Jump to content
منتدى البحرين اليوم

أنت عمري

الاعضاء الفعالين
  • مشاركات

    110
  • انضم

  • آخر زيارة

عن أنت عمري

Previous Fields

  • الجنس
    انثى
  • سنة الميلاد
    1984

أنت عمري الانجازات

Newbie

Newbie (1/14)

0

الشهرة

  1. مسرحية «عابر سبيل» .. البحث عن نبل الإنسان وصفائه د. باسم عبود الياسري لا يمتلك الكاتب غير الكلمة التي بها يعبر عن دواخله وأفكاره ورؤاه لهذا العالم، والمسرح الذي يحول هذه الكلمات الى حياة تتجسد أمام نواظرنا تمتعنا وتدعونا الى التفكير فيفعل المسرح فعله فينا، أو ينأى بنا عن الواقع كما يفعل بعض العاملين بالمسرح التجاري في محاولة لنسيان مراراتنا التي نعيش فيها. في مساء جميل قدمت فرقة قطر يوم الجمعة 13/ 11/ 2009 مسرحية (عابر سبيل) للكاتب سعود الشمري ، أخرجها الفنان ناصر عبد الرضا، وشارك في تمثيلها الفنانون عبد الله أحمد وأشرف العوضي وفيصل حسن رشيد. يقوم العمل على فكرة الحروب وما يعانيه الناس بسببها من ويلات، في المسرحية ثلاث شخصيات أساسية الأول والثاني وعابر السبيل، ولهذا الأمر دلالته فالشخصية لا يهمنا اسمها بقدر ما تهمنا أفكارها، فهما اثنان أحدهما مهموم حد اليأس والآخر غير مكترث لشيء، وعابر السبيل الذي خبر الحياة وأدرك ما فيها من خير وشر، ومن خلال الحوار ندرك أن هموم هذا الشخص ليست لأمور خاصة وإنما ألمه لما يجري في هذا العالم من دمار وخراب وويلات يقول: ( الحرب الشاملة دمرت العالم.. تغير شكل الدنيا إلى الأسوأ.. خراب يسود البلاد.. حطام يحيط بالكرة الأرضية.. الفقر والبؤس يكسوان وجوه الأطفال.. وتنتشر في معظم الأنحاء أوبئة وأمراض لم تشهدها البشرية من قبل.. وأنت تدعوني لحفلة شواء على الشاطئ!.. ما رأيك الآن؟ أينا التافه؟) وهو هنا يعبر عن وعي بما يجري في العالم كله بدافع من إنسانيته، على عكس صاحبه الذي لا يفكر إلا بكيفية إضاعة الوقت، وقطعا كلنا شاهد هذين النموذجين وكل منا انحاز لأحدهما. هذان الاثنان كانا صديقين معا أمضيا سنوات طويلة في معارك خاضوها وحروب أشعلت لا يعرفون سببا لها دمرت كل شيء الناس والمدن وكذلك الأحلام، يعاتب المهموم صديقه اللامبالي ( كيف؟ نسيت نفسي لأنني لم أنس سفح الجبل.. قريتنا الصغيرة.. أنسيت شكل الطبيعة حين كانت خلابة؟؟ هل تذكر الشواطئ عندما كانت بهجة للنفس؟؟ تحولت إلى برك آسنة ملؤها العفن.. أتذكر هدوء الحياة ورغد العيش بين الأهل والجيران.. كل الذين سبق وأحببناهم وعشنا معهم لحظات حياتنا الماضية بحلاوتها ومرارتها اختفوا.. كانوا ضحايا حربنا السخيفة.. نحن من دمر العالم.. هل نسيت العالم قبل الحرب؟؟؟) حتى الشخص اللامبالي له فلسفته في الحياة فهو يرى (القاعدة المتبعة الآن هي نسيان الماضي والنظر نحو المستقبل بتفاؤل وأمل.) بينما لا يرى المهموم في التفاؤل والأمل غير تفاهات ولا مبالاة سقيمة. لا يدرك الحرب إلا من ذاقها - وأنا منهم - حيث لا يمكن أن ينسى الإنسان مصائر أصدقائه وأحبابه ودمار بلده، لكن الفنان سعد الشمري استطاع أن يصل الى دواخل من شاركوا في تلك الحروب، فقدم صورا غاية في الوجع والألم والشعور بدونية الإنسان حين يفتك بأخيه الإنسان، من تلك الحروب من خلال هذا العمل. كان لا بد أن يكون هناك حدث يغير مجرى المسرحية، حدث يكسب الشخصيات وعيا جديدا وهو ما تحقق بمرور عابر السبيل الذي لا يذكر من أين أتى ولا الى أين يمضي، لكنه يذكرنا بهؤلاء العرافين والحكماء والمبصرين الذين أدركوا الحياة أكثر من غيرهم، إنه يدرك أن الإنسان هو الإنسان في كل مكان ( يا ولدي من منّا لا يملك أسئلة تبحث عن أجوبة مفقودة؟ من منّا لا يتألم؟.. نحن سواء.. وإن اختلفت أشكال عطايانا من نعم وهموم.. نحن سواء.. ) ، مثلما يدرك أن كل واحد منا لا يمكن أن يتخلى عن ماضيه فـ (الماضي والحاضر هما شطرا المستقبل.. ولكل شطر نصيب من الآخر. الماضي والحاضر هما شطرا المستقبل.. ولكل شطر نصيب من الآخر.) ومثلما يقول الجواهري: لا يولد المرء لا هرا ولا سبعا لكن عصارة تجريب وتلقين كل واحد منا يحاول إخفاء حقيقته والظهور بالمظهر الذي يحب أن يراه به الآخرون، وهكذا يخاطب عابر السبيل أحدهم ( تكسو وجهك بأقنعة تخفي دوما ما يكمن في أقصى أعماقك.. داخلك مليء بالنور.. ضميرك حي.. تتعمد تكويم العبث الماجن والضحكات الرنانة واللهو.. لكن ذلك لن يخفي ما يتوارى بداخلك من الصدق..) إنه الإيمان بخير الإنسان ونبله. إن هذه النظرة تدفعنا الى التفكير مليا بما قاله عابر السبيل من ضرورة أن يفهم كل منا نفسه قبل سعيه الى فهم العامل. يحدث هذا العابر تغييرا في شخصيتهما، فيتحول اللامبالي الى مهموم بالعالم مثلما المهموم يسعى الى أمل بالحياة، يذكرنا هذا العمل بأعمال شاهدنا من خلال دعوة الجمهور الى التفكير بالعالم ، مثلما في رحلة حنظلة من الغفلة الى اليقظة لسعد الله ونوس. ربما أسهبت في اقتطاع حوارات من العمل لسببين ، ليدرك القارئ أني أتكلم عن عمل فكري أولا، والثاني ليعرف القارئ عن أي شيء أتحدث. وهنا لابد من الإشارة الى أن هذا العمل يبشر بولادة كاتب قطري أتوقع أن يكون له شأن في المستقبل، فقد كتب سعود الشمري هذا العمل «عابر سبيل» فأفصح عن كاتب واعد يمتلك وعياً متميزا تمكن من صياغة أفكاره بلغة جميلة معبرة حملت الجمهور على التفاعل مع العرض بيسر وسهولة. يبدو أن فترة دراسة الفنان الشمري كانت فرصة جيدة له حين درس المسرح في مصر على يد أساتذة كبار، اطلع خلالها على تجارب ما كان يمكنه الاطلاع عليها لو لم يسافر الى القاهرة حيث أمضى سنوات هناك، فجعلت منه مسرحيا مثقفا صاحب يعمل على تكوين رؤية ستتبلور بالتأكيد مع الأيام، فقدم عمله هذا مؤلفا، فلم يكن هو عابر سبيل بالمسرح وإنما ليؤسس لولادة كاتب مبدع حقيقي. أما الممثلون فقد أدى الفنان الكبير عبد الله أحمد دوره أداء لا يمكن أن يقال عنه إلا أنه أداء متميز بالفعل، في حين أن الفنانين أشرف العوضي وفيصل حسن رشيد تناغما الى درجة كبيرة فقدما معا ثنائيا رائعا ، ووفقا كثيرا في التلاوين الصوتية والحركية التي أدياها. وحين نأتي الى الإخراج فإن هذا الفنان الرقيق ناصر عبد الرضا يحرص على أن يتحفنا في كل عمل إخراجي بسينوغرافيا مبتكرة، وما قدمه في هذا العمل أدهش الحضور فعلا الى درجة أن الكثيرين انصرفوا عن العمل للتفكير بهذا الذي يقدم لهم هل هو سينما أم مسرح أم ماذا، فق كان عرضا ممتعا للغاية. لقد عبر عبد الرضا بإخراجه هذا العمل قدرة كبيرة على تطوير فنه وأدائه وحرصه على إمتاع المشاهد ودعوته الى التفكير بالعمل لا التسليم به، وهي من صفات المخرج المثقف. ولا يفوتني الإشادة بكل من ساهم بهذا العمل، ولن يكون هذا العمل رقما ضمن العروض وإنما نقلة مهمة تأليفا وإخراجا وتمثيلاً. متمنيا أن تستمر العروض فالاستمرار وحده الكفيل بالتطور. جريدة الوطن اليوم الأثنين بتاريخ (16/11/2009م)
  2. بحضور حشد من الفنانين والمثقفين إضافة إلى الإعلاميين والمهتمين بفن المسرح، عرضت على خشبة مسرح قطر الوطني الجمعة مسرحية "عابر السبيل" بطولة الفنان عبد الله أحمد والفنان أشرف العوضي والفنان فيصل رشيد، والعرض من تأليف الكاتب سعود علي الشمري، ومن إخراج الفنان ناصر عبد الرضا.تدور المسرحية حول رجلين تجرعا مرارة الحرب سوياً فربطتهما صداقة من نوع خاص كونهما في مركب واحد، وهو الأمر الذي جعلهما يحتفظان بصداقتهما حتى بعد انتهاء الحرب، وعودتهما سالمين، إلا من الضمير، الذي أصبح شبحاً يخيم على حياة كل منهما، فيهرب أحدهما من شبح الماضي بالانغماس في الملذات والملهيات، بينما يلقاه الآخر بصدر ضيق وروح تملأها الكآبة، وحين يمر بهما عجوز لا أحد يعرف من أين ظهر ليكشف عن ما يتوارى بداخل كل منهما، فتسقط الأقنعة، ويري كل منهما الآخر على حقيقته، ومع ذلك لايفترقان. ماهية الإنسان الحالي تتبع المسرحية أسلوب البحث العميق في موقف الإنسان من لاعقلانية الواقع وتناقضاته المقيتة، وتستمد المسرحية موضوعها من التجارب المعاصرة