Jump to content
منتدى البحرين اليوم

" مسافر ليل " شيعت عوني كرومي


وهج من نور

Recommended Posts

" مــــســــافر لـــيــــل "

 

mmmmm212.jpg

 

 

هذا العمل الرائع لــ " صلاح عبد الصبور "

 

 

large308919.jpg

 

وتصدى له العديد من المخرجين...

 

ومن بينهم الراحل الكبير ( عوني كرومي )....

 

فكانت العمل الأخير الذي شيعه

 

أحببت اجواء هذا المسرحية .. لذلك اخصصتها بهذا التقرير..

 

ومازادني بها اعجاب تصدي الصواري لها برؤية الاستاذ " ابراهيم خلفان "

 

__________________________

 

من هو صلاح عبد الصبور؟؟

 

art3155.jpg

 

يعتبر الشاعر صلاح عبد الصبور من أهم الشعراء الذين اثروا تراث المسرح الشعري من خلال التأليف المسرحي والتنظير للشعر الحر ، بالإضافة إلى انه احد أهم رواد حركة الشعر العربي الحر كرمز من رموز الحداثة العربية المتأثرة بالفكر الغربي، فقد تمكن الشاعر من صياغة تراث من الأشعار النادرة التي تعد نتاجا لموهبته ورؤيته وخبراته الذاتية مع ثقافته المكتسبة من الرصيد الإبداعي العربي ومن التراث الإنساني عامة. وبهذه الصياغة اكتمل نضجه وتصوره للبناء الشعري

ويتميز مسرح المبدع صلاح عبد الصبور بأنه غني في مادته الشعرية والتراثية والتاريخية ،فمن خلاله عرفنا الفرق بين الشعر المسرحي و المسرح الشعري ،فقد تنوعت المصادر التي تأثر بها إبداع صلاح عبد الصبور: من شعر الصعاليك إلى شعر الحكمة العربي, مروراً بسيَر وأفكار بعض أعلام الصوفيين العرب مثل الحلاج وبشر الحافي, اللذين استخدمهما كأقنعة لأفكاره وتصوراته في بعض القصائد والمسرحيات. كما استفاد الشاعر من منجزات الشعر الرمزي الفرنسي والألماني " عند بودلير وريلكه "،والشعر الفلسفي الإنجليزي "عند جون دون وييتس وكيتس وت. س. إليوت بصفة خاصة" ، ولم يُضيع عبد الصبور فرصة إقامته بالهند مستشارا ثقافياً لسفارة بلاده, بل أستفاد ـ خلالها ـ من كنوز الفلسفات الهندية ومن ثقافات الهند المتعددة.

 

 

ويتسم العالم الشعري للشاعر صلاح عبد الصبور بمسحة الحزن والألم،وبصفة تكاد تكون شاملة، حيث تطالعنا مفردات من قبيل : الليل ، المرض، الفراغ،الموت، الشتاء، وهو معجم تطفح به كتابات بدر شار السياب وعبد الوهاب البياتي أيضا. ولكأن الرؤية في دلالتها انهزامية بالأساس لكون الشاعر يتأثر بمحيطه وبما يتفاعل معه فيه ، كما أن حضور صورة المدينة في شعر عبد الصبور له ما يبرره ، ومن المؤسف أن أعمال هذه المبدع لم تحظ حتى الآن بنصيب كبير من عناية دارسي الأدب العربي في اللغة الإنجليزية. ولعل ذلك يرجع إلى أن المعنيين بتتبع الشعر العربي الحديث في تلك اللغة هم قلة قليلة ربما لصعوبة فهم الشعر وتذوقه على غير الناطقين بلغته ،و الملاحظ أن ابرز الكتب التي نشرت بالإنجليزية عن الشعر الحديث قام بها دارسون عرب أو ناطقون بالعربية.

 

 

وقد جاء انسياق صلاح عبد الصبور إلى المسرح الشعري بمحاولة لخلق تقابل ما، بين ما يكونه الصوت الشعري، وبين ما تفرضه احتمالات عناصر البنية الدرامية في المسرح من (شخوص وأصوات و أحداث و أزمنة .. الخ) برغم قدرة الشعر على تكوين كل هذه المساحات داخله تحديداً النسيج الدرامي الذي تبتغيه بنية القصيدة نفسها، و التواجد المشترك الذي تفترضه هذه العناصر فيما بينها، سواء على مستوى التآلف أو التنافر، يفسر جزءا من الجهد الفني الذي قام به صاحب (مأساة الحلاج)، بحمل هذه الإضافات خلقت لها حيزا جمالياً مهماً في جسد القصيدة العربية، سعت لتجاوز (لغة شعرية معممة) كانت جوهر التحدي لمدون الحلم الجماعي الضائع.

 

 

والقاريء لشعر صلاح عبد الصبور يشعر بأنه يعكس روحاً مضطربة، قلقة تائهة، هي مزيج من طهرانية صوفية، لا دينية، حاولت أن تقترب من الكلام اليومي وشئون وأشياء الحياة العادية بإعادة حميمية لصياغته وتشكيله وفق منظور ومرجعية ثقافية للهدم والبناء الشعريين الذين بقيا في إطار "النفي و الإثبات" معاً، يتراوح فيما بينهما، وهنا تكمن أهمية هذا الإنجاز الذي لم يتم تناوله بما يكفي من الإضاءة و المتابعة وبشيء من الإلمام ،فعلي مستوي العرض نجد أن مسرح صلاح عبد الصبور يعاني من الإهمال رغم تراثه اللغوي والشعري وخطابه الدرامي المتعدد والمتنامي والمتباين بين الديني والسياسي والاجتماعي والصوفي والمحكم في بنائه وهندسته المعمارية ، وما بين التصور اللغوي ومحوريتها وشخوصه وطبيعة الصراع والخطاب الدرامي ،فقد تعددت الدراسات التي تعاملت نقدياً وأكاديمياً مع نصوص صلاح عبد الصبور. ولكن رغم وجود هذه الدراسات إلا أنها قليلة جدا.

 

_________________________

بورتريهات بألوان الشجن: عن مثقفين قتلهم الإكتئاب (4)

 

ينبئنى شتاء هذا العام أننى أموت وحدى / ذات شتاء مثله ذات شتاء/ينبئنى هذا المساء أننى أموت وحدى / ذات مساء مثله ذات مساء / وأن أعوامى التى مضت كانت هباء / وأننى أقيم فى العراء/ينبئنى شتاء هذا العام أن هيكلى مريض /وأن أنفاسى شوك/ وأن كل خطوة فى وسطها مغامرة/ وقد أموت قبل أن تلحق رجل رجلاً/ فى زحمة المدينة المنهمرة" إنها المرة الوحيدة التى لم يصدق فيها حدس الشاعر صلاح عبد الصبور فهو لم يمت فى الشتاء بل مات فى أقسى شهور الصيف، بالضبط فى 14 أغسطس 1981 وهو مازال يطرق أبواب الخمسين (مولود فى 3 مايو 1931 )، مات بالفعل فى المساء ولكنه لم يكن وحده بل كان وسط أصدقائه المثقفين، رماه أحدهم بكلمة طائشة، "* لفظ قاتل /لفظ ذو ألف يد تلتف على عنقى /ذو ألف لسان تنفث سماً /أو لفظ يردينى... لاقطرة دم/والسكين الألفاظ تشق اللحم/وأظل أسائل ماذا تعنى فى خاطرك الألفاظ /ألفاظ قاتلة فى رفق.. خالصة الكفين من الدم/أشياء تافهة هى عندك... ألفاظ"، لم يحتمل وأسلم الروح، إتهمه رسام الكاريكاتير بأنه "باع نفسه بمليم" لأن إسرائيل إشتركت فى معرض الكتاب الذى تشرف عليه الهيئة التى يرأسها، خمدت جذوة عينيه الواسعتين وهما تطلان على ملامح المشهد الدموى العبثى الذى يتحول فيه المثقف إلى بومة تنهش أحشاء صديق رقيق كانت كل جريمته أنه إنسان لم يدع قط النبوة، تنهش محجر العينين الحزينتين كأمهات الصعيد، الصافيتين كبسمة طفل، الحنونتين كحضن أم، تستلذ بطعم الفم الذى ماكان ينشد إلا للحق والخير والجمال، وتلتهم فتات القلب الذى إنكسر عندما إنكسر الوطن فلم يعد ينبض إلا بالألم، حاصرته الإتهامات كالرصاص الطائش فذبح من الوريد إلى الوريد فكان بحق شهيد قسوة المثقفين الباطشة الجاهلة كما كان حبيبه الحلاج شهيد قسوة السلطة الغاشمة الجاهلة، "*فمضى كما يمضى ملاك /وتكورت أضلاعه، ساقاه فى ركن هناك /حتى ينام /من بعد أن ألقى السلام. "

