Jump to content
منتدى البحرين اليوم

الجمري في سطور


صمت الليل

Recommended Posts

4.jpg

 

 

مولده: ولد الشيخ عبد الأمير الجمري في بني جمرة " من دولة البحرين"- المحلّة التي تسكنها قبيلته- ليلة الجمعة قبل الفجر بساعة تقريباً 28 ذي الحجة 1356هـ 1937م.

 

نشأ وتربّى في كنف والده المرحوم المؤمن التقي العارف منصور الحاج محمد الجمري المتوفّى في ليلة السبت 27 ربيع الأول 1367هـ 1947م، وقد بذل رحمه الله ما في وسعه من عناية بتربية المترجم.

 

كانت دراسته الأولية الرسمية في البحرين، وقد تاقت نفسه لأن ينخرط في سلك الخدمة الحسينية، مستفيداً ما يتعلّق بالفن المنبري من ابن عمه شيخ خطباء البحرين المرحوم ملاّ عطية بن علي الجمري رحمه الله تعالى المتوفى في 30 شوال شوال 1401هـ , وابنه الخطيب ملاّ يوسف ملاّ عطية الجمري , وكذلك الخطيب الفاضل ملاّ جاسم محمد حسن نجم الجمري( رحمه الله) . وقد قرأ كخطيب مستقل وهو في سن مبكرة حيث لم يتجاوز السابعة عِشرة من عمره , وقد حظي بموفقية وتجاوب اجتماعي شجَّعه على الاستمرار .

 

دراسته العلمية : أما الدراسة العلمية فقد بدأها المترجم على يد العلامة الجليل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد صالح آل صالح آل طعّان البحراني طيّب الله ثراه في سنة 1959هـ , وكانت وفاة هذا الشيخ المبرور في 25 صفر 1381هـ 1961م في شيراز بإيران وقبره هناك . وكان هذا الشيخ جزاه الله خير جزاء المحسنين هو السبب المباشر لانخراط المترجم في السلك العلمي , حيث رغّبَه أشد الترغيب في ذلك , متوسِّماً فيه – كما يقول قدس سره – القابلية لذلك .

 

وقد درس المترجم عنده بعض المقدمات في العربية والفقه والعقائد لمدة سنتين, وفي خلال هاتين السنتين حضر فتره قصيرة عند العلامة الجليل الشيخ باقر الشيخ أحمد العصفور طيّب الله ثراه , فقرأ عليه أوائل الجزء الأول من تتابع "جامع الدروس العربية " للشيخ مصطفى الغلاييني. كما قرأ كتاب الطهارة من " شرائع الإسلام " وأوائل " قطر الندى" حتى نواصب الفعل المضارع على العلامة الجليل السيد علوي السيد أحمد الغريفي حفظه الله تعالى . وقد دفع الشيخ عبد الله الآنف الذكر المترجم إلى الهجرة إلى النجف الأشرف , وبعد وفاته قدس سرة هاجر المترجم إلى النجف الأشرف لمواصلة دراسته وذلك في بداية ربيع الأول سنة 1382هـ 1961م .

 

قرأ المترجم في النجف الأشرف معظم السطوح على أساتذة فضلاء وعلماء أعلام, رحم الله الماضين منهم وأيّدَ الباقين , وجزاهم جميعاً خيرَ جزاء المحسنين .

 

قرأ " قطر الندى " على الشيخ عبد الله " أبو مَرَة " الإحسائي . والألفية " شرح ابن عقيل " علي الشيخ حسين الظالمي النجفي , والسيد عبد الله العلي الإحسائي ." ومعالم الدين في الأصول" على الشيخ محسن الغرّاوي النجفي . " وشرائع الإسلام " عدى أوائلها فقد كان على أكثر من واحد من العلماء الأفاضل كالسيد حامد السويج البصري دام ظله أجزل الله مثوبتهم وجزاهم أفضل الجزاء وأوائل "شرح اللمعة " على الشيخ محمد علي الخمايسي , وما بقي منها مع " المكاسب " على السيد محيي الدين الغريفي النجفي " ومختصر المعاني والبيان " على الشيخ إبراهيم أبو خليل من أهالي سوق الشيوخ, والشيخ حسن طراد العاملي, والشيخ علي الجزائري, و"منطق المظفر " على الشيخ عبد الرسول الكرمي " وحاشية ملا عبد الله " في المنطق على الشيخ صالح الصالحي، و" أصول المظفر " و "كفاية الأصول " وقسم من "الرسائل " على السيد علاء الدين آل بحر العلوم. و"شرح الباب الحادي عشر " على السيد حسين آل حسين آل بحر العلوم، و "شرح التجريد " ولم يكمله على السيد مسلم الحلي النجفي .