من حروب وخراب شاهدناه في الآونة الأخيرة، وذكرنا بما شاهده العالم من قبل، إبان الحرب العالمية، وهو ما ولد حينها نوعاً جديدًا من المسرح سمي بمسرح اللامعقول، حيث شعر الإنسان في ذلك الوقت بعبثية الحياة التي برغم حبه لها وتمسكه بها إلا أنه قضى عليها بنفسه، وهو الشئ الذي بدأ يرمي بظلاله من جديد على عصرنا الحالي حتى أصبح يخيم على منطقتنا العربية، ومن هنا انطلق النص ليعبر عن وجودية الإنسان الحالي وبحثه الشغوف عن ماهيته التي أصبحت ضائعة وعصية التحقق في هذا العالم، محاولاً التحكم في الواقع، والتحرر من الخضوع لقيمه المنهارة، وتخطي كل أشكال الغربة المحيطة بأركان حياته، بحيث تقترن عملية التحكم باستبصار لا تهاون فيه للحقائق الجوهرية، مزيلاً للزيف والأقنعة التي باتت تحيط بالبشر وتجعلهم يجهلون حتى أنفسهم أو أقرب الناس اليهم.الثاني: لا أكاد أصدق أني عشت معك تلك السنوات ولم أعرفك جيداً.. أنت متلون كالحرباء.."ومن جملة الحوار الوارد على لسان الرجل الثاني ترتكز المسرحية على لحظة هي الأهم بين المشاهد التي تمهد لها، وهي لحظة التكشف، تلك اللحظة التي تعتمد عليها الدراما بشكل عام والتي نجدها في المسرحية بمرور عابر السبيل الذي يقتحم الحدث بمثابة مخلص حين يضع ايدي الشخصيتين على الحقيقة التي كانوا يجهلونها أو يحاولون تناسيها متجاهلين في ذلك محاولة فهم أنفسهم."العجوز: لا تحاول فهم ما يجري في الكون قبل أن تفهم نفسك بادئ ذي بدء.. بذلك يمكن أن تفهم." ومن عابر السبيل تنبثق فكرة امتلاء الواقع بالزيف من خلال تبني العلاقات الرمزية المكثفة التي تتجاوز الأبعاد المعقولة، ويتسع الجو الدرامي الذي يصطحب معه حيل الإخراج المسرحي ووسائل التكنيك السينمائي الذي يعتمد عليه العرض في إظهار مكنون الشخصيات بشكلها البصري، وكل ذلك من خلال تقاليد الحدث المسرحي وبنائه المألوف ولغته اليومية بالرغم من هدم الوسائل التقليدية العتيقة في التعبير، من خلال الأجواء المشحونة بإمكانيات الخيال وعلاقات العالم اللامعقول. الماضي والحاضر لقد استخدم العرض أسلوب المزج بين الماضي والحاضر عن طريق شاشة السينما باعتبارها عنصراً مسرحياً يساهم في خلق بناء حافل بكل ما ينتزع إمكانات الموقف المضاد للقيم اللاعقلانية، وهي بلا ريب تكسب ذلك البناء وعياً بما هو فطري وتلقائي في الإفصاح عما يكتنز في النفس والأعماق الداخلية للشخصيات، ومن خلال هذه الحيلة نطلع على أجزاء من الماضي لترتبط لدى المتلقى بما تحويه نفس الشخصية وقد نرى أيضاً من خلالها مستقبلها الذي ينتظرها فهي حيلة تعرض لنا مواقف الغضب والرفض لا بشكله السردي فقط بل مشفوعاً بالشكل المرئي الذي يعمل على تعميق أحساس المتلقي ويوحده معه، فقد جاءت هذه التقنية لتطلعنا بالصورة عما يعتري خلجات نفس الشخصيات أثناء حوارها وهو ما من شأنه أن يغري المتفرج أن يتمثل الحادث، ويشارك في تجسيم صورته المتحركة بحسه الانفعالي ومراقبته الذهنية من أجل أن يعثر بمعايشته على موقف معين، لا يقتصر وجوده في ما نراه في العمل لأنه موجود في عالمنا أيضاً قبل أن يوجد في عالم المسرحية.وقد وفق المخرج ناصر عبد الرضا في اختيار النص ، لما فيه من مشاعر إنسانية متدفقة، ولحظات نادرة من لحظات مكاشفة النفس شديدة الثراء والعمق وهو الامر الذي دائما ما يتلامس مع النفس البشرية في معاناتها، ويدعو إلى مواجهة النفس بصدق وشجاعة. "العجوز : لا يمكنك التخلص من الماضي.. وإن حاولت تناسيه.. إنه موجود دائماً يطل عليك.. إنه جزء منك.." سينوغرافيا متقدمة وقد تجلت رؤية المخرج في أوج صورها من خلال تعامله مع الفضاء المسرحي باستخدامه لتقنية السينما في المسرح من خلال شاشة عرض على الخشبة عملت على دمج الحاضر بالماضي والواقع بالخيال والحقيقة بالوهم والوحشية بأرقى المشاعر الإنسانية وهو ما جعله يعتمد على استغلال الفضاء المسرحي عبر أكثر من مستوى للتمثيل فيعبر عن أكثر من زمان ومكان في ذات الوقت وهو ما يجعلها تتداخل