Jump to content
منتدى البحرين اليوم

مقتطفات لتاريخ البحرين الحديث..


Recommended Posts

تاريخنا .. نحن البحريينيين..

 

 

ومن لا يخفى عن التاريخ والحروب والمقدسات والفتوحات والدخولات الى تاريخ الاسلام والمسلمين والديفاع في سبيل الله ..

 

كل هذا هو التاريخ ..

 

سأتناول في الموضوع بعض الأراء والاقوال في البحرين

وعلى اختلاف انواعها على حسب تسلسل التواريخ..

 

.. كما نعلم ان

 

المصدر هو الاهم لتاريخ حيث انعدامه يعني انعدام التاريخ

 

وطبعا تأتي الكتب التاريخيه شامله لكل ماهو مبني على المصادر..

 

والتي من السهل على الانسان دراستها والفهم ..

 

وسوف اقوم .. بوضع ما أراه يتعلق بتاريخ البحرين.. وذلك

 

لزياده المواطن البحريني وتثقفه من هذه الناحيه..

 

حيث اننا نحن الآن .. ناتج من التاريخ..

 

اسم الدولة: مملكة البحرين

 

العاصمة: المنامة

 

نوع الدولة: ملكية دستورية/مركزية

 

التقسيمات الإدارية:

12 منطقة وهي: الحد، المنامة، المنطقة الغربية، المنطقة الوسطى، المنطقة الشمالية، المحرّق، الرفعة والمنطقة الجنوبية، جد حفص، مدينة حمد، مدينة عيسى، جزر حوار، وسترة.

 

تاريخ الاستقلال:

نالت البحرين استقلالها عن بريطانيا في 15 آب/أغسطس 1971.

 

تاريخ صدور الدستور:

أصبح الدستور نافذ المفعول في 6 كانون الأول/ديسمبر1973 وتم تعليقه سنة 1975.

تم إقرار ميثاق وطني بعد استفتاء شعبي عام جرى يومي 14 و15 شباط/فبراير 2001.

أصـدر المـلك الدستور مع إدخال بعض التعديلات عليه "وفقا لأحكام ميثاق العمل الوطني".

ينص الدستور على قيام ملكية دستورية، وعلى فصل السلطات إلى تشريعية وتنفيذية وقضائية؛ وعلى تصويت عام يمارسه كل مواطن راشد؛ نظام تشريعي من مجلسين هما: برلمان منتخب ومجلس استشاري معيّن؛ المساواة أمام القانون بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الدين؛ حرية العبادة؛ حرية العمل الخاص وحرية حركة رأس المال؛ نظام من الضوابط والإدارة المالية لضمان الشفافية في مالية الحكومة .

 

رأس الدولة:

الملك هو رأس الدولة.

يعيّن الملك رئيس الوزراء والوزراء ويتمتع بسلطات تنفيذية وتشريعية واسعة. فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو المسؤول عن السياسة الخارجية، وهو الذي يعيّن أعضاء السلطة التنفيذية.

خلف الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة والده الراحل في 6 آذار/مارس 1999، وأصبح ملكا في 14 شباط/فبراير 2002.

 

منذ فجر التاريخ ، والبحرين حاضرة في ذاكرته، سواء اتسعت دلالة التسمية جغرافياً أم ضاقت، فهذا الأرخبيل هو القلب من هذا الإقليم حيث التقت طرق الحضارة في جزر البحرين، وكانت دلمون التي مثلت نقطة التقاء العالم القديم الممتد من بلاد سومر في بلاد ما بين النهرين إلى ماجان في عُمان وصولا إلى حضارة بلاد السند شاهدا على ازدهار البحرين الاقتصادي كمركز للتجارة الحرة وميناءً حيوياً للعالم على امتداد أزمنة التاريخ.

 

وقبل انبثاق فجر الرسالة الإسلامية كانت البحرين تحتضن بحرية تعدد الأفكار والمعتقدات على أرضها في نموذج نادر المثال في تلك العصور.

 

وفي ظل هذا التسامح الروحي والفكري ازدهرت الثقافة وتعايشت الأديان وشهد الشعر العربي على لسان شعراء البحرين أروع القصائد في الفكر والوجود مبشرة بنهضة جديدة للعرب على مسرح التاريخ.

 

وكانت البحرين من أوائل من استجاب للدعوة الإسلامية السمحاء ودخلت في دين الله طوعا واقتناعاً، كما كانت أول المدافعين عن هذا الدين وحملت لواء هذه الدعوة عبر مياه البحر إلى الضفة الأخرى من الخليج وصولا إلى بلاد الهند، وأصبحت ثروات البحرين مصدرا مهما لموارد بيت المال الإسلامي، كما ساهم شعبها منذ البدايات الأولى للحضارة الإسلامية في الإشعاع الحضاري الإسلامي وعلوم الفقه واللغة طيلة عصور الخلافة الإسلامية ، حيث تعمقت في وجدان هذا الشعب قيم الحضارة الإسلامية بما تمثله من سماحة وعدالة وتقوى.

 

وجعلت الجغرافيا الطبيعية من البحرين مجالا خصبا للعمل البشري من زراعة وتجارة وغوص. ونظرا لما تتمتع به البحرين من مكانة جغرافية تتمثل في موقعها المتميز ومواردها، فقد تسابق عليها الفاتحون والطامعون، ولا عجب أن قاوم شعبها هذه القوى الطامعة. وفي ظل هذه المقاومة والصراع ضد مختلف القوى الأجنبية والإقليمية استطاعت القوى العربية تحت قيادة احمد الفاتح في الربع الأخير من القرن الثامن عشر الميلادي أن تدحر كل تلك القوى الخارجية وتوحد البلاد تحت نظام الحكم الخليفي في كل من إقليم الزبارة والبحرين.

 

ولقد كانت دعوة شعب البحرين بكل فئاته الشيخ عيسى بن علي آل خليفة لتولي الحكم في البلاد ولتفادي السيطرة الأجنبية، أول بروز للإرادة الوطنية الشعبية عند أهل البحرين ، وهكذا جاءت البيعة الأولى في تاريخ البحرين الحديث لحاكم شاب جاء يحمل أملا لحكم وطني يصون سلمه وأمنه لخمسة وستين عاما أظهرت بشكل واضح مدى التلاحم بين الشعب وقيادته، وشكّـل استقراره السياسي والتجاري الحقبة الحضارية التي عبرت منها البحرين إلى العصر الحديث.

 

وجاءت استجابة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة لمطلب تأسيس مجلس للشورى متفقة مع تفتح الوعي السياسي للحركة الوطنية المشتركة بين الحاكم وشعبه رغم مجابهة هذه المطالب بمقاومة القوى الأجنبية.

 

وقد استطاع الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة الوريث الشرعي للحكم في البحرين مؤيدا من شعبه الذي كان دائم التلاحم مع القيادة ، أن يتعامل بواقعية مع الصراعات الدولية ويختط طريق التطور الواقعي ويتجاوز الأعراف التقليدية القديمة ويفتح الطريق لنشوء المجتمع المدني الحديث من خلال تكريس التعليم الحديث وخلق الإدارة الحكومية الفاعلة والأداء البلدي العصري وسن القوانين والتشريعات اللازمة وتنمية البلاد خاصة بعد انطلاق الصناعة النفطية بكل تحولاتها في البحرين.

 

 

 

وعندما تسلم مقاليد الحكم الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة عام 1942م كانت البلاد تعاني من الحرب العالمية الثانية وانعكاساتها على منطقة الخليج وما سببته من ضائقة اقتصادية، واضطراب دولي وإقليمي ، وقد استطاعت البحرين أن تتجاوز تلك المرحلة وتواصل بناء الدولة وتطوير مؤسساتها ومرافقها الحيوية وأن تعمل على تكريس الوحدة الوطنية والتلاحم بين القيادة وأفراد الشعب وإشراك المواطنين في إدارة شئون البلاد رغم ضغوط القوى الأجنبية.

 

ولقد كان عهد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة عهدا زاخرا بالإنجازات الحضارية والسياسية حيث أسس دولة البحرين الحديثة وأقام مؤسساتها وأعلن استقلالها السياسي الحديث وتخلص من المطامع والدعاوى الأجنبية.

 

وكانت وقفة شعب البحرين في تأكيد عروبة واستقلال البلاد بقيادة سموّه وقفة تاريخية مشهودة وذلك من خلال الاستطلاع الذي قامت به لجنة تقصي الحقائق للأمم المتحدة، وشمل أبناء الشعب البحريني كافة ، حيث أجمع هذا الشعب على تمسكه بانتمائه العربي وبيعته للشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة ، وكان تجاوب الشيخ عيسـى بن سلمان آل خليفة كبيرا بأن أصدر دستور دولة البحرين كنموذج لأرقى المبـادئ الدستورية والديمقراطية، كما نالت البحرين استقلالها التام في عهده الميمون وتم تشييد الدولة على مبادئ الديمقراطية ودولة المؤسسات وسيـادة القانون . وسوف يبقى قرار الشيــــخ عيسى بن سلمان آل خليفة بدء الحياة الدستورية وإجراء انتخابات مباشرة حرة لتأسيس المجلس الوطني طبقا للدستور ، علامة بارزة في تاريخ البحرين.

 

وجاء التأييد والتضامن الذي شهدته البحرين عندما تولى حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أمير البلاد المفدى دليلا على الالتفاف الشعبي حول سموه ، حيث تشهد البحرين في عهده انطلاقتها الديمقراطية لتحقيق آمال الشعب في دولة عصرية يسودها الأمن والاستقرار والرخاء وتستكمل فيها مؤسسات الدولة الدستورية التي تضطلع بدورها في تحقيق طموحات القيادة والشعب في مجتمع تسوده العدالة وسيادة القانون .

 

وفي ظل هذه الظروف التاريخية يتطلع الشعب بكل ثقة وعزم إلى مستقبل مشرق ، ملؤه الحرية والمساواة ، وركيزته العدالة والشورى ، وقاعدته المشاركة الشعبية لكل فئات الشعب في مسئوليات الحكم .

 

إن دولة البحرين وقد أنجزت استقلالها السياسي الذي تم بفضل نضال القيادة الحكيمة وكفاح أبناء الشعب الوفي ، حافظت على كيانها وأراضيها ومياهها الإقليمية التي هي غير قابلة للتفريط فيها، أو المساومة عليها بأي صورة وتحت أي ظرف ، كما ينص على ذلك بوضوح دستور دولة البحرين في مادتـــه الأولى حيـــث لا يجيز " التنـازل عن سيادتها أو التخلي عن شيء من إقليمها " .

 

إن دولة البحرين قد مارست دورها السياسي كعضو فعال في المجتمع الدولي والإسلامي والعربي وأكدت تمسكها بكل ثبات بكونها أحد أسس مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبالتزامها بالعمل المشترك مع الدول الأعضاء الشقيقة لتعميق التلاحم في منظومته بما يحقق تطلعات شعوبه .

 

وحيث إن دولة البحرين استطاعت منذ استقلالها إرساء الدولة الحديثة القائمة على التوجـه الديمقراطي ودولة المؤسسات الدستورية وسيادة القانون ، وحيث إن دولة البحرين منذ عهد الاستقلال التام قد أكملت نهجها كدولة في علاقاتها الدولية وفي مؤسساتها السيادية القائمة على العدل والمساواة بين المواطنين ومراعاة مصالحهم،

 

وحيث إن حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله يطمح إلى تحقيق نهج ديمقراطي يرسي هيكلاً متوازناً يؤكد الشراكة السياسية الدستورية بين الشعب والحكومة ، والفصل بين السلطات الثلاث وتعزيز آليات السلطة القضائية وإنشاء المحكمة الدستورية وديواني المراقبة المالية والإدارية،

 

وحيث إنه قد توافــرت الإرادة السامية للانتقال – ونحن في مطلع الألفية الثالثة – إلى دولة عصرية استكملت كل أطرها السياسية والدستورية للتفاعل مع كل المستجدات المحلية والإقليمية والدولية،

 

وحيث إن حصيلة تجربة دولة البحرين في العمل السياسي والاقتصادي طوال العقود الثلاثة الماضية تتطلب مراعاة ما استجد من تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية وتشريعية، ولمواجهة التحديات المقبلة، مع كل المستجدات على الصعيد العالمي ،

 

فقد استقر الرأي على أن يؤخذ بالثوابت الوطنية والسياسية والدستورية في هوية الدولة تأكيدا على النظام الملكي الوراثي الدستوري الديموقراطي ، حيث يخدم عاهل البلاد شعبه ويمثل رمزا لهويته المستقلة وتطلعاته نحو التقدم، وعلى إدخال تحديث في دستور البلاد بالاستفادة من التجارب الديموقراطية لمختلف الشعوب في توسيع دائرة المشاركة الشعبية في أعباء الحكم والإدارة ، ذلك أن ما أثبتته بعض هذه التجارب من الأخذ بنظام المجلسين في العمل التشريعي يتيح الجمع بين ميزة الاستفادة من حكمة ذوي العلم والخبرة من أعضاء مجلس الشورى وتفاعل الآراء الشعبية من كافة الاتجاهات التي يضمها المجلس المنتخب انتخاباً حرا مباشرا.

 

يرجى من الاعضاء عدم الرد حتى انتهاء الموضوع

Edited by شوق بحرينية
Link to comment
Share on other sites

  • Replies 39
  • Created
  • Last Reply

Top Posters In This Topic

ديلمون وتايلوس والعصور الاسلاميه..

 

 

 

تدل بقايا الأدوات الحجرية والصوانية والتي تم العثور عليها في مواقع من جنوب وجنوب غرب جزيرة البحرين وخاصة في موقع المرخ والساحة المحيطة بجبل الدخان والرمامين القريب منه على سكنى الإنسان الصياد جامع القوت لهذه المنطقة منذ العصر الحجري الحديث (5000 ق.م) تقريبا وتدل بقايا نصال المناجل التي عثر عليها في تلك المواقع أن الانسان مارس الزراعة البدائية، واصبحت تشكل أحد الموارد الاقتصادية الهامة فيحياته.

 

أما شواهد استقرار الإنسان فهي بقايا لاواني الفخار المستوردة من بلاد الرافدين التي تعود إلى ما يزيد على الستة آلاف عام من حضارة العُبيد ويلاحظ الآثاريون وجود صلات حضارية تتمثل في اوجه الشبه والتكامل في صناعة الأدوات الحجرية المكتشفة في مملكة البحرين والساحل الشرقي من الجزيرة العربية، كما وجدت شواهد واضحة قرب جبل الدخان تدل على أن انسان العصر الحجري في مملكة البحرين قد لجأ إلى مغارات هذا الجبل واتخذها ملاجئ يأوي إليها في فصل الشتاء.

 

 

فترة دلمون :

 

 

جاء ذكر دلمون في الكتابات المسمارية القديمة التي تعود إلى الالف الثالث قبل الميلاد والتي وجدت في بلاد الرافدين وفي موقع ايبلا في شمال سوريا وحاول العلماء معرفة مكان دلمون التي وصفت بأرض الخلود وبأنها تقع حيث تشرق الشمس وتبعد عن بلاد الرافدين بثلاثين ساعة مزدوجة.

 

واثبتت التنقيبات الأثرية أن البحرين هي دلمون المشار إليها في النصوص المسمارية القديمة بمراحلها التاريخية المتعاقبة بل هي مركزها النابض بالنشاط والحيوية ففيها المستوطنات من مدن وقرى تعج بحياة القصور والدور والأسواق والعيون الطبيعية والقنوات وفيها المعابد المقدسة وفيها مئات آلاف من المدافن على مختلف الأشكال والأحجام.

 

 

وتدل الأواني الفخارية والحجرية والأختام الدائرية واللقى الأثرية الأخرى على تطور نمط الحياة وتقدم الصناعة والتجارة واتساعها حتى لعبت دلمون دور الوسيط التجاري بين حضارات وادي الرافدين ووادي السند، وأنحاء الجزيرة العربية الأخرى.

 

 

فترة تايلوس :

 

تايلوس وارادوس هما الإسمان اللذان أطلقهما الإغريق (اليونان) على جزيرتي (المنامة والمحرق) وذلك في القرن الثالث قبل الميلاد. وقد عرف الإغريق المنطقة قبل وصولهم إليها بزمن طويل وعندما وصل إليها نيارخوس قائد الحملة المرسلة من قبل الإسكندر الأكبر لاستكشاف المنطقة، وصفها بأنها جزيرة طيبة تتمتع بالموانئ الطبيعية وهي زاخرة بالنخيل وصيد اللؤلؤ والأسماك.

 

 

وقد اكتشفت مؤخراً مواقع هامة لهذه الفترة من تاريخ الجزيرة اضافت الكثير من الحقائق التاريخية من خلال اللقى الأثرية التي وجدت في المستوطنات وفي المدافن بشكل خاص.

