Jump to content
منتدى البحرين اليوم

*** وامتلك قلبها***


Recommended Posts

  • Replies 65
  • Created
  • Last Reply

Top Posters In This Topic

 

اشوف النور طلع ترى خليفه ونوره وشكشوكه منورين الموضوع واشكركم على المتابعه :wub:

 

وفالكم طيب ;)

 

(13)

 

 

 

سمعت أنهار صوت صراخ يصدر من الطابق

العلوي أنه صوت عمتها أسرعت تريد صعود

الدرج ولكن خشت أن تصعد الدرج بسرعة و

تقع وتفقد جنينها هذه المرة حقيقة لا كذب...

 

 

 

 

ولكن أشتد صوت الصراخ والبكاء من عمتها

صعدت أنهار الدرج بحذر وقلق....

 

 

 

 

رأت عمتها تحمل بيدها الهاتف لقد مات آه

يا مهند مات بحسرته....

 

 

 

اقتربت أنهار من عمتها والقلق بادٍ على وجهها

قالت:

ما الذي حصل ماذا هناك يا عمة؟؟

 

نظرت العمة نحو أنهار بعينيها المحمرتان

ووجهها المصفر....

 

 

 

،،،

 

 

 

أخذت أبرار تتطلع لمحتويات الثلاجة التي

بالغرفة كانت تحوي علب من العصير و

المشروبات الغازية وبعض علب الحلوى

ابتسمت وهي تقول في نفسها:

لو رآها هادي وفادي لصمما على تناولها..

 

 

 

لفت انتباهها علبة زجاجية ذات شكل جميل

عرفت أنها علبة نبيذ....

 

 

وفجأة وقعت الزجاجة من بين يديها بسبب

هادي الذي ما أن لمح الحلوى من بعيد حتى

أقبل مسرعاً يريد الحصول عليها....

 

 

 

نظرت أبرار بحدة لهادي وهي تقول:

ماذا صنعت يا هادي أنت طفل مشاغب؟؟

 

 

نظر هادي نحو والدته وأخذت شفتاه الزهريتان

تتدليان للأسفل ودموعه تنهمر على خده فلم يعتد

رؤية والدته غاضبة هكذا....

 

 

 

أخذت أبرار تلتقط الزجاج من أرضية الغرفة

وتريق الماء على بقعة النبيذ لعلها تزول...

 

 

 

كانت رائحة النبيذ قد ملأت جو الغرفة...

 

 

فتحت أبرار النافذة لتسمح بتهوية الغرفة..

 

 

 

سمعت صوت الباب يفتح ألتفتت بسرعة

لترى من المقبل كان مهند....

 

 

 

كانت أبرار طوال فترة غيابه تشعر بقلق

وغربة كبيرة أسرعت نحوه تريد أن ترمي

بنفسها بين يديه تريد أن تطلب منه أن لا

يدعها بمفردها .....

 

 

 

ولكن مهند وضع الكيس الورقي الذي يحمله

على الطاولة وهو يقول:

لقد أحضرت لكم طعاماً شهياً وفاخراً..

ولكن ما هذه الرائحة النفاذة....

 

 

 

 

قالت أبرار:

لقد وقعت علبة النبيذ من يدي وانكسرت...

 

 

 

 

نظر مهند باندهاش وقال:

ومن أين لك بالنبيذ...

 

 

قالت أبرار:

لقد كانت في الثلاجة...

 

قاطعها مهند وهو يقول:

ولما كنت تحملينها؟؟؟

 

 

 

قالت أبرار:

ما بالك يا مهند لقد كنت أحاول

وضعها بعيداً في الثلاجة ولكنها

وقعت من يدي....

 

 

 

قال مهند:

 

حسناً لا بأس

فأنا جائع هيا لنتناول الطعام....

 

 

 

أقبلت أبرار مع طفليها وقد كان هادي

حزيناً ولكن عندما رأى ابتسامة والدته

نسي كل ما حصل وجلس لجانبها و أخذ

هو وفادي كل منهما يريد أن يجلس في

حجر والدته....

 

 

 

ضحكت أبرار وقالت:

لقد كبرتما يا عزيزي ولم أعد قادرة

على وضعكما معاً في حجري...

 

 

 

لقد كان الطعام شهي وفاخر فمهند يحسن

اختيار الأشياء الفاخرة دائماً...

 

 

 

 

نظرت أبرار نحو مهند والذي كان شارد

الذهن قالت له:

لما تأخرت...

 

 

نظر نحوها وقال:

كنت آخذ جولة في الفندق...

 

 

 

 

 

 

،،،

 

 

جلست أبرار على الكرسي المجاور لكرسي

مهند وقد شغل بالها الكثير من الأفكار....

 

 

 

نظر ناحيتها مهند ولكنه ما لبث أن أخذ

يشاهد التلفاز تاركاً أبرار في شرودها ذاك....

 

 

قالت أبرار:

مهند هناك أمر أريد أن أفاتحك فيه...

 

 

نظر نحوها مهند وقال:

ماذا هناك؟؟؟

 

 

قالت أبرار:

 

 

لقد مرت علينا عدة أسابيع منذ تركنا وطننا

ولم تحصل لك فرصة حتى لتودع والديك

ولم يطمأنوا لوصولنا هنا....

 

 

 

أرجوك دع عنك غضبك من والدك وهيا

فلنتصل بهم ونطمأنهم على حالنا فلا بد

أن القلق يسيطر على الجميع....

 

 

 

قال مهند:

لا أظن أن والدي يهتم بي فهو حتى لم

يسألك عني حين ذهبت للملمة أغراضنا...

 

 

قالت أبرار:

ولكن يا مهند أن ما حصل منك من الطبيعي

أن يشعر والدك بشيء من المرارة...

 

 

شعرت أبرار بمرارة كبيرة من صور تلك

الأيام الماضية هزت رأسها بعنف لعلها

تطرد عنها تلك الأفكار وقالت:

 

دع عنك كل ما حصل ولنتصل بهم أرجوك يا

مهند....

 

 

أخذ يفكر مهند قليلاً ومن ثم قال:

حسناً لا بأس...

 

أحضري الهاتف لنتصل أولاً بوالدي ومن

ثم بوالديك....

 

 

قفزت أبرار من مكانها وأحضرت الهاتف

لمهند الذي أخذ يضغط أزرار الهاتف ليتصل

بوالديه...

 

 

كانت أبرار تخشى أن تكون أنهار هي من يجيب

على الهاتف ولكنها أطمأنت حين سمعت مهند

يقول:

كيف حالك يا والدتي...

 

 

كان مهند يجيب إجابات متقطعة فيبدو أن والدته

أخذت تهيل عليه الأسئلة واحد تلو الآخر ولم تعطه

فرصة ليجيب على كل تلك الأسئلة...

 

 

قدم مهند لأبرار سماعة الهاتف وهو يقول:

تريد والدتي محادثتك...

 

 

أخذت أبرار السماعة وقالت:

كيف حالك يا عمتي....

 

أتاها صوت العمة ممزوجاً بالسعادة والدموع

وهي تقول:

أنا بخير ولا ينقصني سوى وجودكم معي..

كيف حالك أنت... وكيف حال الطفلين وكيف

هي صحة مهند... وهل أنتم مرتاحين أينقصكم

شيء ما....

 

 

كانت أبرار تجيب عمتها:

نحن بخير يا عمة لا تقلقي هدأي من روعك سنحادثك

باستمرار....

 

من ثم قالت:

يا عمة أن مهند يريد محادثة والده...

 

وقدمت السماعة لمهند الذي بدت الحيرة على وجهه

ومن ثم قال:

نعم يا والدتي أستدعي والدي...

 

 

 

سادت فترة صمت بين الاثنين وكل منهما ينظر

للآخر ومهند ينتظر أن يحادث والده...

 

 

بدأت ملامح مهند تتغير والقلق يبدو على وجهه

قالت أبرار:

ماذا هناك يا مهند أحصل شيء؟؟

 

 

قال مهند:

لا أعلم ولكن أسمع صراخ من والدتي...

 

 

 

أخذت دموع مهند تسيل على خده...

فها هي والدته تخبره أن والده مات....

 

لم تستطع أبرار الصبر لمعرفة ما يحصل

أخذت السماعة من يد مهند سمعت صوت

عمتها صارخ:

لقد مات والدك يا مهند لقد كان يريد أن

يحادثك لكم كان يشعر بالألم لبعدك عنا

ولكنه مات آه يا مهند مات بحسرته....

 

 

سمعت صوتاً لجوار العمة أنه صوت

أنهار وهي تقول:

لماذا تصرخين يا عمة ما الذي حدث

وفجأة أنقطع الاتصال...

 

 

 

أخذت أبرار تبكي بحرقة فلطالما كانت

تحترم زوج عمتها كوالد لطالما احترمته

وشعرت بعطفه عليها....

لطالما شجعها وفخر بها كفتاة متدينة.....

 

 

وهاهي الآن تفقده أخذت تبكي لجوار مهند

الذي وضع وجهه بين يديه محاولاً إخفاء

دموعه عنها....

 

 

 

في اليوم التالي وبعد أن هدأت حال مهند

قالت أبرار:

فلنعد للوطن يا مهند ففي مثل هذه الظروف

ينبغي أن نتواجد هناك....

 

 

 

 

قال مهند:

لا أريد العودة أرجوك يا أبرار لا تعودي

لمثل هذا الطلب....

 

 

 

 

 

،،،

 

ها قد أقترب موعد ظهور الطفل المنتظر

أخذت أنهار تتفقد الغرفة التي جهزتها

لمولودها القادم وأخذت تلقي الأوامر على

الخادمة لتهيئ كل شيء على وفق ذوقها..

 

 

 

كانت تشعر بسعادة غامرة فهاهي ترتب

المنزل بأغلى الأثاث وأجمل اللوحات

فبعد وفاة والد حسام منذ عدة أشهر كان

مصير ثروته لحسام فقط فمهند آثر البقاء

في المهجر والعمة العجوز أصبحت حبيسة

غرفتها وحزنها ومنشغلة بصلاتها وصيامها...

 

 

 

 

وأصبحت أنهار ملكة في هذا المنزل لا

يشاركها فيه أحد سوى تلك الغرفة التي

تضم بقايا من أبرار ومهند والتي أغلقتها

العمة منذ رحيلهما عن للوطن....

 

 

 

كم حاولت أن تستغل هذه الغرفة وتحولها

لغرفة مكتب أخرى في الطابق العلوي

ولكن كانت العمة ترفض هذا الأمر

بشدة....

 

 

 

دخل الحسام الغرفة وقال:

لقد كنت أبحث عنك توقعت أنك ستكونين

في غرفة المولود القادم....

 

 

 

ابتسمت أنهار وقالت:

نعم لم يتبقى الكثير من الوقت ولابد

أن يكون كل شيء جاهز....

 

 

 

قال حسام:

لدي لك مفاجأة....

 

 

قالت أنهار بلهفة:

وما هي؟؟؟

 

مد حسام يده داخل جيبه وأخرج جوربين

باللون الزهري وقال:

لقد قامت والدتي بحياكة هذه الجوارب

وقدمتها لي لنلبسها طفلنا القادم...

 

أجابت أنهار بامتعاض:

وهل هذه مفاجأة؟؟؟

 

 

 

قال حسام:

ألا تشعرين بسعادة حينما تلحظين اهتمام

والدتي بمولودنا القادم...

 

 

 

قالت أنهار وهي تحاول إنهاء الموضوع:

نعم أشعر بالسعادة...

ولكن هيا الآن لنخرج ونتمشى فأنا أشعر

بالملل من المكوث بالمنزل...

 

 

 

،،،

 

كانت تجلس أبرار على الكرسي المواجه

للشرفة وترقب السماء المظلمة التي اختفى

القمر فيها ولكن لا زالت تلك النجوم تتوزع

في أنحاءها لتزينها.....

 

 

 

وأضواء البنايات الشاهقة والمحلات

تملأ تلك السماء وتعكر صفوها....

 

 

أخذت قطرات من المياه المالحة تجد لها

طريقاً على خديها فهاهي قد باءت بالخيبة

بعد أن ظنت أن الحياة بدأت تبتسم لها من

جديد.....

 

 

 

فليس هناك من حل لعلاج قلب مهند المريض

سوى قلب آخر يحل مكانه كان هذا الخبر كافٍ

ليحول مهند إلى إنسان بائس تعس فكم كان يرسم

سعادته بإجرائه العملية ليعود إنسان جديد ليشعر

بقيمة لحياته ولكن الظروف لم تكن كما يريد....

 

 

 

 

وبعد كل ذلك الألم وكل ذلك الحزن ها هو يبتعد

عنها ويقضي وقته في التجول في أماكن اللهو

والتسلية في بلاد لا معنى للقيم والمباديء فيها

بهره حضارتها وتطورها بهره كل شيء

و حتى حجابها الذي لم يظهر في يوم من

الأيام تبرمه منه أصبح الآن يخجل من

الخروج برفقتها ويطلب منها ترك هذا

الموروث القديم الذي حتى والدتها هي

تخلت عنه....

 

 

 

ولم يجد وظيفة فهو لا يملك سوى

الشهادة الثانوية ولم يجد وظيفة توافق

طموحه ومتطلباته...

 

 

 

لكم تشعر بالملل فهي تقبع في هذه الغرفة

التي هي أقل مستوى بكثير من الغرفة

السابقة فقد بدأت أموالهم تنفذ واضطرا

للخروج من تلك الغرفة الفارهة......

 

 

 

أصبحت تجلس في كل ليلة في ظلام

دامس وصمت مطبق تنتظر صوت

المفتاح وهو يخترق قفل الباب ليعلن

لها عن حضور مهند....

 

 

 

ها هو ذا يعلن المفتاح عن حضور

مهند....

 

 

 

وقفت تنظر نحو الباب دخل مهند

وهو يتكأ على الجدار أضاءت

أبرار المصباح لتلمح وجهه بوضوح

كان شاحب الوجه وهاهي الصفرة

التي تعلو وجهه تزداد وأصبحت

شفتاه تميلان للزرقة أكثر....

 

 

 

اقتربت أكثر منه أسندته وأغلقت

الباب ساعدته ليرقد على الفراش

تأملت دمعتان على وجهه قالت:

ما بك يا مهند لما تبكي...

 

 

 

أدار وجهه للجهة الأخرى وأطبق

جفنيه.....

 

 

جلست أبرار على الفراش تراقبه بنظراتها..

 

 

وأخيراً ألقت برأسها لوسادتها....

 

 

 

،،،،

 

 

أغلق حسام سماعة الهاتف كان شارد

الذهن اقتربت منه أنهار وقالت:

ما بك إن الذي قمت به هو لصالحنا...

 

 

قال حسام:

ولكني شعرت من صوت مهند أنه فعلاً

بحاجة للمال....

 

قالت أنهار:

أنه أنما يفعل ذلك ليثير عواطفك نحوه...

 

 

حبيبي حسام أظن أنه قد أخذ ما يكفي من

الأموال في الدفعة السابقة التي قدمتها له

فهل يعقل إنه تصرف في ذلك المبلغ.....

و لوكان محتاجاً للمال حقاً لعاد للوطن..

 

 

 

فهل من العدل أن تقدم له المال ليلهو به

في تلك البلاد الأوروبية وأنت هنا تعمل

من أجل الحصول على المال كما لا تنسى

الآن أنت من يعيل والدتك وليس هو....

 

 

 

 

نظر حسام نحو أنهار وقال:

ولكن إنه أرثه من والدي...

 

 

أمسكت أنهار بيد حسام ووضعتها على بطنها

التي أخذت تتأرجح من حركة الجنين الذي

بداخلها وقالت:

لا تنسى يا حبيبي علينا أن نضمن مستقبل

طفلنا القادم بعد طول انتظار والمشروع

الذي أقمته بحاجة لتمويل كبير حسناً فعلت

برفضك تقديم المال لمهند...

 

 

وإن كان بحاجة ماسة للمال فسيعود للوطن..

 

 

كانت كلمات أنهار تلك كافية لتبعد عن

حسام الحيرة والتردد التي يشعر بها و

حركة طفله تكفي لأن تجعله يوجه كل

تفكيره لمستقبل هذا الطفل.....

 

 

،،،

 

تعالى صراخ أنهار في كل أرجاء الغرفة

يبدو أنه قد حان ميعاد ظهور الطفل المنتظر

وقف حسام حائراً مرتبكاً و أخيراً أسرع

وبدل ملابسه وأمسك بأنهار ليساعدها للنزول

والتوجه للسيارة خرجت والدته من غرفتها

حين سمعت صراخ أنهار وهي تقول:

ماذا هناك هل حان وقت ولادتها؟؟

 

 

 

هز حسام رأسه وهو مرتبك أسرعت

والدته وارتدت حجابها وأمسكت هي

الأخرى بيد أنهار وقف حسام ينظر

لوالدته وهو في حيرة شديدة قالت له:

ما بالك هيا أسرع للسيارة....

 

 

كان صراخ أنهار يدل على آلام شديدة

أمسكت بيد عمتها وهي تقول:

أنها آلام فظيعة يبدو أني سأموت..

 

 

قالت العمة:

لا يا عزيزتي بإذن الله ستلدين بالسلامة

وتعيشين لتربي طفلك القادم....

 

 

 

جلست العمة على الكرسي تنتظر عادت

بذاكرتها لسنين ماضية حين كانت تجلس

وهي تنتظر ولادة أبرار أخذت نفساً عميقاً

فكم تشعر بشوق لمهند وأبرار وطفليهما..

 

 

 

 

 

أفاقت من أفكارها تلك على وقع خطوات

حسام المضطربة وهو يقف عند باب الغرفة

تقدمت نحوه وقالت:

ماذا حصل لما أنت هنا ولست لجوار

زوجتك؟؟

 

 

أجابها وعيناه دامعتان:

سيجرون لها عملية....

 

شعر وكأنه طفل صغير يشكو همومه

لوالدته وينتظر أن تفتح ذراعيها لتضمه

فتحت والدته ذراعيها له ألقى بنفسه بين

أحضانها بدأ يشم رائحتها العطرة التي

لطالما كان يشمها حينما يلقي بنفسه في

أحضانها في أيام الطفولة لم تتغير رائحتها

كما هي تذكر مهند ماذا سيكون شعور والدته

لو علمت بأنه رفض تقديم المال لأخاه هز

رأسه محاولاً إبعاد هذه الفكرة عنه...

 

 

 

 

وأخيراً أقبل الطبيب نظر حسام نحوه

وهو ينتظر منه الخبر القادم...

 

 

ابتسم الطبيب وقال:

الحمد لله لقد تمت العملية بنجاح وأنجبت

زوجتك بنتاً جميلة....

 

 

 

غمرت السعادة حسام ووالدته وأخذت

والدته تحمد الله وتشكره لهذه النعمة...

 

 

 

 

نظر حسام من فتحة الباب الضيقة لأنهار

التي كانت نائمة كم كان يتمنى أن تكون

مستيقظة ليشكرها على هذه المولودة..

 

 

 

رافق والدته نحو الحضانة وأخذ عبر

الزجاج هو ووالدته ينظرون لمجموعة

الأطفال الموجودون هناك..

قال لوالدته:

أيهم هي طفلتي يا والدتي أتستطيعين

تمييزها...

 

 

 

ابتسمت والدته وقالت:

أظنها تلك إنها تشبه أنهار كثيراً..

 

 

ابتسم حسام وقال:

حسناً لنرى سأسأل الممرضة...

 

 

وكم كانت سعادته كبيرة حين

كانت هي الطفلة ذاتها التي

أشارت لها والدته...

 

كانت فعلاً طفلة جميلة وبريئة أخيراً

رزق بها بعد طول انتظار....

 

 

Link to comment
Share on other sites

 

(14)

 

 

أخذت ترتب الأغراض في تلك الرفوف البالية

كانت تنظر في أنحاء تلك الغرفة البالية والتي

اضطروا للانتقال لها بسبب الضيق المادي الذي

يقعون فيه…..

 

 

ولكن لقد تأخر مهند فقد نزل منذ قرابة الساعة

برفقة هادي وفادي لإحضار الحقيبة الأخيرة

من سيارة الأجرة ولكنه تأخر....

 

 

ارتدت حجابها ونزلت من على الدرج فالغرفة

التي تأجروها تقع في الطابق الثالث وهذا المبنى

ليس به مصعد....

 

جرت أبرار حين سمعت صراخ فادي وهو

يقول:

بابا....ما بك أرجوك أفق....

 

 

كان مهند يجلس على الأرض ويسند ظهره

للجدار وقد أخذت أنفاسه تتسارع ووجهه

يزداد صفرة وشحوب....

 

كان الفزع والقلق يرتسم على وجه هادي وفادي

اللذان أخذا بالبكاء...