 

في البحث الخارج تشرَّف مدة سنتين أو أقل بحضور بحث سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي طاب ثراه, في الأصول, وبحث سماحة آية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره في الفقه الاستدلالي على ضوء العروة الوثقى.

 

 

 

إجازاته ووكالاته : للمترجم إجازة رواية من سماحة آية الله العظمى السيد علي الفاني الأصفهاني طاب ثراه مؤرخةً في 25 شعبان 1391هـ . كما أنّه وكيل على قبض الحقوق الشرعية وغيرها من الأموال الشرعية وتولّي الأمور الحسبية من قِبَل عدد من الحجج والمراجع أدام اللهُ ظلالهم وهم:السيد علي الحسيني السيستاني,والسيد علي الحسيني الخامنائي، والشيخ جواد التبريزي, والشيخ محمد فاضل اللنكراني, بالإضافة إلى أنّه كان وكيلاً من قِبَل عدد من المراجع لماضين وهم:الشيخ محمد أمين زين الدين,والشيخ محمد علي الأراكي،و السيد محمد رضا الكلبيكَاني، والشيخ الميرزا علي الغروي ، والسيد حسين بحر العلوم "قدس الله أسرارهم".

أدبه : نشر للمترجم عدد من المقالات الأدبية والدينية والقصائد في بعض الصحف والمجلات العراقية كالأضواء, والتضامن الإسلامي حينما كان في النجف الأشرف, وفي عدد من الصحف والمجلات البحرانية بعد عودته إلى البحرين, وقد ذكره صاحب كتاب " معجم الأدباء والكتاب العراقيين " ضمن هذه الموسوعة .

 

عضويته في البرلمان : بعد اثنتي عشرة سنة قضاها المترجم في تحصيل العلم بجامعة النجف الأشرف , عاد إلى البحرين بعد استقلالها ووضع دستور الدولة من قبل المجلس التأسيسي , وكانت عودته بناءً على طلب مؤكّد من منطقته من أجل أن يرشِّحَ نفسه لعضوية المجلس الوطني. وحيث كان طلب المنطقة أكيداً فقد استفتى في الموافقة على الطلب كلاً من المرجعين الدينيين سماحة الشهيد السيد محمد باقر الصدر"قدس سره"وسماحة الشيخ محمد أمين زين الدين

"قدس سره", فأفتاه الأول بوجوب الموافقة , والثاني بالجواز , وبناءً على ذلك قَفَلَ عائداً إلى البحرين بأهله وعياله, ولم يكن ذلك موافقاً لرغبته الحقيقية, إذ كان راغباً جداً في مواصلة الدراسة لعلَّه يحصل على شيء يعتد به من العلم. وكيف كان فقد رجع ورشّح نفسه لعضوية المجلس الوطني مجتنباً ما يمارس في هذه الأمور من الدعاية وتوزيع الصور ووضع الملصقات التي تبيِّن أهداف المرشّح وتدعو الناس إلى انتخابه. وتم انتخابه عضواً في المجلس عن الدائرة الانتخابية السادسة عشرة مع سماحة العلامة الجليل الشيخ عيسى أحمد قاسم , وكان رصيدهما بالنسبة لأصوات الناخبين على مستوى عموم الدوائر الانتخابية أعلى الأرصدة , وكان لهما مع كتلتهما الإسلامية في المجلس الوجود الفاعل, والمواقف الواضحة والجريئة .

 

بجمعية التوعية الإسلامية : تم اختيار المترجم نائباً للرئيس في جمعية التوعية الإسلامية في البحرين لمدة ست سنوات تقريباً حينما كان رئيسها سماحة العلامة الشيخ عيسى أحمد قاسم, وكان له فيها وجود فاعل ونشاط معروف.

