Jump to content
منتدى البحرين اليوم

!x! أُمِّيْ اِغْرِسِيْ سِهَامَكِ كُلَّهَا في كَ!x!


Recommended Posts

أُمِّيْ اِغْرِسِيْ سِهَامَكِ كُلَّهَا في كَبِدِيْ!

 

 

]ليسَ لي مِن شيءٍ لا أستطيعُ أنْ أقرأَ في وُجودِهِ حَولي سِوى نَظرَةِ العِتابِ المُحْرِق، واللّومِ المُغْرِقِ في العُنْفِ والعُقوق، ولا أستطيعُ ـ حتّى ـ أَنْ أهرُبَ، أو أنْ أتجاهَلَ وأتناسى، أو أنْ أُفسِّرَ الأُمورَ وأُعلِّلَها بِغيرِ حَقِيقتِها .

 

لا أستطيعُ أنْ أنسى خُطُواتِ أُمِّي المُتهالِكَة َ والمُكابِرَة َ على أَلـَمِها، وصُعُوبتِها، ونَشازِها بَيْنَ حَشْدٍ منَ النّاس، وخُصوصًا بيْن حشِدٍ منَ النِّساءِ الجميلاتِ خِلْقَة ً أو جِراحَة ً، منَ النّساءِ الّلاتي يَـتغامَزْنَ عليها بانعِكافاتِ أصابِعِهنّ المُشْمَئِزَّةِ والغاضِبةِ مِن جُرْأَتِها على السَّيْرِ في مِساحاتِ أعيُنِ الأسوِياءِ الّذين يَمشُونَ على اثنتَيْنِ مُستَقِيْمَتَين، وليس على أربع، وليتَها أيّ أربع؛ اثنتان بَشَرِيَّتانِ مَعكُوفَتانِ بِوُضُوحٍ يَجْذِبُ الأنظارَ مهما أَسْدَلتْ أُمِّيْ عباءَتَها الضّافِيَةَ عليها، واثنتانِ من حديدٍ لهُ صَرْصَرةٌ وطَرْقٌ يُسْمِعُ البَعِيدَ قبلَ القرِيب بالْتِماعاتِ فُولاذِهِ مع سَطَعاتِ الشّمسِ الحامِية .

لم أعُد أستغنِي ـ صُبحًا ومَساءً ـ عنِ الصُّراخِ على أُمِّيْ بِألاَّ تَذْهَبَ معي للمَدْرسةِ كُلَّ يوم، فالسّائِقُ وَحدهُ.. أو هُوَ والخادمةُ كافيان، ثُمّ إنّي الآنَ على مَشارِف الثّانويّة؛ أيْ لَسْتُ طِفْلة ً تخافُ عليها، ولمْ أنْسَ جُرْأَتِي تلكَ اللّيلة.. ليتنِي لمْ يُخْلَقْ لي لِسانٌ ناطِق؛ كيلا أقُولَ ما قُلْتُه، وكيلا أحفِرَ جُرْفَ آلامٍ واحتقاراتٍ وعُقُوقٍ في صدر تلكَ الحبيبةِ الطّيّبة، الّتي لمْ أعرف منها سِوى أنّها الكائِنُ الوَحِيْدُ الّذي يَجْلِبُ لِيَ العارَ والاستِهزاءَ مِنْ زَمِيلاتي وبعضِ مُعلِّماتِي في المَدْرسة.. تلكَ اللّيلة.. مَلَلْتُ نِقاشي المُستمِرَّ لأُمِّي من أجْلِ ثـَـنْيـِـها عن الاقترابِ ـ معي ـ من بوّابةِ المدرسَة؛ فَصَرخْتُ بِأبي: " الخَطأُ مِنْكَ أنت،أَلَمْ تَجِدْ أحسَنَ من هذِهِ الْمرأةِ المَعْتُوهَةِ المُعاقَةِ لِتكونَ أُمِّيْ؟! " والغرِيبُ أنَّها ثــَـنـَتْ أبي عن أنْ يَسُومَنِيْ سُوْءَ العِقاب !!

اليَوْمَ فقط، وعلى مَشْهدٍ مأساوِيٍّ من صُراخ، ونَحِيبِ، وتَفَجُّعِ النِّساءِ الجَميلاتِ في المدرسةِ على تِلْميذَةٍ زَمِيلةٍ مِسكينةٍ، كُنتُ أحسدُها بأنّ أُمَّها السّليمَة َ لا تُغضِبُها بِمُرافَقتِها اليوميّة لها حتّى بوّابة المَدرسة، أغراها شَيطانٌ مارِدٌ بِأنْ يُمتِّعَها في جَوْلَةِ أُنْس ٍ ومَرح ٍ بعيدًا عن نَكَدِ فُصُول الدّراسة، ولم نَرها الظّهيرة ََ إلاّ جُثَّة ً مَسْلُوبَة َ الشَّرَف، مَرْمِيّة ً على بوّابَةِ المدرسة، وقد قــُطِعَ منها اللِّسان، وهُشِّمَتِ السَّاقان والقَدمان بِعجلاتِ السّيّارة !

 

كانَ أوَلَ شيءٍ صَرخْتُ بهِ: " أُمِّيْ ! أُريدُ أُمِّيْ، وَحْدَها أُريد! ".. ولمْ تَمْضِ لَحظاتٌ إلاّ وصَوْتُ قَدَميها الفُولاذيّتَين يَستـَـنقِـذ روحي كأنّهُ صهيلُ جوادِ الشّرفِ والأمان.. تُنادِيني مَذعُورة ً تَرتعِشُ وتكادُ تُسقِطُ عُكّازَيْها؛ لِتَصِلَنِي أسرع.. ولم أمْلِكْ إلاّ أنْ أقذِفَ نفسِي مَوْجَة ً راكِضَة ً بِعُنْفِ النَّدَمِ والخَوْفِ وانكشافِ الجَهالـَةِ وطلَبِ الغـُفران.. لا لأرتَمِيَ بين أحضانِها؛ فأنا لا أستحقّها، وإنّما تَحْتَ قَدَمَيْها الأَرْبَع.. أُقبِّلُها وأطلُبُها أنْ تَغْفِرَ لِيْ ولا تُفارِقَنِيْ أبدًا، لكن بعْدَ أنْ تَغرِسَ كُلَّ سِهامِ أحزَانِها مِنْ عُقُوقِيْ لها.. في كَبِدِي !

 

منقوgggggggل..

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...