 

 

أسندت أبرار مهند وقالت:

حاول يا مهند أن تتماسك حتى نصل للغرفة...

 

 

كانا في منتصف الدرج للطابق الأول فكان

المشوار للغرفة طويلاً جداً....

 

 

وأخيرا وصلت للغرفة ساعدت مهند على

الاستلقاء فوق الفراش وقدمت له دواءه...

 

 

تركت أبرار هادي وفادي لجوار والدهم

وقالت:

سأذهب لأحضر الحقيبة لا تصدرا إزعاجاً

فوالدكما متعب....

 

 

 

أخذت تحاول أبرار رفع الحقيبة لتوصلها

للطابق العلوي ولكن هزالها وضعفها كان

سبب في صعوبة رفعها للحقيبة.....

 

 

 

أخذت تحاول وترفع الحقيبة تارة وتسحبها

تارة أخرى على الدرج وأخيراً وصلت بها

إلى الغرفة كانت تشعر بإعياء شديد

فبمجرد أن دخلت الغرفة أغلقت

الباب وألقت بنفسها على أقرب كرسي

وإن كان متهالك....

 

 

 

لم تشعر بنفسها لقد غفت مكانها ولكن

أوقظها صوت هادي وهو يخاطب أخيه

فادي قائلاً:

أنا خائف...أنا جائع....لا أريد أن تمرض

ماما...

 

 

تذكرت مهند توجهت لحيث يرقد على الفراش

كانت أنفاسه متلاحقة وقد ارتفعت درجة حرارته

أخذت تناديه قائلة:

مهند أأنت بخير؟؟

 

 

قال بصوت خافت:

نعم أحتاج لأن أنام قليلاً....

 

 

أخذت ترتب بقية الأغراض في تلك الرفوف

المتهالكة وتعد شطائر الجبن لطفليها لعلها

تسد جوعيهما.....

 

ينقص الكثير من الأغراض لتعد طعام

العشاء لطفليها....

 

 

أخذت تتأمل المطبخ الجديد في الغرفة و

تحاول ترتيبه ليكون جاهز للاستخدام

ولكن خاب أملها.....

 

فقد كان هذا المطبخ التابع للغرفة عبارة عن

طاولة متهالكة وعليها موقد صغير وبجانبه

صنبور ماء هو الوحيد في الغرفة....

 

 

 

فدورة المياه كانت بالخارج ويشاركهم فيها

الآخرين وكان هذا أكثر ما يضايق أبرار

ويبعث في نفسها القرف......

 

 

فما الذي تستطيع ترتيبه في مطبخ كهذا؟؟

 

 

 

 

لم يخطر ببالها يوما أنها ستعيش في هكذا

مكان كانت الغرفة السابقة أفضل من هذه

بكثير فأقلاً لم تكن دورة المياه مشتركة

أخذت تحاول تنظيم الغرفة بشكل يبعث في

نفسها بعض الارتياح أخرجت العلب الفارغة

للخارج شعرت بمن كان يراقبها عبر فتحة

الباب الضيقة كانت عينان خضراوان رسمت

حولها التجاعيد الكثيرة حتى كادت أن تغور

تلك العينان والش(كلمة غير لائقة)ات البيضاء المبعثرة

جعلت أبرار تعرف أن من يراقب هي

امرأة عجوز لعل فضولها هو الذي بعثها

لتراقب لتعرف من القادم الجديد للغرفة

المقابلة.....

 

 

 

أطلت أبرار على دورة المياه كانت رائحتها

مقرفة و هي تود أن تحمم هادي وفادي كيف

ستحتمل هذه الرائحة كما كيف ستطمأن أنه

لا توجد جراثيم فيها.......

 

 

كان هادي وفادي يبديان أستيائهما ويقولان:

أن الرائحة كريهة ماما لا نريد أن نستحم..

 

 

عادت أبرار للغرفة أخذت قفازات وسائل

التنظيف واتجهت لدورة المياه لتقوم بغسلها

كان هادي وفادي يقفان عند الباب وكل منهما

يحمل طائرته الصغيرة ويتظاهران بأنها تطير

كانا يتجولان في الممر المجاور لدورة المياه

ولا زالت تلك العين تراقب من فتحة الباب...

 

 

 

أخذت أبرار تغسل باهتمام وتشعر ببعض

الراحة حين ترى أن دورة المياه قد نظفت

ويبعثها ذلك لتجد أكثر.....

 

 

 

فجأة سمعت صوت قطع عليها انهماكها

في التنظيف صوت متهدج يقول باللغة

الأجنبية:

لا...لا هذا خطر لا تتناوله....

 

 

استدارت أبرار لترى من...كانت المرأة العجوز

تقف وهي تحمل بيدها سائل التنظيف وفادي

يقف أمامها...

 

 

وجهت العجوز كلامها لأبرار وقالت:

كان الطفل يحاول تناول سائل التنظيف لعله

عطشان سأحضر له كوب ماء خذي سائل

التنظيف بعيداً لأن لا يعود ويتناوله مرة

أخرى....

 

 

تنهدت أبرار وقالت في نفسها:

الحمد لله أن هذه العجوز كانت تراقبني وألا

لكان فادي تناول سائل التنظيف.....

 

أحضرت العجوز كوب ماء وقدمته لفادي

وأقبل هادي وقال:

أنا أيضاً أريد الماء...

 

تأملت أبرار يدا العجوز التي كانت تحمل

الماء كانتا خشنتان وبهما الكثير من الشقوق..

 

 

ابتسمت أبرار للمرأة العجوز وقالت:

أشكرك فقد أنقذت حياة ابني....

 

 

 

 

أخذت العجوز الكأس بعد ما تناول هادي

المتبقي من الماء وقالت:

إن طفليك جميلين ولكن انتبهي لهما...

 

 

 

ابتسمت أبرار وقالت:

نعم سأفعل...

 

 

قال فادي:

ماذا تقول المرأة يا ماما....

 

 

قالت أبرار:

إنها تقول علينا الانتباه والحذر ويجب أن

تسألني قبل أن تتناول أي شيء...

 

وأخيراً انتهت من تحميم هادي وفادي

وعادت للغرفة وأثناء طريقها كانت

العجوز تقف عند الباب وهي تحمل

بيدها كيس ورقي به أغراض فيما

يبدو أنها قادمة من السوق.....

 

 

 

قالت أبرار:

لو سمحت أيمكن أن أسألك سؤال؟؟؟

 

 

نظرت نحوها العجوز وقالت:

ماذا هناك؟؟

 

قالت أبرار:

أيوجد سوق قريب يمكنني الوصول إليه

سيراً على الأقدام...

 

 

قالت العجوز:

نعم يوجد ففي الجوار مطعم اقصدي الشارع على

اليمين منه في نهايته سوق صغير لكل المستلزمات..

 

 

قالت أبرار:

أشكرك..

 

واتجهت نحو الغرفة كانا طفليها قد بدا

عليهما النشاط وأخذا يقفزا في الغرفة

طلبت منهم أبرار الهدوء فوالدهم متعب

والذي كان يجلس على إحدى الكراسي

المتهالكة ويحمل بيده ورقة وهو سارح

بأفكاره بعيداً....

 

 

قالت أبرار:

ينقصنا الكثير من الأغراض والتي قد أحتاجها

لأعد لكم الطعام......

 

 

 

ولكنه ظل ينظر في تلك الورقة التي بيده

نادته أبرار :

مهند ....مهند.....

 

 

 

اقتربت أكثر من حيث يجلس عندما شعر بها

تصرف باضطراب ووضع الورقة التي بيده

داخل الدرج المجاور للكرسي.....

 

 

قالت أبرار:

ما بك يا مهند ما الذي يشغل فكرك...

 

 

قال مهند:

لا شيء أكنت تكلميني....

 

 

قالت أبرار وهي تنظر ناحية الدرج وقد تملكها

الفضول لمعرفة ما الذي أخفاه عنها:

كنت أقول أني أحتاج للكثير من الأغراض كي

أتمكن من تحضير الطعام.....

 

 

قال مهند:

ولكن أشعر ببعض التعب ولا أتمكن من النزول

لأحضر لك ما تحتاجين...

 

 

قالت أبرار:

لقد سألت أحدى الساكنات بالقرب منا وقد أخبرتني

أنه يوجد سوق صغير بالقرب من هنا ويمكنني الوصول

له سيراً على الأقدام ما رأيك أأذهب؟؟؟

 

 

 

صمت قليلاً مهند وكأنما أخذ يفكر ومن ثم

قال:

لا بأس أذهبي ولكن كوني حذرة...

 

 

ابتسمت أبرار وقالت:

 

نعم لا تخف....

 

 

وقف هادي وفادي وقالا:

سنذهب معك ما ما أرجوك...

ابتسمت أبرار وقالت:

حسناً عزيزي ساعداني في حمل الأغراض

وأخذت تساعدهما في ارتداء أحذيتهما ورتبت

حجابها وأخذت نفساً عميقاً وقالت:

آه...أشعر وكأني سأقوم برحلة...

 

 

ابتسم مهند وقال:

نعم فمنذ فترة طويلة لم يخرج هادي وفادي

عندما تتحسن حالي سنذهب جميعاً في رحلة

لأحدى الملاهي......

 

قالت أبرار:

إن شاء الله....

 

 

بدأت تسير أبرار حسب الوصف الذي وصفته

لها المرأة العجوز....

 

 

وأخيراً وصلت للسوق الصغير كان هادي وفادي

يجريان ويتقدما والدتهما لم تكن تحمل أبرار الكثير

من المال فاضطرت للبحث عن أهم ما تحتاجه و لم

تستطع تلبية بعض الطلبات من طفليها ولحسن حظها

كانا يقتنعان عندما تقول لهما:

سيحضر معكم والدكم مرة أخرى ويأخذ لكم ما تشاءان.

 

فقد كانت الابتسامة ترتسم على وجهيهما لعلهما سعيدين

لأنهما سيتكرر لهما الخروج مرة أخرى فقد ملا

المكوث في غرفة الفندق من غرفة لأخرى ومن

فندق لآخر....

 

 

 

عادت أبرار وهي تحمل الكيس وكل من طفليها

يحمل كيس آخر وعندما اقتربت من الفندق لمحت

مهند عند أحد الهواتف العامة....

 

قالت في نفسها:

عجباً ما الذي جعله ينزل وهو متعب...

 

 

تبادر لذهنها بأنه ربما يتحدث مع والدته أسرعت نحوه

في حين وقف هادي وفادي مكانهما يراقبا الطيور وهو

تلتقط بعض البذور من على الأرض....

 

 

وقفت متجمدة في مكانها وهي تسمع مهند يقول لمن في الهاتف:

أعذريني حبيبتي ما ريا لن أستطيع الحضور في هذه

الفترة فلدي الكثير من الأعمال ....وأنا أيضاً مشتاق لك

جداً....

 

 

تراجعت أبرار للخلف وقفزت لذاكرتها الورقة التي

أخفاها مهند في الدرج أسرعت نحو هادي وفادي

وأمسكت بيدهما وأخذت تجري بسرعة على الدرج

ظن هادي وفادي أن والدتهما تسابقهما فأسرعا

ليسبقاها.....

 

 

 

أخذت تبحث في الدرج وجدت صورة تأملتها

أبرار كانت فاتنة أنها فاتنة أخرى تتقدم لتحل

في قلب مهند....

 

 

أخذت الدموع تتقاطر من عينيها وتقول:

أن قلبه المريض يبحث عن أخرى...

 

 

 

وقف هادي وفادي ينظران لها وهما يتحدثان

لم تستطع سماع ما يقولان....

 

 

أخذت دموعها تجد لها طريقاً على خديها....

 

 

لما لم يكن كوالده المتوفى رحمه الله كان طيباً

مؤمناً غاضاً لبصره لما لم يكن مثله.....

 

دخل مهند الغرفة رأى طفليه وقد أخذا يلتهما

البطاطا الجافة من الكيس فالجوع قد تملكهما

وكانت الأكياس ملقاة على أرضية الغرفة ابتسم

لأبرار وقال:

لقد عدتم أأحضرت كل ما تحتاجين....

 

لمح الدموع على خدي أبرار رفعت يدها نحوه

أخفى وجهه بيده فكأنها كانت تريد أن تصفعه...

 

ولكنها لم تصفعه رأى أمامه صورة ما ريا

معشوقته الفاتنة أخذ الصورة من بين يدي

أبرار قال:

لا تسيئي الظن بي يا أبرار...

 

 

 

قالت أبرار:

لا أسيء الظن بك ماذا تقصد لقد سمعتك تقول

لها عبر الهاتف حبيبتي وانك اشتقت لها....

 

 

قال مهند:

نعم إنها خطيبتي....

 

 

أصاب الذهول أبرار لم تصدق ما تسمع خطيبته

تابع مهند قائلاً:

لقد تعرفت عليها منذ اليوم الأول لوصولنا

هنا وقد أحببتها فقررت أن لا أضيع الفرصة في

الحصول على سعادتي هذه المرة....

 

 

وقد طلبتها للزواج منذ أسابيع وقدمت لها خاتم

الزواج ولكن ننتظر بعض الإجراءات ومن ثم

سيتم عقد قراننا بعد أن أحصل على وظيفة

وتستقر الأمور......

 

 

أخذت أبرار نوبة حادة من البكاء شعرت بإهانة

كبيرة لكرامتها شعرت بأحاسيس كره غريبة

تجاه مهند شعرت أنها لا تريد رؤيته أخذ مهند

يحاول تهدأتها دفعته بعيداً عنها وقالت:

لا أريد أن أراك ابتعد عني سأجلس عند باب الغرفة

لا أريد رؤية وجهك أيها الخائن.....

 

 

 

جلست عند باب الغرفة وضعت وجهها بين

ركبتيها ودموعها تنحدر بغزارة شعرت بألم

شديد يخنقها في صدرها....

 

 

شعرت بيد تمسح على رأسها رفعت لترى

من....

كانت المرأة العجوز...

 

قالت:

ما بك تجلسين هنا تفضلي معي

إلى غرفتي....

 

 

ترددت أبرار في الدخول قالت العجوز:

لا تخشي فلا يوجد سواي وابنتي الوحيدة

وسأترك الباب مفتوحاً ولكن لا تجلسي هنا

على الأرض.....

 

 

 

تبعت أبرار العجوز للغرفة ودخلتها كانت

غرفة بسيطة ولكن أثاثها فيما يبدو جديد وليس

مهترأ كغرفتها.....

 

 

تتوزع الزهريات على كل أنحاء الأثاث في

الغرفة وكانت النافذة الوحيدة محاطة بستارة

حريرية ذات ألوان بهيجة....

 

كانت تجلس على كرسي هزاز في وسط تلك

الغرفة فتاة في العشرين من العمر كانت ضفيرتاها

الذهبيتان تقعان على صدرها وتنتهيان بشريط زهري

اللون وهي تقرأ في كتاب بين يديها....

 

 

كانت نحيلة وترتدي فستان كستنائي اللون

من ما جعلها تبدو ناصعة البياض

وترتدي خف بني اللون كانت جميلة

كأميرات الرسوم المتحركة.....

 

 

ولكنها لم تبدي أي اهتمام عند دخول أبرار

وحتى لم تكلف نفسها عناء النظر تجاهها

جلست أبرار على أحد الكراسي بعدما

طلبت منها العجوز الجلوس....

 

 

أحضرت لها كوب عصير ومنديل وقالت:

امسحي دموعك...

 

ابتسمت أبرار وأخذت المنديل ومسحت

دموعها....

 

تناولت رشفة من عصير البرتقال الذي

وضعته العجوز أمامها على الطاولة...

 

 

أشارت العجوز نحو حجاب أبرار وقالت:

لما أراك ترتدينه دائماً ألديك مشكلة أو عيب

في شعرك أو ذقنك أو أذنيك....

 

لا تحزني فعليك بالصبر.....

 

أثارت تلك الكلمات اندهاش أبرار وقالت:

لا أبدا الحمد لله لا أشكو من شيء....

 

 

 

نظرت العجوز نحو أبرار وقالت:

دعيني أرى..

 

 

خلعت أبرار حجابها وبانت الدهشة

على وجه العجوز وقالت:

نعم هذا صحيح أنت لا تشكين من شيء

ولكن لما ترتدينه باستمرار..

 

قالت أبرار:

أنا أرتديه بأمر من الله فيجب على المرأة

أن لا تسمح لأي رجل غريب أن يرى

بدنها....

 

 

قالت العجوز:

هو أمر إلهي وما هي ديانتك؟؟؟

 

 

قالت أبرار:

أنا مسلمة...

 

صمتت العجوز لفترة وقالت:

هي ديانة إلهية أخرى غير ديانة المسيحية

واليهودية...

 

 

هزت أبرار رأسها بالإيجاب وقالت:

نعم هي ديانة خاتم الرسل النبي محمد صلى

الله عليه وآله وسلم...

 

 

قالت العجوز:

بصراحة أنا لا أعرف الكثير عن ديانتكم هذه

ولكن أرى زيك هذا يشابه زي الراهبات في

الكنيسة وبما أننا لسنا في كنيسة ظننت أنك

تحاولين إخفاء عيب جسدي بك عذراً لتطفلي....

 

 

ابتسمت أبرار وهي ترتب حجابها وقالت:

لا.... لا بأس....

 

 

قامت العجوز من مكانها واتجهت لحيث تجلس

الفتاة التي ما أن رأتها حتى امتلأ وجهها بهجة

وسرور أمسكت الفتاة من يدها وأجلستها أمام

أبرار وأخذت تحرك يديها بإشارات منظمة..

 

مدت الفتاة يدها لأبرار مصافحة صافحتها

أبرار وهي تبتسم وتقول لها:

سررت بالتعرف عليك....

 

 

ولكن لم تجب الفتاة بل أخذت تحرك يديها

بإشارات منظمة....

 

قالت العجوز:

ابنتي تقول أنها سرت بحضورك لنا فهذه المرة

الأولى التي نستقبل فيها ضيوفاً بغرفتنا...

 

 

قالت أبرار:

أشكركن على حسن استقبالكن لي....

 

 

قالت العجوز:

أن ابنتي تدعى جين وهي كما ترين جميلة ولكن

للأسف صماء وبكماء.....

 

 

كانت تجلس الفتاة على الكرسي المقابل لأبرار

وتتأملها والفرح يرتسم على وجهها وكانت

تشير لوالدتها على ما يبدو تسألها عن حجاب

أبرار وكانت والدتها تخبرها بما أخبرتها به

أبرار.....

 

 

كان تعرف أبرار على هذه العائلة قد أنساها

قليلاً الحزن الذي يعتري قلبها ولكن لم تدم

لحظات النسيان فقد عادت بها الذكرى من جديد

لما حصل بينها ومهند قبل لحظات....

 

 

قالت أبرار:

اسمحي لي علي الانصراف فلدي بعض الأعمال

التي يجب أن أقوم بها...

 

 

عادت أبرار لحيث كانت تجلس عند باب الغرفة

شعرت بالباب يفتح أطل مهند من خلف الباب

وقفت أبرار ودخلت للغرفة دون أن تسمح لعينيها

أن يلتقيا بعين مهند....

 

 

قال مهند:

أرجوك يا أبرار أفهميني؟؟؟

 

 

قالت أبرار:

أفهم ماذا؟؟؟

 

قال مهند:

ليس لدي الكثير من الوقت لأحظى بالسعادة في

هذه الدنيا فلا تحرميني من أيام قليلة أعيشها

بسعادة لجوار من أحب...

 

قالت أبرار:

أنك لا تنظر ابعد من أنفك....أنا كما تراني بكامل

صحتي ولكن لا اضمن أني سأعيش حتى أنهي

حديثي.....

 

 

وأنت تقول لي لحظات السعادة في هذه الدنيا

مهند إن السعادة في الآخرة وليس في الدنيا....

 

 

 

سادت بينهما فترة صمت قطعتها أبرار بينما هي

تعد الحساء بقولها:

أتعلم أنك متزوج؟؟؟

 

 

نظر مهند مطولاً نحو أبرار وقال:

لم أخبرها بعد...

 

 

 

قالت أبرار:

وما هي جنسيتها؟؟؟

 

 

قال مهند:

إنها من أصول عربية ولكنها ولدت هنا في

أوروبا....

 

 

قالت أبرار:

لا أظن أبداً أنها ستوافق أن تكون زوجة ثانية...

 

وقف مهند وقال:

مستحيل لن أتركها لأي سبب كان سأقنعها بكل

الطرق.....

 

 

وضعت أبرار الغطاء على القدر واقتربت أكثر

من مهند أكثر وأكثر حتى أصبحت عينيها مباشرة

عند عيني مهند وقالت:

وإذا خيرتك بيني وبينها من ستختار؟؟؟

 

 

 

طال الصمت...