 

البحرين في العصور الإسلامية :

 

دخلت البحرين الإسلام سلماً بعد وصول مبعوث الرسول الكريم (صلي الله عليه وسلم) إليها في عام 629م/ العام السابع للهجرة.

 

ولقد لعب أهل البحرين دورا لا يستهان به في حركة الفتوحات الإسلامية فأعانوا جيوش الدولة الإسلامية الناشئة بخبرتهم ومهاراتهم في الملاحة وركوب البحر.

 

ويعتبر مسجد الخميس من أوائل المساجد التي بنيت في مملكة البحرين، حيث تقول عنه الرواية المحلية أنه بني في عهد الخليفة الأموي الثامن عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه (99ـ101هـ) (717ـ720م).

 

واستمرت البحرين تلعب دورها الحضاري والاقتصادي عبر عصور الإسلام المختلفة حتى تعرضت إلى أطماع خارجية اضطرتها إلى أن تحصن نفسها بعدد من القلاع والحصون.

 

عاشت أوال ما بين 1521 حتى 1602م، تحت الاحتلال البرتغالي، وهذا الاحتلال كان الحد الفاصل من الناحية التاريخية الذي فصل أوال عن البحرين القديمة (الاحساء والقطيف وأوال). وبعد هذا التاريخ اختصت أوال باسم البحرين وانفصلت بصورة شبه كاملة عن جغرافيتها القديمة.

 

يذكر مونيك كرفران (1988)، ما كتبه المعلم (القبطان) أحمد بن ماجد، عندما زار أوال في نهاية القرن الخامس عشر، إذ أشار إلى أن "أوال تحتوي على 360 قرية، ومياهها العذبة متوفرة في كل مكان، وأنها تحتوي على مكان في البحر ينبع من الماء العذب وهناك حول البحرين مصائد اللؤلؤ وتجارتها التي تعتمد على 1000 سفينة. وفي البحرين قبائل عربية وتجار وعدد كبير من النخيل والخيول والجمال والماعز والغنم، والرمان، والتين والليمون، وغيرها". وذكر ابن ماجد، أن تجار هرمز يقصدون البحرين لشراء اللؤلؤ ثم بيعه في الهند بأرباح طائلة. وذكر محمعلي العصفور (مجلد مخطوط باليد 1901) "قال بعض مشايخنا كان عدد قرى البحرين في زمان السابق بعدد أيام السنة".

 

 

في نهاية القرن الخامس عشر، كانت البحرين موقعا تتنافس عليه مختلف القوى، البرتغاليون، حكام هرمز، والعثمانيون والصفويون. وعندما انتفض أهل البحرين ضد البرتغاليين في 1602، كان الشاه عباس الأول قد أصبح ملكا قويا يسيطر على حكام آخرون داخل مملكته، ومنهم حاكم شيراز. وكان حاكم شيراز هو الذي أوصل الشاه عباس للبحرين. كانت الدولة الصفوية الإيرانية في فترة قوتها بعد تأسيسها في العام 1501م (واستمرت حتى العام 1732). والصفويون اعتنقوا المذهب الشيعي الإثناعشري عندما استلموا السلطة في إيران في العام 1501م، ولهذا احتاجوا لعلماء دين وقضاة ومدرسين لتعليم المذهب الشيعي. وكانت البحرين (أوال) والاحساء وجبل عامل والعراق هي المناطق التي قصدها الشاه الصفوي لدعوة علماء الدين لإيران. وهكذا كان، فقد رحل من البحرين علماء دين وقضاة ومدرسين إلى إيران

 

مابين القرن 11 الى القرن 16

 

سيطر كل من العيونيين والعصفوريين والجبور

 

ولكن لما للبرتغاليين دور فعال وتأثير على البحرين.. سنتوسع في ذلك ..

 

البحرين والإحتلال البرتغالي (1521م -1602م)

 

يعتبر الاحتلال البرتغالي أول احتلال أوروبي للشرق الإسلامي في العصر الحديث. ومع بداية هذا الاحتلال بدأت معاناة الشرق الإسلامي جراء الاحتلال والتسلط الأوروبي باسم الدين أحيانا وباسم محاربة القرصنة وحرية التجارة أحيانا أخرى وتحت أسماء وعناوين أخرى قد تكون أكثر بريقا في وقتها كالصداقة والحفاظ على الأمن في أحيان ثالثة. إن الاحتلال يبقى احتلالا وان تعددت عناوينه واختلفت وسائله وعوامله. وما دمنا بصدد البحث عن الاحتلال البرتغالي فيجدر بنا في البداية أن نستعرض أهم العوامل التي شجعت البرتغاليين على هذا الاحتلال وهي :

 

1- العامل الديني

2-العامل الاقتصادي .

 

أولا - العامل الديني :

يعد هذا العامل من أهم عوامل الاحتلال البرتغالي. وليس المقصود من العامل الديني هنا إن الدين هو الباعث الحقيقي للاحتلال أو إن الدين يشجع وينمي النزعة التسلطية. فالدين أسمى من هذه الصفات اللاأخلاقية والتي لا تتناسب مع الدين كمنهج أخلاقي رفيع. وانما المقصود هو سوء استغلال الدين أو تحقيق الرغبات الشيطانية باسم الدين. وخصوصا إذا استغل الدين من قبل رجاله وممن يدعون انهم وكلاء الله في أرضه.

 

إن الفكر الكاثوليكي المسيحي الذي كان سائدا في أوروبا في تلك الفترة كان يعطي البابا الحق المطلق في التحدث باسم الله ، فيمنح ما يشاء لمن يريد ، ولا يمكن لأي أحد الاعتراض على ما يقوله البابا لأنه لا يتكلم عن نفسه وانما عن الله فمن يعترض عليه فكأنما اعترض على الله .

 

إن هذه المكانة التي أعطيت للبابا جعلته المؤثر الأقوى في سير الأحداث فبإصداره تفويضا إلهيا واحدا - كما يدعي - يستطيع أن ينهي حقبة زمنية ويأتي بحقبة أخرى ، وبتفويض واحد يستطيع القضاء على دول وشعوب ويجعلها تحت رحمة الاحتلال السافر ، وكل ذلك باسم الدين وباسم الله . وهذا ما حصل ، ففي عام 1454منح البابا نيقولاس الخامس تفويضا إلهيا لملك البرتغال يعطيه الحق في تملك جميع الأراضي المكتشفة بجهوده في الهند ، فقد جاء في هذا التفويض : " قد رأينا بعد التأمل العميق وبعد إن وضعنا في حساباتنا أننا برسائلنا الرسولية قد منحنا إلى الملك الفونسو الحق الكامل المطلق في غزو وفتح وقهر جميع الأقطار الواقعة تحت حكم أعداء المسيح، مسلمين كانوا أو وثنيين ، فإننا نريد برسائلنا الرسولية هذه أن يقوم نفس الملك الفونسو والأمير وجميع خلفائهما منفردين دون غيرهم بكافة الحقوق في احتلال وامتلاك جميع الجزر المذكورة والموانئ والبحار المذكورة أدناه . كما انه محظور على جميع المسيحيين المخلصين ، دون أذن من الفونسو المذكور وخلفائه ، أن يعتدوا على مالهم من سيادة وستصبح جميع الفتوح التي تمت حتى اليوم ، أو التي ستتم في قابل الأيام أو الفتوح التي تمتد إلى رأس جا جارود ورأس نون حتى ساحل غينيا وجميع بلاد الشرق على الدوام ، والى الأبد في المستقبل تحت سيادة الملك الفونسو". (عبد العزيز إبراهيم 1985 ص:61) .إن هذا التفويض الإلهي يعطي الملك الفونسو وخلفائه دون غيرهم الحق في امتلاك الأراضي المأخوذة غزوا أو قهرا أو فتحا من أيدي أعداء المسيح سواء المسلمين أوالوثنيين وهذا الحق للملك وحلفائه فقط فلا يحق لأحد غيره ما يحق له إلا بإذنه، كما إن هذا التفويض قد جعل الحق للملك أبديا ، فليس له مدة محددة، وعليه فان الملك الفونسو صاحب الحق الوحيد والىالأبد . ومن الجدير بالملاحظة ان انتشار المذهب البروتستانتي في أوروبا قد أسقط هذا الحق الممنوح للملك مما أدى للزحف الهولندي والانجليزي من بعده نحو الشرق الإسلامي . إن هذا التوجه البابوي نحو القضاء على الشرق الإسلامي باسم الدين كانت تؤججه الروح الصليبية الحاقدة والعداء القديم بين المسلمين والمسيحيين في شبه جزيرة ايبيريا في العصور الوسطى . وتأكيدا لهذه الروح فقد أمر البابا برسم الصليب على أشرعة السفن وعلى ملابس البحارة كما أمر بوضع علم في مقدمة السفن ويرسم عليه صليب كبير. ومن مظاهر الرغبة البرتغالية في نشر المسيحية أن البرتغاليين قاموا ببناء ثلاث كنائس في مسقط وحدها ولم تبق سوى واحدة حتى الآن ، فلا عجب بعد ذلك من التصرفات اللاإنسانية التي قام بها البرتغاليون فقد كانوا يخططون للقضاء على الإسلام والمسلمين في هذه المنطقة تنفيسا لحقدهم القديم ومخططاتهم العدائية . ونتيجة لهذه المظاهر في الاحتلال البرتغالي فقد عد بعض الباحثين الاحتلال البرتغالي امتدادا للحروب الصليبية وانه ليس مجرد اكتشاف جغرافي لأهداف علمية بحتة كما يدعي ذلك بعض الأوروبيين. لقد اعتبر الدكتور محمد العيدروس (1992) الروح الصليبية من عوامل فشل السياسة البرتغالية واستند لإثبات رأيه هذا بأحد الكتاب البرتغاليين حيث يقول :" وحول فشل تلك السياسة يقول "يوركا" في كتابه الذي يعتبر من أهم المصادر البرتغالية في يومنا هذا، لأنه كتب عن الوجود البرتغالي وكان شاهدا على نهاية السيطرة البرتغالية إن فشل السياسة البرتغالية يرجع إلى الفشل الكامل الذي منيت به أية محاولة لتحويل الناس إلى المسيحية" .

 

ثانيا - العامل الإقتصادي :

كانت التجارة عماد الاقتصاد في ذلك الوقت ، فالبلد القوي إقتصاديا هو الذي يحظى بموقع هام على طريق التجارة حيث يصبح نقطة عبور لطرق التجارة مما يدخل عليه دخلا كبيرا. وما كان البرتغاليون يعانون منه هو أن البضائع التي تصل إليهم تكون غالية الثمن لمرورها باحتكارات عدة كما وقد تصل بعض البضائع قليلة رغم الحاجة إليها.

 

لقد كان الخليج العربي مركزا تجاريا هاما وحلقة وصل بين مركزين ، فكانت تصل إليه المنتجات من الهند والصين والأرخبيل الشرقي وعن طريقه تصل إلى الشام وفارس والجزيرة العربية ومن ثم لأوروبا . وبالعكس أيضا ، حيث تصل عن طريقه البضائع الأوروبية وبضائع الشام وفارس إلى الهند والصين والأرخبيل الشرقي. إن هذا الموقع الفريد للخليج ساهم في ظهور مدن وموانئ تجارية هامة مثل البحرين والبصرة وهرمز وبوشهر وغيرها ، وأصبحت التجارة مصدرا فريدا من مصادر الثراء لهذه المدن . وإضافة لطريق الخليج العربي ، كان هناك البحر الأحمر ومصر ، حيث يقوم بعملية الوساطة أيضا ، لقد كانت البلدان العربية والإسلامية صاحبة السيطرة التجارية في هذه المنطقة ، فكانت سيطرتهم على بحار الهند ، في حين كانت السيطرة على البحر المتوسط تحت قبضة المدن الإيطالية مثل جنوة والبندقية وفلورنس، فكان البحر المتوسط حلقة الوصل بين آسيا وأوروبا وكانت المدن الإيطالية محتكرة للتجارة في هذا البحر . لقد كان لمسلمون والإيطاليون أصحاب السيادة في التجارة آنذاك ، فلا تصل المنتجات والبضائع إلى البرتغال إلا بعد مرورها بإحتكارات عديدة تؤدي إلى رفع سعرها وشحتها أحيانا ، كما أن الوضع السياسي في البلدان الإسلامية لم يكن مستقرا على الدوام ففي الظروف المضطربة التي تمر بها البلدان الإسلامية فإن الدور التجاري الذي تلعبه هذه البلدان يتأثر أيضا مما يؤثر على المنتجات التي تصل إلى البرتغال وغيرها من الدول الأوروبية ، ومن أمثلة ذلك الإحتلال المغولي في عهد تيمور لنك لفارس والعراق في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي حيث أدى ذلك إلى تأثر التجارة المارة بهذين البلدين وبالتالي تأثير ذلك على التجارة المتصلة بأوروبا. إن هذه الأسباب مجتمعة دفعت البرتغاليون في التفكير جديا للتخلص من هذه المشاكل ، فعقدوا العزم على أمرين ، الأول هو محاولة إكتشاف طريق بحري آخر لا يمر بالبلدان الإسلامية والمدن الإيطالية ، والثاني السعي للقضاء على القوة التجارية للبلدان الإسلامية. وهذا ما حصل عند إكتشافهم لرأس الرجاء الصالح حيث إستطاعوا الوصول للهند والمناطق الشرقية الأخرى فتاجروا بالتوابل والعطور والأقمشة الحريرية والعقاقير الطبية وغيرها ، وأصبحت لشبونة عاصمة البرتغال مركزا لهذه السلع ويقوم التجار الأوروبيون بدور التوزيع في المناطق الأوروبية الأخرى . وفي الوقت نفسه سعى البرتغاليون للقضاء على الدور التجاري للبلدان الإسلامية فتعرض التجار المسلمون للسلب والنهب وتدهورت المدن والموانئ التجارية في البلدان الإسلامية كالبصرة والبحرين وغيرها .

 

لقد كان الإحتلال البرتغالي عاملا حاسما في القضاء على التجارة والملاحة الإسلامية ، إذ لم يقتصر البرتغاليون على المتاجرة مع المسلمين فيصبح التاجر المسلم إلى جانب التاجر البرتغالي وإنما أرادوا القضاء على التجارة الإسلامية ليتفرد التاجر البرتغالي بكل شئ في بلد احتله وسلب حق المواطن من التجارة في بلده . لقد عبر الملك البرتغالي (عمانويل الأول 1495-1521) الذي قامت في عهده أول حملة بحرية إلى الشرق-في خطبته- عن أغراض الحملة وذلك عند سفرها حيث قال:" إن الغرض من إكتشاف الطريق البحري إلى الهند هو نشر المسيحية والحصول على ثروات الشرق". (بشير كاظم 1988) .