مع محمود درويش

مثقفون لايعرفون التسامح

[ ولم تكن تلك المرة الأولى التى يهاجمه فيها بعض المثقفين الذين لايعرفون معنى التسامح وقبول الآخر وخاصة مبدع وفنان فى حجم صلاح عبد الصبور ، طلبوا منه أن يكون جيفارا فى زمن غير الزمن وفى وطن يتسول فيه الشاعر الحقيقى كسرة الخبز !، لم يهمنى أن يكون صلاح عبد الصبور جيفارا بل كل ماهمنى هو أنه أول من ذرفت الدمع الحقيقى على عتبة قصيدته "أحلام الفارس القديم " وأول من ضحكت معه على عبثية رحلتى ومصيرى فى "مسافر ليل "، وأول من شعرت حياله بتفاهة ألامى وضآلة أحلامى حين جسد لى صلب الحلاج بكلماته، كان هذا الشاعر والرجل الجميل الذى نسج لنا بكلماته كل هذا البناء الشعرى العبقرى ضحية سلوكيات المثقفين التى تغلب عليها الإنتهازية أحياناً وعشق الإيلام أحياناً أخرى والحقد والغيرة دائماً، فعلى سبيل المثال كان بعضهم من أعز أصدقائه يتجسس عليه ويحكى لنا صديقه فاروق خورشيد هذه الحكاية فيقول أن صلاح إتصل به صباح ذات يوم وإندهش فاروق من توقيت المكالمة فهو لم يفارقه حتى الرابعة صباحاً، ولكن سرعان ماتبخرت الدهشة حين قال له صلاح"تصور كل حديثنا بالأمس جاءنى به تقرير من مدير الأمن فى المؤسسة، تصور كل كلمة وكل إشارة قد تم تسجيلها " وتنهد وأطلق زفرة ألم وقال"حتى الأصدقاء.. حتى رفقة العمر. ماذا بقى لنا إذن؟!.

[ ولم يكن موقف معرض الكتاب هو الأول فى قائمة الخصام بين أعز الأصدقاء وبينه بل سبقته وقائع متشابهة أبرزها عندما تولى صلاح عبد الصبور رئاسة تحرير مجلة الكاتب بطلب من يوسف السباعى بعد تغيير أسرة تحريرها وفى مقدمتهم أحمد عباس صالح وعبد العزيز الأهوانى وعبد المحسن طه بدر، وقد إعتبر المثقفون وخاصة أهل اليسار قبول صلاح لهذا المنصب تنازلاً وتفريطاً وخيانة وعمالة لنظام السادات، وأخذوا يشجبونه ويدينونه ويسخرون منه فى أحاديثهم على المقاهى والصالونات، وتفرق عنه الجميع وعانى صلاح كثيراً حتى يقنعهم بموقفه وبأن صفحات المجلة مفتوحة لهم، ورفض الجميع التعاون معه فيماعدا القليل وكان من بين هذا القليل نجيب سرور وأمل دنقل، وأخذ صلاح يطرق الأبواب ليتسول المقالات ولكن بلاجدوى فقد تركوه فى العراء يقاتل وحده، وماتت مجلة "الكاتب" بالسكتة التجاهلية ولم تنفع معها العناية المركزة فالأطباء كانوا فى السرادق يقهقهون ضاحكين، وقد صدقت ياصلاح ياعظيم حين قلت "*الناس فى بلادى جارحون كالصقور" وأستميحك عذراً فى تغيير كلمة واحدة فالمثقفون فى بلادى هم الجارحون كالصقور.

الصراع بين الموظف والمثقف

 

[ ويقودنا ماسبق ذكره إلى بحث علاقة المبدع بالوظيفة والتى جرت على صلاح عبد الصبور كل تلك العداوات وخلقت كل ذلك الإحتقان فى علاقته بالأصدقاء، وهذه قضية متشعبة ومعقدة فالمبدع هنا فى مصر تستهلكه بديهيات الحياة من طعام ومسكن ومواصلات... الخ، وتنهك قواه وتستنفذ أعصابه قضايا تافهة تسرق إبداعه بل تسرق عمره ذاته، وفوق هذا وذاك تضغط على أوردته وشرايينه وأعصابه الإبداعية قوى ساحقة تدوس على مخه وتعصره وتدخله المفرمة تارة بإسم الرقابة وتارة بإسم الأخلاق وتارة بإسم مصالح الوطن العليا.. الخ، وبعد كل هذا وذاك مطلوب منك أن تبدع، ولأن الشاعر بنى آدم قبل أن يكون مبدعاً ومطلوب منه البحث عما يسد رمق الأسرة قبل البحث فى هارمونى القصيدة، ولأنه مغموس فى ذلك الهم تشكل ذلك الصراع مابين المثقف والموظف فى داخل كل مبدع، والمشكلة أن صلاح عبد الصبور لم يعمل فى بلاط صحيفة نفطية ولا فى مركز أبحاث صهيونى بل عمل فى مؤسسات وطنه وكلنا نعرف أنها تمنح مجرد الستر، وقد تحدث البياتى عن هذا الصراع الذى عاناه صلاح عبد الصبور فقال"محاولة الجمع بين الشاعر والموظف تثقل كاهل أى إنسان، وكنت قد وجهت مراراً وتكراراً نقداً إلى صلاح، وكان صلاح ذكياً يدرك أبعاد اللعبة ولكنه كان يقف عاجزاً أحياناً أمام معادلة الحياة الصعبة "، وقد كتب صلاح نفسه عن تلك العلاقة وقال"إن إحساس المثقف الحقيقى بكرامته يفوق تصور الكثيرين، لذلك فالبيروقراطية تحاصر الصفوة وتعزلها عن الفاعلية، وهكذا نجد أن هناك صراعاً ضارياً: البيروقراطية تريد أن تفرض الموت على المفكر والشاعر، لكنها لاتستطيع ولذلك فهى تحاول أن تخدع المفكر، إنها تقول له :أنا معجبة بأفكارك ومشاعرك، وتحاول بذلك إستغلال المفكر فيتحول إلى كلب حراسة للمصالح البيروقراطية "، وبالرغم من أنه كان موظفاً إلا أنه لم يكن قط حارساً لمصالح السلطة البيروقراطية وكثيراً ماإصطدم مع هذه السلطة، وإن كانت درجة الصدام لم تصل إلى حد تلغيم الجسد وتفجيره فإنه على الدوام لم يصل أبداً لدرجة خيانة الإبداع، وكانت أخطر صور ذلك الصدام فى بدايته الشعرية عندما صودرت مجلة الآداب اللبنانية ومنعت من دخول مصر وكان السبب قصيدة لصلاح عبد الصبور فيها عبارة "ذو الأنف المقوس والندوب " وفهمت تلك العبارة على أنها إشارة للرئيس عبد الناصر، وحضر سهيل إدريس صاحب المجلة ليبحث عن حل لتلك المشكلة، وإستطاع مقابلة عبد الناصر بطريقة ما ويحكى سهيل ويقول "قدم لى عبد الناصر العدد الذى نشرت به قصيدة صلاح وقال لى :أنا تنشر عنى ذلك؟، فقلت له سيادة الرئيس أنت تعرف الشعراء ولم أفهم أنه يقصدك أنت، فإبتسم عبد الناصر ولم يقل شيئاً ولكن عينيه كانتا تقولان :أنت تعرف، وأنا أعرف، ووعد برفع الحظر عن دخول الآداب إلى مصر"، وبالطبع هذه الحكاية لها مغزى آخر ليس هنا مكان مناقشته بالتفصيل وهو أن زبانية النظام فى وقت عبد الناصر كانوا ملكيين أكثر من الملك.