 

 

كررت أبرار قائلة:

أجبني من ستختار من حقي أن أعرف....

 

 

يتبع......

 

 

Link to comment
Share on other sites

 

(15)

 

أخذ ينظر مهند نحو أبرار...

كم هي غريبة هذه

المرأة؟؟؟

 

فبرغم كل الحزن الذي شعرت به قبل قليل إلا

أنها ترفض الاستسلام وترفض إهانة كرامتها

نظراتها الثاقبة وإحراجها له بسؤالها من ستختار

كان طريقتها لاسترداد كرامتها المهدرة...

 

 

 

 

بالرغم من كل أحزانها فهاهي تعود للغرفة وكأن

شيء لم يحصل تهتم بطفليها....

 

 

كم هي قوية بل لطالما شعر بأنها أقوى منه بكثير

فبالرغم من المجتمع الجديد الذي انتقلوا إليه....

 

هذا المجتمع المنفتح إلا أنها متمسكة بحجابها بل و تهزأ بنظراتها الثاقبة من كل العيون الساخرة من

حجابها وترغم الجميع على تقبلها في هذا المجتمع

بحجابها ومبادئها...

 

كانت لازالت عيناها تراقبان عينيه

وعندما طال جوابه أخذت تنظر نحو طفليها....

 

 

تأملت أبرار طفليها وهما يصففان تلك المكعبات الملونة

فوق بعضها البعض كانا يحاولان بناء منزل....

 

 

 

كان كل منهما منهمك بترتيب تلك المكعبات

تأملت أبرار وجهي طفليها كانت السعادة

بادية على وجهيهما حتى أنهما نسيا الجوع

الذي كانا يشعرا به...

 

 

 

وجهت نظراتها نحو مهند وقالت:

ماذا سيكون اختيارك أجبني؟؟

 

وقف مهند وقال:

لن تضعني هي تحت الاختيار...

 

 

وقفت أبرار وقالت:

وإن وضعتك أنا تحت الاختيار فماذا سيكون

خيارك؟؟؟

 

 

سار مهند نحو الباب أصطدم بمنزل المكعبات

تحطم المنزل أخذ ينظر هادي وفادي لحطامه

بخيبة أمل وكانت أبرار هي الأخرى تنظر لحطام

منزل المكعبات بخيبة أمل وتارة أخرى تنظر للباب

الذي أختفي خلفه مهند.....

 

 

 

أرادت أن تمسح حزن طفليها فقالت:

هيا لقد أعددت لكما طعاماً شهياً لنتناوله ومن ثم

سأحكي لكما حكاية قبل أن ننام....

 

 

 

،،،

 

 

أخذت تنظر أبرار نحو مهند لقد طال به النوم في

هذا اليوم لم تكن تعلم ما السبب ترددت في إيقاظه

لعله متعب ويريد أن يرتاح وبينما هي في أفكارها

سمعت طرقاً على الباب اتجهت نحو الباب فتحته

كانت المرأة العجوز ابتسمت لها أبرار وحيتها

فبادلتها العجوز بالتحية والابتسامة و من ثم

قالت:

أنا أدعوك وطفليك لعيد ميلاد ابنتي في هذا المساء

فنحن ليس لدينا أصدقاء في هذه المنطقة وقد

تحدثت مع ابنتي عن طفليك وهي ترغب بشدة

في أن تحظى برؤيتهما....

 

ابتسمت أبرار وقالت:

نعم أقبل دعوتك بكل سرور....

 

 

،،،

 

 

لا زال مهند يقبع في فراشه ولم يغادره سوى

لفترات قصيرة وحتى طعامه تناوله وهو على

الفراش كانت أبرار تشعر ببعض القلق عليه

قالت له:

أتتناول الدواء بانتظام...لعلك تحتاج لمراجعة

الطبيب...

 

 

 

قال مهند:

لا أنه تعب بسيط فهذه الغرفة تشعرني بالإعياء

والتعب فهي مقرفة...

 

 

أخذت أبرار تدور بنظراتها في الغرفة ومن ثم

قالت:

لما لا تستشير طبيب ذلك أفضل لك...

 

 

قال مهند:

أبرار بصراحة كنت متردد أن أخبرك ولكن

النقود التي نملكها تكاد تنفذ....

 

أحنت أبرار رأسها للأرض وقد تملكتها الحيرة

فمهند بوضعه الصحي عاجز عن العمل والمال

يكاد ينفذ وليس هناك ما يبيعونه فقد باعوا أغلى

ما يملكون في الفترة السابقة بعد انتقالهم لهذه

الغرفة التعسة.....

 

 

 

وبعد فترة صمت

قالت:

أنا مدعوة مع طفلي للعشاء في غرفة

العجوز المقابلة لنا...

 

 

قال مهند:

يمكنك الذهاب وهذه فرصة ليتسلى الطفلان

قليلاً...

 

 

أخذت تفكر أبرار ما الهدية التي يمكن لها

أن تقدمها لجين....

 

 

فليس لديها مال لتشتري به أي هدية...

 

 

وفجأة أخذت تبحث في الأدراج وتبحث هنا

وهناك....

 

 

وأخيراً وجدت ما كانت تبحث عنه جلست

بسعادة وهي تمسك بالإبرة والصوف الملون...

 

 

لقد كانت تراقب عمتها وهي تحيك جوارب

لطفليها وتعلمت منها الحياكة وهاهي الفرصة

سانحة لها لتستخدمها وتصنع هدية لعيد ميلاد

جين....

 

كانت قد بدأت الشمس للتو بالغروب فأسرعت

أبرار لتحيك وتنهي عملها....

 

 

أخيراً أنتهت من صنع حقيبة صغيرة أخذت

تتأملها كانت متناسقة ومرتبة أكثر مما توقعت

شعرت بسعادة كبيرة فقد قامت بإنجاز رائع

أسرعت تبحث بين أغراضها ووجدت علبة

فارغة ووضعتها فيها وهي مغتبطة........

 

 

أمسكت بيد فادي وهادي وارتدت حجابها

واتجهت لغرفة العجوز....

 

 

كانت رائحة الأزهار العطرة تملأ المكان

أخذت تبتسم العجوز وتهيل كلمات الترحيب

على أبرار وطفليها...

 

 

دخلت أبرار وجلست بجانب طفليها حيث

أشارت العجوز لهم بالجلوس...

 

 

كانت الغرفة تحوي بعض الزينة البسيطة

وبالونات كتب عليها إسم جين وتمنيات

لها بالسعادة والشفاء....

 

 

 

وقفت أبرار مبهورة وهي ترى جمال جين

الأخاذ فقد أرسلت شعرها الحريري وأرتدت

فستان أحمر جعلها تبدو فاتنة وجميلة وزينتها

البسيطة زادتها جمال والعقد ذو الفص الأزرق

كان يتباهى حول عنقها وقرطاها يتحركان

ذهاباً وأياباً بحركة أنسيابية من ما يزيد الناظر

نحوها أنبهاراً بها....

 

 

مدت جين يدها نحو أبرار لتصافحها وصافحتها

أبرار كانت يدها ناعمة كالحرير على النقيض

من يد والدتها العجوز....

 

 

 

أخذت جين تصافح الطفلين وتقرص خديهما

بسعادة كانت السعادة تشع من عينيها والعجوز

تقف وهي تتأمل ابنتها وابتسامة الرضا مرسومة

على شفتيها....

 

 

جلست العجوز على الكرسي المقابل لأبرار و

قالت:

أشكرك لحضورك فقد ساهمت في إدخال الفرح

والسرور لقلب ابنتي العزيزة.....

 

 

قالت أبرار:

أنا التي يجب أن أشكرك لدعوتنا....

 

أخذ هادي وفادي يلعبان مع جين التي كما

يبدو تناست فارق السن بينها وبينهما وجلست

لجوارهما على الأرض تريهم ألعابها القديمة

وترسم لهم بسعادة ....

 

 

قالت العجوز:

أنها منسجمة معهما مع أنها غير قادرة على

الكلام.....

 

 

قالت أبرار:

لا لن يؤثر ذلك فطفلي لا يستطيعان التحدث

باللغة الأجنبية.....

 

هزت العجوز رأسها موافقة لرأي أبرار...

 

 

قالت العجوز:

هل تعملين؟؟؟

 

قالت أبرار:

للأسف لا ... وأنت هل تعملين؟؟

 

 

قالت العجوز:

نعم أنا أعمل في المطعم المجاور..

 

قالت أبرار:

أنت طاهية....

 

قالت العجوز:

لا أنا غاسلة صحون...

 

تأملت أبرار يدا العجوز الخشنتان فقد فهمت

الآن سبب الجروح والشقوق التي بها...

 

 

تابعة العجوز تقول:

كنت في السابق إحدى سيدات المجتمع الراقي

ولكني أخترت أن أهرب إلى هنا بعد الذي حصل..

 

 

وصمتت العجوز وحاولت أن تحبس دمعتان

تحاولان الهرب من عينيها....

 

 

آثرت أبرار الصمت وأن لا تلح على العجوز لمعرفة

سبب تركها لحياتها السابقة.....

 

 

أخذت جين تشير لأبرار بالقدوم وقفت أبرار

وتقدمت إلى حيث تقف جين...

 

 

كانت الطاولة مليئة بالطعام والحلويات

المرتبة ترتيبا متناسقاً يفتح شهية الناظر لها...

 

 

وقد غطا الطاولة مفرش أحمر مطرز

بخيوط ذهبية اللون...

 

 

وفي الوسط توجد كعكة جميلة ووضع

فوقها الشموع...

 

 

كان هادي وفادي يقفان على الكرسي

بسعادة و يحاولان إطفاء الشموع

وجين تشير لهم بيدها ليصبروا قليلاً..

 

 

أقبلت العجوز وهي تبتسم وأخذت تنشد

وفادي وهادي ينظران لها ويصغيان

بانتباه واندهاش.....

 

 

وأخيراً أطفأت الشموع وجلس الجميع

على الطاولة لتناول طعام العشاء...

 

ومن ثم قدمت العجوز طبق صغير وضعت

فيه بعض الطعام وطلبت من أبرار

أن تأخذه لزوجها شكرتها أبرار

وأخذت الصحن واتجهت للغرفة

على أن تعود بعد قليل...

 

 

 

كان مهند يجلس على الفراش ويشاهد

التلفاز قدمت له أبرار الطعام وعادت

لغرفة العجوز....

 

وبعد أن استقر بهما الجلوس أخذت

تقول العجوز:

سأحكي لك حكايتي....

 

 

نظرت أبرار بهدوء نحو العجوز وتأملت

شفتاها اللتان كانتا ترتجفان وكأن العجوز

عادت بها أفكارها لذكرياتها الحزينة وتقاوم

مشاعر الحزن والأسى التي تشعر بها....

 

 

 

قالت العجوز:

كنت في السابق فتاة جميلة وأعيش مع والدتي

التي تركها والدي وحيدة بعد وفاته.....

 

وقد التقيت بزوجي في أحدى الحفلات وأقمنا

علاقة حميمة مع بعض برغم أنه لم يكن من

سني بل كان بيننا فارق كبير نسبياً في العمر...

 

 

ولأن والدتي تربت في بيئة محافظة وقد ربتني

على تلك التربية....

 

فلم تطل فترة تعارفنا طويلاً وتزوجنا أنجبت

طفلي الأول وامتلأت حياتي بالسعادة ولأني

كنت أحب الأطفال وحالة زوجي المادية ممتازة

أنجبت الثاني بعد سنتين....

 

 

ومن ثم بدأت رحلة عذابي فقد أنشغل عني زوجي

بأعماله وصفقاته وأهملني وأقام علاقات مع

نساء أخريات وأصبح وجودي في منزله مجرد

ديكور يكمل أثاث منزله...

 

 

ولأنه أهملني فقد أصبحت أشغل وقتي بالأولاد

والمنزل وأنا أحاول تناسي وجود هذا الرجل في

حياتي.....

 

 

كانت أبرار تستمع لكلمات العجوز التي تصف

حالها وحزنها وتجد أنها تشاركها في الكثير

من مشاعر الحزن والأسى لرجل تركها وتناساها

من حياته.............

 

 

تابعة العجوز قائلة:

ورزقت بثلاثة أولاد وطفلتين أحدهما جين والأخرى

سارة....

 

 

أخذت دموع العجوز تتقاطر على وجهها وهي تقول:

لقد ضاع تعبي وسهري الليالي في تربيتهم فولدي الأول

تشارلز ما أن بلغ الثامنة عشرة من العمر حتى طلب

منه والده الخروج والابتعاد عنا من أجل أن يخفف

علينا من أعباء المصاريف...وأخذت صوتها يشتد

ويتهدج ودموعها تنهمر أكثر وهي تقول:

بالرغم من أنه لديه الكثير من المال فقد طلب منه

الابتعاد عنا أصبح هذا الرجل العجوز لا هم له

سوى المال والمتعة....

 

 

وتبع تشارلز أخواه وتركاني بمفردي مع سارة

وجين المريضة وهكذا وفر في المصاريف التي

ينفقها علينا ذاك العجوز اللئيم وأخذت ثروته

تزداد يوما بعد يوم ولكن لم يكتفي بذلك فقد

زوج ابنتي العزيزة سارة....

 

 

وأخذت تبكي بحرقة وألم أقبلت جين

نحو والدتها تضمها ودموعها تنهمر

هي الأخرى......

 

 

لم تستطع أبرار حبس دموعها عند رؤيتها

حال هذه العجوز...

 

 

قالت:

أنا آسفة أن كنت أتعبتك وسمحت لك بتذكر

أحداث مؤلمة....

 

 

هزت العجوز رأسها مشيرة بالنفي وأخذت

تمسح دموعها وتقول:

 

لا أعلم لما أشعر براحة كبيرة تجاهك وأشعر

بالرغبة في أن أخفف من آلامي بأن أحكي لك

حكايتي...أعذريني يا ابنتي فقد جعلت دموعك

تنهمر...

 

 

قالت أبرار وهي تنظر للعجوز نظرات شفقة:

لا بأس أن كان ذلك سيريحك....

 

 

قالت العجوز:

نعم لقد تزوجت ابنتي سارة وكان يفترض بي

أن أكون أسعد من في هذا الحفل ولكن

كنت أتعس الحاضرين في ذلك الحفل

فقد كنت أراها تدفن لا تزف فقد تزوجت

برجل يكبر أبيها بخمس سنوات كل هذا

لأن والدها يريد الحصول على الصفقات

وتسهيل سير أعماله فباعها نعم باع سارة...

 

 

كان قلبي يحدثني بالآلام القادمة ولم يكذب

علي قلبي.....

 

 

لقد عاشت سارة في عذاب كبير فقد كان زوجها

يضربها يهينها بل وحتى يبيعها أحياناً هو الآخر

ليحصل على تسهيلات لصفقاته....

 

 

أخذت نفساً عميقاً ونظرت نحو سقف الغرفة

وكأنها تتأمل شريط ذكرياتها....

 

وقالت:

كان يعذبها ويحرقها بسيجارته وحين كانت

تطلب منه الانفصال كان يهددها بإدخال والدها

السجن لترضخ له ولطلباته....

 

 

حرمني منها لم تكن تزورني ومرات قليلة

هي التي زرتها فيها....

 

أخذت تبكي وهي تقول:

لم تخبرني بعذابها كانت تتظاهر بأنها في غاية

السعادة وتملك كل شيء....

 

 

وأخيراً عادت لي ولكن أتعلمين كيف عادت لقد

عادت مجنونة وبعد عذاب طويل وأخيراً ماتت

أمامي وفي حجر جين المسكينة...

 

 

ولكن زوجي العجوز الآثم لم يأخذ الدرس بل

لم يستوعبه فقد حاول بيع جين لرجل ثري

آخر ولكني هربت معها ولم يكن لي مكان

أرحل إليه فلا أعلم أين هم أبنائي ولم يكن

باستطاعتي البقاء لأرى جين يحصل لها

ما حصل لأختها.....

 

 

 

أخذت تنظر العجوز نحو أبرار التي كانت

الدموع تبلل وجهها وقالت:

لا أعلم لما نحن النساء نعيش هكذا بالرغم من

أننا في مجتمع يدعي أنه يعطي للمرأة جميع

حقوقها ولكني لا أجد أي من هذه الحقوق...

 

قالت أبرار:

حقوق المرأة كلها في الدين الحق والدين الإسلامي به

الكثير من حفظ لحقوق المرأة وإن شأت أخبرك بها

ولكن في زيارة أخرى فقد تأخر الوقت ويجب أن

أنصرف....

 

 

وقفت أبرار وإذا بجين تقف أمامها وبيدها لوحة

أدارتها لها لتراها كانت صورة فتاة تحمل الكثير

من الشبه لجين....

 

 

قالت العجوز:

هذه ابنتي سارة فقد عرفت أننا كنا نتحدث عنها

فأحضرت الصورة لتريها...

 

 

ابتسمت أبرار وقالت:

إنها جميلة ...

 

 

استدارت حولها تبحث ن هادي وفادي شعرت

بيد جين تمسك بها وتسحبها نحو الفراش حيث

يرقد هادي وفادي....

 

احتملت أبرار هادي واحتملت جين فادي

وقالت العجوز:

دعيها تساعدك في إيصالهم للغرفة...

 

 

نظرت أبرار نحو جين وقالت:

شكراً...

 

 

سارت جين نحو الغرفة تتبع أبرار

دخلت أبرار ثم استدارت لجين تشير

لها بالدخول....

 

دخلت جين الغرفة كانت في غاية البساطة

وينيرها نور خافت نظرت نحو مهند الجالس

على الفراش وكان يتأملها...

 

 

عرفت بأنه ولابد أن يكون زوج أبرار أشارت

له بيدها تحييه فمد يده وسلم عليها وهو لا يصدق

عينيه فكيف دخلت هذه الفاتنة الجميلة الغرفة..

 

 

تمنت أبرار لو تفقأ عيني مهند.... ودعت جين

وعادت لترتب مكان نوم هادي وفادي...

 

 

امتلأ وجه جين سعادة بالحقيبة التي قدمتها

أبرار هدية لها فبالرغم من أنها ليست غالية

الثمن إلا أنها أدخلت الكثير من السعادة لقلبها

وباتت ليلتها وهي سعيدة......

 

 

 

مرت الأيام على أبرار وهي في تفكير عميق

فالمال نفذ من بين يديها أصبحت تحرم نفسها

من الطعام من أجل أن توفر لطفليها ومهند الطعام

وكانت جارتها الطيبة أحياناً تقدم لفادي وهادي حين

تراهما يلهوان على الدرج بعض الطعام....

 

 

 

نظرت نحو مهند وقالت:

لابد أن أجد لي عمل كي أتمكن من توفير بعض المال

لنا فلم يتبقى شيء....

 

 

نظر لها مهند وقد علا وجهه صفرة باهتة وبدا الإنهاك

على وجهه وقال:

ومن أين ستجدين لك عمل؟؟؟

 

 

قالت أبرار:

سأطلب من جارتنا الطيبة أن تساعدني في الحصول

على عمل في المطعم الذي تعمل به....

 

 

 

نظر مهند بحدة نحو أبرار وقال:

ماذا تقصدين ماذا ستعملين هناك؟؟

 

قالت أبرار:

سأعمل في المطبخ كغاسلة صحون أو طاهية أو

أي عمل يعرضونه علي....

 

 

نظر مهند طويلاً لأبرار وقال:

وهل ستتركين حجابك؟؟؟

 

 

 

قالت أبرار:

لا...ولما أتخلى عنه..فلن أوافق على أي

وظيفة بدون حجابي...

 

 

قال مهند بيأس:

أفعلي ما ترينه مناسباً..

 

 

كانت أبرار تغطي طفليها اللذان باتا ليلتهما

جائعان وتسمع أصوات معدتها تعلن لها

عن جوعها وقطرات من دموعها تنهمر

لحال هذين الطفلين....

 

 

وها قد أقترب ميعاد دفع إيجار الغرفة التي

يسكنونها ولا مال لديهم...

 

 

 

كانت تشعر بالعجز واليأس....

 

 

سمعت صوت العجوز تفتح باب غرفتها

أسرعت وارتدت حجابها وخرجت...

 

استدارت العجوز نحو أبرار كانت تفرك

العجوز يديها و تمسح عليهما بزيت..

 

قالت:

منذ مدة لم أرك وكنت أطلب من طفليك

أن يبلغاك تحياتي هل كانا يفهماني ويبلغاك

تحياتي...

 

 

 

قالت أبرار:

كانا يخبراني أنك رأيتهما وقدمت لهما بعض

الطعام وأنا أشكرك لمعاملتك الطيبة لطفلي..

 

 

ابتسمت العجوز وقالت:

على العكس وجودكم بالقرب منا جعلني أشعر

ببعض السعادة...