 

البرتغاليون والخليج العربي :

نظرا للعوامل السالفة الذكر فقد بدأ البرتغاليون رحلاتهم البحرية مع بداية القرن الخامس عشر الميلادي. وفي عام 1486 استطاع الملاح البرتغالي بارثليمو دياز أن يصل إلى أقصى الطرف الجنوبي للقارة الأفريقية ولم يستطع تجاوزها بسبب تمرد البحارة من جهة ولسوء الأحوال الجوية من جهة أخرى ، وقد أطلق اسم رأس العواصف على المنطقة التي وصل إليها بسبب العواصف الشديدة التي واجهته . وفي عام 1497 استطاع الملاح البرتغالي فاسكو دي جاما الوصول إلى الهند مرورا برأس العواصف الذي أطلق عليه فيما بعد اسم رأس الرجاء الصالح لأنه أعطى الأمل للبرتغاليين في الوصول للهند. ويعد هذا النجاح البرتغالي في الوصول للهند عن طريق رأس الرجاء الصالح بداية للإستعمار الأوروبي لمنطقة الخليج العربي . فمن أجل الحفاظ على سلامة الطريق المؤدي للهند سعى البرتغاليون للإستيلاء على بعض المراكز المهمة في الخليج ، فاحتلوا جزيرة هرمز عام 1506 وتبع ذلك احتلالهم لعدة مناطق كالبحرين والبصرة ومسقط . وأنشؤا لهم القلاع المحصنة واستمر وجودهم في الخليج لأكثر من قرن حيث تم طردهم من هرمز عام 1622 وكانت مسقط أخر معاقلهم حيث طردوا منها عام 1650 . البرتغاليون والإستيلاء على البحرين (اوال):بعد أن تمكن البرتغاليون من بسط نفوذهم على جزيرة هرمز أخذوا يفرضون على حكامها الضرائب التي عجزوا عن دفعها ، ونظرا لسوء العلاقات بين حكام هرمز وحكام البحرين من بني الجبور ، فقد تعذر حاكم هرمز عن دفع الضرائب بحجة عدم دفع حكام البحرين للضرائب السنوية المفروض دفعها لحاكم هرمز ، فاستغل البرتغاليون ذلك وهاجموا البحرين عام 1521 وكان حاكم البحرين آنذاك مقرن بن زامل من بني الجبور مسافرا لأداء فريضة الحج وعند مجيئه حشد قواته وواجه المستعمر البرتغالي مما أدى لوقوعه أسيرا تحت أيدي البرتغاليين الذين قاموا بقتله. لقد كان إعدام حاكم البحرين أول إعدام لحاكم في الشرق الإسلامي على يد البرتغاليين . وبعد استيلاء البرتغاليين على البحرين قاموا بتنصيب حاكم هرمزي عليها يمتاز بكونه مسلما فارسيا سنيا ، فهو مسلم لكي يقبل به أهل البحرين المسلمين ، وفارسي لكي لا يميل لأهل البحرين العرب ، وسني لكي لا يتعاون مع أهل البحرين الشيعة أيضا . يقول الشيخ يوسف البحراني المتوفى (1772) :" لما كانت بلدة البحرين تحت ولايةالإفرنج (البرتغاليين) جعلوا واليها رجلا من المسلمين ليكون أدعى إلى تعميرها وأصلح بحال أهلها ، وكان هذا الوالي من النواصب (وهم الذين ينصبون العداء لأهل البيت) وله وزير أشد نصبا منه يظهر العداوة لأهل البحرين لحبهم لأهل البيت (ع) ويحتال في إهلاكهم وإضرارهم بكل حيلة ". لم يكن شعب البحرين راضيا بوجود المستعمر البرتغالي على أرضه فقام بثورات عدة أثبت فيها مدى قدرته على المواجهة والرفض ، ويذكر جمال قاسم (1985) :" أن الحكم البرتغالي لم يكن مستقرا حيث توالت حركات المقاومة التي قام بها سكان البحرين ضد الوجود البرتغالي وما اتسم به من تعسف في فرض الضرائب حتى إن السنوات الفعلية التي مارس فيها البرتغاليون سيطرتهم على البحرين لم تتعد أكثر من أربعين عاما ". لقد استمر الوجود البرتغالي في البحرين حتى عام 1602. ففي ذلك العام ازداد الوضع سوءا وكان حاكم البحرين (التابع للبرتغال) من أقارب حاكم هرمز. وقد بلغت شراسته أن ابتز أحد تجارالبحرين وقتله لاحقا. وكان للتاجر أخ تقرب للحاكم شيئا فشيئا ثم قتله. وما إن قتل الحاكم البرتغالي حتى انتفض أهل البحرين في ثورة عارمة وهاجموا قلعة البرتغال في كرباباد وطهروها من المحتلين. وكانت الدولة الإيرانية الصفوية هي القوة الصاعدة آنذاك والمطلة على الخليج، واستطاع الشاه عباس الأول أن يساعد أهل البحرين لطرد البرتغاليين من أرض البحرين بصورة كاملة. ومما تجدر الإشارة إليه أن الإحتلال البرتغالي للبحرين يمثل بداية مرحلة ونهاية مرحلة أخرى . فالبحرين قبل الوجود البرتغالي كانت تشمل البحرين الحالية والإحساء والقطيف ولكن وبعد الإحتلال البرتغالي عام 1521 استطاع العثمانيون تخليص الإحساء والقطيف عام 1551 من أيدي البرتغاليين وبقيت البحرين الحالية تحت قبضة البرتغاليين وبذا انفصلت البحرين الجزيرة (أوال) عن أختيها القطيف والإحساء . كما ويذكر المؤرخون (انظر محمد علي التاجر) إلى أن البرتغاليين هم أول من استحدث سياسة التغيير الديمغرافي عندما قاموا باستيراد أعداد كبيرة من المسلمين السنة للبحرين لإثارة النعرات الطائفية لمواجهة البحارنة-الشيعة ولكي يتمكنوا من مواصلة احتلالهم، إلا أن مخططهم لم ينجح وخرجوا منهزمين .

 

يتبع

Edited by شوق بحرينية
Link to comment
Share on other sites

البحرين وآل خليفة

 

 

1 - من هم ال خليفة .

2 - سبب هجرة العتوب من نجد .

3 - المناطق التي ارتحلوا اليها قبل الكويت .

4 - العتوب والاستقرار في الكويت .

5 - هجرة ال خليفة من الكويت للزبارة .

6 - الزبارة في حكم ال خليفة .

7 - أسباب احتلال ال خليفة للبحرين .

8 - ال خليفة والاستيلاء على البحرين .

9 - البحرين في حكم ال خليفة .

10 - الاحتلال العماني للبحرين .

11 - الاحتلال الوهابي للبحرين .

من هم ال خليفة : -

 

يرجع ال خليفة تاريخيا لقبائل العتوب التي كانت تشكل حلفا كبيرا يضم اليه أفخاذا كثيرة تنتمي لعدة قبائل هاجرت من موطنها الأصلي في نجد واستقرت على شواطئ الخليج . وقد تحالفت هذه القبائل بعضها مع البعض الاخر وتصاهرت فيما بينها(قاسم 1985م) ، ويعتبر ال خليفة وال الصباح والجلاهمة من أشهر عوائل العتوب الذين ينتمون الى قبيلة عنزة والتي يرجع اليها نسب ال سعود أيضا ، وعلى أساس ذلك تكون العوائل الثلاث (ال سعود وال خليفة وال الصباح ، حكام السعودية والبحرين والكويت على التوالي) ضمن قبيلة واحدة

.

لقد كان العتوب يقطنون منطقة الهدار في مقاطعة الأفلاج في نجد ثم ارتحلوا عنها مع بداية القرن الثامن عشر الميلادي واتجهوا نحو سواحل الخليج .

 

وتختلف المصادر فيما بينها حول تسميتهم بالعتوب فعلى حين ترى بعض المصادر ان العتوب أخذوا ذلك الاسم من احدى القبائل الكبيرة التي انضمت اليهم(قاسم 1985م) ، ترى مصادر أخرى ان الاسم مشتق من الفعل (عتب)أي ارتحل وقد أطلق عليهم حين عتبوا للشمال أي ارتحلوا الى الشمال والملاحظ ان الرأي الثاني هو الأشهر عند الباحثين كما ينقل ذلك ديكسون (1990م) في كتابه (الكويت وجاراتها) على لسان الشيخ عبد الله السالم الصباح . والذي يبدو ان اسم (العتوب) لم يطلق على هذه المجموعة من القبائل لأنهم عتبوا للشمال ، والدليل على ذلك أمران :

 

الأول : ان الفعل (عتب) يعني الارتحال والتنقل ومن دون الاشارة الى الجهة ، فقد يكون الارتحال للشمال وقد يكون للجنوب ، كما تؤيد ذلك المعاجم اللغوية .

 

الثاني : ان الشيخ يوسف البحراني (المتوفى في 1772م) في كتابه (لؤلؤة البحرين) أشار لهذه المجموعة من القبائل باسم (العتوب) حين كان يتحدث عن واقعة وقعت سنة1700م ، ومفاد هذه الحادثة أن العتوب (ال خليفة وال صباح والجلاهمة) هاجموا البحرين فاستنجد شيخ الاسلام في البحرين ب(الهولة) الذين جاءوا وطردوا (العتوب). ومن المعروف تاريخيا أن العتوب لم يخرجوا من الكويت ويهاجموا البحرين. بل انهم قدموا من الزبارة في سنة 1782م ، وهذا يعني ان الهجوم الاول والذي تشير اليه الحادثة المذكورة كان قد وقع قبل الانتقال للشمال و يعني ان اسم (العتوب) أطلق عليهم قبل رحيلهم للشمال .

وعلى أساس ذلك يكون الرأي الراجح هو انهم ولكثرة تنقلهم وارتحالهم من مكان لاخر أطلق عليهم هذا الاسم قبل انتقالهم للشمال . واذا أمعنا النظر في المصادر التي تحدثت عن العتوب نجد انها تختلف في التسمية اذ أن بعضها يشير اليهم باسم بني عتبة في حين يسميهم اخرون بالعتوب ، واخرون بالعتوبيين(أبوحاكمة 1984م).

سبب هجرة العتوب من نجد : -

 

هاجر العتوب من نجد نحو سواحل الخليج مع بداية القرن الثامن عشر لأسباب اختلف حولها الباحثون فمنهم من يرجع ذلك الى المجاعة او الجفاف الذي أصاب أواسط شبه الجزيرة في منتصف القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر حيث اضطر العتوب وغيرهم من القبائل للهجرة بسبب الجفاف(أبوحاكمة 1965م). البعض الاخر من الباحثين يرجع سبب الهجرة للنزاع الذي وقع بين العتوب وأبناء عمومتهم من بطن (جميلة) من عنزة. وعلى الرغم من أن العتوب نجحوا في التغلب على خصومهم وأخرجوهم من بلادهم الا أن أولئك الخصوم لجأوا الى قبيلة الدواسر حيث تم لهم التغلب على العتوب ونجحوا في اخراجهم من نجد (قاسم 1985م).

المناطق التي ارتحلوا اليها قبل الكويت : -

 

ارتحل العتوب مع بداية القرن الثامن عشر من صحراء نجد واستقروا في مناطق مختلفة قبل التوجه للكويت ، وقد أجمع الباحثون على استقرار العتوب في قطر ولكنهم اختلفوا في مدة بقائهم فيها ، حيث يرى الدكتور أبو حاكمة (1984م) أنهم استقروا ما يقرب من خمسين سنة استطاعوا خلالها ان يتعلموا ركوب البحر ، ويصبحوا بالتالي أمة بحرية. ولكن الشيخ عبد الله ال خليفة يرى أن بقاءهم في قطر 30 سنة تقريبا (العصيمي 1991م).

 

ويشير بعض الباحثين الى أن العتوب قد هاجموا البحرين وان اختلفوا في أن ذلك قد حصل قبل الذهاب الى قطر أو بعده ، حيث تؤكد بعض المصادر أن العتوب استقروا في بداية الأمر في المناطق المجاورة للبحرين ثم قرروا مهاجمة البحرين واستطاعوا السيطرة عليها ومن البحرين اتجه العتوب الى قطر واستقروا بها عدة سنوات(قاسم 1985م).

 

ومما يؤكد ذلك ما ذكره الشيخ يوسف البحراني (المتوفى 1772م) في كتابه (لؤلؤة البحرين) حيث أشار للحادثة التي حدثت بين العتوب والهولة عندما قام العتوب بمهاجمة البحرين فجاء الهولة (بطلب من البحارنة) وأخرجوهم منها. فقد طلب الشيخ محمد بن ماجد (شيخ الاسلام في البحرين انذاك ، الذي كانت له السلطة الدينية في مقابل السلطة السياسية للحاكم) من الهولة النجدة والمساعدة حيث كانت يد حاكم البحرين قاصرة عن رد ذلك الهجوم ، وكان ذلك سنة 1112 هجرية الموافق 1700 للميلاد .

بعد استقرار العتوب في قطر عدة سنوات حصل ان أحدهم قتل رجلا من أهلها سمع منه سخرية به واستهزاء فحل عليهم غضب حكامها الذين أوجسوا منهم خيفة وخشوا استفحال أمرهم فأمروهم بمغادرة البلاد والنزوح عنها ، فساروا قيل ميممين (قيسا) من بلاد فارس ، وقيل بل ذهبوا الى المخراق ولكن لم يطب لهم المقام فتحولوا الى الصبية وهي أرض واقعة شمال الكويت الشرقي وتبعد عنها نحو ستة عشر ميلا وكان حظهم فيها حظهم في سواها فهجروها ونزلوا الكويت (الرشيد 1978م).

 

ومما تجدر الاشارة اليه ، ان هناك اختلاف واضح حول المناطق التي ارتحل الها العتوب قبل وصولهم للكويت باستثناء قطر حيث أجمعوا على استقرار العتوب فيها، فهناك من يرى أنهم استقروا في الاحساء قبل توجههم الى قطر(الصباح 1986م)، وهناك من يرى أنهم استقروا في البصرة الا ان الدولة العثمانية أرغمتهم على الرحيل من أراضيها بسبب الغارات التي كانوا يشنونها على القوافل المتجهة والقادمة من البصرة فاتجهوا الى الكويت وأسسوا قرية استقروا فيها (العصيمي 1991م).

 

وبسبب هذا الاختلاف حول المناطق التي استقر فيها العتوب باستثناء قطر كما تقدم ، أو لأسباب أخرى ، ابتعد بعض الباحثين عن هذه الأمور المختلف عليها واقتصروا على ذكر المناطق المتفق عليها عند الباحثين . تقول أمل الزياني (1973م) :"وقد نزل العتوب في طريق هجرتهم من الأفلاج الى قطر ، والتي كانت تخضع لنفوذ بني خالد ، ومن قطر تفرقت الأسر العتبية الى سائر موانئ الخليج لتتجمع من جديد في الكويت " .

 

العتوب والاستقرار في الكويت :-

 

لم يستطع الكتاب تحديد تاريخ معين لوصول العتوب الى الكويت ، الا ان المستر واردن WARDEN وغيره من موظفي حكومة بومباي يشير الى ان أسلاف ال خليفة وال صباح وصلوا الكويت في حوالي 1716م ، وبدأوا في ادارة البلد (الزياني 1973م).

 

يقول فرنسيس واردن WARDEN عضو مجلس بومباي ، ومساعد المقيم في الخليج :"حوالي 1716 دخلت ثلاث قبائل عربية ذات شأن ، هي بنوصباح والجلاهمة وال خليفة ، تحدوها حوافز المصلحة والطموح ، في معاهدة واستولت على بقعة من الأرض على الساحل الشمالي الغربي من الخليج تسمى الكويت ، وكان بنو صباح في ذلك الوقت تحت رياسة الشيخ سليمان بن أحمد والجلاهمة تحت زعامة جابر بن عتبة ، وال الخليفة تحت رياسة خليفة بن محمد" (أبوحاكمة 1970م).

 

ويشير بعض الباحثين العرب الى ان المستر واردن WARDEN لم يلزم الصواب في بعض النقاط التي تطرق اليها بالنسبة لوصول العتوب للكويت . فمن الثابت ان العتوب لم ينزلوا الكويت دفعة واحدة - كما يرى واردن - ، فبعض الأسر كانت أسبق في الحضور من غيرها (أبوحاكمة 1984م) ، كما ان تاريخ وصول العتوب للكويت سنة 1716م يعد خطأ كما تراه الدكتورة الصباح (1986م) التي قامت بدراسة هذه المسألة مستعينة بالأدلة التاريخية حيث تقول : " ومن كل ما تقدم - من الأدلة - يتضح خطأ المستر فرانسيس واردن وجميع من تبعه من المؤرخين المعاصرين في تحديد وصول العتوب الى الكويت بعام 1716م وان وصولهم كان قبل ذلك وأقرب تاريخ يمكن تحديده لوصول العتوب الى الكويت وتأسيس امارتهم فيها على ضوء ما تقدم من وثائق ومخطوطات ووقائع مادية مؤكدة هو عام 1701م " .

 

وبعد وصول العتوب للكويت سواء عام 1701م أو 1716م ، اتفقت الأسر الثلاث (ال خليفة وال الصباح والجلاهمة) على تقسيم أعمال ادارة البلد فيما بينهم ، فأوكلت مهمة الحكومة لال الصباح ، ومهمة التجارة لال خليفة ومهمة شئون البحر للجلاهمة . وخشي ال الصباح وال خليفة الذين نصبوا خيامهم في خليج الكويت ، أن يعترض الأتراك ، الذين كانوا يدعون ملكية المكان وكانت لهم قوة كبيرة في البصرة ، على وجودهم هناك ويطردوهم الى حيث أتوا أو يفرضوا ضرائب عليهم . وقرروا في مجلس عقده أهل الرأي بينهم ارسال مبعوث الى الباشا التركي في البصرة لكي يشرح له انهم مستوطنون فقراء نزحوا من نجد البعيدة الى الكويت طلبا للرزق ، وليست في نيتهم أذية أحد . والرجل الذي أختير للقيام بهذه المهمة يدعى صباح . وكان متقدما في السن وله من دنياه الخبرة والحظ فنجح في مهمته (ديكسون 1990م)، ومنحه باشا بغداد لقب قائمقام في عام 1718 . وهكذا برزت أسرة ال صباح من بين تحالف العتوب باعتبارها الأسرة الحاكمة (قاسم 1985م).

