اخبرني سيدي! لماذا هذا المساء شديد الظلمة.. شديد الكآبة.. شديد الرعب.. ثقيل كجبل .. بطئ كسلحفاء.. بارد كميت؟؟ ولماذا ياسيدي حكايتي يتيمة تجول في خاطري كالغرباء والورد يئن في الشرفات كالمطعون..
اخبرني ياسيدي اين ذهب الآمان؟ ماالذي يحدث في المدينة هذا المساء وأخبرني اين ارسم علامات استفهامي والكل في حالة ذهول الكل في حالة صمت وسكون لكنه سكون وليد الصدمة يشبه صمت الموت تماما؟؟
ايعقل ايكون الموت اخشى ان اطلق رصاصة السؤال فتقتلني رصاصة الإجابة.اذن هو الموت ياسيدي مرة ثانية وثالثة ورابعة وليست اخيرة هو الموت ياسيدي احفظ ملامحة جيدا واعرف مرارتة كتبت عنه كثيرا وكتبني ورثيت الكثير من الراحلين احياءهم وامواتهم..
لكن الموت هذه المرة ليس قصيدة حزينة تنزفها في اذني ولاحكاية مرعبة اسردها عليك ولانبأ يصيلني فأستقبله
بالدموع.. الموت هذه المرة ياسيدي يختلف فالموت هذه المرة هو انت...
فتصور حين يكون الموت هو انت.. تصور حين يكون النبأ الحزين هو انت.. تصور حين يكون ذلك النائم بلا روح هو انت..
فأي الحروف تسعفني عندها؟ واي الكلمات تغيثني؟ واي بقعة من الأرض تستوعب حزني واي فضاء يحتمل صرختي؟
ياسيدي بأي عنوان هذا الاحساس؟ وبماذا ألقب هذا الجرح؟ وهذا هو الجرح الذي ماتوقعت ان اكتبه يوما وهذا هو الحدث العظيم الذي ماتمنيت ان اسجله بتاريخ عمري يوما؟ لكنه حدث..
ووجدتني اسجل فوق جدار قلبي بإنكسار وبيد مرتعشة .. في مثل هذا اليوم رحل رجل كان يمثل العالم ولهذا القلب.. رحلت اذن رحلت كأجمل مايكون الرحيل ..
كنت رائعا في كل شئ.. مختلفا في كل شئ .. صادقا في كل شئ.. حتى الموت اخترت اروع انواع الموت
فمثلك لاتودعة الحياة الا رافعا رأسه بفخر ومثلك لايودع الحياة الا لحياة أجمل وابقى..
هل تذكر!! حين سردت عليك حكاية حزني ذات مساء وملأت قلبك بدموعي ووعدتني ان تحفر ينابيع الفرح في اراضي عمري وان تمنحني السعادة بلا حدود وان تدربني على الضحك الذي نسيته منذ سنين وان لايخرجك من عالمي سوى الموت وصدقت الوعد فلم يأخذك ولم يبعدك الا الموت..
هل تعلم! بنفس خائفة وقلب مرعوب احاول التكيف مع فكرة غيابك واحاول ان ادرب لساني على ربط اسمك بالموت واحاول ان اقنع قلبي ان الطرقات فوق بابي لن تكون طرقاتك وان رنين الهاتف لن يكون رنينك وان الرسائل في بريدي لن تكون رسائلك وان ذلك الطيف في الظلام لن يكون انت..
ترى!! إن كان حنيني الى الأحياء يقتلني فماذا عساه يفعل بي حنيني الى الأموات؟؟
سيدي روحي انتهت الحكاية فنم بسـلام على قلبك السـلام .. انتهت الحكاية والخوف كان فيها بطلا والموت كان فيها الختام ..
وبعد ان ارعبنا المساء .. عفوا ايها الموت ماذا تركت لي؟؟