لتخرج سينوغرافيا العمل بهذا الشكل الذي يعد من النوع الذي من شأنه أن يثري خشبة المسرح بتعدد أدواتها الأساسية القديمة منها وما جد باستحداث التقنيات ودخولها في الخدمة لصالح صورة العرض المسرحي، بدءاً من النص موضوع العرض ومادة التجسيد الفني، والتي هي محوره، بل تمتد لتشمل كل معطيات المكان من الديكور، الإكسسوارات، الإضاءة بألوانها ودلالاتها وحرفية استخداماتها. سيمولوجيا العرض إن توظيف الدلالات السيمولوجية في المكان كالشجرة المعمرة العجفاء يتناغم حالها مع أجواء المسرحية وتعبر عن حال اللامعقول لتعكس نظرات العالم المتسمة بالقلق القانط والشعور بالإحباط وانحسار الأمل مثلها في ذلك مثل الشجرة الناضبة التي احتوت بين أغصانها الذابلة على التحريض الخفي لرفض هزيمة الإنسان أمام الحرب العالمية من خلال المسرحية العبثية "في انتظار جودو"، شجرة عجفاء أيضاً تظلل بها فلاديمير واستراغون بعد أن وضعا العالم وراءهما وانشغلا في قضيه وحيدة، هي انتظار جودو الذي لا نعرفه، للقاء كائن خفي يريدنا الكاتب أن نقتنع سلفا بأنه لن يأتي عند هذه الشجرة أبداً. تلك الشجرة التي ارتبطت لدينا بالصورة العبثية اعتمد عليها العرض لإيصال المعنى، وفي دلالة أخرى من دلالات العرض نجد إحدى الشخصيات ترتدي وشاحاً وفي إحدى نظريات الفيلسوف الإيطالي دي بونو التي أسماها "القبعات الست للتفكير" نجده قسم خلالها التفكير إلى ستة أنواع ورمز لها بألوان القبعات وقال على القبعة السوداء إنها قبعة تميز التفكير السلبي أو المنطق الرافض وفي المسرحية نجد أن إحدى الشخصيتين تتعلق بهذه القبعة، أو الوشاح - أي بهذه الفكرة - ويشاكسه صديقه بأخذه منه. "الأول: هلا أعدت الوشاح؟" "الثاني: لا.. أعلم مدى حبك لهذا الوشاح.." ونجد أن الأول صاحب الوشاح الذي انزله من حول عنقه يتحول في النهاية إلى شخصية مقبلة على الحياة بينما من كان يصر على عدم إعطائه الوشاح ويحتفظ به في يده يتحول رافضاً للحياة، هذه الدلالات السيمولوجية اعتمد عليها العرض إلى حد كبير في إيصال معان قدمت في إطار اللامعقول. النهاية تعمد المخرج أن ينهي المسرحية نهايتين مختلفتين عبر مستويي الحدث فيحترق البطل المقدم على الانتحار من خلال شاشة السينما، بينما يعود ليمرح مع صديقه على خشبة المسرح، وربما أراد عبد الرضا ان يترك بصيصاً من الأمل في النهاية من خلال عودته مرة أخرى بعد غسل آثامه بالندم على ما اقترفه في الماضي، بحيث يصبح ما رأيناه على شاشة السينما ما هو إلا دلالة على هذا الندم بينما يصبح الواقع أكثر إشراقاً عند نزع الاقنعة وبدأ التعرف على الأخطاء حتى يتم تجنبها والندم عليها. الأداء التمثيلي وقد أجاد عبد الرضا في تخطيط حركة ممثلي العرض في خفة وانسيابية وسلاسة، كما وفق كذلك في اختيار الفنان عبدالله أحمد في دور عابر السبيل الذي كشف عن مكامن إبداع فني متدفق، لا يكشف عنه إلا الأعمال المكتوبة بحرفية عالية، مع التزام فرضته طبيعة النص، والفنان أشرف العوضي الذي استعرض مكامن ومخزون طاقاته الإبداعية كممثل مسرحي، متنقلا بين مختلف المشاعر المتناقضة في براعة الفنان صادق الموهبة بخلجاته، ثورته، جنونه، وبراعته في تجسيد الشخصية، وتشخيصها بحرفية بالغة، والفنان فيصل رشيد الذي أجاد تجسيد دوره وحاول الحفاظ على الطبيعة الخاصة والمختلفة للشخصيتين بترابط محكم وتفاعل متوازن من خلال أدائهما الجيد. المصدر :: جريدة الراية اليوم الأحد بتاريخ (15/11/2009م)