مع ايفتيشنكو

من هو صلاح عبد الصبور؟

 

[ ولكن من هو هذا الشاعر الذى حظى بالحب بعد الرحيل وزرع فينا إحساس الندم وتأنيب الذات بعد فوات الأوان؟، هو محمد صلاح الدين عبد الصبور يوسف الحواتكى، المولود فى شارع الحمام فى حى كفر الصيادين بمدينة الزقازيق، وهو الأخ الثانى لستة أشقاء، ترجع جذور أبيه إلى الصعيد وكانت طبيعة عمله فى وزارة الداخلية تفرض عليه التنقل، ووالدته السيده إعتدال عثمان الباجورى والتى كانت متعلمة وتتمتع بحديث عذب وحنان جارف كانت هى النافذة الأولى التى أطل منها صلاح على جنة الشعر، وبعد حصوله على الشهادة الثانوية فى صيف 1947قدم أوراقه لكلية الطب حسب رغبة أبيه ولكن صلاح سحب أوراقه وتقدم للكلية الحربية، ولكن حال بينه وبين تحقيق تلك الأمنية الفلات فوت الذى رسب بسببه فى الكشف الطبى، فإلتحق بكلية آداب القاهرة قسم اللغة العربية فى خريف نفس العام، وعلى مقهى الطلبة فى الزقازيق تعرف على أصدقاء الشباب مرسى جميل عزيز وأحمد هيكل وأحمد مخيمر والشاب النحيف الذى كان يكبره بعامين وتخرج لتوه من معهد الموسيقى وكان إسمه عبد الحليم شبانه أو حافظ فيما بعد، وطلب عبد الحليم حافظ من صديقه صلاح أغنية يتقدم بها للإذاعة وسيلحنها له كمال الطويل، وكانت قصيدة لقاء التى تقول :

منذ عامين إلتقينا هاهنا والدجى يغمر وجه المغرب /وشهدنا النور يخبو حولنا

فسبحنا فى جلال الموكب/كانت الذكرى عزائى زمناً

يوم فارقت مجالى لمحاتك/كنت إن داعب القلب الشجنا

أتعزى بليالى ذكرياتك/لست أنساك غراماً فى دمى

ومنى عمرى وآمال غدى.....

[ وكانت تلك هى الأغنية الأولى والأخيرة لصلاح عبد الصبور وكأنه كان يودع الشعر التقليدى ليبدأ السير فى طريق جديد تماماً تحمل فيه القصيدة بصمته الخاصة وصوته الأثير، زرع الألغام فى غابة الشعر التقليدى الذى كان قد وقع فى أسر التكرار والصنعة ولكنه كان يفعل ذلك للبناء وليس للهدم، لتشكيل جسد القصيدة التى لاتحتاج إلى الموسيقى الصاخبة المجلجلة لأن جمهورها لم يعد فى الساحات بل فى البيوت، ووسيلة تلقيها لم تعد الأذن بل صارت العين نافذة العقل والروح، وجلالها وقدسيتها لم تعد جلال وقدسية الغرض الذى تتحدث فيه بل جلال وقدسية الصدق الذى نتنفسه داخل القصيدة حتى ولو كانت تتحدث عن العادى والتافه فى حياتنا "* ياصاحبى إنى حزين / طلع الزمان فماإبتسمت ولم ينر وجهى الصباح/ وخرجت من جوف المدينة أطلب الرزق المتاح /وغمست فى ماء القناعة خبز أيامى الكفاف /ورجعت بعد الظهر فى جيبى قروش /فشربت شاياً فى الطريق / ورتقت نعلى / ولعبت بالنرد الموزع بين كفى والصديق / قل ساعة أو ساعتين / قل عشرة أو عشرين / وضحكت من أسطورة حمقاء رددها الصديق/ ودموع شحاذ صفيق "، وإنفجر البركان بصدور ديوان "الناس فى بلادى "فى سنة 1957، ولم يصدق الجميع، إنه يتحدث عن الناس اللى بحق وحقيقى وليس الناس الذين لانراهم إلا فى أبيات القصائد، وقامت القيامة كيف يتحدث شاعر عن شرب الشاى ولعب الطاولة وترتيق النعل وكأن هذه الأفعال أفعال خارجة قبيحه، وكأن الشاعر كائن خرافى يهبط علينا من كوكب آخر مطلوب منه أن ينسج لنا عالماً ملوناً مخملياً حتى ولو أحسسنا بأن خيوطه من زيف وألوانه من كذب وملمسه من نفاق.

[ وبدأ صلاح عبد الصبور فى طرق ابواب جديده أيقظت البعض من سباتهم العميق وأقلقت البعض على مصير عروشهم التى كان قد أكلها السوس، فصدر ديوان أقول لكم 1961، أحلام الفارس القديم 1964، تأملات فى زمن جريح ورحلة فى الليل 1970، شجر الليل 1972، ثم الإبحار فى الذاكرة 1979.

 

صلاح عبد الصبور ليس شاعراً حزيناً

 

[ وكما أصدر الدواوين تولى صلاح شرح مشروعه الشعرى وتقديمه بنفسه للناس فى كتابه البديع "حياتى فى الشعر " وكأنه كان يخاف على مشروعه أن تشوهه أيادى العابثين، وكان همه الأول فى هذا الكتاب أن يدفع عن نفسه تهمة الحزن والتشاؤم والسلبية التى كان يدمغه البعض بها، فالتيار النقدى الغالب وقتها كان تياراً يتناول الشعر من منظور دوره الإجتماعى ويتعامل معه على أنه سلاح ثورى لابد أن يحتوى على نماذج إيجابية ثورية مشرقة، وكان صلاح عبد الصبور فى فترة ديوانه الأول متأثراً بالماركسية إلى حد كبير، وكانت معركته مع نقاد اليسار بعد ذلك هى التى وضعت النهاية الحاسمة لذلك التأثر وتلك العلاقة، ويرد صلاح عليهم فيقول"يصفنى نقادى بأننى حزين، ويديننى بعضهم بحزنى، طالباً إبعادى عن مدينة المستقبل السعيدة بدعوى أننى أفسد أحلامها وأمانيها، بما أبذره من بذور الشك فى قدرتها على تجاوز واقعها المزهر إلى مستقبل أزهر، وقد ينسى هذا الكاتب أن الفنانين والفئران هم أكثر الكائنات إستشعاراً للخطر، ولكن الفئران حين تستشعر الخطر تعدو لتلقى بنفسها فى البحر هرباً من السفينة الغارقة، أما الفنانون فإنهم يظلون يقرعون الأجراس، ويصرخون بملء الفم حتى ينقذوا السفينة أو يغرقوا معها "، ويستمر شاعرنا فى توضيح موقفه قائلاً "لست شاعراً حزيناً، ولكنى شاعر متألم، وذلك لأن الكون لايعجبنى ولأنى أحمل بين جوانحى كما قال شللى شهوة لإصلاح العالم ".

