Jump to content
منتدى البحرين اليوم

علي شريعتي.. رفيق "الخميني" الذى قتله "آيات الله"


Recommended Posts

«على شريعتى» فيلسوف الثورة الإيرانية الذي كان يقول: «إن واقع كل ثورة، بعد سقوط الدكتاتور يذهب الثائر ليخلد للنوم والراحة، ويستيقظ المتخاذل من نومه بالراحة ليستلم السلطة».

عندما اندلعت الثورة الإيرانية عام 79 حمل المتظاهرون صورتين واحدة لروح الله الخمينى والثانية لـ«شريعتى»، الأول اعتبر ولاية الفقيه فريضة دينية تخلص الشعب من شرور الشاه، بينما كان الثانى يدعو إلى إسلام لا مركزى يتجاوز سلطة رجال الدين ويحرر المؤمن من سلطة الوسيط بينه وبين ربه.
حارب نظام الخمينى «شريعتى» ونعتوه بالوهابي، وحاربه جهاز المخابرات الإيرانية «السافاك» وقتله غيلة في لندن، وأقصاه أهل السنة لاعتقاده بالمذهب الاثنا عشرى، وآمن به فقط شباب «مجاهدى خلق» الذين رأوا أن الاشتراكية لا تتنافى مع الإسلام.
رغم أنه إيرانى فارسى العرق، إلا أنه انتقد النزعة الشعوبية لدى رجال التشيع الصفوي، ويعتبر واحدًا من القلائل الذين استطاعوا التجرد بعيدا عن هوى المذاهب والتمذهب. حيث انتقد ما سماه «التشيع الصفوي» و«التسنن الأموي»، ودعا إلى التقارب بين «التشيع العلوي» و«التسنن المحمدي»، ما أدى في النهاية إلى مقتله بلندن.

