Jump to content
منتدى البحرين اليوم

الصفاء

الاعضاء الفعالين
  • مشاركات

    76
  • انضم

  • الأيام التي فزت بها

    5

الصفاء آخر فوز له في فبراير 17 2015

الصفاء كان المحتوى أكثر أعجابا!

عن الصفاء

Previous Fields

  • الجنس
    انثى
  • البلد
    البحرين
  • من الذي اخبرك عن منتدى البحرين اليوم
    جوجل
  • سنة الميلاد
    1988

الصفاء الانجازات

Newbie

Newbie (1/14)

5

الشهرة

  1. الحمد لله رب العالمين، واسع الفضل والوجود، جزيل العطاء الذي يُعطيه في الدنيا والآخرة بلا حدٍ محدود، سبحانه سبحانه نسأله عز وجل أن يسعنا في الدنيا بفضله وجوده وبره أجمعين، وأن يجعلنا من أهل مقامات السعادات العُظمى يوم الدين، في جوار خير النبيين والمرسلين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يُحب التوابين ويُحب المتطهرين. وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، الرحمة العُظمى لنا وللخلق أجمعين، الحريص علينا والشفوق بنا، والذي وصفه بذاك ربه في كتابه المبين فقال: ? لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ? (128التوبة). اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين، وعلى صحابته المباركين، وعلى كل من اهتدى بهديه ومشى على هديه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم ومنهم أجمعين آمين آمين يا رب العالمين. أيها الأحبة جماعة المؤمنين: تعالوا معاً ننظر إلى قطرة من رحيق عناية الله تعالى بنا جماعة المؤمنين أجمعين، وإلى شفقة وحدب وحرص الرسول صلى الله عليه وسلَّم على أمته، وعلى أهل الإسلام أجمعين: علم الله عز وجل وهو العليم الحكيم أن الدنيا دار ممر، وأن الآخرة هي المقر والمستقر، وكل ما يحتاجه العبد ليكون عزيزاً عند الله، كريماً في الدنيا والآخرة بين خلق الله، أن يكون له منزلةٌ كريمةٌ يخرج عليها من الدنيا عند مولاه تبارك وتعالى. وعلم الله عز وجل عجزنا وقصورنا في هذه الحياة الدنيا، لشواغلها الكثيرة وأحوالها العجيبة، والنفس معنا وقد جُبلت على تسبيط الهمم عند الطاعات، والشيطان يعينها على تحقيق هذه الأشياء، فكان كرم الله عز وجل علينا لا يُحد. قيَّض الله عز وجل لهذه الأمىة الكريمة أن يكونوا عند لقاء الله في أعلى المقامات، وما أعلى المقامات في كتاب الله؟ في قول الله تبارك وتعالى: ? وَمَنْ يُطِعِ الله وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ ? (69النساء). وهم الذين نسأل الله أن نكون منهم في ركعة من ركعات الصلاة، فنقول له ضارعين سائلين: ? اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ? (7) (الفاتحة). من الذين أنعم عليهم الله بالمقام العلي والكرم والجود الإلهي؟ ? فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ الله ? (70) (النساء). أما منزلة النبوة فهذا إصطفاء واختيار واجتباء من الله تبارك وتعالى، ومع ذلك قربنا الله عز وجل بفضله وجوده إلى قرب القرابة منها، فقال حبيبه صلى الله عليه وسلَّم: (من حفظ القرآن بين جنبيه، فكأنما وعى النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يُوحى إليه). يكون في مقام النبيين ما دام حافظاً وعاملاً بكلام رب العالمين عز وجل. أما مقام الصديقين فقد جعلنا الله عز وجل فيه أجمعين، ما دمنا قد صدَّقنا به الله، وبما جاء به رسولنا من عند الله، وبكل ما جاء في كتاب الله: ? وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ? (33الزمر). وأما مقام الشهداء، وما ادراك ما الشهداء؟ لهم عند الله عز وجل ما لا نستطيع حصره من الفضل والخير والتكريم والجزاء، فإن الشهيد عند الله عز وجل يُغفر له عند أول قطرة تنزل من دمه كل ذنبٍ فعله، يُتوَّج يوم القيامة بتاج الوقار، ولا يخشى هماً ولا باساً ولا نصباً يوم الدين، ويُشفَّع في سبعين من أهله كلهم قد استوجب النار، ويدخل الجنة مع الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، ويُنعم في قبره بروضة من رياض الجنة، ويكون من الآمنين يوم الدين: ? أُولَئِكَ لَهُمُ الامْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ? (82الأنعام). هذه الإكرامات وغيرها جعلها الله عز وجل للشهداء، وأعلى الشهداء مقاماً هو الشهيد في سبيل الله، وهم ثلاثة أصنافٍ ذكرهم في حديثه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فقال صلى الله عليه وسلَّم: (من قاتل في سبيل الله فمات فهو شهيد، ومن قاتل دون ماله فمات فهو شهيد، ومن قاتل دون عرضه فمات فهو شهيد). الشهداء هم أصحاب المنازل العالية والدرجات الراقية الذين يجاهدون لإعلاء كلمة الله، يُحاربون الكافرين والمشركين والمناوئين لهذا الدين طلباً لإعلاء شأن دين الإسلام. ومن هُوجم في نفسه فدافع عن نفسه فمات، ومن أراد أحدهم إستلاب عِرضه أو إحدى نسائه، فدافع عنها فمات فهؤلاء هم أعلى الدرجات في الشهادة عند الله. ومع ذلك جعل نبينا صلى الله عليه وسلَّم أغلب من يموت في هذه الأمة من الشهداء، وقال صلى الله عليه وسلَّم مبيناً سعة الفضل الإلهي: (أكثر شهداء أمتي أصحاب الفُرش). أي الذين ماتوا على فراشهم، لا بسفك دمٍ ولا غيره، ولما رأى عجب أصحابه صلوات ربي وتسليماته عليه، قال لهم متسائلاً ليبين لهم: (ما تظنون الشهيد فيكم؟ قالوا: الذي قُتل في سبيل، قال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل، ولكن المبطون شهيد ـ يعني الذي يموت في داءٍ في بطنه أياً كان فهو شهيد عند حضرة الرحمن عز وجل إن مات في دائه ومرضه هذا ـ والغريق شهيد ـ الذي غرق رغماً عنه، وليس الذي يُلقي بنفسه ليغرق لأن هذا منتحر، وهذا تحرم عليه الجنة لأنه إنتهك نفساً حرم الله عز وجل قتلها ولو كانت نفسه التي بين جنبيه. والغريق شهيد، والحريق شهيد، والنفساء شهيدة). والنفساء التي تموت في ولادتها، أو عقب ولادتها مباشرةً فهي شهيدة عند الله. وعد النبي صلى الله عليه وسلَّم في أحاديث أُخرى، جمعها السادة العلماء الأتقياء الأنقياء فوجدوها أكثر من أربعين خُصلة كلها تجعل صاحبها شهيداً عند الله، وإذا قرأناها أو سمعناها فلا يخلو مسلماً في أي زمانٍ أو مكان إلا بخُصلة من هذه الخُصل ليموت شهيداً عند الله تبارك وتعالى فضلاً من الله ومنة والله عزيز حكيم. نشير إلى بعضها في عُجالةٍ سريعةٍ حتى لا نطيل عليكم، فيقول صلى الله عليه وسلَّم: (والغريب شهيد الذي مات بعيداً عن موضع إقامته ـ ولو كان حتى في بلدته ، فهو شهيدٌ عند الله عز وجل ـ والذي رفسته دابة فوقع من فوق دابةٍ فمات فهو شهيد، والذي وقع عليه جدارٌ فمات فهو شهيد، وطالب العلم إذا مات أثناء طلبه لعلم لوجه الله فهو شهيد، والمريض بالحمَّىى إذا مات في مرضه فهو شهيد). عدَّ النبي أنواع الشهداء حتى نعلم علم اليقين فضل الله علينا، وإكرام الله تبارك وتعالى لنا جماعة المسلمين. ولم يكتفي صلوات ربي وتسليماته عليه بذلك بل دلنا على أعمالٍ إذا واظب الرجل منا على عملٍ منها ومات كُتب شهيداً، فقال صلى الله عليه وسلَّم على سبيل المثال: (من قرأ باسم الله الرحمن الرحيم ثلاث ثم قرأ الآيتين في أواخر سورة الحشر: ? هُوَ الله الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ الله الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ الله الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الاسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ? (24) (الحشر). إلى آخرها فمات في يومه مات شهيداً، فإذا قرأها في ليلته إن مات في ليلته مات شهيداً). ودلنا النبي صلى الله عليه وسلَّم على سيد الإستغفار، جعل للإستغفار سيداً وعظيماً ودعانا إلى أن نقوله بعد صلاة الصُبح، وبعد صلاة المغرب وقال فيه صلى الله عليه وسلَّم كما رواه الصحيحين البخاري ومسلم: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت). قال فيه صلى الله عليه وسلَّم عقبه: (من قاله في يومه فمات مات شهيداً وأُدخل الجنة، ومن قاله في ليلته فمات، مات شهيداً وأُدخل الجنة). ما أسهل الحصول على درجة الشهادة، وما أسهل دخول الجنة لمن يوفقه الله عز وجل للعمل بالسنة، واتباع الحبيب المختار فتلك أمورٌ يسيرة لكنها ذات أجورٍ كبيرة. نسأل الله عز وجل أن يوفقنا إليها أجمعين. قال صلى الله عليه وسلَّم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العُليا فهو سبيل الله). أو كما قال: أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة. الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين الذي أكرمنا بالهدى والنور وجعلنا من عباده المؤمنين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يُحق الحق ويُبطل الباطل في قلوب عباده الصادقين، نسأل الله عز وجل أن نكون منهم أجمعين. وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، الشفوق الرحيم بالمؤمنين، والصاحب لكل مؤمنٍ في مسيرة حياته ليدله على ما يُحبه الله ويرضاه، والشفيع الأعظم للجميع يوم لقاء الله. اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الأحبة جماعة المؤمنين: جعل نبيكم صلوات ربي وتسليماته عليه لأمرٍ آخر عظيم، أن يحصل الإنسان به وبشأنه على درجة الشهادة بمجرد التفكير فيه، هذا الأمر العظيم هو صمام الأمن في كل المجتمعات في كل وقتٍ وحين، مالذي يجعل الناس تتجه إلى الله وتخاف الوقوع في معاصي الله، وعمل ما يُغضب الله؟ تذكر لقاء الله وتذكر الموت وأنه لابد يوماً سيخرج من الدنيا للقاء مولاه، وتذكر الآخرة وعلمه بأنه سيُعرض في هذا اليوم وسيراه جميع الخلق وتُعرض أعماله كلها على الجميع، ولا منجاة في ذلك اليوم إلا الحبيب الشفيع صلى الله عليه وسلَّم. فأمرنا معشر المؤمنين أن نضع هذه الفكرة في بالنا على الدوام، فقال صلى الله عليه وسلَّم: (من تذكر الموت في اليوم والليلة عشرين مرة، إن مات طُبع بطابع الشهداء، وكان يوم القيامة في الجنة إن شاء الله رب العالمين). نحتاج دواماً جماعة المؤمنين إلى تذكر هذا الأمر وخاصة أننا نعلم أنه أقرب إلينا من حبل الوريد. ربما يتنفس الإنسان ولا يرجع النفس مرةً أخرى إلى صدره، ويخرج للقاء الله، وربما ينام ولا يستيقظ من نومه، وربما يجلس في مكانٍ ونحركه من فوق الكرسي نجده قد فارق دنيانا ورحل إلى الله: ? وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ? (34لقمان). الموت يقصر الأمل، فيحول العمل إلى العمل الصالح، فإذا سهى الإنسان أو نسي الأجل، طال أمله في الدنيا فوجدته ينافس في حطامها، والدنيا كما قال الإمام عليٍّ رضي الله عنه وكرم الله وجهه: [الدنيا تغرُّ، وتضر وتمر] ـ فينساق في الشبهات أو ينساق في المحرمات، أو ينساق فيما نهت عنه التشريعات، فإذا جاء الموت دخل في قوله صلى الله عليه وسلَّم: (يُبعث المرء على ما مات عليه). المهم حُسن الختام، وحُسن الختام يقتضي من المرء اليقظة على الدوام، وأن يتذكر دائماً أن الدنيا إلى فناء، وأن المستقر عند الله عز وجل في الدار الآخرة في دار الجنة دار الجزاء. نسأل الله عز وجل أن يُثبتنا على الخير والحق والنور حتى نلقاه، ويتوافانا مسلمين ويُلحقنا بالصالحين. ونسأله عز وجل أن يحفظنا من فتن هذه الدنيا، ومن أهوائها وشهواتها وحظوظها، وأن يجنبنا مجالس أهل الغفلة والبطالة فيها، وأن يجعلنا فيها دوماً مع عباده الصادقين المستقيمين. اللهم اجعلنا دوماً فيما تحب وترضى، ووفقنا لكل عملٍ ترضاه، واحفظنا بحفظك من كل المعاصي والفتن ما ظهر منها وما بطن. اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللسملين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات يا أرحم الراحمين. اللهم بارك لنا في بلدنا وارزقنا فيها خيراتٌ كثيرة، وتنزل فيها بنعمٍ وفيرة، حتى تغنينا بما تفيضه علينا عن معونات الأصدقاء والأعداء، ومساعدات الآخرين أجمعين. اللهم اجعل بلدنا بلداً آمناً مطمئناً يرفرف على أهلها السلام والوئام والمحبة على الدوام، وارزق قادتها العمل لخير البلاد والعباد، واجمع عليهم البطانة الصالحة واحفظهم من البطانة السيئة وأهل الشر أجمعين. عباد الله إتقوا الله: ?إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ? (90النحل). من خطب فضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد للمزيد من الخطب الأسبوعية لوزارة الأوقاف فضلاً اضغط على هذا الرابط https://www.fawzyabuzeid.com/خطبة-الجمعة_منزلة-الشهيد-فى-الإسلام/
  2. حين رفض إبليس السجود لأدم لم يكن هناك شيطان فمن وسوس له؟ ===================================== الكِبْر: "أَبَى وَاسْتَكْبَرَ" (34البقرة) أصيب بداء الكبر، أمره الله بالسجود لكنه قال: " أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً" (61يونس) أنا أفضل منه:" أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ" (12الأعراف) فأصيب بداء الكبر لأنه كان يظن أنه لا يشبهه أحد في عبادة الله، وفي طاعة الله في عوالم عالين. مكث حوالي اثنتين وسبعون ألف سنة ليس في السماوات السبع موضع شبر إلا ولإبليس فيه سجدة لله تبارك وتعالى، فاغتر، ومن يغتر ينضر، فورث الكِبر: "أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ" (12الأعراف) آدم لم يفعل شيء وأنا مكثت اثنتين وسبعون ألف سنة في طاعة الله، ونسي أن الذي يخاطبه ويطلب منه هو رب العالمين، فلم يدرك ذلك. من الذي يطلب؟ الله، ولا ينبغي عليه أن يعصى مولاه طرفة عين ولا أقل، ولا يخالف له أمراً. بِمَ مدح الله الملائكة؟ "لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" (6التحريم) ولكنه لما عصى خرج من الملائكة فوراً: "كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ" (50الكهف). هذا هو السبب، أن إبليس أصيب بمرض الكبر، ومرض الكبر من الأمراض الخطيرة التي نسأل الله أن يخلِّصنا منها أجمعين، قال صلى الله عليه وسلم: {لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ} صحيح مسلم والترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي في قلبه مثقال ذرة واحدة من كِبر لن يدخل الجنة، فما بالك بمن امتلأ قلبه بالكِبر كإبليس؟ هذا يخرج فوراً: "اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً" (18الأعراف) من فتاوى فضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد لقراءة المزيد من الفتاوى فضلاً اضغط على هذا الرابط https://www.fawzyabuzeid.com/حين-رفض-إبليس-السجود-لأدم-لم-يكن-هناك-شي/
  3. القيم الإنسانية في سورة الحجرات *************************************** الحمد لله ربِّ العالمين، اختار لنا الإسلام ديناً، والقرآن كتاباً، والكعبة قبلةً، وسيِّدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم نبياً ورسولا. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، أعزَّنا بهذا الدين، ورفع شأننا عنده في الدنيا وجعلنا في الآخرة من عباده المقربين - إن تمسكنا بما أوصانا به، وصرنا دائماً وأبداً نَعِي أننا عباد الله المسلمين. وأشهد أن سيِّدنا محمداً عَبْدُ الله ورسوله، اختاره الله عزَّ وجلّ على حين فترةٍ من الرسل، وقضى به على الجاهلية، وأزال به وبشريعته الشِّركَ والوثنية، وأحيا به هذه الأمة حياة تقيَّة نقيَّة، صاروا فيها في الحقِّ سواء، وجعلهم الله عزَّ وجلّ إخوةً متآلفين متكاتفين، يسعون إلى الخير وإلى العمل الصالح في الدنيا ليفوزوا بالسعادة الأبدية يوم الدين. اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيِّدنا محمدٍ، الذي جعلته ختام الأنبياء والمرسلين، وجعلت شريعته وكتابه مُهيمِنَيْن على ما جاء به النبيِّون والمرسلون، وجعلته إماماً للناس جميعاً يوم الدين وشفيعاً للخلق أجمعين. صلِّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وكلِّ من اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وعلينا معهم أجمعين، آمين .. آمين، يا ربَّ العالمين. إخواني جماعة المؤمنين: ذكر لنا الله تعالى آياتٍ من كتاب الله عزَّ وجلّ في سورة الحجرات، وهي سورة الآداب الإلهية التي أوصى الله بها عزَّ وجلّ المؤمنين، ليسعدوا في حياتهم الدنيوية، وتصير مجتمعاتهم مجتمعات تقيَّة نقيَّة، لا فيها غلٌّ ولا حقدٌ ولا حسدٌ، ولا شيء مما يُغضب الله، أو أمرٌ تُنتهك به شريعة الله. ووالله - يا إخواني - لو عملنا بهذه السورة لسعدنا في دنيانا أجمعين، وكنَّا في يوم القيامة إن شاء الله من الفائزين. وأكتفي بحقيقة واحدة في صدر آية قرَّرها الله عزَّ وجلّ في هذه السورة، وألزم بها المؤمنين – السابقين، والمعاصرين، واللاحقين - في أى بلدٍ أو أى مجتمعٍ من المجتمعات، عليهم أن يطبقوا هذه الحقيقة في كل أوضاعهم وفي كل حالاتهم، ماذا قال الله لنا؟ "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" (10الحجرات). كلُّ المؤمنين، كلُّ مَنْ قال: (لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله)، في أى موضعٍ في الدنيا، في أى مكانٍ في الأرض، فهو أخٌ لنا، له حقُّ الأخوة الإيمانية في أعماقنا، وإن لم نَقُمْ بهذا الحقِّ حاسبنا عليه يوم القيامة ربُّنا عزَّ وجلّ. ما هذا الحق الذي علينا لإخواننا المؤمنين؟ يوضِّح النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم في سُنَّته بعض هذه الحقوق فيقول صلوات ربي وتسليماته عليه: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يُسْلِمُه، ولا يحقره، بحسب أمرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه). (رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه) صلوات ربي وتسليماته على هذا النبيِّ الذي لا ينطق عن الهوى، "إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" (4النجم). سمع أصحاب النبيِّ هذه الآيات وإلى تفسيرها من كلام خاتم الأنبياء والمرسلين، فألغوا العصبية الجاهلية، ولم يَعُدْ الواحد منهم يهتم - أول ما يهتم - بالعصبية إلى قبيلته، أو إلى أسرته، أو إلى بلدته، أو إلى دولته، وإنما كانت العصبية لله، ولدين االله، ولكتاب الله، ولكل المؤمنين بالله عزَّ وجلّ. تعالوا معي إلى واقعة من وقائع المسلمين وهي غزوة بدر: كان من جيش المسلمين في هذه الواقعة مصعب بن عُمير رضي الله عنه، وبعد انتهاء الواقعة مرَّ ليتفقَّد الجيش فوجد أخاه لأمه وأبيه - وكان مشركاً - أسيراً مع نفرٍ من المسلمين، فناداه: يا مصعب استوصي بي خيراً، فالتفت إلى المسلميْن اللذين أسراه وقال لهما: استوصوا بأسيركما خيراً ولا تُفرِّطا فيه، فإن أمَّهُ غنيّة وستفديه بمالٍ كثير. فقال له أخوه لأمه وأبيه معاتباً: أهذه وصيتك بأخيك؟ قال: لستَ أخي، وإنما هؤلاء أخوتى، والإسلام فرَّق بيننا. بعد أخوة الإسلام لا أخوُّة بينهم وخاصَّة بعدما سمعوا الحبيب صلى الله عليه وسلَّم يقول: (أدخل الإسلام بلالاً - وهو الحبشي - في نَسَبِي، وأخرج الكُفرُ أبا لهبٍ - وهو عمُّه - مِنْ نَسَبِي). فنسب الإسلام هو الذي يحرص عليه المسلم على الدوام، لأنه النسب الذي ارتضاه لنا الواحد الملك العلام عزَّ وجلّ. والحقيقة الثانية في هذا الأمر: كيف نُبجِّل المسلمين؟ ومن الذي يستحق منهم التكريم؟ ومن الذي ينبغي له التبجيل؟ عملوا بقول الله: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ" (13الحجرات) .. التقوى!! ولما كانت التقوى في القلوب، ولا يطلع عليها إلا حضرة علام الغيوب، فأصبح هذا الأمر غير مطروحٍ بالمرَّة، لأنهم كانوا كلُّ رجُلٍ منهم يعتقد تمام الإعتقاد أن إخوته المؤمنين جميعا خيرٌ منه عند الله عزَّ وجلّ، وخاصَّة بعد قول الحبيب صلى الله عليه وسلَّم: (لا فرق بين أحمر ولا أسود ولا أبيض ولا أعجمي ولا عربي، إلا بتقوى الله والعمل الصالح). (رواه أحمد عن جابر بن عبدالله) وكان جالساً صلى الله عليه وسلَّم في ملإٍ من أصحابه، ومرَّ بهم رجُلٌ تبدو عليه الأبَّهة والوَجَاهة، لأنه من الأثرياء في الدنيا، فقال صلى الله عليه وسلَّم لمن حوله: (ما رأيكم في هذا - وأشار إليه؟ قالوا: هذا حرىٌّ إن خَطَبَ أنْ يُنكح، وإنْ استأذن على الأمراء يُؤذَنُ له، وإنْ تكلَّم يُسمع له. فسكت صلى الله عليه وسلَّم. ومرَّ عليهم بعده رَجُلٌ في ثيابٍ خَلِقَة، لا يبدو عليه إلاَّ الرثاثة، فنظر إليه النبيُّ وقال لمن حوله: وما رأيكم في هذا؟ قالوا: هذا حرىٌّ إن خَطَبَ ألا يُنكح، وإن إستأّذن على الأمراء لايُوذن له، وإن تكلَّم لا يُنصت له. فقال صلى الله عليه وسلَّم: هذا عند الله عزَّ وجلّ - وأشار إلى الأخير - خيرٌ وأعظم من ملء الأرض من مثل هذا - وأشار إلى الغني). (البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه) "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ" (13الحجرات)، فوضعوا أخوة الإسلام هي الأخوة الدائمة لأنها هي الأخوة الباقية في الدنيا والآخرة، وقاموا لهذه الأخوة بحُرماتها وحقوقها وواجباتها لله طلباً لمرضاة الله. انظر يا أخي إلى ما نحن فيه وما كانوا عليه!!! نرى الأخ من الأب والأم يهجر أخاه، وربما يشكوه في المحاكم، ويقاطع أولاده من أجل ميراثٍ فاني، قطعة أرضٍ أو بضع جنيهاتٍ ورثاها سوياً عن الأبوين!!! بينما نجد الأخوة في الله، يأتي الرجل من بلدة بعيدة، ومن ديارٍ بعيدة، لا علاقة له به، ويدخل المدينة مُسْلِماً، فيذهب الأنصار إلى حضرة النبيِّ، كلُّهم يَوَدُّ أن يستضيف ضيفَ النَّبِيِّ ويُؤآخيه!! لا يُضيِّفه ليلة أو بضع ليالي ويتركه، وإنما يؤآخيه!! حتى قيل في الروايات: أنَّ الرجل كان يجتمع عليه خمسون رجلاً من الأنصار، كلُّ واحدٍ منهم يُريد أن يفوز به. فكان النبي صلى الله عليه وسلَّم لمَّا يجدُ ذلك يُجري القرعة بينهم، ومن تقع عليه القرعة يفرح كأنه فاز بجائزة عظيمة لأنه فاز بأخٍ في الله!! يأخذه ويصير له أخاً في الدنيا والآخرة، ويأخذه إلى بيته ويقول له: (هذا مالي ويقسِّمه ويقول له: اختر أيهما شئت، وهذا بيتي ويقسِّمه نصفين ويقول له: اختر ماشئت، وإن كان غير متزوجٍ - وله زوجتان - يقول: انظر إليهما، فأيهما أعجبتك أطلِّقها، وبعد انتهاء عدَّتها تتزوجها). ما هذا الذي حدث؟ بحبوحة الإيمان!! انشراح الصدور للإسلام!! إمتلاء القلوب بنور حضرة الرحمن!!! الإيمان الذي يقول فيه ربُّ العزِّة عزَّ وجلّ: "مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا" (52الشورى). هذا النور الإيماني جعل هذه الوسعة في الصدور، فكانوا فيما بينهم لا غلَّ ولا حقد ولا حسد، ولا شُحَّ ولا طمع، ولا كلمة نابية، ولا عبارة جافية، ولا خصومة ولا مشاجرات ولا مشاحنات!!! انطبق عليهم قول الله - والذي نرجوا أن يعُمَّنا أيضاً في هذه الدنيا إن شاء الله - عن أهل الإيمان الذي ينبغي أن يكونوا عليه في كل زمان ومكان: "وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ" (47إبراهيم). تولَّى سيدنا أبو بكر - بعد انتقال الحبيب صلى الله عليه وسلَّم إلى الرفيق الأعلى - الخلافة، وعَيَّنَ قاضياً واحداً لدولة الإسلام، وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والمحكمة في المسجد، وليس معه حُجَّاب ولا سكرتارية، ولا هناك محامون يدافعون، والراتب كان يُصرف من بيت مال المسلمين كل سَنَة - وأنتم تعلمون جميعاً أننا كنَّا نصنع المثالية في العصور الماضية لمن يقومون بأعمال خيرية لنا في مساجدنا أو في مقابرنا أو غيره - ومرَّ عام، واستدعى الخليفة القاضي ليُعطيه أجره عن العام الذي عمل فيه، فقال القاضي رضي الله عنه: لا حقَّ لي في هذا المال. قال: ولِم؟ قال: لأنني في هذا العام لَمْ تُعرض علىَّ قضية واحدة. فأراد أن يُبيِّن السبب لمن حوله فقال: ولِم؟!! فقال: إن قوماً آمنوا بربِّهم، وتابعوا نبيَّهم، وجعلوا كلامَ الله وكتابَ الله حَكَمَاً بينهم، لا يحتاجون إلى قاضٍ يحكم بينهم. ألم يكن بينهم مزوُّرين؟ ألم يكن بينهم كذَّابين؟ ألم يكن بينهم أفَّاكين؟ ألم يكن بينهم مُدلِّسين؟ ألم يكن بينهم ظالمين؟ لم يكن ذلك!! لأنه من كان فيه خصلة من هذه الخصال فقد خرج من دائرة المسلمين. يقول النبي صلى الله عليه وسلَّم في المسلم - لنعرف مَنْ هو المسلم: (المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ). (البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما) لا يؤذي بلسانه مسلماً قطّ!! إن كان بسبٍّ أو شتمٍ أو لعن أو كذبٍ أو تشنيعٍ. ولا يؤذي بيده إن كان بسرقة أو قتلٍ بسلاح أبيض أو غيره. لا يؤذي مسلماً قطّ لأن المسلمين إخوة، فكيف يؤذي إخوته المؤمنين؟ إذا فعل ذلك فقد خرج من دائرة الإسلام عندما يفعل ذلك ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلَّم عندما كان في حجِّة الوداع، خطب حوالي عشر خُطب، مرَّةً بجوار الكعبة، ومرَّةً على عرفات، ومرات في منى، وفي كلِّ خطبة يُكرِّر قولاً واحداً في جميع هذه الخطب: (كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ).( رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه) إذن مَنْ يَسْتَحِلّ دمَ مسلمٍ ليس بمسلمٍ، مَنْ يَسْتَحِل عِرْضَ مسلمٍ ليس بمسلمٍ، مَنْ يَسْتَحِل مالَ مسلم بغير حقٍّ ليس بمسلم. هؤلاء خرجوا من دائرة الإسلام، وإن كانوا يؤدون العبادات، ويكثرون من الطاعات!! إلاَّ أنهم غُرِّر بهم وخرجوا من دائرة الدين الحنيف، لأن: (المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ). انظر إلى أدب الأولين!! حدث خلافٌ بين رجلين من رجال الصحابة - وهما سيدنا خالد بن الوليد وسيدنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما - والمنافقون موجودون في كل زمان، وإن كانوا في عصرهم قلِّة وفي عصرنا زادوا كثرة، فذهب أحد المنافقين إلى خالد وقال: أما سمعت ما قاله عنك عبد الرحمن؟ قال له: وماذا قال؟ قال: قال كذا وكذا وكذا، قال: لا، إن ما بيننا لم يصل إلى ما ذَكَرْتَ. (يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا) - ولكن لا فجور في الخصومة، فلا يتقوَّل على أخيه، ولا يُشنِّع على أخيه، ولا يحاول أن يُبرَّر فعله وينسب ذلك إلى أخيه، وإنما الأدب التام الذي علمَّه لهم الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام. بل إن المنافقين عندما يريدون أن يفرِّقوا بينهم لا يستطيعون، لأن لهم من نور الإيمان دليلٌ وبرهان يكشف كذب أهل الزور وأهل البهتان. ذهب رجلٌ إلى أبي بكرٍ رضي الله عنه في قضية، وبعد أن عرضها عليه حَكَمَ له بِحُكْمٍ، وبعد انصرافه من أمام أبي بكر قابله عمر - وهو القاضي – فسأله: ما كنتَ تصنع؟ فقصَّ عليه القضية، فقال: لا، الحكم فيها كذا وكذا. فدخل الرجل - ليصنع فتنة - وقال لأبي بكر: أيكم الخليفة؟ أنت أم عمر؟ قال: أنا الخليفة، واعمل بما أمرك به عمر. سبحان الله!! رجالٌ صدقوا، وَصَفَهُم حبيبُ الله ومصطفاه حيث قال في شأنهم: (عُلَمَاءٌ، حُكَمَاءٌ، فُقَهَاءٌ، كَادُوا مِنْ فِقْهِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ). (أبو نعيم في معرفة الصحابة والحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق".) كان فيما بينهم الحكمة البالغة، والمودَّة التامة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلَّم في شأنهم: (إن من أمتي رجالٌ ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيُّون والشهداء لمكانتهم وقُربهم من الله عزَّ وجلّ يوم القيامة. فقال أعرابي: يا رسول الله، رجالٌ ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيُّون والشهداء!! صِفْهُمْ لنا. قال: هم أناسٌ من أمتي، من قبائل شتى، وبُلدان شتَّى، توادُّوا بِرُوحِ الله على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها فيما بينهم، فواللهِ إنَّ وجوهَهُم لنُور، وإنَّهم لعَلَى مَنَابِر من نُورٍ قدَّام عرش الرحمن يوم القيامة، يفزع الناس ولا يفزعون، ويخاف الناس وهم الآمنون. ثم تلى قول الله عزَّ وجلّ: "أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الاخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (62: 64يونس).( أبو داود عن عمر رضي الله عنه) وقال صلى الله عليه وسلَّم: (التائب حبيب الرحمن والتائب من الذنب كمن لا ذنب له) ، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة. الخطبة الثانية: الحمد لله ربِّ العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا الهُدى، وشرح صدورنا للإيمان وجعلنا من عباده المسلمين، ونسأله عزَّ وجلّ أن يُحيينا على الهُدى والتُقى والعفاف والغنى، حتى يتوفانا مسلمين ويُلحقنا بالصَّالحين. وأشهد إله إلا الله وحده لا شريك، يُحقُّ الحقَّ ويُبطل الباطل ولو كره المجرمون. وأشهد أن سيدنا محمداً عَبْدُ الله ورسولُه، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، وتركنا على الملِّة السمحاء والمحجَّة البيضاء، ليلُها كنهارها، لا يزيغ عنها بعده إلا هالك. اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وارزقنا هُداه، ووفقنا للعمل بشريعته واتباع سنته يا الله، واجعلنا ممن يُحشر تحت لوائه يوم الدين، ويفوز بجواره في جنة النعيم، آمين .. آمين، يا ربَّ العالمين. "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" (10الحجرات). أَمَرَ الله كلَّ مؤمنٍ أن يسعى - من نفسه بدون طلب ولا استدعاء - للصُلح بين أىِّ مُسْلِمَيْنِ اختلفا قريباً منه، أو علم أمرهما ويستطيع أن يَفْصِلَ بينهما، وإن قصَّر في ذلك يحاسبه الله عزَّ وجل عزَّ وجلّ على ذلك. لِمَ رأيت أخويك فلاناً وفلانا - وأخويك في الإسلام، ولا أقصد في العائلة فقط - يختصمان ولَمْ تتدخَّل لإزالة ما بينهما من شحناء، ألا تعلم أنك لو أصلحت بين مُسْلِمَيْنِ كان خيراً لك من كل العبادات النفلية التي تُوجب محبَّة ربِّ البرية؟!! كان خيراً لك من قيام الليل، ومن صيام النهار، ومن تلاوة القرآن، ومن أعمال الخير والبرِّ، لأنك أصلحتَ بين نَفْسَين مسلميْن كما طلب الرحمن عزَّ وجلّ في القرآن، ولذلك قال صلى الله عليه وسلَّم مُقرِّراً هذه الحقيقة: (ألا أدلُكم على ما هو خيرٌ لكم من الصلاة – أى: النافلة – والصيام – أى: النوافل - والصدقة والحج؟ – أى: النوافل، قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: إصلاح ذات البين). (الترمذي وأبو داود من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه) لأن تقضي بضع ساعة في إصلاح رجلين خيرٌ لك من قيام هذه الليلة من العشاء إلى الفجر في ركوعٍ وسجودٍ لله عزَّ وجلّ، لأن الركوع والسجود لك - وربما لا تحضر فيهما النفس، وربما لا يخشع فيهما القلب، وربما يُصاب بهما الإنسان بداء الغرور، وربما يظُن أنه خيرٌ من غيره فيُحبط عمله - لكن هذا عملٌ إجتباه الله ورضاه. لأن تقضي بضع دقائق في إصلاح مُسْلِمَيْنِ في النهار خيرٌ من صيام النهار أبد الدهر، لنسارع في هذه القضية التي قلَّ ونَدُرَ في عصرنا من يقوم بها الآن، منهم من يقول: لمْ يستدعِني أحدٌ لها، نقول له: ألا تعلم؟ يقول: أعلم، ولكن لم يَدْعُني أحدٌ للصُلح، ومنهم من يقول: حتى يضع كل واحدٌ شيكاً بمبلغ كذا وكذا من الجنيهات على المنضدة، ويتمُّ الحكم بينهما، ومنهم من يقول كذا وكذا. لكن النبوة لم تشترط ذلك!! وأصحاب النبيِّ لم يفعلوا ذلك!! بل كان كل واحد منهم يسارع مِنْ قِبَلِ نفسه في الإصلاح بين المؤمنين. قد يقول قائل: إنِّي رجل في نظري وفي نظر غيري ضعيف، وماذا يصنع الضعيف والفتنة بين طائفتين أقوياء؟ أقول له: خُذْ قول الله عزَّ وجلّ: "إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ الله بَيْنَهُمَا" (35النساء). لو أردت الإصلاح - بصدقٍ ويقين - فإن الله سيمدُّك بمدده، ويُعينك بعونه، وتستطيع أن تقضي على هذه الفتنة مع أنك في نظر الناس ضعيف!! تأييداً لقول الله الذي أنزله في كتاب الله عزَّ وجلّ. علىَّ أن أسعى، وإذا رفض أحد الطرفين أحذِّره بقول النَّبِيِّ الأمين، قال صلى الله عليه وسلَّم: (مَنْ جاءه أخوه متنصِّلاً - أي معتذراً - فَلْيَقْبَلْ منه مُحقًّا كان أو مُبطلاً، فإن لم يقبلْ لا يَرد علىَّ الحوض). (الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة رضي الله عنه) الذي يأتيه أخوه أو يُرسل إليه يريد صلحه ويرفض، لا يرد الحوض على رسول الله. إذا كان الله جلَّ في عُلاه مهما يرتكب المرء من خطايا على ظهر الأرض إذا قال: تُبتُ يا ربِّ، يقول: وأنا قبلت، ويقول للسماوات وللملائكة عُمَّار السماوات فيم معناه: (بُشرى يا ملائكتي، فقد اصطلح عبدي معي، افتحوا أبواب السماوات لقبول توبته، ولدخول أنفاس حضرته، فَلَنَفَسُ العبد التائب عندي يا ملائكتي أعزُّ من السماوات والأراضين ومن فيهن). ربُّ العزِّة عزَّ وجلّ يأتيه الظالم - الذي لا حدَّ لما ارتكب من المظالم - ويقول: تُبتُ، فيقول الله: وأنا قبلت، فلِمَ لا تكون أنت يا أخي على أخلاق الله؟!!! إن الله كريم عفُوٌّ يُحب العفو، فلماذا لا تعفو لتنال عَفْوَ الله في الآخرة إن شاء الله؟ لماذا لا تغفر لتنال غُفران الله جلَّ في عُلاه؟ لماذا لا تكون على أخلاق حبيب الله ومصطفاه؟ وقد أمرك الله أن تتأسى به وتمشي على هُداه، وقال له في كتاب الله: "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" (199الأعراف). قد تكبِّر النفس والشيطان والناس من حولي الأمر في نفسي ويقولون: أنت لو تنازلت وتصالحت مع فلانٍ ستسقط مكانتك، وستنزل درجتك، وستكون ذلِّة لك. أقول لهم: لا، لقد قال صلى الله عليه وسلَّم: (مازاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزِّاً) (رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.) لا يعفو الإنسان إلا وزاده الله من عَزِّه، لأنه تخلَّق بأخلاق الله وقد قال صلى الله عليه وسلَّم: (إن الله يحب من خلقه من كان على خلقه). ولذلك يا إخواني اعلموا علم اليقين أن الأرزاق والبركات تنزل من السماء على المؤمنين إذا سارعوا فيما قلناه، وفي تحقيق ما أمرنا به ربُّ العالمين. إذا نسي المسلمون هذا وتركوا المسلمين - هذا يحُطُّ على ذاك، وهذا يخاصم ذاك، وهذا يرفع الشكايات الكيدية على ذاك، وهذا يُهدِّد بأعمالٍ عُدوانية ذاك - كما نرى الآن - ارتفعت عنا عناية السماء، وحُرِمْنَا البركات في الأرزاق، وكنا - كما نرى جميعاً - في همٍّ وغمٍّ ونكدٍ على الدوام، بسبب حالنا الذي أصبح لا يُرضي الملك العلام عزَّ وجلّ. فعلينا جماعة المؤمنين أن نصلح أحوالنا حتى تكون بلادنا طيبة، "وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ" (58الأعراف). ولو أنا أصلحنا أحوالنا لانطبق علينا قرآن ربِّنا: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ" (96الأعراف) خطبة جمعة لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد لقراءة وتحميل الخطب الاسبوعية لوزارة الأوقاف فضلاً اضغط على هذا الرابط https://www.fawzyabuzeid.com/القيم-الإنسانية-في-سورة-الحجرات/
  4. الشيخ أحمد الرفاعي (رضي الله عنه) بداية أنوه أن الذي يوجد في مصر هو من ذرية سيدي أحمد الرفاعي وليس هو بذاته، واسمه سيدي علي، وصفته وكنيته أبو شباك، لكن سيدي أحمد الرفاعي (رضي الله عنه وأرضاه) ولد وعاش ودفن في قرية أم عبيدة التابعة لإقليم واسط بجنوب العراق، وكان ذلك في بداية القرن السادس الهجري، والرفاعي نسبة إلى أحد أجداده وكان اسمه رفاع، فنُسب إليه. سنتناول نبذة بسيطة عن حياته، وعن سلوكه في طريق الله (عزوجل)، وعن منهجه في الوصول إلى الله، وعن منهجه في تربية المريدين التربية الإلهية النبوية الحقة. كان هو ينتسب من جهة أبيه إلى سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه، وأمه تنتسب إلى سيدنا الحسن رضي الله عنه، وهذا سبب من الأسباب التي قيلت في تسميته أبو العَلَمين لأنه ينتسب إلى: العَلَم الأول سيدنا الحسن. والعَلَم الثاني سيدنا الحسين. وقيل قولاً آخر في سر هذه التسمية، لأنه جمع الشريعة والحقيقة، فسمي أبو العِلْمين، وأطلق عليه مجازاً أبو العَلَمين... عالم الشريعة وعالم الحقيقة. وكان خاله أخو أمه من كبار العارفين المشهورين في بلاد العراق يسمى الشيخ منصور الباز البطائحي، والبطائحي نسبة إلى البطائح وهي الأماكن الجبلية المجاورة للقرى والمدن، والتي كان يذهب إليها العابدون والمجاهدون في الله لبعدها عن مظاهر الدنيا والشهوات والحظوظ والأهواء. لتكملة الموضوع فضلاً ادخل على هذا الرابط https://www.fawzyabuzeid.com/%d9%86%d8%a8%d8%b0%d9%87-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d8%b1%d9%81-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b3%d9%8a%d8%af%d9%8a-%d8%a3%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%81%d8%a7%d8%b9%d9%8a/ ----------------------------------------- سلسلة الفائزين في سير الأولياء والصالحين لفضيلة الشيخ فوزى محمد أبو زيد
  5. الشيخ أحمد الرفاعي (رضي الله عنه) بداية أنوه أن الذي يوجد في مصر هو من ذرية سيدي أحمد الرفاعي وليس هو بذاته، واسمه سيدي علي، وصفته وكنيته أبو شباك، لكن سيدي أحمد الرفاعي (رضي الله عنه وأرضاه) ولد وعاش ودفن في قرية أم عبيدة التابعة لإقليم واسط بجنوب العراق، وكان ذلك في بداية القرن السادس الهجري، والرفاعي نسبة إلى أحد أجداده وكان اسمه رفاع، فنُسب إليه. سنتناول نبذة بسيطة عن حياته، وعن سلوكه في طريق الله (عزوجل)، وعن منهجه في الوصول إلى الله، وعن منهجه في تربية المريدين التربية الإلهية النبوية الحقة. كان هو ينتسب من جهة أبيه إلى سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه، وأمه تنتسب إلى سيدنا الحسن رضي الله عنه، وهذا سبب من الأسباب التي قيلت في تسميته أبو العَلَمين لأنه ينتسب إلى: العَلَم الأول سيدنا الحسن. والعَلَم الثاني سيدنا الحسين. وقيل قولاً آخر في سر هذه التسمية، لأنه جمع الشريعة والحقيقة، فسمي أبو العِلْمين، وأطلق عليه مجازاً أبو العَلَمين... عالم الشريعة وعالم الحقيقة. وكان خاله أخو أمه من كبار العارفين المشهورين في بلاد العراق يسمى الشيخ منصور الباز البطائحي، والبطائحي نسبة إلى البطائح وهي الأماكن الجبلية المجاورة للقرى والمدن، والتي كان يذهب إليها العابدون والمجاهدون في الله لبعدها عن مظاهر الدنيا والشهوات والحظوظ والأهواء. لتكملة الموضوع فضلاً ادخل على هذا الرابط https://www.fawzyabuzeid.com/%d9%86%d8%a8%d8%b0%d9%87-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d8%b1%d9%81-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b3%d9%8a%d8%af%d9%8a-%d8%a3%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%81%d8%a7%d8%b9%d9%8a/ ----------------------------------------- سلسلة الفائزين في سير الأولياء والصالحين لفضيلة الشيخ فوزى محمد أبو زيد