 

الشاعر والوجودية

[ وقد ساهم فى التعجيل بالقطيعة مع الماركسية تأثره الشديد بإليوت الذى سنتحدث عنه فيما بعد والذى كان الماركسيون يصفونه بالشاعر الرجعى، وقد عبر صلاح نفسه عن بداية هذا الشك فى تعليقه على كتابات جارودى حينما قال"إنها تعبر عن حدث هام وهو تواضع الماركسية الذى ألجئت إليه لكى تحتل مكانها كتفسير إقتصادى لتاريخ الإنسان، لاكنظرية شاملة أو كعقيدة تحكمية، أو ديانة جديدة "، ورحل صلاح عبد الصبور من أرض الماركسية ليحط رحاله على أرض الوجودية، وبدأت مرحلة أخرى مليئة بالقلق والسؤال والتى تجلت فى ديوانى "أقول لكم " و"أحلام الفارس القديم"ومسرحيتى "مأساة الحلاج و"ليلى والمجنون"، وقد ساهم فى تعرفه على مفردات هذه الفلسفة بدر الديب وهو الصديق الذى ساهم بشكل كبير فى تشكيل ثقافة صلاح عبد الصبور الفلسفية والشعرية أيضاً، "*بلاظل بلاصليب/الظل لص يسرق السعادة /ومن يعش بظله يمشى إلى الصليب فى نهاية الطريق "، هكذا صور لنا الشاعر إحساس السأم المعاصر، وقد قسم د. شكرى عياد وجودية صلاح إلى مرحلتي، الأولى وجودية متفائلة فى أحلام الفارس القديم، والثانية وجودية متشائمة فى ليلى والمجنون وصلت إلى قمتها السوداء فى مسرحية "مسافر ليل"، ولنستمع معاً إلى أصداء مرحلته الأولى فى أكثر قصائده تفاؤلاً "أغلى من العيون" وهو يقول "*عيناك عشى الأخير / أرقد فيهما ولا أطير / هدبهما وثير / خيرهما وفير / وعندما حط جناح قلبى النزق / بينهما / عرفت أننى أدركت/ نهاية المسير.... أى كون طيب يحيطنا / حين نكون وحدنا معاً / أى كمال لم يشاهد مثله / أى جمال /الله عادل بنا/ والكون خير مايزال/ والناس شفافون كالخيال"، ثم نشاهد بعدها مسرحيته العبثية مسافر ليل والتى تنتمى إلى الكوميديا السوداء، والتى يوجه فيها الكمسارى الطاغية الإتهام إلى المسافر المسكين بأنه قتل الله وسرق بطاقته الشخصية والحقيقة أن الكمسارى هو الذى يحاول القتل وأخذ المكانة ولعب نفس الدور، وتستمر المسرحية فى منحنى متصاعد يمعن فيه الطاغية فى الذل، ويمعن فيه المسافر فى تقديم أدلة البراءة، والنتيجة عملاق يتشكل ديناصوراً أمام قزم ينسحق حشرة!!.

مسرح صلاح عبد الصبور

 

[ وإذا كان صلاح عبد الصبور قد تأثر فى إتجاهه الوجودى بأستاذه "أبو العلاء المعرى"الذى يعتبره أعظم شاعر عربى، فقد تأثر فى مسرحه الشعرى بأستاذه "ت. س. إليوت " والذى كان إكتشاف صلاح عبد الصبور له بمثابة الكنز الذى جعله لايخشى المغامرة فى الشكل ولاالجسارة فى اللغة ولاالتنويع فى الموسيقى ولااللجوء للأساطير والأقنعة والنهل من كافة ثقافات العالم، كتب صلاح خمس مسرحيات شعرية هى "مأساة الحلاج "1964 و"مسافر ليل "1969 و"الأميرة تنتظر" فى نفس العام ثم "ليلى والمجنون" فى العام الذى يليها، ثم آخر مسرحياته "بعد أن يموت الملك "1973، وأعتقد أن هذه المسرحيات هى أهم مسرحيات شعرية فى تاريخ المسرح العربى كله، فشوقى وعزيز أباظه وحتى عبد الرحمن الشرقاوى وكل من حاول كتابة المسرح الشعرى من قبل صلاح كان يقع فى أسر الغنائية، كانت عيونهم على الشعر وليس على الدراما، أما صلاح عبد الصبور فقد كانت كتابته الدرامية على نفس مستوى كتابته الشعرية، وساعده على ذلك قراءاته المتعمقة فى المسرح والتى نستدل عليها من مقالاته النقدية المتعددة والتى حفرت مجرى جديداً ومغايراً لنهر الشعر العربى، وكان الشعر المسرحى عند صلاح هو روح تسرى فى عروق المسرحية قبل أن تكون قافية مفتعلة، فكانت البداية مع الحلاج والصراع بين السيف والكلمه، ومسافر ليل التى أشرنا إليها من قبل، والأميرة تنتظر الأميرةالتى فسرها النقاد بأنها الوطن الذى لابد أن يمارس الكبرياء فى كل لحظة حتى ولو كان الثمن هو العيش على قمة جبل الجليد"*ياإمرأة وأميرة /كونى سيدة وأميرة/لاتثنى ركبتك النورانية فى إستخذاء / فى حقوى رجل من طين / أيا أفضل ماكان / وغداً أو شهماً / عملاقاً أو أفاقاً / ولتتلقى ألوان الحب ولاتعطيه /إضطجعى مع نفسك /ولتكفك ذاتك "... ، وليلى والمجنون سعيد الحائر بين حلم الحب الممكن وحلم الحرية المستحيل "*إنى أتعلق من رسغى فى حبلين /الحبلان صليبى وقيامة روحى/ الحرية والحب/ والحرية برق قد لايتفتق عنه غيم الأيام الجهمة / برق قد لاتبصره عيناى، وعينا جيلى المتعب/ لكن الحب يلوح قريباً منى".... ، أما خاتمة مسرحياته فهى بعد أن يموت الملك والتى لايحتاج فيها الطاغية إلى الشاعر إلا ليخصب زوجته الملكه وبعدها يقتله، إنه نموذج لكل الطغاة الذين يعانون من العقم فيمارسون السادية "* مادمت أنا صاحب هذى الدولة/فأنا الدولة، أنا مافيها انا من فيها/ أنا بيت العدل وبيت المال وبيت الحكمه / بل إنى المعبد والمستشفى والجبانة والحبس ".

[ والمسرح الشعرى ليس هو وجه الشبه الوحيد بين صلاح وإليوت فقد سجل صديقه بدر توفيق نقاط تشابه أخرى عديده مثل أن كليهما كان مسئولاً عن دار نشر، كلاهما كان محباً للسفر، أخفق كلاهما فى زواجه الأول، لكليهما خمس مسرحيات، وكلاهما مارس التدريس والصحافة، واخيراً كلاهما وصم بالرجعية و إتهم بأن الشعر عنده ليست له غاية وهدف، ويتساءل صلاح نيابة عن إليوت ثم يجيب، هل للفن غاية بشرية؟نعم ولكن غايته هى الإنسان لاالمجتمع، هل للفن غاية أخلاقية؟نعم ولكن غايته هى الأخلاق لاالفضائل، هل للفن غاية دينية؟ نعم ولكن غايته هى الإيمان لاالأديان.