 

 

ومن ثم ساد الصمت بينهما ولم تستطع أبرار

أن تملك الجرأة لتطلب منها مساعدتها...

 

 

ولكن العجوز شعرت بأن هناك شيء يشغل

بال أبرار فقالت:

ما بالك عزيزتي أأستطيع مساعدتك؟؟

 

 

تعالي أدخلي الغرفة معي فلا بد أن جين ستسر

كثيراً بحضورك...

 

ابتسمت أبرار ودخلت برفقة العجوز...

 

 

كانت جين ترتب الملابس وهي تجلس على

الأرض وحين رأت أبرار تهلل وجهها فرحاً

وأقبلت نحوها تمد يدها فصافحتها أبرار وبادلتها

الابتسامة ...

 

 

وعندما أستقر بأبرار والعجوز الجلوس

أخذت العجوز تتأمل أبرار والتي بدا

عليها بعض الإرباك ومن ثم قالت:

أشعر يا عزيزتي بأن هناك ما يشغلك

هيا تكلمي ماذا هناك؟؟

 

 

كانت جين تملأ فنجان الشاي وهي تنظر نحو

أبرار وكأنها شعرت هي الأخرى بما يجول ببال

أبرار...

 

قالت أبرار:

بصراحة أريد أن أطلب منك أن كان من الممكن

أن أعمل في المطعم الذي تعملين به فزوجي مريض

وغير قادر في هذه الفترة على العمل...

 

 

ملأ الحزن وجه العجوز وقالت:

أتريدين أن تعملي غاسلة صحون..

 

قالت أبرار:

نعم أو أي عمل آخر بشرط أن يقبلوني

بحجابي.....

 

أقبلت العجوز نحو أبرار وضمتها لصدرها

وأخذت دموعها تهطل وهي تقول:

صغيرتي أنت لا يناسبك أن تعملي في هكذا أعمال

فقلبي لا يطيعني لأتركك تعملين في هكذا عمل..

 

 

 

شعرت أبرار بالحنان الكبير الذي في قلب هذه

المرأة تذكرت حضن والدتها عمتها أخذت دموعها

تهطل بغزارة....

 

 

وقفت العجوز وتركت أبرار أقبلت جين تحمل

منديلاً وتمسح دموع أبرار ابتسمت لها أبرار

وأشارت لها أشكرك....

 

 

 

أقبلت العجوز وأمسكت بيد أبرار وفتحتها ووضعت

بها بعض المال انتفضت أبرار وألقت المال من يدها

شعرت بأن كرامتها تهان وترتطم بالأرض أخذت

دموعها تزداد هطولاً أخذت تتمنى لو أنها ماتت قبل

أن تقع في هكذا موقف.........

 

 

قالت العجوز:

عذراً يا بنيتي لم أقصد إهانتك..

سارت أبرار تقصد الخروج وقالت:

أن كنت حقاً يا خالة تريدين مساعدتي

فساعديني في الحصول على عمل...

 

 

وقفت العجوز تودع أبرار بنظراتها وتعجب

لهذه الفتاة وما تحمله من صبر وحفظ لكرامتها...

 

يتبع.......

 

 

Link to comment
Share on other sites

 

(16)

 

 

هاهي في يومها الأول من العمل كانت تلك العجوز

تمسك بيد أبرار بحنو ورفق....

 

 

أخذت تعرفها على العاملين في المطعم عرفتها

على الطباخ ولكنه كان بخلاف صورة الطباخ

التي رسمتها له في عقلها فقد كانت تتخيله رجل

سمين في العقد الرابع من عمره ولكن ذهلت حين

وجدته نحيلاً في وسط العقد الثالث من عمره...

 

 

كان يبدو طيباً ابتسم لها ولم يستنكر حجابها شعرت

بسعادة غامرة لأنه لم يكن كالبقية فقد كان العاملين

الآخرين ينظرون لها باستهزاء وسخرية...

 

 

دخلت العجوز غرفة مدير المطعم لتمهد لدخول

أبرار الغرفة ...

 

 

خرجت العجوز وأمسكت بيد أبرار وأدخلتها

الغرفة أخذ ينظر نحوها بتقزز وقال:

من المستحيل أن أفكر بتوظيفها كنادلة في

المطعم فذلك سيفسد شهية الزبائن وكأنها

راهبة لا موظفة....

 

 

أخذت العجوز تنظر له بحدة وتقول:

أنا لم أطلب منك توظيفها كنادلة أريدها

أن تعمل لجانبي في المطبخ بعيداً عن

أعين الزبائن....

 

 

أخذ المدير ينظر لنفسه في المرآة الموجودة على

الجدار ويسرح شعره ويقول:

لا بأس ستعمل كمساعدة لك وللطاهي

من أجل إسراع العمل فأنت تعلمين بأنه

قد اقتربت الأعياد وسيزداد العمل...

 

 

ابتسمت العجوز وقالت: نعم نحن الاثنين

بحاجة لمساعدة كي يتم العمل على أفضل

حال وأسرع....

 

وقفت أبرار لجوار العجوز وهي في حيرة

ما الأعمال التي ينبغي عليها القيام بها فقد

كانت تشعر بنوع من الحركة الدءوبة حولها..

 

 

وكان ذهنها مشغول بطفليها وزوجها الذين

تركتهم خلفها في الغرفة....

 

سمعت صوت يناديها باسمها ألتفتت كان

الطباخ اقتربت عند الطاولة التي يقف

عندها أخذ يقول :

لا تقفي هكذا فقد يمر في أي لحظة مدير

المطعم ويشعر بأنه لا فائدة منك...

 

 

 

قالت أبرار:

ولكني حائرة ماذا أفعل...

 

 

قال الطاهي:

خذي هذه الخضروات وقطعيها هيا

قولي بسم الله....

 

 

نظرت أبرار نحوه باندهاش...

 

 

ابتسم الطاهي وقال:

لما أنت مندهشة أنا مسلم أنا من إحدى البلاد

الإسلامية الأوروبية واضطررت للهجرة

إلى هنا بسبب الحروب هناك...

 

 

هزت أبرار رأسها وأخذت تقطع الخضروات

التي طلب منها الطاهي تقطيعها....

 

 

أخذت تساعد الطاهي في تحضير ما

يحتاج إليه في الطهي.....

وتساعد العجوز في غسل الأطباق

كان يوماً طويلاً ومليئاً بالعمل..

 

 

حان وقت العودة للمنزل لم تتناول

في ذلك اليوم أبرار أي وجبة...

 

 

سوى الفطيرة الوحيدة التي تناولتها

بعدما أعدت الفطائر لطفليها عند

طعام الفطور.....

 

 

دخلت الغرفة كانت الفوضى تعم فيها

وهادي وفادي ينامان لجوار مهند

الذي كان يجلس وهو غارق في دموعه..

 

 

اقتربت أبرار من مهند وقالت:

ما بك؟؟

 

أدار ظهره واستلقى يتظاهر بالنوم

أخذت أبرار طفليها من جانبه ووضعتهم

في فراشهم واستلقت على الفراش لجوار

مهند كانت تشعر بآلام حادة في قدميها

فقد كانت طيلة يومها تقف ولم تجلس...

 

 

شعرت بالجوع ولكن رغبتها في النوم

أكبر فاستسلمت لنوم عميق....

 

 

رفع مهند رأسه أخذ يتأمل أبرار

كم هي مسكينة منذ تزوجته وهي

تقاسي بصمت دون أن تتكلم أو

حتى تتذمر...

 

 

أنه يشفق عليها ولكنه لا يحبها..

 

أخذت أبرار تقطع ورقة من فهرس

الأيام الذي لم تكن من قبل تلقي له

بالاً ولكنها أصبحت كل يوم تسارع

لتعرف كم بقي من الأيام ليحين موعد

استلامها لراتبها الأول....

 

 

فقد اكتفى أطفالها بوجبة واحدة في اليوم

وهي لم تعد تشعر برغبة للطعام وكانت

تكتفي بتناول كوب عصير في اليوم...

 

 

ولم يعد في الغرفة تيار كهرباء بعد

أن عجزت عن تسديد إيجار الغرفة

في الوقت المحدد فقام مالك المسكن

بقطع التيار الكهربائي...

 

 

وزاد من محنتهم البرد القارص الذي

يعانون منه في ليالي الشتاء الطويلة..

 

 

لقد أصبح فادي وهادي خاملين فهما

لا يتناولا كفايتهما من الطعام ولم

تكن أبرار تملك سوى الصبر لحين يحين

موعد استلام الراتب.....

 

وقفت عند تلك الأطباق التي تبقى

فيها الطعام فيما يبدو أن أصحاب

هذه الأطباق لم يكونوا جائعين

فاكتفوا بتناول القليل....

 

 

كانت أبرار تشعر بجوع شديد

ومنظر الطبق زاد من شهيتها

ولكن كرامتها تأبى عليها أن

تتناول مخلفات الآخرين....

 

 

كانت تنظر حولها لم يكن في

المطبخ سواها فقد ذهب الجميع

لتناول طعام الغداء بعد أن حان

وقت الراحة وبقيت بمفردها في

المطبخ...

 

غسلت ملعقة وأخذت بسرعة

قضمة من الطعام...

 

 

 

كان شهياً ولكن أخذت دموعها تنهمر

فلم يخطر ببالها أنها في من الأيام

سيحل عليها زمن تتناول فيه مخلفات

طعام أحد....

 

تذكرت جوع طفليها ومهند بحثت

عن كيس نظيف ورتبت الطعام

فيه وأسرعت للخروج لتتجه نحو الغرفة

حيث تسكن لتقدم الطعام لطفليها ومهند

فلابد أن الجوع قد أنهكهم...

 

 

 

وصلت الغرفة فتحت الباب كان مهند

يبحث في الثلاجة الصغيرة فيما يبدو

عن ما يؤكل....

 

ابتسمت وقالت:

عذراً لتأخري لقد أحضرت لكم طعام

الغداء...

 

أسرع هادي وفادي وجلسا عند الطاولة

المهترئة وجلس لجوارهم مهند....

 

 

أخذت أبرار من الجارور الذي بالقرب

من الموقد الصغير الأطباق ورتبت

الطعام فيه ووضعته على الطاولة..

 

 

أخذ هادي وفادي يتناولا الطعام

بلهفة وشهية فقد كانا جائعان

وأخذ مهند الآخر يتناول الطعام

بلهفة....

 

 

شعرت أبرار براحة كبيرة وهي تلمح

طفليها يأكلان بسعادة وشهية مفتوحة...

 

 

نظرت أبرار نحو الساعة لقد قارب

أن ينتهي وقت الراحة أسرعت للخروج

للعودة للعمل قال مهند:

لم تتناولي الطعام بعد...

 

 

قالت أبرار:

لقد سبقتكم وتناولت طعامي هناك..

 

 

سارت بأقصى سرعة لتعود للمطعم

وأخيراً وصلت في الوقت المحدد

تماماً...

 

 

في المساء بحثت أبرار بين الأطباق

علها تجد طبقاً نظيفاً وبه بعض الطعام

لتقدمه لطفليها وزوجها ولكنها لم تجد...

ليس أمامها سوى أن تعود للمنزل وهي خاوية

اليدين.....

 

عادت لتلك الغرفة الكئيبة في الطابق الثالث

كانت تسمع أصوات طفليها منبعثة من الغرفة

فتحت الباب رأت طفلاها يحدقان بها وتعلوهما

خيبة أمل حينما لم يلحظا وجود شيء بيدها...

 

 

كادت دموع أبرار أن تخونها وتنهمر على خديها

ولكنها تمالكت نفسها....

 

جلست على أقرب كرسي أخذت تنظر نحو مهند

الذي أصطبغ وجهه بالصفرة وكأنه يحاول إخفاء

أمر ما....

 

 

 

وفجأة أخذ يقبض على صدره أخذت أنفاسه تتسارع

وصرخ قائلاً:

أبرار سأختنق....

 

 

هرعت أبرار من مكانها فقد كان منظر عيناه اللتان

تكادان تقفزان من مكانهما يوحيان لها بأنه في حالة

نوبة قلبية شديدة أسرعت نحو غرفة جارتها فتحت

العجوز الباب قالت أبرار:

أرجوك سأترك طفلي معك فمهند مريض و

سأرافقه للمستشفى....

 

 

 

كان هادي وفادي يبكيان فقد هالهم منظر

والدهم بهذه الحال....

 

 

 

أخذت أبرار تسير برفقة مهند على الدرج

ولكنه لم يكن قادراً على أن يحرك قدميه

من ما أضطرها أن تسنده بل تكاد تحمله

فهو غير قادر على الحراك.....

 

 

 

كان الثلج قد بدأ بالتساقط والوقت متأخر أخذت

تبحث عن سيارة أجرة وأخيراً أوقفت إحدى

سيارات الأجرة وطلبت من سائقها إيصالها

لأقرب مستشفى....

 

 

 

لقد دفعت كل ما تبقى لهم من مال للمستشفى فحالة

مهند تستدعي أن يمكث فيها لعدة أيام...

 

أخذت تهون أبرار على نفسها وتقول:

لا بأس لم يتبقى سوى سبعة أيام واستلم أجري

من العمل ستكون الأمور على ما يرام.....

 

 

 

وأخيراً استقرت حال مهند دخلت أبرار الغرفة

بهدوء أخذت تنظر لمهند المسكين وهو تحيط

به الأجهزة والأنابيب وذلك الصوت الذي اعتادت

على سماعه من تلك الأجهزة المحيطة به.....

 

 

 

جلست على الكرسي وأخذت تتأمله كانت شفتاه

تصطبغان باللون الأزرق وقد ازداد نحوله لم

تلحظ ذلك من قبل ولكن صدره العاري الذي

ملأته الملصقات والأسلاك قد برزت عظامه

من ما يدل على نقص وزنه كثيراً....

 

 

لما عليها العيش معه في هذا العذاب؟؟؟؟

 

 

أنه يحب أخرى وتقدم لخطبتها؟؟؟..

حين تتحسن حاله وتقوم بادخار بعض

المال ستطلب منه أن ينفصل عنها وتعود

برفقة طفليها لأرض الوطن فيكفيها ما لاقته....

 

حان الوقت أن تضع نهاية لكل ما يحصل

فهي الأخرى لم تعد تشعر نحوه بمشاعر الحب

أنها تشعر نحوه بمشاعر أي قريبة لقريبها...

 

لكل شيء نهاية وهاهي ترسم نهاية حياتها

مع مهند في عقلها لعلها نهاية غريبة تختلف

عن كل نهايات قصص الحب سواء الحزينة

أو السعيدة فالحزينة منها تنتهي بموت أحد

أو كلا البطلين فالموت هو المفرق الوحيد

بين المحبين والنهاية السعيدة هي حياة المحبين

مع بعضهم البعض في سعادة دائمة...

 

 

 

وقفت واقتربت من الفراش وضعت يدها على

قلبها وأخذت تتأمله...

 

 

لما لم يعد لقلبها تلك النبضات المربكة والغريبة

التي لطالما كانت تشعر بها حين تنظر لمهند لم

تعد نبضات قلبها كالسابق تتسارع لتشعر بأحاسيس

الحب الكبير هل مات حبها هل هرب منها؟؟؟

 

 

 

لعل حبها مات فهي لا تجد من مهند أي اهتمام بها

بل تشعر بأنه يريد بأي طريقة الخلاص منها

ويتمنى فراقها....

 

 

لم تشعر في يوم من الأيام أنها أمرأة مرغوب

بها أو أن مهند ينظر لها بحب كم تمنت لو

تحصل على تلك الأحاسيس منه ولكنها

لم تجد سوى الحرمان من هكذا أحاسيس..

 

 

 

فلما تتحمل الغربة والعذاب والألم لجواره

فلتتركه لخطيبته المنتظرة تلك الفاتنة....

 

 

ليجرب أخرى فقد يعرف قيمتها في يوم من

الأيام ويذكر صبرها لجواره ويتذكر أبرار

وحب أبرار الذي قتله بيده وسالت دمائه

ودموع عينيها معاً أمام ناظريه دون أن

يحرك ساكناً......

 

 

لقد قارب وقت صلاة الفجر تركت مهند

واتجهت لتبحث عن مكان يمكنها تأدية

الصلاة به....

 

 

كان وقت الفجر ولكن لا زالت بالمستشفى

بعض الحركة إلا أنها أقل من قبل....

 

 

 

تذكرت أبرار موعد العمل فالساعة تقارب

السابعة صباحاً فلابد لها من السير نحو

المنزل والاستعداد للذهاب للمطعم...

 

 

أسرعت تسير من المستشفى نحو المنزل

فهي لا تملك المال كي تطلب سيارة أجرة

ينبغي أن تسرع فقد تستغرق في سيرها

حوالي الساعة لتصل للمنزل....

 

 

 

قالت في نفسها:

الحمد لله أنني كنت أراقب الطريق أثناء

حضوري للمستشفى وألا لما تمكنت من

العودة للمنزل.....

 

 

أخذت تجري لم يلفت منظرها وهي تجري انتباه

أحد فالكثير من الناس يهرولون في الطريق

ليحافظوا على لياقتهم ولكن ما كان يلفت الانتباه

للمهرولين حولها هو حجابها ولكن اعتادت أبرار

أن لا تلقي بالا لمثل تلك النظرات......

 

 

 

وأخيرا وصلت للمنزل أسرعت على الدرج

فهي تشعر بشوق كبير لطفليها وكأنها غابت عنهم

وقت طويل فلم يتسنى لها منذ يوم كامل سوى

قضاء بضع دقائق لجوارهم بعد عودتها من

العمل وقبل ذهابها للمشفى....

 

 

كانا يقفان عند باب الغرفة وجين تحاول إغرائهم

ببعض الحلويات ليدخلا لغرفتها ولكنهما كانا يكرران

مناداتهما لوالدتهم....

 

 

 

أقبلت أبرار نحوهما ضمتهما لصدرها تهلهل وجه

الطفلين فرحاً بلقاء والدتهما........

 

 

أخذت تمسح دموعهم وتقبلهما كم تشعر بالأسى

لحال طفليها فهما في حزن مستمر منذ تركوا

أرض الوطن...

 

 

 

أخذت العجوز تسأل أبرار:

كيف حال زوجك أهو بخير؟؟؟

 

 

مسحت أبرار الدمعتان الهاربتان من عينيها

إلى خدها وقالت:

نعم الحمد لله أنه بخير ....وأشكرك لاهتمامك

طوال هذا الوقت بطفلي.....

 

 

 

قالت العجوز:

على العكس لقد سعدت أنا وجين بطفليك

ولكن للأسف لم نتمكن من طمأنتهما فقد كان

القلق باد عليهما ولم نستطع التفاهم معهما

أظن بأن عليك تعليمهم اللغة الأجنبية ليسهل

عليهم التفاهم مع من حولهم....

 

 

 

هزت أبرار رأسها موافقة وودعت العجوز

وأمسكت بيد طفليها ورافقتهما نحو الغرفة

وأخذت تتحدث معهم وتلاعبهم محاولة إبعاد

الحزن عن عيونهم......

 

 

لقد حان وقت ذهابها للعمل ولكن لا يمكنها

أن تترك طفليها بمفردهم في الغرفة ويجب

أن لا تتغيب فهي لم تكمل شهر بعد في العمل

وبحاجة ماسة للمال كما أن هذه الليلة ليلة عيد

ولن يسمح المدير بتغيب أي شخص عن العمل

في مناسبة يكثر فيها رواد المطعم.....

 

 

 

أخذت تبحث عن كيف تتصرف في هذه الحال

لم تجد سوى أن تأخذ طفليها برفقتها للعمل

أخذت تلبسهم ملابسهم وتوجه لهم النصائح بالتزام

الهدوء في المطعم وعدم ارتكاب أي تصرف

خاطيء....

 

 

 

كان الطفلين سعيدين بمرافقتهما والدتهما وببراءة

الأطفال كانت سعادتهما واضحة كانا يشعران وكأنهما

ذاهبان في رحلة برفقة والدتهما.....

 

 

سارت معهم أبرار وهي تبتسم لتصرفاتهم البريئة

كانا ينظران للثلج الذي غطى الشارع والاندهاش

قد علا وجهيهما....

 

 

 

وينهالان بالأسئلة على والدتهما أخذ هادي يقول:

من الذي ألقى بالثلج في الشارع؟؟؟

 

 

وفادي يجيبه:

ربما أحد الأشخاص أحضر أكياس ثلج

ونثرها مع عدد كبير من الناس....

 

 

قال هادي:

أنهم يقلدون الرسوم المتحركة أتذكر لقد

كان الأرنب يجري على الثلج ويلعب به

ويصنع به تماثيل جميلة.....