  6. قصة الإسراء والمعراج: هي قصة الوصول إلى الله، و قصه معرفة الله، وقصة إشراق الأنوار وظهور الأسرار بقلب اتصل بنور الله وهي قصة الخروج من الظلمات إلي النور، وأيضاَ قصة المسافرين الذين يسافرون - ليس من بلادهم أو محافظاتهم - و لكن يسافرون من أنفسهم وحظوظهم وشهواتهم وأهوائهم؛ إلى ربهم عز وجل فكأنهم يقولون ما قاله الإمام أبو العزائم رضي الله عنه: منى أسافر لا من كوني الداني أفردت ربي لا حورٍ و ولدان أي أسافر من نفسي وليس ممن حولي، فالسفر الحقيقي إلى الله كيف يبدأ؟، وكيف ينتهي؟، وما مكاشفاته؟، وأنواره؟، وتجلياته؟ كل هذا موجود في قصة الإسراء و المعراج، بل إن شئت قلت : كل هذا موجود في آية واحدة من كتاب الله عز وجل: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } الإسراء1 كل شئ موجود في هذه الآية، من بداية القصة إلي نهايتها فالإنسان منا يكون نائماَ - في بداية شأنه - عن الواجب عليه نحو مولاه، ولكنه يقظ لمطالب جسمه ونفسه، وشهواته، نائماً عن المطلب العالي للروح والروح ليس لها مطلب منَّا، إلا مطلب واحد: أن تصلهـا بمبدعها ومنشئها عز وجل. فهي لا تريد أكلاَ، ولا شرباَ، ولا لفَّـاً، ولا دورانـاً بل كل ما تريده مطلبٌ واحدٌ: أن تحظي بالفضل و الرضوان في معيَّة الحنَّـان المنَّـان عز وجل. وفي ذلك يقول الإمام أبو العزائم رضي الله عنه: تحنُّ الروح للعليا و تهوى منازل أنسها بعد البيان وعند شرابها للراح صرفا تمزّق حجب أعراض الكيان فالروح تحنُّ للمطالب العليا من الأنوار والأذكار والأسرار والفتوحات والمكاشفات، ولا تحن لأكل ولا شرب ولا نكاح، فهي لا تحنُّ إلا لجمال الله أو أي شئ يتصل بكمال الله، لأنها منبع الكمالات فيك. لكن النفس لأن صفتها النقص دائماَ، ترسلك إلي ما يشابهها. فلما يتحقق مطلوب الروح ويأذن الله بالفتوح، يرسل الله رسول الإلهام، ورسول الإلهام هذا ملك، فكل شخص معه ملك يرشـده ويوجِّهه ويلهمه ومعه شيطانٌ يزيِّن له ويوسوس له. ولما يأذن الله بالقرب للعبد: قد يكون نائماَ في أودية الدنيا، سواء كان محجوراَ عليه من النفس حجرته في الملذات والشهوات والحظوظ، فهذا يكون مثل النائم في السجن، أو نائماَ في الطمأنينة وراحة البال ونعيم الدنيا، ونسى الآخرة ومطالب الروح ومطالب الله فيأتي ملك الإلهام ويوقظه، ويقول له: قم يا نائم من نومة الغفلة، أو رقدة الجهالة، فقد هُيّئت لك الغنائم الإلهية من الإسراء، والفتوحات والمكاشفات والملاطفات. لتكملة باقي الموضوع اقرأ كتاب إشراقات الإسراء الجزء الأول لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد لقراءة الكتاب كاملاً أو تحميله مجاناً فضلاً اضغط على الرابط http://www.fawzyabuzeid.com/الإسراء-والمعراج-قصة-الوصول-إلى-الله/
  7. إختلف السادة العلماء المعاصرون من كونه عيداً، لأنه ليس عيداً، فعندنا فى الإسلام عيدان إثنان: عيد الفطر وعيد الأضحى، أما بعد ذلك نسميه يوماً ـ يعنى: يوم الأم، أو يوم كذا، أو يوم كذا، لكن لنا عيدان الذي شرعهما لنا الله ـ والأعياد لابد وأن يشرِّعها الله عزَّ وجلَّ. النبى صلى الله عليه وسلَّم عندما هاجر إلى المدينة وجد لأهلها عيدين، فقال صلى الله عليه وسلَّم: (قد أبدلكم الله بهما يومان: عيد الفطر وعيد الأضحى)[1]. فماذا نسميه بعد ذلك؟ يوم الأم، أو يوم الأسرة - وهذا ما وصلوا إليه فى نهاية الأمر وأسموه بيوم الأسرة إختلف السادة العلماء المعاصرون فى الإحتفاء بهذا اليوم بالكيفية العصرية التى نحن فيها، لأن المسلم الحق ينبغى أن يحتفى بأبويه مدى الحياة - وليس يوماً فقط فى السنة - ولكن مدى الحياة، فمثلاً: هل آتى لأمى بهدية فى هذا اليوم؟ إذا كان النبى صلى الله عليه وسلم يقول لى: (أنت ومالك لأبيك)[2]. فالمفروض أن أُلبِّى طلباتهما طوال عمرى مادام هذا فى استطاعتى، ومادام ما تطلبه أمى أمرٌ فيه خيرٌ أو فيه معروف، ولا تطلب مني شيئاً يشق علىَّ أو شيئاً يغضب الله عزَّ وجلَّ. فالشيخ جاد الحق رحمة الله عليه شيخ الأزهر الأسبق - ونحسبه من الأئمة الورعين - رأى أن الإحتفال بهذا اليوم لا يجوز، وذكر الأسباب، وما الأسباب؟ قال: إن الذى ليس له أمٌّ نُصيبه بالحزن والغم فى هذا اليوم، وخاصة بالنسبة للصغار فى المدارس - ففي المدارس كل واحد يأتي بهدية لأمه – وهو ليس له أم فيشعر بالغُبن. وثانياً: قال إن هذا الأمر يُوجد تفرقة، فواحد يستطيع أن يأتي لأمه بهدية حسِّية، وجائز واحد هى تعيش معه ويقوم بجميع مصالحها فلم يشترِ لها هدية مادام يقوم بمصالحها كلها، والذى يأتي من الإسكندرية أو من القاهرة حتى يأتيها بهدية في هذا اليوم، وهو الذي هنا وهو الذي هناك، فالأغلى عندها هو من يأتيها بالهدية، أما من يقيم معها فتقول لا يفعل لى شيئاً، مع أنه هو الذي يقوم بمصالحها!!، فالذى أوجد هذه التفرقة هذا الوضع الذى عملناه. وأيده عليه فى هذا الرأى الشيخ الشعراوى رحمة الله عليه فقال: أن عيد الأم يكون طوال العام، وليس يوماً بعينه فقط فى السنة، أو لحظة فى السنة، ولكن طوال السنة كل يوم فى الصباح أسلِّم عليها وأقبِّل يديها، وكذلك والدى - وأساله ما يحتاجه وما طلباته وأسارع فى تلبيتها. ودار الإفتاء - لتلاشى هذه الأمور العصرية، ولجمع الشمل، وتجنباً للخلافات والتى زادت عن الحد - فالمفتى السابق الشيخ على جمعة والمفتى الحالى ودار الإفتاء قالوا: إنه لا مانع من الإحتفال، لأنه لا يوجد مانع شرعى. ولكن المشكلة فى الكيفية، فيريدون الكيفية التى لا تكسِر القلوب، والتى لا تؤدى إلى تفرقة بين النفوس، والتى تجعل الناس كلَّهم راضين مرضيين. وأنا أرى أن خير هدية يقدمها الإبن لأمه أو لأبيه التى وصفها لنا الله: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) (24الإسراء). يخفض لهما جناح الذل من الرحمة، يعنى: الإبن - ولو كان حتى رئيس جمهورية - عندما يذهب لأمه يعيش معها كالطفل الصغير الذى كان عنده خمس سنوات، ولا يرى نفسه كبيراً، ولا يفرض عليها رأيه، ولا يرفع عليها صوته، لا ... بين يدى الأم والأب يرجع لهذا الأمر. يريد أن يطلب منهما شيئاً فيكون بالأدب واللطف، فمثلا يقول: من فضلك، أو بعد إذنك، ويكون الكلام بصوتٍ خافت. إياك ثم إياك أن ترفع صوتك على أمك أو أبيك، ولا يكون ذلك فى حضور أحد وخاصة إذا كان الواحد متزوجاً، وإياك أن تجرح مشاعرها أمام الزوجة لأن ذلك إساءة بالغة لا تنساها، فإياك أن تجرح مشاعرها، والكلام كله معهما يكون كما قال الله: (وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا) (23الإسراء). وعليكم أن تفهموها!!!، أن الكلام اللطيف اللين الودود الذى فيه حبٌّ، وفيه ألفة، وفيه مودة، هذه هي أفضل هدية تحتاجها الأم من الإنسان - وكذلك الأب. بعد ذلك إذا شعرت بالحاجة إلى أى أمر فأكون رهن إشارتها، أو شعرت بأنها تحتاج إلى أى أمر وتشتكى منه فى جسدها، فعلى الفور عليَّ أن آخذها للطبيب دون أن تطلب ذلك. قد ترفض وتقول لى: أنا بحالة طيبة، فأقول لها: أبداً، لابد من الذهاب للطبيب فوراً، لأنها ربما لا تريد أن تكلفنى شيئاً، ولا أسكت على هذا الأمر، فإذا فعلت هذا ستفرح أم لا؟ ستفرح بكل تأكيد، وأنا أريد أن أسعدها. إذا شعرتُ أنها تحتاج لأى أمر لأخواتى وهذا الأمر سيرضيها، أفعله على الفور. فأمشى لما فيه رضاها، وهذه يا إخوانى هى الهدية التى أمرنا بها الله. طبعاً المجتمع عندنا حالياً عمل أشياء فيها الصحيح وفيها غير الصحيح، أنه لابد من هدية حسِّية - تجارية - فى هذا اليوم، وعملوها بحيث أن بعض الأمهات أصبحت تطالب بها، وهل يصِّح أن يطلب إنسان هدية ويحددها؟!!، فهى هدية وأنا الذي أختارها لك، إلا إذا خيرتها وأقول لها: ما الذي تريدين أن آتيك به؟، لكن إذا لم يكن عندى سعة فمن أين آتيها بها؟ فأنت ستقدرى هذه المواقف. وبعض الشباب لا يجدون سعة للزواج فحملنا عليهم هذا الأمر، ويوم الأم يقولون له: ماذا تشترى لحماتك؟ ويقولون للعروسة: ماذا تشترى لحماتك؟ وهل هذا من الإسلام؟!!!، فهم مساكين يحتاجون لمن يساعدهم!!، ولِمَ نضعُهم فى هذا الأمر؟. السادة المدرسات وخاصة فى المدارس الخاصة يقولون للأولاد: ماذا تهدون للمدرِّسة؟، وتقول المدرسة: أنا أريد أن تكون الهدية ذهباً فقط ولا تأتونى بشئٍ آخر - وهذه حقيقة تحدث الآن!! وكل واحدة فى مدرسة خاصة تأخذ سيارة نصف نقل فى يوم الأم لتحمل فيها الهدايا، أوليس يكفى ما ينفقه أولياؤهم طوال السنة من مصاريف؟!! ولماذا هذه الهدايا؟ فأنت تؤدين واجبك فقط، فما يأتونك به لا يأتون به للأم الحقيقية، مثل هذه الأشياء تُلغى من المجتمع. أنا معى إمكانيات فآتى بهدية لأمى فى أى وقت، ولكن ما تحتاجه فقط، ولكننا أصبحنا الآن نجد أمهات عندها دولاب ملأته بقطع القماش جاءتها فى عيد الأم، ولا تلبسها ولا تعطيها لأحدٍ يلبسها، فما الحاجة لها إذن؟!!، وعندها دولاب الفضية كما هو - وهى من التقاليد التى عندنا الآن - تضع فيه مقتنيات فضية ولا أحد يستعملها أو يقربها، ويظل هكذا حتى تُصبح جدَّة، والمعرض كما هو، وبعد ذلك هذه تأتيها بطاقم شربات!!، وهذه بطاقم قهوة!!، وماذا تفعل بكل ذلك؟!! وهذا أمرٌ ما أنزل الله به من سلطان. ولكن ماذا آتيها به؟، آتيها بما تحتاجه، فمثلاً سيدة كبيرة فى السن وتحتاج إلى عجلة تمشى عليها آتيها بها، أو نائمة وتحتاج إلى مرتبة طبية حتى لا تصاب بقرحة الفراش فأشتريها لها، فأشترى الشي الذى تحتاجه، ولكن ما نفعله الآن هل سيوافق عليه شرع الله؟، لا، ولكن للأسف النساء يجب أن يفهمن هذه القضية، فمن يُعطي المرأة ما تُريد ترضى عنه، ومن لم يعطها ما تريد تقيم عليه الدنيا ولا تقعدها، وكذلك زوجة إبنها التى تشترى لها هدية تكون هي المحبوبة لها، وزوجة إبنها التى لا تعطيها شيئاً تقول: أنها لا تحبها. هذا الكلام يحتاج المجتمع إلى فهمه، لأنه ليس هكذا أو بهكذا يكون البر بالأم أو العطف على الوالدين، فنحن نحتاج إلى كل هذه المعانى لنمشى على المنهج القويم الذى وضعه لنا الله عزَّ وجلَّ، والنبى الرؤف الرحيم صلى الله عليه وسلَّم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم [1] روى أبو داود عن أنس رضي الله عنه قال: {قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما؛ يوم الأضحى ويوم الفطر)}. [2] روى ابن ماجة عن جابر رضي الله عنه: {أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي مالاً وولداً، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: (أنت ومالك لأبيك)}. ولفظ أحمد وأبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: {أن أعرابيا أتى للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال : (أنت ومالك لوالدك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإنّ أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئاً)} من فتاوى فضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد لقراءة المزيد من الفتاوى فضلاً اضغط على الرابط