 

الله والحب عند صلاح عبد الصبور

 

[ وإنطلاقاً من هذا السؤال عن الغاية الدينية للشعر نتساءل نحن بدورنا عن علاقة صلاح بالله وليس هذا من باب التفتيش فى الضمائر ولكنه تقرير لما كتبه الشاعر بنفسه عن هذه العلاقة، وهذه من المرات النادرة التى يتحدث فيها مبدع عن تفاصيل تلك العلاقة، فإيمان شاعرنا ليس ذلك الإيمان السهل الذى يكتفى بالمعتقد الدينى الموروث وكفى ولكنه رحلة بحث وكشف وتأمل فقد كان فى صباه كما يقول "متديناً عميق التدين "حتى أنه كان أحياناً يصلى ليلة كاملة ليصل إلى المرتبة الصوفية وقد وصل فعلاً لمرحلة الوجد والتى إعتقد أهله معها أنه على حافة الجنون، ولكن كل هذا لم يمنحه السكينة، وولد الإنكار فى نفسه بعد تخرجه من الجامعة وقراءته للفيلسوف نيتشه، وظل هذا القلق طويلاً إلى أن وصل فى النهاية لشط الإيمان عن إقتناع ومجاهدة ولنقرأ ماكتبه فى سيرته الذاتية عن محطة وصوله الإيمانيه"إن الله لايعذبنا بالحياه، ولكنه يعطينا مانستحقه، لأنه قد أسلمنا الكون بريئاً مادة عمياء نحن عقلها فماذا صنعنا به على مدى عشرات القرون، لقد لوثناه بالفقر والإستعباد والطغيان"، ويستكمل مابدأه قائلاً "لقد أصبحت الآن فى سلام مع الله، أؤمن بأن كل إضافة إلى خبرة الإنسانية أو ذكائها أو حساسيتها هى خطوة نحو الكمال، أو هى خطوة نحو الله، وأؤمن بأن غاية الوجود هى تغلب الخير على الشر من خلال صراع طويل مرير، لكى يعود إلى براءته، التى ليس براءة غفلاً عمياء بل هى براءة إجتياز التجربة والخروج منها كما يخرج الذهب من النار وقد إكتسب شكلاً ونقاء، إن مسئولية الإنسان هى أن يشكل الكون وينقيه فى نفس الوقت، وليس سعيه الطويل إلا محاولة لغلغلة العقل فى الماده، وخلق كل منسجم متوازن يقدمه بين يدى الله فى آخر الطريق، كشهادة إستحقاق على حياته على الأرض".

[ وإذا كان طريق الوصول إلى الله هو الحب فماذا عن الحب نفسه عند صلاح عبد الصبور؟، يرد علينا الشاعر نفسه فيوجز قائلاً "*لأن الحب مثل الشعر ميلاد بلاحسبان / لأن الحب مثل الشعر ماباحت به الشفتان / بغير أوان / لأن الحب قهار كمثل الشعر / يرفرف فى فضاء الكون لاتعنو له جبهه/ وتعنو جبهة الإنسان/ أحدثكم بداية ماأحدثكم عن الحب"، ولكن هل الحب فعل آلى تتحكم فيه أزرار الريموت كنترول؟ أم أن القلب الكسير المتعب بالسؤال المريض بالقلق ليس من السهل عليه أن يمارس الحب؟"*أشقى مامر بقلبى أن الأيام الجهمة / جعلته ياسيدتى قلباً جهماً/ سلبته موهبة الحب/ وأنا لاأعرف كيف أحبك/وبأضلاعى هذا القلب "، وعلق الشاعر نثراً على ماكتبه شعراً وقال "الشعر والحب مثل الخنجر ذى الحدين، حين غرست أحدهما فى قلبى غرست الآخر، وقد كان الشعر جرحى وسكينى حين عرفت أن أتكلم جملة مفيدة، كان حلم حياتى أن ألبس قميص الجنون الشعرى حتى يوضع على جبينى غكليل غار من الزهر الغالى الثمين، وهاأنذا بعد كذا من السنين ليس على جبينى إلا بضع زهرات رخيصة، ولقد راهنت رهان فاوست لاعلى المعرفة بل على الإحساس، كان لابد أن أدور كالنرد على المائدة وأظل أدور حتى ينكشف وجهى عن الرقم العظيم، وكانت المائدة هى قلبى وهى قلب المرأة التى عشقتها، وهى قلب الحياة ".

[ وهاهو صلاح عبد الصبور يودعنا بعد أن ترك أمام ديارنا تلك الباقة من الحب، وتلك الرغبة فى نشر الخير، وتلك اللمسة الحانية الحاضنة، وتلك البسمة الطيبة المشجعة، وها نحن نتساءل هل سامحنا صلاح؟ هل صفح عنا؟ أم مازال قلبه ينزف وصوته يتهدج وأنفاسه تختنق وحنجرته تصرخ رافضة التصديق، للأسف كان صلاح رجلاً عظيماً يتأمل فى زمن جريح "* كان يريد أن يرى النظام فى الفوضى/ وأن يرى الجمال فى النظام/ وكان نادر الكلام/ كأنه يبصر بين كل لفظتين /أكذوبة ميتة يخاف أن يبعثها كلامه /ناشرة الفودين مرخاة الزمام/ وكان فى المسا يطيل صحبة النجوم/ ليبصر الخيط الذى يلمها/ مختبئاً خلف الغيوم/ ثم ينادى الله قبل أن ينام/ الله هب لى المقلة التى ترى / خلف تشتت الشكول والصور / تغير الألوان والظلال / خلف إشتباه الوهم والمجاز والخيال/ وخلف ماتسدله الشمس على الدنيا/ وماينسجه القمر / حقائق الأشياء والأحوال"

يُعدّ صلاح عبد الصبور (1931 - 1981) أحد أهم رواد حركة الشعر الحر العربي. كما يعدّ واحداً من الشعراء العرب القلائل الذين أضافوا مساهمة بارزة في التأليف المسرحي, وفي التنظير للشعر الحر.

 

تنوعت المصادر التي تأثر بها إبداع صلاح عبد الصبور: من شعر الصعاليك إلى شعر الحكمة العربي, مروراً بسيَر وأفكار بعض أعلام الصوفيين العرب مثل الحلاج وبشر الحافي, اللذين استخدمهما كأقنعة لأفكاره وتصوراته في بعض القصائد والمسرحيات. كما استفاد الشاعر من منجزات الشعر الرمزي الفرنسي والألماني (عند بودلير وريلكه) والشعر الفلسفي الإنكليزي (عند جون دون وييتس وكيتس وت. س. إليوت بصفة خاصة). ولم يُضِع عبد الصبور فرصة إقامته بالهند مستشارا ثقافياً لسفارة بلاده, بل أفاد ـ خلالها ـ من كنوز الفلسفات الهندية ومن ثقافات الهند المتعددة.

 

وقد صاغ الشاعر ـ باقتدار ـ سبيكة شعرية نادرة من صَهره لموهبته ورؤيته وخبراته الذاتية مع ثقافته المكتسبة من الرصيد الإبداعي العربي ومن التراث الإنساني عامة. وبهذه الصياغة اكتمل نضجه وتصوره للبناء الشعري.

 

وُلد الشاعر في إحدى قرى شرقيّ دلتا النيل, وتلقى تعليمه في المدارس الحكومية. ثم درس اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا), وفيها تتلمذ على الرائد المفكر الشيخ أمين الخولي الذي ضم تلميذه النجيب إلى جماعة (الأمناء) التي كوّنها, ثم إلى (الجمعية الأدبية) التي ورثت مهام الجماعة الأولى. وكان للجماعتين تأثير كبير على حركة الإبداع الأدبي والنقدي في مصر.

 

كان ديوان (الناس في بلادي) (1957) هو أول مجموعات عبد الصبور الشعرية, كما كان ـ أيضًا ـ أول ديوان للشعر الحديث (أو الشعر الحر, أو شعر التفعيلة) يهزّ الحياة الأدبية المصرية في ذلك الوقت. واستلفتت أنظارَ القراء والنقاد ـ فيه ـ فرادةُ الصور واستخدام المفردات اليومية الشائعة, وثنائية السخرية والمأساة, وامتزاج الحس السياسي والفلسفي بموقف اجتماعي انتقادي واضح.