795.jpg

يقول «شريعتى»: أنا «سنى المذهب»، «صوفى المشرب»، «بوذى ذو نزعة وجودية»، «شيوعى ذو نزعة دينية»، «مغترب ذو نزعة رجعية»، «واقعى ذو نزعة خيالية»، «شيعى ذو نزعة وهابية».
من أهم كتب «شريعتى»، طريق معرفة الإسلام، العودة إلى الذات، الحسين وإرث آدم، الإسلام والإنسان، التشيع العلوى والتشيع الصفوي، النباهة والاستحمار، مسئولية المثقف، بناء الذات الثورية، سيماء محمد، ودين ضد دين.
كان «شريعتى» يرى أن الإسلام الذي يقدمه رجال الدين يختلف تمامًا عن الإسلام الصافى، ويقول: منذ زمان السيد جمال الدين الأفغانى التفتنا إلى أن الإسلام ليس كما هو مطروح في الميدان، وعرفنا أن هناك في أذهاننا الكثير من القواعد العقائدية والكثير من الشعائر والمرتكزات مبهم - كما هي الحال في الوقت الحاضر- أو ملفق مع عناصر أجنبية، أو أنه مجهول من الأساس، وعلى أي حال فقد اذعنّا جميعًا - في القرن الأخير - بحاجتنا نحن المسلمين إلى إصلاح عميق وطراز تفكير دينى سليم.
في كتابه (العودة إلى الذات) كتب قائلًا: كل مصائبنا حدثت من أن جيلنا القديم ابتلى بالتحجر، وابتلى جيلنا الجديد بالعبث والخواء أي لا إلى دين ولا إلى إلحاد فهو جيل دون اتجاه دون أيديولوجية، ودون مبدأ عقائدى ودون شخصية، ودون تعصب ودون هدف، وعمل المفكر الآن هو إيقاظ ضمير المجتمع، ومنح العوام الوعى الذاتى، وتقديم تفسير وتحليل أيديولوجى للظروف الاجتماعية الموجودة، وبيان المثل وخطوط السير ونقل الواقعيات المتناسبة والمتناقضة في الحياة الأخلاقية والثقافية والاجتماعية إلى إحساس الناس.
أما في كتابه «النباهة والاستحمار» فقال: إن الإنسان لا يستطيع أن يبقى مخلصًا وصادقًا في ثورة اجتماعية حتى النهاية ووفيًا لها، إلا إذا كان ثوريًا قبلها ومتناسقًا معها، فليس الإنسان الثورى هو الإنسان الذي يشترك في ثورة اجتماعية فحسب، فما أكثر الانتهازيين والمغامرين والنفعيين الذين يشتركون فيها، وهم جرثومة الانحراف في كل الانتفاضات، وفشل كل الانتفاضات من جراء اشتراكهم فيها، لأن الثورى قبل كل شىء جوهر أعيدت صياغة ذاته.
وانتقد رجال الدين قائلًا: لقد كان دين «الملأ» ينتج الأفيون للمجتمع، بإنتاجه لمواعظ من هذا القبيل: «أنتم لستم مسئولين لأن كل ما يحصل هو حاصل بإرادة الله ومشيئته.. لا تشكوا من الحرمان ولا تتألموا فإنكم ستجزون في مكان آخر.. اصبروا على كل شىء لكى يضاعف الله لكم الأجر». هكذا كانوا يخمدون احتجاج الفرد ويجمدون حركته الإرادية.. إن دين عبادة الطاغوت الذي كان يتمتع بكل شىء طوال التاريخ، كان بدوره آلةً في يد الطبقة الحاكمة لاستثمار الطبقات السحيقة وقمعها وإقناعها، ولقد ظهر هذا الدين بشكليه الجلى والخفى في كل حقبة من حقب التاريخ.. كان الجبابرة يستخدمون العنف في مواجهة الناس وإخماد ثوراتهم، لكن الدين كان ينتهج طريقة أخرى في وأد النهضة، وردّ الانتقاد، وإخماد ثائرة الغضب والاحتجاج.
«شريعتى» كان أول من تحدث عن التشيع الصفوى، وفرق بينه وبين التشيع الحقيقى، وهو من كتب قائلًا: عكفت الصفوية على إيجاد منهج انعزالى صوفى، يميل إلى تجاهل الواقع والغياب عن مسرح الأحداث بنحو ينهمك فيه كل إنسان بمشاكله وهمومه الذاتية وتكون رسالته في الحياة هي العمل على إنقاذ نفسه من سجن الدنيا والفرار بها من جهنم الحياة، ولا ريب في أن هذه الحالة تعد حالة مثالية لمثلث التحكم بالناس والمؤلفة أضلاعه الثلاثة من الاستبداد والاستثمار والاستحمار، متسائلا: كيف استطاعت الصفوية أن تنتج تشيعًا يشبه التشيع في كل شىء، وليس فيه منه شىء؟.. إن إكسير الاستحمار الصفوى المشئوم، استطاع أن يصنع من الدم ترياقًا، ومن ثقافة الاستشهاد ترنيمة نوم، أما التشيع العلوي، فهو مذهب الاقتداء بالإنسان الذي يقاتل ببسالة ويتعبّد بخضوع.
انضمّ «شريعتى» إلى جناح الشباب في الجبهة الوطنية، وهو لم يزل بعد صبيًا، وبعد سقوط حكم مصدق انضم إلى حركة المقاومة، وعندما ضربت بعنف سجن «شريعتى» ستة أشهر، ولم يكن قد تخرّج بعد في كلية الآداب سنة ١٩٥٨، وعندما تخرج في الجامعة من كلية الآداب بدرجة امتياز في السنة التالية برغم كل هذه الظروف، أرسل في بعثة إلى فرنسا ١٩٥٩.
في فرنسا قام «شريعتى»، بدراسة أعمال المفكر والمناضل الفرنسى فرانتز فانون، وترجم بعض أعماله إلى الفارسية، وروّج لها في دوائر المثقفين الثوريين الإيرانيين. ما أدى مجددا إلى اعتقاله في باريس هذه المرة بعد مشاركته عام ١٩٦١، في تظاهرة تضامنية مع باتريس لومومبا أول رئيس وزراء منتخب للكونغو.
ولإيمانه بالعمل المنظم، شارك عام ١٩٦١، في تأسيس حركة التحرير الإيرانية مع إبراهيم يزدى وصادق قطب زادة في باريس، وتعرف على الفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر. وقد تم اعتقاله للمرة الثالثة عند زيارته لإيران بتهمة المشاركة في نشاطات مناهضة للشاه. ثم أطلق سراحه عام ١٩٦٥، ليبدأ بعدها التدريس في جامعة مشهد. وعندما انتشرت أفكاره بين الطلاب تحركت سلطات الشاه ونقلته إلى طهران، حيث بدأ بإلقاء محاضراته في حسينية الإرشاد. وذاع صيته بين الطلاب.