 

 

قال فادي:

ما رأيك أن نصنع رجل ثلج كبير جداً أكبر

من المنزل....

 

 

قال هادي:

نعم أنها فكرة جميلة هيا....

 

 

 

قالت أبرار:

لا يا طفلي العزيزين فسوف تحتاجان

لوقت طويل لتنتهوا من صنع رجل

الثلج وستتأخر والدتكما عن العمل...

 

 

ويجب أن لا تتأخر والدتكما...

 

 

سنصنع رجل الثلج في وقت لاحق

وأعدكما أني سأساعدكما في صنعه والآن

هيا لنسرع.......

 

 

دخلت الأبرار إلى مكان عملها وأجلست

طفليها على الكرسي وبدأت تعمل أخذ

الموظفين ينظرون لطفليها ويبتسمون

ويلاطفوهم بعث ذلك بعض الراحة في

نفس أبرار فقد كانت قلقة من نتيجة

إحضارها طفليها معها......

 

 

 

قالت العجوز:

لقد نسيت بأن زوجك غير موجود في المنزل

لما لم تتركيهم برفقة جين....

 

 

قالت أبرار:

خشيت أن أثقل عليكم....

 

 

 

قالت العجوز:

لا أبداً بل كان ذلك سيفرح جين كثيراً

من الآن وصاعداً هلا تركت طفليك برفقتها

صحيح أنها صماء وبكماء ولكنها عاقلة

وتحسن التصرف....

 

 

 

قالت أبرار:

عفواً....لم أقصد هذا فجين تملك عقل راجح

أرجوك أعذريني....

 

 

 

قالت العجوز:

أنا أفهمك يا عزيزتي فأنت فتاة طيبة....

 

كان الطباخ أكثر العاملين سعادة برؤية الطفلين

وأخذ يقدم لهم لطعام والحلوى ويلاعبهم....

 

 

وأخيراً أنهت أبرار عملها وحان وقت الانصراف

للمنزل عادت مع طفليها كانت ليلة عيد والعمل

فيها شاق وطويل الساعة قاربة الواحدة فجراً

والأجراس من حولها تقرع أخذت تنظر إلى

البنايات الشاهقة التي حولها وتمنعها من رؤية

السماء لابد أن الجميع يحتفل بليلة كهذه....

 

 

ينبغي لها أن تزور مهند برفقة هادي وفادي

فلابد أنه في شوق للقياهما....

 

 

ولكن أتذهب في ليلة كهذه خالية اليدين وهل

تذهب سيراً برفقة طفليها في وقت متأخر كهذا

وليلة مزدحمة.....

 

 

تذكرت الدواء الذي ينبغي أن تحضره لمهند

لم تكن تملك أي مال نظرت نحو خاتم الزواج

الذي يطوق إصبعها هو الحل الأخير...

 

 

 

لقد باعت كل ما له ثمن ولم يتبقى سواه

فلتبعه هو الآخر وعلى كلاً فهي تفكر

بالعودة لأرض الوطن وترك مهند....

 

 

أخذت تبحث عن محل للمجوهرات وهل

يعقل أنه لازال مفتوح في وقت كهذا...

 

 

 

وأخيراً وجدت محل مفتوح فلابد أنه

في ليلة عيد كهذه وفي وقت كهذا يتخذ

العديد من الأشخاص قرارهم بالارتباط

ويقصدون محل المجوهرات لشراء خاتم

الزواج دخلت المحل ودخل خلفها طفليها

أخذ صاحب المحل ينظر نحو أبرار بنوع

من الازدراء....

 

 

 

خلعت أبرار الخاتم من إصبعها وقدمته

له وقالت:

أود بيع هذا الخاتم....

 

 

أخذ البائع يتفحص الخاتم ومن ثم تمت

البيعة وقدم لها المال....

 

 

 

خرجت أبرار وقصدت الصيدلية لتشتري

الدواء لمهند بجزء من المبلغ....

 

 

 

تلفتت حولها لم تجد الطفلين فزعت أين

يمكن أن يذهبا خرجت مسرعة من الصيدلية

لتبحث عنهما......

 

 

وجدتهما يقفان عند أحد محلات الحلوى

ويتأملان الحلويات والأطعمة المعروضة

عند الواجهة الزجاجية...

 

 

 

اقتربت منهما وقالت:

هيا لنذهب لزيارة والدكما....

 

 

قال فادي:

أريد بعض الكعك..........

 

نظرت أبرار نحو طفليها كانت ترى نظرات

الحسرة فيها....

 

 

لم تحتمل تلك النظرات لكم هي نظرات تعذب

الأم حين ترى نظرات الحسرة في عيون أطفالها

أخذت تبحث في حقيبتها عن المال....

 

 

وقالت لطفليها:

هيا لنشتري بعض الحلوى والكعك ونحتفل برفقة

والدكم....

 

 

وصلت للمشفى نزلت مع طفليها من سيارة

الأجرة وكان الطفلين يقفزان والسعادة تملأ

قلبيهما الصغيران بهذا اليوم فقد كان يوم

مميز لم يقضياه بين جدران الغرفة الخربة..

 

 

 

 

أخذت تسرع أبرار في سيرها وطفليها

خلفها يحملان الأكياس لابد أن مهند

قد اشتاق لها ولطفليها....

 

 

 

وصلت للغرفة فتحت الباب هالها ما

ترى أنها لا تصدق عينيها كم تتمنى

لو أن عينيها عميت ولم ترى ما تراه

أهو كابوس أم حقيقة وقفت جامدة

مكانها.....

 

 

 

أفاقت من تلك الأفكار على صوت مهند

وهو يقول:

لا بأس أدخلي يا أبرار....

 

 

 

تقدمت عند الفراش أشار لها وقال:

ابنة خالي أبرار....

 

 

مدت يدها لتصافحها كانت أظافرها

طويلة وتلونها بطلاء فضي لماع

وتطوق إصبعها بخاتم زواج ماسي...

 

 

لابد أنه الخاتم الذي كلف مهند ثروة

وقدمه لها....

 

 

 

أخذت تتأملها أنها فاتنة أنها جميلة

أشار مهند لها وقال:

هذه خطيبتي ماريا....

 

 

 

شعرت أبرار بحرارة تشوي وجهها

تلفحه شعرت بقلبها يكاد يقفز من

صدرها سحبت يدها بقوة وجرت

نحو الباب اصطدمت بطفليها وقعت

العلب التي يحملانها أخذت تجري

جرى الطفلان خلفها......

 

 

لم يفهما ما يحصل ولكن لابد أن والدتهم

تجري بعيداً عن الخطر أوقفت سيارة

أجرة ركبت برفقة طفليها فيها....

 

 

وانطلقت السيارة أخذت دموع أبرار

تهطل هاهي ترى مهند برفقة أخرى

لما يختار تعذيبها لما لا يتركها تعود

لأرض الوطن وينتهي عذابها معه

تنظر نحو طفليها ربما حينما يعيشان

بدون أب مع أم تعيش في راحة أفضل

من أن يعيشا مع أم وأب يتعذبان....

 

 

أخذت تضمهم لصدرها وتذرف

دموعها دون توقف........

 

 

 

 

يتبع......

 

 

Link to comment
Share on other sites

 

 

(17)

 

 

كانت تغسل أبرار الأطباق والألم يعتصر قلبها

فمهند قد أهان وحطم كل ما تبقى لها من كرامة

لم يبقي لها شيء من الكرامة لتحافظ عليه....

 

 

 

دموعها تهرب لخديها لتطفأ نار تتقد بقلبها أخذت

تمسح تلك الدموع بكمها لألا يراها أحد فحزنها

حبيس قلبها لسنوات وستظل تحبسه للأبد لا تبوح

به لأحد فهو مسجون بقلبها.......

 

 

تذكرت حين فاجأت إحدى المرات مهند يتحدث

مع أحد أصحابه ويخبره بأسرار حياته تذكرت

الكلمات التي لطالما سمعت مهند يخاطب بها

أنهار ليخبرها بأنه تعيس مع أبرار وتارة أخرى

يتحدث مع والدته ويسكب دموعه ويقول:

أنا لا أحب أبرار....

 

 

 

انهمرت دموعها أكثر أغرقت تلك الدموع وجهها عادت

تمسح تلك الدموع بكمها المبتل....

 

 

شعرت بمنديل جاف يمسح على وجهها

استدارت لترى من حامل هذا المنديل

كان الطباخ ابتسم لها بابتسامة حزينة

وأخذ يمسح وجهها بالمنديل ويقول:

يبدو أنك قد بللت وجهك بالصابون و

أنت تمسحين دموعك المذروفة....

 

 

ارتبكت أبرار وحاولت أن تخفي

حزنها المحبوس في قلبها والظاهر

على وجهها وقالت بابتسامة باهتة:

لا فيما يبدو أن الصابون قد وقع في

عيني وهذا ما جعل دموعي تذرف

على خدي......

 

 

 

 

قال الطباخ:

ولكني أرى الحزن واضح على وجهك

يا سيدتي ولكن لا بأس فهذه الدنيا تحمل

الكثير من المآسي ولا يملك الإنسان سوى

الصبر لينال الثواب....

 

 

 

ابتسمت أبرار وقالت:

نعم لعله ينال الثواب ....

 

 

ولكن بالرغم من ابتسامتها فدموعها

تنهمر بغزارة....

 

ابتسم الطباخ وقال:

ارتاحي سأكمل ما تبقى من غسيل

فلا بد أنك قلقة على طفليك فقد اخبرنني

العجوز أنك اليوم تركتهم مع جين.....

 

 

هيا يمكنك الذهاب لهم قالت أبرار:

لا أرجوك فأنت أيضاً متعب ولابد أن

عائلتك تنتظرك....

 

 

ابتسم الطباخ ابتسامة باهتة وقال:

لا عائلة تنتظرني فقد فقدت أطفالي و

زوجتي في الحرب ولا أملك سوى

أخ في بلد آخر.....

 

 

أحنت أبرار رأسها وقالت:

يبدو أنك تحمل الكثير من الشجون...

 

قال الطباخ :

الحمد لله على كل حال...

 

 

أخذت أبرار تغسل الأطباق

والطباخ يساعدها وانتهت

في وقت سريع....

 

 

 

شكرت الطباخ كثيراً واستعدت

للانصراف فهي تشعر بشوق

كبير لطفليها.....

 

 

 

سارت أبرار في الشوارع المغطاة

بالثلوج كان الوقت متأخر شعرت

بمن يتبعها انتابها الخوف وأخذت

تسرع في خطاها شعرت بالذي يسير

خلفها يسرع هو الآخر أخذت تستجمع

كل ما تبقى لها من قوة بعد نهار شاق

فقد كان يوم شاق فالعجوز كانت متعبة

ولم تحضر للعمل في هذا اليوم أخذت

تجري بكامل قوتها والذي خلفها يسير

بسرعة أكبر وقعت أبرار على وجهها

على الثلج كانت نبضات قلبها تتسارع

أكثر وأكثر حاولت النهوض ولكن

الخوف والتعب منعها من ذلك....

 

 

سمعت من يناديها باسمها أنه الطباخ

وقف عندها وهو يقول:

أنا آسف فيما يبدو أني أرعبتك...

 

 

أخذت أبرار نفساً عميقاً وقالت:

لقد خفت حتى الموت....

 

 

 

قال الطباخ:

كنت أريد أن أقدم هذه لطفليك

وقدم لها علبة كبيرة....

 

 

 

قالت أبرار:

وما هذه؟؟؟

قال: أنها كعكة كبيرة

وشهية وبعض الوجبات المحببة

للأطفال.....

 

 

قالت أبرار : شكرا لك...

 

 

قال الطباخ:

ولكني طامع في أمر؟؟

 

 

قالت أبرار:

وما هو؟؟

 

قال:

أريد زيارة طفليك....

 

أحنت أبرار رأسها وأخذت

تفكر ومن ثم قالت:

ولكن زوجي كما تعلم في المستشفى

ولا يمكنني استقبال ضيوف في المنزل

 

 

قال:

على الباب فقط أرجوك...

 

 

ابتسمت أبرار وقالت:

ما سر تعلقك بطفلي أمرك غريب..

 

 

قال الطباخ:

لقد تذكرت أطفالي الثلاثة لا أعلم

أني أرى أطفالي في أطفالك...

 

 

 

قالت أبرار:

حسناً لا بأس هيا بنا....

 

سار الطباخ برفقة أبرار إلى

أن وصلوا إلى المنزل....

 

 

 

أسرعت أبرار إلى غرفة

العجوز فشوقها كبير لطفليها

خرج الطفلين وأخذ يتعلقان بوالدتهما

والسعادة تملأ قلوبهم ....

 

 

ومن ثم قدم لهم الطباخ تلك الأطعمة

وكان الطفلين يلهوان معه ومن ثم

استأذن الطباخ وانصرف.....

 

 

 

مرت ثلاثة أيام من زيارة أبرار

وطفليها له ولم تعد من جديد يبدو

أن أبرار قد قررت الابتعاد وتركه...

 

 

كانت زيارات ماريا المتكررة له في المستشفى

تسعد قلبه ولكنها لم تنسه طفليه وأبرار..

 

 

كان يشعر بحيرة كبيرة فما حصل في

ذلك اليوم كان بمثابة صاعقة على أبرار

وكلما تذكر نظراتها له حين رأته برفقة

ماريا أنبه ضميره للعذاب الذي سببه لها

ولكن ماذا يفعل وهو واقع تحت أسر جمال

ماريا وأنهار.... تذكر أنهار الحب الأول

والذي لازال عاجز عن نسيانه بالرغم من

كل ما حصل نظر نحو الشاشة التي تقطعها

موجات خضراء تصف دقات قلبه المريض

لو لم يكن قلبه مريض لعرف السعادة ولكن

ها هو يشقى بهذا القلب العليل....

 

 

 

 

وفجأة استيقظ من أفكاره على خطى طفليه

وهما يجريان نحوه ضمهما لصدره العاري

وقبلهما كانا يبدوان في صحة جيدة فرح لذلك

كثيراً وأخذ يلاعبهما...

 

 

تذكر أبرار بحث عنها في جوانب الغرفة لم

يجدها ولكن لا حظ وجود من يراقبه عند الباب

لابد أنها أبرار ولكن لما لا تقترب منه وتطمأن

على صحته يبدو أنها ترفض أن تسامحه في

هذه المرة فلطالما سامحته من قبل.....

 

 

أخذ يضم طفليه لصدره من جديد ويقبلهما

سمع وقع خطوات تقترب منه لم يرفع رأسه

لابد أنها أبرار لم تستطع كتم خوفها عليه و

أشواقها له....

 

 

أخذ طفليه يقولان:

لقد اشتقنا إليك يا والدنا متى ستعود للمنزل

نحن بحاجة ماسة لك...

 

 

رفع رأسه نحو من يقف عند رأسه وهو يقول:

ولكن فيما يبدو أنك يا زوجتي العزيزة لم تشتاقي

لي فحتى لم تسأليني عن صحتي...

 

 

 

 

ولكن كانت المفاجأة أن من تقف عند رأسه ليست

أبرار بل ماريا كانت تنظر له بغضب والشرار

يتطاير من عينيها حتى أنها تكاد تحرقه.....

 

 

 

ابتعد الطفلين عنه واتجها نحو والدتهما التي

أخذت بيد كل واحد من هما و سارت وابتسامة

غريبة ترتسم على شفتيها فقد وقع مهند في شر

أعماله ولعل الفرصة مؤاتية ليتعظ ويعود لوعيه...

 

 

 

 

جلست عند العجوز وهي تفكر بما قد يكون حصل

بين مهند وماريا قطع عليها تلك الأفكار العجوز

وهي تتحدث وتقول:

لدي سؤال ولكن قد يكون محرج نوعاً ما؟؟؟

 

 

قالت أبرار:

تفضلي واسألي ما شأت..

 

قالت العجوز:

بصراحة ينتابني الفضول لمعرفة هذا الدين

الذي تعتنقينه ولكن أخشى أنك لا تعرفين عنه

سوى القليل فلا بد أنك قد ورثته من أهلك كما

ورثت اللغة.....

 

 

 

قالت أبرار:

بصراحة قد تسمعين عن بلدي بأنها بلاد ظاهرها

الإسلام ولكن بها الكثير من الحرية وليس الجميع

يطبق تعاليم الدين الإسلامي بل قد يقع الفرد منا

في الاختيار فأمامه مسجد وعلى البعد بشارعين

يقع ملهى فهو أمام اختبار ليقرر أين يتجه...

 

 

قالت العجوز باندهاش:

أذن أنت قد اخترت دينك عن اقتناع لا تقليد؟؟

 

قالت أبرار:

نعم وقد تعجبين أن بعض أقاربي غير ملتزمين

تماماً بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ولكني بحثت

عن السعادة والحقيقة ووجدتها تكمن في الإسلام...

 

 

تابعة أبرار تقول:

وبالمناسبة هناك الكثير من العلماء الغربيين دخلوا

في الدين الإسلامي بعدما أطلعوا على معجزته

العظيمة...

 

 

قالت العجوز:

وما هي معجزة الدين الإسلامي؟؟؟

 

قالت أبرار:

القرآن الكريم الذي نزل به الوحي الأمين

على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم..

 

 

 

وسأذكر لك بعض المعلومات التي تحضرني الآن

وسأكتب لك أسماء بعض الكتب التي أطلعت عليها

وهي موجودة بالمكتبة وتشرح لك عن حقيقة الدين

الإسلامي وسأجيب على أي استفسار أن تمكنت

من ذلك...

 

 

قالت العجوز باهتمام:

هيا اذكري لي بعض المعلومات الآن فكلي شوق

لمعرفة تلك المعلومات...

 

 

قالت أبرار:

 

من معلوماتك العامة حين يصعد الإنسان في

الطائرة إلى أعالي الجو أو حين يرتفع على

جبل ما الذي يحدث لتنفسه...

 

قالت العجوز:

قد يصعب عليه التنفس ويتضايق بسبب

قلة الأوكسجين في طبقات الجو العليا..

 

قالت أبرار:

وهذه حقيقة علمية قد أخبرنا بها القرآن

الكريم قبل حوالي أربعة عشر قرن..

قال تعالى) فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره

للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا

حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل

الله الرجس على الذين لا يؤمنون (

 

وقد كانت هذه الآية الكريمة سببا في إسلام أحد العلماء الغربيين وذلك عندما قال:

)من الذي أخبر محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل أكثر من ألف وثلاثمائة سنة بأن الإنسان كلما صعد إلى الأعلى من الجو قلت نسبة الأكسجين لديه (

 

كما أن الشاعر الكبير (جوته) الألماني قرأ القرآن الكريم.

 

فأدرك ما فيه من قدرة إلهية فأكبر القرآن الكريم وأحتفل بليلة القدر التي نزل فيها. وقرأ تاريخ الرسول الكريم صلى الله عليه وآله فألف النشيد المحمدي وكتب مسرحية محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن أقواله (إذا كان الإسلام

هو التسليم لله لا لأهواء و الأغراض ففي الإسلام نحيا وعليه نموت (

 

 

وإليك أيضا بعض ما أكتشفه بعض العلماء الغربيين

قال تعالى:

( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون )

 

 

لقد أثبت العلم أن الفيلة تعقد المحاكم للمخالفات التي تقطع من بعضها وتصدر المحكمة

حكمها على الفيل المذنب بالنفي عن الجماعة،

ليعيش بمفرده.

 

والعالم ( رويال دينكسون) وهو عالم في التاريخ

الطبيعي قال في كتابه ( شخصية الحشرات):

لقد درست مدينة النمل عشرين عاماً في بقاع مختلفة من العالم فوجدت أن كل

شييء يحدث في هذه المدينة بدقة بالغة وتعاون عجيب ونظام

لا يمكن أن نراه في مدن البشر.

لقد راقبت النمل وهو يرعى أبقاره وهي خنافس

صغيرة رباها في جوف الأرض زماناً طويلاً حتى فقدت

في الظلام بصرها(

 

ولا أحد يدري في أي عصر بدأ النمل حرفة الرعي

كما أن هذا العالم لاحظ أن النمل قد زرع مساحة

من الأرض وأن جماعة النمل بحرثها على أحسن

ما يقضي به علم الزراعة كما أنها تزيل الأعشاب والطفيليات

الضارة التي تنبت لجانب المزروعات.

 

وإلى هذا الأحكام والإبداع أشار القرآن الكريم.

