Jump to content
منتدى البحرين اليوم

مسرحيّة (المُهاجران)•• فكرٌ عميق في غلاف من المُتعة


Faam00

Recommended Posts

مسرحيّة (المُهاجران)•• فكرٌ عميق في غلاف من المُتعة pdf_button.png printButton.png emailButton.png الاثنين, 22 مارس 2010 17:33

 

بعد أن صفّقت بحرارة صادقة لفريق عرض مسرحيّة (المُهاجران) ،التي خُتمت بها عروض مهرجان أوال المسرحيّ السّادس في مملكة البحرين، خرجت برأس مازال غارقًا في لذّة الأحاسيس التي ألهمته إيّاها المسرحيّة، قبل أن أضعه على وسادتي بثقة في أحلام مُبهجة وليلة لا تطرقها الكوابيس·

 

 

 

منذ اللحظة التي تضع فيها قدمك على أرض صالة العرض، تكتشف أنّك ستواجه عملا لمُخرج ذي عقليّة مُبدعة لا تُبدي ولاءها المُطلق للنّمطيّة في الفن، حين ترى نفسك وبقيّة الجمهور تتقاسمون خشبة المسرح مع الممثّلين، فتلتقط حواسّك كلّ خلجة، كلّ نبضة قلب، و كلّ نفَسٍ من أنفاسهما، لتتّحد أحاسيسك بعذابيهما وصراع كلّ منهما مع ذاته وما حوله· اختيار النّص الذي كتبه الكاتب البولوني (سرافو ميرومروجي) وترجمه (علي الشّيراوي) كان - في رأيي- اختيارًا موفّقًا للمخرج البحريني (جمال الغيلان)، فإلى جانب كونه متقن الحبكة، رشيق الحوار، نجد أنّ فكرته الرّئيسيّة من ذاك النّوع الذي يستحق مُناقشته في كلّ زمان ومكان، لأنّها تصوّر جانبًا من العلاقات البشريّة، وتلقي الضّوء على قضايا إنسانيّة عميقة، كالرّغبة في تحرير الذّات من العبوديّة أيّا كان نوعها، والحاجة النّفسيّة للرّفيق في ظلّ الاغتراب سواء كان ذاك الاغتراب حسيًا أم معنويًا· شخصيّتا المسرحيّة رُغم تناقضهما يُفصحان عن وجهين لعُملة واحدة تُمثّل الكائن البشريّ عمومًا، فقد تجد نفسك في شخصيّة ذاك (المثقّف)، الذي يقضي شطرًا من وقته في القراءة والتدوين السرّي والاهتمام بقضايا البشريّة، والذي يؤهّله عُمق فكره لكشف ألاعيب رفيقه الصّغيرة وكذباته المهلهلة، فيعيش دورًا سلطويًا صغيرًا على صاحبه في القبو الذي يقيمان فيه· وقد تجدها في شخصيّة الرّجل (البسيط)، الذي لا يفكّر - في الغالب- إلا باحتياجات معيشته الظّاهريّة، وقشورها التي تلبّي احتياجاته الجسديّة، غير أنّه يمتلك إحساسًا فطريًا يكفيه للحنين حتّى إلى (ذباب) الوطن· أو قد تجد في نفسك الشّخصين معًا، وتكتشف أنّ نصفك لا يستغني عن نصفه الآخر·

 

 

 

كما كان اختيار كلّ من الفنّانين (حسن العصفور) و (مهدي سلمان) لتأدية الدّورين ضربة موفّقة وهبت النّص حياة مُضاعفة، فإلى جانب أداء كلّ منهما المتميّز، أضافت ثقافتهما الأصيلة أبعادًا أكثر كثافة وحيويّة للشّخصيّتين، ليؤكّد لنا نجاحهما في إيصال الأثر المطلوب لنفس المتلقّي بأنّهما ليسا مُجرّد ممثّلين· وبدا واضحًا أنّ بقيّة أفراد إعداد هذا العمل المسرحيّ دون استثناء، وعلى كلّ صعيد، قد بذلوا جهدًا يستحقّ الانحناء تقديرًا وشُكرًا·

 

 

 

عمومًا؛ أرى أنّ إصرار أيّ فريق مسرحيّ على الصّمود في وجه كلّ الضّغوطات والإحباطات التي تتمخّض عنها الأزمة المسرحيّة الرّاهنة في المنطقة هو بحدّ ذاته إنجاز يستحقّ التّقدير، وحين نرى عملا دراميّا يبذل أقصى ما بوسعه للوصول إلى ذهن الجمهور برسالة تضمّ هدفًا كبيرًا، و دون أدنى تفريط بمستوى الفكر والثّقافة رُغم موجات التّتفيه الهائلة التي تكاد تكتسح روح الفن، نشعر بتفاؤل يهبنا نحن كذلك - كعشّاق للفنّ الأصيل والثّقافة- مزيدًا من الأمل، ومقدرة أقوى على مواجهة الحياة بتلك المبادئ الفكريّة والأخلاقيّة التي لطالما آمنّا بها، والتي كانت شرطًا من شروط كلّ عملٍ فنّي ذات يوم·

 

 

 

لقد قدّمت لنا تلك المسرحيّة وجبة فكرٍ دسمة مُغلّفة بالمتعة الرّوحيّة، فغذّت عقولنا وأمدّت أرواحنا بوقود تتوق إليه، الأمر الذي يجعلني أرجو لفريق العمل بأكمله مزيدًا من التّوفيق، ونجاح مستقبليّ لا ينضب، كي نحظى بفرصة مُتابعة مزيد من أجمل أعماله مُستقبلا·

 

بقلم: زينب·ع

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...