 

ان استقرار العتوب في الكويت ساعدهم في الاستفادة من الموقع الفريد لها ، حيث استفاد العتوب من عوامل ثلاثة : أولها خطوط المواصلات البحرية للشركات التجارية الأوروبية عبر الخليج واليه ، والثاني عدم وجود قوة أخرى في الخليج تستطيع ان تقف موقف المنافسة لهم . أما العامل الثالث فهو وقوع الكويت ضمن أراضي بني خالد . فقد كان أسلوب الحكم عند هؤلاء من العوامل الرئيسية التي ساعدت على نمو التجارة وتوفير الحماية اللازمة للمدن التي قامت وازدهرت في هذه المنطقة (أبوحاكمة 1965م).

 

 

هجرة ال خليفة من الكويت الى الزبارة : -

 

اختلف الباحثون حول الأسباب التي أدت الى هجرة ال خليفة من الكويت ، ونقض المعاهدة القائمة بين الأسر الثلاث (ال صباح وال خليفة والجلاهمة) ، وبالامكان تصنيف الاراء المختلفة حول هذه الأسباب الى قسمين : أسباب خارجية وأسباب داخلية . فبعض الباحثين علل الهجرة بسبب خارجي والبعض الاخر عللها بسبب داخلي .

 

أولا : الأسباب الخارجية : -

 

اتفق الباحثون - القائلون بالسبب الخارجي - على ان بني كعب هم سبب هجرة ال خليفة من الكويت ، وان اختلفوا في مؤدى هذا السبب. يقول العصيمي(1991م) :"ولعل النمو الذي كسبته الكويت قد أغرى بني كعب أهل عربستان وبدأت العلاقات تتوتر بينهم وبين أهل الكويت مما أجبر ال خليفة على الرحيل من الكويت". الا ان ديكسون (1990م) ينقل الرواية المحلية التي تقول :"ان سبب هجوم ال نصار على الكويت هو ان شيخ بني كعب في ذلك الوقت أخذ يتودد الى مريم الابنة الجميلة للشيخ عبد الله الصباح ، فلما صدته أرسل أسطولا لغزو الكويت . وقبل ان يعود ال خليفة الى زبارة استحثوا نسيبهم وحليفهم عبد الله أن يضحي بمريم ليشتري بذلك سكوت بني كعب عنه ، ولكن عبد الله أجابهم بعناد : ماذا ؟ أأعطي ابنتي الى هؤلاء الكلاب من بني كعب لأنقذ نفسي ؟ أبدا .. ان أحدا من ال الصباح ، طالما هو حي لا يزوج ابنته الى غريب نسبه موضع شك" . وهناك من الباحثين من لا يشير الى سبب توتر العلاقة بين شيخ الكويت وبني كعب ولكنه يرى ان هذا التوتر في العلاقات هو سبب هجرة ال خليفة للزبارة ، يقول الرشيد (1978م) : "وقد ارتحلوا (ال خليفة) منها(الكويت) في أول حركة كعب ، لأنهم رأوا الاقامة فيها والحالة هذه لا تطاق" .

 

ثانيا : الأسباب الداخلية : -

 

ترى تعض المصادر ان هجرة ال خليفة من الكويت لم تكن بسبب توتر العلاقات مع بني كعب أو غيرهم وانما السبب يرجع الى ال خليفة أنفسهم. يقول المستر فرانسيس واردن WARDEN عضو مجلس بومباي ، ومساعد المقيم في الخليج :ان جمع الثروة جعل الفرع التجاري (ال خليفة) راغبا في التحلل من التحالف القديم ، لكي ينفرد أصحابه بالغنى وبتحصيل الثروة . غير ان الفرع التجاري اضطروا أن يسلكوا طريق المواربة ليحققوا مبتغاهم ، وتعهد خليفة بن محمد بتحقيق ذلك ، فصور للقبيلتين الأخرتين مخايل الثراء التي تتراءى لعينيه من الانتقال الى سواحل ذلك الجزء من الخليج حيث يكثر اللؤلؤ وانهم اذا أنشأوا مستوطنا في بقعة مجاورة استطاعوا أن يباشروا استخراج اللؤلؤ بأنفسهم ، وأغرتهم الفوائد المترقبة ، فأذنوا لشيخ بني خليفة بمغادرة الكويت مع قسم من قبيلته وعلى هذا مضى ونزل في الزبارة على الساحل الغربي وسرعان ما استحصل قسم هام من مصايد اللؤلؤ . كما استطاع أن يستدعي بقية قبيلته الى هذا المستوطن الجديد ،ومع الزمن انفصل تماما عن القبيلتين الأخريين واستقل في الزبارة . وبعد فوات الفرصة أدرك أبناء صباح والجلاهمة الدوافع الحقيقية التي وجهت سلوك ال خليفة لكنهم لم يكونوا يملكون التبرم بها (انظر أبوحاكمة 1970م) . ان هذا يشير الى ان الهجرة كانت برغبة ال خليفة أنفسهم ، لأنهم حين سمحوا لخليفة بالذهاب لمصائد اللؤلؤ كانوا يتوقعون ان تقسم أرباح التجارة وعوائد اللؤلؤ على أساس المعاهدة القديمة الا ان ال خليفة لم يفوا بعهدهم واستقروا في الزبارة .

 

ومما تجدر الاشارة اليه أن أسباب هجرة ال خليفة قد اختلف حولها المؤرخون من أسرتي ال الصباح وال خليفة (الصباح 1989م) وفي هذا الصدد نشير الى روايتين حول أسباب الهجرة من الكويت تمثلان وجهة نظر ال خليفة : -

 

الأولى : وتنقلها الدكتورة الصباح (1989م) عن الشيخ عبد الله بن خالد ال خليفة في كتابها (الكويت حضارة وتاريخ) : "ان احدى سفن الشيخ محمد بن خليفة ال خليفة وفيها أحد أبنائه (لا يعلم هل هو خليفة أو أحمد أومقرن) كانت راسية في الدورق وكانت تحمل تمرا فهاجمها قطاع الطريق ليلا بهدف نهبها ونشبت بين المهاجمين وأصحاب السفينة معركة انتهت بقتل أحد المهاجمين وهم من كعب . وغادرت السفينة مرساها بسرعة وعادت الى الكويت فطلب بنو كعب تسليم ابن الشيخ محمد لأخذ الثأر منه لقتيلهم فرفض الشيخ محمد تسليم ابنه واقترح عليه الشيخ عبد الله بن صباح أن يأخذوا الابن في مسيرة ويذهبوا الى بني كعب ويطلبوا منهم الصفح على ان يدفعوا لهم دية القتيل ، فلم يوافق الشيخ محمد على ذلك الرأي وقال انه مستعد لدفع الدية مهما بلغت لكنه لن يسلم ابنه خاصة وأن بني كعب هم الذين بدأوا العدوان . فاشتد الخلاف بين بني كعب والشيخ عبد الله نتيجة لذلك الرفض مما دعا الأخير الى الالحاح على الشيخ محمد بتسليم ابنه على أساس انه ليس في مقدورهم محاربة بني كعب ، فأدى ذلك الى مغادرة الشيخ محمد ال خليفة مع من رافقه من العتوب وتوجه الى أقاربه وأصهاره العتوب من ال بنعلي الذين هاجروا من الكويت في وقت سابق وسكنوا الفريحة في قطر فسكن عندهم وأسس مدينة الزبارة في وقت لاحق واستقل بها عن قطر" .

 

الثانية : ينقلها الدكتور أبو حاكمة (1965م) وقد علم بها من الشيخ عبد الله بن خالد ال خليفة : "انه سبق لجد خليفة انه حكم الكويت أو المنطقة التي كان يقيم فيها العتوب وذلك قبل استيطانهم الكويت ، وقد قام فيصل بتزويج احدى كريماته من جابر ، والد الشيخ صباح بعد انتخاب صباح حاكما على البلاد ، ولم يعترض أحد من عمومته على الزواج المذكور أملا في ان الحاكم الذي سيخلفه لابد وان يكون من أسرة فيصل . على كل حال فان اختيار عبد الله أصغر أبناء صباح للحكم أثار ثائرة خليفة الذي كان ينوي ان يحل محل صباح في الحكم ، وازاء ذلك اضطر خليفة الى مغادرة الكويت " .

 

من المحتمل ان ال خليفة بسردهم الرواية الأولى أرادوا رد اعتبارهم واتهام غيرهم بمثل ما اتهموا به ، فالشيخ عبد الله الصباح ألح على الشيخ محمد بتسليم ابنه بحجة أنه ليس بمقدورهم محاربة بني كعب ، وهذا يوحي بمدى خوف الشيخ عبد الله الصباح من بني كعب -حسب الرواية الأولى - الا أن ديكسون (1990م) في كتابه "الكويت وجاراتها" يشير الى ان الخوف كان من نصيب ال خليفة حيث انهم استحثوا عبد الله ان يضحي بمريم ليشتري سكوت بني كعب عنه .

 

أما بالنسبة للرواية الثانية فمن المحتمل أيضا أن يكون غرضها مثل الأولى اذ أن استلام ال صباح للحكم مع وجود ال خليفة يعد نقطة لصالح ال الصباح ، ولذا كان دور الرواية الثانية في القول ان جد خليفة كان قد حكم الكويت . اذا ذكر ال الصباح انهم حكموا الكويت فباستطاعة ال خليفة - وفق الرواية الثانية - أن يقولوا انن كنا الحكام قبلكم .

 

الزبارة في حكم ال خليفة : -

 

انتقل آل خليفة من الكويت عام 1766م واتجهوا صوب البحرين الا ان آل مذكور (الذين أصبحوا حكاما في الجزيرة) منعوهم من ذلك فذهبوا للزبارة واستقروا فيها بقيادة خليفة بن محمد . لقد تعرضت الزبارة في أبان دخول الشيخ خليفة وأسرته الى المواجهة مع قوتين . فالقوة الأولى تكمن في بني خالد ، وتتميز العلاقات بينهم وبين العتوب بالود والمحبة منذ عهد بعيد. أما القوة الثانية فكانت ال المسلم ، ولم تكن العلاقات بينهم وبين العتوب ذات طابع ودي مما جعلهم يشرعون في تحصين مدينتهم الزبارة بالأسوار والقلاع فور نزولهم ، وذلك بقصد الدفاع عنها وحمايتها. وتشير الرواية المحلية أن ال مسلم طلبوا الزكاة ، فرفض الجميع دفعها ، وبدأوا في تحصين مدينتهم الناشئة ، وهكذا استطاعوا في بحر عامين من نزولهم بالزبارة الفراغ من بناء سور المدينة وقلعة مرير (الزياني 1973م) .

 

أما من الناحية الاقتصادية فقد أصبحت الزبارة مركزا تجاريا هاما لعدة أسباب منها :

 

1 - الخبرة التي اكتسبها ال خليفة في مجال التجارة خصوصا وأنهم تولوا مهام التجارة حينما كانوا في حلفهم مع ال الصباح والجلاهمة .

2 - موقع الزبارة المتميز قرب مصائد اللؤلؤ .

3 - حصار الفرس للبصرة (1776 -1779م) حيث أدى الى هجرة التجار للزبارة مع انتقال مهام البصرة للكويت والزبارة .

4 - سياسة الاعفاء من الضرائب التي اتبعها ال خليفة في الزبارة .

 

يقول الدكتور قاسم (1985م) :"ساعدت الأحداث التاريخية التي مرت على الخليج العربي في تطور مركز الزبارة فقد هاجر اليها الجلاهمة وهم الفرع الثالث من تحالف العتوب بعد انشقاقهم عن ال صباح ، كما أخذت تتركز في الزبارة تجارة شرق الجزيرة العربية والهند فضلا عن أنها أصبحت مركزا هاما لتجارة اللؤلؤ" .

 

أسباب احتلال ال خليفة للبحرين : -

 

كانت البحرين (من الناحية السياسية) تحت حكم ال مذكور حكام البحرين (واصلهم من بوشهر) ، وكانت تعتبر تحت نفوذ الفرس اسميا . أما من الناحية الداخلية فكانت البحرين محكومة بقيادة محلية عاصمتها "البلد القديم". وكانت جدحفص المدينة الثتنية من ناحية الاهمية. ولهجا فقد كان هناك تنافس مستمر بين العاصمة وجدحفص.

 

وفي عام 1783م استطاع ال خليفة ضم البحرين الى سلطانهم بعد انتصارهم في معركة الزبارة ودخولهم البحرين . وقد ذكر الباحثون أسبابا عديدة أدت للصدام بين حكام الزبارة وحكام البحرين . فهناك أسباب اقليمة وأخرى خاصة بالزبارة وثالثة خاصة بالبحرين .

 

لقد دفعت الأجواء الاقليمية المضطربة لنشوب هذه الحرب وما نتج عنها من احتلال ال خليفة للبحرين ، ومن الاسباب التي أدت لذلك ما يلي :

 

1 - الظروف السياسية المضطربة التي كانت تمر بها فارس بعد موت كريم خان ، حيث أدى ذلك الى تقهقر القوة التي تحفظ نفوذ الفرس في المناطق المحسوبة عليها ومنها البحرين ، كما شجع غياب دولة قوية كبرى في الخليج الدول البحرية الواقعة على جانبي الساحل على التناحر فيما بينها بتـأثير ما كان بينها من الحزازات القديمة والجديدة . ومن أمثلة على ذلك الخصومة التقليدية بين العتوب وبني كعب كنتيجة لتحالف العتوب مع عرب أبو شهر وبندر رق أثناء حصار الفرس للبصرة وقد انعكس الصراع الذي ظهرت بوادره في سنة 1779 على مناطق النفوذ بين العتوب وعرب الساحل الفارسي في مشكلة البحرين (أبوحاكمة 1965م) .

 

2 - المنافسة التجارية في الخليج ، اذ أن تطور الزبارة تجاريا خصوصا بعد حصار الفرس للبصرة (1776 - 1779م) أدى الى حسد عرب الساحل الشرقي خصوصا بعد تأثرهم من جراء ذلك ، وقد أدى ذلك الى تجدد حالة العداء الموجودة سلفا لهذا السبب ولأسباب أخرى . يقول الدكتور أبو حاكمة (1965م) :"ومن المؤكد ان العتوب لم يكونوا على وفاق مع بني كعب وعرب بندر رق وابو شهر بسبب المنافسة التجارية في الخليج ، أو بسبب احتقار العتوب لبني كعب وحلفائهم بسبب زواجهم من غير العرب ، أو لعله بسبب الخلاف المذهبي بين الشيعة والسنة ، أو لكل هذه الأسباب مجتمعة" .

 

أما الأسباب التي تخص الزبارة (آل خليفة) :

 

1 - مصائد اللؤلؤ ومزارع النخيل ، فقد عرف ال خليفة البحرين منذ هجرتهم الأولى من نجد حيث استقروا في سواحل الخليج قبل توجههم للكويت ، كما أن بعض الباحثين يشير الى أنهم احتلوا البحرين قبل أن يتوجهوا للكويت مع الأسر العتبية الأخرى ، كما يتضح اهتمام ال خليفة بالبحرين حين عزموا على الرحيل من الكويت حيث كان هدفهم الوصول لموارد الثراء . وحاولوا الاستقرار في البحرين الا ان ال مذكور منعوهم من ذلك فتوجهوا للزبارة يتحينون الفرصة المناسبة للاستحواذ على جزر اللؤلؤ والنخيل ، ولذا كانت البحرين محل أطماع المستعمرين والغازين لما كان يمثله اللؤلؤ في ذلك الزمان من ثروة ربما تعادل ثروة النفط في زماننا .

 

2 - ان الزبارة لم تعد تلبي احتياجات المجتمع الجديد ، فبعد التطور التجاري في الزبارة وما صاحب ذلك من هجرة واسعة اليها من قبل الجلاهمة وبعض تجار البصرة وغيرهم ، ظهرت المشكلة التي ساهمت في ضرورة احتلال البحرين خصوصا وأن ال خليفة لم يكن باستطاعتهم التوسع في قطر - كما يدعي البعض - لعلاقة حسن الجوار من جهة وخوفا من سطوة الوهابيين من جهة أخرى ، فاحتلال البحرين اضافة لما يترتب عليه من ثراء كان يوفر لهم الحماية المطلوبة لعدم وجود اسطول للوهابيين يهدد مصالحهم في البحرين ، ويعد هذا السبب ثانويا اذا قورن بطمع ال خليفة في الحصول على الثروة المتوقعة من السيطرة على البحرين .

 

3 - تضايق القبائل في قطر من ال خليفة واتهامهم بالجشع وحب السيطرة ، مما حدى بكثير منهم لتشجيعهم على الذهاب الى البحرين للتخلص منهم (انظر محمد علي التاجر 1900) .

 

أما الأسباب الخاصة بالبحرين فقد كانت نتيجة لتأثر البحرين من ازدهار الزبارة كقوة تجارية هامة في المنطقة ، وقد أدى ذلك الى بروز حالة عدائية تجاه ال خليفة ساهمت في تطورها أسباب عدة نذكر منها:

1

- الانتقام من ال خليفة لاستيلائهم على سفينة أهل بوشهر ، فقد اضطر الشيخ ناصرال مذكور الى المضي قدما في عملية المجابهة ضد الزبارة انتقاما من العتوب على أعمال السلب والنهب التي قاموا بها خصوصا استيلاءهم على سفينة اهل بوشهر وكانت في طريقها الى البحرين لاحضار الجزية السنوية (ابوحاكمة 1965م).

