اسألوا اهل الذكر

[فهد مندي]

قال تعالى:  فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.
كثيرا ما يتم تفسير وتوظيف آيات الله توظيفا خاطئا ، وذلك من خلال اقتطاع مفردات معينة من آية قرآنية ومن ثم الاستدلال بها على ما يريدون وما يخدم أغراضهم، لذلك فمن الأمانة العلمية والدينية يجب عرض الآية القرآنية كاملة عند الاستدلال بها، وكذلك فهمها في ضوء نسقها في السورة القرانية ، ومن أجل فهم هذه المفردات القرآنية سأضعها في نسقها القرآني ليسهل فهمها ، قال تعالى :وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. (٤٤) النحل.

لفهم الايتين الكريمتين ينبغي التأمل والتدبر لما يلي :
 ١- مطلع الاية يتحدث عمن سبق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من الأنبياء والرسل. ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ)
٢- فاسألوا ... الخطاب موجه للمشركين وليس لاتباع النبي صلى الله عليه وسلم فالخطاب في الآية موجه لهم .
٣- المعلومات التي من الممكن سؤال أهل الذكر من أهل الكتاب عنها هي المعلومات المتعلقة بالبينات والزبر . (  إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ)
٤- قوله فاسألوا أهل الذكر ، فمن هم أهل الذكر الوارد في السياق؟ ، فأهل الذكر في السياق هم من أهل الكتاب.
٥- وأنزلنا اليك الذكر ، ما المقصود بالذكر هنا؟
المقصود بالذكر هنا القرءان الكريم  .
٦- لتبين للناس، من هم الناس هنا؟
الناس هنا هم أصحاب الديانات الأخرى ، لتبين لهم ما اختلفوا فيه ، ولتصحيح عقائدهم ومفاهيمهم الدينية .
٧- ما المقصود ب (ما نزل إليهم).
ما نزل اليهم ؛ التوراة والانجيل ، ولكنهم قاموا بتحريف بعضه، واخفاء بعضه وتأويل بعضه الاخر ، فأنزل الله تعالى الذكر وهو القرءان الكريم؛ ليكشف وليبين وليصحح الذي بين أيدي أهل الكتاب ما ورثوه من كتب سماوية. 
فالآيتان الكريمتان ليس لهما علاقة بالمتخصصين في الشريعة الإسلامية، وإنما تتحدثان عن موضوع آخر مختلف .
ولا يجوز القول هنا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، لأن خصوص السبب يتعلق بأهل الكتاب وليس له علاقة بالمتخصصين بعلوم الشريعة الاسلامية.
فالله تعالى يريد أن يحرر دينه من طبقة الكهنوت التي تسيطر على الديانات الأخرى، فدين الله اتصال مباشر بين الله والناس مباشرة، لذلك كان الخطاب الإلهي  بقوله تعالى : يا أيها الناس... ويا أيها الإنسان...... فكل مسلم ينبغي أن يكون قادر على تلقي الخطاب الإلهي دون وسيط ودون طبقة كهنوت .