Jump to content
منتدى البحرين اليوم

راعي الماكسيما

الاعضاء الفعالين
  • مشاركات

    23567
  • انضم

  • آخر زيارة

Everything posted by راعي الماكسيما

  1. صباح الخير مبارك عليكم الشهر راعي الماكسيما
  2. لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم البقا براسج اختي
  3. الفحص الطبي قبل الزواج.. الوقاية أولاً يقول البروفيسور الدكتور سمير أحمد السامرائي أستاذ المسالك البولية والتناسلية اخصائي علاج وجراحة المسالك البولية والتناسلية إن انتشار وانتقال الامراض الوراثية في حالة الزواج من الأقارب (Inbreding) وانتشار الأمراض الجنسية والتناسلية المعدية في الوقت الحاضر يعتبر من المشاكل الحديثة التي تواجه الشباب والشابات التي يجب الحد منها بواسطة الاعلام والثقافة الصحية، خاصة مع الازدياد السريع في عدد السكان في البلاد العربية، وكبر العائلة العربية واستمرار الزواج من الاقارب رغم التحذيرات العلمية والطبية الحديثة وازدياد في نسبة الامراض الجينية والوراثية عند نسل هؤلاء من الأطفال، كما تؤدي بعض هذه الأمراض إلى العقم عند أحد أو كلا الزوجين المصابين أو الاجهاض المتكرر عند المرأة أو أمراض وراثية وتشوهات خلقية للجنين وكذلك في بعض الاحيان الى وفاة الجنين قبل الولادة أو بعد الولادة مباشرة، وهناك امراض أخرى لا تشخص عند الطفل إلا بعد تقدمه في العمر. ومن الجدير بالذكر ان التقنية المختبرية لتشخيص هذه الامراض الوراثية اصبحت متوافرة في دولة الامارات كسائر دول العالم المتقدمة، وان الكثير من هذه الامراض الوراثية قد اثبت وجودها هنا، وبما ان سبب هذه الامراض الوراثية عند الزواج من الاقارب خاصة هي شذوذات في الجسيمات الكروموزومية (Chromosoma Abnormality) ومن المسببات غير القليلة للعقم عند الرجل أو المرأة وفي الوقت نفسه من مسببات التشوهات الخلقية الجنسية والتناسلية تكون هذه الشذوذات في أكثر الأحيان من دون أعراض جسدية خارجية يستطاع تشخيصها قبل الزواج، ولهذا فإن الخضوع الى الفحوصات الجينية الحديثة عند هؤلاء الأشخاص يعتبر فحصاً أساسياً. وقال البروفيسور السامرائي إن نسبة الإصابة بالأمراض الوراثية المنتشرة في منطقة الخليج سببها الاول هو زواج الاقارب والتي تصيب الاطفال في حالة الزواج، وتكون عادة اما امراض كروموزومية متنحية الصيغة (Aotosomal Recessive Disease) أو تكون شذوذات جينية خلقية (Congenital Anomaly) فتتراوح الاصابة ما بين 2000:1 - 3000:1 اصابة واكثر هذه الامراض الجينية انتشاراً هي امراض الدم مثل: 1-الامراض الهيموجلوبينية (Haemoglobinopathy) ونسبة الاصابة تكون 12،5%. 2- مرض ال (Glucose-6- Phosphate Dehydrogenase Enzym Deficiency) ونسبة الاصابة تكون 12،5%. 3- مرض فقر الدم البحري (Thalasmia) ونسبة الاصابة تكون 25%. 4- فقر الدم المنجلي (Sickle Cell Anemia) ونسبة الاصابة تكون 6%. 5- مرض الهيموجلوبين D. 6- مرض الهيموجلوبين C. وهذه تحدث عند الزواج من ابناء عم الدرجة الأولى بنسبة 34% اما نسبة الاصابات بالامراض الجينية في الدم فتتوارث بعد الزواج ايضاً من ابناء عم الدرجة الثانية وتكون نسبة الاصابة 58%. 7- مرض تخثر الدم (Factor-V- leiden) والمسماة (Thrompophilia) أو ما يسمى بمرض الدم التخثري والاصابة به تكون بنسبة 15% وهذا المرض المذكور اعلاه مرض مولد الترومبين (Prothrombin- G20210A) وكذلك مرض (Mthfr Mutation) يعتبران من أمراض الطفرات الاكثر انتشاراً وراثياً ويؤديان بدورهن الى الاجهاض المتكرر عند المرأة المتزوجة من قريب لها مصاب بإحدى هذه الطفرات أوتكون هي المصابة نفسها أو عائلتها ولهذا يجب الفحص التشخيصي قبل الزواج لهؤلاء الأشخاص، مع العلم بأن فحص الترحيل الكهربائي للهيموجلوبين (HB-Electrophorosis) يكشف عن مرض فقر الدم البحري (Thalasamia) وكذلك عن الامراض الهيموجلوبينية الأخرى. أما عن الامراض الوراثية الاخرى فإن مرض التليف الحوصلي (Cystic Fibrosis) والذي يؤدي في أكثر الحالات إلى تغيرات باثيولوجية معقدة في الرئتين والامعاء والكبد وهذه قد تؤدي الى وفاة الطفل بعد الولادة بنسبة 23% وتكون نسبة الاصابة بهذا المرض مجملاً 7% والاشخاص الذين يعالجون بعد الولادة ويبلغون سن الرشد فإنهم قد يصابون بالعقم ويكونون غير قادرين على الانجاب. واضاف ان الامراض الوراثية التي تؤدي الى تشوهات خلقية لعدة اعضاء في جسم الجنين او الرضيع فإنها تؤدي إلى وفاة الجنين أو الرضيع بنسبة 20- 40% لأن هذه الامراض تكون من نوع غير الكروموزومية ومتعددة الانظمة والتشوهات (Non-Chromosomal Multisystem Malformations). ولهذا وبسبب الامراض الخطرة المذكورة أعلاه يجب على الاشخاص المقبلين على الزواج أن يخضعوا للفحص الجيني لتشخص وتكشف الامراض الوراثية المذكورة اعلاه، اولاً ومن ثم عند الاطفال بعد الولادة مباشرة ينجبون من ام أو أب مصابين بأحد الأمراض الوراثية المذكورة اعلاه، والحمد لله فإن أكثر هذه الامراض يستطاع الكشف عنها بسهولة ومنها ما يعالج بنجاح. اما نسبة الامراض الوراثية التي تصيب المتزوجين من الاقارب فإنها تتراوح ما بين 12% إلى 58% ونسبة اصابة الأطفال 40%. السؤال الثاني: ما هي الامراض التي قد تصيب الشاب أو الفتاة في حالة عدم إجراء الفحص الطبي قبل الزواج؟ 1- الإصابة بفيروس الهربس الزهري (HSV) وهو مرض معد فيروسي ينقل من خلال الممارسة الجنسية بكل أنواعها، وهناك نوعان من الهربس الاول (HSV-1) والثاني هو (HSV-2) ويوجد في عنق الرحم والمهبل ومنطقة الشرج والعجان والاعضاء التناسلية عند الرجال، فترة كمون الفيروس هي الفترة بين الاصابة وظهور الأعراض وتكون هذه قصيرة. وعادة تتراوح بين ثلاثة الى ستة أيام وفي إعادة الإصابة مرة ثانية تكون فترة الكمون بين يوم الى يومين الاصابة بهذا المرض تبقى في الجسم طوال الحياة وبنسبة 75% والعلاج موجود والحمد لله. 2- أورام الجهاز التناسلي الثؤلولية الفيروسية (HPV) تحدث الاصابة بداء الأورام الثؤلولية للجهاز التناسلي وذلك عن طريق العدوى الجنسية بفيروس حليمي بشري (HPV) وتكون عادة هذه العدوى جنسية قد تصيب الرجل أو المرأة، أما أعراض هذا المرض فتكون عادة إصابة الأعضاء التناسلية مبدئياً بورم ثؤلولي وأكثر هذه الاصابات انتشارا عند الرجال تكون في القلفة، الحشفة، أو جسم القضيب وفتحة الاحليل الظاهرة وعند المرأة في المنطقة التناسلية أو المهبل وكذلك عنق الرحم، أما اصابة الاحليل فتكون بنسبة 5% وقد تصل العدوى الى احليل البروستاتا والمثانة ولكن بنسبة أقل بكثير من المناطق المذكورة أعلاه. وتنتشر العدوى بهذا الفيروس بنسبة نصف مليون الى مليون إصابة سنويا وأثبت علميا وطبيا بأن الاصابة بهذه العدوى الفيروسية قد تكون عاملا رئيسيا لنشوء سرطان عنق الرحم عند النساء. 3- الاصابة بفيروس الكبد الوبائي (HEP.B,HEP.C). 4- الاصابة بعدوى جرثومية الكلاميديا (CLAMYDIA). 