  3. بحضور حشد من الفنانين والمثقفين إضافة إلى الإعلاميين والمهتمين بفن المسرح، عرضت على خشبة مسرح قطر الوطني الجمعة مسرحية "عابر السبيل" بطولة الفنان عبد الله أحمد والفنان أشرف العوضي والفنان فيصل رشيد، والعرض من تأليف الكاتب سعود علي الشمري، ومن إخراج الفنان ناصر عبد الرضا.تدور المسرحية حول رجلين تجرعا مرارة الحرب سوياً فربطتهما صداقة من نوع خاص كونهما في مركب واحد، وهو الأمر الذي جعلهما يحتفظان بصداقتهما حتى بعد انتهاء الحرب، وعودتهما سالمين، إلا من الضمير، الذي أصبح شبحاً يخيم على حياة كل منهما، فيهرب أحدهما من شبح الماضي بالانغماس في الملذات والملهيات، بينما يلقاه الآخر بصدر ضيق وروح تملأها الكآبة، وحين يمر بهما عجوز لا أحد يعرف من أين ظهر ليكشف عن ما يتوارى بداخل كل منهما، فتسقط الأقنعة، ويري كل منهما الآخر على حقيقته، ومع ذلك لايفترقان. ماهية الإنسان الحالي تتبع المسرحية أسلوب البحث العميق في موقف الإنسان من لاعقلانية الواقع وتناقضاته المقيتة، وتستمد المسرحية موضوعها من التجارب المعاصرة من حروب وخراب شاهدناه في الآونة الأخيرة، وذكرنا بما شاهده العالم من قبل، إبان الحرب العالمية، وهو ما ولد حينها نوعاً جديدًا من المسرح سمي بمسرح اللامعقول، حيث شعر الإنسان في ذلك الوقت بعبثية الحياة التي برغم حبه لها وتمسكه بها إلا أنه قضى عليها بنفسه، وهو الشئ الذي بدأ يرمي بظلاله من جديد على عصرنا الحالي حتى أصبح يخيم على منطقتنا العربية، ومن هنا انطلق النص ليعبر عن وجودية الإنسان الحالي وبحثه الشغوف عن ماهيته التي أصبحت ضائعة وعصية التحقق في هذا العالم، محاولاً التحكم في الواقع، والتحرر من الخضوع لقيمه المنهارة، وتخطي كل أشكال الغربة المحيطة بأركان حياته، بحيث تقترن عملية التحكم باستبصار لا تهاون فيه للحقائق الجوهرية، مزيلاً للزيف والأقنعة التي باتت تحيط بالبشر وتجعلهم يجهلون حتى أنفسهم أو أقرب الناس اليهم.الثاني: لا أكاد أصدق أني عشت معك تلك السنوات ولم أعرفك جيداً.. أنت متلون كالحرباء.."ومن جملة الحوار الوارد على لسان الرجل الثاني ترتكز المسرحية على لحظة هي الأهم بين المشاهد التي تمهد لها، وهي لحظة التكشف، تلك اللحظة التي تعتمد عليها الدراما بشكل عام والتي نجدها في المسرحية بمرور عابر السبيل الذي يقتحم الحدث بمثابة مخلص حين يضع ايدي الشخصيتين على الحقيقة التي كانوا يجهلونها أو يحاولون تناسيها متجاهلين في ذلك محاولة فهم أنفسهم."العجوز: لا تحاول فهم ما يجري في الكون قبل أن تفهم نفسك بادئ ذي بدء.. بذلك يمكن أن تفهم." ومن عابر السبيل تنبثق فكرة امتلاء الواقع بالزيف من خلال تبني العلاقات الرمزية المكثفة التي تتجاوز الأبعاد المعقولة، ويتسع الجو الدرامي الذي يصطحب معه حيل الإخراج المسرحي ووسائل التكنيك السينمائي الذي يعتمد عليه العرض في إظهار مكنون الشخصيات بشكلها البصري، وكل ذلك من خلال تقاليد الحدث المسرحي وبنائه المألوف ولغته اليومية بالرغم من هدم الوسائل التقليدية العتيقة في التعبير، من خلال الأجواء المشحونة بإمكانيات الخيال وعلاقات العالم اللامعقول. الماضي والحاضر لقد استخدم العرض أسلوب المزج بين الماضي والحاضر عن طريق شاشة السينما باعتبارها عنصراً مسرحياً يساهم في خلق بناء حافل بكل ما ينتزع إمكانات الموقف المضاد للقيم اللاعقلانية، وهي بلا ريب تكسب ذلك البناء وعياً بما هو فطري وتلقائي في الإفصاح عما يكتنز في النفس والأعماق الداخلية للشخصيات، ومن خلال هذه الحيلة نطلع على أجزاء من الماضي لترتبط لدى المتلقى بما تحويه نفس الشخصية وقد نرى أيضاً من خلالها مستقبلها الذي ينتظرها فهي حيلة تعرض لنا مواقف الغضب والرفض لا بشكله السردي فقط بل مشفوعاً بالشكل المرئي الذي يعمل على تعميق أحساس المتلقي ويوحده معه، فقد جاءت هذه التقنية لتطلعنا بالصورة عما يعتري خلجات نفس الشخصيات أثناء حوارها وهو ما من شأنه أن يغري المتفرج أن يتمثل الحادث، ويشارك في تجسيم صورته المتحركة بحسه الانفعالي ومراقبته الذهنية من أجل أن يعثر بمعايشته على موقف معين، لا يقتصر وجوده في ما نراه في العمل لأنه موجود في عالمنا أيضاً قبل أن يوجد في عالم المسرحية.