 

وعلى امتداد حياته التي لم تطُل, أصدر عبد الصبور عدة دواوين, من أهمها: (أقول لكم) (1961), (أحلام الفارس القديم) (1964), (تأملات في زمن جريح) (1970), (شجر الليل) (1973), و(الإبحار في الذاكرة) (1977).

 

كما كتب الشاعر عددا من المسرحيات الشعرية, هي: (ليلى والمجنون) (1971) وعرضت على مسرح الطليعة بالقاهرة في العام ذاته, (مأساة الحلاج) (1964), (مسافر ليل) (1968), (الأميرة تنتظر) (1969), و(بعد أن يموت الملك) (1975).

 

كما نُشرت للشاعر كتابات نثرية عديدة منها: (حياتي في الشعر), (أصوات العصر), (رحلة الضمير المصري), و(على مشارف الخمسين).

 

 

 

 

____________________________________

 

أجواء " مسافر ليل "

 

وكان صلاح عبد الصبور قد عبر عن إعجابه بطريقة يونسكو في الكتابة المسرحية إلى الحد الذي جعله يستعير أسلوب يونسكو في الكتابة والذي عرف بأسلوب العبث أو اللا معقول في مسرحية ( مسافر ليل ) والتي تحكي عن مسافر يجلس وحيدا في أحد القطارات ، فيظهر له الكمساري في زيه الذي يشبه الزي العسكري ويطالبه أولا بالتذكرة فيأكلها ثم يطالبه ببطاقة الهوية فيلتهمها الكمساري أيضا فتتوحد في هذه الأثناء في ذهن الراكب صورة الكمساري بصورة الطغاة عبر التاريخ : الاسكندر ، هانيبال ، تيمور لنك ، هتلر ، الخ .. ويواصل الكمساري تعذيبه للمسافر حتى يقضي عليه أخيرا بطعنة من خنجر .

وهي معالجة قضية القهر السياسي والارهاب الفكري بهذا الأسلوب الفني العبثي .

 

_____________________________________________

 

" مسافر ليل " ببصمة الصواري

 

مقالات ...

 

مسافر ليل برؤية ما بعد حداثية

 

 

أرسل يوم السبت 16 سبتمبر 2006

 

محمد زعيمة - القاهرة : قدمت فرقة مسرح الصواري البحرينية مسرحية مسافر ليل تأليف صلاح عبد الصبور وإخراج إبراهيم خلفان وهي تسير علي نهج تجارب الفرقة السابقة مثل الليلة العلمية وضوء وظل وصراع ويوم نموذجي واغلبها يعتمد علي أن يتم العرض داخل قاعة مع استخدام إضاءة بطريقة تبدو فيها أجساد الممثلين وكأنها نحت في فراغ القاعة .

 

وفي هذا العرض يعتمد علي نص صلاح عبد الصبور ولكن وفق تصور المخرج الذي أعاد ترتيب مشاهد مسافر ليل التي تدور في قطار من خلال قهر عامل التذاكر عشري السترة للراكب في شكل عبثي . لكن المخرج هنا يستفيد من تقنيات الكتابة والعرض في ما بعد الحداثة حيث يعتمد علي التشظي حيث يجعل من الراكب أكثرمن شخصية موزعاً حواره علي الشخصيات ويجعل من عامل التذاكر شخصية تبدو مجنونة تجلس طوال العرض داخل (طست) مملوء بالماء مما يذكرنا بحالة البطل في ماراصاد. ويغير المخرج في ترتيب الأحداث بحيث يجعل البنية دائرية فالشخصيات التي تم تفتيتها تتعرض لنفس الموقف وتنتهي بنفس النهاية المأساة وهي القتل لتبقي أحداث المسرحية وكأنها تتكرر مع شخصيات عديدة وهو ما أكد علي قهر عشري السترة أو عامل التذاكر للآخر انطلاقاً من قوته وهو ما يعطي للمسرحية تفسيراً خاصاً بل يتيح تعدد التفسيرات حسب ما هو معروف في ما بعد الحداثة بل إن العرض ككل اعتمد علي الغموض حيث صعوبة تتبع خط دارمي كما هو الحال في النص الأصلي فهنا نتيجة للتعديلات التي أدخلت علي النص سواء بالتأخير لبعض الحوارات وتبديل أماكنها أو تفتيت الشخصيات كل ذلك أضفي نوعاً من عدم الوضوح للمعني . في العرض غير المخرج أيضاً من مكان الأحداث حيث نقلها من عربة القطار إلي مكان غير واضح فالعامل يجلس يستحم بينما الراوي الذي اختزل دوره مازال في الخلفية ممسكاً بالمكنسة بشكل آلي وهو الوحيد الذي ينجو أما الشخصيتان الأخريان فهما الراكب بعد تشظيه ويستخدم المخرج مصادر إضاءة متعددة الاتجاهات سواء من أسفل أو أعلي أو من الأجناب بينما يحيط المتفرج بالممثلين من ثلاث جهات . ويعتمد العرض علي إيقاع تمثيلي رتيب مع استخدام أصوات خافتة واستخدام الصمت مما يحيل إيقاع العرض إلي ايقاع طقسي وتساعد الإضاءة غير الملونة والشاحبة في هذا الإحساس حيث يصبح العرض بإيقاعه مؤكدا علي الشعور بالخوف والرهبة التي هي تتملك الجميع بمن فيهم عشري السترة عامل التذاكر فهو وإن كان طوال الوقت يستخدم الماء محاولاً التطهر إلا أن وسيلته تكون في نفس الوقت وسيلة القتل تأكيداً علي التناقض الذي يعتمد عليه العرض . كذلك نجح ممثلو العرض في التحكم في قدراتهم الجسدية والتأكيد علي الشخصية ومكنونها الداخلي وإظهار الخوف الداخلي الذي يسيطر علي الجميع كما تمكن عشري السترة من التنقل في الأداء الصوتي بين الخفوت والعلو في لحظات قصيرة داخل الجملة الواحدة معبراً عن ازدواجية الشخصية التي تحمل القوة والضعف ، الخوف والشجاعة إنها رؤية مخالفة لكل ما رأيناه من عروض لمسافر ليل صلاح عبد الصبور .. هي رؤية نتفق أو نختلف معها لكنها في النهاية عرض يحسب لفرقة الصواري البحرينية .

 

__________________________________________________

 

خلفان» نجم الصواري .. ومحاولات في التقييم ولكن؟

 

على رغم تقديم مسرح الصواري لعرض مسرحي وحيد في هذه السنة، وإعادة عرض قديم، إلا أن الصواري تقدم بخطوة مهمة طال انتظارها، تتمثل في مراجعة التجربة ونقدها، ومحاولة تأسيس أرضية حوار مشتركة بين المسرحيين المنتمين لهذا المسرح والنقاد المتفاعلين مع عروضه من داخل البلاد وخارجها. وقد كان ذلك في المرة الأولى ضمن احتفال الصواري بيوم المسرح العالمي، ومن خلال سلسلة من الندوات الداخلية تالياً. وهذه خطوة في الاتجاه الصحيح، وستظهر آثارها - إن كانت العزيمة المتقدة تريد فعلاً المراجعة والتقييم - في عروض هذا المسرح المقبلة.