5- الاصابة بعدوى الزهري السفلسي (SYPHYLIS)، ان سبب هذا المرض هو الاصابة عن طريق العدوى الجنسية بالجرثوم ( اللولبي الشاحب) للجهاز التناسلي للرجل أو المرأة في كل سن، أما اصابة الجنين في حالة الحمل من المصابين غير المعالجين لهذا الداء فتؤدي الى وفاة الجنين في أشهر الحمل بين (،8 7) أما إذا كانت اصابة المرأة الحامل قديمة فإن كمية الجراثيم الموجودة في الدم تكون قليلة والجنين يبقى على قيد الحياة لكن يصاب بداء السفلس الولادي المبكر، وأعراض المرض تكون عادة اصابة الأعضاء التناسلية مبدئيا بحطاطة ادمية وذمية وبعد ذلك وفي خلال الفترة من 10 الى 90 يوما تنشأ قرحة (السفلس البدئية وغير المؤلمة) في هذه الأعضاء مع تضخم الغدد الليمفاوية للقناة المغنية، أما الفحوص المخبرية التي يجب أن تجرى فهي الفحوص الكشفية كالفحص التفاعلي المصلي غير اللولبي واللولبي للبحث عن الأجسام الضدية لجرثوم اللولب الشاحب في الدم ومن خلال ذلك يمكن تشخيص العدوى الجرثومية ويحبذ للتأكد من الحالات التي تحتاج الى علاج أم لا أن تجرى للمريض فحوص مختبرية مصلية مثبتة للإصاب IgM7.50 وIgM29.5 حيث انه من خلال هذه الفحوص يستطيع الطبيب الاختصاصي إثبات عدم وجود الجراثيم في الدم أو من خلالها يعين نوع العلاج. 6- الاصابة بعدوى متلازمة العوز المناعي المكتسب الايدز (HIV)، هذا المرض يرجع الى انتقال فيروس العوز المناعي البشري عن طريق ملامسة السوائل الجسمية من شخص الى آخر وقد أعزل هذا الفيروس من الدم والنخاع العظمي والغدد الليمفاوية والغدة الستعرية واللعاب والسائل الدمعي والبول والسائل المنوي وكذلك من حليب الثدي. 7- فإن طرق الانتقال والإصابة تكون إما: من خلال السائل المنوي أو السوائل الجنسية الأخرى. أو من خلال الدم والمصل الدموي وكذلك يمكن الانتقال عن طريق حليب الثدي، في جميع هذه الحالات يكون طريق الانتقال فقط في حالة وجود خدش أو جرح في البشرة الجلدية ليستطيع هذا الفيروس دخول الجسم وتزداد خطورة الاصابة مع عدد التعرض لذلك المرض، ويكون المصابون بهذا الفيروس عادة أجساما مضادة في الدم، ويمكن تشخيص هذه الأجسام المضادة في الدم بواسطة ال (HIV TEST) بعد ثلاثة أسابيع من الاصابة، أما الأعراض المزمنة فهي وجود أورام ثابتة للغدد الليمفاوية، أو التهاب مزمن لهذه الغدد. 8- الإصابة بعدوى الجرثوم السيلاني (GONORRHOEA). 9- الاصابة بعدوى المشعرة المهبلية مرض ينتقل جنسيا أيضا (TRICHMONAS VAGINALIS). 10- الاصابة بعدوى الكلاميديا الحبيبية (CHLAMYDIA TRACHOmATIS). حيث ان جميع هذه الاصابات تنتقل جنسيا. أما الأمراض الخلقية في الجهاز التناسلي فهي التشوهات الخلقية مثل الاحليل التحتاني وغيره، والأمراض المستوعبة مثل دوالي الخصية، القيلة المائية، التهابات البربخ، القيلة المنوية أو الكيس المنوي في البربخ جميعها قد تؤثر في الحياة الجنسية للمتزوجين وفي الانجاب نفسه. وأشار الى أن جميع هذه الأمراض المعدية والأمراض غير المعدية في الجهاز البولي والتناسلي يستطاع الآن تشخيصها قبل الزواج بواسطة الفحص السريري والمختبري عند الطبيب المتخصص بعلاج وجراحة المسالك البولية والتناسلية والذكورة والعقم بطرق حديثة عالية التقنية. أنواع الفحوصات ومن جانبها تقول الدكتورة حسنية قرقاش، اخصائية أمراض نسائية وعقم وولادة، ان الفحص الطبي قبل الزواج يشمل (إجراء صورة) أشعة للصدر وفحص الدم الذي يتضمن عدة فحوصات وهي مرض الثلاسيميا وفقدان المناعة المكتسبة (HIV) والتهاب الكبد الوبائي، إضافة الى فصيلة الدم و(VDRL) وهو فحص الدم للكشف عن مرض السفلس، حيث الهدف من إجراء الفحص قبل الزواج معرفة فصيلة الدم بسبب وجود مضاعفات في الحمل والولادة عند اختلاف نوعها بين الزوج والزوجة، كذلك حماية أي من الطرفين من أي الأمراض المعدية عن طريق التطعيم في حالة التهاب الكبد الوبائي ومعرفة إذا كان أي أو كلا الطرفين حاملين لمرض الثلاسيميا أو أي من الأمراض الناجمة عن خلل في (B-Haem) مثل فقر الدم المنجلي. وأضافت ان سبب اهتمام الدولة في الكشف عن مرضى الثلاسيميا قبل الزواج يعود الى أن نسبة الاصابة بمرض فقر الدم الوراثي Bthalassaemia تصل الى 6%، كما أن نسبة الاصابة بفقر الدم الوراثي بسبب خلل في B-Haem تصل الى 8،5% حيث انها نسبة لا تعتبر عالية في الامارات، أما في حالة وصول النسبة إلى 15% فالأمر يحتم إجراء مسح شامل. وأوضحت الدكتورة قرقاش ان مرض الثلاسيميا هو نوع من فقر الدم الوراثي يظهر في صورتيه الفا وبينا حيث ان النوع الثاني هو المنتشر في الدولة، كما انه يظهر في صورة إصابة كاملة أو يكون الشخص حاملاً للمرض حيث انه وفي الحالة الأولى يسبب المرض فقر دم شديد يحتاج الشخص المصاب إلى نقل دم بصورة متكررة طوال حياته الأمر الذي يؤدي إلى مضاعفات مثل ترسب مواد سامة في الكبد والكلى وتوقفها عن أداء وظيفتها إلى جانب تباطؤ الخلايا المنتجة لكريات الدم الحمراء، حيث يحتاج المصاب إلى نقل خلايا النخاع من شخص معافى عن طريق أخذها من (Bone marrow Transplant). أما في حالة الشخص الحامل للمرض فقد يصاب بفقر دم بسيط. وذكرت انه في حالة حمل الزوجين لمرض الثلاسيميا فإنه يمكن تفادي إصابة الجنين بالمرض عن طريق تلقيح البويضات بالحيوانات المنوية وذلك بواسطة تقنية طفل الأنابيب ثم أخذ خلية واحدة في اليوم الثالث من الجنين المتكون وتحليلها لغرض خلوه من جين الثلاسيميا وبعد ذلك يجري نقله في اليوم الخامس إلى رحم الأم. أما في حالة إصابة طفل بمرض الثلاسيميا فيمكن للأم أن تحتفظ بالدم الموجود في الحبل السري بعد الولادة مباشرة واستعمال الخلايا الموجودة فيه مستقبلاً لعلاج الطفل المصاب. وأشارت إلى أن وزارة الصحة تقوم بتأسيس بنك للدم من الحبل السري حيث يمكن استعمال هذه الخلايا (Stem Cells) لأغراض أخرى في علاج بعض الأمراض التي تصيب العائلة. خطورة زواج الأقارب ويقول الدكتور وائل سمور اختصاصي نساء وتوليد ان إجراء الفحص الطبي قبل الزواج ضروري لتجنب وتفادي الأمراض التي تنتقل من جيل لآخر، حيث لا يوجد علاج لبعض هذه الأمراض، البعض الآخر يصعب علاجه وفي معظم الحالات يكون العلاج مكلفاً مادياً، كما ان الفحص الطبي قبل الزواج وسيلة ناجحة ومفيدة لتجنب الاصابة بالأمراض المعدية والوراثية. وقال إن الفحوصات تبين أنه إذا كان أحد الزوجين مصاباً بالعقم أم لا وأن الأمراض التي قد تصيب المرأة أو الرجل في حالة عدم الفحص تؤثر سلباً في الجنين، ومنها ما يؤثر سلباً في الطرف الآخر، سواء الزوج أو الزوجة فعلى سبيل المثال انتقال الأمراض المعدية ومنها الالتهابات الجنسية مثل مرض السيلان أو الزهري أو الهربس، أو نقص المناعة المكتسبة (الايدز) وهذه الأمراض أيضاً قد تنتقل الى الجنين، كذلك هناك الأمراض المعدية غير الجنسية كالتهاب الكبد الوبائي بنوعية (ب، ج). وأشار إلى أن بعض الدراسات العلمية أوضحت أن نسبة حدوث عيوب خلقية عند الأطفال للأزواج الأقارب تكون الضعف مقارنة مع نسبة حدوثها بشكل عام، كذلك فإن نسبة حدوث مرض وراثي ناتج عن خلل في الجينات أو بمرض له عوامل وراثية هي 4-5% حيث تظهر بدرجات مرضية مختلفة خلال العقود الثلاثة الأولى من العمر، وعلى سبيل المثال مرض الثلاسيميا، فقر الدم المنجلي، وضمور