وقد وفق المخرج ناصر عبد الرضا في اختيار النص ، لما فيه من مشاعر إنسانية متدفقة، ولحظات نادرة من لحظات مكاشفة النفس شديدة الثراء والعمق وهو الامر الذي دائما ما يتلامس مع النفس البشرية في معاناتها، ويدعو إلى مواجهة النفس بصدق وشجاعة. "العجوز : لا يمكنك التخلص من الماضي.. وإن حاولت تناسيه.. إنه موجود دائماً يطل عليك.. إنه جزء منك.." سينوغرافيا متقدمة وقد تجلت رؤية المخرج في أوج صورها من خلال تعامله مع الفضاء المسرحي باستخدامه لتقنية السينما في المسرح من خلال شاشة عرض على الخشبة عملت على دمج الحاضر بالماضي والواقع بالخيال والحقيقة بالوهم والوحشية بأرقى المشاعر الإنسانية وهو ما جعله يعتمد على استغلال الفضاء المسرحي عبر أكثر من مستوى للتمثيل فيعبر عن أكثر من زمان ومكان في ذات الوقت وهو ما يجعلها تتداخل لتخرج سينوغرافيا العمل بهذا الشكل الذي يعد من النوع الذي من شأنه أن يثري خشبة المسرح بتعدد أدواتها الأساسية القديمة منها وما جد باستحداث التقنيات ودخولها في الخدمة لصالح صورة العرض المسرحي، بدءاً من النص موضوع العرض ومادة التجسيد الفني، والتي هي محوره، بل تمتد لتشمل كل معطيات المكان من الديكور، الإكسسوارات، الإضاءة بألوانها ودلالاتها وحرفية استخداماتها. سيمولوجيا العرض إن توظيف الدلالات السيمولوجية في المكان كالشجرة المعمرة العجفاء يتناغم حالها مع أجواء المسرحية وتعبر عن حال اللامعقول لتعكس نظرات العالم المتسمة بالقلق القانط والشعور بالإحباط وانحسار الأمل مثلها في ذلك مثل الشجرة الناضبة التي احتوت بين أغصانها الذابلة على التحريض الخفي لرفض هزيمة الإنسان أمام الحرب العالمية من خلال المسرحية العبثية "في انتظار جودو"، شجرة عجفاء أيضاً تظلل بها فلاديمير واستراغون بعد أن وضعا العالم وراءهما وانشغلا في قضيه وحيدة، هي انتظار جودو الذي لا نعرفه، للقاء كائن خفي يريدنا الكاتب أن نقتنع سلفا بأنه لن يأتي عند هذه الشجرة أبداً. تلك الشجرة التي ارتبطت لدينا بالصورة العبثية اعتمد عليها العرض لإيصال المعنى، وفي دلالة أخرى من دلالات العرض نجد إحدى الشخصيات ترتدي وشاحاً وفي إحدى نظريات الفيلسوف الإيطالي دي بونو التي أسماها "القبعات الست للتفكير" نجده قسم خلالها التفكير إلى ستة أنواع ورمز لها بألوان القبعات وقال على القبعة السوداء إنها قبعة تميز التفكير السلبي أو المنطق الرافض وفي المسرحية نجد أن إحدى الشخصيتين تتعلق بهذه القبعة، أو الوشاح - أي بهذه الفكرة - ويشاكسه صديقه بأخذه منه. "الأول: هلا أعدت الوشاح؟" "الثاني: لا.. أعلم مدى حبك لهذا الوشاح.." ونجد أن الأول صاحب الوشاح الذي انزله من حول عنقه يتحول في النهاية إلى شخصية مقبلة على الحياة بينما من كان يصر على عدم إعطائه الوشاح ويحتفظ به في يده يتحول رافضاً للحياة، هذه الدلالات السيمولوجية اعتمد عليها العرض إلى حد كبير في إيصال معان قدمت في إطار اللامعقول. النهاية تعمد المخرج أن ينهي المسرحية نهايتين مختلفتين عبر مستويي الحدث فيحترق البطل المقدم على الانتحار من خلال شاشة السينما، بينما يعود ليمرح مع صديقه على خشبة المسرح، وربما أراد عبد الرضا ان يترك بصيصاً من الأمل في النهاية من خلال عودته مرة أخرى بعد غسل آثامه بالندم على ما اقترفه في الماضي، بحيث يصبح ما رأيناه على شاشة السينما ما هو إلا دلالة على هذا الندم بينما يصبح الواقع أكثر إشراقاً عند نزع الاقنعة وبدأ التعرف على الأخطاء حتى يتم تجنبها والندم عليها. الأداء التمثيلي وقد أجاد عبد الرضا في تخطيط حركة ممثلي العرض في خفة وانسيابية وسلاسة، كما وفق كذلك في اختيار الفنان عبدالله أحمد في دور عابر السبيل الذي كشف عن مكامن إبداع فني متدفق، لا يكشف عنه إلا الأعمال المكتوبة بحرفية عالية، مع التزام فرضته طبيعة النص، والفنان أشرف العوضي الذي استعرض مكامن ومخزون طاقاته الإبداعية كممثل مسرحي، متنقلا بين مختلف المشاعر المتناقضة في براعة الفنان صادق الموهبة بخلجاته، ثورته، جنونه، وبراعته في تجسيد الشخصية، وتشخيصها بحرفية بالغة، والفنان فيصل رشيد الذي أجاد تجسيد دوره وحاول الحفاظ على الطبيعة الخاصة والمختلفة للشخصيتين بترابط محكم وتفاعل متوازن من خلال أدائهما الجيد.