وهذه خطوة إيجابية ينبغي الإشارة إليها، مع الدعوة في الوقت نفسه لأن تتكاثر مثل هذه الندوات عند الصواري وعند بقية المسارح الأخرى، بهدف خلق حال حوارية حقيقية، هي مفقودة في الواقع، لا بين المشتغلين بالمسرح فحسب، بل حتى ضمن أعضاء الفرقة المسرحية الواحدة، وربما ضمن فريق العرض المسرحي الواحد. على أن تكون هذه الحوارية، مفضية إلى مراجعة ونقد الذات أولاً وقبل كل شيء. ومن ثم يكون تقييم تجربة الفرقة، حتى تعرف أين موقعها الحقيقي على الخارطة .. وإلى أين هي ماضية، وهل تسير بالاتجاه الصحيح، وهل عروضها ونشاطاتها بالفعل تحقق الأهداف التي أنشأ المسرح من أجل تحقيقها؟

لقد دق الصواري المسمار الأول في هذا الشأن، وربما تكون مثل هذه الفعاليات في قابل الأيام ذات فائدة وأهمية، فالبدايات الصحيحة المتماسكة تكون في العادة شاحذة همة ونقد .. أما إذا لم تكن النوايا مخلصة، فالأمر لا يعدو أن يكون إلا مظاهر شكلانية ولقاءات اجتماعية وتوطيد علاقات شخصية. وبالتالي فإن هذه الخطوة على غرابة بعض تفاصيلها مثل استقطاب أسماء لا علاقة لها بالموضوع من خارج البلاد وعدم استكمال الحلقة في يومها الثاني لتغيب الجميع.

* أما عن العرض الذي قدمه الصواري هذه السنة فهو عرض ‘’ مسافر ليل ‘’ لمخرجه إبراهيم خلفان، وهي المرة الثانية التي يتصدى فيها خلفان لنص صلاح عبدالصبور هذا. وقد شارك في المسرحية تمثيلاً، كل من باسل حسين، حسين عبدعلي، منذر غريب، محمود الصفار، نجيب جلال، وكان العرض في صالة المسرح، وسط استغناء عن جميع الديكورات باستثناء كرسي وصندوق، مع استغلال بسيط لبعض مشتملات الفضاء نفسه من أبواب ونوافذ وما شابه، والقليل من الإنارة. وقد قام الفريق العامل في هذا العرض ببذل جهد بدني كبير على مستوى الحركة.. لكن العرض في عمومه لم يكن مقنعاً، كما أن التقشف الذي بات سمة ملازمة لعمل خلفان غير مقنع أيضاً. وعموماً كان حضور الممثل الشاب حسين عبدعلي لافتاً في هذا العرض، لكن حضوره وحركاته ومنطوقه والصراع الذي كان يدور بينه وبين الشخصية الثانية كانت تسير في خط مستقيم. ولم يكن إعداد لنص مسعفاً حتى لأبسط الأمور مثل: فهم الصراع، وتحولاته، وانقلاب الضحية إلى جلاد والعكس بالعكس في هذا النص. وقد مثلت هذه المسرحية البحرين لاحقاً في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، وارتأت لجنة الاختيار إقصاء العرض عن المسابقة، وإدراجه ضمن جدول العروض التي تقدم على الهامش. الأمر الذي تسبب في كثير من الإحباط لفريق المسرحية. لكن هذا الاستبعاد يثير العديد من الأسئلة المؤجلة منذ سنوات بعيدة، وهي أسئلة بدهية لم تطرح قط على بساط المناقشة بشكل علني وجدي، وبالكثير من المصارحة والمكاشفة.

ففي الوقت الذي أعرب فيه المخرج عن حزنه وخيبة أمله من قرار لجنة الاختيار التي استبعدت هذا العرض، نجد أن اللجنة استبعدت جميع العروض المقدمة من المسارح في الدولة المضيفة، بما يفيد بكون هذه اللجنة صارمة في تقييمها. كما أفاد المخرج بتراجع مستوى المهرجان. ولو صدق ما صرح به خلفان، فإن سؤال ما جدوى المشاركة في مهرجان متراجع ضعيف هو سؤال مشروع؟ أما لو كانت اللجنة محقة، فالسؤال الآخر المشروع لماذا المشاركة بعروض ضعيفة؟ هذان السؤالان يجيب عنهما الصواري وقطاع الثقافة.

* من ناحية ثانية أعاد الصواري تقديم مسرحية ‘’ الزيارة الأخيرة ‘’ لإبراهيم خلفان إخراجاً ويوسف الحمدان تأليفاً، وذلك على هامش الدورة التاسعة من مهرجان المسرح الخليجي للفرق الأهلية. وقد أخلص فريق المسرحية للعرض الذي قدم قبل نحو سنتين، وأعادوه مجدداً بالشكل نفسه، بل واحتفظوا بالتفاصيل كافة من دون تغيير أو تطوير أو مراجعة، باستثناء زيادة في الإشارات الإيروسية.

وهذا العرض عبارة عن لعبة من القسوة والعنف والصراخ والتشنج الجسدي. وهو يحكي قصة سالم بن سعادة الذي يعاني عقد اضطهاد. وتدور أحداث هذه المسرحية بالغة القسوة والمزعجة حد الضجر لكثرة الصراخ في سياق زيارة من أم لولدها المريض. وكانت زيارة عنف وخوف وقسوة وتوتر، ولم تتخللها سوى لحظات من الهدوء النسبي.

 

 

_________________________________________

 

 

هل المهرجان متراجع أم العرض متواضع؟

«مسافر ليل» الصواري على هامش «القاهرة التجريبي »

 

 

الوقت - حسام أبوأصبع:

يثير خبر استبعاد مسرحية ‘’مسافر ليل’’ لمسرح الصواري من دخول المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي في دورته المقامة حالياً، والاكتفاء بتقديم العرض على هامش المهرجان، يثير كثيراً من الأسئلة المؤجلة منذ سنوات بعيدة، وهي أسئلة بدهية لم تطرح قط على بساط المناقشة بشكل علني وجدي، وبكثير من المصارحة والمكاشفة.

فقد أعرب مخرج العرض الفنان إبراهيم خلفان عن حزنه وخيبة أمله من قرار لجنة الاختيار التي استبعدت هذا العرض، بل إنه زاد في الخبر الذي نشرته الزميلة ‘’الأيام’’ يوم الخميس الماضي ‘’أن اللجنة استبعدت كثيراً من العروض، ومنها جميع عروض الدولة المنظمة التي تشارك بــ (25) عرضاً مسرحياً، وأن العرض الروماني الذي نجا من عروض الهامش وتم اختياره للمسابقة يتسم بالضغف، وأن المهرجان - كما جاء في الخبر - بلغ بما معناه، سن اليأس، كما أنه في تراجع مستمر’’.

فإذا ما ذهبنا للإيمان بما قاله مخرج العرض من تراجع لمستوى المهرجان، فنحن إزاء إشكال حقيقي، وهنا لابد من التوقف هنيهة، ونتساءل: لماذا نشارك، وما جدوى من مثل هذه المشاركات؟ علماً أن مشاركات المسارح الأهلية في المهرجان منذ انطلاقته العام 1989 كانت قد شهدت في السابق حرمان بعض العروض من دخول المسابقة، كما أن كثيراً منها لم يملك الشفاعة لنفسه حتى يحتل ولو حيزاً بسيطاً من بؤرة هذا الحدث، ولم تثر أي نوع من ردود الفعل، حتى لو كانت باردة. وهنا نتساءل: لماذا يتكبد قطاع الثقافة الأموال الطائلة على مثل هذه المشاركات في مهرجانات ضعيفة ذات مستوى متراجع - بحسب قول خلفان وسواه من الفنانين - على مدار دورات المهرجان الكثيرة؟

والعكس بالعكس، إذا افتراضنا جدلاً أن لجنة الاختيار التي استبعدت هذا العرض وسواه بنت رأيها على معايير فنية دقيقة، وأنها حين شاهدت هذا العرض وطبقت عليه هذه المعايير، وجدت فيه عدم بلوغ السقف الفني المعقول أو المطلوب، أو أن العرض جاء أقل من مستوى دخول المسابقة. وهنا نطرح سؤالاً آخر يتقاطع مع السؤال السابق: لماذا المشاركة في المهرجان بعرض مسرحي متواضع؟

أما نحن الذين لا نستطيع، في التو واللحظة، تبني إجابة محددة لعدم توافر المعطيات الدقيقة كافة. كما لا نملك الوقوف في صف المخرج وتبني وجهة نظره، خصوصاً أننا لم نشاهد العرض في نسخته المعدلة.. وفي الوقت نفسه لا نملك الوقوف في صف لجنة الاختيار التي لا نعرف معاييرها ولا مستنداتها في استبعاد العرض.