-

2 - الانتقام من ال خليفة لقتلهم خمسة من سكان جزيرة سترة التابعة للبحرين ، حيث يروي ال خليفة أن أهل البحرين بحكم انتمائهم الى الشيعة منعوا عمال ال خليفة من شراء جذوع النخيل من سترة احدى جزر البحرين ، وقد أدى ذلك الى مصرع أحد عمال ال خليفة الذين اتخذوا من الحادث ذريعة لمهاجمة سترة ليلا وقتل خمسة من سكانها. وعندئذ قام الأهالي بابلاغ الأمر للشيخ ناصر المذكور الذي أخذ يدبر حمله انتقامية ضد سكان الزبارة (أبوحاكمة 1965م).

 

3 - عدم دفع ال خليفة أجار مغاصات اللؤلؤ في البحرين ، حيث تذكر الدكتورة الصباح (1989م) " ان ال خليفة قد استأجروا أجزاء من جزر البحرين الغنية بمغاصات اللؤلؤ ، وحين توقفوا عن دفع الاجار وجد الفرس فرصتهم في محاربة العتوب وطلبوا منهم أن يرحلوا ولما رفضوا شنوا عليهم حربا ".

 

4 - الخلافات الداخلية بين شعب البحرين خصوصا بين العاصمة آنذاك (البلاد القديم) والمدينة الثانية بعدها (جد حفص) (انظر محمد علي التاجر 1900) .

 

ال خليفة والاستيلاء على البحرين :

 

نظرا للأسباب السالفة الذكر فان المستر واردن WARDEN يشير الى أن الشيخ نصر ال مذكور حاكم البحرين هو الذي بدأ مناوشاته ومحاولاته للاستيلاء على الزبارة بتشجيع من حاكم فارس وذلك بين الأعوام 1777م-1801م (أبوحاكمة 1970م).

 

وبعد اغتيال كريم خان استغل ال خليفة الاضطرابات في فارس وشنوا حملة ضد البحرين استطاعوا خلالها سلب البحرين ونهبها والاستيلاء على أحد قوارب شيخ بوشهر الشيخ نصر ، ثم عادوا للزبارة ، وكان ذلك في عام 1782م.

 

بعد قتل عدد من أهالي سترة وبعد العدوان المباغت أخذ شيخ بوشهر والبحرين يعد العدة للتوجه للزبارة وكان معه عرب الساحل الفارسي حيث توجهوا جميعا للزبارة ، ولكن الشيخ نصر لم يرغب في الحرب بداية فقام بحصار الزبارة حتى يستجيب ال خليفة لشروطه . ولما لم يستطع ال خليفة فك الحصار أرسلوا شيخ بندر ريق ليخبر شيخ بوشهر والبحرين عن عزمهم رد الأسلاب التي أخذوها مقابل فك الحصار. الا ان الشيخ نصر رفض ذلك. ثم حاول الشيخ راشد زعيم رأس الخيمة ان يكون وسيط سلام بين الطرفين الا ان جهوده باءت بالفشل ، ونتيجة لفشل سياسة الحصار في خضوع ال خليفة لشروط الشيخ نصر ، قام الأخير بشن هجومه على الزبارة ظنا منه أن ذلك سيكون سهلا. ولكنه تفاجأ حين ظهرت أمامه أفواج المقاتلين من قلعة الزبارة واستطاعوا هزيمة الجيوش المهاجمة مما اضطرهم الهرب سريعا.

 

في هذه الأثناء وبعد الهزيمة أرسل الشيخ نصر قاربا لابنه الشيخ ناصر الذي خلفه في البحرين ، يخبره بنبأ الهزيمة ويطلب منه الصمود في وجه الأعداء حتى تأتيه الامدادات ، وقد صادف مرور هذا القارب ان كانت هناك قوات بحرية تابعة لعتوب الكويت في الطريق ، وبعد ان علم عتوب الكويت بما جرى قرروا التوجه الى البحرين مباشرة ، فاستولوا عليها وأشعلوا فيها النيران وبعدهم وصل عتوب الزبارة ومعهم الجلاهمة .

 

يذكر حمزة الحسن (1993م) في كتابه "الشيعة في المملكة العربية السعودية " كيف كان تعامل آل خليفة مع الأهالي حين هاجموا البحرين بقوله "حينما سيطر آل خليفة سنة 1783م على البحرين واحتلوها ، أمعنوا في الأهالي قتلا وسحقا ، ففر هؤلاء الشيعة الى الأحساء ، ويذكر كرستن نيبور أنه في منتصف القرن الثامن عشر كان في البحرين 365 قرية ومدينة ، وبعد احتلال آل خليفة للبحرين بغزوهم لها من البر ، أصبحت لا تحتوي الا على مدينة واحدة محصنة ، الى جانب 40-50 قرية في حالة سيئة بسبب الحرب الطاحنة بين الغزاة والسكان الشيعة". ولا يعرف على وجه الدقة هل شارك عتوب الزبارة اخوانهم عتوب الكويت في هجوم الأخيرين الأول على المنامة في البحرين ، اذ أنه على الرغم من ان الرواية المحلية لال خليفة تعزو الفتح الى أحمد بن محمد بن خليفة والقبائل العربية النازلة من قطر وهي تنفي أن يكون لعتوب الكويت أي دور في الفتح فان التقارير الأقدم عن الحادث وهي التي كتبها المستر واردن WARDEN والكابتن TAYLOR تشير بوضوح الى ان دور الكويت كان هاما وحاسما (ابوحاكمة 1984م).

 

تقول أمل الزياني (1973م): "وقد انضمت الى الشيخ أحمد القبائل العربية التي تقطن قطر ، كقبائل المسلم من حويلة وال بن علي من موزط والسودان من الدوحة ، والمنانعة من ابوظلوف والنعيم النازلين داخل شبه جزيرة قطر ".

 

وفي ذلك اشارة لدور القبائل العربية القاطنة في شبه جزيرة قطر وعدم اشارة لعتوب الكويت ، وهذه تعتبر وجهة نظر ال خليفة أما الدكتور قاسم (1985م) فله رأي اخر حيث يقول :"شارك ال خليفة في السيطرة على البحرين بالاضافة الى الجلاهمة وال صباح وبعض القبائل القطرية " .

 

وقد ساعد ال خليفة الاختلاف الداخلي بين جدحفص والبلاد القديم. فبعد انهزام الحملة للانتقام من الزبارة انشقت الصفوف الداخلية بين من ايد البقاء مع ال مذكور وبين معارض لهم. واشتعلت الحساسيات والخلافات بين الرموز البلادية والجدحفصية، انتصرت الاخير في نهاية المطاف. مما حدى ببعض البلاديين الانتقام من ذلك باعانة ال خليفة. وقد انتقم ال خليفة لاحقا من الجميع وسيطروا على البحرين.

 

ومما سبق يتضح وجود اختلاف في العناصر التي اشتركت مع ال خليفة في الاستيلاء على البحرين :

 

الرأي الأول : ان عتوب الكويت استولوا على البحرين أولا ثم تبعهم عتوب الزبارة والجلاهمة ، وبعبارة أخرى ان عتوب الكويت والجلاهمة شاركوا ال خليفة في الاستيلاء على البحرين مع عدم الاشارة لدور القبائل القطرية .

 

الرأي الثاني : ان ال خليفة استولوا على البحرين بمساعدة القبائل القطرية فقط .

 

الرأي الثالث : ان ال خليفة استطاعوا السيطرة على البحرين بمساعدة عتوب الكويت والجلاهمة والقبائل القطرية .

 

وهناك من يدعم الراي الأول لشواهد منها :

1- ان عتوب الكويت والجلاهمة يرتبطون مع ال خليفة بتاريخ طويل حيث كانوا يعيشون في نجد ثم استقروا في الكويت وأبرموا معاهدة تقسيم أعمال البلد فيما بينهم وأطلق عليهم اسم واحد وهو (العتوب) ، كل ذلك وغيره يدلل على وجود العلاقة القوية بينهم والتي تزيد في احتمال المشاركة في المواجهات والأزمات .

 

2 - ان ال خليفة لم تكن علاقتهم جيدة مع قبيلة ال مسلم القطرية وهي من أبرز القبائل في شبه جزيرة قطر ، حيث ينقل ان ال خليفة لم يدفعوا الزكاة لال مسلم رغم مطالبتهم بها ، كما انهم أخذوا يحصنون انفسهم في الزبارة فشيدوا لها سورا وبنوا قلعة مرير ، فهذه المظاهر توضح مدى تنافر ال خليفة و ال مسلم مما يجعل مشاركة الأخيرة في حرب لا ربح لها فيها أمر يشك فيه .

 

3 - تواجد عائلة الجلاهمة وشهرتها في البحرين يرجح انضمامهم لال خليفة ، وحتى المصادر التي تشير الى ان الجلاهمة رحلوا من البحرين بعد ان منعهم ال خليفة من حقوقهم الملكية والسياسية التي طالب بها ابناء الشيخ جابر بن عتبة (زعيم الجلاهمة) الا ان ذلك لا ينفي احتمال بقاء بعض المنتسبين لأسرة الجلاهمة في البحرين رغم خروج بعضهم .

 

4 - تنقل أمل الزياني ان الشيخ نصر توجه الى بوشهر بعد هزيمته في الزبارة وبعد شهر تمكن ال خليفة من الاستيلاء على البحرين ، والسؤال هو كيف يقوم الشيخ نصر بالذهاب لبوشهر ويترك البحرين هكذا بلا حامي ولا رادع وهو في حالة حرب مع ال خليفة مع علمه برغبتهم في الاستيلاء على البحرين مسبقا ، خصوصا وانهم هاجموها عام 1782م .

 

5 - ان التقارير الرسمية التي كتبها فرنسيس واردن WARDEN والكابتن تايلور TAYLOR تشير الى المشاركة الهامة والحاسمة لعتوب الكويت .

 

ومن الجدير الاشارة الى ان ال خليفة هاجموا البحرين أربع مرات :

 

الأولى : عام 1700م ، ولكنهم طردوا بعد تدخل الهولة لمساندة البحارنة .

 

الثانية : عام 1766م ، حيث نزحوا من الكويت وحاولوا الاستيلاء على البحرين الا ان ال مذكور صدوهم عن ذلك فتوجهوا للزبارة .

 

الثانية : عام 1782م ، وقد قاموا بالسلب والنهب ثم رجعوا للزبارة .

 

الثالثة : عام 1783م ، وقد استولوا على البحرين وأقاموا فيها حتى مجئ العمانيين 1800م.

 

الرابعة: وفي عام 1801م عاد آل خليفة بمساعدة الوهابيين ولكنهم لم يكونوا الحكام الرئيسيين مما أدى لاستنجاد آل خليفة بالعمانيين عام 1811م الذين طردوا الوهابيين وأصبح آل خليفة الحكام الرئيسيين .

 

 

البحرين تحت حكم ال خليفة :

 

بعد أن استولى ال خليفة على البحرين تولى الحكم فيها الشيخ أحمد بعد وفاة أخيه الشيخ خليفة أثناء أداء فريضة الحج عام 1783م ، فصار الشيخ أحمد حاكما للبحرين والزبارة في ان واحد ولكنه استقر في الزبارة ونصب أحد أقاربه حاكما على البحرين حيث اتخذ من قعلة الديوان في المنامة مقرا له. كما اعتاد الشيخ أحمد أن يمضي الصيف في البحرين وباقي العام في الزبارة حتى وفاته عام 1796 ، ودفن في المنامة .

 

وخلفه ابنه سلمان ، والذي اختار الرفاع مستقرا لاقامته (بعد الهجوم الرابع) وتبعه بعد ذلك الاختيار جميع الحكام حتى يومنا هذا (الزياني 1973م). وقد أطلق آل خليفة على زعيمهم بأحمد "الفاتح" وهو تعبير لم يلق ارتياحا من البحارنة الذين شعروا بأن هذا المصطلح اشارة لاستحلال دمائهم وأراضيهم .

 

ويرى الدكتور جمال قاسم (1985م) أن الشيخ أحمد نصب اثنين من أبنائه لحكم البحرين أثناء استقراره في الزبارة واستمر الحكم ثنائيا بين الأخوين بعد وفاته أيضا ، حيث يقول :"اتفق ابنا الشيخ أحمد فيما بينهما على استمرار مشاركتهما في الحكم حيث اتخذ الأول مدينة الرفاع مركزا لحكمه واتخذ الثاني من جزيرة المحرق مركزا له . ومما هو جدير بالذكر أن هذا التقليد ظل متبعا في البحرين حتى عام 1869 حين توحدت السلطة في البحرين وانفصلت الزبارة عن تبعيتها لال خليفة لتشكل مع بقية أجزاء قطر امارة قائمة بذاتها .

 

وعلى الرغم من ان ال خليفة قد احتفظوا بالزبارة كمقر لحكمهم ومركزا لنشاطهم التجاري الا ان استيلائهم على البحرين كان له اثار بعيدة المدى في التطور السياسي والاقتصادي لدولة العتوب . فبحكم الموقع الجغرافي للبحرين ، وما وصل اليه العتوب من ثراء عظيم نسبيا ، تهيأت الفرصة لكل تاجر نشيط بأن يحقق دخلا سريعا وثابتا لنفسه . ويبدو ان هذه الحقيقة لم تغرب عن بال العتوب فضلا عن ان تعقد الامور في البصرة واضطرابات الاحوال في فارس ، قد سهلا للعتوب الاستفادة من الأراضي الجديدة التي اكتسبوها وبذلك غدت تجارة اللؤلؤ - التي كانت البحرين مركزها الرئيسي دائما - خالصة لهم وحدهم وهكذا غدت مدينة الزبارة محط انظار كبار التجار الذين كانت لهم مصالح تجارية كبيرة مع الهند . كما ان اسطول العتوب في وضع يسمح له بأن يقوم بدور فعال في تجارة النقل في منطقة الخليج العربي "(أبوحاكمة 1965م).

Link to comment
Share on other sites

الاحتلال العماني للبحرين :

 

تشير المصادر التاريخية للتواجد العماني في البحرين في فترتين :

 

الاحتلال الأول (1717-1718م) :

 

الفترة الاولى في بداية القرن الثامن عشر ، فبعد طرد العتوب الذين حاولوا الاستيلاء على البحرين عام 1700 على يد الهولة ، جاء دور العمانيين بقيادة سلطان بن سيف الثاني الذي استطاع الاستيلاء على البحرين بعد هزيمة الفرس . يقول الشيخ يوسف البحراني المتوفى (1772م) :" اتفق مجئ الخوارج (العمانيين) الى أخذ بلاد البحرين فحصل العطال والزلزال ، بالتأهب لحرب أولئك الأنذال ، وفي أول سنة وردوا لأخذها رجعوا بالخيبة ولم يتمكنوا منها ، وكذلك في المرة الثانية بعد سنة مع معاضدة جميع الأعراب والنصاب لهم ، وفي الثالثة حصروا البلد لتسلطهم على البحر حيث أنها جزيرة ، حتى أضعفوا أهلها ، وفتحوها قهرا ، وكانت واقعة عظمى ، وداهية دهما ، لما وقع من عظم القتل والسلب والنهب وسفك الدماء ، وبعد أن أخذوها وأمنوا أهلها هربت الناس - سيما أكابر البلد - منها الى القطيف والى غيرها من الأقطار".

 

ويلاحظ من خلال ألفاظ هذا النص مدى القسوة والعنف التي تعامل بها العمانيون أثناء عملية الاستيلاء على البحرين ، الا أن مؤلف كتاب (عمان عبر التاريخ) ينظر بمنظار اخر لهذا الاحتلال ، فيرى أن العمانيين خلصوا البحرين من الفرس ، وحافظوا على بلاد العرب ، يقول سالم السيابي (1986م):" لما رأى العجم تقلص ظل البرتغال من الخليج ، تحركوا للبحرين ، فاحتلوها ، ولما رأى الامام (سلطان بن سيف الثاني) العجم يرومون أن يحلوا محل البرتغال في بلاد العرب ، وهم لهم بعمان سوابق شر ، جهز لهم الامام جيشا بقيادة الشيخ حمير بن سيف بن ماجد ، وعضده برجال من أهل عمان الذين تعودوا الحروب ، فزحف الجيش على البحرين ، ودارت رحى الحرب بين الفريقين فاندقت العصا الفارسية بالصخر العماني فكسرها ، وفر العجم من البحرين ، وتوالت عليها الولاة العمانيون الى ان كان اخرهم سيف بن ناصر بن محمد الغافري الذي بنى حصن العينين من خراج البحرين."