  4. بحضور حشد من الفنانين والمثقفين إضافة إلى الإعلاميين والمهتمين بفن المسرح، عرضت على خشبة مسرح قطر الوطني الجمعة مسرحية "عابر السبيل" بطولة الفنان عبد الله أحمد والفنان أشرف العوضي والفنان فيصل رشيد، والعرض من تأليف الكاتب سعود علي الشمري، ومن إخراج الفنان ناصر عبد الرضا.تدور المسرحية حول رجلين تجرعا مرارة الحرب سوياً فربطتهما صداقة من نوع خاص كونهما في مركب واحد، وهو الأمر الذي جعلهما يحتفظان بصداقتهما حتى بعد انتهاء الحرب، وعودتهما سالمين، إلا من الضمير، الذي أصبح شبحاً يخيم على حياة كل منهما، فيهرب أحدهما من شبح الماضي بالانغماس في الملذات والملهيات، بينما يلقاه الآخر بصدر ضيق وروح تملأها الكآبة، وحين يمر بهما عجوز لا أحد يعرف من أين ظهر ليكشف عن ما يتوارى بداخل كل منهما، فتسقط الأقنعة، ويري كل منهما الآخر على حقيقته، ومع ذلك لايفترقان. ماهية الإنسان الحالي تتبع المسرحية أسلوب البحث العميق في موقف الإنسان من لاعقلانية الواقع وتناقضاته المقيتة، وتستمد المسرحية موضوعها من التجارب المعاصرة من حروب وخراب شاهدناه في الآونة الأخيرة، وذكرنا بما شاهده العالم من قبل، إبان الحرب العالمية، وهو ما ولد حينها نوعاً جديدًا من المسرح سمي بمسرح اللامعقول، حيث شعر الإنسان في ذلك الوقت بعبثية الحياة التي برغم حبه لها وتمسكه بها إلا أنه قضى عليها بنفسه، وهو الشئ الذي بدأ يرمي بظلاله من جديد على عصرنا الحالي حتى أصبح يخيم على منطقتنا العربية، ومن هنا انطلق النص ليعبر عن وجودية الإنسان الحالي وبحثه الشغوف عن ماهيته التي أصبحت ضائعة وعصية التحقق في هذا العالم، محاولاً التحكم في الواقع، والتحرر من الخضوع لقيمه المنهارة، وتخطي كل أشكال الغربة المحيطة بأركان حياته، بحيث تقترن عملية التحكم باستبصار لا تهاون فيه للحقائق الجوهرية، مزيلاً للزيف والأقنعة التي باتت تحيط بالبشر وتجعلهم يجهلون حتى أنفسهم أو أقرب الناس اليهم.الثاني: لا أكاد أصدق أني عشت معك تلك السنوات ولم أعرفك جيداً.. أنت متلون كالحرباء.."ومن جملة الحوار الوارد على لسان الرجل الثاني ترتكز المسرحية على لحظة هي الأهم بين المشاهد التي تمهد لها، وهي لحظة التكشف، تلك اللحظة التي تعتمد عليها الدراما بشكل عام والتي نجدها في المسرحية بمرور عابر السبيل الذي يقتحم الحدث بمثابة مخلص حين يضع ايدي الشخصيتين على الحقيقة التي كانوا يجهلونها أو يحاولون تناسيها متجاهلين في ذلك محاولة فهم أنفسهم."العجوز: لا تحاول فهم ما يجري في الكون قبل أن تفهم نفسك بادئ ذي بدء.. بذلك يمكن أن تفهم." ومن عابر السبيل تنبثق فكرة امتلاء الواقع بالزيف من خلال تبني العلاقات الرمزية المكثفة التي تتجاوز الأبعاد المعقولة، ويتسع الجو الدرامي الذي يصطحب معه حيل الإخراج المسرحي ووسائل التكنيك السينمائي الذي يعتمد عليه العرض في إظهار مكنون الشخصيات بشكلها البصري، وكل ذلك من خلال تقاليد الحدث المسرحي وبنائه المألوف ولغته اليومية بالرغم من هدم الوسائل التقليدية العتيقة في التعبير، من خلال الأجواء المشحونة بإمكانيات الخيال وعلاقات العالم اللامعقول. الماضي والحاضر لقد استخدم العرض أسلوب المزج بين الماضي والحاضر عن طريق شاشة السينما باعتبارها عنصراً مسرحياً يساهم في خلق بناء حافل بكل ما ينتزع إمكانات الموقف المضاد للقيم اللاعقلانية، وهي بلا ريب تكسب ذلك البناء وعياً بما هو فطري وتلقائي في الإفصاح عما يكتنز في النفس والأعماق الداخلية للشخصيات، ومن خلال هذه الحيلة نطلع على أجزاء من الماضي لترتبط لدى المتلقى بما تحويه نفس الشخصية وقد نرى أيضاً من خلالها مستقبلها الذي ينتظرها فهي حيلة تعرض لنا مواقف الغضب والرفض لا بشكله السردي فقط بل مشفوعاً بالشكل المرئي الذي يعمل على تعميق أحساس المتلقي ويوحده معه، فقد جاءت هذه التقنية لتطلعنا بالصورة عما يعتري خلجات نفس الشخصيات أثناء حوارها وهو ما من شأنه أن يغري المتفرج أن يتمثل الحادث، ويشارك في تجسيم صورته المتحركة بحسه الانفعالي ومراقبته الذهنية من أجل أن يعثر بمعايشته على موقف معين، لا يقتصر وجوده في ما نراه في العمل لأنه موجود في عالمنا أيضاً قبل أن يوجد في عالم المسرحية.