الشفاعة

[فهد مندي]

الشفاعة :

الشفاعة ملك لله وحده (قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا) يأمر بها وقتما يشاء ولمن يشاء ، ولا دخل للبشر بتقريرها ، ولا حتى الملائكة : (وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى) .

فحتى ملائكة السماء لا قيمة لشفاعتهم (لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا) إلا من بعد إذن الله بذلك لمن يشاء منهم (إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى) .

فإذا كان تشديد الله في الإذن بالشفاعة للملائكة بهذا الشكل (إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى) فكيف لهؤلاء الغافلين أن يسرفوا في إعطاء حق الشفاعة لراحلين من البشر الله أعلم  بإيمانهم وبتقواهم ، إن كان حقاً ما يظهرونه هو باطنهم .

وكيف علموا أن الله أعطاهم الإذن بالشفاعة والله يقول : (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ) ؟؟

هكذا تكون الشفاعة ، كما يبينها الله في آيات كتابه ، فهي ملك لله وحده ، ولا متصرف فيها سواه .

فاستحقاق أي انسان لأن يُشفع له لا يكون إلا بالإيمان والعمل الصالح , وليس بالتوسل بمن يظنونهم أولياء يشفعون لهم ــ بزعمهم ــ فذلك شرك صريح .

وإذن الله بالشفاعة هو غفران منه سبحانه , لذا ليس لأحد من خلقه أن يتداخل فيها بأي قدر   : (قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)  .

فالشفاعة لله فقط : (قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا) .

ولا يتصور أحد أن الشفاعة تعني أن يتقدم أحدٌ طالباً العفو والغفران لأىٍ من كان ، أو أن يطلب الناس من أحد أن يشفع لهم ، حتى وإن كان رسولاً نبياً .. فهذا تصور باطل وليس من دين الله في شئ .

فالواقع الفعلي للشفاعة هو أن لا شفيع سوى الله : (مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ) . فحتى إن أذن الله لأحد بشفاعة فالله هو من يشفع ، فلا غافر للذنب إلا هو سبحانه . وبذلك تكون الشفاعة لله وحده ولا دخل لأحد فيها من خلق الله جميعاً .

ومن يعلق آماله عليها يوم الحساب فلينظر إلى قول الله عنها : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) .

وذلك يعني أن شفيعك يوم القيامة هو عملك ، ولا شيء سواه : (أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ) .

فانظروا إلى آيات الله كيف تريح صدور المؤمنين .

أما الذين صدورهم حرجة لا يطيقون آيات الله التي تتعارض معها معتقدات لهم خاطئة فيحتجون بآية لا علاقة لها بالشفاعة يوم الحساب : (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا) .

فهي تتعلق بأعمال الوساطة أو الشهادة الحسنة (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً) أو بالسيئة (وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً)  ولا يوجد للناس في الآخرة خيارات حسنة أو سيئة ولكنها تكون فقط في الدنيا .