انسان مهموم Posted ديسمبر 25, 2004 Report Share Posted ديسمبر 25, 2004 (edited) أسعد الله أوقاتكم بكل خير .. تقول أحداهم .. وصلنا إلى البيت فوجدنا كل العائلة مجتمعة لاستقبالنا؛ الأبناء والأحفاد والعمات والأخوات وربة الأسرة – طبعًا – وزوجها… حظينا باستقبال قمة في الحرارة والحفاوة فلم نحس قط بالغربة في هذا البلد الشقيق .. دخلنا البيت فبدأ التعارف والتحية والسلام.. فجأة خرجت هي من المطبخ ومرت بسرعة لتأخذ بعض الأشياء من الغرفة المجاورة.. قمت استعدادًا للسلام عليها لكنها عادت ودخلت المطبخ مبتسمة مسرعة وكلها حياء ولسان حالها يقول: لا عليك أيتها الضيفة المحترمة.. أرجوك لا تبالي بوجودي.. واصلي حديثك.. لست مجبرة على السلام علي... فجلست واجمة كما توسلت إلي بذلك عيناها الجميلتان .. علمت بعدها أنها الخادمة.. فتاة جميلة وسيمة في السادسة عشرة من عمرها جاءت من بلاد بعيدة فقيرة لتعول أهلها وتساعد أمها الأرملة على مصاعب الدهر.. أكلنا في جو كله مرح وفرح وحديث ونكت وابتسامات وقهقهات، والشابة ذات الابتسامة الدائمة في المطبخ وحدها، لا أدري أكانت تتناول غذاءها أم تواصل أشغالها التي لا تنتهي؟.. أم أنها كانت سارحة بقلبها مرفرفة بروحها إلى بيت أهلها البعيد باحثة عن حضن الأم الدافئ وصخب إخوتها الصغار .. هات يا روزيتا الخبز.. ارفعي يا روزيتا الصحون… اذهب يا ولدي لروزيتا تأخذك إلى الحمام روزيتا رجاء قليلا من الثلج... روزيتا.. روزيتا.. روزيتا.. خرجنا إلى الحديقة الجميلة لنتناول الشاي والقهوة وكان نفس السيناريو.. ونفس المشاهد.. روزيتا وزعي المثلجات على الأطفال.. روزيتا ردي على الهاتف.. افتحي الباب يا روزيتا... واستمر الأمر كذلك إلى ساعة متأخرة من الليل وروزيتا الشابة الوسيمة كالجندي المرابط... وجاء وقت النوم فهرعت الوردة النجمة وهذا معنى اسمها - روزيتا - هرعت إلى زنزانتها لتنام.. تنام في المطبخ.. ففيه تأكل وفيه تستريح وفيه تعمل وفيه – قَطْعًا - تبتلع دموعها، وله تحكي آلامها، وعلى جدرانه تَعُدُّ الأيام والشهور لتعود لأهلها ببعض النقود والهدايا .. أي شريعة هذه..؟؟ بل أي منطق إنساني هذا ..؟؟ كيف بدا الأمر عاديًّا ومسلمًا به لدى كل الحضور؟؟ أليست روزيتا إنسانًا مثلي ومثلك؟؟ تتعب وتسأم ... شابة تحب الأنس كقريناتها وتكره الأكل وحيدة كأنها بعير أجرب؟ أنرضى هذا الوضع لبناتنا أو أخواتنا؟ أي معنى لإسلامنا إن لم نحس بالإنسان كإنسان؟ أي فائدة أن نتلو قرآننا آناء الليل وأطراف النهار إن كان هناك من يقول فينا: اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس؟ أين نفر عندما يقفون ليحاجونا أمام الله ويشكونا إليه يوم القيامة؟ أين وصف نبينا للخدم "إخوانكم"... "إخوانكم"؟ أبعد هذا نرجو الرحمة لأمتنا؟! من أين تأتى هذه الرحمة؟ نعم الخدم يحتاج إليهم كثير من الناس، ولكنْ فرق أيها الناس بين الخدم والعبيد .. بل العبد يجب أن يأكل مما نأكل ويلبس مما نلبس فكيف بالأحرار الذين استعبدناهم بالدرهم والدينار؟!.. نعم الخدم يقتاتون من خدمتهم للناس.. ولكن يرفض الإسلام أن نستغل حاجتهم لنا لنرهقهم ونكلفهم ما لا يطيقون؟... أماتت قلوبنا وعميت أبصارنا حتى أصبحنا لا نعرف الرحمة إلا لفلذات الأكباد وذوي الرحم والأقرباء وباقي الناس إلى الجحيم ؟!