 

قضاؤه : بعد حلِّ المجلس الوطني بسنتين , وفي 23 محرم 1397هـ 1977م عُيِّنَ المترجم قاضياً في المحكمة الكبرى الشرعية – الدائرة الجعفرية – وذلك بعد طلب مؤكّد ومتكرّر من المسئولين في البلاد, وبعد أن أعلن موافقته على القضاء بناءً على إجازة كل من المرجعيين الدينيين سماحة السيد أبو قاسم الخوئي"قدس سرة " وسماحة الشيخ محمد أمين زين الدين " قدس سره " وفي سنة 1408هـ 1988م عُزِلَ عن القضاء بسبب خلافات حصلت بينه وبين المسئولين في عدة أمور, وبسبب مؤاخذات حادّة من قِبَلِهم عليه على أساس مواقف إسلامية كانت له, وتصريحات من قِبَله تشجب عدة قضايا تُمارس في البلد, وذلك من منطلق النصيحة , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وبعد عزله اعتُقِل, واستُدعيَ للتحقيق عدة مرات وأُلقيَ عليه أكثر من اتهام, إلا أنّه وبسبب اطمئنانه بصوابية مواقفه لم يتراجع وواصل نشاطاته المختلفة وارتباطه الوثيق بعموم الناس.

 

في الإذاعة والتلفزيون : مارس المترجم منذ سنة 1973م حتى سنة 1981م تقديم الأحاديث الدينية في كل من إذاعة البحرين وتلفزيون البحرين , إلا أنَّ التقديم في التلفزيون كان أحياناً. وكانت الأحاديث التي يقدّمها بمناسبة عاشوراء وشهر رمضان, ووفيات أهل البيت dsc01766.jpg

 

2004 - 4 - 14

 

بعض أوراق من مذكرات الشيخ الجمري كتبها قبل مرضه ...

 

صمود الزوجة المكافحة والهجرة إلى النجف الأشرف

 

الشيخ عبد الأمير الجمري*

 

في ذكرى الحصار المنزلي واعتقال الشيخ عبدالأمير الجمري "1وثم 14 ابريل / نيسان 1995" تنشر "الوسط" بعض الأوراق القليلة من المذكرات التي كتبها بيده قبل مرضه، لإلقاء الضوء على بعض جوانب الحياة والكفاح التي تهم القارئ من حياة هذا الرجل الذي لعب دورا مهما وبارزا في الحياة السياسية والاجتماعية في البحرين.

 

أبدأ الحديث عن نسبي: والدي هو منصور بن الحاج محمد بن عبد الرسول بن محمد بن حسين بن إبراهيم بن مكي بن الشيخ سليمان الجمري البحراني، وتعرف أسرتنا بآل الشيخ سليمان، وبآل محمد. وبلحاظ انشطار الأسرة إلى شطرين من ولدي إبراهيم بن مكي المذكور وهما حسين المذكور وأخوه، عرف شطر منها بآل عبد الرسول، والشطر الآخر بآل إبراهيم.

 

وهذا التسلسل النسبي تلقيته وتلقاه غيري من أبناء الأسرة من العم الخطيب المغفور له ملا عطية بن علي الجمري باعتباره أبرز شيوخ الأسرة، وهو بدوره تلقى هذا التسلسل من كبار الأسرة الذين أدركهم.

 

ولدت في القرية المعروفة بـ "بني جمرة" من قرى البحرين، وهي قرية آبائي وأجدادي، وفي الأصل هذا الاسم يعني قبيلة تنحدر من قبيلة "مضر" في قول، من قبيلة "نمير" في قول آخر، وكلا القولين يذكرهما صاحب كتاب "سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب"، ثم صار يطلق الاسم على المحلة التي تسكنها هذه القبيلة. اصل القبيلة من اليمن، وموجودة لحد الآن هناك باسم "جمرة"، كما أن فروعها التي هاجرت منذ مئات السنين "ربما قبل الإسلام" موجودة في لبنان "وقيل أنهم في قرية مسيحية هناك اسمها إهدن"، وفروع أخرى موجودة في السودان وفي العراق.

