Jump to content
منتدى البحرين اليوم

المدرسة الحتمية الجغرافية


Recommended Posts

 

الـمــقـدمــة

 

ظهرت مدارس حتميات "إنسانية" . وقد شددت المدارس على العامل الإنساني ، صفاته ، مزاياه ، طبيعة تركيب حياته الاجتماعية ، معتمدة هذه المظاهر لتفسير وتبرير كل تبدل أو تطور في الواقع الاجتماعي، محاولة بذلك استشراف مستقبل معين يسير إليه المجتمع .

*ومن هذه المدارس : المدرسة الحتمية الجغرافية

وقد تفرعت هذه المدرسة الى المذاهب التالية :

1. المذهب العضوي .

2. مذهب علم الاجتماع الحيواني .

3. المذهب السلالي .

وفي هذا الموضوع سوف نعالج المذهب الأول وأترك معالجة المذهب الثاني والثالث.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

1- المذهب العضوي هو مذهب قديم ، إذ أننا نجد آثار مقارنات بين المجتمع وجسم الإنسان في كثير من المؤلفات القديمة . إلا أن الجديد من اكتشافات علم الحياة التي أظهرت الجهاز العضوي كجهاز وحدات فردية ، وهي الخلايا ، كان من شأنها أن تمهد لهذا الاتجاه .

لقد برزت هذه الفكرة بوضوح في العصر الحديث مع سان سيمون (1760-1825) فهو كان شديد الاهتمام بعلم الحياة العضوية. وعلى أساس هذا العلم تصور علماً جديداً ، لم يكن في الواقع سوى علم الاجتماع . ويظهر هذا الاتجاه في كتابه "مذكرات عن علم الإنسان" (1813) حيث يشدد على اتباع قاعدة البرهنة المبنية على المشاهدة والنقد في علم الاجتماع على غرار التجاوب في علم الحياة .

وقد تابع تلميذ سان سيمون الطبيب بوشيز هذه الفكرة لكنه طورها وكان أكثر حذراً من معلمه، إذ أنه اعترف في سلسلة مقالات بعنوان "مواقيت الانتقال من علم الحياة العضوية الفردي إلى علم الحياة العضوية الاجتماعي" التي نشرها بين شهري نيسان حتى أيلول سنة 1826 في المجلة السان سيمونية "المنتج" بأن "النوع (الإنساني) يخضع لسنن خاصة إلى جانب السنن التي تلازم علم الحياة العضوية" (المنتج ، نيسان ، 1826 ، صفحة 132) .

وظهر هذا المذهب مع أوغست كونت إذ أنه أسمى علم الاجتماع في الدروس الأولى من كتابه "تدريس الفلسفة الإيجابية" "علم الطبيعيات الاجتماعي" لكنه عاد فأبدل اسمه في المجلد الرابع بـ "سوسيولوجيا" ليفرقه عن "علم الطبيعيات الاجتماعي" لمؤلفه كتليت (1835) الذي أتينا على ذكره في الحلقة الأولى .

ولم ينفرد علماء الاجتماع باستعارة مفاهيم وقوانين علم الحياة وتطبيقها على المجتمع ، بل إن علماء الحياة أنفسهم لجأوا إلى الأحداث الاجتماعية لكي يستعيروا منها بعض التشابه .

فقد أكد هنري ميلن ادواردس في كتابه "مدخل إلى دروس في علم الحياة العضوية والتشريح المقارن" (1857) أن تقسيم العمل يوجد في "أعمال الطبيعة كما يوجد في مسلك البشر" .

ومن جهة أخرى فإن داروين استوحى فكر العالم الاقتصادي مالتوس الذي درس التفجر الانامي والصراع بين الجماعات ، والمشهور بدعوته لتعقيم النوع البشري ، لكي يبني أراءه في المنافسة الحياتية بين الكائنات الحية ، وليفسر انقراض بعضها وتطور البعض الآخر .

