Jump to content
منتدى البحرين اليوم

..الفقراء../قصة


Recommended Posts

عندما أريد أن أستريح، أهرب إلى القصص واكتبها أو اقرأها..وهذه قصة من القصص التي قرأتها ولخصتها..وقد ابحث لنفسي خلال تلخيصها إن احور فيها، وان أضيف إليها من عندي..هذا التحوير والإضافة لا يعتبر اعتداء على القصة أو على كاتبها، بل هو بمثابة إبداء الرأي فيها.

 

..&..الـفقراء..&..

 

هل يمكن أن يعيش الفقير سعيدا، دون أن يحس بفقره؟؟

 

إن الكاتب الأمريكي جون شتاينبك يقول :نعم..ثم يكتب قصة يثبت بها أن الفقير يستطيع أن يعيش سعيدا..

 

رجل يعمل كاتبا في بنك..انه لا يريد من الدنيا شيئا، ولا يعرف في الدنيا أحدا..يخرج من عمله ويذهب إلى بيته،يقرأ..ويظل يقرأ إلى إن يعود إلى عمله..انه يقرأ القصص والتاريخ ويعيش فيما يقرأه.. إن عالمه هو العالم الذي يتحدث عنه التاريخ،وتتحدث عنه القصص..

ومرض الرجل وذهب إلى طبيب، فقال له انه سيموت إذا لم ينتقل إلى إحدى الولايات الجافة الهواء..

 

وجد الرجل في جيبه خمسمائة دولار..لم يدخرها ولكنه نسي إن يصرفها.فحملها وسافر إلى ولاية جافة الهواء،و أقام هنالك في مزرعة صغيرة تملكها أرملة..

 

وعاش هناك في كسل..لا يفعل شيئا إلا إن يستلقي فوق الحشائش، ويدلي ساقيه إلى النهر الصغير، ويعبث بأصابع قدميه في الماء..ويقرأ!!

استرد صحته..ولكنه استعذب الكسل..عرف أن أجمل شيء في الحياة هي الكسل..الكسل حتى مخالطة الناس..

 

ثم بدأت نقوده تتلاشى..وبدأت الأرملة في نفس الوقت تحدثه عن ألسنة الناس التي بدأت تلسعها لأنها قبلت في بيتها ساكنا أعزب..فتزوجها..تزوجها حتى لا يفقد الجنة التي يعيش فيها..

وفي صبيحة يوم الزواج طردت المرأة العامل الذي كان يقوم بخدمة المزرعة، ثم زوجها فأسا، وقالت له اعمل..

 

حاول الرجل إن يعمل فعلا،ولكنه كان قد فقد عقلية العمل وفقد الإرادة التي تجعله يعمل ..فما كاد يرفع الفأس حتى ألقاها جانبا واستلقى على الحشيش وألقى قدميه في ماء الغدير، واخذ يقرا..دون إن يدري انه ترك عملا..دون إن يحس انه قصر في شئ..

 

وعجزت زوجته عن أن تدفعه إلى العمل..وساءت حالها..أهملت المزرعة،وأصبحا فقراء..والرجل لا يزال يعيش سعيدا في عالمه..انه سعيد وهو يسير حافي القدمين، وسعيد وهو يرتدي ثيابا ممزقة، وسعيد وهو يأكل وجبة واحدة من الطعام دون لحم..وسعيدا قد أطلق لحيته حتى تدلت على صدره..

 

وبعد سنوات أنجبت زوجته طفلا..وماتت وهي تلده..ولم يدر ماذا يفعل وهو يرى زوجته تموت..كل ما فعله إن اخذ يقرا لها كتاب"رحلات جلفر"،وعندما رفع عينيه من الكتاب ،كانت زوجته قد ماتت..

وثار عليه الجيران ..ثاروا عليه أكثر لاستسلامه لفقره..ثم تلاشت ثورتهم ونسوه..اخذ الرجل يربي طفله..

 

رباه على إن يعيش معه في كسله..يرقد على الحشائش ويدلي قدميه في الماء..وكان يعامله كأنه مثله..رجل كامل ،وليس طفلا..يقرا له كل الكتب التي قراها..نشا الطفل وهو لا يعلم إلا العالم الذي يعيش فيه عالم الفقر..وكان وهو في الرابعة من عمره يناقش أباه في كتب تشيكوف وفي سقوط الإمبراطورية الرومانية..

 

وعندما وصل الطفل إلى السادسة من عمره،بدا الجيران يهتمون به،وأرسلت مدرسة القرية إنذارا إلى والده بأنه يجب إن يرسل ابنه إلى المدرسة طبقا للقانون..

واضطر الوالد أن يخضع للقانون وأرسل ابنه إلى المدرسة..أرسله فقيرا كما هو..حافي القدمين، ممزق الثياب..

