Jump to content
منتدى البحرين اليوم

قطر.. قرن ونصف من الأصالة المعاصرة


حمد الهاجري

Recommended Posts

قطر.. قرن ونصف من الأصالة المعاصرة

 

2008-12-18

الدوحة - سحر ناصر

شبه جزيرة تتلألأ في الخليج

قطر شبه جزيرة ممتدة شمالاً في مياه الخليج على مساحة تبلغ 11.521 كيلومترا مربعا. تقع هذه الدولة التي استقلت في 3 سبتمبر 1971، في منتصف الساحل العربي شرقي شبه الجزيرة العربية بين خطي (27-24 و10-26 شمالاً)، وخطي طول (45-50 و40-51 شرقي غرينتش)، لها حدود برية مشتركة من الجنوب مع المملكة العربية السعودية، وبحرية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين. تتكون قطر من سطح صخري منبسط مع وجود بعض الهضاب والتلال الكلسية والأخوار والخلجان، إلى جانب الأحواض والمنخفضات التي يطلق عليها اسم الرياض، باعتبارها من أخصب المواقع التي تنتشر فيها النباتات الطبيعية وأبرزها مناطق الماجدة والشحانية والسليمي الموجودة في الأراضي الشمالية والوسطى. ومن أهم المدن القطرية العاصمة الدوحة التي تحتضن مقرّ الحكم وجميع الدوائر الرسمية والحكومية إلى جانب المؤسسات الاقتصادية والمالية، فضلاً عن كونها مركزاً ثقافياً وتجارياً مهماً، خصوصاً مع ما تشهده من ثورة عمرانية في المجالات الفندقية والسياحية والمجمعات التجارية، إضافة إلى متحف قطر الوطني، ومتحف الفن الإسلامي، وقلعة الدوحة، ناهيك عن الأسواق التاريخية التي تعبق بالطابع التراثي القديم. وعلى بعد نحو 45 كيلومتراً من العاصمة، تقع مدينة مسيعيد وهي المدينة الصناعية الأولى في قطر، حيث ارتبطت نشأتها باكتشاف النفط في هذا البلد الحبيب، وهي تضمّ مصانع الحديد، والصلب، وتسييل الغاز، ومصافي التكرير، كما تشتهر بشواطئها الجميلة المتسمة بالكثبان الرملية الدافئة. لكن هذه المدينة لا تحتكر الصناعات وحدها في قطر، بل ترافقها في ذلك مدينة رأس لفان الواقعة 85 كيلومتراً شمال الدوحة، وتعتبر من كبريات المدن الصناعية عالمياً كونها تحتوي على أكبر ميناء لتصدير الغاز في منطقة الخليج العربي.

ومن المدن القطرية التي يقصدها المقيمون والمغتربون مدينة الخور التي تجاور الدوحة بـ57 كيلومتراً، وهي تتميز بشواطئها ومساجدها القديمة، وأبراجها التراثية، إضافة إلى متحفها الإقليمي. ولا تسقط من الحسبان أيضا مدينة الوكرة التي تقع بين الدوحة ومسيعيد التي لا تبتعد عن العاصمة سوى 15 كيلومتراً تتناثر فيها البيوت التقليدية، إلى جانب المتحف الإقليمي الذي يعرض بعض الموجودات الأثرية والبيئية. بالإضافة إلى منطقة دخان التي تقبع على الساحل الغربي لدولة قطر وهي تكتنز أيضا بالحقول النفطية. أما مدينة الشمال الواقعة أقصى شمال البلاد، فتجاورها مدينة الزبارة التي تعتبر من أهم مدن قطر الأثرية، والزبارة تشتهر بقلعتها التاريخية التي تبعد عن الدوحة نحو 105 كيلومترات.

ومناخ هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 1569 الف نسمة بحسب الإحصاءات الصادرة عن جهاز الإحصاء التابع للأمانة العامة للتخطيط التنموي، بمناخ صحراوي تتراوح درجة الحرارة فيه صيفاً بين 25 و46 درجة مئوية خلال أشهر الصيف، بينما يقابله شتاء دافئ قليل المطر لا تتعدى فيه نسبة هطول الأمطار 80 مليمتراً سنوياً.