 

وقد ورد ذكر هذه الحادثة في كتاب (عمان في التاريخ) لمجموعة من الباحثين (1995م) :" من أجل الأعمال التي قام بها الامام سلطان بن سيف الثاني تحرير البحرين من الفرس الذين كانوا قد احتلوها . وقد مهد الامام لتحقيق هذا الانجاز بتقوية قبضته على بعض الجزر التي تقع في مدخل الخليج مثل جزيرة لاركا والقسم وهرمز ، وكذلك على بعض المدن الفارسية الهامة مثل لنجة وبندر عباس ثم جهز جيشا بقيادة الشيخ حمير بن سيف بن ماجد وزحف هذا الجيش على البحرين ودارت معركة كبيرة بين الفريقين كان النصر فيها للجيش العماني مما أدى الى خروج الفرس من البحرين وتقلص نفوذهم في الخليج . ومن أشهر الأعمال التي قام بها الامام لتدعيم نفوذه في البحرين بناء قلعتها المشهورة والتي تسمى قلعة عراد".

 

أما عن تأريخ استيلاء العمانيين على البحرين فيقول وندل فيليبس(1989م) :"وقد هاجم هذا القائد (سلطان بن سيف الثاني) البحرين في عام 1717م واستولى عليها من الفرس ". ولكن الفرس عادوا لمهاجمة البحرين في العام التالي 1718م لتخليصها من سيطرة العمانيين فوقع القتال بين الطرفين وكان ضحيته شعب البحرين الذي لم تسلم دياره من الدمار فاضطر للهجرة للقطيف وغيرها من المناطق المجاورة .

 

ويكشف الشيخ يوسف البحراني المتوفى (1772م) عن هذه الحادثة بقوله :"عسكر العجم مع جملة من الأعراب جاؤا لاستخلاص البحرين من أيدي الخوارج (حكام مسقط) في ضمن تلك الأيام ، فصرنا نرقب ما يصير من أمر ذلك وما ينتهي الحال من هذه المهالك حتى صارت الدائرة على العجم فقتلوا جميعا وحرقت البلاد ، وكان من جملة ما حرق بالنار بيتنا."

 

وبعد الهزيمة المنكرة للفرس بقيت البحرين تحت سيطرة العمانيين ، وفي نفس العام 1718 "أخذت البحرين من أيدي الخوارج صلحا بعد دفع مبلغ خطير لامام الخوارج لعجز ملك العجم وضعفه وادبار دولته بسوء تدبيره ."(البحراني المتوفى 1772م)

 

يقول بوشهري (1987م) :"احتل سلطان مسقط البحرين وفتك بأهلها . والغريب ان سلطان مسقط لم يبق في البحرين طويلا ويبدو أنه فوجئ بالجفاف وقلة الخيرات التي كانت مطمع القوى الغازية في ذلك الحين بدليل أنه وقبل مضي العام وافق على الانسحاب من البحرين مقابل الحصول على 8 الاف كضريبة دفعها له الفرس . "

 

‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎الاحتلال العماني الثاني للبحرين :

 

وكان ذلك مع بداية القرن التاسع عشر (1800)، فقد توجه سلطان بن أحمد للبحرين متذرعا بأن ال خليفة لم يدفعوا رسوم سفنهم القادمة من الهند والمارة في مسقط . لكن هدفه في الحقيقة هو احتلال البحرين(الزياني 1973م) ، فاحتلها ونصب ابنه (سالم) عليها.

 

ولما كان سالم صغيرا فقد نصب من يعاضده وهو الشيخ محمد بن خلف العصفور (الشيعي مراعاة لمذهب سكان البحرين)، ولكن هذا الأمر أزعج ال خليفة السنة خصوصا وأن سلطان قد أخذ من أعيان البلد 25 شخصا أو عائلة كرهائن الى مسقط ، وطرد ال خليفة للزبارة ، فاستنجدوا بالوهابيين الذين استطاعوا التغلب على العمانيين وطردهم من البحرين .

 

أما عن تأريخ السيطرة العمانية على البحرين فقد اختلف حولها الباحثون بين(1800-1801-1802 ) وكذلك اختلفوا في العام الذي طرد فيه العمانيون من البحرين بين من قال أنه في العام التالي للاحتلال ، او في عام 1807 ، او في عام 1809 .

 

وتحكي بعض المصادر التاريخية ان ال خليفة قد نكلوا بالبحارنة بعد طرد العمانيين بحجة انهم ساعدوا العمانيين للتخلص من حكم آل خليفة. يقول السيابي (1986م) :" قبض شيوخ البحرين بلادهم ووضعوا رئاستهم عليها ، وهجم الزعماء على البحارنة -أي الشيعة- بعد منصرف سالم بن سلطان وأصحابه منها، وقتلوا الكثير منهم وأذلوا الأكثر ، وحازوا الأموال وتفرق جمع الشيعة في سائر البلدان ، وعذبوا الباقين منهم بها عذابا أليما ونكلوا بهم فوق الحد بدعوى دخول سلطان البحرين، لأنهم يدعون ان دخوله كان بسببهم ، وأنهم هم الذين حركوه على البحرين واختلاف المذاهب بين الطرفين يؤيد المقصد ، ورأى الشيعة البحارنة من أهل البحرين ما ساءهم فوق الحد ."

 

البحرين والاحتلال الوهابي :

 

لما استولى امام مسقط على البحرين غادر شيوخ العتوب الجزيرة وتوجهوا مع أتباعهم الى الزبارة ، والتمسوا حماية (حاكم) الوهابيين الذي شجعهم على الاستقرار في ذلك المكان ليستخدمهم ضد البحرين ، وقد قام بمساعدتهم لاستردادها في أوائل 1802 (ابو حاكمة 1970) . وأصبحت البحرين تحت سيطرة الوهابيين الذين كانوا يفرضون أوامرهم على آل خليفة . وحين أمر الوهابيون ال خلفية بالهجوم على مسقط أو القرين عام 1809 رفضوا ذلك مما أدى الى تنصيب عبد الله بن عفيصان وكيلا عن الوهابيين في البحرين عام 1810 حيث كان يأخذ الزكاة من ال خليفة .

 

حين زحفت قوات محمد علي باشا العثمانية على الجهة الغربية توجه الاهتمام الوهابي لصد هذا الهجوم فاستثمر ال خليفة هذه الفرصة حيث استنجدوا بحكام مسقط الذين هاجموا البحرين واستطاعوا طرد وكيل الوهابيين عبد الله بن عفيصان . وحين شعر ال خليفة برغبة حكام مسقط في السيطرة على البحرين استنجدوا عام 1816 بالوهابيين مرة اخرى .

 

"نخلص من ذلك أنه لم تكن هناك سياسة ثابتة لشيوخ ال خليفة بالنسبة لعلاقتهم بكل من فارس ومسقط والسعوديين والقواسم وانما كانت سياستهم تتحدد طبقا للظروف أو الأخطار التي يواجهونها فحينما استولى سلطان ابن أحمد على البحرين استعان ال خليفة بالسعوديين وحين سيطر السعوديون على البحرين استعان ال خليفة بألد أعدائهم وهو سلطان مسقط وحين ضغط السعودون على البحرين في عام 1817 أرسل ال خليفة رسالة يستنجدون بها بالفرس وأنهم يتطلعون الى الشاه في مساعدتهم ضد (خطر الوهابيين) ."(قاسم 1985) .

 

بعد استيلاء آل خليفة على البحرين في العام 1783م ، أصبح نفوذ آل خليفة يشمل البحرين إلى جانب الزبارة التي كانت مركزهم الأول بعد أن انشقوا عن تحالفهم مع أبناء عمومتهم آل صباح والجلاهمة في الكويت عام 1766م . كان أحمد بن خليفة أول حاكم خليفي يحكم البحرين وقد جعل الزبارة مركز حكمه وكان يزور البحرين في الصيف، وبعد وفاته عام 1796م ، تولى الحكم بعده ابنه سلمان وبمساعدة أخيه عبد الله وقد اتخذ سلمان من الرفاع مركزا لحكمه واستمر ذلك حتى الوقت الحاضر . لقد كان نظام الحكم ثنائيا الأمر الذي أدى للكثير من النزاعات الداخلية بين أسرة آل خليفة. فبعد وفاة سلمان عام 1825م خلفه ابنه خليفة الذي كان ضعيفا أمام قوة عمه عبد الله. وبعد وفاة خليفة بن سلمان عام 1843م جاء دور ابنه محمد الأكثر شجاعة من أبيه. ولهذا بدأ بمواجهة عبد الله. استعان عبد الله بحفيد أخيه محمد بن خليفة للقضاء على تمرد أبنائه الذين لجأوا إلى الدمام. بعد ذلك تمرد محمد بن خليفة على عبد الله ونصب نفسه حاكما على البحرين.

 

يذكر الرميحي (1976م) هذه الحادثة بقوله :" لقد كان الخلاف بين آل خليفة أنفسهم... عوامل ساعدت ابن أخيه محمد بن خليفة على الانقضاض على السلطة وطرده من البحرين سنة 1843. وكان ذلك بالطبع بمساعدة حكومة بومبي غير المباشرة ، فقد سمح الكابتن هنل المقيم السياسي آنذاك لحلفاء محمد بن خليفة أن يعبروا الخليج من جزيرة قيس في الشرق إلى غرب الخليج للانضمام لمحمد ، وذلك خلافا لنصوص معاهدة الصلح سنة 1835 التي تمنع القبائل الساكنة شرق الخليج من الاشتراك في حرب على الشاطئ الغربي، وربما كانت مساعدة البريطانيين لمحمد نكاية في عبد الله الذي رضخ للمصريين، وربما أملا في أن يكون محمد بن خليفة أكثر تعاونا من سلفه ".

 

بعد أن استولى محمد بن خليفة على حكم البحرين التجأ عبد الله إلى الدمام طالبا المساعدة من أبنائه والأمير فيصل بن تركي ، كما كان أبناء عبد الله يألبون القبائل للهجوم على البحرين ، مما دفع محمد بن خليفة لطلب الحماية البريطانية ولكن طلبه رفض لأنه سوف يورط البريطانيين بمشاكل هم في غنى عنها .

 

وهكذا طلب عبد الله مساعدة أبنائه والأمير السعودي ولكنه لم يحصل على ما يريد فتوجه لفارس طلبا في المساعدة ولكن فارس لم تستطع تنفيذ طلبه خوفا من التهديدات البريطانية. واستاءت العلاقات الفارسية البريطانية حتى طالبت الأخيرة بطرد عبد الله من فارس. وبوفاة عبد الله عام 1849 خفت التهديدات التي كان يخشاها محمد بن خليفة على حكمه .

 

بعد وفاة عبد الله قام ابنه بالاستيلاء على الدمام وأعلن ولاءه للأمير السعودي وقد تحالف الاثنان واتفقا على شن هجوم على البحرين، ولكن بريطانيا كانت تراقب الوضع فأخذت تضع العراقيل لتمنع الهجوم ونصحت محمد بن عبد الله بعدم فعل ذلك، والسبب في رفض بريطانيا هو أن الأمير السعودي كان يخضع اسميا للباب العالي (العثماني) ولم تكن بريطانيا ترغب في وجود النفوذ العثماني في هذه المنطقة ولكن محمد بن عبد الله لم يستجب لرغبة بريطانيا فهاجم البحرين وضرب المنامة فتدخلت السفن البريطانية وقامت بقصف الدمام .

 

أما محمد بن خليفة فإنه لم يقنع بما فعله البريطانيون فقام بحصار ميناء القطيف ومن دون مشورة بريطانيا التي قامت بتأنيبه وتهديده لفعله هذا . لقد كان محمد بن خليفة يملك أسطولا يتكون من 1500 سفينة تقريبا وكان يستخدمه في السلم لاستخراج اللؤلؤ وفي الحرب كسفن حربية قادرة على صد عدوان الدول المجاورة أو الهجوم عليها .

 

كان هذا الأسطول ضروريا لمحمد بن خليفة خصوصا وأنه حكم في فترة حرجة من تاريخ البحرين، فقد كانت الظروف الداخلية مضطربة نظرا للانقسام في نفس الأسرة الحاكمة كما كانت الظروف الخارجية غير مستقرة حيث كانت البحرين محط أنظار الطامعين ، ومن أهم الدول المجاورة التي سعت لمد نفوذها على البحرين، ولذا فإن محمد بن خليفة اعلن الولاء للدولتين العثمانية والايرانية في أن واحد، وقام بوضع العلم التركي على البرج الغربي لقلعة أبي ماهر في عراد ، والعلم الايراني على البرج الشرقي لنفس القلعة . فكان كلما أحس بالخطر من إحداهما أعلن الولاء للأخرى .

 

إن ارتباط محمد بن خليفة بالدولة العثمانية من جهة والايرانية من جهة أخرى، إضافة لأسطوله الذي استطاع به محاصرة القطيف والبقاء على نفوذه في قطر ، هذه العوامل مجتمعة كانت تحفز بريطانيا على كبح جماح هذا الرجل فسعت بريطانيا لتقييد حركته وأجبرته تحت التهديد العسكري بالتوقيع على معاهدة 1861 التي تنص على عدم استخدام سفنه لأغراض حربية في مقابل الحصول على الحماية البريطانية .

 

لقد كانت هذه المعاهدة بداية النهاية لحكم محمد بن خليفة ، ففي عام 1867 وبعد ست سنوات فقط من هذه المعاهدة تمرد أهالي قطر على حكمه حيث كانت قطر تحت حكم آل خليفة فهاجمهم في ديارهم بقيادة أخيه علي بن خليفة. وبعد الهجوم قام جاسم آل ثاني بالوفود على محمد بن خليفة طلبا التفاهم معه فقام محمد بن خليفة بسجنه مما أثار أهالي قطر الذين هاجموا البحرين وحصلت موقعة دامسة .

 

إن القتال الذي حصل بين أهالي قطر ومحمد بن خليفة كان خرقا لمعاهدة 1861 مع بريطانيا التي تنص على عدم استخدام محمد بن خليفة لسفنه في أغراض حربية وقد أحس البريطانيون أن محمد قد سبب لهم مشاكل كثيرة فجاء المقيم السياسي في الخليج عام 1868 مع ثلاث سفن حربية إلى البحرين وأمر محمد بن خليفة بالتنحي عن السلطة. وحين تماطل قام المقيم بضرب قلعة أبي ماهر وأسقط علم العثمانيين والايرانيين كما تم تدمير الأسطول البحري لحاكم البحرين ، وعزل محمد بن خليفة ، وتم تنصيب أخيه علي بن خليفة مكانه كحاكم يتولى أمور البحرين ، ولم يفك المقيم حصاره الذي فرضه على البحرين إلا بعد أن تعهد علي بن خليفة بالتزامه بمعاهدة 1861 .

 

بعد التدخل البريطاني عام 1868 حيث تم تنصيب علي بن خليفة حاكما ، قام محمد بن خليفة - الحاكم المعزول - بالفرار إلى الجزيرة العربية ومن هناك توجه للكويت وقد حاول حاكمها التوسط بين الأخوين فوافق علي بن خليفة على رجوع أخيه للبحرين أو توليه الحكم ، ولكن المعتمد البريطاني لم يوافق على ذلك .

 

يقول الشهابي (1996) :" طلب الحاكم الجديد من الانجليز السماح لأخيه بالرجوع إلى البحرين بدعوى أن السيطرة عليه وعلى أفعاله ستكون أسهل عندما يكون تحت المراقبة المستمرة ، ولكن بعد عودته إلى البحرين استمر في التخطيط ضد أخيه فنفي إلى الكويت ثم إلى القطيف ، حيث تحالف مع ناصر بن مبارك ، وهو حفيد الشيخ عبد الله آل خليفة وأصبحا يخططان ضد علي بن خليفة . في أغسطس - سبتمبر 1869 قاد الرجلان حملة بحرية مكونة من خمسة قوارب و500 رجل وهاجما البحرين وذهبا إلى الرفاع الشرقي وحدثت معركة دامية قتل فيها الشيخ علي بن خليفة مع أحد أبنائه ثم تعرضت المنامة والمحرق للهجوم الذي تسبب في أضرار كبيرة ".

 

بعد مقتل علي بن خليفة تولى محمد بن خليفة منصبه السابق كحاكم على البحرين ، ولكن الأمر لم يستقم له فتمرد عليه أبناء عبد الله من جديد وعزلوه عن الحكم وقاموا بسجنه في قلعة أبي ماهر ، وتم تنصيب محمد بن عبد الله حاكما على البحرين. ولكن أبناء الأخوين محمد بن خليفة (المسجون) وعلي بن خليفة (المقتول) لم يقبلا بحكم ابن عمهم محمد بن عبد الله فتوجهوا للمعتمد البريطاني وطالبوه بالتدخل .