  8. كيف أتقرب إلى الله وأشعر بأنه راضٍ عني بالرغم من كل الذنوب؟ يقول الصالحون في ذلك: إذا أردتَ أن تعرف عند الله مقامك، فانظر فيم أقامك. إذا أقامني الله سبحانه وتعالى في مقام يحبه ويرضاه، كأن يوقظني في ساعة السحر، ويحبب إليَّ صلاة الليل والتهجد ومناجاته، ويشعرني بلذة تلاوة القرآن، ويجعلني أريد أن أستزيد من تكرار تلاوته، ويحبَّب إليَّ الاقتداء بأخلاق النبي العدنان، ويجعلني أفرح إذا عفوت عن فلان، وأفرح إذا قدمت معونة إلى فلان، وأقتدي بالنبي العدنان في أفعالي وأقوالي وأحوالي. فأعلم أن الله عز وجل يُحبني، ودخلتُ في قول الله: " رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ " (8البينة) لأنني راضٍ عن الله، ومُقبل على حضرة الله سبحانه وتعالى. ولذلك ورد أن أحد الصالحين كان يطوف حول الكعبة فقال: يا رب هل تُحبني؟ فسمع نداءٌ يقول له: وهل يدعو إلى بيته إلا من يُحبه؟!!، ما الذي جاء بك إلى هنا إلا إذا كان الله سبحانه وتعالى يُحبك؟ فإذا رأيت نفسك تميل إلى عمل الخير، وتطمع في الزيادة من البر، وتريد أن تكون مع الصادقين على الدوام، وتشعر بالأسى إذا وقعت منك غفلة أو معصية، وتشعر بالندم الشديد إذا أسأت إلى إنسان، أو أسات إلى نفسك بارتكاب معصية نهى عنها القرآن، وحذَّر منها النبي العدنان، تعلم علم اليقين أن الله يُحبك وأنك على خير. لأنه ليس معنى أن الله يُحبك أن لا تقع في ذنب، لكن المؤمن لا يخطط للذنب، وإذا وقع في الذنب وقع فجأة، وإذا وقع في الذنب يشعر فوراً بالخجل والندم والأسف ويرجع إلى ربه تائباً قال الله تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ " (201الأعراف). مقتطفات من برنامج ساعة صفا لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد لقراءة المزيد فضلاً اضغط هنا للدخول للموقع الرسمي للشيخ فوزي محمد أبو زيد https://www.youtube.com/watch?v=ufDgpOi1nB4&t=24s
  9. [frame=5 10] يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ، وَاثْنَيْنِ}{1} ما الفرق بين عرض الأعمال في شهر شعبان وبين عرضها يومي الاثنين والجمعة؟ إن الله كرر عرض الأعمال على حضرته، فالملائكة الحفظة الكرام البررة ترفع الأعمال، فيُرفع العمل في صلاة الفجر وصلاة العصر لقوله صلى الله عليه وسلم: {يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ، كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ}{2} وهناك عرض للأعمال في يوم الإثنين والخميس كما ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام هذين اليومين الفاضلين. وهناك عرض للأعمال في شهر شعبان: {ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ}{3} وتكرار العرض لإتاحة الفرصة لأهل الأرض بالتوبة والعفو والمغفرة، فكأن الله يرد الملف إلى صاحبه لينظر فيه فيستغفر الله، فيتوب إلى الله، فيرجع إلى الله، فيمحو الله ذنوبه وخطاياه. فإذا لم يتذكر في اليوم، عُرض يوم الإثنين والخميس لأنه ربما يكون قد تذكر واستحضر وتاب واستغفر، فإن أهمل وسها ونسا أجل العرض إلى شهر شعبان، كل ذلك رحمة من الله بعباده. فيكرر لهم العرض تلو العرض رغبة منه عز وجل في محو الذنوب وستر العيوب، وملء صحيفة المؤمن بالحسنات والقربات والمكرمات من الله، فأنعِم به من رب كريم بعباده رءوف رحيم {1} صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه {2} البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه {3} سنن النسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنه http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%B4%D8%B1%D9%81-%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D9%86/ منقول من كتاب {شرف شهر شعبان} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً [/frame] WIDTH=0 HEIGHT=0
  10. [frame=10 10] كيف صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء ولم تكن الصلاة قد فُرضت بعد؟ الإجابة هنا فيها أقوال متعددة واردة عن العلماء الأجلاء والأتقياء من الصالحين، فكلمة {لم تكن صلاة على الإطلاق} كلمة غير صحيحة، لأنه ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تُفرض عليه الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج كان يصلي الصلاة التي فُرضت على سيدنا إبراهيم. وأنتم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في السماء عند فريضة الصلاة أخذ موسى يردده ويقول له: لقد فُرضت على أمتي صلاةٌ واحدة ولم يستطيعوا القيام بها. إذاً كانت هناك فريضة، فلا يصح دينٌ بغير صلاة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بالصلاة في أصَّح الأقوال على الكيفية التي كان بها سيدنا إبراهيم يؤدى بها الصلاة لله، سيدنا إبراهيم قال الله في شأنه: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} البقرة125 وهناك بعض العلماء أخذ بالمعنى اللغوي، فكلمة الصلاة في اللغة معناها الدعاء، والدعاء لا يُشترط فيه ركوعٌ ولا سجودٌ، فقالوا: ربما تكون الصلاة هنا كانت بالمعنى اللغوي يعنى دعاء، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو وهم يؤمِّنون على دعائه. وعلى كلتا الحالتين كانت هناك صلاة أمَّهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكيفية التي أرادها الله، لأن الله أنزل جبريل وبيَّن للحَبيب صلى الله عليه وسلم ومن معه من الأنبياء والمرسلين الكيفية التي يريد الله منهم أن يؤدوا بها هذه الصلاة، وقد تكون هذه الصلاة صلاةً خاصَّة للأنبياء والمرسلين ليس لنا مشاركة معهم فيها، خصَّهم بها الله وأفردهم بها، وصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الهيئة، المهم أنه أدَّى بهم الصلاة وأمَّهم وقادهم في التوجه إلى الله، يقول الإمام أبو العزائم رضي الله عنه: صُفُّوا وراءك إذ أنت الإمام لهم قد بايعوك على صدق المتابعة صليت متوجهاً لله معتصماً بالله حتى بدا نور المفاضلة أبوهُمُ أنت يا سرَّ الوجود ولا فخر وسرِّهمو قبل المعاينة المهم أنها كانت لإظهار مكانته، وإظهار إمامته على كل الأنبياء والمرسلين، تثبيتاً لمقام هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي أقامه فيه الرب الرءوف الرحيم عز وجل. http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%AA%D8%AC%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%AC منقول من كتاب {تجليات المعراج} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً WIDTH=0 HEIGHT=0 [/frame]
  11. [frame=2 10] وصف الله خليله إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام، وقال في ذاته بعد أن تخللت محبة الله جميع جوانحه: {إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} الصافات84 فالذي يريد فتح الله وإكرامات الله وعطاءات الله يُركِّز على القلب السليم، ويتأسى في ذلك بالسيد السند العظيم الرءوف الرحيم صلى الله عليه وسلم. ما الطريق الذي يجب وينبغي أن نسلكه في ذلك؟ بدأ صلى الله عليه وسلم أولاً بمعونة من الله، وتوفيق من الله، ورعاية من الله بتطهير قلبه بالكلية من جميع الأهواء والدناءات والمشاغل الدنيوية، ولذلك لا يُفلح سالك مهما أدَّى من أنواع العبادات، ومهما كابد من أفدح المجاهدات إلا إذا رأى كل ذلك لا يُغني عنه شيئاً عند ربه إلا إذا استمد من فضل الله وقوة الله وحول الله وتوفيق الله الذي يعينه على تحقيق مناه. فأرشدنا الله على ذلك وإلى ذلك في شخص حَبيبه ومُصطفاه، فقد ورد في صحيح السيرة النبوية أن الله طهره على يد السفرة البررة الكرام من الملائكة أربع مرات. المرة الأولى وكان عنده أربع سنوات عندما كان يسرح بالغنم مع أخواته في الرضاعة عند أمِّه من الرضاعة السيدة حليمة السعدية رضي الله عنها، ويحكي هو هذا الخبر، أنهم أخذوه وانتبذوه جانباً، وأرقدوه على ظهره، وتقدم أحدهم فشق من صدره إلى منتهى عانته، وتقدم الآخر فأخرج قلبه ووضعه في طست، وأخرج منه شيئاً وألقاه وقالوا: هذا حظ الشيطان، ثم تقدم آخر ورده إلى حالته، وقال له يا حبيب لا تُرع {أي لا تخف}. والسالك في هذا المقام أول ما يُخرج من قلبه حظ الشيطان من الوساوس، والهواجس، والمكر، والدهاء، والشهوة في حب الظهور، والرغبة في الرياء وغيرها من البضاعة الشيطانية التي أمرنا أن نتخلص منها رب البرية عز وجل، وهذا في مبتدأ الطريق. إذاً أهل البداية عليهم أولاً التخلص من وساوس الشيطان، وهلاوس الشيطان، وهي سر كل المصائب بين الصغار والكبار، تمر المصائب هذه إلى سوء الظن، وسوء الظن يؤدي إلى الغيبة، وبعدها إلى النميمة، وبعدها إلى القيل والقال، وبعدها إلى السب والشتم، وبعدها إلى القطيعة، وبعدها إلى الهجر والخصام، كل ذلك سببه الأول وساوس الشيطان. فلا بد للسالك أن يقضي على وساوس الشيطان، ويستعين على ذلك بربه، يجاهد نفسه ثم يطلب من الله أن يعينه على ذلك، حتى يجتبيه مولاه فيدخله في قوله: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} الحجر42 فيكون من أهل هذا المقام، وصاحب هذا المقام يفر منه الشيطان، فقد قال صلى الله عليه وسلم في شأن رجل من هؤلاء وهو السيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: {مَا سَلَكَ عُمَرُ وَادِيًا قَطُّ فَسَلَكَهُ الشَّيْطَانُ}{1} يفر حتى من الشارع الذي فيه عمر خوفاً من أن تحرقه أنوار الله التي تحصن قلب عمر رضي الله عنه. {1} تاريخ دمشق لابن عساكر، وفضائل الصحابة لأحمد بن حنبل عن أنس رضي الله عنه http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%D9%8A/ منقول من كتاب {الجمال المحمدي ظاهره وباطنه} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجاناً [/frame]