واليوم تشهد قطر ثورة عمرانية هائلة، حيث لا يكاد يلاحظ نشأة برج جديد، حتى تتلقف المجمعات التجارية الجديدة نظره، فهذه الدولة تحتضن العديد من المواقع السياحية والأثرية التي يقصدها الزوار محلياً وعالمياً، من بينها متحف قطر الوطني الواقع على كورنيش الدوحة والذي يستعرض تاريخ قطر الجيولوجي، إضافة إلى مجموعة من الآثار والتحف الإسلامية، ومتحف الفن الإسلامي الذي يختصر 1400 عام من التاريخ بـ800 قطعة فنية نادرة من مقتنيات الفن الإسلامي من الخزف والمعدن والمجوهرات والخشب والزجاج، ومتحف الخور المؤلف من طابقين خصصت للحياة الأنثروبولوجية وكشوفات التنقيب في موقع الخور، ومتحف الوكرة، ومتحف السلاح، بيت التقاليد الشعبية. فضلاً عن وجود القلاع: قلعة الزبارة، والكوت، والوجبة، قلعة أم صلال محمد، برج برازان. كما تضم قطر العديد من المواقع السياحية: منتجع شاطئ سيلين، منتجع الغارية، وحديقة الحيوان، وحديقة الرميلة، حديقة دحل الحمام، وشاطئ خور العديد، وسلسلة الجبال الصخرية الجساسية التي تتميز بمئات المنحوتات المنتشرة عليها ويعود تاريخ بعضها إلى عصور ما قبل التاريخ، ناهيك عن محمية المها، وجزيرة «اللؤلؤة» التي صنعها الإنسان بأسلوب «الريفييرا»، وهي من الجزر الأكثر تألقاً في الشرق الأوسط، تمتد على مساحة (400) هكتار من الأراضي المستصلحة من البحر.

 

الأسرة أساس مجتمعهم.. والأخلاق قوامهم

ينحدر القطريون من سلالات عربية استوطنت في شبه الجزيرة العربية الوافدة إلى هذه البقعة من المناطق المجاورة كنجد والإحساء والبر العماني خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين. وعلى رأس هؤلاء سلالة الأسرة الحاكمة (آل ثاني) التي استقرت حينها في واحة جبرين جنوبي نجد فترة طويلة من الزمن، قبل أن تنتقل في أوائل القرن الثامن عشر إلى شمال البلاد، ومن ثم إلى الدوحة في منتصف القرن التاسع عشر بقيادة الشيخ محمد بن ثاني. ويعود نسب أسرة آل ثاني إلى قبيلة تميم العربية التي تنتسب إلى مضر بن نزار، واكتسبت اسمها من عميدها الشيخ ثاني بن محمد والد الشيخ محمد بن ثاني، وهو أول شيخ بسط سلطته الفعلية في شبه الجزيرة القطرية في أواسط القرن العشرين، لتستمر حتى يومنا هذا بزعامة سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي خلف الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني منذ العام 1995.

وحكام آل ثاني على التوالي هم: الشيخ محمد بن ثاني (1850-1878) والشيخ جاسم بن محمد آل ثاني (1878-1913) وتولى الحكم في 18 ديسمبر، والشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني (1913-1939)، تلاه الشيخ حمد بن عبدالله آل ثاني (1940-1948)، والشيخ علي بن عبدالله آل ثاني (1949-1960)، ثم الشيخ أحمد بن علي آل ثاني، والشيخ خليفة بن حمد آل ثاني (1960-1972).

وللقطريين خصال حميدة تمكنوا من خلالها من استقطاب العديد من شعوب العالم إلى دولتهم، ويتميز هؤلاء بالأخلاق العربية الأصيلة القائمة على حسن الضيافة واحترام الآخر من دون تمييز في الأصل أو الدين أو العرق أو اللغة، وهذا من شيم الدين الإسلامي الذي يُعتبر الدين الرسمي للدولة، والذي يعدّ بدوره المصدر الرئيس للتشريع في الدولة. وهذا ما جاء في المادة الأولى من الدستور القطري التي نصت على أن «قطر دولة عربية ذات سيادة مستقلة. دينها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيس لتشريعاتها، ونظامها ديمقراطي، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية. وشعب قطر جزء من الأمة العربية». ويتميز المجتمع القطري بمقوّمات تربى عليها هذا الشعب تقوم «على دعامات العدل، والإحسان، والحرية، والمساواة، ومكارم الأخلاق» كما يذكر الدستور القطري في مادته الثامنة عشرة. وتؤكد المادة 21 من الدستور القطري أيضاً أن «الأسرة أساس المجتمع. قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، وينظم القانون الوسائل الكفيلة بحمايتها، وتدعيم كيانها وتقوية أواصرها والحفاظ على الأمومة والطفولة والشيخوخة في ظلها»، وهذا ما نصت عليه بالإضافة إلى اعتبار التعليم من الركائز الاجتماعية، حيث جاء في المادة الخامسة والعشرين «التعليم دعامة أساسية من دعائم تقدم المجتمع، تكفله الدولة وترعاه، وتسعى لنشره وتعميمه».