واشتهر عالم الاجتماع الروسي ليليانفلد في كتابه بالألمانية "أفكار في علم اجتماع المستقبل" (1873-1881) بتشبيهه المجتمع بجهاز عضوي حي . وأغرق في المقارنة حتى أنه أطلق اسم "تكوين الرأسمال" على نشوء الاحتياطات العضوية الغذائية .

أما أكثر من اشتهر بهذا المذهب فهو ولا شك هربرت سبنسر .

لقد أظهر هربرت سبنسر ميولاً نحو البيولوجيا منذ حداثة سنه . وقد أظهر سنة 1852 نظريته في التطور (أي سبع سنوات قبل ظهور كتاب شارل داروين "أصل الأنواع") وقد طبقها على ميادين البيولوجيا وعلم الاجتماع .

وحين كان سبنسر يدرس المجتمع في منظار البيولوجيا كان يفعل ذلك حرصاً منه على إقامة نظرية شاملة في "فلسفة التاريخ"،.. ذلك أن علم الاجتماع كان لا يزال محكوماً بوهم سير المجتمع نحو مرحلة مثالية نهائية .

وقد وضع سبنسر أسس نظريته في كتابه "مبادئ علم الاجتماع" (1879) حيث يقول: "أن التطور الاجتماعي هو جزء من التطور العام" . والمجتمع برأيه يجب أن ينظر إليه كجهاز عضوي لسببين : أولاً بالنظر إلى "نموه المتواصل"، وثانياً بالنظر إلى "تقسيم العمل" . فالمجتمع حسب سبنسر يتطور نحو نهاية مقررة على طريقة الـ Ontogenese للمركبات العضوية (يقصد بالانتوجناز تطور الوجود العضوي من النطفة والخلية إلى التمايز ونمو الأنسجة والبلوغ وفق قواعد تدرسها البيولوجيا) .

غير أن التشابه برأي سبنسر يقف عند حدود . فهو يشير إلى فرق هو أن الوحدات الحية في المجتمع تكون منفصلة ومتفرقة بينما هي في الجسم الحي كل راهن .

وامتد تأثير المذهب العضوي إلى مذاهب أخرى . وازدهر خاصة مع ألبرت شايفل، وغليوم غريف، حتى العالم الفرنسي رينه ورمس . فقد تبنى هذا الأخير في كتابه "الجهاز العضوي والمجتمع" (1896) المذهب العضوي ، لكنه بعدئذ اعترف بوجوب وضع حد لهذا المذهب إذ قال :

"لا يمكن لعلم الاجتماع أن يكون تمديداً بسيطاً لعلم الحياة" .

والآن بعد أن عرضنا أهم ممثلي هذا المذهب ننتقل إلى معالجة موقف ورأي سعاده .

لقد كان سعاده على اطلاع على أراء سبنسر ونظريته في التطور (1) . لكن علم الاجتماع لديه له كيان خاص به وموضوع خاص به . سعاده يشدد على خاصية spécifité الواقع الاجتماعي . ومع اعترافه بوجود "سنن عامة تجري على الأجسام الحية كلها" (2) إلا أنه يشير إلى أن "النواميس لا تمحو خصائص الأنواع" (3) .

أما بصدد مفهوم سبنسر الأساسي في التطور فقد قدم سعاده القاعدة الصحيحة التي تمنع من الوقوع في فخ سنة التطور فهو يقول:

"إن الناموس اصطلاح بشري لمجرى من مجاري الحياة أو الطبيعة نقصد به تعيين استمرار حدوث فعل أو خاصة من أفعال وخواص الحياة أو الطبيعة لا أن الحياة أو الطبيعة وضعت لكائناتها هذه النواميس وأمرتها بالسير عليها . وفي كل النواميس التي نكتشفها يجب أن لا ننسى أننا نستخرج النواميس من الحياة، فيجب أن لا نجعلها تتضارب مع المجرى الطبيعي الذي تعرفه بها . فكوننا اكتشفنا ناموساً أو ناموسين من نواميس الحياة العامة يجب أن لا يحملنا على نسيان الواقع الطبيعي ونواميسه الأخرى، فالنواميس لا تمحو خصائص الأنواع . وإذا كنا قد اكتشفنا سنة التطور فيجب أن لا نتخذ من هذه السنة أقيسة وهمية تذهب بنا إلى تصورات تنافي الواقع وتغاير الحقيقة" (4) .