 

 

 

 

 

قال توليستوي الفيلسوف الروسي الإنساني (مما

لا ريب فيه أن محمداً خدم الهيئة الاجتماعية خدمات جليلة

ويكفيه فخرا أنه هدى مئات الملايين إلى نور الحق والسكينة والسلام ومنح

الإنسانية طريقاً للحياة وهو عمل عظيم لا يقوم به إلا إنسان أوتي قوة وإلهاماً

وعوناً من السماء)

 

 

 

قال برنارد شو الأديب الإنجليزي العالمي:

)يجب أن يدعى محمد منقذ الإنسانية في حل مشاكلها بطريقة تجلب إلى

العالم السلام والسعادة أن محمداً من الغابرين والحاضرين

ولا يتصور وجود مثله في الآتين)

 

 

قالت العجوز:

ولكن بعد كل هذه المعلومات التي أخبرتني

بها من الغريب والعجيب أنني لم أقرأ في

يوماً عن هذا الدين لو شيئاً بسيطاً عنه حتى

لقيتك....

 

 

أخذت العجوز ورقة وقدمتها لأبرار وقالت:

أرجوك أكتبِ لي أسماء بعض الكتب التي

يمكن أن أطلع عليها ولكن باللغة الأجنبية

طبعاً...

 

 

قالت أبرار:

حسناً ولكن أن لم تستطيعي فهم شيء ما

يمكنك سؤالي وسأساعدك قدر استطاعتي..

 

 

 

،،،

 

 

أخذ يتقلب على الوسادة والحيرة تأكل قلبه فماريا

هجرته وتركته فقد كانت صدمتها كبيرة به....

 

 

فقد كانت ثورتها العارمة وألمها الكبير حين عرفت

بأنه خدعها ولم يخبرها أنه متزوج وله أطفال

تظهر له بأن حبها له كان صادقاً ولكنه حطمه

كم شعر بالألم لمنظرها وهي تذرف الدموع

وتهيل عليها كلماتها الجارحة والاتهامات له

كانت كالطير المتكسر أجنحته وهاهي ذا تركته

بمفرده فلم يحصل عليها ولا على أبرار....

 

 

،،،

 

 

أخذت أبرار النقود من أمين الصندوق وهي تشعر

بسعادة غامرة فهاهي تستلم أول راتب لها كم هو

إحساس رائع حين يستلم المرء المال من عرق

جبينه أخذت تفكر كيف تصرفه فبانتظارها الكثير

من المستحقات التي عليها تأديتها فإيجار الشقة

وأقساط المستشفى و....و.....

 

 

 

كانت تنظر للنقود وتتمنى لو أنه بإمكانها توفير

المبلغ اللازم لتأمين رحلة العودة لأرض الوطن

ولكن بدا للحظات أن الأمل يتبدد....

 

 

ولكنها أخذت نفساً وعميقاً وقررت أن تحاول

ادخار المبلغ اللازم في أسرع وقت لتعود مع

طفليها وتترك مهند مع خطيبته الفاتنة....

 

 

 

سلمت أبرار كل ما تبقى من مال بعد أن

دفعت إيجار الغرفة للمستشفى فقد تحسنت

حال مهند وحان موعد عودته للمنزل سارت

لجواره بصمت مطبق حاولت أن تهنئه لخروجه

من المستشفى بصحة وعافية ولكن كبريائها

منعها من ذلك......

 

 

نظر مهند نحوها وتابع سيره للبوابة الخارجية

للمستشفى وهي تسير خلفه كانت تلمح الحزن

في عينيه فلابد أن ماريا هجرته بعد ما حصل

كم تتحرق شوقاً لمعرفة ما دار بينهما في ذلك

اليوم ولكن لم تملك الجرأة لتسأل....

 

 

 

اضطرا للسير للوصول للغرفة التي يسكنان

بها فلا مال يمكن أن يدفعاه لسيارة أجرة

لتوصلهم لحيث يسكنان.....

 

 

 

كانت أفكار أبرار مشتتة بين كيف ستتكفل

مصاريف الأيام القادمة بدون نقود وبين

ما حصل بين مهند وماريا كانت تتحاشى

أن تلتقي عيناها بعينا مهند فبمجرد التقائهم

كان يتولد عن ذلك شرارة كبيرة ومفزعة...

 

 

كان الطفلين سعيدين بعودة والدهم أخذت

أبرار تعد لهم طعام العشاء وتراقبهم وهم

يلهون ويتحدثون مع والدهم...

 

 

قال هادي:

بابا من تلك المرأة التي كانت موجودة في

الغرفة حين كنت بالمستشفى..

 

 

تفاجأت أبرار لهذا السؤال الذي تسمعه من

طفلها فلم يخطر ببالها أن طفلها يدرك ما

يجري حوله ليسأل هذا السؤال الذي تبعه

بسؤال كان كالصاعقة على مهند...

 

 

قال هادي متسائلاً:

ولما كانت تنظر لك بغضب حين سمعتنا

نناديك بابا...

 

 

أخذت أبرار تسترق النظر لتعلم ما هي ردة

فعل مهند وبماذا سيجيب...

 

 

ولكنه كان صامتاً لفترة ومن ثم قال:

لا أستطيع التحدث يا بني فأنا متعب ومريض

فهلا تركتني أرتاح...

 

 

أخذت تضغط أبرار بشفتيها على أسنانها فقد

تمكن مهند من الهرب من سؤال هادي كم

تمنت لو أجاب لتعلم ما كان سيجيب طفليه..

 

 

 

 

سمعت صوت طرق على الباب فتحته كانت العجوز

تقف خلفه وهي تحمل بيدها حقيبة صغيرة نظرت

نحوها أبرار باندهاش وقالت:

ماذا هناك؟؟؟

 

 

 

قالت العجوز:

لا أستطيع أن أطيل في الحديث يا عزيزتي ولكن

أنا وجين مضطرين للرحيل لتسوية أمر ما....

 

أخذت أبرار تتأمل العجوز وهي تسير برفقة

جين وتحمل الحقيبة الصغير لآخر الممر

كانت تتساءل ما الأمر الطاريء الذي يضطر

العجوز للسفر في وقت كهذا وبشكل مفاجيء..

 

 

 

كم تشعر بالشوق للعجوز وابنتها فقد كانتا

جارتان طيبتان لها والعمل أصبح عبء ثقيل

على أبرار بعد غياب العجوز المسكينة والتي

فيما يبدو قد قرر المدير فصلها لسفرها دون

أخذ أذن منه أو حتى إعلامه....

 

 

 

لقد مرت الأيام طويلة والجوع أصبح من جديد

رفيق أبرار وعائلتها والبرد لا يرحم عظام

طفليها الطرية يدا ها بدأتا تفقدا نعومتهما وتكثر

بهما الشقوق والجروح ....

 

 

كانت سعادتها كبيرة حين وجدت طبق به

بعض بقايا الطعام أخذت تلفه في أحدى

الأوراق النظيفة لعله يسد جوع عائلتها..

 

 

 

أخذت تسير في الشوارع المغطاة بالثلج

وتعود بذاكرتها ليوم طرد زوج عمتها مهند

وكيف تبعته بالرغم ما رأته منه مع أختها

أنهار تمنت لو أنها حافظت على كرامتها

ولم تتبعه وبقيت مع طفليها بعيداً...

 

 

فهي لم تجني بالجوار منه سوى الحزن

والألم....

 

 

دخلت الغرفة حيث يقبع مهند في حزنه

على حبيبته الفاتنة التي فقدها وطفلاها اللذان

لشدة الجوع والبرد أصبحا يلجآن للنوم فقد

بدأ الهزال يظهر بشكل واضح عليهما وهادي

بدأت تسوء حاله شيئاً فشيئاً أغلقت الباب

وأخذت ترتب بقايا الطعام على الطاولة

خلعت حجابها واقتربت من طفليها توقظهم

لتناول الطعام.....

 

 

 

 

وقف مهند عند الطاولة وأخذ يقضم من تلك البقايا

استيقظ فادي وقال:

أنا جائع ماما...

 

أخذت أبرار تخلل أصابعها بين شعره وتقول:

هيا أغسل وجهك وتناول طعامك أنه على الطاولة..

 

 

أخذت تدغدغ هادي في قدمه وهي تقول:

هيا استيقظ يا حبيبي فهناك على الطاولة طعام لذيذ

هيا فنحن جائعون....

 

 

 

ولكن هادي لم يستيقظ أخذت تهزه أكثر وضعت

يدها عند أنفه لم تشعر بأنفاسه أخذت تصرخ وترتجف

قائلة:

هادي استيقظ لا تمت أرجوك.....

 

حولت ببصرها نحو مهند ووجهها غارق بالدموع

في حين كان هو يقف كالمدهوش والحيرة تعلو

وجهه قالت له برجاء:

أرجوك يا مهند لا تدع هادي يموت استحلفك بالله

أن تساعده...

 

 

أسرع مهند نحو أبرار واحتمل هادي ونزل على

الدرج نحو الخارج وهو حافي القدمين وأبرار

تحاول ارتداء حجابها لتتبعه ولكن الإرهاق الذي

تشعر به والقلق والإرباك جعلها تعجز عن الحراك...

 

 

يتبع...

 

 

Link to comment
Share on other sites

(18)

 

 

أسرع مهند يحمل طفله بين يديه على الدرج لم يكن

يشعر بثقل طفله بين يديه ولم يرى من حوله شيء

سوى تلك البوابة التي تقوده للخارج عله يصل

بطفله للمستشفى قبل فوات الأوان...

 

 

 

وقف عند الشارع المغطى بالثلج الأبيض تلفت يمنة

ويسرى كان الوقت متأخر ولا يوجد أي سيارة

تقطع الشارع وأي مار يقطع الطريق....

 

 

نظر نحو طفله هطلت دموعه وأخذ يصرخ متوسلاً

يا رب سار نحو وسط الشارع توقفت سيارة

على المقربة منه نزل سائقها وتقدم نحوه...

 

 

هل هو ملاك أرسله الله له لينقذ طفله هرع مهند

واقفاً وهو يمد طفله نحو الشاب الذي أمامه

ويقول :

أرجوك ساعدني فطفلي لا يتنفس أرجوك

قبل فوات الأوان..

 

أخذ الشاب الطفل من بين يديه وأخذ يجري

له تنفس صناعي ...

 

 

كان مهند ينظر لذلك الشاب ولا يعي ما

يحدث ولكن أخذ الشاب الطفل وأسرع

نحو السيارة وهو يقول:

الحمد لله لقد تنفس...

 

 

جرى مهند خلفه وركب السيارة التي

انطلقت بكامل سرعتها في الشارع وصلت

أبرار متأخرة بعد أن استطاعت أخيراً وضع

حجابها بطريقة مبعثرة كانت تمسك بيد

فادي أخذت تتابع ببصرها السيارة التي

انطلقت تسابق الرياح وتتساءل

هل هذه السيارة التي صعد لها مهند

مع هادي...

 

 

كانت تقف حافية القدمين لم تشعر ببرودة

الأرض التي تقف عليها فقلقها على

هادي جعلها في وسط هذا الصقيع تتصبب

عرقاً...

 

 

أخذ فادي يبكي وهو يقول:

ماما قدمي باردتان...

 

احتملت أبرار فادي وأخذت تنتظر عودة

مهند مع طفلها هادي الصغير...

 

 

كان الشاب يقود السيارة وينظر نحو

هادي الذي استقر في حجر والده بين

فترة وأخرى قال :

ما الذي حصل لهذا الطفل ما سبب

توقف تنفسه..

 

 

نظر هادي نحوه وقال:

أنت عربي...

 

 

قال الشاب :

نعم أنا عربي ومسلم والحمد لله

أني كنت ماراً بهذا الطريق

في الوقت المناسب..

 

 

قال مهند:

لا أعلم ما به لقد تفاجأت والدته

وهي تحاول إيقاظه أنه لا يتنفس

وهو يعاني من بعض المشاكل في

قلبه منذ ولادته أني أخشى أن

يموت...

 

أخذت الدموع تجد لها طريقاً في

عيني مهند..

 

أثارت دموع مهند عاطفة الشاب الذي

ربت على كتفي مهند وقال:

إن شاء الله لا يحدث له إلا الخير

وسأحاول مساعدتك قدر استطاعتي يا أخي..

 

 

 

كانت تلك الكلمات المؤازرة كافية لرفع

عزيمة مهند...

 

وصلوا أخيراً للمستشفى أسرعوا بالنزول

بهادي لقسم الطواريء..

 

 

دخل الطبيب الغرفة وأخذ يتفحص هادي

كان مهند يقف ومعه الشاب وهو في

حيرة فقد وقفت عاملة الاستقبال تطلب

منه المال كي يتم علاج هادي....

 

 

أخذ مهند يفرك يده في حيرة وارتباك

فلا مال يملكه أو شيء يبيعه كانت

نظرات الشاب له توحي بأنه قد فهم ظروفه

قال:

لا تهتم يا أخي سأدفع أنا المبلغ اللازم

فلابد أنك حين كنت في عجلة قد نسيت

إحضار النقود كما أنك أيضاً نسيت

انتعال حذاءك..

 

 

نظر مهند نحو قدميه اللتان تحول لونهما

للأزرق من البرد وها هو ذا قد نسي

حقاً انتعال حذاءه...

 

 

ابتسم ابتسامة باهتة وقال:

أشكرك وسأعيد لك المال في أقرب فرصة...

 

 

 

قال الشاب:

لا بأس المهم أن يشفى الطفل ونراه أمامنا

يلهو ويلعب..

 

 

 

 

أخذ مهند يفكر كيف سيتمكن من أداء هذه الديون

التي عليه لهذا الشاب وهل راتب أبرار

الضئيل يمكنه من تغطية هذه النفقات...

لقد بدأت الشمس بالظهور ولم يعد مهند

بعد أخذت تتقلب في الفراش لم تتمكن من إغماض

جفنيها طوال تلك الليلة فالقلق يأكل قلبها

والانتظار هو أصعب ما في الحياة...

 

 

لم يكن في الغرفة هاتف ليهاتفها مهند ويطمأنها

عن حال هادي ولم تعرف أين ذهب مهند

لعلها تتبعه لتطمأن على هادي...

 

 

 

حان وقت الذهاب للعمل في المطعم ولا

يمكنها ترك فادي بمفرده أخذت

تلبسه ملابسه وتعد نفسها للذهاب

للعمل...

 

 

أخذت تقطع الخضروات وهي لا تشعر

بالضجة التي حولها ففكرها مشغول بما

قد يكون حصل لهادي كان فادي يشعر

بالنعاس وأسند رأسه للكرسي وأصبح رأسه

متدلياً من جانب الكرسي

لم تلتفت أبرار له فبالها مشغول بهادي

أقبل الطباخ واحتمل فادي ووضعه

على الكنبة الموجودة في زاوية المطبخ..

 

أخذ ينظر نحو أبرار الشاردة الذهن فقال

لها:

ما الذي حصل وأين هادي...

 

أخذت تنظر له أبرار ودموعها تذرف

على خديها وتكلمت وكأنها بحاجة

لمن تشكو له حالها ويشاركها حزنها

قالت:

لقد فوجأت البارحة حين كنت أوقظه

من أجل تناول الطعام و قد

توقف تنفسه أني خائفة

أن يموت..

 

 

 

أخذت تبكي أبرار بشدة فقد كتمت

حزنها ولكنها لم تعد تحتمل....

أخذ جميع

من في المطبخ ينظر نحوها

فالبعض سمع ما قالت للطباخ

والبعض الآخر أقبل يتساءل عن

سبب بكائها...

 

 

 

أثارت حال أبرار شفقة العاملين

في المطعم من ما أجبر المدير

أن يسمح لها بالعودة للمنزل..

 

أخذت أبرار تقطع الغرفة جيئة

وذهاباً فمهند لم يعد بعد

أخذت تتراءى لها الصور

فها هو مهند يعود بائساً

ويقول:

مات هادي..

 

 

يزداد انهمار دموعها تملأ

أرجاء الدنيا صراخ..

 

سمعت طرقاً على الباب

لابد أنه مهند أسرعت نحو

الباب فتحته..

 

 

ولكنه لم يكن مهند بل الطباخ

نظرت له بخيبة أمل

أخذ الطباخ ينظر

نحو الأرض...

 

 

 

تذكرت أنها تقف أمامه

بلا حجاب عادت للداخل

وارتدت حجابها وعادت

وفتحت الباب وقالت:

عفواً كنت أظن أن زوجي

هو القادم..

 

 

قال الطباخ:

ألم يعد بعد كنت أتمنى أن أطمأن على

صحة هادي ولكن عموماً هذا بعض

الطعام فلا بد أنك لم تعد

لك شيئاً...

هيا تناولي هذا الطعام وبإذن

الله نسمع كل خير عن هادي

في الغد..

 

 

 

أخذت أبرار علبة الطعام من

الطباخ وشكرته وعادت

للداخل وتنظر من جديد نحو

الساعة لقد تأخر مهند...

 

 

لما لم يأتي ليطمأنها عن حال

هادي أو حتى ليطمأن عليها

وعلى فادي..

انطلق الشاب برفقة عاملة الاستقبال

ليتم إجراءات الدفع اللازمة.

 

 

اقبل الطبيب يسأل مهند عن التاريخ المرضي

لهادي ويستفسر عن كل شيء ومن

ثم ابتسم وقال:

لحسن حظه أنه الآن يمكننا علاج قلبه فهو

يعاني من فتحة بسيطة في القلب وسنجري

له عملية وسيتحسن تماماً وسيتمكن من

ممارسة حياته بشكل طبيعي تقريباً..

 

 

شعر مهند بالسعادة فهادي لن يقاسى

ما قاساه هو طوال هذه السنين سيعود

طفلاً سليماً يلهو ويستمتع بحياته..

 

 

نظر نحوها شعر بضيق كبير فلما عادت

من جديد أن رؤيتها تثير في نفسه التعاسة

والحزن قدمت له ورقة موضحاً بها

التكاليف اللازمة لإجراء الجراحة في

أسرع وقت ممكن...

 

 

 

عاد الشاب ورافقها ليقوم بدفع تكاليف

العملية..

 

 

كان مهند يسير خلف هادي الذي

لا زال في غيبوبته ويرقد

فوق ذلك الفراش الأبيض المتحرك

أخذت الممرضة تدفع السرير

من غرفة لغرفة

ومهند يسير خلفها..

 

 

كانت الإجراءات طويلة

استغرقت يوماً كاملاً...

 

 

جلس مهند على الكرسي بالجوار

من الفراش الذي يرقد عليه

هادي كان يرى صورته فيه

تذكر أيام طفولته والتي

لطالما قضاها بين

جدران المستشفى كم كانت أيام عذاب

وألم ووحدة لطفل غض...

 

 

ابتسم ووضع يده على وجهه وتقاطرت

الدموع على خده فهادي لن

يعاني ما عاناه والده

سيكون طفلاً سوياً كالبقية ولن

يكبر ويحرم من الحياة بالقرب من من يحب

من أنهار لأن قلبه مريض...

 

 

أنهار.... لقد مر زمن منذ آخر مرة وقعت

عيناه على صورتها كيف هي الآن

وما أحوال تلك العائلة التي هجرها

في الوطن البعيد..

 

 

أفاق من أفكاره على وقع يد تربت على

ظهره كان ذلك الشاب العربي

ينظر له ويبتسم..

 

 

قال:

تعال معي قليلاً للخارج..

 

خرج مهند خلف الشاب الذي سار معه

نحو مطعم المستشفى...

 

 

جلس مهند عند أقرب طاولة للباب

وذهب الشاب يتحدث مع النادل

وعاد ووضع الطبق أمام مهند

وقال:

لابد أنك جائع تناول هذه الفطيرة إنها

فطيرة سبانخ لذيذة فلابد أنك

جائع بعد كل هذا الوقت..

 

 

كان مهند يشعر بجوع شديد فأخذ

يتناول الفطيرة ويشرب القهوة

لتدفأ جسده بعد تلك الليلة الباردة

ولكن انتهت فطيرة السبانخ

بسرعة ولا زال يشعر

بالجوع ولكنه يخجل أن يطلب من

الشاب المزيد...

 

 

كان الشاب يتأمله وهو يأكل فدفع

صحنه الذي يحوي فطيرة السبانخ

الأخرى

نحوه وقال:

بصراحة أنا لا أشعر بالجوع و

قد طلبت هذه الفطيرة وليس

لي رغبة بأكلها فهلا

أكلتها..

 

 

ودون تردد أخذ مهند الفطيرة

وراح يقضمها...

 

 

أخذت تنظر نحو باب غرفة العجوز كم

تفتقدها فقد كان وجودها بجوارها يخفف

عنها الكثير ولكنها رحلت...

 

 

أخذت تفكر أبرار ما أسباب رحيل

العجوز ما الذي دعاها للابتعاد

هناك الكثير من الأسئلة الحائرة

في ذهنها وتحتاج لإجابة..

 

 

تذكرت هادي أخذت تبكي بشدة فالقلق

يكاد يفطر قلبها فمنذ عادت من

المطعم وهي إما تقطع

الغرفة جيئة وذهاباً...

