمرا منكرا ومخالفا للدين، فقرر على إثر ذلك بيع محليه في الظهران والدمام، وإهداء فرع الهفوف لأحد أصدقائه السعوديين، والعودة إلى وطنه.
وفي مقال قديم نشره الاستاذ علي سيار في صحيفته ‘صدى الأسبوع’ في 1985 يورد الكاتب شيئا من الحكايات والطرائف في تاريخ المسرح البحريني من تلك التي كان شاهدا عليها باعتباره شارك بالتمثيل وهو طفل في بعض المسرحيات التاريخية التي كان يؤلفها ويخرجها الشاعر عبدالرحمن المعاودة.
يقول السيار ان المعاودة اختاره ليمثــّل دور الشقيق الأصغر للخليفة الأموي عبدالرحمن الداخل في المسرحية المسماة باسمه. وبسبب الثارات الموجودة بين بني امية وبني العباس اقتضى الدور أن يقبض جنود العباسيين عليه وهو يلعب، ثم يقتلوه بتسديد سكين حاد في أحشائه.
وطبقا للسيار فإن هذا المشهد تحديدا رافقته طرفة من طرائف المسرح البحريني التي يجب أن تـُروى. فمخرج المسرحية ‘المعاودة’ كان يريد ان يبدو مشهد القتل حقيقيا فجاء بكرة مطاطية ووضعها تحت ملابس الطفل علي السيار بعد أن ملأها بسائل أحمر يشبه الدم. وبمجرد أن سدد الجندي العباسي سكينه نحو صدر السيار تدفق الدم دليلا على مقتله، الأمر الذي دفع بوالد السيار ، وكان ضمن المشاهدين، إلى الصراخ قائلا: ‘إذبحو الولد .. إذبحو الولد .. حسبي الله عليهم’. فما كان من السيار إلا الخروج عن النص بعفوية ليخبر والده أنه بخير وأن الدم لم يكن سوى صبغة حمراء، وسط دهشة الجمهور وضحكه، وإصابة المعاودة بالحرج الشديد.
وفي المقال نفسه تعرض السيار لمشكلة ظلت تواجه المسرح البحريني في سنوات انطلاقه الأولى ألا وهي مشكلة افتقاره إلى العنصر النسائي لتجسيد أدوار المرأة. ومما قاله ان المشكلة كان يتم التغلب عليها عن طريق إسناد الأدوار النسوية إلى فتيات غير بحرينيات من بنات المدرسين العرب على نحو ما حصل في 1941 حينما مثلت إحداهن دور ليلى في مسرحية ‘مجنون ليلى’ من على مسرح نادي البحرين، أو عن طريق إسناد الأدوار النسوية إلى الرجال من ذوي الطلة الحسنة والصوت الرخيم.
 
Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...