وهذا التعيين العلمي هو ما يسمح لسعاده أن يقول: "أن الحياة البشرية ، ككل حياة أخرى ، تجري وفاقاً لناموس عام هو ناموس العلاقة البيولوجية المثلثة الأضلاع : الجسم – النفس (الدماغ) – المحيط" (5) .

وهنا لا بد أن نثير مسألة هي في أساس نشوء المذهب العضوي . ففي القرن التاسع عشر سرت عادة في صفوف المفكرين ، أشبه بالوباء ، هي استعارة مفاهيم من علوم معينة وأطباقها علوم أخرى . ومن هذه الطريقة نشأت مفاهيم عرفت فيما بعد بالـ Animist ونشأت كذلك فلسفة المادية الجدلية الماركسية . فقد اعتبرت الماركسية أن الفكر انعكاس للواقع المادي ولما كان الجدل هو قانون الفكر، فإنه قانون الواقع المادي وهكذا تكونت مفاهيم المادية الجدلية ، التي طبقها ماركس على المجتمع فولد المادية التاريخية .

أما سعاده فهو بعيد كل البعد عن هذا المنهج ، إذ انطلق من حقيقة أن العقل هو الشرع الأعلى والشرع الأساسي . ولما كان هو الشرع فإن جميع القيم والمفاهيم تصنف قياساً عليه . أما الحقيقة التي تنشدها كل العلوم ، ومنها علم الاجتماع عند سعاده ، فهي قيمة فكرية تحصل في العقل بواسطة المعرفة فقط. لكن "المعرفة بلا وجود هي مجرد افتراض – أنها ليست معرفة صحيحة مهما عظم الوهم أنها كذلك" ومن جهة أخرى "الوجود بلا معرفة ليس قيمة"

الحقيقة إذن قطبان : الوجود والمعرفة .

الحقيقة هي "حصول المعرفة التامة الصحيحة والوعي الكامل الصحيح والإدراك الكامل لطبيعة أي أمر"

أما المذاهب التي نشأت في القرن التاسع عشر ، ومنها المذهب العضوي والماركسية فإنها ، وإن لم نعترف بذلك ، اعتمدت التعريف الهيجلي للحقيقة الذي يقول بتجانس أي فكرة في العقل مع ما هي في الواقع . أما سعاده فقد رفض هذا التعريف من أساسه لأن "هذا التعريف يحمل العلاقة النفسية في الموضوع ولا يوضح ما نقصد نحن بالذي نعنيه في ما هي الحقيقة"

ولما كان المنهج الفكري عند سعاده يختلف جذرياً وأساسياً عن منهج باعثي المذهب العضوي يمكننا أن نقول أن سعاده يرفض هذا المذهب . لكن هذا الحكم بحاجة إلى تبيان ومراجعة لجميع ما ترك سعاده من مؤلفات وهو بحث واسع يضيق به هذا المجال نرجئه لأبحاث أخرى

 

 

 

الـخـاتـمـة

 

يمكننا أن نقول أن مفهوم سعاده للمجتمع هو مفهوم بنياني Structurel ونجد تبيان ذلك في قوله "دوائر صغرى داخل دوائر كبرى" في وصفه للعمل الجماعي . راجع جريدة "الزوبعة" العدد 49 سنة 1942 مقال "النزعة الفردية في شعبنا" لكن هذه الفكرة بحاجة لأبحاث توضيحية سوف نعود إليها .

 

 

المصدر:. http://www.malfat.com//files/anthro.doc

http://www.samaheej.net/sam/showthread.php?t=1980

 

 

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...