  12. [frame=7 10] العقاب بالضرب في التربية الإسلامية تحث التربية الإسلامية الآباء على تربية الآبناء بالعطف والحنان والشفقة والمحبة، وإذا أخطأ الطفل ولابد أن يخطئ فنوجهه بلطف ونراقبه عدة مرات، فإذا أصر على الخطأ وكان متعمداً فيكون العقاب بما يلي: الإعراض عنه أو لومه وتأنيبه أو توبيخه مع مراعاة أن تكون الألفاظ مهذبة أو حرمانه من شيء يحبه أو يرغب فيه كفسحة أو خروج أو غيره، فإذا لم يفلح كل ذلك معه كان آخر العقاب بالضرب غير المبرح ، وضوابطه في الإسلام كما يلي: 1. لا ينبغي ضرب الطفل قبل اتمامه عامه العاشر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ سِنِينَ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ" {سنن أبي داود ومسند أحمد بن حنبل عن عبدالله بن عمرو}. 2. الضرب قد يؤلم قليلا لكن لا يترك أثرا. 3. لا ينبغي ضرب الطفل أمام أحد أخواته أو أمام أحد من الغرباء. 4. عندما ترفع يدك للضرب لا تجعلها تعلو كتفك. 5. لا يزيد الضرب عن 10 ضربات كأقصى عقوبة لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا ضَرَبَ فَوْقَ عَشْرِ ضَرَبَاتٍ , إِلا فِي حد من حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " {مصنف عبدالرزاق، ورواه البيهقي وابن حجر بلفظ آخر}. 6. ما بين الضربة الأولى والثانية تنتظر حتى يزول أثر الضربة الأولى وتنظر رد الفعل، فإن وجدتها أدت الغاية فلا داعي للضربة الثانية وإن استدعت الحاجة للثانية تكون أقل من الأولى في القوة. 7. لا تبدأ العقاب بالضرب أو غيره إلا بعد أن تفهم الطفل ويقتنع بسبب العقاب، وتتظاهر بأنك تريد ضربه وتنزل الضرب على شيء حوله وتتركه يفر. 8. لو حلف بالله أو استغاث بالله وبالنبي تتركه فوراً إجلالا لإسم الله وتعظيما لقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم. 9. البعد عن الضرب على الوجه والحواس التي به والأماكن الحساسة لقوله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَطَمَ عَبْدَهُ فَكَفَّارَتُهُ عِتْقُهُ" {رواه مسلم والإمام أحمد عن عبدالله بن عمر}. 10. لا ينبغي معايرته بالضرب الذي حدث له بعد ذلك سواء في نفسه أو أمام غيره. 11. محاولة تعويضه بعد ذلك بالحنان والعطف حتى لا يشعر بالقسوة تجاه الذي ضربه. من مقالات فضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد اضغط هنا لقراءة أوتحميل المزيد من المقالات [/frame]
  13. [frame=8 10] عندما نترك العصبيَّة، وندع الخلاف جانباً ستكون الوسطيَّة الإسلاميَّة هى الدوحة اليانعة التى تشملنا بظلالها الوارفة وثمارها الناضجة إن الله اختار لنا الإسلام ديناً، والقرآن كتاباً، وسيدنا محمَّداً صلى الله عليه وسلم نبيَّاً ورسولاً، وجعلنا على الشريعة السمحاء والملةّ الحنيفية البيضاء، وجعلها على الوسطية القرآنية، وعلى نسق الحضرة المحمدية ليكون الناس جميعاً عند الله بالعدل والسويّة. ولكن في هذه الأيام والآنات ـ ظهر بيننا في المجتمع ـ في الدين تيارات يحتار الإنسان إذا نظر إليهم بعقله، وإذا تدَّبر فيهم بفكره أيُّهم على الحق؟ وأيـُّهم على الطريق القويم والمنهج المستقيم الذى اختاره لنا المولى في كتابه الكريم، وكان عليه في حاله وسلوكه الرءوف الرحيم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟ نرى أناساً أخذوا الجانب المتشدِّد في الدين، وألزموا أنفسهم بالجوانب المتشدِّدة في سلوكياتهم وفي عباداتهم وفي تعاملاتهم وفي كل أحوالهم، ويظنُّون أنهم بذلك يزيدون قرباً إلى ربهم ويُحسنون المتابعة لنبيهم صلى الله عليه وسلم فيطيلون الصلاة، ويكثرون من تلاوة كتاب الله، ويتشدَّدون في الأمور الظاهرة في الزِّي والمظهر واللباس للرجال وللنساء، ويتشدَّدون مع المعتدلين ويخاطبونهم بغلظةٍ وقسوةٍ أحياناً وبعنفٍ أحياناً أخرى، ويظنُّونهم مُفرِّطين؛ ويلومونهم على عدم الإلتزام بالتشدِّد في الدين ويزعمون أن ذلك هو المنهج الوارد عن سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم، وهناك طائفةٌ أخرى فرَّطوا في دينهم وتساهلوا في تنفيذ شرع ربهم، قصَّروا في أداء الصلاة، وفرَّطوا في أداء الزكاة، ولا يحافظون في التعامل على مبادئ شرع الله، ويدَّعون أن الله غفورٌ ورحيم وتوّابٌ وكريم، وأن الله سيتوب عليهم وسيغفر لهم مَنْ مِنْ هؤلاء على المنهج القويم وعلى الصراط المستقيم؟ لا هؤلاء ولا هؤلاء، لا المتشدِّدين ولا المُفرِّطين لا الغلاظ القُساة في التعامل مع المسلمين ولا المتساهلين الذين يتساهلون في شرع رب العالمين أما المنهج المحمود الذي حمده الله وكان عليه حَبيبه ومُصطفاه فهو المنهج الذى قال لنا عنه الله في كتاب الله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}البقرة143 هو المنهج الوسطي الذى لا إفراط فيه ولا تفريط لا تشدّد فيه ولا تساهل، وإنما على الوسطية التي يقول فيها صاحب الطلعة البهية صلى الله عليه وسلم: {عَلَيْكُمْ بِالنَّمَطِ الأَوْسَطِ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَيْهِ العَالي وَيَرْتَفِعُ إِلَيْهِ التَّالِي}{1} {خيرُ هذه الأمَّةِ النَّمَطُ الأوسط}{2} عليكم بالنهج الأوسط، ولذلك ورد في الحديث أن بعض شباب الإسلام المتحمسين للعبادة ذهبوا إلى بيوت النبى وسألوا زوجاته عن عبادة النبي، ويقال أنهم فعلوا ذلك بعد موعظة عظيمة سمعوها من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى هانت الدنيا على نفوسهم وتشوَّقوا للآخرة وما يقرِّب منها من العمل: {جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟! قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّى أُصَلِّى اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّى لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّى أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّى وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِى فَلَيْسَ مِنِّى}{2} هذا كان فى السلوك خطأٌ قاتلٌ فأى عمل تعمله، فما هي حدودك؟ هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فإياك أن تظنَّ في يوم من الأيام أنك ستزيد عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأنت تكون بذلك بعدت عن طريق الله: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}النور54 امشِ خلفه وافعل مثلما يفعل، تقول أن النبي كان كذا وكذا وتتحدث بجدال فهذا من النفس وهذا يوقعك في الخبال، لكن من اهتدى بالنهج القويم، كان إمامه في كل أعماله الرءوف الرحيم صلى الله عليه وسلم، ولذلك دعاهم صلى الله عليه وسلم إلى الوسطيَّة، وهى أن يُعطي الإنسان كل ذى حقٍّ حقَّه، وقد سار على هذا النهج أصحابه البررة الكرام. {1} أخرجه أبو عبيد عن علي رضي الله عنه {2} مصنف ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه {3} صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85 منقول من كتاب {إصلاح الأفراد والمجتمعات فى الإسلام} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجانا} [/frame]
  14. [frame=3 10] تتنوع أعراض وأمراض المجتمعات بتنوع المكان والزمان. لكن المتبصر في الفهم والإدرك والعالم ببواطن الحوادث والتاريخ يدرك أنه مهما ظهر في عصرنا من أصناف المنكرات فلن تجد لها على مدار التاريخ أكثر مما كان حادثاً في أيام الجاهلية. والعجب العجاب أن القرآن الكريم قد استطاع أن يقضي على كل هذه المنكرات بشيءٍ واحد، غرس الإيمان في القلوب، وجعله مسيطراً ومهيمناً على النفوس. فأصبحت النفوس مِلْكاً للمليك القدوس، لا تفعل إلاَّ ما يأمرها به الله، وتنتهي بإرادتها طواعيةً واختياراً عما نهى عنه الله، لأن هذا موجب الإيمان كما بيَّن كتاب الله، وكما وضَّح لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس هذا فحسب أنه قضى على ما سبق، أبقى خيره وأزال شره، بل بنى بناءاً جديداً واستطاع أن يحول أهل الشظف والبداوة إلى قادة مرموقين وسادة بالحق فاتحين ومربين مهيمنين، وفى سنوات قليلة تحولت الأحوال وتبدلت الفعال والأقوال وصار الأمر كما لم يطرأ بالخيال ولذا فلا عجب أن جماعة من الفلاسفة والمفكرين الغربيين درسوا تأثير الرجال العظماء في الخلق فاختاروا أفضل مائة رجل أثروا في البشرية، فللأسباب التى ذكرنا أعلاه قالوا العظماء مائة وأولهم محمدٌ صلى الله عليه وسلم، فمهما صرنا إليه اليوم من أمراض وأعراض أصابت بالنكبة البلاد والعباد، فإن التاريخ يعيد نفسه، ولا صلاح لها إلا بمنهج الهُدى والرشاد، الذي وضعه النَّبِىًّ المصطفى صلى الله عليه وسلم وسار عليه أئمة الإرشاد، وستظل المسيرة إن شاء الله إلى يوم الميعاد. ولذلك بشرنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام من بعده الواحد تلو الآخر بأن حالنا سينصلح ونرجع إلى سدَّة هذا الأمر، بإتباع نفس منهج الهدى والرشاد وبنفس الطريق فقال سيدنا أبوبكر رضي الله عنه مثلاً: {وَإِنَّ هذَا الأَمْرَ الَّذِي هُوَ أَمْلَكُ بِنَا لا يَصْلُحُ آخِرُهُ إِلاَّ بِمَا صَلُحَ بِهِ أَوَّلُه}، وقالها أئمة كثر وولاة في خطبة تولِّيهم، وبشَّر بها الإمام مالك ونقلت عنه كثيراً:{لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها}{1} وأخبر حَبيب القلوب صلى الله عليه وسلم ووعد الأمة أن الله سيصلح أحوالها ويكشف ما نزل بها وقال مبشراً: {ويكثر المال ويفيض، حتى يحمل أحدهم صدقته في حجره، فلا يجد فقيراً يأخذها منه}{2}، أول المفاهيم التي نريد ترسيخها هو أهمية الأخلاق الإيمانية، فلا نجاح بدونها. فقد أعلا ديننا ونبيّنا وقرآننا شأن عبادةً يغفل عنها كثيرٌ من المسلمين، بل ولا يظنونها أنها عبادةً ، بل هي أعلى عبادة يقوم بها المسلم لخلق الله، وينال بها رضا مولاه، وهي التخلقّ بأخلاق الله والتخلقّ بأخلاق كتاب الله وأخلاق حَبيب الله ومُصطفاه، فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الغاية العُظمى من الدين هي الخلقُ الحسن فقال صلى الله عليه وسلم: {إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ}{3} وعندما مدح الله نبيه في القرآن لم يمدحه على العبادة لله، ولا على أى عملٍ يقوم به في تبليغ رسالة الله، ولكن مدحه بالخُلق الحسن الذى قال له فيه مولاه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم4 جعل النبي صلى الله عليه وسلم الخُلُق العظيم هو سبب كل فتحٍ وكل تكريم، فمن أراد أن يكون في ميزان حسناته ثقيلاً يوم الدين ماذا يصنع؟ قال صلى الله عليه وسلم: {مَا من شيْءٌ أَثْقَلُ في مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ}{4} ومن أراد أن يكون مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وأن يكون في جوار سيد النبيين والمرسلين، ما العمل الذى يوصلك لذلك؟ وما العمل الذى يقربك لذلك؟ قال في ذلك حَبيبي صلى الله عليه وسلم: {إنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقا ً}{5} ومن أراد أن يُحبه الله وأن ينال فضله عز وجل ورضاه؛ ماذا يصنع ليحبه الله؟ قال في ذلك حَبيب الله ومُصطفاه صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ للّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً. مِائَةً إِلاَّ وَاحِداً. مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ}{6} فالخُلق الحسن مع خلق الله هو أفضل العبادات وأعظم النوافل التي يتقرّب بها العبد إلى مولاه، ويُثّقّل بها ميزان حسناته يوم الدين، ويكون فيها وبها مع النبى المُصطفى صلى الله عليه وسلم ومع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وما أحوجنا في مجتمعنا الآن أجمعين إلى الخُلق الحسن مع جيراننا، ومع زملائنا ومع أهل بيتنا ومع عشيرتنا ومع ذوي قرابتنا ومع المجتمع أجمعين، لأن مجتمع المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عُضوٌ منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى. وهنا يعلمنا النَّبِيُّ الكريم صلى الله عليه وسلم ماذا يجب أن يكون عليه كل مسلم مِنْ الخُلُقِ العظيم، فالمسلم لا ينتقم ممن عاداه، بل يعفو ويصفح إذا مَكَّنَهُ الله منه، تأسِّيا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمؤمنون هم المعنيون بقوله: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} وهذه هي الدرجة الدُّنيا {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} وهذه هي الدرجة الوسطى {وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} آل عمران134 وهذه هي الدرجة العليا، أقل المؤمنين مَنْ يَكْظِمُ غَيْظَه، ولا يشفي غيظه في مؤمن أو مسلم، لأن المؤمنين أخوة، كما قال الله في شأنهم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} الحجرات10 وبيِّنَ النبي حقيقة المسلم، فقال: {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده}{7} وأخرج المسلم الذي يتظاهر بالإسلام ولسانه لا يكف عن الآثام من المعيَّة المحمدية، وقال: {ليس المؤمن بسبَّابٍ ولا لعَّانٍ ولا فاحشٍ ولا بذئ}{8} وإنما سِمَة المؤمنين كما قال ربُّ العالمين: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} الحج24 ولذا فالرسول صلى الله عليه وسلم رغم أذية الكفار البالغة له إلا أنه قال لملك الجبال: {إنما أرسلت رحمة، إنِّي أرجو أن يُخرج اللهُ مِنْ أصلابهم مَنْ يُوَحِّدُ الله عز وجل}{9} {1} عن مقولة لأبي بكر: رواه ابن عساكر عن خطبة لأبي بكر رضي الله عنه في جامع المسانيد والمراسيل وعن مقولة لمالك بن أنس فى مجموع فتاوى بن تيمة، وأضواء البيان وإغاثة اللهفان من مصائد الشيطان {2} رواه البخاري ومسلم وأحمد وابن حبان وابن عساكر عن أبي هريرة {3} سنن البيهقي الكبرى عن أبي هريرة {4} رواه الإمام أحمد والترمذي عن أبي الدرداء {5} رواه الترمذي عن جابر {6} رواه البخاري عن أبي هريرة {7} رواه مسلم والبخاري وأحمد عن جابر {8} رواه أحمد والبخاري في الأدب وابن حبان والحاكم عن ابن مسعود {9} رواه البخاري ومسلم وأحمد والبزار عن عائشة http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85 منقول من كتاب {إصلاح الأفراد والمجتمعات فى الإسلام} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجانا} [/frame]
  15. [frame=7 10] كان القائد يُرسل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في ميدان القتال ليطلب مدداً للجيش، فيمده عمر بفرد أو أفراد، فمثلاً: أرسل له سيدنا سعد بن أبي وقاصٍ في موقعة القادسية في العراق يطلب المدد، فأرسل إليه رجلاً واحداً وأرسل له: {أرسلت إليك المقداد بن عمرو ولن يُغلب جيشٌ فيه المقداد بن عمرو} وصدقت فراسته فإن العدو تناوش الجيش وهمّ بعض أفراده بالتخاذل والتقهقر، فصاح المقداد وهجم بمفرده على جيش الفرس المتقدم، وتحمَّس لخروجه نفرٌ من المسلمين فتبعهم الباقون وكان ذاك سبب النصر، وروي أنه قطع خرطوم الفيل الأعظم فكانت هزيمتهم، ولا يستطيع الوصول لذلك الفيل فضلاً عن قطع مشفره أحد وغنم المقداد في فتح المدائن أدرع كسرى وفيها درع هرقل ودرع لخاقان ودرع للنعمان وسيفه وسيف كسرى فأرسلها سعد جميعها إلى عمر، وهذا المقداد بن عمرو هو الذي لما استمدَّ خالدٌ أبا بكر عندما حاصر الحيرة أمده أبو بكر رضي الله عنه بالمقداد بن عمرو، وقال: {لا يهزم جيش فيه مثله}{1} لما حاصر عمرو بن العاص حصن بابليون في مصر، وطال الحصار وعلم أن الروم جاءهم مدد وبلغ عدد جيش الروم مائة وعشرين ألف مقاتل، وكان جملة ما معه من جنود المسلمين أربعة آلاف، فأرسل إلى عمر بن الخطاب يطلب المدد، فأرسل إليه عمر رضي الله عنه أربعة آلاف جندى ومعهم أربعة رجال ورسالة: {أرسلت إليك أربعة آلاف جندى وأربعة رجال هم الزبير بن العوام ومسلمة بن مخلد وعبادة بن الصامت والمقداد بن الأسود{2}، وكل رجل منهم بألف فيكون جيشك إثنى عشر ألفا، ولا يُهزم جيشٌ من إثنى عشر ألف مقاتل{3}} يعنى الرجل من الأربعة بكم؟ بألف .. هذا المعنى مُقتبسٌ من قول الله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}النحل120 رجلٌ واحد ولكن يساوى أمة، ليس في مظهره ولا قوته البدنية ولكن في جوهره وخبره وقوته الروحانية وصلابته القلبية، ونفسه القدسية التى غُذيت بما عند الله من اليقين. ولذا كنت ترى خليفة الأمة يرى أن القائد العام يترك منصبه ويتحوّل إلى جندي، ولا يتأثر القائد ولا يتغير ولا يفتر ولا يترك الجهاد ويذهب إلى منزله معترضاً على هذا التصرف، بل إن خالد بن الوليد رضي الله عنه عندما كان في رتبة تعد أعلى من قائد الجيش- باعتبار علو الرتبة العسكرية العليا تكون بعدد المعارك التى خاضها، ولايوجد في التاريخ قائدٌ خاض أكثر من مائة معركة وانتصر فيها كلها، وكل معركة لها تكتيكٌ جديد يحتاج إلى مدارسة كلية الأركان في أنحاء العالم كخالد بن الوليد - ومع ذلك جاءه خطاب العزل وهو في معمعة القتال والعزل يعني أن يصير جندياً ولا يُعفي من الخدمة، فرضي وأطاع الأمر وجاءه أحد المنافقين وقال: كيف تُعزل وأنت من أنت؟ إن معي مائة ألف سيف أوقفتها معك فلا تنفذ الأمر وكلنا معك، قال: بئسما ما تطلبه مني يا أخي، أنا مجاهدٌ في سبيل الله ولا يهمني في ذلك أن أكون قائداً أو جنديا. نحن في أمسِّ الحاجة إلى نفوس تربت هذه التربية، لأن خالداً لم يكن مقتنعاً بقرار عمر رضي الله عنه لأنه لم يخطىء حتى يعاقب، ولكنه يعلم أن عمر عزله خوفاً على المسلمين أن يفتنوا بخالد في الحرب، وعمر يربي الأمة على كمال اليقين بالله، فانحاز خالد لمصلحة الجماعة بلا جدال ولا نقاش، لأنه تربَّى التربية الإيمانية على المائدة المحمديَّة؛ وهذا بالضبط ما يحتاج إليها المجتمع المسلم لينهض من كبوته وليعيد مجد الأمة مرة أخرى فكيف نتوصَّل لذلك؟ هل بالكتب والقراءة والإطلاع كما يقول البعض؟ هل بالخطب والمواعظ والفضائيات؟ لا بل باستعادة النهج النبوى للتربية كما قال عز وجل: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} البقرة151 لو ذهبنا بعد ذلك في تاريخنا المبارك لوجدنا أن هؤلاء الرجال هم الذين قادوا الفتوحات الإسلامية، إبتغاء وجه الله. انظر إلى عقبة بن نافع عندما وصل إلى المحيط الأطلسى وخاض البحر بفرسه وقال: {والله لو أنى أعلم أن هناك أرضاً خلف هذا البحر، لخُضت هذا البحر إليها لأجاهد في سبيل الله}، لا ليكون مليونيراً ولا ليجمع ثروات، ولا ليتولى قيادة أو ليتبوأ منصباً، وإنما كلُّ ما يريده هو وجه الله جلّ في عُلاه كما قال الله تعالى عنهم: {يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الكهف28 انظر إلى أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وقد بلغ من العمر أرذله كما يقولون، ولكنهم كانوا يحنون إلى الجهاد كما تحن الطيور إلى أوكارها في المساء، سمع أن معاوية جهّز جيشاً لغزو القسطنطينية، فذهب ليجاهد معه، وفي وسط الميدان مرض، فجاءه قائد الجيش يزيد بن معاوية وقال : أتشتهى شيئاً يا صاحب ضيافة رسول الله؟ لأنه هو من أستضاف رسول الله عند الهجرة، قال: {نعم إذا أنا متُّ احملنى واخترق صفوف الأعداء؛ وآخر ما تصل إليه من الأرض فادفنّى هناك}. انظر إلى الوصية للرجل التي يوصي بها عند لقاء الله، ونفَّذ له الوصية بعد موته، فحمله الجند واخترقوا صفوف الأعداء وآخر مكان وصلوا فيه إلى الأرض حفروا فيه ودفنوه هناك، وهذا المكان بجوار سور القسطنطينية ومازال ضريحه المبارك ومسجده الزاهي إلى الآن يزدهي به أهل هذه البقاع جميعها. والأمثلة في هذا المجال لا تُعدُّ ولا تُحد، لكن ما أبغي أن أصل إليه، عندما ضعُفت روح اليقين، أو كلما ضعُف اليقين وتنافس المسلمون في الدنيا وفى الحظوظ والشهوات والأهواء .. ضعُفت عندهم روح الجهاد وخبت عندهم القيم الإيمانية، فمكّن الله عدوّهُم منهم، ولا مخرج لهم في هذه الأحوال إلا بالرجوع إلى التربية الأولى التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صحبه الكرام {1} الإصابة في تمييز الصحابة {2} النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، وقيل خارجة بن حذافة بدل مسلمة، وفى وفيات الأعيان ذُكِرَ أنَّ عمرو بن العاص استمدَّ عمر رضي الله عنه بثلاثة آلاف فارس،فأمده بخارجة بن حذافة والزبير بن العوام والمقداد بن الأسود الكندي{3} إشارة إلى الحديث الشريف: {وَلاَ يُغْلَبُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً مِنْ قِلَّةٍ}. أخرجه أحمد عن ابن عباس، وفى مسند الشهاب زيادة {إذا صبروا وصدقوا} http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85 منقول من كتاب {إصلاح الأفراد والمجتمعات فى الإسلام} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجانا} [/frame]
×
×
  • Create New...