العضلات، وبعض أنواع نزف الدم. وأكد الدكتور سمور أن زواج الأقارب يلعب دوراً مهماً في نقل بعض الأمراض الوراثية من جيل لآخر، ففرصة أن تكون الصفات المرضية المتنحية لمرض وراثي معين عند الزوجين الأقارب أعلى من وجودها بين الأزواج غير الأقارب، حيث تنتشر هذه الأمراض في المناطق التي يكثر فيها زواج الأقارب. ولفت إلى أهمية استشارة الراغبين بالزواج الاطباء المتخصصين لإجراء الفحوصات اللازمة لتفادي الزواج من الشخص غير المناسب، كما يجب على المتقدمين للزواج التحري عن وجود أمراض وراثية في أسرة كل منهما لإعلام الطبيب بذلك حتى يتسنى له التركيز والكشف عن مثل هذه الأمراض عند كل طرف وتثبيت وجودها أو عدمه، حيث تختلف الفحوصات من شخص لآخر حسب التاريخ المرضي للشخص والعائلة. توعية المجتمع ويرى الدكتور محمد صلاح الدين سند، اخصائي أول أطفال في مركز الثلاسيميا بمستشفى الوصل في دبي ان الفحص الطبي قبل الزواج مهم جداً من أجل مجتمع خال من الأمراض الوراثية، خاصة الشائع منها بين مواطني دولة الامارات والتي تمثل عبئاً على المريض والأسرة والمجتمع في آن واحد، فمن المعروف أن الأمراض الوراثية تنتقل من الآباء إلى الابناء من خلال المورثات الجينية. وقال إن مرض الثلاسيميا هو أحد الأمراض التي تنقل وراثياً إلى الابناء، تلك الأمراض التي تورث كصفة متنحية، أي حتى يكون الجنين مريضاً يستلزم أن يكون كلا الابوين يحملان الموروثة المعتلة “الثلاسيميا” وبالتالي الفحص قبل الزواج يكشف حاملي المرض الذين هم في الواقع اشخاص طبيعيون ولا يحملون اي أعراض للمرض، وبالتالي تقديم المشورة الوراثية لهم قبل الزواج أمر حيوي حتى نتجنب فرصة ولادة طفل مريض بالثلاسيميا مما يسبب معاناة لهذه الأسرة المستقبلية، ولهذا ينصح بتجنب الزواج بين حاملي الصفة الوراثية لتجنيب المجتمع ولادة حالات جديدة من الامراض الوراثية ومنها الثلاسيميا. وفي حال قرر العروسان اتمام الزواج الذي لا نشجعه في معظم الاحيان فيجب ان يعلم كلا العروسين بمدى المخاطر المستقبلية والاعباء الاجتماعية والنفسية والمادية بوجود طفل مريض في العائلة، وفي الوقت نفسه من خلال المشورة الوراثية توضح لهم البدائل على سبيل المثال (الفحص المشيمي في بداية الحمل لمعرفة وضع الجنين بالاضافة الى امكانية الحمل المعملي بعد فحص الحيوان المنوي للزوج والبويضة للزوجة) لضمان نقل جنين سليم الى رحم الأم من خلال تلك الخاصية. واضاف ان الأمراض التي قد تصيب الجنين قد تؤدي إلى ولادة طفل مريض هي أنواع عدة أهمها (الامراض الوراثية على سبيل المثال الثلاسيميا، الانيميا المنجلية، الهيموفيليا، التفول، نقص التخثر، اعتلال الكروموسومات مثل الطفل المنغولي) والالتهابات الجنينية (مرض نقص المناعة المكتسبة، التهاب الكبد البائي، التهاب الكبد ج، الزهري) وهناك أمراض أخرى يتم الفحص فيها في حالات خاصة حسب التاريخ الوراثي للعائلات التي ينحدر منها الابناء، وهذا يبرز مرة أخرى أهمية الفحص ما قبل الزواج، وجميع هذه الأمراض تنتقل الى الابناء عن طريق الآباء، ومن تلك المقدمة يتضح أهمية فحص المقبلين على الزواج لتجنيب الاسرة المستقبلية تلك المخاطر، حيث ان الثلاسيميا والانيميا المنجلية من الامراض الشائعة بدولة الامارات، ويجب أن تحتوي فحوصات قبل الزواج على الفحص لهذه الامراض، ومن الأمراض التي يجب أن يقوم بها المقبلون على الزواج فيروس نقص المناعة، التهاب الفيروس الكبدي (ب وج) وكذلك مرض الزهري وهي أمراض معروفة من ضمن الأمراض التناسلية التي تنتقل عن طريق المعاشرة الجنسية. وأضاف: من أجل الحصول على أسرة سعيدة وأبناء أصحاء ننصح بعمل حملة قومية لتفعيل الفحص قبل الزواج وجعله من الوثائق المطلوبة لإتمام الزواج سواء كان ذلك من خلال صندوق الزواج أو خارجه، وقد حثنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأن نأخذ بالأسباب حيث قال “اعقلها وتوكل” وقال أيضا “العقل السليم في الجسم السليم” وقال أيضا “تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس”. جدوى تطبيق الفحص قبل الزواج وفي السياق ذاته قال الدكتور أمين حسين الأميري، مدير إدارة خدمات نقل الدم والأبحاث في وزارة الصحة، ان تطبيق برنامج الفحص الطبي قبل الزواج له جدواه من حيث: * اكتشاف الحالات المرضية المختلفة (الوراثية/ الفيروسية) والعمل على توفير العلاج والوقاية والإرشاد اللازم للمصاب، وإجراء دراسات لبيان نسب انتشار هذه الأمراض (الوراثية/ الفيروسية) من خلال برنامج الفحص والعمل على وضع الأسس العلمية اللازمة لمنع تزايد انتشار المرض بل استئصاله إذا أمكن ذلك. * إرشاد وتوجيه المقبلين على الزواج بما يجب أن يأخذوه بعين الاعتبار خلال فترة حياتهم الزوجية في حال إصابة أحد أو كلا الطرفين. ودعا الدكتور الأميري الى ضرورة وجود ميزانية محددة، للبرنامج وإيجاد دعم إضافي من قبل مختلف الجهات العاملة بالدولة مثل (الشركات الطبية/ الجمعيات الخيرية/ رجال الأعمال). وأضاف الدكتور الأميري ان إدارة خدمات نقل الدم بوزارة الصحة نفذت هذه التوجيهات في شراء عدد (2 من الأجهزة Electropheresis) الخاصة بإجراء كل التشاخيص المخبرية لبيان الأسباب الطبية وراء انخفاض نسبة (خضاب الدم Hemoglobin) لدى الناس، وذلك حسب الخطة الموضوعة منذ سنوات عديدة، بأن يتم إدخال فحوصات أمراض الدم الوراثية، أو بين المقبلين على الزواج إذا كان أحدهما أو كلاهما مصاباً أو حاملاً للموروثة الجينية المصابة بالمرض. واقترح أن يتم استقبال المقبلين على الزواج في الدولة في بنك الدم المركزي بأبوظبي ومركز خدمات نقل الدم والأبحاث في الشارقة للمقيمين في الامارات الشمالية بدلاً من مراكز الطب الوقائي نظراً لأن أجهزة فحص أمراض الدم الوراثية متوافرة في هذين المركزين، كما أن فحوصات الأمراض الفيروسية لكل من (الايدز والتهابات الكبد الفيروسية بنوعية ب و ج) تجري في هذه المراكز بشكل يومي من دون انقطاع، وأن مركزي بنوك الدم (أبوظبي والشارقة) تعتبر مراكز راقية يتردد عليها أشخاص ذو مكانة كبيرة انطلاقاً من عملها الإنساني، فمنهم من كبار الشخصيات ومن صغارها، وهذا ما يليق بأبنائنا المقبلين على الزواج. إضافة الى أن قدوم المقبلين على الزواج الى مراكز بنوك الدم الرئيسية (أبوظبي والشارقة) هو بحد ذاته تشجيع لهم ليكونوا متبرعين بالدم مستقبلا، ويعتبر هذا دعماً لوزارة الصحة بشكل عام. كما أن لدى هذه المراكز إمكانات كبيرة في سرعة إجراء التشاخيص المخبرية التأكيدية إذا لزم الأمر وبتقنية عالية من دون تحويل العينات الى جهات أخرى. وبالإمكان تحويل المقبلين على الزواج في كل من (رأس الخيمة/ الفجيرة/ خورفكان/ دبا الفجيرة/ كلباء/ العين/ المنطقة الغربية) الى بنوك الدم (مختبرات المستشفيات) والتي تتوافر لديها الأجهزة الخاصة بإجراء فحوصات أمراض الدم الوراثية. وبذلك نكون قد قمنا بتكامل العمل المتقن في آن واحد على مستوى الدولة. ناهيك عن المراكز الجديدة والتي تعتبر الأكبر في الشرق الأوسط من حيث المساحة والإمكانات، واحد بالشارقة والآخران بأبوظبي والعين لتولي هذه المهمة.