 

كانت ولادتي في ليلة الجمعة 28 ذي الحجة سنة 1356 للهجرة النبوية "1937م"، ونشأت وتربيت في كنف والدي التقي العارف منصور الحاج محمد الجمري طيب الله ثراه، وقد بذل قصارى جهده في تربيتي، وأدخلني مدرسة البديع الابتدائية للبنين، وكان كثيرا ما يصحبني معه إلى المجالس التي يذهب إليها، وإلى السوق أحيانا، حينما يذهب لقضاء شئونه وشراء حاجياته. وصار يعلمني القرآن بعد إكمالي السادسة من عمري، حتى نهاية الجزء التاسع، وفهمت باقي الأجزاء بلا معلم. وفي هذه السن علمني الوضوء والصلاة.

 

درست في مدارس البحرين وتعلقت نفسي منذ صغري وأنا في الابتدائية بالمنبر الحسيني، فكنت أقرأ مقدما للخطيب ملا جاسم محمد حسن نجم الجمري.

 

حياتي الزوجية

 

كان زواجي من ابنة العم: زهراء ملا يوسف ملا عطية الجمري "أم جميل"، وكنت قد أكملت العشرين، وهي قد أكملت السادسة عشرة، بتأريخ 19 فبراير / شباط1957م ، 20 شهر رجب 1376هـ. ووجدت في هذه الزوجة الكريمة بغيتي وأمنيتي خلقا وخلقا وصدقا ووفاء والتزاما، ولقد وقفت معي موقف المؤازرة في كل ادوار حياتي، وقد شاء الله سبحانه لي معها حياة زوجية سعيدة جدا، ولم أكن معها لأرى يوم بؤس أبدا في كل الأحوال والأطوار التي عشناها، وأرى من باب الوفاء أن اذكر بعض مواقفها كنموذج لمؤازرتها ووفائها وكفاءتها:

 

بعد الزواج بفترة قصيرة، وحيث أنها تجيد الخياطة، وإحساسا منها بحالتي المادية وتدنيها آنذاك طلبت مني أن اشتري لها ماكنة خياطة، فاشتريتها بمائتي روبية إذ كان النقد آنذاك هو الروبية، ثم طلبت أن آتي لها بـ "طاقة قماش" وصارت تفصل وتخيط أقمصة وألبسة، وتدفع إلي الكمية التي تجهزها فأذهب بها إلى السوق وأدفعها إلى بعض الباعة يبيعها وله فائدة. فاستفدت من فكرتها وجهدها كثيرا جزاها الله خيرا.

 

وعندما أردت الهجرة إلى النجف الأشرف للدراسة في العام 1962 عارضني أهلها خوفا عليها بلحاظ أنني كنت فقيرا، وحدث بيني وبين العائلة خلاف، وأصررت على موقفي وأصروا على موقفهم، فحسمت هي الموقف بحزمها وايجابيتها وإخلاصها حين قالت: "لا تهتم أين ما تذهب أذهب معك"، وهكذا كان فهاجرت وهاجرت معي بطيب نفس.

 

وفي بعض السنين مرت بي حال ضيق في النجف الأشرف، وضاق صدري، حتى إني عرضت نفسي للاستدانة من بعض المؤمنين فاعتذر، فلما رأت ما بي من ضيق الصدر قالت بصدق وايجابية: "خذ ذهبي وارهنه، وإذا تمكنت من فكه فكه، ولا تهتم".

 

وعزمت على الذهاب إلى السوق الكبيرة لأرهن ذهبها عند بعض الصاغة، ولكن تصورتها كيف ستبقى - وهي شابة - من دون ذهبها وزينتها، فتراجعت عن رهن ذهبها، وهنا فتح الله علي ويسر لي المصرف بما يشبه المعجزة، إذ دخلت إلى مكتبي وفتحت بعض الكتب انظر فيها، وإذا بي أرى فئة لعشرة دنانير عراقية، فأخذتني الرهبة والدهشة والعجب إذ لم أذكر إنني وضعت في هذا الكتاب أو غيره مالا، وليس هذا من عادتي، وليس هناك غيري يتصرف في المكتبة أو يمارس استعمال الكتب فيها. وهذا القدر من المال هو الذي طلبت من ذلك المؤمن - غفر الله له - أن يقرضني إياه فاعتذر.