 

«العرضة» و «القلطة» و «الزامل» فنونهم

ويمكن للمقيم والزائر أن يلاحظ تمسك الشعب القطري بعاداته وتقاليده، وذلك يظهر جلياً في المناسبات الاجتماعية والوطنية من خلال بعض مظاهر الاحتفال وتبادل الزيارات والتهاني، ومن أبرز هذه التقاليد فن العرضة وهو من فنون الحرب يشبه «الحدا» لكنه يختلف عنه في أن الأول يؤدَّى بصورة جماعية في حين يؤدى الثاني فرديا، وهذا الفن يدخل في إطار التراث القطري الذي يحيه القطريون في الفعاليات الثقافية والتراثية والأعياد الوطنية. وإلى جانب هذا النوع من الفن يذكر المؤلف علي بن شداد آل ناصر في كتابه «من تراثنا الشعبي القطري» فن الصوت وهو الذي يؤديه القطريون في الأعراس وفي العلاقات الاجتماعية القبلية كحلّ النزاعات القبلية، فمثلاً عندما يتزوج أحد أبناء قبيلة معينة من قبيلة أخرى أو من إحدى أقربائه، يأتون أو (يلفون) جماعة العريس إلى أهل العروس في صوت والبعض يسميه «زامل»، ويظهر هذا الزامل أو الصوت مكانة القبيلة التي يرغبون في مصاهرتها. كما تلجأ القبائل إلى الصوت في حلّ الخلافات سواء عن طريق الاعتذار أو التماس الصفح أو العفو. ومن التراث الشعبي القطري أيضا ما يُعرف بـ «القلطة» وهو النظم الارتجالي الذي يدور بين شاعرين متحاورين، فيبدأ أحدهما باستفزاز الطرف المقابل بأبيات شعرية، عندها يقبل الأخير هذا التحدي وتنطلق عملية المحاورة، وعادة ما تكون اللقطة في الأعراس والمناسبات الأخرى.

ولليلة «الكرنكعوه» حكاية أخرى تختصر تاريخ شعب متمسك بالتعاون والترابط الاجتماعي ومحافظ على الروح الجماعية والأسرية، وتعتبر هذه الليلة من أكثر المناسبات الاجتماعية الدينية شهرة، حيث يحتفل بها القطريون في منتصف شهر رمضان المبارك بعد صلاة المغرب، وفيها يجول الأطفال على جيرانهم وأقربائهم حاملين السلال وأكياس القماش المطرزة، فيطرقون أبواب المنازل طلبا للحلويات والمكسرات، مرتدين الأزياء التقليدية الخاصة بهذه المناسبة كـ «البخنق» للفتيات، وهم ينشدون حتى منتصف الليل أناشيد الأجيال الماضية «عطونا الله يعطيكم، بيت مكة يوديكم، يا مكة يالمعمورة، عطونا من مال الله، يسلملكم عبدالله»، وذلك بهدف ترسيخ القيم الدينية في نفوس الأطفال وتشجيعهم على المشاركة في المناسبات الدينية.

 