 

تقول أمل الزياني (1973) :" وعلى إثر هذا الطلب جاء المقيم البريطاني الكولونيل بيلي على ظهر بارجة تصحبه سفن حربية بريطانية من بوشهر بقيادة الكابتن دوجلاس ، وبادر بضرب مدينتي المنامة والمحرق بالقنابل . وقد أنزلت قوة بريطانية لأول مرة في تاريخ البحرين . وقبضت هذه القوة على الحاكم محمد بن عبد الله وأخذته ومحمد بن خليفة (المسجون بقلعة أبي ماهر - والذي لا يتمسك بمعاهدات -) ونفوهم جميعا إلى الهند ، وبعد ذلك تقلد الحكم عيسى بن علي بن خليفة ابن الحاكم الذي اغتيل".

 

وهكذا قامت بريطانيا في العام 1869 بتعيين عيسى بن علي حاكما على البلاد بعد استجلابه من الزبارة بقطر وكان عمره قرابة 21 عاما. وحكم عيسى بن علي البحرين لمدة 54 عاما (حتى 1923) بصورة اقطاعية قاسية على قسم كبير من اهل البحرين (البحارنة) حيث تم تحويلهم للسخرة وفرضت عليهم الضرائب الخاصة بالبحارنة فقط (مثل ضريبة الرقابية) وتمت مصادرة مزارعهم وتشغيلهم (بحكم السخرة) بصورة مجانية لللقيام بالاعمال الشاقة.

 

وفي 1895 حاول البحارنة بقيادة السيد شبر الستري الثورة على هذا النظام الاقطاعي ولكم المحاولة فشلت.. ثم انتفض البحارنة في فبراير 1922 ضد النظام الاقطاعي مما أدى لتصاعد الاحدث لاحقا. ولهذا تدخلت بريطانيا في العام 1923 وعزلت عيسى بن علي ونصبت مكانه ابنه حمد بن عيسى والزمته باصلاح الادارة من خلال انهاء الحكم الاقطاعي وتعيين المستشار البريطاني تشارلز ليجريف لتكوين الادارة الحديثة في البلاد. لم يقبل عبد الله بن عيسى بتعيين حمد بن عيسى واستمر التنافس بينهما حتى نهاية الثلاثينات ومطلع الاربعينات عندما ركز المستشار البريطاني حكم الابن الاكبر للحاكم (ولاية العهد للابن الاكبر) بصورة قللت التنازع بين الطرفين.

Link to comment
Share on other sites

لم تكن بريطانيا هي الجهة الوحيدة التي استطاعت السيطرة على البحرين ، ولكنها الجهة التي لعبت دورا مؤثرا في تاريخ البحرين السياسي ولا زالت آثار هذا الدور واضحة المعالم حتى هذا الوقت . لقد كانت بريطانيا صاحبة السيادة في الخليج العربي بعد أن استطاعت القضاء على خصومها في المنطقة لتتفرد بكل امتيازات وخيرات الخليج التي أصبحت تقمة على شعوبه ونعمة لمحتليه .

 

ان التطور الفكري والمعرفي لدى الأوروبيين لم يصاحبه تطور في مجال القيم الأخلاقية مما جعل المعادلة غير متوازنة وتعاني من النقص والخلل . فانعدام الروحية الأخلاقية في المجتمع الأوروبي جعل الفرد ينطلق لتحقيق ما تمليه عليه مصالحه مستفيدا من كل تطوره العلمي والمعرفي ولو كان ذلك على حساب غيره .

 

وعلى أساس ذلك ، فانا لا نعجب من الاحتلال الأوروبي لبلادنا فما هو الا نتيجة طبيعية لموت القيم لصالح الأهواء والمصالح التي تنميها الفلسفات المادية التي تقدس الفردية والحرية التي لا تعرف الحدود . ان الحرية الاقتصادية التي تنادي بها الفلسفات الأوروبية هي التي دفعت الأوروبيين للبحث عن موارد وأسواق تجارية خارج حدودهم طلبا للإستزادة في المال حتى ولو كان ذلك على حساب اضطهاد الشعوب المحتلة وسلب خيرات أراضيها .

 

إن هذا الفكر البعيد عن القيم هو الذي صنع شخصية المحتل الذي وجد نفسه مدفوعا نحو اشباع شهواته ورغباته بعد ان رفض كل ما يكبح جماحه فرفض الدين ورفض الانسانية. لقد فتح البرتغاليون باب الاحتلال الاوروبي الحديث للمنطقة وجاء بعدهم الهولنديون والبريطانيون والفرنسيون وغيرهم مما يدلل على ان الفكر الأوروبي السائد كان واحدا رغم اختلاف الشعوب والجنسيات.

 

بريطانيا والوصول الى الهند :

 

كانت الهند "إرث السماء لملوك البرتغال" بعد ان اصدر البابا نيقولاس الخامس "تفويضا إلهيا" يمنح الملك البرتغالي الحق في الإستيلاء على الهند ويمنع غيره من ذلك إلا بإذن الملك ، مما جعل الهند حكرا على ملوك البرتغال دون سواهم بأمر من الكنيسة . إلا ان انتشار المذهب البروتستانتي في أوروبا اسقط هذا الحق لملوك البرتغال ورفع الاحتكار البرتغالي للهند .

 

ان الهند بما كانت تمثله من موقع تجاري فريد جعلها تستقطب التجار الذين وجدوا الهند مصدرا للتوابل والعطور والحرير والأدوية الشعبية وغيرها وفي نفس الوقت فهي عالم ضخم وسوق كبيرة للمنتجات والسلع والتي يتاجرون بها .هذا الأمر دفع احدى الشركات التجارية الانجليزية لأن تتقدم بطلب اذن بالاتجار مع الشرق من الملكة الانجليزية ، وكان ذلك في عام 1599م. ولكن الملكة لم تأذن في الحال لانها كانت ترجو ان تعقد صلحا مع التاج الاسباني /البرتغالي ، وحين يئست من ذلك أذنت لهذه الشركة بالاتجار مع الشرق .

 

رغم الاذن الملكي بالسماح لهذه الشركة بالاتجار مع الشرق الا ان الشركة لم تذهب مباشرة الى الهند وذلك خشية الصدام مع التاج الاسباني / البرتغالي حيث كانت العلاقة الثنائية مضطربة بسبب حالة الحرب الدائرة بين الطرفين . ولكن وبعد الاتفاق بين البلدين عام 1604م توجهت سفن "شركة للهند الشرقية" في عام 1608م وكان ذلك بداية الدور البريطاني في الهند .

 

لقد استطاعت هذه الشركة ان تكون لها مراكز مهمة في الهند وشيئا فشيئا قوي نفوذها وأصبحت ذات اثر كبير في الهند انتهى بالاحتلال الانجليزي للهند . ويمكننا ان نقسم فترة الوجود الانجليزي في الهند بصفة عامة إلى ثلاث فترات :

 

1 - فترة أولى داهن فيها الانجليز المغول ( حكام الهند آنذاك) وعملوا على استرضائهم وعمدوا إلى المشاركة بالحسنى وبالوعيد أحيانا .

 

2 - فترة ثانية بدأت بالتحول بالمشاركة أعقبتها سنون حروب ضروس أصبح بعدها الانجليز سادة شبه القارة الهندية .

 

3 - فترة ثالثة امتدت لقرن ونصف من الزمان تقريبا تبدأ من مطلع القرن التاسع عشر تقريبا وتمتد حتى منتصف القرن العشرين ساد فيها الانجليز الهند واداروا شئونها الا بضع سنوات من أواخر هذه الفترة (انظر عبد العزيز ابراهيم 1981)

 

 

بريطانيا والخليج:

 

بعد الوصول البريطاني للهند أصبح الخليج يمثل مركزا استراتيجيا لا يمكن الاستغناء عنه والتفريط فيه، فالخليج بموقعه الجغرافي المتميز كان الطريق الذي يجب ان يبقى آمنا . فقد كان بالنسبة لبريطانيا حلقة الوصل بينها والهند ومراكز تجارتها وقواعد اسطولها وبرج مراقبة واستطلاع لمنطقة الشرق الاوسط وحكامه في فارس والعراق وشبه الجزيرة العربية فضلا عن الثروات التي يحويها الخليج في بره وبحره.

 

ان كل هذه المميزات للخليج جعلت بريطانيا تحرص وبكل قوتها على التفرد به والقضاء على كل المنافسين لها في الاستحواذ عليه . فسعت للتخلص من النفوذ البرتغالي وتحالفت من أجل ذلك مع الهولنديين وبعد نجاحها في طرد البرتغاليين انقلبت على الهولنديين حلفاء الأمس وأجلتهم عن الخليج ثم توجهت لمحاربة القوى الأخرى فواجهت فرنسا وألمانيا والعثمانيين وايران الى ان استطاعت ان تتفرد بالخليج واهله فقضت على كل معارضة محلية. ورفعت بريطانيا شعار محاربة القرصنة والقضاء على تجارة الرقيق واشاعة الامن والسلام في مياه الخليج.

 

لقد استطاعت بريطانيا وباستراتيجية مرحلية محكمة ان تشد قبضتها على الخليج. فقد بدأ التوجه البريطاني نحو الخليج تجاريا خالصا وكان ذلك عند انشاء شركة الهند الشرقية الانجليزية عام 1600م للاتجار مع الشرق وكان الخليج من المناطق المشمولة بعمل هذه الشركة . وقد صاحب هذا النشاط التجاري نفوذ سياسي وقوة عسكرية ، فكانت الأنشطة التجارية تحظى برعاية عسكرية وقد بدا ذلك حين أخذت الشركة في شراء الأراضي وانشاء مراكز ووكالات في بعض المناطق الحساسة ودخلت المعارك القتالية كما حدث من صدام بين البرتغاليين من جهة والانجليز والهولنديين من جهة ثانية .

 

وبعد ان اكملت بريطانيا نفوذها السياسي والعسكري قامت بربط دول الخليج باتفاقيات ومعاهدات بغية الهيمنة التامة على مقدراتها وتكريس استقلالها. عمدت بريطاني لمواجهة القبائل التي تمارس القرصنة في مياه الخليج وعقدت معهم اتفاقيات تضمن للقبائل (المتصالحة مع بريطانيا) الأمن الخارجي في مقابل اطلاق الحرية لهذه القبائل لممارسة ماتريده في حدود الاراضي التي تعترف بريطاني أنها تابعة لهم. وضمنت بذلك فصل "مشيخات الخليج" عن العالم الخارجي وقطع الطريق على الدول الراغبة في بسط نفوذها أو الحصول على موطئ قدم في أي منها. وكان ذلك من خلال ثلاثة بنود رئيسية تضمنتها جميع المعاهدات وهي :

 

1 - أن لا تعقد أي امارة معاهدة مع أية دولة غير بريطانيا وان لا يتم الاتصال بسواها .

 

2 - ان لا يؤذن لوكيل اية دولة أجنبية بالاقامة في اراضي الامارة الا باذن من الحكومة البريطانية .

 

3 - ان لا يتنازل حاكم الامارة عن أي جزء من أراضية أو يبيعه او يؤجره او يهبه او يأذن لدولة اجنبية غير بريطانيا باحتلاله . (فتوح الخترش 1992م) .

 

بريطانيا والبحرين :

 

يذكر الباحثون ان الاهتمام البريطاني بالبحرين بدأ مع بداية نشاط شركة الهند الشرقية البريطانية. فقد اقترح توماس الدورث (ALDOURTH) رئيس وكالة سورات في الهند ارسال سفن الشركة محملة بالبضائع الى البحرين. وفي عام 1700 أو 1701 (على اختلاف الباحثين) اقترح اوين (OWEN) وكيل شركة الهند الشرقية في بندر عباس احتلال البحرين .

 

بعد استيلاء آل خليفة على البحرين وممارستهم للتجارة ، بدت أهمية الموقع المتميز للبحرين فزاد الاهتمام البريطاني بها . وقد اختلف الباحثون حول أول اتصال بريطاني بالبحرين ، تقول فتوح الخترش (1992) :"يرجع "لوريمر" : اول اتصال بين حكام البحرين وبريطانيا الى عام 1805 ، عندما تقدم شيوخ البحرين من آل خليفة الى بريطانيا يطلبون تزويدهم بسفينة أو سفينتين لمقاومة السعوديين " . أما زكريا قاسم (1985) فيذكر :" انه يمكن تحديد بداية تدخل الانجليز في البحرين وعلاقتهم بشيوخ آل خليفة منذ عام 1814 حين توجه الكابتن بروس المقيم البريطاني في الخليج الى البحرين موفدا من حكومة بومباي وهناك تقابل مع حاكمها الشيخ عبد الله بن خليفة للتباحث معه في بعض الشئون المتعلقة بضمان أمن الملاحة في الخليج العربي " .

 

البحرين ومعاهدة السلم العامة 1820 :

 

كان الخليج العربي ساحة مليئة بالاحداث والصراعات والتحالفات ، فقد تحالف القواسم مع الوهابيين الامر الذي ازعج بريطانيا والعثمانيين على حد سواء. فالحركة الوهابية كانت القوة البرية الصاعدة والقواسم كانوا يمثلون القوة البحرية التي لا تعبأ بالهجوم على السفن البريطانية . لقد انزعج البريطانيون كثيرا من القواسم ووجهوا حملاتهم ضدهم في العام 1805 و 1809 ولكن هذه الحملات لم تكن لتمنع القواسم من معاودة النهوض وترتيب اسطولهم من جديد. وبعد تحالف القواسم مع الوهابيين ، وازدياد خطرهم في المنطقة وجه الوالي العثماني محمد علي باشا حملته ضد الوهابيين عام 1819 فاستغلت بريطانيا الفرصة وقامت بمهاجمة القواسم في رأس الخيمة في العام نفسه . وقد استطاع البريطانيون تدمير اسطول القواسم وكان من نتائج هذه الحملة التوقيع على معاهدة السلم العامة عام 1820م .

 

لقد الزمت بريطانيا شيوخ الامارات الخليجية الواقعة على الساحل العماني بالتوقيع على هذه المعاهدة التي تعتبر اول التزام بريطاني بالحفاظ على امن الخليج تحت عناوين منع السلب والنهب والقضاء على تجارة الرقيق والقرصنة. الا انها في واقع الامر تمثل أول معاهدة تؤسس للوجود البريطاني في الخليج العربي حيث اصبحت بريطانيا راعية السلام في المنطقة التي عملت على تفكيكها وتجزأتها لتبقى ضعيفة ومتصارعة على الدوام وبالتالي لتحتاج الى بريطانيا التي تملك القوة الكافية لتأديب كل من يتجاوز الحدود المسموح بها وما حصل للقواسم خير درس وعبرة لمن يخرج ويتمرد على بريطانيا راعية السلام .

 

لم تكن البحرين من الامارات المطالبة بالتوقيع على هذه المعاهدة وانما قام شيوخ ال خليفة بالتوقيع عليها برغبتهم ومن دون أي طلب بريطاني. ويرجع الباحثون ذلك لخوف ال خليفة من السيد سعيد سلطان مسقط حيث كان يسعى للاستيلاء على البحرين، ويذكر انه طلب من قائد الحملة البريطانية التي توجهت للقواسم ان يتوجه للبحرين للاستيلاء عليها الا ان قائد الحملة (كير) رفض ذلك بناء على تعليمات حكومته . كما كان ال خليفة يخشون من الفرس الذين كانوا يطالبون بالبحرين ويدعون نسبتها لهم . ان التوقيع على هذه المعاهدة كان يضمن لال خليفة الامن والاستقرار حيث ستكون بريطانيا هي الحامية لهم وستقف في وجه كل من يريد بهم سوءا . ويذكر البعض ايضا ان من اسباب التوقيع على المعاهدة هو خوف ال خليفة من البريطانيين انفسهم بعدما شاهدوا ما صنعه البريطانيون بالقواسم اضافة لخوفهم من السعوديين والجلاهمة . كما ان ال خليفة كانوا بحاجة ماسة للتدخل البريطاني لاسباب داخلية اخرى، منها ان ال كانوا يخافون من فقدان البحرين في حال رجوع قوة البحارنة الذين كانوا يمرون في مرحلة فقدان اراضيهم وتحويلهم إلى السخرة (بحكم عقيدة "الفتح" التي تبناها ال خليفة).

 

ان هذه الاسباب مجتمعة دفعت بالاخوين سلمان وعبد الله ال خليفة بايفاد السيد عبد الجليل الطباطبائي للتوقيع على المعاهدة عام 1820 وبذلك اصبحت البحرين تحت الرعاية والحماية البريطانية .