  4. توحيد بداية رمضان يحقق وحدة المشاعر بين المسلمين كثير من العلماء يطالبون بتوحيد بداية شهر رمضان في الدول الإسلامية انطلاقا من قناعتهم بأن الصوم عبادة من أهم أهدافها توحيد مشاعر المسلمين وتحقيق التضامن بينهم، هل تتفقون معهم في ذلك؟ أنا مع كل وسيلة توحد مشاعر المسلمين وتحقق التقارب والتعاون فيما بينهم، والصوم عبادة من أجلّ العبادات التي تحقق أهدافا كثيرة في حياة المسلمين لو التزموا بآداب هذه الفريضة. لكن ما أريد أن أقوله إن اختلاف بدء الصوم في الدول الإسلامية لا ينبغي أن يفهم على أنه من مظاهر الخلاف والشقاق بين المسلمين، فالقضية اجتهادية، والذين يطالبون بتوحيد بدء الصوم في الدول الإسلامية لهم رؤيتهم ومبرراتهم وأسانيدهم التي نحترمها، وهم يرون أن توحيد بداية صيام شهر رمضان يوحد مشاعر المسلمين ويحقق التضامن بينهم انطلاقا من أن العبادات لابد أن تقوم بدورها في تجميع مشاعر المسلمين، فكما تجمع فريضة الحج بين المسلمين في مكان واحد ويتساوى الغني مع الفقير والحاكم مع المحكوم في الملبس والموقف، فإن عبادة الصوم ينبغي أن توحد بين مشاعر المسلمين في كل مكان، فالكل يصوم ويجوع ويعطش في أوقات محددة من أجل تحقيق رضا الله عز وجل، وهذه وجهة نظر نحترمها ونحترم من يرددها، والذين يأخذون باختلاف المطالع ويرون أن لا حرج من أن يكون لأهل كل بلد رؤيتهم وبدء صومهم لهم أسانيدهم الشرعية التي ينبغي أن نحترمها. شهر الطاعات بعد أيام قلائل يهل علينا شهر رمضان المبارك، كيف ترى سلوكيات المسلمين في هذا الشهر الكريم؟ وكيف نوظف هذه الفريضة لتحقيق المزيد من الالتزام والصفاء الروحي؟ الغالبية العظمى من المسلمين تتعامل مع فريضة الصوم بما تستحق من الاحترام والتقدير والالتزام، وصوم رمضان من الفرائض التي تحتفي بها الدول الإسلامية على المستوى الرسمي والشعبي، وهذا أمر طيب وسنة حميدة، وكل ما نرجوه أن تكون سلوكياتنا خلال هذا الشهر كما يريد الله ورسوله وان تظل لعبادة الصوم مكانتها في نفوسنا جميعا، ولا يتحول الصوم في حياتنا من عبادة لها آداب وأخلاقيات إلى مجرد عادة يؤديها المسلم دون أن تترك أثرها في حياته، فالله سبحانه وتعالى يحثنا على أن نؤدي العبادات والطاعات بإخلاص وخشوع وقناعة تامة، وقد بشرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأجر الوفير والثواب الكبير إذا ما التزمنا في صيامنا بالآداب والأخلاقيات التي تضاعف من ثواب الصائمين المخلصين فقال عليه الصلاة والسلام: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر”، وروى النسائي عن أبي إمامة قال: قلت يا رسول الله: مرني بأمر ينفعني الله به، قال: “عليك بالصوم فإنه لا مثيل له”، أي لا مثيل له في صفاء النفس وعظيم الأجر. فعلى المسلم أن ينتهز هذا الشهر الكريم ليتقرب إلى الله بكل ألوان الطاعات والعبادات لكي يخرج من هذا الشهر كيوم ولدته أمه، بلا ذنوب أو آثام، ويكون شهر رمضان بداية صفحة جديدة في حياته العامرة بالطاعات. مواجهة الشائعات الكاذبة نلاحظ أن مجتمعات المسلمين بيئة صالحة للشائعات الكاذبة التي تستهدف وحدة الأمة وتخريب هذه المجتمعات من الداخل. كيف نواجه هذه الشائعات الباطلة؟ الشائعات الكاذبة موجودة في كل المجتمعات وليست في مجتمعاتنا الإسلامية فقط، ومن أهم الوسائل التي اتبعتها شريعة الإسلام لمحاربة الشائعات الكاذبة التثبت من صحة ما يقال وما يسمع، وذلك لأن من صفات العقلاء من الناس أنهم يتثبتون من صحة الأمور، ويتبينونها بأناة وحكمة ويتأكدون من سلامتها قبل الحكم لها أو عليها، أما الذين يتعجلون في الأحكام ويصدقون ما يقال أو يسمع دون تثبت أو تبصر، فإنهم يقعون في الأخطاء التي تضرهم ولا تنفعهم. والذي يتدبر القرآن الكريم، يجد كثيرا من آياته تأمر الناس بالتثبت من صحة ما ينطقون به، وما يسمعونه من غيرهم، وما يقرؤونه في صحفهم، وما يدور بينهم من أحداث في حياتهم. ومن أجمع الآيات القرآنية التي حاربت الشائعات الكاذبة، وأمرت المؤمنين بالتثبت من صحة ما يقال وما يصل إليهم من أخبار، قوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين. واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم”. ولقد تكاثرت الآثار النبوية التي تدعو المسلمين إلى التثبت من صحة الأقوال والأعمال، والى تبين الأمور قبل الحكم عليها، وإلى نبذ الشائعات الكاذبة والأراجيف الباطلة، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “التثبت من الله والعجلة من الشيطان”. ومن أقوال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لأحد تلاميذه: “ولا تعجلن إلى تصديق ساع، فإن الساعي غاشّ وإن تشبه بالصالحين، واعلم أن من أسرع إلى الناس بما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون”. ومن وصايا عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، لأحد قضاته: “إذا جاءك أحد الخصمين وقد فقئت عينه فلا تحكم له حتى يحضر الخصم الآخر فلعله قد فقئت عيناه معا”. والخلاصة أن من خير الوسائل للقضاء على الشائعات الكاذبة والأراجيف الباطلة، التثبت من صحة ما يقال وما يسمع، والتأني في الحكم على الأشياء وتبين الأمور تبينا سليما، لأن عدم التبين للأمور والميل وراء الشائعات يؤدي إلى كثير من الأضرار التي تجعل الإنسان يفقد أصدقاءه، ويزيد في عدد أعدائه. أيضا من أنجح الوسائل، ومن أحكم الأساليب، للقضاء على الشائعات الكاذبة والأراجيف الباطلة كتمانها وعدم نقلها من شخص إلى آخر، ومن جماعة إلى جماعة، ومن مكان إلى آخر، لأن كتمانها يميتها ويدل على احتقارها وعلى الاستخفاف بها، ومتى حدث ذلك في أمة، سادها الأمان والاطمئنان. ولقد كان من الآداب السامية، والتوجيهات الحكيمة التي أمر الله تعالى المؤمنين بالتزامها، أنهم إذا سمعوا شائعة خبيثة أشاعها المنافقون ومن في قلوبهم مرض فعليهم أن يكتموها ولا ينقلها من سمع بها إلى آخر، لأن في نقلها من شخص إلى آخر ترويجا لها. ومن أفضل الوسائل لدحض الشائعات الكاذبة: مواجهتها بالحقائق التي تزهقها وبالمنطق الحكيم الذي يفضح المتفوهين بها والناشرين لها. معاملة غير المسلمين تحاول لجنة الحريات الدينية الأمريكية الضغط على بعض الدول الإسلامية من خلال تقارير وهمية تزعم اضطهاد الأقليات الدينية في البلاد الإسلامية ما رأي شيخ الأزهر؟ لا علاقة لنا بما تردده هذه اللجنة أو غيرها، فنحن نتعامل مع غير المسلمين الذين يقيمون بيننا من خلال تعاليم ومبادئ ديننا وليس نتيجة ضغط أو خوف من أحد. لقد ساوت شريعة الإسلام بين المسلمين وغير المسلمين الذين يقيمون في مجتمعاتنا الإسلامية في الحقوق والواجبات وفي الكرامة الإنسانية، وفي العدالة الاجتماعية، وفي صيانة أرواح الجميع وأعراضهم وأموالهم من كل عدوان، وفي إقامة العلاقات بينهم على أساس التسامح والتراحم وتبادل المنافع التي أحلها الله تعالى، وهذا بالنسبة لغير المسلمين بصفة عامة، أما بالنسبة لأهل الكتاب اليهود والنصارى فيضاف إلى هذه القاعدة العامة أن شريعة الإسلام نهت عن مجادلتهم إلا بالتي هي أحسن حتى تستمر العلاقة الطيبة بيننا وبينهم: “ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون”، ولم تكتف شريعة الإسلام بذلك، بل أباحت مؤاكلة أهل الكتاب، والأكل من ذبائحهم والزواج من نسائهم دون نساء المشركين. ومادام غير المسلم يحترم عقيدة المسلم ولا يسيء إليها، وما دام يحترم حق المواطن في الدولة التي دينها الرسمي الإسلام، فشريعة الإسلام توجب على أتباعها تبادل هذا الاحترام، وتنهاهم عن الإساءة إلى عقائد غيرهم، وهناك عشرات الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة التي تؤكد أن شريعة الإسلام لا تفرق في الحقوق والواجبات، وتدعو الى تحقيق العدالة بين الناس سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين، لأن فضيلة العدل قامت عليها السموات والأرض، وقد أمرنا سبحانه وتعالى أن نكون عادلين في أقوالنا وأحكامنا وشهادتنا مع أصدقائنا ومع أعدائنا. إذن نحن لا نتعامل مع الأقليات الدينية في بلادنا الإسلامية بأسلوب كله تسامح وعدل ورحمة خوفا من أمريكا أو غيرها وإنما نفعل ذلك التزاما بتعاليم ديننا وما جاءت به شريعتنا الإسلامية الغراء. مرحباً بالرأي الآخر بعض المسؤولين في المؤسسات الدينية يضيقون بالرأي الآخر ولو كان اجتهادا في مسألة دينية ماذا تقولون لهؤلاء؟ أقول لهم ولغيرهم ممن يضيقون بالرأي الآخر لستم على صواب، فالإسلام دين حرية فكرية، وتعاليمه تحض على إفساح المجال أمام المعارض لغيره لكي يعبر عن وجهة نظره دون مصادرة لقوله، أو إساءة إلى شخصه وفي الوقت ذاته إعطاء الحرية للجانب الآخر لكي يرد على المخالف له، بأسلوب مهذب، وبمنطق سليم، وبأدب جم، وبحرص تام على تبادل الاحترام فيما بينهما، إذ الخلاف في الرأي بين العقلاء لا يفسد للود قضية. ومن أقوال بعض الفقهاء الحكماء: “رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، ونتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه” ولقد ساق لنا القرآن الكريم صورا متعددة لمحاورات ومجادلات ومعارضات تجلى فيها إفساح المجال حتى لمن جاهر بالمعصية لله تعالى، ألا وهو إبليس الذي فسق عن أمر به. إذن نحن نرحب بالرأي الآخر ونرفض أن يزعم أحد انه يملك الحقيقة وحده، وكل ما ننشده أن يلتزم الجميع بآداب وأخلاقيات الحوار التي أرشدنا إليها الإسلام. الاجتهاد وثوابت الإسلام هل يكون الاجتهاد في القضايا المستحدثة فقط أم يجوز الاجتهاد في قضية قديمة اجتهد فيها العلماء؟ مادامت القضية اجتهادية فيجوز للعلماء أن يجتهدوا فيها سواء أكانت قضية جديدة أم قديمة، وهناك الكثير من القضايا التي اجتهد فيها العلماء قديما ولم تعد اجتهاداتهم محققة لمصلحة المسلمين في هذا العصر، ومثل هذه القضايا لابد أن يجتهد فيها العلماء المعاصرون على ضوء المتغيرات العصرية وظروف المجتمع المعاصر. إننا نحترم العلماء السابقين ونقدر جهودهم واجتهاداتهم لكن تقليدهم في كل شيء ليس مطلوبا، فالتقليد في أكثر مظاهره يشير إلى قلة العلم، وعجز الفكر عن التأمل والتدبر، والترجيح بين الأحكام التي من شأنها أن تقبل هذا الترجيح. إننا نعيش في عصر تتلاحق فيه الأحداث وكل يوم يأتي العلم بجديد وهذه طبيعة الحياة التي اقتضت سنة الله تعالى في خلقه أن تكون أحداثها متطورة ومتجددة وقضاياها ومسائلها لا تقف عند حد، وأمام هذا التجدد والتطور لا يجوز أن يقف العلماء متفرجين، بل لابد أن يجتهد كل عاقل في حدود تخصصه وفي كل مسألة تقبل الاجتهاد من أجل الوصول إلى الحقيقة التي يبتغيها. في الوقت الذي يطالب فيه البعض بالتوسع في الاجتهاد الفقهي يطالب البعض الآخر بوضع قيود وعدم فتح باب الاجتهاد على مصراعيه حتى لا نعطي الفرصة للبعض للتشكيك في الثوابت الإسلامية ما رأي شيخ الأزهر؟ وما علاقة الاجتهاد بالثوابت الإسلامية؟! إن الاجتهاد يكون في الأمور المستجدة أو المستحدثة في أمور الدين ويكون في القضايا القديمة التي اجتهد فيها العلماء ولم ترد بشأنها نصوص قطعية الثبوت والدلالة، وتفرض ظروف العصر وتحدياته إعادة فتح باب الاجتهاد في هذه الأمور. والذين يحاولون التشكيك في الثوابت الإسلامية ليسوا مجتهدين واجتهادهم عبث مرفوض، لأن الاجتهاد يكون عن طريق العلماء المؤهلين لهذه المهمة الصعبة التي تتطلب علما واسعا وإخلاصا لخدمة الدين ونصرة الحق والعدل أما الذين يتعاملون مع الإسلام ومصادره بسوء نية وسوء قصد وغرور بدعوى الاجتهاد فهؤلاء تجب محاصرتهم وتفنيد أباطيلهم وكشف زيفهم للناس حتى لا نتركهم يضلون غيرهم ويشوهون صورة الإسلام بكلام لا يحمل علما ولا فقها. الفتاوى المتسرعة منذ أيام أفتى عالم أزهري بتحريم وسائل تنظيم الأسرة وقد أثارت فتواه جدلا دينيا واجتماعيا كيف ينظر د. طنطاوي إلى هذه الفتوى؟ هذا حكم متسرع ولا يجسد الموقف الإسلامي الصحيح، وينبغي على من يتحدث في أمور الدين والحياة أن يكون بصيرا بالمقاصد الشرعية، وأن يبني كلامه على العلم الصحيح والفهم السليم والإدراك الواعي لظروف المجتمع الذي يعيش فيه. وقضية تنظيم الأسرة بالذات يختلف الحكم الشرعي فيها من أسرة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر، فهناك أسر رزقها الله البنين والبنات وظروفها المادية وأحوالها الاجتماعية تفرض عليها اتخاذ وسيلة للحد من الإنجاب ولا حرج عليها من الناحية الشرعية لو فعلت ذلك، وهناك اسر في حاجة إلى الإنجاب وهذه أيضا لا حرج عليها من الناحية الشرعية إذا استمرت في الإنجاب حتى يتحقق لها ما تهدف إليه، وهناك دول تعاني من الكثرة ولا تساعدها ظروفها الاقتصادية ومواردها الطبيعية على توفير كل مقومات الحياة الكريمة لأولادها من مساكن لائقة وتعليم راق، ووسائل مواصلات مريحة، وفرص عمل جيدة، ورعاية صحية واجتماعية مناسبة، ولذلك يعاني بعض سكان هذه الدول من الفقر والبطالة والجهل والمرض، فمثل هذه الدول مطالبة باتخاذ إجراءات للحد من السكان لأن الإسلام يرفض الكثرة الضعيفة الهزيلة، والأمم الواعية لا تتنافس بكثرة أفرادها، ولا باتساع أراضيها وإنما التنافس الحقيقي يكون بالقدرة على العمل والاختراع والابتكار ووفرة الإنتاج والتقدم العلمي بشتى ألوانه وصوره. وهناك دول أخرى تحتاج إلى الكثرة لتحمي نفسها وتعتمد على سواعد أبنائها وتقلل الاعتماد على الآخرين وهذه بلا شك من حقها أن تتخذ من الإجراءات والوسائل ما يمكنها من تحقيق أهدافها، إذن فقضية تنظيم الأسرة لا ينبغي أن يصدر فيها حكم شرعي قاطع بالتحليل أو التحريم، ومن مزايا شريعة الإسلام أن الأمور التي لا تختلف المصلحة فيها باختلاف الأوقات والبيئات والاعتبارات، تنص على الحكم فيها نصا قاطعا لا مجال معه للاجتهاد والنظر، أما الأمور التي تخضع فيها المصلحة للظروف والأحوال فإن شريعة الإسلام تكل الحكم فيها إلى أرباب النظر والاجتهاد والخبرة، ومن هذه الأمور مسألة تنظيم الأسرة فإنها من المسائل التي تختلف فيها الأحكام باختلاف ظروف كل أسرة وكل دولة باختلاف إمكاناتها. صورة مسيئة بعض المتدينين يجسدون صورة مسيئة للإسلام حيث يصورونه على أنه دين تعصب يرفض التعاون والتواصل مع الآخرين ماذا تقول لهؤلاء؟ أقول لهم: أنتم تسيئون للإسلام أكثر مما يسيء إليه الأعداء، فالإسلام الذي تتحدثون عنه إسلام غريب لا علاقة له بحقيقة ديننا، فالإسلام دين عالمي أقام التعارف والتواصل بين الشعوب كلها وقد انتشر الإسلام في بلاد كثيرة على أيدي التجار المسلمين الذين سافروا إلى هذه البلاد وعرف أهلها عن طريقهم عقيدة الإسلام وشريعته التي تقيم الحق والعدل والمساواة بين الناس وتمنع الظلم والاستعلاء والتفاخر باللون والجنس، وقد حارب الإسلام العصبية الجاهلية في كل صورها وأشكالها وأقام نظامه العالمي الإنساني في ظل الإيمان بالله الواحد الذي خلق الناس جميعا من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، هذا النظام الإنساني العالمي تآزرت آيات القرآن الكريم، وأحاديث الرسول على إقامته وترسيخ أسسه فالله تعالى يقول: “يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء”. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى”. فهل يخضع لأمر الله ورسوله أناس شددوا على أنفسهم وعلى الناس فأرهقوا أنفسهم وأرهقوا غيرهم وخالفوا أمر الله ورسوله وجعلوا التدين عبئا ثقيلا وأرادوا إلزام الناس بما لم يلزمهم به الله الذي يقول: “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”، ورسوله الذي يقول: “يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا”. _