لكننا على يقين بوجود إشكال حقيقي مبني على عدد من المعطيات. فمن ناحية مبدئية، فعرض ‘’مسافر ليل’’ هو العرض التاسع ضمن مشاركات مسرح الصواري في المهرجان. وهذا يفيد بكون الصواري هو الممثل شبه الرسمي للمسارح الأهلية والجهة الرسمية في هذا المهرجان، بحكم عدد المشاركات، وبسبب تطابق عمل المسرح في التجريب مع مسمى المهرجان وأهدافه ومراميه.

وتدلنا هذه المعطيات إلى أن أولى المشاركات كانت بعرض ‘’كاريكاتير’’ للمخرج يوسف الحمدان العام ,1991 وصولاً إلى عرض ‘’يوم نموذجي’’ لإبراهيم خلفان العام ,2003 وانتهاء بالعرض الذي نحن بصدده. وقد تباينت مستويات عروض الصواري في المهرجان، وكذلك مستوى التعاطي مع هذه العروض رسمياً ونقدياً وإعلامياً. ففي الوقت الذي كانت فيه بعض العروض مثل ‘’اسكوريال’’ للفنان عبدالله السعداوي (1993) قاب قوسين من الظفر بجائزة، فإن العرض التالي حقق جائزة الإخراج (الكمامة - 1994)، وكانت هذه هي الجائزة اليتيمة، وهي الاعتراف الرسمي الوحيد من قبل المهرجان بإمكانات وطاقات ‘’الصواري’’ وبقية الفرق المسرحية الأهلية التي شاركت على مدار دورات المهرجان.

وعلى صعيد متصل، فبعض العروض حظيت باهتمام نقدي وإعلامي لافت، وإن لم تفز، مثل عرض ‘’ضوء وظل’’ للفنان سلمان العريبي (1999)، الذي استضافته الفضائية المصرية في برنامج ‘’صباح الخير يا مصر’’ مع الفنان محمد الصفار في لقاء نادر؛ إذ قلما كان يستقطب هذا البرنامج ضيوفاً غير مصريين، حيث تحدثا في اللقاء عن تجربتهما. كما كان لعرض ‘’الظلمة’’ للفنان محمد رضوان (1996) صدى طيباً على مستوى الاهتمام الذي أولي لهذه المسرحية. ولكن بالمقابل، مرّ كثير من العروض لهذه الفرقة وسواها من الفرق الأهلية مرور الكرام، ولم تثرِ أي شيء، بل سبقت أخبار المشاركة الفاشلة لبعض العروض عودة الفرق إلى البحرين. كما كانت هناك بعض المشكلات الباعثة على الحيرة، والتي تؤكد أن فريق هذه المسرحية أو تلك أو بعض الأفراد العاملين فيها حين قصدوا المهرجان لم يكونوا يهجسون بأي شيء سوى استثمار فترة الإقامة في السياحة والتسكع. ووصل الأمر أحياناً إلى أن بعض المشاركين لم يتجشموا عناء مشاهدة أي عرض من عروض المهرجان، والتي تعد بالعشرات، ومن جهات الأرض الأربع، بل إن بعضهم كان سبب وجوده في المهرجان بهدف المتابعة والاستفادة وليس لشيء آخر. وهذه إحدى صور المشاركات المحلية في المهرجان إلى جانب الصور المشرقة التي أشرنا إليها.

والآن، بعد هذا العرض، وبيان اختلاف وتذبذب مستويات العروض المشاركة في الدورات السابقة، على الجهة الرسمية أن تأخذ على محمل الجد بعد التحقيق في الموضوع أمرين اثنين؛ الأول: أن تتدارس بالأدلة الموثقة والبراهين الساطعة مسألة تراجع المهرجان، وعدم الجدوى من المشاركة فيه، فإذا ثبت ذلك فالأمر بيدها ولتعلق المشاركة، ولا داعي - من ثم - لأن يكون المهرجان فرصة للسياحة المجانية على حساب أموال القطاع لبعضهم.

الأمر الثاني: إذا لم يثبت ذلك، وتبين أن في الأمر مبالغة، وأن الكلام غير دقيق، فليشدد القطاع من معاييره في اختيار العروض المشاركة في المهرجان، ولا داعي لإنفاق الأموال على عروض لا تستحق المشاركة وتمثيل المسارح الأهلية والقطاع والدولة ككل. ولتعلق المشاركة مرحلياً حتى يظهر العرض المسرحي التجريبي المناسب الذي يستطيع أن يكون إضافة، وأن يكون حدثاً بحد ذاته، وتكون مشاركته عن جدارة واستحقاق، بقطع النظر عن نتائج مسابقة التميز التي هي مسابقة مجانية.

وأخيراً، قد يكون هذا الحديث مزعجاً لبعض الناس، لكن الأكثر إزعاجاً أن نرى بوضوح تناقضاً بين القول والفعل، فإذا كان المهرجان متراجعاً فلماذا نشارك فيه؟ هذا هو السؤال.

 

_______________________________________

 

روابط تخص " مسافر ليل " على المنتدى

 

 

http://bahrain2day.com/forums/index.php?sh...00&hl=مسافر+ليل

 

 

http://bahrain2day.com/forums/index.php?sh...07&hl=مسافر+ليل

 

 

http://bahrain2day.com/forums/index.php?sh...90&hl=مسافر+ليل

 

 

http://bahrain2day.com/forums/index.php?sh...86&hl=مسافر+ليل

 

 

__________________________

 

تحية عظيمه للاستاذ الرائع: ابراهيم خلفان

 

ومن ثم لمسرح الصواري

Edited by وهج من نور
Link to comment
Share on other sites

ثانكس اختي على الموضوع الممتاز الذي كان لابد من قبل ان يشيع ، حيث كل مخرج يتعاون مع نص الأدبي ويخلط فيه ادواته في النص الأخراجي للمسرحية ، ولكل مخرج اسلوبه الخاص ، فهناك مخرجين يلعبون في النص الأدبي ويخرجون بعمل رائع ، وهناك ايضاً مخرجين ممن يقرأ النص ويتقنه بسرعة وبحماس ، فأستاذي المخرج (( ابراهيم الخلفان )) لعب لعبته في هذه المسرحية فهناك حذف لشخصية الراوي في المسرحية وايضاً هناك تلاعب كثير ، فهذا الشيء ما يميز المخرج المثقف ، ممن يقرأ ويهتف إلى الأكتشاف .

 

وانا اعتبر الأستاذ المخرج (( ابراهيم الخلفان )) من ابرز المخرجين المسرحيين الذي قام بعرض اساليبه المسرحية الغامضة ..

 

(( شكلي وايد طولت عليج )) هههههههه

 

وشكراً لكي على الموضوع

Link to comment
Share on other sites

اولا اشكر لك اخي الكريم مرورك

 

ثانيا اشكر لك الرد فيه

 

ثالثا "ولكم "

 

رابعا ماجعلني انزل هذا التقرير ... اعجابي الطائل بمسرح الصواري وانتاجه المتميز..

 

ولكن كنوع من الجذب كان تشيع "عوني كرومي"..

 

خامسا لا اختلف معك البته بـــ رؤية استاذي الكبير ابراهيم خلفان

 

وكان هذا التقرير نوع من الاعجاب

 

شاكره لك مرورك مرة آخرى... وعلى العكس لم اجد بسطورك تطويل

Link to comment
Share on other sites

  • 4 months later...
  • 4 months later...

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...