 

هذه نماذج من مؤازرتها ومواقفها. أما أخلاقها معي وصبرها وحبها لزوجها فذلك في أعلى المستويات، كما أن حبي لها يكاد يتجاوز الحدود الطبيعية، فحياتنا الزوجية سعيدة جدا، لله الحمد والمنة على حسن توفيقه. وبالنسبة لما يحدث من خلاف في الرأي بشأن بعض المسائل والأمور المعيشية والبيتية وبعض القضايا ما أسرع أن يزول لوجود التفاهم والحوار وعدم التعصب وبناء الأمور على القناعة. واشهد الله إني استفيد من النقاش معها، ولقد كانت في النجف الأشرف تقوم بكل لوازم البيت من شراء الحاجات وترتيب المنزل وتربية الأولاد وسائر الشئون، وكنت مشغولا بدراستي فقط. وكنت أسافر إلى البحرين كل عام مرة أو مرتين لقراءة شهر رمضان وعشرة عاشوراء وأتركها غالبا في النجف مع الأولاد، فتقوم بالرعاية وتدبير الأمور خير قيام. فكانت خير مؤازر ومعين.

 

ولقد كشفت التجارب التي عشتها صبرها وصدقها وثباتها، فكانت بحق أعظم نعم الله علي بعد نعمة الإسلام. أذكر في 6 سبتمبر/أيلول 1988 وقد جاء العقيد عادل فليفل مع عدد من ضباط الأمن لاعتقالي فوقفت بباب المنزل حائلة بين القوم وبيني لا تدع أحدا يدخل إلى المنزل، وصارت تتكلم لأولئك بصوت ومنطق شجاع ما كنت أتوقعه منها، ولو لم أتدخل في إقناعها خشية أن يمسوها بسوء أو يغلطوا عليها، لما غيرت مكانها ولهجتها، ولما تمكنوا من اخذي. ولقد كانت ممسكة بجواز سفري وهم يريدون أخذه، ولو لم أتدخل في إقناعها لما أمكنهم تسلمه، فأخذته من يدها وسلمته إليهم. واذكر من كلماتها في وجوههم بصوت عال وهم يريدون دخول المنزل للتفتيش: "لماذا تفتشون منزلنا؟ هل عندنا متفجرات أو قنابل، من أين تأتينا، من أي طريق، هل نزرعها زراعة فنحصل عليها؟"!

 

ولقد حالت بقوة موقفها بينهم وبين الدخول إلى التفتيش. وعندما أرادوا أخذي لإركابي في السيارة قالت: "لا أدعكم أبدا أن تأخذوه حتى أخبر الناس، إنكم ستأخذون رجلا له ثقله ولستم تأخذون حيوانا"، وابتدرت إلى مكبر الصوت في جامع الإمام زين العابدين "ع" المجاور للمنزل، ورفعت صوتها: "أخذوا أبو جميل، جاءوا لاعتقاله يا ناس، يا مؤمنين"، فصار الناس يتواردون من كل جانب رجالا ونساء وشبابا وشيوخا، وكانت هي السبب في حصول المظاهرة الصاخبة بسبب اعتقالي "6 سبتمبر 1988" واضطرارهم إلى إعادتي بعد ساعة وربع تقريبا "في هذه الأيام اعتقل زوج ابنتي عبد الجليل خليل إبراهيم، وابني الأكبر محمد جميل، وحكمت عليهما محكمة امن الدولة لاحقا بالسجن 7 و 10 سنوات على التوالي". ولقد قلت في حقها من قصيدة لي التي نظمتها في سجني الثاني، عدا قصيدتين خالصتين فيها إحداهما بالفصحى والأخرى باللغة الشعبية، قلت مخاطبا نفسي:

 

حبتك السماء بإنسانة

 

حمدت ولازلت منها الشيم

 

مؤازرة عبر كل الظروف

 

معاونة، من عظيم القسم

 

أنرت حياتي ملأت الضمير

 

كذا العين، سلمت من كل ذم

 

ولقد كان موقفها وأنا في سجني الأول والثاني موقفا رائعا وفريدا، من حيث الصبر والثبات ورعاية العيال، والمطالبة بي وتفقد أحوالي، والنشر والإعلام، فكانت بحق في الانتفاضة المباركة الشرعية عنصرا فعالا.