796.jpg

اتهم جهاز السافاك «شريعتى» أنه وهابى وليس شيعيًا، وحكموا عليه أنه زنديق، وبقى في السجن ثمانية عشر شهرًا تعرّض خلالها لصنوف العذاب، وتدخّل المسئولون الجزائريون، فأفرج عنه سنة ١٩٧٥ لكنه وضع تحت المراقبة.
في هذه الآونة كان يكتب مقالًا يوميًا في صحيفة خراسان، وجه فيها رسائل للمثقفين، ومنها: كن على وعى دائما بمسئوليتك العظيمة داخل المجتمع، فعلى المثقف أن يجد السبب الأساسى لانحطاط المجتمع، وإن التناقضات الاجتماعية كالفقر والغنى لن تحرك الشعوب إلا إذا حُملت تلك التناقضات من داخل النظام الاجتماعى ووضعت في ضمائر الناس ووعيهم. وحده الفقر لن يحرك أحدًا وإنما الإحساس به، فكن على وعى بالتناقضات الاجتماعية، فالمجتمع ليس مفعولًا به نسقط عليه أفكارنا ونجرب فيه أساليب تعسفية تناقض الفطرة السوية غالبا ولا تقود إلا إلى انهيار. عامل المجتمع كفاعل به لكنه فاعل مريض ينطق بأسباب مرضه. كن كالطبيب خذ احتياطاتك، وقم بتفحصاتك وابحث عن التناقضات الموجودة واعلمها جيدًا قبل أي خطوة عملية تقوم بها على الأرض.
عرف «شريعتى» النمط الثقافى، أنه الروح الغالبة على مجموعة معارف مجتمع ما. وثقافة المجتمع التي على المثقف الواعى أن يكون متواجدًا في عمقها. متفهمًا لضمير السواد الأعظم من شعبه، قائلًا: إذا كنت من هؤلاء الذين يعتقدون أن المجتمع الحالى وما عليه يساوى الدين الإسلامى، فحتمًا سينتهى بك المطاف إلى تبنى سياسات إصلاحية اجتماعية جديدة لا تصلح للمجتمع الذي تعيش فيه؛ لأنها لا بد ستعادى الدين؛ ونتاجًا لذلك يصبح المثقف مكروهًا تمامًا كحال نخبنا اليوم، فماذا سيحدث بعد ذلك؟! سيلجأ الناس إلى مزيد من الرجعية، وتستغل القوى الرجعية ذلك وتصرف الناس عن المصائر الحالية، وتبدل المشكلات الواقعية إلى أخرى ذهنية فيجذب الاهتمام باسم الدين من مرحلة ما قبل الموت إلى ما بعده فظهر لنا ما مفاده «اقتل ولك الجنة».
ما فصل «شريعتى» عن الماركسيين المعاصرين، هو إيمانه أن الدين مثله مثل القومية، قوة قابلة للتحريك لمناهضة الاستعمار، لذا لم تجد أفكاره صدى لدى تيارات الإسلام السياسي في مصر مقارنة بدول عربية أخرى كالسودان وتونس.
في حسينية إرشاد، كان يوجه خطابًا لاذعًا لرجال الدين بشقيهم الشيعى والسنى، وهذا ما جمعه تلاميذه من أشرطة مسجلة فيما بعد، ومنها: «إذا أردت أن تعرف أيديولوجية أحدهم، فتش عن مصدر معيشته». ولأن الملالى يحصلون على معاشهم من «الخُمس» و«سهم الإمام»، فهم بالضرورة تربطهم مصالح مشتركة مع الأثرياء والدولة وملاك الأراضى وتجار البازار. وهكذا تصبح المؤسسة الدينية أداة لتزييف وعى الناس ولتبرير الظلم والاستغلال.
ونادي «شريعتى» بتحرير الإسلام من قبضة البرجوازية الصغيرة، رجال الدين والطبقة المالكة، والنهضة به لتحويله عن حاله الراهن من دين سلبى إلى قوى إيجابية تساعد البشر على الترقى والتحرر وإحلال العدل.
كما انتقد «شريعتى» سعى رجال الدين إلى احتكار الحق في تفسير الإسلام، وهو ما وصفه بأنه «أسوأ وأكثر أنواع الاستبداد قمعًا»، لهذا دعا إلى إصلاح بروتستانتي، أو نهضة للإسلام، وفيه يتاح لأى فرد تفسير النص المقدس بنفسه، مسترشدا بعقله وبروح الإسلام الثورية المناهضة لكل أشكال الظلم والاستعباد.
اختلف «شريعتى» مع حركة مجاهدى خلق في اعتقاده بوجود طريق ثالث للعالم الثالث غير الرأسمالية والاشتراكية، وذلك في محاضراته الأخيرة والأكثر راديكالية التي نشرت فيما بعد تحت عنوان «التوجه الطبقى للإسلام».
حقق كتابه «النباهة والاستحمار»، في هذه الفترة ذيوعًا وانتشارًا، وكان مما جاء فيه: النباهة هي تلك الصفة التي تُميز الشعوب إدراكها لذاتها ولتاريخها ولتراثها، تلك الصفة التي تتسم بها النفوس الواعية، وعقيدة الانتباه هي عقيدة كل مؤمن حريص على ألا يتم استحماره أو التلاعب بعقله ودينه. حددت السلطات الإيرانية إقامته، ثم سمحت له بعد ذلك بالذهاب إلى لندن عام ٧٧، وبعد شهر من إقامته في لندن عُثر عليه مقتولًا في شقته، وذكر تقرير مستشفى ساوثهامبتون أن سبب الوفاة «أزمة قلبية» ولم تسمح لجثمانه بأن يدفن في إيران، فنقل إلى دمشق ودفن في الحرم الزينبي.

 

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...