والتف باقي الطلبة حوله الولد الفقير ..لقد سمعوا عنه قصصا أشبه بالأساطير..قد حان اليوم الذي يلتفون به فيه، ويخرجون له ألسنتهم، ويصيبون عليه سخرياتهم..

ولكن الولد وقف بينهم ثابت العينين، ووجهه يحمل قوة شخصيته..وكأنه رجل ..ثم لم تمض أيام حتى استطاع إن يكتسب قلوب زملائه..وان يتزعمهم..بل انه اكتسب أيضا قلوب المدرسات،وهو يفاجئهم بمعلوماته في الأدب والتاريخ..

وأصبحت مظاهر فقره أشبه بالموضة بين الطلبة..إن كل الطلبة يقلدونه في فقره يحاولون إن يسيروا حفاه مثله، ويمزقون ثيابهم لتبدو مثل ثيابه..و..و

وفي آخر السنة اجتمع مجلس القرية الذي يشرف على ادراة المدرسة وقرروا شراء حذاء وملابس جديدة للولد الفقير..وذهبوا بما اشتروه إلى ناظرة المدرسة ،وطلبوا منها استدعاء الولد ليستلم هدية المجلس.

وقالت الناظرة:أخاف أن تجرحوا إحساسه بإحسانكم عليه..

وقال رئيس المجلس سيكون ممتنا،وسيشكرنا..

قالت:انه لا يدري انه فقير..إحسانكم سيشعره بفقره!

قال رئيس المجلس:إن الله لم يخلق ولدا يرفض إن يضع في قدميه حذاء جديدا ويلبس ملابس جديدة..

وأصروا على استدعاء الولد ..وأعطوه اللفافة ففتحها ورأى ما فيها..ثم رفع رأسه صامتا ..ونظراته جريحة..ترك الهدايا على الأرض وخرج عائدا إلى أبيه، إلى بيته الفقير

وتمر الأيام ..ويشاهد أهل القرية الرجل قد حلق ذقنه،ارتدى حذاء وحله كاملة،وبجانبه ابنه يسير في حذاء وهو أيضا مرتد حله كاملة..كان يسير كان في قدميه شوكه..إنها أول مرة يسجن قدميه في حذاء واستوقفتهما الناظرة،وقد رأت وجهيهما ينضحان بتعاسة ،قائلة :إلى أين ،قال الرجل في حزن:

إلى سان فرانسيسكو..سأعمل من جديد كاتبا في بنك..كنت قد نسيت أني رجل فقير، وان ابني يحب إن ينشا فقيرا..

 

وسار كأنهما يخوضان في نهر الدموع..

 

هذه هي القصة بعد الاختصار الشديد..

نهاية القصة.

 

الرأي الشخصي::-

 

إنها قصة تنادي بشعار"دعوا الفقراء في فقرهم..إنهم سعداء"

وهو شعار لا ينادي به الأغنياء..فهم يعتقدون إن الفقراء سعداء،لأنهم لا يحملون مسؤولية مراجعة حساب البنك..!

وصاحب الأرض يعتقد أن الفلاح سعيد لأنه لا يلعب البورصة!!

 

ولكن هذه القصة تتمادى أكثر من ذلك ..إن جون شتايبك لا يعتقد إن الفقير سعيد في فقره فحسب،بل يعتقد إن الفقير لا يحس بفقره إطلاقا..فما دام احد لا يعايره بفقره،وما دام احد لا يجرح كبرياءه بالتصدق عليه،فهو لا يدري انه فقير..

 

و جون شتابنبك بذلك لا ينكر على الفقير نعمة العقل فحسب،بل ينكر عليه نعمة النظر أيضا..انه ينكر عليه انه يرى الناس يركبون السيارات يلبسون الأحذية في حين انه يسير حافيا..وينكر عليه إن يرى بعينيه الناس تأكل اللحم وهو لا يأكله يرتدون ثيابا وهو لا يرتدي،يدخلون إلى السينما وهو لا يدخل..

 

إن الفقر بالنسبة لجون شتاينبك عالم آخر،لا يرى من فيه شيئا من مظاهر عالم الأغنياء..وهو يطالب الأغنياء بان يبتعدوا عن عالم الفقراء،ويتركوهم يعيشون في هدوء ،وكسل وسعادة!!

 

إنها قصة تنقصها الإنسانية..وقد بدا شتاينبك حياته الأدبية كاتبا وإنسانا حساسا ولكنه وقع تحت ضغط الإرهاب،فانحرف فجأة انحرافا حادا،وأصبح يكتب مثل هذه القصص..

 

ارجوا أن تكون القصة قد نالت على إعجابكم..

 

 

 

 

تقبلوا تحياتي

..&..قطر الندى..&..

 

 

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...