 

دراستي العلمية

 

السبب في دراستي العلمية هو أنني كنت أقرأ فاتحة المرحوم الحاج عبدالله أبو ديب "ره" في مأتم القصاب، وهو شخصية بارزة في البحرين، ومن أعضاء الهيئة التنفيذية العليا التي تأسست في أكتوبر 1954م "سميت بعد ذلك بهيئة الاتحاد الوطني" وكانت تمثل وتقود الشعب كله في نضال سلمي من أجل تحقيق مطالبه، وتتلخص في تكوين مجلس تشريعي وتأسيس نقابات عمالية وسن قوانين مدنية عادلة. واستمرت الحركة ثلاث سنين، ثم قمعها الجيش البريطاني واعتقل أعضاء الهيئة وسفر عددا منهم أواخر العام 1956م.

 

كانت فاتحة هذا الرجل ضخمة جدا، يحضرها السنة والشيعة، وكانت قراءتي وأنا في سن مبكرة، وقد حضر سماحة الشيخ عبدالله بن الشيخ محمد صالح مجلسي، إضافة إلى ثمانية من أهل العلم منهم المرحوم الشيخ باقر العصفور والسيد جواد الوداعي والشيخ أحمد العصفور والمرحوم الشيخ عبد العظيم الربيعي. وتناولت موضوعا في المراقبة الإلهية كنت قد استقيت أكثره من كتاب للأستاذ عباس كرارة المصري، وقد أعجب الموضوع الجمهور، وكان هو سبب ارتباطي بالشيخ عبدالله بن الشيخ محمد صالح "قدس سره"، إذ أشار إلي بعد القراءة بيده فقمت، فأخذ بيدي، وصار يحدثني وهو متجه إلى السوق عن الدراسة العلمية ويحثني عليها حثا شديدا، حتى زرع في نفسي العزم على ذلك والشوق إلى الدراسة. فقلت له: ومن يدرسني؟ فقال: أنا أدرسك.

 

وبدأت ادرس عنده لمدة سنتين مدة متقطعة، هاجرت بعدها إلى النجف الأشرف في 1962م بحسب إرشاده وحثه لي. علما بأني قبل هذه الفترة حضرت عنده مدة شهر تقريبا وذلك قبل زواجي، وذلك في مسجد الخواجة في المنامة، إذ كان يدرس هناك المدة المذكورة ويحضر عنده بعض الخطباء المتقدمين في السن، وسجلت الدروس التي تلقيتها عنده بقلمي.

 

كان الدرس في بعض الأمور العقائدية والفقهية، وكان يملي بعض الجمل علي على ظهر قلبه ويشرح ما أملاه، وكان يتوسم في القابلية ويشجعني كثيرا، وقد حججت معه أول حجة لي، وهي السنة التي توفي فيها رحمه الله، علما أنه حينما سافر إلى شيراز سفرته التي توفي فيها حولني على الشيخ باقر العصفور وقال: "قل له أرسلني إليك الشيخ عبدالله". فصرت أدرس عند الشيخ باقر يومين في الأسبوع فقط مدة ثلاثة أشهر في كتاب "جامع الدروس العربية" ودرست عنده قليلا من "شرح ابن عقيل لألفية بن مالك". وقبل أن يسافر المرحوم الشيخ عبدالله كان قد شجعني على الهجرة إلى النجف، وبشرني بمستقبل علمي جيد. وأمرني أن أكتب إلى دائرة الأوقاف الجعفرية طالبا منهم المساعدة، حسب ما يعاملون به طلاب النجف. وقد أملى علي رسالتين إلى الدائرة كما كتبت رسالة ثالثة إلى الدائرة وذلك بعد أن سافرت إلى العراق وأمضيت شهرين - أكثرهما في النجف - لدراسة الوضع ووضع الأسس للهجرة والسكن. هذا ما افرزه ارتباطي بالشيخ عبدالله "قدس سره" متعلما جزاه الله عني خير جزاء المحسنين وكنت حينها متزوجا من بنت عمي زهراء وقد أنجبت لي آنذاك الولد الأكبر محمد جميل "1959" وكان في الثالثة من العمر، وأنجبت الولد منصور "17 ديسمبر / كانون الأول 1961" وكان رضيعا ابن أشهر عندما سافرت إلى العراق في .1962