  5. شهر الطاعة والغفران أولى المسائل التي يتعين التطرق إليها في موضوعنا هذا هي مسألة المرض وما يتعلق به من احكام، فللمريض في مرضه حالتان: احداهما ألا يطيق الصوم بحال، كأن يكون من اصحاب الامراض المستعصية (التي لا علاج لها) فمثل هذه الحال يجب على صاحبها الافطار وعدم الصيام، والأخرى أن يقدر على الصوم ولكن يصاحب ذلك ضرر ومشقة على الصائم، وتأخر في الشفاء، فهذا يستحب له الفطر. ومن الجدير بالذكر أن تقدير الضرر والمشقة لا يكون اعتباطا، وانما جاء عن تجربة سابقة مر بها الصائم فحصل له بسبب صومه ضرر ومشقة، ويكون تقدير الضرر للطبيب، فإذا أمر الصائم بعدم الصوم فانه يجوز له الافطار بشرط ان يكون الطبيب مسلما مشهورا بالدين والعدالة وان يكون مأمونا. ويبقى المرض الخفيف الذي لا يشق معه الصوم على المصاب به، ولا يؤدي إلى زيادة المرض أو تأخر الشفاء، فهل يعتبر عذراً يجوز بموجبه الافطار؟ وللفقهاء في ذلك رأيان: الأول لا يبيح له الفطر وبه يقول جمهور العلماء، والثاني: يبيح له الفطر، وإليه ذهب فريق من العلماء، ولكل من الجانبين أدلته، واستقصاؤها يطول به المقام. وقد استدل المبيحون للافطار لمن كان مريضا مرضا خفيفا بقوله تعالى: “فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر” فالآية هنا لم تفرق بين مريض ومريض آخر، ولذلك فإن بامكانه الافطار، ورأى آخرون، إن المراد من لفظ المرض في الآية الكريمة انما هو المرض الذي يشق معه الصوم، أي الشديد، أما الذي لا يشق معه الصوم فلا تتناوله الآية. والله اعلم. وهناك مسألتان في المرض: الأولى: إذا افطر المريض الذي كان مصابا بمرض يرتجى شفاؤه، فهنا يجب عليه القضاء (صوم يوم مكان اليوم الذي افطره فقط) أما المريض الذي لا يرتجى شفاؤه (أصحاب الامراض المستعصية) فقد اختلف اهل العلم فيهم على قولين: الأول: لا شيء عليهم أي لا قضاء ولا فدية، والفدية هي اطعام مسكين عن كل يوم افطره. والثاني: إن الواجب عليهم هو الفدية، وهي اطعام مسكين عن كل يوم افطار، وهذا هو الرأي الذي رجحه الكثير من اهل العلم. المسألة الثانية: اذا استمر مرض المسلم حتى ادركه شهر رمضان، ولم يكن يقدر على الصيام، وتوفي وعليه صيام رمضان، فهذا ليس على ورثته إلا الإطعام عنه، واذا زال العذر عنه ولم يقض ما فاته من رمضان مع القدرة على ذلك حتى شارف على الموت، وجب عليه الايصاء بالفدية من ثلث ماله، لأن بقية المال من حق ورثته وليس له فيه إلا الثلث في الوصية، فإن اوصى وجب على ورثته تنفيذ وصيته بعد موته وذلك باطعام مسكين عن كل يوم افطره، أما إذا لم يوص بشيء وتبرع عنه أهله بالفدية بعد وفاته فيجوز ذلك وتبرأ به ذمة الميت، ولكنه يكون آثماً بتأخيره في اخراجها كما لو كان على الميت دين وماطل فيه حتى مات. وجاء في أحد المصادر أن الأمراض المستعصية هي: مرض القلب الشديد السل - (التدرن) - التهابات الرئة - الورم الرئوي - السرطانات - التهاب الكلية الحاد - وجود حصاة في المجاري البولية مع اختلاطات والتهابات - تصلب الشرايين - القرحة - السكري الشديد - مرض الفتق الحجابي - القرحة الاثني عشرية - الأمراض الخبيثة أو الانتانية في الجهاز الهضمي - الامراض الكبدية المزمنة مثل تشمع الكبد - أمراض سوء الامتصاص - الاسهال الشديد - التهاب البنكرياس الحاد - الحصيات المرارية - التهابات القولون المزمنة. استعمال البخاخ البخاخ: هي آلة تحتوي على مستحضر دوائي مخصوص لعلاج اضطرابات الجهاز التنفسي، تؤخذ من خلال الفم عن طريق الضغط عليها يدويا، فيصاحب ذلك خروج الرذاذ إلى داخل الرئة .. وقد تباينت آراء المعاصرين من الفقهاء في حكم استعمال الصائم لها خلال نهار رمضان على الأقوال التالية: 1- ان استعمال البخاخ يؤثر في الصيام، فيفطر الصائم لو استعمله في نهار رمضان لأنه دواء قد دخل الى الجوف عن طريق الفم وهذا بحد ذاته مؤثر في زوال الصوم. 2- إن استعمال البخاخ خلال نهار رمضان لا يؤثر في الصوم، فلا يفطر الصائم لو استعمله، لأنه ليس له حكم الأكل والشرب وانما هو شيء متطاير يتبخر ويزول، ولا يصل جزء منه إلى الجوف (المعدة) وانما مهمته توسيع الشرايين التي تتضايق بسبب الربو. 3- التفصيل: فإذا وصل هذا الدواء إلى الجوف فإن الصائم يفطر به، وان لم يصل إلى الجوف فصوم الصائم صحيح مع استعماله لهذا المستحضر. ومن أجل الوقوف على حقيقة الدواء ومركباته ومدى تأثيره في الصيام لا بد من اللجوء إلى أقوال أهل الشأن من الاطباء والصيادلة لتوضيح مدى تأثيره، وذلك لأن الفتوى في مثل هذه الظروف تتخرج على أقوالهم، فماذا قالوا؟ قالوا: إن هذا الدواء واسمه العلمي Ventolen يحتوي على مستحضرات طبية وماء وأوكسجين وانه يدخل إلى المعدة يقينا باستعماله، وعليه فالرأي المختار هنا ان استعماله يبطل الصوم، والمريض الذي لا يستطيع تأخير استعماله إلى وقت الأفطار يعد من اصحاب الاعذار فهنا يجوز له الافطار، وعليه الفدية، وهي اطعام مسكين عن كل يوم افطره. اويلحق بالأدوية المستعملة عن طريق الأنف كل الأمور التي يتحسسها الانف، وهي عديدة، وبناء على ذلك فإن للفقهاء القدامى في هذه المسألة ثلاثة اتجاهات. الاتجاه الأول: ان ما يدخل من الأنف الى بدن الصائم يؤدي إلى بطلان صومه، ولا فرق في ذلك بين ان يكون الداخل بخاخ زكام، أو قطرة انف، أو مسحوق عطر، او ماء دخل إلى الانف مبالغة في استنشاق المتوضئ، وكل ذلك مبطل لأن هناك اتصالا واضحا بين الأنف والجوف. الاتجاه الثاني: لا يبطل الصوم مطلقاً بكل ما ورد اعلاه، وبه قال فريق من أهل العلم. الاتجاه الثالث: التفصيل، فإن كان الداخل إلى الجوف له جرم (مادة محسوسة) كالماء وقطرة الأنف والعطر المسحوق وماء الوضوء المستنشق، فكل ذلك يصل إلى الحلق يعد الصائم مفطرا بها، أما ما ليس له جرم (بخاخ الزكاك أو العطور والروائح) ونحوه فلا يفسد الصوم، وصوم الصائم صحيح مع استعمالها، والله تعالى أعلم واحكم. الرأي المختار 1- اذا تم استعمال الانف طريقا للتغذية في بعض الأحيان، فما يصل منه إلى الحلق يبطل الصيام. 2- اذا تعمد الصائم التقطير في الانف أو استنشاق بخاخ الزكام أو شم ما يشبه رغبة الكيف والمزاج كالغراء أو القطنة المبللة بالبنزين او البخور أو بخار القدر أو ما شابه ذلك أو تعمد البقاء في اماكن التدخين فإن كل ذلك يؤدي إلى بطلان صومه، وسيأتي المزيد من الكلام عن التدخين. أما استعمال الكحل والدهن في حالات الالتهاب وقطرة العين، فقد رأى بعض العلماء أن العين ليست منفذا للجوف وعليه فإن استعمال المذكورات لا يبطل به الصيام، بينما رأى آخرون ان استعمالها مبطل للصيام فيما لو وصل شيء منها، وتعليل ذلك القول: إن الدموع التي تفرزها الغدة الدمعية لتنظيف وترطيب قرنية العين تصب في تجويف الأنف عن طريق القناة الدمعية، ولذا عندما يبكي الانسان طويلا فإنه يتمخط كثيرا، فإذا اكتحل الصائم، أو وضع في عينه الدهن أو المرهم او الدواء ثم شعر بأثر ذلك في أنفه فتمخط وطرح المخاط خارجا فإن صيامه صحيح، أما إذا ما ابتلعه بعد ان شعر بأثر ذلك في مخاطه فإن صومه باطل .. والله اعلم. وقاس الفقهاء القدامى قضية الأذن على الأنف، وعليه سار المعاصرون فأفتوا ببطلان صوم من يقطر في أذنه الدواء، أو يصب فيها الماء خلال ساعات النهار، في حين افتى آخرون بعدم صحة الصوم في هذه الحال. وجاء في أحد المصادر لعالم معاصر انه يوجد في الأذن ما يسمى بالغشاء الطبلي أو (الطبلة) التي تفصل الأذن الخارجية عن الوسطى، فإذا صبت السوائل في الأذن الخارجية حالت الطبلة بينها وبين وصولها إلى ما وراءها، وإذا أزيلت هذه الطبلة صارت الأذن منفذا إلى الجوف لاتصالها بالبلعوم عن طريق قناة (اوستاكي) وعليه فإن كان الغشاء سليما فإنه لا يسمح بمرور شيء من خلاله ويكون الصوم عندها صحيحا، أما ان كان متمزقا فإنه يسمح بمرور المواد خلاله الأمر الذي يؤثر في صحة الصوم. الابر الطبية: وهي الة تدخل السوائل الدوائية والمغذية الى الجسم من خلال الجلد، وتعد من أهم ما يؤخذ عن طريق الجلد عند مختلف الاحتياجات، وهناك ثلاثة أقوال لأهل العلم في حكم استعمال الصائم للأبر الطبية خلال نهار رمضان، ما بين مبطل للصوم مطلقا، وما بين غير مبطل للصوم مطلقا لعدم وصول شيء منها إلى الجوف، وما بين التفصيل الذي يرى أنه ان كانت الأبر دوائية فإنها لا تبطل وان كانت مغذية فإنها تبطل الصوم لمنافاة الحكمة من الصوم، وذهب عالم معاصر إلى القول: إن الأبر المعطاة عن طريق العضدين او الفخذين أو اللثة وما شابه ذلك لا تبطل الصوم، أما ان اعطيت عن طريق الشرايين والأوردة فإنها تبطل الصوم لأنها منافذ إلى الجوف، وهي التي تمد الجسم بالغذاء، وهذا يتنافى مع الحكمة من الصيام. وقد يحتاج المسلم احياناً إلى ان يتبرع بدمه لانقاذ اخوته، أو لكي يفحص دمه لحاجة ما، ونحو ذلك خلال نهار الصوم، فما الحكم في ذلك؟ رأى بعض الفقهاء إنه لا تأثير للدم المسحوب على صحة الصوم، سواء كان قليلاً أم كثيراً، بينما رأى آخرون أنه يبطل الصوم بسحب الدم إذا كان كثيراً وعدم البطلان لو كان قليلاً، ورأى آخرون انه لا بد من عدم التمييز بين الدم المسحوب قليلا كان أم كثيرا وأنه لا يؤثر في صحة الصوم إلا إذا ادى سحبه الى اضعاف الصائم فإنه يكون مكروها عندها ولا يبطل الصوم، ومعنى ان الصوم صحيح مع الكراهة أنه مقبول ولكن مع قلة الثواب المترتب عليه قياسا على الصوم الخالي من المكروهات. التخدير ومعجون الأسنان إن التخدير لو كان موضعيا بحيث لا يفقد الصائم وعيه، ولا يؤثر في عقله فإن صومه صحيح، وإلا فلا، لأن خروج الصائم عن الوعي يبطل صيامه لا بسبب دخول المادة الغازية إلى جسمه وانما بتأثيرها في إزالة عقله الذي هو أساس التكليف ويدخل في هذا المعنى (قلع السن والبنج الموضوعي ونحو ذلك) .. أما البنج العام بادخال السوائل أو شم الغاز في العمليات الجراحية فهذا يبطل الصوم لفقدان وعي الصائم، ولأن المادة المخدرة توزعت على جميع البدن بوساطة الدورة الدموية واتصلت بالمخ ومراكز الاحساس فسببت فقدان الوعي، ومن ثم بطلان الصوم. ويقول أحد العلماء: ينبغي التحوط في استعمال معجون الاسنان بأن لا يدخل شيء منه إلى الجوف، فإن دخل فهو مفطر عند اكثر اهل العلم، لذا فإن الأولى اجتنابه وتركه الى ما بعد الافطار، لكن اذا استعمله الصائم، ودخل إلى جوفه مع احتياطه لنفسه فلا يبطل صومه، والله سبحانه يقول: “ليس عليكم جناح فيما اخطأتهم به ولكن ما تعمدت قلوبكم” وقوله عليه الصلاة والسلام: “رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ..” المرأة والصوم الحامل والمرضع ان خافتا من الصوم على نفسيهما أو ولديهما جاز لهما الافطار بلا خلاف بين الفقهاء، لكنهم اختلفوا في الحكم المترتب على ذلك في ستة أقوال: والراجح، انه لا يجب عليهما سوى قضاء ما افطرتاه من أيام رمضان بصيام ايام اخرى مكانها، ولا فدية عليهما، ويجوز للحائض والنفساء الافطار لقول أم المؤمنين عائشة بنت ابي بكر الصديق رضي الله عنهما: (كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فيأمرنا بقضاء الصيام ولا يأمرنا بقضاء الصلاة)، والحكمة في منعهما من الصوم، إن كلا من الحيض والنفاس مضعف للبدن، والصوم كذلك، واجتماع مضعفين على البدن يضر ضررا شديدا فاقتضت الحكمة ترك الصوم وعليهما القضاء فقط، وهناك مسألتان تجدر الاشارة إليهما: 1- متى وجد دم الحيض في أي وقت من النهار ولو قبل الافطار بقليل فقد بطل صوم ذلك اليوم، وإذا انقطع دم الحيض من الليل كان عليهما (الحائض والنفساء) الصوم بعد الاغتسال قبل الفجر أو بعده أما انقطاعه عنهما خلال النهار فانه يستحب لهما الامساك عن الأكل تأدبا. 2- يجوز استعمال المرأة لحبوب تأخير الحيض أو منعه لاتمام الصوم على ألا يضر ذلك بصحتها وبعد استشارة طبيب حاذق. ويباح الافطار لكبار السن والعاجزين عن الصيام بشكل دائم لقوله تعالى: “وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين” قال ابن عباس رضي الله عنهما: هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان ان يصوما فيطعمان عن كل يوم مسكينا. أحكام السفر قال الله عز وجل: “فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر” ولأهل العلم في الصيام في السفر تخيير المسلم بين الصيام أو الافطار بحسب الشروط الموجودة في المسافر، ويشترط ان يكون السفر قبل طلوع الفجر وأن يصل المسافر الى مكان يبدأ فيه جواز القصر بحيث يترك البيوت وراء ظهره اذ لا يباح له الفطر بعد الشروع في السفر بعدما اصبح صائما تغليبا لحكم الحضر على السفر إذا اجتمعا، ما لم يتعرض الى مشقة، وزاد بعض اهل العلم ألا يكون الشخص مستديما للسفر وان يكون السفر مباحا وألا ينوي الاقامة 4 ايام في سفره وأن يبيت الفطر قبل الفجر في السفر. ومن نوى الصيام ليلا ثم بدا له ان يسافر نهارا فقد اجاز بعض العلماء له أن يفطر، ومنع من ذلك آخرون، وهم الأكثر، ولكل من الفريقين أدلته. ويجوز للمسافر ان يفطر حتى يرجع إلى موطنه أو ينوي الاقامة في البلد الجديد 15 يوما فأكثر في موضوع واحد عندها يتعين عليه الصوم، وقال آخرون: إذا كانت الاقامة في الموضوع الجديد اقل من 4 أيام غير يومي الدخول والخروج وإن لم يكن ينوي الاقامة بل عزم على الرجوع الى بلده بعد قضاء حاجته، فإنه يفطر مدة انتظاره قضاء حاجته وان طالت. ويقول البعض إن المسافر يفطر وان لم يكن عليه مشقة، ولكن ان صام جاز صومه عند اكثر العلماء، ومنهم من قال لا يجزيه. مسائل متفرقة إذا تسحر الصائم وهو يظن ان الفجر لم يطلع فإذا هو قد طلع، أو افطر وهو يرى أن الشمس قد غربت فاذا هي لم تغرب، بطل صومه في الحالين، ويمسك بقية الوقت، وليس عليه سوى القضاء. اذا أكل أو شرب ناسيا فلا يبطل صومه بذلك، للحديث المعروف. إذا تمضمض أو استنشق في الوضوء أو الغسل، فوصل الماء إلى حلقه من غير قصد فإن صومه لا يبطل بذلك، وأن تعمد بطل صومه. من اصبح وبين اسنانه طعام، لم يخل من حالتين، احداهما ان يكون يسيرا لا يمكن القاؤه من فيه، فهذا لا شيء فيه لعدم امكان التحرز منه، وثانيهما ان كان كثيرا فإن إلقاءه لا حرج فيه، وإن ابتلعه عامدا فسد صومه. ويباح للصائم ما لا يمكن التحرز منه كابتلاع الريق، وفي البلغم والنخامة خلاف، ويعفى عن غبار الطريق أو حشرة تدخل إلى جوفه، ولا مانع من تذوق الطعام أو الشيء المراد شراؤه على ألا يبتلعه، كما يجوز للأم ان تمضغ الطعام لصغيرها من دون الابتلاع، وهذا لا يشمل غير هؤلاء. يجوز للصائم صب الماء على رأسه أو الاغتسال أو الغوص في الماء (عند سلامة طبلة الأذن). كفارة الإفطار إن الافطار في رمضان من دون عذر مستوجب للوعيد الشديد لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: “من أفطر يوما من رمضان لم يجزه صيام الدهر وان صامه”، أما إذا ارتكب الصائم ما يفسد صومه عامدا كالأكل والشرب والجماع عمدا فهذا عليه القضاء (صوم يوم مكان اليوم الذي افطره) والكفارة (عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا”. ويكون اطعام المساكين على الوجه التالي: لكل مسكين (مد بر - أي ما يملأ كفين معتدلين ملتصقين ببعضهما” وذلك يعادل 15 صاعا لستين مسكينا، ووزن الصاع يساوي 2176 غم، ولمعرفة الناتج يضرب هذا الرقم في 15 والناتج بالجرامات هو مقدار اطعام 60 مسكينا ويجوز اخراج قيمة الطعام بالمال وتوزيعها على مستحقيها عند من يرى ذلك، وان كان الرجل معسرا يؤجل اخراجها إلى حين. واذا مات المسلم وعليه صيام، فهل يجزيه ان يصوم عنه وليه؟ على أقوال: 1- لا يصوم أحد عن أحد اي نوع من الصيام، واستدل اصحاب هذا القول إن الصوم عبادة محضة لا تقبل الانابة في الحياة أو الممات. 2- يجوز الصيام عن الميت ما فاته من الصيام والأفضل لوليه ان يقوم بذلك. 3- يصام عن الميت مانذر من الصوم فقط، وبه قالت مجموعة من العلماء. 4- يطعم عن الميت ولا يصام عنه، وهو قول جمهور العلماء. ورب سائل يسأل: ما حكم من يصوم ولا يصلي؟ والجواب أن هناك قولين في هذه المسألة: فمن قال إن تارك الصلاة كافر، فهذا لا يقبل صومه، ومن قال إنه جاحد فاسق، فإن صومه صحيح لكنه آثم. أما أهل الذنوب والمعاصي الأخرى كالذين يمشون بين الناس بالغيبة والنميمة والكذب أو اللصوص والمرتشين أو من عندهم رذائل الاخلاق، فهؤلاء قال فيهم بعض العلماء انهم يصومون بلا ثواب، ومنهم من قال: إن الصوم لا يبطله إلا اقتراف شيء منهي عنه متعلق بالصوم نفسه كالأكل والشرب والجماع ونحو ذلك من شروق الشمس إلى غروبها.