…… مرت ثلاثة أيام عليَّ وكأنها شهر رغم حفاوة الاستقبال ولطف أهل البيت وكرمهم… وحان وقت الرحيل فسلمت على الجميع، وما ارتاحت نفسي حتى دخلت المطبخ فأسرعت روزيتا مستعدة للخدمة، فانحنيت أقبلها شاكرة ممتنة على ما قدمته لي وللحضور من خدمات، داعية لها أن يجازيها الله كل خير وسائلة منها الدعاء، فامتلأت عيناها دموعًا واعتذرت لغير ذنب وشكرتني على ما لا أدري... هذه القصة جزء صغير جدًّا من أحداث حقيقية، تمنيت لو أنني كتبتها يوم ثورتي وألم قلبي، وهأنذا أكتبها بعد حدوثها بكثير... ترددت في كتابتها؛ لأنني كنت أعتبرها خيانة لمن فتح لي بيته، ولكن موضوع الخدم موضوع عام، ومآسيه منتشرة في كل بلدان الخليج وحتى في بلدان المغرب العربي؛ لذلك رأيت أنني عندما أكتب لا أتكلم عمَّا شاهدته عند من أكرمني وأحسن ضيافتي، وإنما أتحدث عن الموضوع ككل، فأبرئ ذمتي لأنني لم أتمكن من الحديث في الموضوع مع مضيفتي... وأود أن يصل هذا الكلام لكل من له خدم تحته.. هذه القصه نقلتها لكم لكي أسئل هذا السؤال .. ماذا لو كنت مولوداً بإحد تلك الدول الفقيرة جداً أجبرتك الحياة لكي تأتي لتعمل لدى أُناسً مثلك ..؟؟ وأنتي كذلك أختاه .. ماذا عنكي عندما تأتين لتخدمي أٌناسً مثلكم ..؟؟ هل تخيلتم الموقف هل أستشعرتم الحياة ..؟؟ وكيف أنتم ومن يعملون عندكم ..؟؟ كيف تعاملونهم ..؟؟ وبإي نظرة تنظرون إليهم ..؟؟ لعلمي الإجابة سلفاً لن أتوقع الكثير من الردود .. ولكني أذكركم وأذكر نفسي قبلكم أن احمد الله الذي أنعم علينا كل هذه النعم وأسئلهُ جل وعلا بإسمائه العُلا أن يديم علينا نعمه ويرزقنا شكرها على الوجة الذي يحبه الله ويرضاه وأن لايغير علينا نعمةً قط ويرحم حالنا وأحوالنا ويحسن أوضاع المسلمين أجمعين .. أخليكم بحفظ الله .. Edited ديسمبر 25, 2004 by انسان مهموم Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
مزيونة البحرين Posted ديسمبر 25, 2004 Report Share Posted ديسمبر 25, 2004 b2d Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
حزن Posted ديسمبر 25, 2004 Report Share Posted ديسمبر 25, 2004 يعطيك العافيه Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
جنه Posted ديسمبر 25, 2004 Report Share Posted ديسمبر 25, 2004 مشكووور أخوي على القصه تحياتي:ستراويه فخوره Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
أبو محمود Posted ديسمبر 25, 2004 Report Share Posted ديسمبر 25, 2004 مشكور على القصة Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
Shoo8_alba7rain Posted ديسمبر 25, 2004 Report Share Posted ديسمبر 25, 2004 حلو انك تشارك الغيراحاسيسهم يعطيك العااااااااااااااااااااافيه Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
انسان مهموم Posted ديسمبر 27, 2004 Author Report Share Posted ديسمبر 27, 2004 اشكركم جميعا على مروركم الذي انار الموضوع بقلمكم الرائع Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
Mr_6a7n00n Posted ديسمبر 27, 2004 Report Share Posted ديسمبر 27, 2004 مشكور أخوي على القصة .. تحياتي .. طحنون Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
weld arad Posted ديسمبر 27, 2004 Report Share Posted ديسمبر 27, 2004 يعطيك العافيه وايد حلوه القصه مشكور اخوي Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
انسان مهموم Posted ديسمبر 28, 2004 Author Report Share Posted ديسمبر 28, 2004 العفو اخواني Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.