 

قبل أن يسافر الشيخ عبدالله إلى إيران جلست معه جلسة كانت وداعية وقد أعطاني تسع مواد أمرني بتطبيقها في دراستي بالنجف الأشرف وغايتها الجد والضبط، وبعضها يهدف إلى المحافظة على السلوك النظيف واختيار من أزامله في الدراسة، وقد طبقت بعض هذه المواد التي وفقت لتطبيقها. وكان للشيخ علي فضل كبير، أسأل الله سبحانه أن يجزيه عني جزاء المحسنين، ويحشره مع سادته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

 

وقبل سفري إلى النجف درست عند العلامة السيد علوي السيد أحمد الغريفي - حفظه الله - في "القطر" من بدايته إلى نواصب الفعل المضارع، وهو نعم المدرس جزاه الله خيرا، ولكني أعدت دراسة ذلك في النجف لما هاجرت في العام 1962 "ربيع الأول 1383 هـ". واستأجرت بمعونة بعض أهل العلم دارا في "الحويش" "أحد أحياء النجف الأربعة القديمة وهي المشراق والعمارة والبراق والحويش"، بجوار بيت المرحوم السيد علي السيد إبراهيم كمال الدين النعيمي البحراني، وقد ساعدني "ره" وأحسن الجوار معي وعرفني بالكثير من المؤمنين، فله علي فضل كبير طيب الله ثراه. بعدها انتقلت إلى دار قرب مسجد الطريحي في طرف "البراق"، وقد سكنتها حوالي ثلاثة أشهر أو أقل، إذ اشتريت دارا في "العمارة" في الحي المسمى بـ "عقد أبو الطابوق" وسكنتها أكثر من سنة، وبعد ذلك اشتريت دارا أخرى وبعت تلك الدار التي كانت قديمة البناء وكانت الدار الأخرى التي اشتريتها في العمارة قرب منزل آية الله علي الخلخالي "ره". وسكنتها حتى عودتي إلى البحرين العام 1973 ومازالت في ملكي وبيدي عليها وثيقة "طابو"، وكان شراؤها العام 1965م.

 

* كتب الشيخ الجمري كثيرا من مذكراته وجددها في سنوات لاحقة، وهذه القطعة من المذكرات التي راجعها في فبراير / شباط .2001 وهذه الأوراق هي جزء من كتابات الشيخ الجمري التي كان يأمل نشرها في يوم من الأيام

 

هذا المقال من صحيفة الوسط

Link to comment
Share on other sites

  • 3 weeks later...

اللهم شاااااااااااااااااااااااافيه يالله

وشكرااااااااااااااااااااااا على المعلومه

Link to comment
Share on other sites

  • 5 weeks later...
  • 2 weeks later...
  • 2 weeks later...
الله يشاافيه ويخليه ويطول بعمره انشالله

حياته كلها نضال من اجل الوطن

والله مافي احد وقف مثله

الله يكثر من امثاله يا رب

ومشكور على الموضوع

:)

Link to comment
Share on other sites

  • 2 weeks later...
  • 2 months later...
  • 3 weeks later...

ياليت في شخص مثل الشيخ الجمري !

قاسى وعانا .... ( الله يكون بعونه )

ما راعو حتى شيبته.

 

ذلك الجمري حبي وحياتي

اللهم شافي شيخنا الجمري

 

هذا أقل القليل اللي نقدر نقدمه للشيخ الجمري.

مشكور اخوي وما قصرت

Link to comment
Share on other sites

  • 3 months later...
  • 2 weeks later...
  • 2 weeks later...

الله يعطيه الصحه والعافيه ان شاء الله

الله يخليه لينه

الله يكثر من امثاله

الله دايما يبلي الانسان اللي يحبه

شكرا على الموضوع

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...