وقد وفق المخرج ناصر عبد الرضا في اختيار النص ، لما فيه من مشاعر إنسانية متدفقة، ولحظات نادرة من لحظات مكاشفة النفس شديدة الثراء والعمق وهو الامر الذي دائما ما يتلامس مع النفس البشرية في معاناتها، ويدعو إلى مواجهة النفس بصدق وشجاعة. "العجوز : لا يمكنك التخلص من الماضي.. وإن حاولت تناسيه.. إنه موجود دائماً يطل عليك.. إنه جزء منك.." سينوغرافيا متقدمة وقد تجلت رؤية المخرج في أوج صورها من خلال تعامله مع الفضاء المسرحي باستخدامه لتقنية السينما في المسرح من خلال شاشة عرض على الخشبة عملت على دمج الحاضر بالماضي والواقع بالخيال والحقيقة بالوهم والوحشية بأرقى المشاعر الإنسانية وهو ما جعله يعتمد على استغلال الفضاء المسرحي عبر أكثر من مستوى للتمثيل فيعبر عن أكثر من زمان ومكان في ذات الوقت وهو ما يجعلها تتداخل لتخرج سينوغرافيا العمل بهذا الشكل الذي يعد من النوع الذي من شأنه أن يثري خشبة المسرح بتعدد أدواتها الأساسية القديمة منها وما جد باستحداث التقنيات ودخولها في الخدمة لصالح صورة العرض المسرحي، بدءاً من النص موضوع العرض ومادة التجسيد الفني، والتي هي محوره، بل تمتد لتشمل كل معطيات المكان من الديكور، الإكسسوارات، الإضاءة بألوانها ودلالاتها وحرفية استخداماتها. سيمولوجيا العرض إن توظيف الدلالات السيمولوجية في المكان كالشجرة المعمرة العجفاء يتناغم حالها مع أجواء المسرحية وتعبر عن حال اللامعقول لتعكس نظرات العالم المتسمة بالقلق القانط والشعور بالإحباط وانحسار الأمل مثلها في ذلك مثل الشجرة الناضبة التي احتوت بين أغصانها الذابلة على التحريض الخفي لرفض هزيمة الإنسان أمام الحرب العالمية من خلال المسرحية العبثية "في انتظار جودو"، شجرة عجفاء أيضاً تظلل بها فلاديمير واستراغون بعد أن وضعا العالم وراءهما وانشغلا في قضيه وحيدة، هي انتظار جودو الذي لا نعرفه، للقاء كائن خفي يريدنا الكاتب أن نقتنع سلفا بأنه لن يأتي عند هذه الشجرة أبداً. تلك الشجرة التي ارتبطت لدينا بالصورة العبثية اعتمد عليها العرض لإيصال المعنى، وفي دلالة أخرى من دلالات العرض نجد إحدى الشخصيات ترتدي وشاحاً وفي إحدى نظريات الفيلسوف الإيطالي دي بونو التي أسماها "القبعات الست للتفكير" نجده قسم خلالها التفكير إلى ستة أنواع ورمز لها بألوان القبعات وقال على القبعة السوداء إنها قبعة تميز التفكير السلبي أو المنطق الرافض وفي المسرحية نجد أن إحدى الشخصيتين تتعلق بهذه القبعة، أو الوشاح - أي بهذه الفكرة - ويشاكسه صديقه بأخذه منه. "الأول: هلا أعدت الوشاح؟" "الثاني: لا.. أعلم مدى حبك لهذا الوشاح.." ونجد أن الأول صاحب الوشاح الذي انزله من حول عنقه يتحول في النهاية إلى شخصية مقبلة على الحياة بينما من كان يصر على عدم إعطائه الوشاح ويحتفظ به في يده يتحول رافضاً للحياة، هذه الدلالات السيمولوجية اعتمد عليها العرض إلى حد كبير في إيصال معان قدمت في إطار اللامعقول. النهاية تعمد المخرج أن ينهي المسرحية نهايتين مختلفتين عبر مستويي الحدث فيحترق البطل المقدم على الانتحار من خلال شاشة السينما، بينما يعود ليمرح مع صديقه على خشبة المسرح، وربما أراد عبد الرضا ان يترك بصيصاً من الأمل في النهاية من خلال عودته مرة أخرى بعد غسل آثامه بالندم على ما اقترفه في الماضي، بحيث يصبح ما رأيناه على شاشة السينما ما هو إلا دلالة على هذا الندم بينما يصبح الواقع أكثر إشراقاً عند نزع الاقنعة وبدأ التعرف على الأخطاء حتى يتم تجنبها والندم عليها. الأداء التمثيلي وقد أجاد عبد الرضا في تخطيط حركة ممثلي العرض في خفة وانسيابية وسلاسة، كما وفق كذلك في اختيار الفنان عبدالله أحمد في دور عابر السبيل الذي كشف عن مكامن إبداع فني متدفق، لا يكشف عنه إلا الأعمال المكتوبة بحرفية عالية، مع التزام فرضته طبيعة النص، والفنان أشرف العوضي الذي استعرض مكامن ومخزون طاقاته الإبداعية كممثل مسرحي، متنقلا بين مختلف المشاعر المتناقضة في براعة الفنان صادق الموهبة بخلجاته، ثورته، جنونه، وبراعته في تجسيد الشخصية، وتشخيصها بحرفية بالغة، والفنان فيصل رشيد الذي أجاد تجسيد دوره وحاول الحفاظ على الطبيعة الخاصة والمختلفة للشخصيتين بترابط محكم وتفاعل متوازن من خلال أدائهما الجيد. المصدر جريدة الراية اليوم الأحد تاريخ (15/11/2009م)
  5. مسـرحية ( حسن وفرارة الخير ) مسـرحية ( حلم علي بابا ) مسـرحية ( فصـيلة على طريق الموت ) مسـرحية ( الفئران ) مسـرحية ( شـهداء بلا طبول ) مسـرحية ( فصـد الدم ) مسـرحية ( القدس عروسة المدائن ) مسـرحية ( ياسمين والحصان الطائر ) مسـرحية ( حكـاية الحداد ) مسـرحية ( زوبعه في فنجان ) مسـرحية ( الأقنعـه ) مسـرحية ( ريم والساحر شحتوت ) مسـرحية ( الكـمامة ) مسـرحية ( جـميلة والوحـش ) مسـرحية ( سجـلات رسـمية ) مسـرحية ( عـودة السـاحر شـحتوت ) مسـرحية ( حكـاية شـهرزاد ) مسـرحية ( أحدب نوتردام ) مسـرحية ( الذيب والعـنـزات ) مسـرحية ( هـرقـل ) مســرحية ( المحـارة ملكـة الأزمنـة القـديمة ) اوبريت ( خيمة العز ) اوبريت (مي وغيلان) اوبريت (بر وبحر) مسرحيه ( الشجعان)
  6. مشكور على الخبر وإن شاء الله يكون لنا حظ نشوفه بأعمال قادمة
×
×
  • Create New...