 

 

وإما تدخل وتخرج لعلها

تجد مهند..

 

 

وقفت عند الباب الخارجي كان

الثلج يتساقط استدارت

لتعود للداخل سمعت من يفتح

الباب خلفها..

 

 

استدارت لتعرف من؟؟

كان مهند

يقف أمامها وقد غطته الثلوج

ولكنه كان يقف بمفرده..

 

 

تقدمت نحو الباب فتحته لعل

هادي يكون خلفه ولكن لم

يكن في الخارج أحد..

 

 

فتحت عيناها على وسعهما أخذت

تدور حول مهند لعل هادي

يقف عنده وهي لم تنتبه..

 

 

ولكن دون جدوى لا أثر لهادي

أخذت تقول:

أين هادي؟؟؟

 

 

 

أرجوك يا مهند لا تقل لي أنه مات

سأموت أن مات هادي لا طاقة

لي بتحمل هذا الألم..

 

 

إنه ألم كبير أن أفقد فلذة كبدي

لا إنه أقسى ما في الدنيا...

 

طفلي الصغير معنى حياتي هو..

أنا أحيا

لأطفالي فقط لا غير

إن كان الموت

يريد أخذ أحد ما

فليأخذني أنا وليترك

هادي ليحيا...

فليأخذ قلبي وليبقى

قلب طفلي الصغير البريء...

 

 

أرجوك يا مهند لا تقلها أرجوك...

 

 

أخذت دموع مهند تتقاطر على

خديه ويحرك شفتيه ولكن

أبرار عاجزة عن سماعه

فصوت نحيبها كان عالياً...

 

 

أقترب منها مهند وامسك بيديها

وأخذ يقول:

 

 

 

 

لم يمت هادي بل سيعيش وسيكون

له قلب سليم كبقية الأطفال...

 

قالت أبرار:

أصحيح ما تقول؟؟

 

هز مهند رأسه وهو يقول:

نعم إنه صحيح..

 

 

وقعت أبرار على الأرض تسجد

لله شكراً

 

 

 

قالت أبرار:

ولكن أتركته بمفرده بالمستشفى ...

 

 

قال مهند:

لا لقد طلب مني الشاب الذي أوصلني

أن أعود للمنزل لأغتسل وأرتاح

وسيبقى هو برفقته..

 

 

قالت أبرار:

ومن هو هذا الشاب؟؟

 

 

فقال مهند:

هيا لنصعد للغرفة وسأخبرك

بما حصل بالتفصيل...

 

 

فأخذ يخبرها مهند عن الشاب وعن

ما حصل بينهما في تلك الليلة

حتى أستسلم الاثنان لنوم عميق...

 

 

 

أفاقت أبرار من نومها فزعة فقد تأخرت

على العمل كما أن مهند لم يذهب

للمستشفى ليطمأن على حال هادي...

 

 

 

أيقظت مهند وقالت:

أسرع لتطمأن على حال هادي وسوف

أسرع أنا للمطعم وسأحاول الحضور

للمستشفى في وقت إجراء العملية

ويمكنك الاتصال بي في المطعم

لتعلمني بموعد الجراحة...

 

 

 

وصل مهند للغرفة ولكن لا أثر لهادي

في الغرفة ولا للشاب..

 

أسرع يسأل إحدى الممرضات عنهما

والقلق بادٍ على وجهه..

 

 

قالت الممرضة:

لا داعي للقلق فهو الآن في غرفة العمليات

يخضع للجراحة وذلك الشاب الذي يرافقه

يتبرع بدمه لأجل الطفل فهو يحتاج

لنقل دم أثناء الجراحة...

 

 

شعر مهند بالحيرة فوقف عند باب

غرفة العمليات بلا حراك...

 

 

كانت أبرار ترتبك كلما رن جرس

هاتف المطعم وتترقب اتصال

مهند ليخبرها بأنه قد حان

وقت الجراحة...

 

 

كان الطباخ يحاول التخفيف عنها

ويتحدث عن كعكة كبيرة سيصنعها

حين تتحسن حال هادي ويعود

للمنزل..

 

ولكن ظل القلق يأكل قلب أبرار..

 

 

وقف مهند أمام الشاب

وأخذ يقول:

أنا عاجز عن شكرك فقد قدمت

لي كل شيء مالك وعطفك

وحتى دمك لا أستطيع

أن أوفيك حقك إلا بدمي..

 

 

ضحك الشاب وقال:

لا بأس يا رجل فالمسلم أخو

المسلم...

 

 

قال مهند:

هل لك أن تعطيني عنوانك حتى

أتمكن من رد الدين لك في أقرب

وقت ممكن...

 

 

قال الشاب:

ليس هذا الوقت المناسب ودعنا نطمأن

أولا ًعلى حال هادي ومن ثم

سأعطيك عنواني..

 

كان الوقت طويلاً ولكن وجود الشاب

بجانب مهند خفف عنه الكثير..

 

 

تذكر أبرار حين طلبت منه أن يعلمها

بموعد العملية لتحضر ولكنه

قرر أن يريحها من أن يتناوشها القلق الذي

يتناوشه فقر أن لا يعلمها حتى موعد

انتهاء العملية...

 

 

وأخيراً ها قد انتهت العملية

وأقبل الطبيب والابتسامة مرسومة على وجهه

وأخبر مهند أن العملية قد نجحت..

 

 

أقترب مهند برفقة الشاب من هادي الذي

كانت لا تزال تحيط به العديد من الأجهزة

قبل الشاب رأس هادي وأخذ يتلو بعض

الآيات القرآنية..

 

 

تقدم مهند وقبل رأس هادي وحمد الله

على سلامته..

 

 

 

تذكر أبرار التي تنتظر فأسرع نحو الهاتف

ليعلمها بأن هادي قد ولد من

جديد بقلب سليم بفضل الله والشاب..

 

 

 

أخذت أبرار تحمد الله ووجهها يتهلل فرحاً

واتجهت نحو المدير تطلب منه أن يأذن لها

بزيارة ابنها ولكنه رفض..

 

 

شعرت بإحباط كبير لرفضه السماح لها بزيارة

ابنها القابع بالمستشفى..

 

 

فكانت تستعجل وقت انتهاء العمل

للتمكن من زيارة هادي والاطمئنان عليه

 

 

وأخيراً انتهى وقت العمل

أسرعت وأمسكت بيد فادي لتخرج من الطعم

تبعها الطباخ وقدم لها بعض المال

وقال:

استأجري سيارة أجرة لتصلي

في أسرع وقت ممكن

وأتركي فادي معي فقد لا يسمح

له بالدخول برفقتك للمستشفى...

 

 

وأخيراً وصلت للمستشفى أخذت

تسأل

كل من تراه عن طفلها وعيناها

تلتفان يميناً ويساراً

بحثاً عن أثر لمهند...

 

 

وأخيراً وصلت للغرفة التي

يرقد فيها هادي..

 

 

كان مهند يجلس لجواره أقبلت

نحوه أمسك بيدها وتقدم

معها نحو فراش هادي

كانت دموعها تهطل

فسوف يكون هادي بخير

لكم راودتها الظنون كثيراً بأنها

ستفقده بسرعة ولكن الله

كانت إرادته فوق كل شيء ورحمته

وسعت كل شيء...

 

 

وشملها وطفلها برحمته...

 

 

قال مهند:

أين فادي..

قالت أبرار:

لقد تركته برفقة الطباخ في

المطعم وسآخذه عند عودتي..

 

 

 

ولكن أين الشاب الذي ساعدك في

إنقاذ هادي؟؟

 

 

قال مهند لقد خرج منذ قرابة الساعة

لينهي بعض الأمور العالقة

ولكنه لم يعد..

 

 

قالت أبرار:

أريد أن أشكره لمساعدته

لنا...

 

قال مهند:

لقد تبرع أيضاً بدمه لهادي...

 

 

قالت أبرار:

وفقه الله لكل خير فلا أملك

سوى الدعاء لأجازيه

على الخير الذي قدمه لنا...

 

 

 

بزغ نور الشمس من نافذة الغرفة

وبدأ يوم جديد..

 

 

أخذت أبرار تفتح عينيها وتبحث

عن مهند حولها لم يكن

بجوارها فقد غفت على الكرسي

وقفت واتجهت للخارج

تبحث عنه ولكنها لم تجده

عادت تتأمل طفلها

الذي لا زال قابع بلا حراك...

 

 

كم كانت تشعر بالقلق عليه

ولكن ها هو يعود للحياة من جديد

بعد تلك الليلة..

 

دخل مهند الغرفة كان يبدو عليه

الإحباط..

 

تقدمت منه أبرار وقالت:

ما بك؟؟

 

قال:

لقد قام الشاب بدفع كافة تكاليف

علاج هادي وأبلغ الممرضة

أن تبلغني السلام وأنه

لن يقدم لي عنوانه لأنه لا حاجة

لأن أسدد الدين..

 

 

كم كان رجلاً كريماً ولكنه رحل

حتى دون أن أعرف اسمه..

 

 

أحنت أبرار رأسها للأرض

فقد كانت تتمنى هي الأخرى أن

تشكر هذا الشاب على كرمه معهم..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يتبع....

 

 

Link to comment
Share on other sites

(19)

 

أخذت تتأمل خطواتها الأولى ها قد بدأت تخطو بعض

الخطوات بعد طول انتظار كانت تتأملها كم هي جميلة

بل فاتنة ولكن خبث دمها أو ا لخبث الذي يسير في عروقها

هو ما كان يعكر صفاء جمالها....

 

 

لم تكن تفهم هذا المرض فهي لم تسعى يوماً للحصول

عن أي معلومة فكل العلوم لا تهمها إن لم تكن تختص

بجمالها وأناقتها.....

 

 

أخذت الطفلة تستند على مكتبة الكتب الكبيرة وتحاول

التقدم في سيرها نظرت نحو المكتبة إنها مكتبة أبرار

التي تركتها لطالما خططت للإلقاء بها في الخارج و

لكن عمتها العجوز كانت تمنعها....

 

 

تقدمت نحو الطفلة واحتملتها وأخذت تقول:

يا حبيبتي نوراء هيا اشفي بسرعة فمرضك هو

ما يعكر علي سعادتي...

 

أخذت الطفلة تبتسم لوالدتها وتحاول النزول إلى

الأرض أنزلتها أنهار إلى الأرض واتجهت نحو

الأريكة الكبيرة التي تتوسط الصالة واستلقت في

وسطها وأخذت تنظر نحو السقف وتعبث بشعراتها

الناعمة الشقراء.....

 

التفتت لحيث طفلتها لم تجدها لقد اتجهت من جديد

نحو المكتبة وأخذت تسير بمحاذاتها....

 

 

أخذت تفكر كيف هي الآن أبرار؟؟

 

كم يقتلها الفضول لمعرفة ما جرى لهم في تلك البلاد

الأوروبية ابتسمت ابتسامة سخرية وأخذت تمتم:

قد تكون تطورت الآن وتركت أفكارها البالية...

 

 

نظرت من جديد نحو طفلتها وأخذت دموعها تتقاطر

كانت الصفرة التي تعلو وجه طفلتها تعكر جمالها ذلك المرض الخبيث الذي غزا دمائها....

 

 

عادت بها الذكرى لليوم الذي أبلغهم الطبيب فيه بمرض

ابنتهم الوحيدة وكيف أخذ حسام يبكي كطفل وهو يقول

لها:

أنت السبب يا أنهار فقد منعتني من تقديم العون لأخي

فعاقبنا الله على ذلك بمرض ابنتنا....

 

 

أفاقت من أفكارها على صوت صراخ نوراء أسرعت

تجري نحوها احتملتها وأخذت تضمها وهي تقول:

أتشعرين بالألم يا عزيزتي سأقدم لك الدواء الآن..

 

تقدمت تريد صعود الدرج لتقصد غرفتها ولكن كانت

تقف بالمقابل لها العمة مدت يدها نحو أنهار وأخذت

الطفلة من بين يديها واتجهت نحو غرفة الجلوس

أخذت أنهار تنظر للعمة التي منذ توقفت مكالمات

مهند وأبرار أصبحت منعزلة ودائمة الحزن وعندما

يرن جرس الهاتف تقفز له ظناً منها أنه مهند أو

قد تكون أبرار....

 

 

 

عادت بالدواء وقدمته للجدة التي أخذت تلاعب

الطفلة كي تشربه ففعلت الطفلة وشربته...

 

ووضعت رأسها بين أحضان جدتها لتغفو..

 

 

تقدمت أنهار وقالت:

هاتيها يا عمتي لأضعها في فراشها..

 

قالت العمة:

دعيها أريدها أن تغفو في حجري فقد حرمتني

من حفيدي الآخرين وتريدين الآن حرماني منها..

 

 

قالت أنهار:

وما ذنبي أنا إن كانت أبرار قاسية القلب وتمكنت

من تناسيك أنت ووالدتها؟؟؟

 

قالت العجوز:

أعلم بما قمتما به أنت وحسام فقد منعتم المال من

الوصول لمهند والله أعلم كيف هي حاله...

 

 

أدارت أنهار ظهرها للعجوز وهي تقول:

هل سنعود من جديد لهذا الموضوع لقد مللت...

 

 

 

وقفت أمام المرآة التي عند مدخل الباب وأخذت ترتب

من هندامها بابتسامة خبيثة ومن ثم نظرت نحو العجوز

وقالت:

متى ستعرفين أنك الآن لا تملكين سوى ابناً واحد وحفيدة

واحدة أنهما حسام ونوراء فحافظي عليهم كي لا تفلسي

من الجميع..

 

 

نظرت العجوز إلى أنهار بحدة والتي أسرعت بالخروج

لتتفادى الكلمات الغاضبة التي قد تلقيها على مسامعها

العجوز...

 

ركبت سيارة الأجرة وطلبت منه أن يوصلها فهي بالرغم

من كونها أم لا زالت ترغب بأن تحظى بنظرات الإعجاب

وكلمات الإطراء للجمال الذي تملكه أينما حلت...

 

،،،

 

أخيراً أفاق هادي ابتسمت له أبرار بحنو

تقدمت نحوه أخذت تلمس التفاصيل الدقيقة في

أصابعه كانت يده الصغيرة الرقيقة تشعرها كم

هو بحاجة لها قبلت رأسه برفق أخذ ينظر حولها

قال:

أين أبي...

 

 

ابتسمت أبرار وقالت:

لقد ذهب ليحضر بعض الحاجيات وسيعود..

 

دخلت الممرضة وقالت:

أرجوك يا سيدتي يجب أن لا يبذل الطفل أي

مجهود حتى وإن كان بالكلام ولذا أنا مضطرة

لأحقنه بحقنة منومة...

 

 

 

أخذت أبرار تنظر لصدر صغيرها النحيل الذي

لف بكامله بضمادات انهمرت دموعها فكم هو

صغير ليفتح صدره وقلبه تمنت لو كانت تلك

الآلام جميعها من نصيبها عوضاً عنه..

 

ومن ثم تذكرت مهند فقد تأخر أين يمكن أن يكون

قد ذهب خرجت تبحث عنه كان يقف عند إحدى

الهواتف تقدمت نحوه سمعته يقول:

أنا أحبك يا ماريا ولن استغني عنك ولو لحظة

أرجوك في ظروف كهذه احتاجك لجانبي لا

أستطيع نسيانك ولو للحظه واحده...

 

بشأن أبرار قلت لك من قبل أن ما يربطني بها هو

الطفلين والقرابة التي بيننا وحين تتحسن الأوضاع

سأطلقها نعم سأطلقها وأتزوجك أنت فأنت من أعشق

ولكن عليك التقرب من الطفلين أكثر ليحبانك وتسهل

الأمور أكثر....

 

أخذت دموع أبرار تهطل وقالت:

مستحيل أن أترك لك طفلي....

 

استدار مهند لها وهو مرتبك تأمل عيناها الحمراوان

والتي كانتا تضخان شراراً نحوه...

 

 

ولكن لم يطل ذلك فقالت:

أن هادي يحتاج للراحة وسيظل طوال عدة أيام نائم فلا

حاجة لبقائي هنا وانصرفت...

 

قال مهند:

عذراً ماريا سأكلمك لاحقاً...

 

وأنزل سماعة الهاتف...

 

أخذت تسرع أبرار في سيرها نحو البوابة للخروج

إنه فجر اليوم التالي وفادي مع الطباخ كيف يمكنها

الوصول إليه فهي لا تعرف أين يعيش...

 

 

بحثت عن سيارة أجرة ولكنها لم تجد أخذت تسير

ودموعها تنهمر على خديها لم يكن سوى القليل يسيرون

في تلك الشوارع المثلجة فالجميع لجأ لمنزله هرباً من البرد

كان الألم يعتصر قلبها فهي تشعر بأن قلبها فارغ

بل خاواً على عروشه يملأه الخراب فليس هناك من

ساكن له ....

 

قدمت قلبها لمهند ليمتلكه ليكون له ولكنه رفضه بل طعنه

وقذفه في وجهها تذكرت أنهار تذكرت غنجها دلالها

نظرات الإعجاب التي تملأ عيون جميع من

حولها....

 

 

كم هو شعور رائع أن يجد المرء شخص يحبه يهتم

لأمره يشغل تفكيره أنه فعلاً أمر رائع ولكن ما كل

هذه القلوب الحمراء التي تزين الشارع ألوان حمراء

تملأ المكان زهور نجوم قلوب أقمار وحتى دماً كلها

اكتست بألوان حمراء أنه يوم اتخذه شعب هذه البلاد

كيوم للعشاق نظرت نحوها تمنت لو تحصل على

إحداها لتقدمها لمن.........لمهند ولكن هل يستحقها؟؟؟

 

هزت رأسها ومسحت دموعها وأوقفت سيارة أجرة

كانت تمر بالقرب منها واتجهت للمنزل....

 

 

دخلت ألقت بنفسها على الوسادة وأخذت تبكي وتصرخ

بكل شدة إنها المرة الأولى التي تتمكن فيها من أفراغ

غيظها حزنها غضبها بعيداً عن أعين الجميع أخذت

تضم تلك الوسادة تارة وتعضها أخرى أخذت تبكي

وتصرخ إلى أن تعبت وغفت عيناها....

 

 

إنه يقترب منها لم تكن تلمح الكثير من وجهه كان

يرتدي ملابس بيضاء والنور يسطع من وجهه

قدم لها كتاب أخضر وزهور حمراء ابتسمت له

وعلا ثغره ابتسامة ناعمة....

 

كان تشعر بأحاسيس رائعة وجميلة وراحة كبيرة

ولكنها لم تطل فقد رن جرس المنبه ليوقظها من

حلمها الجميل استفاقت وأمسكت بالمنبه بقوة وهي

توقفه وخاطبته بلهجة مؤنبة:

حتى أنت لم يهنأ لك أن أحظى بحلم جميل...

 

 

 

اتجهت مسرعة نحو المطعم فبالها مشغول بفادي

كان يقف عند بوابة المطعم احتضنته بشغف

وأبدى هو عتابه لها قائلاً:

لما تركتني ماما كنت خائفاً...

 

قالت له:

لا تخف يا حبيبي فأنا لن أتركك أبداً...

 

 

تقدم الطباخ نحوها وقفت أبرار وقالت:

أشكرك جداً لاهتمامك بفادي وأرجو أن لا

يكون قد ضايقك ...

 

قال الطباخ:

أبداً لقد سعدت به كثيراً وقد قمت بنزهة رائعة معه

وقد كنت احتاج فعلاً لنزهة كهذه ولولا وجوده معي

لما قمت بها...

 

ابتسمت أبرار وأمسكت بيد فادي ودخلت للمطعم

الذي كان يزدان بالزهور والقلوب الحمراء سارت

نحو المطبخ وبدأت العمل لتعوض عن اليوم الذي فات

فهي اليوم تتسلم راتبها بعد طول انتظار...

 

 

كان ذلك اليوم شاقاً وطويلاً وطال العمل لوقت متأخر

من الليل قال الطباخ:

ألن تذهبي لزيارة هادي اليوم...

 

 

قالت أبرار:

إنه نائم ولا أظن أني سأذهب فوالده معه و

لا أريد ترك فادي بمفرده كي لا يحزن..

 

ونظرت إلى الأريكة التي يرقد عليها ومن ثم

قالت:

كم أشتاق للعجوز وابنتها جين وأشعر بالحيرة

لسفرهما المفاجيء وتأخرهما في العودة..

 

 

قال الطباخ :

أرجو أن يكونا بخير إن شاء الله...

 

 

احتملت أبرار فادي وسارت متجهة للمنزل

وكم كانت تتمنى لو تقصر المسافة أكثر فقدماها

تؤلماها من طول الوقوف كانت تحمل حقيبتها

بحرص ففيها راتبها الأول لم يكن مبلغاً كبيراً

ولكنها بأمس الحاجة له في ظروف كهذه....