 

البحرين وبريطانيا بعد عام 1820 :

 

وضعت الشركة الانجليزية منذ مطلع القرن التاسع عشر لها وكيلا في البحرين تابعا لبوشهر وتوثقت تبعية المقيم لبوشهر بعد عام 1824 حيث صار مساعد مقيم بوشهر يأتي البحرين في زيارات متقطعة بين الفينة والأخرى .(عبد العزيز ابراهيم 1981)

 

وفي عام 1847 عقدت البحرين معاهدة مع بريطانيا لمنع الاتجار بالرقيق . أما عن اعتراف بريطانيا بالبحرين كبلد مستقل تحت حكم ال خليفة ، فيقول الرميحي (1976) :" اعترفت السلطة البريطانية بالبحرين كبلد مستقل تحت حكم ال خليفة واعلنت ذلك رسميا عندما وقع محمد بن خليفة في 31 مايو سنة 1861 المعاهدة الدائمة للسلام والصداقة مع السلطات البريطانية باعتباره حاكما مستقلا للبحرين . في هذه المعاهدة تعهد محمد بن خليفة ان يعترف بكل المعاهدات السابقة بين البحرين والسلطة البريطانية ، وان يمتنع كذلك عن القيام باي نشاط بحري عدائي باية صورة ، ومقابل ذلك فانه سيحظى بالحماية البريطانية ضد أي اعتداء مباشر على وضعه في البحرين من رؤساء القبائل في الخليج ".

 

لقد كان عهد محمد بن خليفة مليئا بالاضطرابات التي كان هو احد اسبابها . وبسبب اتصاله بايران انتقاما من البريطانيين الذين ترددوا في حمايته ضد خصومه. فقد ارادت بريطانيا ان تتدخل في شئون البحرين تدخلا مباشرا يمنع الشيخ محمد بن خليفة من الاتصال بايران او الدولة العثمانية او اية جهة أخرى .

 

فقامت يوم 18 مايو(أو31 مايو كما يرى ذلك الرميحي) بتقديم معاهدة صداقة Friendly Convention في جو يسيطر عليه التهديد البريطاني العسكري. فقد خرج جونز المقيم السياسي البريطاني من بوشهر (الميناء الايراني) على رأس أربع سفن حربية بريطانية وحاصر ميناء المنامة اي انه اظهر القوة دون استخدامها وتقدم باتفاقية 18 مايو 1861 الى الشيخ محمد بن خليفة لتوقيعها تحت ضغط السلاح . مما اضطر الشيخ محمد الى التوقيع دون معارضة بالرغم من انها تنطوي على امتيازات واسعة النطاق لصالح بريطانيا في البحرين .(امل الزياني 1973)

 

وفي عام 1868 تدخلت بريطانيا في الشئون الداخلية للبحرين حيث قامت بعزل محمد بن خليفة عن منصب مشيخة البحرين وتنصيب اخيه علي بن خليفة مكانه مستعينة في ذلك بقدراتها العسكرية حيث قامت بتدمير قلعة المحرق والسفينة التابعة لمحمد بن خليفة الذي فر الى قطر . وفي العام نفسه قامت بريطانيا بعقد معاهدة مع محمد بن ثاني في قطر وبذلك اصبحت قطر - ولاول مرة - ذات سيادة خاصة مستقلة عن البحرين .

 

في عام 1869 قام محمد بن خليفة حاكم البحرين المعزول مع حليفه محمد بن عبد الل ال خليفة ه بالهجوم على البحرين وقتل علي بن خليفة حاكم البحرين اثناء المعركة فتدخلت القوات البريطانية وحاصرت المحرق وقامت باحتجاز محمد بن خليفة ومحمد بن عبد الله ونفتهما الى الهند وتم تنصيب عيسى بن علي في مشيخة البحرين، وكان له من العمر 21 عاما. واستمر حكمع 54 سنة تحولت البحرين إلى الحكم الاقطاعي الذي استمر حتى العام 1923، بعد عام من انتفاضة البحارنة لعام 1922.

 

وفي عهد عيسى بن علي بدأ تنصيب الوكلاء السياسيين البريطانيين في البحرين وفي ذلك يقول عبد العزيز ابراهيم (1981) :" كتب مقيم بوشهر في 24 سبتمبر 1899 بأن هنالك مجموعة اسباب تجعله يوصي بوجوب وجود موظف سياسي بريطاني دائم في البحرين بدلا عن الوكيل الوطني الذي لم تثبت جدواه لعدم مقدرته ممارسة النفوذ على الشيخ عيسى . واضاف المقيم بان الوكيل في البحرين متقاعس عن اداء مهامه بل متهم بانه يستثمر منصبه لخدمة مصالحة التجارية وانه في سبيل تحقيق هذا الهدف لا يهتم بواجبه الذي يقضي باسباغ حمايته على الرعايا البريطانيين من الهنود . ويرى المقيم ان التجارة البريطانية قد ازدهرت في البحرين في العقدين السابقين ازدهارا كبيرا وان تعيين موظف بريطاني في البحرين سيزيد من ازدهار هذه التجارة حيث ستتجه الكثير من الشركات البريطانية الى البحرين . ويضيف المقيم ان وجود هذا الموظف السياسي البريطاني في البحرين سيدعم ثقة شيخها في البريطانيين وسيتحقق من حسن نواياهم . ويستطرد المقيم فيقول ان هناك دولا اوروبية عديدة صار لها اهتمام بالبحرين ولهذا فان وجود موظف سياسي بريطاني كفيل برصد الاحداث فيها والتبليغ عنها في حينها ، والعمل على تقويم الشيخ في البحرين لو مال مع أي قوة اخرى ".

 

وبعد موافقة حكومة الهند على هذا الاقتراح تم تنصيب (جاسكن) كوكيل مؤقت أومساعد في البحرين عام 1900 ، وفي العام 1904 تم عزله وتنصيب (برودكس) مكانه ولكن كوكيل سياسي دائم . وفي هذا الشأن يذكر الرميحي (1976) :" من خلال نشاط الوكلاء السياسيين في البحرين ابتدأ النفوذ البريطاني يقوى شيئا فشيئا ، وما ان انتهت الحرب العالمية الاولى حتى كان هذا النفوذ قد وصل الى حد التدخل في الشئون الداخلية للامارة ، واصبح الوكيل السياسي البريطاني الحاكم الفعلي ".

 

اما محمود بهجت سنان (1963) فيقول :"اتفقت الحكومة البريطانية مع ابناء الشيخ عيسى على ان يختم الشيخ حياته السياسية بعد ان جاوز الخمسين عاما في الحكم ويعتكف في داره وينوب عنه ابنه الاكبر الشيخ حمد وقد احدث هذا الانقلاب تغييرا في الادارة فوضع بجانب الشيخ مستشار بريطاني لمساعدته في الامور الهامة واقيم على المكوس مدير بريطاني ووضعت موازنة الدخل والخرج . ولم يتركوا للشيخ الجديد شيئا يمكنه ان يتصرف فيه بدون مراجعة الانجليز ". وفي عام 1926 بدأ تشارلز بلجريف عمله كمستشار في البحرين وبسبب سوء معاملته مع المواطنين حصلت اضطرابات عام 1928 . وقد اخرج بطلب شعبي عام 1957 .

 

بريطانيا والحكم الاقطاعي (1869 - 1923)

 

لايذكر التاريخ ان بريطانيا عارضت الحكم الاقطاعي طوال فترة حكم عيسى بن علي (1869 - 1923) إلا بعد انتفاضة 1922 وذلك لاسباب متعددة. فقد عينت بريطانيا عيس بن علي (عمره 21 سنة) ودعمته بصورة مطلقة لتسيير شؤون البحرين كما يشاء في الوقت قيدوه بسلسة الاتفاقيات الخاصة التي حولت البحرين إلى محمية بريطانية - بمعنى ان جميع الشؤون الخارجية والدفاع اصبحت بيد الانجليز.

 

الحكم الاقطاعي اعتمد على توزيع مناطق البحرين على افراد العائلة الحاكمة. فكل فرد من هؤلاء اعطي مطلق الحرية لفعل مايشاء في منطقة نفوذه. وكل واحد منهم كان لديه حرس بدوي خاص يعرف باسم الفداوية. ويقوم كل شيخ من ال خليفة بتعيين احد افراد القرية او المنطقة التي يسيطر عليها، وكان يطلق على مثل هذا الفرد اسم "الوزير". وتنحصر مهمة هذا الوزير بجرد اسماء ابناء المنطقة وكم لدى كل عائلة من افراد وكم لديها من نخيل ومزارع ومكاسب ومصائد سمك او تجارة لؤلؤ، الخ. ثم يقوم الشيخ الخليفي بفرض الضرائب على المواطنين (بصورة عشوائية ومتغيرة مع الأيام) مثل ضريبة الرقبية (تؤخذ من رب العائلة مقابل كل ذكر من ابنائه)، ضريبة الزراعة والسمك وغيرها. كما يقوم الشيخ بفرض نظام السخرة، وهو اجبار أبناء المنطقة للعمل بصورة مجانية لخدمة الشيخ الخليفي ومزارعه وممتلكاته. وإذا عجز فرد من دفع أي من الضرائب تتم مصادرة ارضه واجباره على العمل بصورة مجانية في ارضه المصادرة منه. أما اذا اعترض احدهم فيقوم الشيخ الخليفي بتسليط الفداوية عليه لقتله او سجنه او حرق منزله. ويذكر طلال فرح (1985) ان البحارنة تم تحويلهم إلى شبه عبيد في اراضيهم. وكان هذا النظام الاقطاعي يطبق ضد البحارنة فقط، أما الاخرون فيتم اعفاؤهم من هذه الأمور.

 

وكان عيسى بن علي حاكما للبلاد وشيخا اقطاعيا للمحرق والحد والسنابس. والشيوخ الاخرون في النظام الاقطاعي كانوا: جابر بن صباح بن حمد ال خليفة (الحجر)، حمود بن صباح بن حمد ال خليفة (الكورة وجرداب)، علي بن محمد بن خليفة ال خليفة (عراد وعالي وسلماباد وداركليب)، خليفة بن محمد بن خليفة ال خليفة (الشاخورة)، علي بن احمد بن علي ال خليفة (السهلة الفوقية)، خالد بن علي بن خليفة ال خليفة (سترة والنبيه صالح)، إبراهيم بن خالد بن علي بن خليفة ال خليفة (جبلة حبشي)، عبدالله بن عيسى بن علي ال خليفة (جدحفص وبوري)، محمد بن عيسى بن علي ال خليفة (كرباباد والقلعة والحلة وجدعلي)، حمد بن عيسى بن علي ال خليفة (البلاد القديم وكرانه)، سلمان بن عيسى بن علي ال خليفة (الزنج)، سلمان بن حمد بن عيسى بن علي ال خليفة (الدراز وبني جمرة والقرية)…. الخ. (انظر مايكل هرب (1998)).

 

كانت اول محاولة للثورة ضد هذا النظام الاقطاعي في حدود العام 1895م. اذ يذكر علي البحراني (المتوفى 1926م) في كتابه (أنوار البدرين) ان السيد شبر الستري "اخذته الغيرة الايمانية على ما جرى على اهل البحرين من الحكام المتغلبين عليها من الظلم والعدوان وغصبهم الاموال وتشتتهم في كل مكان، واداه نظره واجتهاده - وان لم يوافق عليه اكثر علماء زمانه - إلى جمع العساكر من اهل البحرين والقطيف الساكنين هناك (في البحرين) لاخذ بلاد البحرين من أيدي اؤلئك المتغلبين الظالمين. فاقتضى نظره الشريف ان يستند إلى سلطان العجم وهو ناصر الدين شاه القاجاري ليكون له ظهرا… فلما سمع بذلك المتغلبون عليها هنالك ارسلوا إلى حاكم شيراز بالهدايا الكثيرة والبراطيل الوفيرة لكسر سورة ذلك السيد. وسافر (السيد شبر الستري) إلى شيراز فلم يجتمع به ذلك الحاكم ولم ينظر إلى ماجاء اليه… فبقي في شيراز مقدار اربعة أشهر متكدر الخاطر عادم المعين والناصر إلى ان توفي بغصته قبل بلوغ امنيته".

 

لقد وصل النظام الاقطاعي إلى درجة عالية من القسوة ايام الحرب العالمية الأولى ومابعدها، مما أدى بالبحارنة (المتضررون الاساسيون) للتعاضد فيما بينهم والقيام بانتفاضة فبراير 1922 ضد هذا النظام الاستعبادي. وكان عيسى بن علي قد وصل إلى سن كبيرة والوضع يتفاقم وبريطانيا تشعر بالحرج والضغط بعد تكوين عصبة الامم (بعد الحرب العالمية الأولى). وكانت فرنسا تحاول دخول الخليج لمنافسة بريطانيا، كما كانت بريطانيا تشك في طبيب فرنسي يعالج الشيخ عيسى بن علي. إضافة إلى ذلك فان بريطانيا كانت بحاجة للدولة الايرانية آنذاك، وكان ممثل ايران في عصبة الامم قد ذكر ان الشيعة في البحرين يخضعون لظروف لاتحتمل. بعد ذلك بفترة انفجر الصراع بين النجديين والايرانيين في المنامة وقامت قبيلة الدواسر بمهاجمة عدد من قرى البحارنة، ولهذا تدخل الماجور دايلي وعزل عيسى بن علي وسلم الحكم لابنه حمد بن عيسى مقابل انهاء الحكم الاقطاعي وادخال اصلاحات ادارية لتأسيس جهاز دولة حديث. وقام دايلي بتوظيف السيد تشارلز بليجريف مستشارا للحكم في 1926.

 

بريطانيا والاصلاحات الادارية والاستقلال:

 

المستشار بليجريف هو مؤسس البحرين الحديثة وكان رئيسا للمالية والشرطة ةالقضاء والسجون وكل شيء في البلاد. وبعد مجيء بليجريف اكتشف النفط في 1932 ونشأت طبقة متعلمة من المواطنين وبدأ الشيعة والسنة يتحركون كأبنا لبلد واحد وبدأوا في 1938 بالمطالبة ببرلمان ونقابات وحقوق. إلا ان بريطانيا سحقت ذلك التحرك. ثم سرعان ما نشأت حركة وطنية عظيمة في الخمسينات (1954 -1956) بقيادة الشيعة والسنة من أبناء الوطن الواحد. إلا ان بريطانيا انزلت الجيش البريطاني في الشوارع وسحقت التحرك ونفت قادة الحركة الوطنية إلى جزير سانت هيلانة.

 

وعلى اثر هذه الانتفاضة تم عزل بليجريف وتم تأسيس القسم الخاص في 1957 برئاسة ضابط بريطاني واعلنت حالة الطواريء. غير ان الاوضاع انفجرت مرة أخرى في 1965 مما حدى ببريطانيا لاعادة تشكيل القسم الخاص واستجلاب إيان هندرسون لرئاسة الجهاز الامني وقمع المواطنين المطالبين بحقوقهم.

 

في 1968 اعلنت بريطانيا عزمها على الانسحاب العسكري من الخليج وشجعت المشيخات الخليجية لتكوين اتحاد فدرالي. إلا ان قطر والبحرين انسحبتا لاحقا. كان الشاه قد جدد مطالبته بالبحرين مما حدى بالامم المتحدة ارسال موفد خاص في مارس 1970. اجتمع الموفد بالرموز والشخصيات في البلاد وكتب تقريره الذي عكس فيه رغبة اهل البحرين في الاستقلال كدولة ذات سيادة. وكان الحاكم الشيخ عيسى بن سلمان ال خليفة قد زار النجف الاشرف (العراق) قبل الاستفتاء واجتمع مع زعيم الشيعة السيد محسن الحكيم وأكد له بان شيعة البحرين لن يتعرضوا للظلم (كما كان في السابق).

 

تحت هذا الضغط أعلن الحاكم نيته في السماح بكتابة دستور للبلاد. وهكذا عاد المنفيون وانعقد المجلس التأسيسي في 1972 وتم انتخاب المجلس الوطني في 1973. في 1974 طرحت الحكومة مشرع قانون أمن الدولة - للسماح لوزير الداخلية لسجن المعارضين السياسيين لمدة ثلاث سنوات دون تهمة او محاكمة. إلا ان المجلس رفض ذلك مما أدى لحل المجلس الوطني وفرض قانون أمن الدولة.

 

النفوذ البريطاني بعد الاستقلال يتمثل اساسا في الجهاز الامني الذي حافظ على طاقمه البريطاني برئاسة إيان هندرسون. كما ان السفارة البريطانية ومجلس الثقافة البريطاني والنادي البريطاني، جميعهم يعتبرون من أهم مواقع النفوذ في البلاد.

 

بعد انفجار الانتفاضة الشعبية في ديسمبر 1994 وتمركز المعارضة في بريطانيا بدأت مرحلة جديدة في العلاقات البريطانية-البحرينية.

Link to comment
Share on other sites

مشكورين ع المرور

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...