  6. الصوم.. وصفة ربانية لصحة نفسية وبدنية يقول الدكتور العالمي ألكسيس كاريك الحائز على جائزة نوبل في الطب في كتابه الذي يعتبره الأطباء حجة في الطب (الإنسان ذلك المجهول) ما نصه: “إن كثرة وجبات الطعام وانتظامها ووفرتها تعطل وظيفة أدت دورا عظيما في بقاء الأجناس البشرية، وهي وظيفة التكيف مع قلة الطعام، ولذلك كان الناس يلتزمون الصوم والحرمان من الطعام، إذ يحدث أول الأمر الشعور بالجوع، ويحدث أحيانا التهيج العصبي، ثم يعقب ذلك شعور بالضعف، بيد أنه تحدث إلى جانب ذلك ظواهر خفية أهم بكثير منه، فإن سكر الكبد سيتحرك، ويتحرك معه أيضا الدهن المخزون تحت الجلد، وبروتينات العضل والغدد وخلايا الكبد، وتؤدي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة وظائفها للإبقاء على كمال الوسيط الداخلي، وسلامة القلب. إن الصوم ينظف ويبدل أنسجتنا”. الوازع الديني ان القاعدة الطبية المعروفة التي تؤكد أن الوقاية أفضل وأجدى من العلاج تنطبق تماماً في حالة الأمراض النفسية، فقد ثبت من خلال الملاحظة والبحث في مجال الطب النفسي أن الأشخاص الذين يتمتعون بشخصية متزنة ولديهم وازع ديني قوي، ويلتزمون بأداء العبادات وروح الدين في تعاملهم هم غالباً اقل إصابة بالاضطرابات النفسية، وهم أكثر تحسناً واستجابة للعلاج عند الإصابة بأي مرض نفسي، والغريب في ذلك أن بعض هذه الدراسات تم اجراؤها في الغرب حيث ذكرت نتائج هذه الأبحاث أن الإيمان القوي بالله والانتظام في العبادات لدى بعض المرضى النفسيين كان عاملاً مساعداً على سرعة شفائهم واستجابتهم للعلاج بصورة أفضل من مرضى آخرين يعانون من حالات مشابهة، والأغرب من ذلك أن دراسات أجريت لمقارنة نتائج العلاج في مرضى القلب والسرطان والأمراض المزمنة أفادت نتائجها بأن التحسن في المرضى الملتزمين بتعاليم الدين الذين يتمتعون بإيمان قوى بالله كان ملحوظاً بنسبة تفوق غيرهم، وقد ذكرت هذه الأبحاث أن شعور الطمأنينة النفسية المصاحب للإيمان بالله له علاقة بقوة جهاز المناعة الداخلي الذي يقوم بدور حاسم في مقاومة الأمراض. كبح جماح النفس وللصيام فوائده النفسية العديدة، وأولى هذه الفوائد إنماء الشخصية. ومعناه النضج وتحمل المسؤولية والراحة النفسية.. إنه يعطي الفرصة للإنسان لكي يفكر في ذاته، ويعمل على التوازن الذي يؤدي إلى الصحة العقلية، وبالطبع فإن الصيام يدرب الإنسان، وينمي قدرته على التحكم في الذات. إنه يخضع كل ميول الدنيا لسيطرة الإرادة، وكل ذلك يتم بقوة الإيمان. وتتجلى في رمضان أسمى غايات كبح جماح النفس وتربيتها بترك بعض العادات السيئة وخاصة عندما يضطر المدخن لترك التدخين ولو مؤقتا على أمل تركه نهائيا، وكذلك عادة شرب القهوة والشاي بكثرة. هذا فضلا عن فوائد نفسية كثيرة، فالصائم يشعر بالطمأنينة والراحة النفسية والفكرية ويحاول الابتعاد عما يعكر صفو الصيام من محرمات ومنغصات ويحافظ على ضوابط السلوك الجيدة مما ينعكس إيجابا على المجتمع عموما. قال صلى الله عليه وسلم (الصيام جُنّة، فإذا صام أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وان امرؤٌ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم) رواه البخاري وغيره، وقد أثبتت دراسات عديدة انخفاض نسبة الجريمة بوضوح في البلاد الإسلامية خلال شهر رمضان. فشهر الصوم المبارك يزيد من قوة الإنسان وقدرته على التغلب على الشهوات.. فالصيام ليس فقط امتناعا عن الطعام والشراب.. ولكنه قبل ذلك امتناع عن العدوان والشهوات وميول الشر. ومن فوائد الصيام الأخرى أنه يخضع الملذات لإرادة الفرد.. فعند الصيام يحدث نقص في سكر الدم.. وهذا يسبب نوعا من الفتور والكسل والسكينة.. وهذه الأحاسيس تؤدي إلى نوع من الضعف والقابلية للإيحاء.. ومن ثم يكون الإنسان في حالة من التواضع وعدم الاختيال بالذات.. مع إحساس بالضعف والوهن.. ومن هنا يأتي الخشوع والاتجاه الصحيح إلى الله، وهو ما يعزز إيمان الإنسان ويقوي عقيدته. وهكذا نجد ان الصيام يعمق الخشوع والإحساس بالسكينة، والتحكم في الشهوات وإنماء الشخصية. والصيام موجود في كل الأديان، وكل الأديان تحبذه؛ لأن في الصيام تعزيزا للإيمان. صحيح أن نوعية الصيام تختلف من دين إلى دين إلا أن الصوم يهب الإنسان السكينة والهدوء والخشوع والتغلب على الملذات، والاتجاه إلى الله. جو روحاني خالص ولعل أهم ما يميز شهر رمضان عن بقية العام هو الامتناع عن تناول الطعام والشراب وممارسة الشهوات خلال النهار، بالإضافة إلى الجو الروحاني الخالص الذي يميز هذا الشهر من المشاركة العامة بين الأفراد في تنظيم أوقاتهم خلال اليوم بين العبادة والعمل في فترات محددة وتخصيص أوقات موحدة يجتمعون فيها للإفطار، وهذه المشاركة في حد ذاتها لها أثر إيجابي من الناحية النفسية على المرضى النفسيين الذين يعانون من العزلة ويشعرون أن إصابتهم بالاضطراب النفسي قد وضعت حاجزاً بينهم وبين المحيطين بهم في الأسرة والمجتمع. وشهر رمضان بما يتضمنه من نظام شامل يلقي بظلاله على الجميع حين يصومون خلال النهار، وتتميز سلوكياتهم عموماً بالالتزام بالعبادات، ومحاولات التقرب إلى الله، وتعم مظاهر التراحم بين الناس مما يبعث على الهدوء النفسي والخروج من دائرة الهموم النفسية المعتادة التي تمثل معاناة للمرضى النفسيين فيسهم هذا التغيير الإيجابي في حدوث تحسن في حياتهم النفسية. وللصوم آثار إيجابية في تقوية الإرادة التي تعتبر نقطة ضعف في كل مرضى النفس،كما ان الصوم هو تقرب إلى الله يمنح أملاً في الثواب ويساعد على التخلص من المشاعر السلبية المصاحبة للمرض النفسي، كما أن الصبر الذي يتطلبه الامتناع عن تناول الطعام والشراب والممارسات الأخرى خلال النهار يسهم في مضاعفة قدرة المريض على الاحتمال مما يقوى مواجهته ومقاومته للأعراض المرضية... ولهذه الأسباب فإن الاطباء النفسيين ينصحون جميع المرضى بالصيام في رمضان ونلاحظ أن ذلك يؤدى إلى تحسن حالتهم النفسية. مرض العصر ان الاكتئاب النفسي هو مرض العصر الحالي، وتبلغ نسبة الإصابة به 7% من سكان العالم حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، وأهم أعراض الاكتئاب الشعور باليأس والعزلة وتراجع الإرادة والشعور بالذنب والتفكير في الانتحار، والصوم بما يمنحه للصائم من أمل في ثواب الله يجدد الرجاء لديه في الخروج من دائرة اليأس، كما أن المشاركة مع الآخرين في الصيام والعبادات والأعمال الصالحة خلال رمضان تؤدي الى نهاية العزلة التي يفرضها الاكتئاب على المريض، وممارسة العبادات مثل الانتظام في ذكر الله وانتظار الصلاة بعد الصلاة في هذا الشهر تتضمن التوبة وتقاوم مشاعر الاثم وتبعد الأذهان عن التفكير في إيذاء النفس بعد أن يشعر الشخص بقبول النفس والتفاؤل والأمل في مواجهة أعراض الاكتئاب. أما القلق فإنه سمة من سمات عصرنا الحالي، وتقدر حالات القلق المرضي بنسبة 30-40% في بعض المجتمعات، والقلق ينشأ من الانشغال بهموم الحياة وتوقع الأسوأ والخوف على المال والأبناء والصحة، وشعور الاطمئنان المصاحب لصيام رمضان، وذكر الله بصورة متزايدة خلال رمضان فيه أيضاً راحة نفسية وطمأنينة تسهم في التخلص من مشاعر القلق والتوتر. الخروج من الإدمان ومن وجهة نظر الطب النفسي فإنه ينظر إلى الصوم في شهر رمضان على انه فرصة جيدة وموسم مهم يساعدنا في مواجهة الكثير من المشكلات النفسية، والمثال على ذلك حالة المدخنين الذين اعتادوا على استهلاك السجائر بانتظام خلال الأيام العادية بمعدل زمني لا يزيد على دقائق معدودة بين إشعال سيجارة وأخرى حتى يتم الاحتفاظ بمستوى معين من مادة النيكوتين التي تم تصنيفها ضمن مواد الإدمان والسموم. إن قدوم شهر الصيام والاضطرار إلى الامتناع عن التدخين على مدى ساعات النهار هو فرصة للمدخنين الراغبين في الإقلاع لاتخاذ قرار التوقف نهائياً عن التدخين، ونلاحظ بالفعل أن نسبة نجاح الإقلاع عن التدخين في شهر رمضان اكبر من النسبة المعتادة في الأوقات الأخرى والتي لا تزيد على 20% بمعنى أن كل 10 من المدخنين يبدأون في الإقلاع ينجح 2 فقط منهم ويعود 8 إلى التدخين مرة أخرى. وبالنسبة للإدمان وهو إحدى المشكلات المستعصية التي تواجه الأطباء النفسيين فإن تحقيق نتيجة ايجابية في علاج هذه الحالات يمكن أن تزيد فرصته مع صيام رمضان، فالصيام تقوية للإرادة المتدنية لدى المدمنين، وقبولهم تحدى الامتناع عن الطعام والشراب خلال نهار رمضان يسهم في تقوية إرادتهم ومقاومتهم لإلحاح تعاطي مواد الإدمان المختلفة، كما أن شهر رمضان يذكر الجميع بضرورة التوقف عن ممارسة الأعمال التي تتنافي مع روح الدين ويمنح فرصة للتوبة والرجوع إلى الله، وهي فرصة كبيرة للخروج من مأزق الإدمان لمن لديه الدافع إلى ذلك. أمامنا جميعاً فرصة ذهبية لتحقيق مكاسب كثيرة في هذا الشهر الكريم.. فالصيام وذكر الله في نهار رمضان، والتقرب إلى الله بالعبادات في هذا الشهر من الأمور الايجابية التي تنعكس على الصحة النفسية للجميع. والفرصة كبيرة أمام إخواننا ممن يعانون من الاضطرابات النفسية لتدعيم تحسن حالتهم ومساعدتهم في الخروج من المعاناة النفسية، كما أن الفرصة الذهبية هي من نصيب إخواننا الذين هم أسرى لعادة التدخين التي تهدد صحتهم ويمكن أن تودي بحياتهم، وللذين وقعوا في مأزق الإدمان على المواد المخدرة.. كل هؤلاء يمكنهم في هذا الموسم بالذات الاستفادة من هذه الفرصة في شهر رمضان الذي نعيش أيامه ولياليه في جو روحاني رائع.. ونتمنى أن يكون هذا الشهر مناسبة مباركة يتم فيها شروق أمل في نهاية المصاعب والمتاعب التي يعاني منها المسلمون في أنحاء العالم.. وأن يشهد رمضان الانتصار والخير والسلام للإسلام والمسلمين. والصيام الحق هو الصيام الذي يزيد التأمل ويدعو الى التركيز وينتقل بالانسان الى وفرة العمل ولا يكون ذلك الا اذا قام الصائم بتطبيق الشريعة الغراء تطبيقا دقيقا “نحن قوم لا نأكل حتى نجوع واذا أكلنا لا نشبع” اين الذين يطبقون هذا النهج حتى نرى أثر صيامهم على صحتهم النفسية؟ فقد كان لشهر رمضان في حياة المسلمين الأوائل جولات في القتال تعد مثلا فريدا من وفرة الانتاج وانطلاق الانسان المسلم حتى يصل الفرد المقاتل الى عشرة أمثال طاقته وأكثر.
×
×
  • Create New...