 

 

كان الطباخ يسير بالقرب منها قال:

دعيني أحتمل فادي فلابد أنك مرهقة ومتعبة

فعلى ما يبدو أنك حتى لم تنالي كفايتك من النوم

لعدة ليال ....

 

كانت تلك فرصة لأبرار ولم تعارض الطباخ

وقدمت له فادي وقالت:

نعم أنا أشكرك ففادي قد كبر ولم يعد صغيراً

كالسابق...

 

 

سارت أبرار تحاول التغلب على إرهاقها بأسرع

ما يمكن تقدمت أمام الطباخ وهي تسير...

 

 

صرخ الطباخ :

حاذري ما بك أبرار...؟؟؟

 

 

كانت أبرار قد وقعت أرضاً أنحنى الطباخ عندها

يحاول إيقاظها ولكنها لم تجبه...

 

أخذ يمسح الثلج عن وجهها ووضع معطفه عند رأسها

وبحث عن سيارة أجرة....

 

 

فتحت عيناها كانت في غرفة صغيرة وسرير أبيض

أنه المستشفى أن رائحته أعلمتها بذلك رفعت رأسها

عن الوسادة فجأة فتحت الستارة كان الطباخ لم يكن

حجابها حول رأسها أخذت الرداء الأبيض الذي على

الفراش ولفت رأسها به...

 

 

ابتسم الطباخ وقال:

وكأنك ذاهبة للحج...

 

ابتسمت أبرار وقالت:

إن شاء الله يكون لي ذلك قريباً ولكن أين فادي؟؟

 

 

قال الطباخ:

أنه على السرير المجاور..

 

وفتح الستارة نظرت نحوه أبرار وتنفست الصعداء

ومن ثم قالت:

آسفة فقد أتعبتك معي...

 

قال الطباخ:

لا أبداً ولكن عليك أن لا ترهقي نفسك ارتاحي فأنت

تبذلين جهوداً كبيرة ...

 

قالت أبرار:

إنها الظروف وليس بيدي حيلة...

 

قال الطباخ:

فليعنك الله وليهبك القوة والصبر..

أحضرت الممرضة حجاب أبرار وكيس

به بعض الأدوية وقالت:

يمكنها أن تنصرف الآن..

 

خرج الطباخ وأخذت أبرار ترتدي حجابها

وتحاول احتمال فادي ولكن دخل الطباخ و

قال :

لا اتركيه سأحتمله أنا فلا زلتِ متعبة..

 

واحتمله وقال:

هيا أسرعي فقد أوقفت سيارة أجرة..

 

صعد الطباخ في المقعد الأمامي وجلست أبرار

خلفه كم هو حنون هذا الرجل بالرغم أنه لا يربطها

به سوى أخوة الدين إلا أنه يقوم بالكثير من أجلها..

 

وأخيراً وصلت عند باب الغرفة فتحت الباب

وأدارت وجهها لتشكر الرجل وإذا بزهور حمراء

أمامها كان الطباخ يمد يده بابتسامة خلابة وحمرة

تصبغ بياض وجهه وهو يقول لها:

أرجو أن تقبليها مني..

 

ارتبكت أبرار أتقبلها أم ترفضها..

 

قال الطباخ:

وقدمي هذه الباقة الصغيرة لهادي..

 

شكرته أبرار وأخذت الأزهار ومن ثم

عادت واحتملت فادي لتدخله الغرفة

وعادت لتغلق الباب ولكن لا زال الرجل

يقف عند الباب نظرت نحوه أبرار وهي

تلمح كلمات على شفتيه حائرة...

 

قالت:

ما بك أهناك شيء ...

 

قال الطباخ:

عندما كنت في غيبوبة كنت تهذين

وتقولين كلمات عن الطلاق كنت تقولينها

بالعربية ولكنٍ فهمتها فأنا أقرأ القرآن..

 

قالت أبرار:

ليس هناك منزل يخلو من المشاكل..

 

قال الرجل:

هل تم بينكم الطلاق...

 

 

قالت أبرار:

ليس بعد ولكن مهند يسعى له...

 

وأخذت دموعها تتقاطر على خديها

قال الطباخ:

أرجوك يا أبرار لا تبكي فعيناك لا تستحقان

ألم الدموع أنت كنز وقليل من يستحقك..

 

أثارت تلك الكلمات اندهاش أبرار لم

تكن تستطيع فهم ما يقصد ويريد هذا الرجل....

قال لها الطباخ:

سأدعك ترتاحين الآن فلم يتبقى سوى القليل

ويحين موعد العمل تصبحين على خير..

 

 

ابتسمت أبرار وقالت:

تصبح على خير....

 

وأغلقت الباب وأخذت تتأمل الأزهار التي بيدها كم

هي جميلة بحثت عن زهرية كانت في أحد الأدراج

وملأتها بالماء ووضعت الأزهار فيها...

 

أخذت تنظر نحوها كم أصبحت هذه الغرفة جميلة

وتشع بالحياة بعدما تزينت بهذه الزهور الحمراء...

 

 

استلقت على الفراش واستسلمت لنوم عميق ومريح

بعد كل ذلك التعب وضمت فادي لصدرها وقبلته

فهو وهادي كنز حياتها الذي لن تسمح لمهند أن يخطفه

من يدها....

 

 

أخذ فادي يسير في أنحاء المستشفى فرحا بالهدية

التي سيقدمها لهادي فهو أخيراً سيراه بعد طول

انتظار فقد شفي من مرضه كما أخبرته والدته

نظر نحوها وهي تسير بهدوء وقال:

ألن يعود هادي مرة أخرى للمستشفى سيبقى معي

دائماً لنلعب كما نشاء دون أن يتعب أو يمرض....

 

 

ابتسمت أبرار وقالت:

نعم لقد شفي ولكنه سيحتاج لبعض الراحة لكي يشفى

تماماً ولكن عليك عندما تقابله أن تلتزم الهدوء أفهمت

يا حبيبي.؟؟؟

 

هز فادي رأسه وقال:

نعم سأقوم بأي شيء ليشفى أخي فأنا أحبه

كثيراً ...

 

قالت أبرار:

وأنا أيضاً أحبكما كثيراً....

 

دخلت أبرار الغرفة وهي تقبض جبينها فما الذي

جاء بهذه المخلوقة لغرفة هادي كانت تحاول مداعبته

وتطلب منه أن يقبلها ولكنه ما إن رأى والدته حتى

أشار لها قائلاً:

ماما أريد ماما..

 

أسرعت أبرار نحوه ودموعها تنهمر حين رأت دموعه

ضمته برفق لصدرها أخذ يقبلها ويقول:

كنت خائفاً أن تتركيني...

 

قالت أبرار:

لا يا حبيبي لم أتركك كنت أزورك في كل يوم ولكن

كنت دائما أجدك نائماً فأتركك لترتاح...

 

أقترب فادي وأخذ يمسك بوالدته نظرت نحوه أبرار

وقالت:

هيا يا عزيزي ها قد رأيت هادي أخيراً سلم عليه

وهنأه على شفاءه...

 

 

أقترب فادي ووضع يده بيد هادي الذي مد يده الأخرى

وأمسك بها يد فادي الأخرى أخذ هادي يضم فادي

لصدره ويبكي قال فادي:

كم اشتقت لك يا أخي أنا أحبك وكذلك أمي تقول أنها

تحبنا نحن الاثنان كثيراً...

 

كانت أبرار تخالج نفسها مشاعر متمازجة من الفرح

والقلق والحزن والسعادة فها هي ترى طفلاها قد كبرا

كم جرت هذه الأيام التعيسة دون أن تقف أبرار و تعد

تلك الأيام وكأنها بالأمس رزقت بهما طفلين رضيعين..

 

 

كان مهند يقف لجوار ما ريا وهو يرى تجاهل أبرار

له ولها حانت منها إلتفاته له ولها ولكنها ما لبثت أن

عادت تقترب من طفليها وتضمهم لها وكأنها تعلن

له أنه من المستحيل أن يأخذهم منها...

 

 

خرج مهند مع ماريا وقف عند الباب أخذت تنظر

نحوه ماريا وقالت:

عليك أن تعترف يا مهند لن تتمكن أبداً من فصل

طفليك عن والدتهما فليس من حل سوى أن تتركها

ترحل معهما وأنا أملك الكثير من المال فنتزوج

ونعيش معاً...

 

 

نظر مهند نحوها ومن ثم طأطأ رأسه وقال:

بصراحة يصعب علي العيش بدونهما فهما طفلي

ولا أتخيل الحياة بدونهما فلننتظر قد أجد حلا آخر...

 

 

نظرت نحوه ماريا بعصبية وقالت:

يستحيل أن أوافق أن أكون زوجتك الثانية فلا تفكر

أبدا بهكذا فكرة مفهوم...

 

قال مهند:

أرجوك يا ماريا أهدأ لا داعي للغضب...

 

خرجت أبرار ونظرت مطولاً نحو مهند ومن ثم

قالت:

يريدك فادي فمنذ فترة لم يلقاك...

 

نظر مهند لماريا ومن ثم دخل الغرفة وقفت أبرار

عند الباب وكانت تلمح ماريا وهي تنظر لها بنظرات

ازدراء واحتقار...

 

كانت تشعر برغبة في أن تتحدث معها ولكن كرامتها كانت

تمنعها من أن تبدأها في الحديث......

 

 

نظرت لداخل الغرفة لترى ابتسامة طفليها ولهوهما مع

والدهم ففكرت قليلا وأخذت تقول في نفسها:

أي كرامة هذه أسعى للحفاظ عليها وتحطيم سعادة

طفلي علي التحدث معها أياً كانت الظروف...

 

 

قالت:

أنت فتاة جميلة...

 

نظرت نحوها ماريا وقد علا وجهها الاندهاش فقد

توقعت أن تسمع أي كلام من أبرار ولم يخطر ببالها

أبداً أن تسمع هذه الكلمات...

 

نظرت نحوها وهي لا تعرف بما تجيب أتشكرها أم

تسخر منها أم تحزن لها...

 

 

تابعة أبرار تقول:

ومثقفة ولا ينقصك شيء وأمامك الكثير من الشباب

فلما اخترت مهند وهو رجل متزوج وله أطفال ومعدم

لا يملك المال ولا الشهادة وهو ذو قلب مريض...

 

 

صمتت لفترة طويلة ماريا وكأنها تحاول التهرب

من الاجابة على تساؤلات أبرار التي أخذت نظراتها

لها تحاول سحب اعترافاتها وبقوة كانت تشعر بنظراتها

الحادة والفطنة كأنما تقرأ ما يخالج نفسها من قلق حاولت

أن تهرب من نظرات أبرار لها ولكن لم تترك لها أبرار الفرصة لتهرب....

 

 

أدارت ظهرها لأبرار وقالت:

لأني أحبه هو الذي يدفعني للبقاء بجانبه برغم كل ما

قلت من ظروف...

 

وأعلم أنك أيضاً تحبينه ولكنه يحبني أنا لا أنتِ فإن

كنت فعلاً تحبين مهند وتعشقينه فهلا تركت الطفلين له

وعدت لوطنك ليحظى بالسعادة التي يستحق...

 

كما أني أعدك أني سأهتم بطفليك كأم لهما ...

 

كانت نار تستسعر في قلب أبرار وهي تستمع لكلمات

ماريا شعرت بغيظ وغضب شديد وكأنها رأسها يحوي

الكثير من الكلام الذي أن لم تخرجه ستنفجر أقبلت

عند ماريا وأمسكت بيدها بشدة وهي تقول:

فلتذهبي للجحيم أنت وسعادة مهند أنا لا أحبه

أتفهمين أكرهه ولن أسمح لكما أن تأخذا طفلي

مني وأعرفي من اليوم أني سأقاتلك نعم سأقاتلك

ولن أسمح لك أو له بتحطيم سعادة طفلي...

 

دفعت ماريا أبرار من أمامها بقوة وهي تقول:

مابك أيتها الجاهلة والمتخلفة لقد آلمت يدي

وأنا أيضاً أكرهك وأكره طفليك الغبيان...و...

 

 

وإذا بحرارة ملتهبة على وجهها نظرت ماريا

بنظرات حادة نحو أبرار التي كانت تتنفس بشدة

لقد صفعتها على وجهها كيف يعقل أن تقوم هذه

الفتاة بذلك لطالما سمعت من مهند بأن هذه الفتاة طيبة

ولا تدافع حتى عن نفسها أمام كل ما يحصل فما

الذي تغير....

 

 

وقف مهند فاغر فاه فهذه المرة الأولى التي يرى

فيها أبرار بهكذا حالة نظرت نحوه أبرار وهي

تقول:

هذا جزاء من يخطيء في حق أطفالي ولن أسمح

لأحد بجرح أطفالي وإن كنت أنت يا مهند إعلم

من الآن أني سأدوس على قلبي الذي أحبك ولن

أسمح لك أبداً أن تأخذ أطفالي بعيداً عني...

 

 

دخلت الغرفة أبرار وهي ترى نظرات هادي

وفادي لها كانا ينظران وفي حيرة من أمرهما

ما الذي يجري جلست على الكرسي المجاور

لفراش هادي وهي تحبس دموعها نظرت نحو

طفليها وابتسمت....

 

أخذ هادي يضحك وهو يقول:

أنا سعيد يا ماما لأنك ضربتي هذه

المرأة..

 

نظرت نحوه أبرار وقالت:

ولما أنت سعيد بذلك؟؟؟

 

قال:

لأنها كانت تطلب مني أن أقبلها

وأن أناديها ماما ولكني رفضت

وقلت لها أنت لست أمي...

 

ابتسمت أبرار وقالت:

الآن لن تطلب منك مرة أخرى أن تناديها

ماما فلقد أدبتها...

 

أخذت أبرار وطفليها يضحكون ولكن دمعة

وحيدة تسللت على خد أبرار وهي ترى مهند

يقف لجوار ماريا محاولاً استرضائها...

 

 

 

لقد عاد هادي للمنزل وتحسنت حاله كثيراً وهجر

مهند المنزل لأيام على ما يبدو يقضيها لجوار

مخطوبته ماريا التي يحاول استرضائها...

 

تذكرت أبرار كلماته المتوعدة لها بالطلاق

وهجرها وترك طفليها لها بعد الذي حصل

منها مع ماريا ولكنها لم تعد تأبه ما دام

طفليها جوارها فلم يعد يهمها شيء

بعدهما....

 

 

أوصلتهما للحضانة القريبة من المنزل واتجهت

نحو المطعم...

 

أخذت تتذكر سعادة طفليها ولهوهما في الحضانة

فتشعر بسعادة كبيرة وتبتسم لمجرد تذكرها لابتسامة

هادي أو ضحكت فادي...

 

 

دخلت المطعم وأخذت تعد كل شيء لقد حضر جميع

العاملين عدا الطباخ لقد تأخر على غير عادته وبالأمس

لم يخبر أحد أنه قد يتأخر عن العمل....

 

بدأ الجميع يتسائل عن غيابه المفاجيء كانت أبرار

أكثر القلقين عليه فهذه المرة الأولى التي يتغيب فيها

عن عمله وهاتف منزله لا أحد يجيب عليه...

 

 

كانت أبرار تقطع الخضروات حين دخلت إحدى العاملات

في المطعم وهي تقول:

أسمعتم إن الطباخ قد وقع له حادث وهو بالمشفى...

جرحت أبرار إصبعها حين سمعت ذلك وأسرعت

نحو النادلة وهي تقول:

أأنت متأكدة من ما تقولين...

 

 

هزت العاملة رأسها تشير بالإيجاب...

 

وقفت أبرار حائرة خرجت عند الباب فكم تشفق

على هذا الرجل المسكين الذي حرم من حنان

عائلته ودفأها.....

 

وقف مهند أمامها ولكن ما الذي جاء به هنا إنه

نادراً ما يزورها في هذا المطعم قال:

أريد مفتاح المنزل لآخذ بعض الحاجيات التي

نسيتها بالمنزل....

 

 

أخذت دموع أبرار تهطل على خديها وتجهش

بالبكاء قال لها مهند:

ما بك هل أصيب الطفلين بشيء...؟؟؟

 

قالت أبرار بصوت باكٍ حزين:

إن الطباخ في المستشفى بعد ما أصيب في حادث

هلا أخذتني له....

 

 

شعر مهند بالأسى لهذا الرجل الذي طالما كان

حنوناً مع طفليه وقال:

هيا سأرافقك ولكن أتعلمين في أي مستشفى

يرقد...

 

قال أبرار:

سأذهب لأسأل وأعود لحظات فقط...

 

 

كان جميع العاملين يشعرون بالحزن

لهذا الرجل الذي لطالما تعامل معهم بطيبة

وحب ..

 

 

أسرعت أبرار نحو باب الغرفة التي يرقد

فيها الطباخ كان المدير بالداخل خرج ووجهه

يملأه الحزن والأسى طرقت الباب بهدوء ومن

ثم دخلت دخل خلفها مهند....

 

 

أخذت دموعها تنهمر فوجهه مليء بالخدوش والضمادات

و الأجهزة تحيط به من كل مكان كان رجل طيب وصالح

لا يستحق ما يجري له....

 

نظر نحوها الطباخ وقال:

كيف حال الطفلين؟؟ أهذا زوجك الذي بجوارك

هزت رأسها بالإيجاب وقالت:

الطفلين بخير لا تقلق..

 

قال:

ولما أنت في المستشفى إذن...

 

 

قالت أبرار وهي تحاول مسح دموعها:

أنا هنا لأزورك...

 

 

قال الرجل:

أشكرك كثيراً لزيارتك لي كم تعني لي الكثير

أهتمي بالطفلين....

 

أخذت أبرار تبتسم له ودموعها تهطل على

خديها كانت تتذكر لقاءها الأول به ومواقفه الشهمة

معها كان رجل كله أخلاق نبيلة وطيبة...

 

أخذ ينظر لمهند تارة وينظر لها أخرى كان

مهند للمرة الأولى التي يلقى فيها هذا الرجل

الذي لطالما سمع طفليه يتحدثان عنه ويخبرانه

عن لعبه ولهوه معهم وشاءت الأقدار أن يلقاه

في لحظاته الأخيرة.....

 

 

أخذ يرتعد في السرير وجبينه يرشح بالعرق

وأجراس الأجهزة ترن من حوله اجتمع حوله

الممرضات والأطباء وأبرار بين اليأس والأمل

في حياة هذا الرجل ولكن وضع الطبيب الغطاء

الأبيض على وجهه ليعلن موت رجل طيب كان

يوماً يهتم لأمر أبرار بل ربما أحبها.....

 

 

أخذت أبرار تبكي وتبكي كان مهند يحاول تهدأتها

عاد معها للمنزل ووجد طفليه يقفان عند باب الغرفة

أخذ المفتاح من حقيبة أبرار التي كانت في يأس

شديد وفتح الباب كان الطفلين ينظران لوالدتهما

بحيرة ويقولان:

ما بك ماما لما تبكين؟؟

 

أجابهم والدهم:

إنها متعبة فقط دعوها ترتاح قليلاً ولن تبكي

من جديد....

 

 

أخذت أبرار تبكي وتقول:

كلما وجدت شخصاً يعاونني على وحدتي وغربتي

في هذه البلاد يغيب عني دون سابق إنذار فأولا

تركتني العجوز ومن ثم هذا الرجل الطيب لا أريد

أن أبقى هنا أكثر أريد أن أعود لوطني لأمي لعمتي

كم أشتاق لتراب أرضي أرجوك مهند لما أحضرتني هنا

وتريد إبقائي في هذه الأرض لأذوق طعم الغربة ومرارة

الفراق ....آه ما أشد مرارة الغربة أريد أمي أبي أهلي

وطني أريدهم أرجوك أعدني لهم وأخذت تنتحب نحيباً

يقطع نياط القلوب أخذت دموع مهند تهطل على خديه

وضع رأس أبرار في حجره وقبل رأسها وقال:

أهدإِ يا عزيزتي ونامي الآن لترتاحي لن أتركك

أبرار لن أتركك....

 

 

سمع طرقاً على الباب قفز هادي ومن خلفه فادي وفتحا

الباب كانت ماريا خلف الباب نظرت نحوه وأبرار في

حجره فأدارت ظهرها وأغلقت الباب بشدة....

 

 

Link to comment
Share on other sites

مشكوره والله ياغروب البحرين

 

وياريت اتكملين القصه في اسرع وقت 9_9

 

ابي اعرف شنووو صار في مهند بعدين عقب ماجكته ماريا :D

 

لانه القصه وااااااااااااااااايد حلوه وروعه بعد :wub:

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...

×
×
  • Create New...