«العطارة» و «القلاف» و «الطواويش» مهنهم

ويعتبر القطريون من الشعوب التي لجأت إلى الحرف والمهن الصناعية الشعبية قديماً، والتي شكلت بدورها «قاعدة أساسية من قواعد النسيج الاجتماعي والنظام الاقتصادي»، كما يشير الكاتب القطري خليفة السيد محمد المالكي في كتابه «المهن والحرف والصناعات الشعبية في قطر». ومن المهن التي زاولها القطريون منذ سنين وما زالت آثارها جلية في سوق واقف، مهنة «العطارة»، حيث كان العطارون يعالجون المواطنين من «الإسقاط» و «الملع» و «الحصبة» باستخدام الأعشاب الطبية أو الكيّ. ومن أشهر العطارة في قطر بحسب المالكي، الوالد محمد والوالد إبراهيم بن عباس الكبير «الجد»، حيث كان هذا الأخير يبيع العشرق، والهليلي، والزعتر، والخيلة، وحبة الحمرة، وغيرها من الأعشاب. أما الخياطون فكان يطلق عليهم اسم «الدرزي» أو «الترزي» وكان يسمى دكان هذا الأخير بـ «لرخانة» وحتى بداية الخمسينيات لم يكن في قطر سوى 3 محلات لخياطة ملابس الرجال. واللافت أن مهنة الحدادة كانت لها أهميتها في المجتمع لأنه كان صديق كلّ الطبقات والفئات، والحدادة في قطر وحَّدت أصحابها فجعلت منهم عائلة واحدة تسكن حياً واحداً وتسمى عائلة «الحداد» وهم من أهل قطر وقامت على أيديهم صناعات كثيرة وذلك وفق ما ذكر المالكي. وإلى جانب هؤلاء كان يعيش «السقاء» وهو الذي يجلب الماء أو الذي يسقي الحيّ أو «الفريج» وكان يأتي به من «العيون» الواقعة في أماكن متفرقة من البلد وكان بعضها يكون مالحاً، إلا أن السقاء كان أمل القطريين بالماء العذب، لأنه الوحيد الذي يعرف أماكن تواجده بعدما جاب البلاد كلّها بحثاً عن الآبار، ومن بين هذه المناطق مسيمير ومحيربة ومريخ وعين القعود، وكانت أسعار المياه تختلف بحسب حلاوة الماء. وفي فيلق هؤلاء «الصفار» الذي يمتهن صيانة الأدوات النحاسية وتنظيفها ويطلق القطريون عليها اسم «الصفر» أو «الماو»، وكان لأهلها سوق «الصفافير» تقابلها «سوق البشوت»، وقد عرفت العائلات القطرية النحاس أو الصفر قبل المعدن والألومنيوم فاستعملته في الطبخ، وشرب القهوة، والولائم. ومثلما تخصصت بعض العائلات في هذه المهنة، انتقل آخرون لمهنة «الصياغة» الذين تفننوا في صياغة «لوح السعد» أو «طاسة الرأس» و «الهلالي» و «التراجي» و «الأشقاب» و «الكواشي» و «الغلوميات».

وتتعدد المهن من «النداف» المتخصص في تنظيف وفرز القطن وصناعة الفرش والأغطية، و «المجني» الذي يعالج الزجاج والخزف المكسور، والسنّان الذي يشحذ السكاكين والخناجر والسيوف، و «العكاس» أي المصوّر، حيث كانت الصورة تسمى «عكس»، و «القصّاب» وهم تجار المواشي وملاكها، و «الحجام» الذي كان يستخدم قرون الحيوانات ومن ثم الموس لإخراج الدم الفاسد من الجسد، و «بائع الشربات» وهو عبارة عن عصير يحتوي على السكر والماء ومسحوق ناشف بنكهة الليمون أو الورد، مروراً بـ «سفّ الخوص» و «صناعة الفخار» و «طرق الدجيج أو صناعة شبكة صيد السمك»، وصناعة «القراقير والدوابي» وهي الأقفاص المصنوعة من سعف النخل، و «الخراز» أو الإسكافي، والمسحر، والدماج الذي يصنع الحبال، وصولاً إلى ما حققت قطر فيه شهرة واسعة في القدم وهو صناعة السفن، حيث عرف هذا الشعب السفن الكبيرة التي جالوا فيها إلى إفريقيا وصولاً إلى الصين، وعرفوا أيضا السفن الصغيرة التي جابت الخليج بحثاً عن اللؤلؤ وتسمى «الطواويش». وكان القطريون أصحاب هذه المهنة يوزعون العمل فيمن بينهم، فكان «النوخذا» مسؤولا عن إدارة العمل في السفينة، و «المجدمي» مشرفا على البحارة، و «السكوني» عاملا فنيا يحمل مسؤولية الدفة، و «راعي السريدان» هو الطباخ الذي يعتمد عليه البحارة، و «الغيص» يتولى مهمة البحث عن المحار في أعماق البحر، أما «الرضيف» فهو الصبي الذي يقوم بالأعمال الخفيفة، و «التبات» يخدم من فوق

السفينة والتدريب، بينما «السيب» يسحب الغيص من داخل الماء، في حين «النهام» يؤدي الأغاني المصاحبة للعمل على ظهر السفينة، حتى يعود هؤلاء سالمين غانمين ويبيعون صيدهم إلى «الطواش» أو تاجر اللؤلؤ.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

الموضوع: منقول من صحيفة العرب القطرية

المصدر: http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=66404&issueNo=361&secId=18

Link to comment
Share on other sites

بنتظار رد الكاتب المصري الدكتور/ محمود رمضان عبدالعزيز خضراوي خبير الأثار والعمارة الإسلامية وبانتظار رد الأعضاء

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...