نحن نتخيل أن أطفالنا عندما يسألون يقصدون إحراجنا، وكأن لديهم معلومة يريدون اختبارها, والواقع أنهم حين يسألون خصوصًا في هذه السن الصغيرة يريدون إثبات ذواتهم، ويريدون إثبات قدرتهم اللغوية على السؤال والحوار، إنهم يريدون أن نتواصل معهم ونلتفت إليهم، وحين يرون أن الطرق العادية في إقامة حوار لم تفلح معنا لانشغالنا عنهم أو محاولتنا إسكاتهم جريًا على الاعتقاد الخاطئ أو قل الرغبة "إن صمت الطفل علامة أدبه"؛ فيعمدون إلى شد انتباهنا بأسئلتهم التي قد تبدو مزعجة أو مستفزة، إنهم إلى جانب رغبتهم في شد انتباهنا يريدون أن يعرفوا ويتعلموا قدر ما تطيق عقولهم نحو اكتشاف هذا العالم، بشرط أن تكون المعلومة في النهاية -حتى ولو كانت بسيطة- صحيحة؛ لأن أسوأ شيء يحدث عندما يكتشف الطفل أن الإجابة التي حصل عليها لم تكن صحيحة.
إن ثقته فيمن حصل منه على المعلومة تهتز، خاصة إذا كان هذا المصدر هو الوالدين، ويذهب يبحث عن مصدر آخر للحصول على معلوماته؛ فيحصل على الضار والنافع وربما لا يملك بخبرته المحدودة التفريق بينهما؛ فالمهم لديه أن يحصل على معلومة صحيحة ولا يخدعه أحد؛ لذا فإننا نقول ببساطة: إن أفضل إجابة على ما نسميه الأسئلة المحرجة هو الحقيقة.
ولا ندري لماذا يعتبر الأهالي سؤال "من أين أتيت؟" سؤالا محرجًا، في حين أن إجابة حقيقية وهادئة مثل أتيت من بطني ستكفيه، وإذا ما حدث حمل آخر أمامه ورأى بطنك وهي تكبر سيتأكد أن المعلومة صحيحة وحقيقية. ولكننا نورط أنفسنا في إجابات تفتح أسئلة يكون من الصعب إدراك الطفل لإجابتها مثل لقد دعونا الله أن تأتي... فدعا الطفل الله، وفي هذه المرة شاء القدر أن يكون هناك حمل يتصور الطفل أن سببه هو دعاؤه، في حين أن الأمر في سؤاله لم يكن يبحث في الكيفية، ولكن "من أين أتيت؟" تعني المكان بدون إحراج أو لف أو دوران، وسيسأل الطفل بعد الولادة: وكيف أتى أخي؟ فيكون ردنا مثلاً "ذهبنا للطبيب فأخرجه من بطن ماما".. إن الإجابة الواثقة البسيطة الحقيقية تحل المشكلة.
أن سؤال الطفل فرصة لأن نتواصل معه ونعلمه ونشبع فضوله ونضيف إلى معلوماته، ونعلمه كيف يسأل ونعطيه الثقة في نفسه ونزيد حصيلته اللغوية؛ فلا داعي لتحويلها إلى أزمة؛ لأن الحقيقة هي أفضل إجابة.
وفي هذا الرابط مقال أتمنى أن يجيب على أسئلتك أخي العزيز
http://www.islamonline.net/arabic/adam/200...article08.shtml