Jump to content
منتدى البحرين اليوم

صفاتُ الله الثلاثَ عَشْرَة


ilaa

Recommended Posts

 

إعلمُوا أَنَّ لله تعالى صفات كثيـرةً وأَنَّ منها ثلاثَ عَشْرَةَ صفَةً فَرْضٌ على كُلِّ مُكَلَّف أَنْ يُحْصـيَهَا ويُلمَّ بها تفصيلاً لأنها شَرْطٌ للأُلوهيَّة يُدْرَكُ ثبوتها لله بالعقل ولا يُعْذَرُ جاهلُها ..

 

 

 

1) لله صفةُ الوُجُود : الله مَوْجُودٌ مَوْصُوفٌ بصفة الوُجُود فيما لا بداية ، ولا يزالُ مُتَّصـفًا به إلى ما لا نهاية . فالوُجُودُ صفتُه مُتَّصفٌ به أَزَلاً وأَبدًا . فهو صفَةٌ أَزَلـيَّةٌ أبديَّة .

 

 

2) لله صفةُ الحياة : الله ليسَ مَيْـتًا ، بل هو حَيٌّ بحياة مَوْصُوفٌ هو بها فيما لا بدايةَ ، ولا يزالُ مُتَّصفًا بها إلى ما لا نهاية . فالحَياةُ صفتُه مُتَّصِفٌ بها أَزَلاً وأَبدًا . فهي صفَةٌ أَزَلـيَّةٌ أبديَّة ليستْ بروحٍ وليستْ بأَيِّ أَمْرٍ ممَّا قد يخطُر للبشَر .

 

 

3) لله صفةُ الكَلام : الله متكلِّم مَوْصُوفٌ بصفة الكلام فيما لا بداية ، ولا يزالُ مُتَّصـفًا به إلى ما لا نهاية . فالكلامُ صفتُه مُتَّصفٌ به أَزَلاً وأَبدًا . فهو صفَةٌ أَزَلـيَّةٌ أبديَّة . ولا يُوصَفُ كَلامُ الله الذَّاتيُّ هذا بأنه مُبَعَّضٌ يسبقُ بعضُه بعضًا .

أَيْ لا يُوصَفُ بأنه مُتعاقبٌ . ولأنَّ كَلامَ الله الذَّاتيَّ القائمَ بذاته ليسَ حَرْفًا ولا صَوْتـًا ولا لغةً نَزَّهناه عن التعاقب وجوازِ الحُلُول في الآذان .

 

ولا نقولُ لا نَعْلَمُ كيفَ يَتَكَلَّمُ بل نقولُ هو يَتَكَلَّمُ بلا كَيف .. وأَمَّا القرآنُ ، بمعنى الألفاظ المكتوبة في المصحف ، فهو عبارةٌ عن كَلامِ الله الذَّاتيِّ الأَزَليِّ القائم بذاته الذي هو صفَـتُهُ .

ولذلكَ يُقالُ لهذه الألفاظ الموجُودة في المصحف كَلامُ الله لأنها عباراتٌ عن كَلام الله الذَّاتيِّ ولأنها ليستْ من تأليف مَلَك ولا إنسٍ ولا جنٍّ . هذه الألفاظ الموجُودةُ في المصحف هي عباراتٌ عن الكَلام القائمِ بذات الله الموصُوف به رَبُّنا في الأَزَليِّ والذي يستحيلُ في العَقْلِ أَنْ يَكُونَ مُبَعَّضًا مُتعاقـبًا يسبقُ بعضُه بعضًا لأنه صفتُه في الأزل ليسَ حَرْفًا ولا صَوْتـًا ولالغةً .

كلامُ الله الذَّاتيُّ واحدٌ له صفاتٌ . يُوصَف بالأمرِ والنهيِ والخبرِ والاستخبارِ والوَعْدِ والوَعيد من غيرِ أنْ يسبقَ بعضُه بعضًا . أمرُه أزليٌّ ونهيُه أزليٌّ . وأمَّا المأمورُ والمنهيُّ فحادثٌ مخلوق . أمرَنا بالعبادة بأمرٍ أزليٍّ أبديٍّ ونهانا عن الكُفْرِ والمعاصي بنهيٍ أزليٍّ أبديٍّ . وأمَّا نحنُ فمُحْدَثُون مخلوقُون .

الله متكلِّم بكلام ذاتيٍّ أزليٍّ أبديٍّ من غيرِ انقطاع ليسَ حرفًا ولا صوتـًا . وهذا الكَلامُ الواحدُ أمرٌ ونهيٌ ووَعْدٌ ووَعيدٌ وخَـبَـرٌ واستخبار .

 

 

4) لله صفةُ السَّمْعِ : إنَّ الله سميعٌ مَوْصُوفٌ بصفة السَّمْعِ فيما لا بداية ، ولا يزالُ مُتَّصـفًا به إلى ما لا نهاية . فالسَّمْعُ صفتُه مُتَّصفٌ به أَزَلاً وأَبدًا . فهو صِفَةٌ أَزَلـيَّةٌ أبديَّة .

 

والله تعالى يَسْمَعُ بسمْعه الأَزَليِّ الأبديِّ جميعَ المسموعات بلا كيفٍ . ويَسْمَعُ به كَلامَهُ الذَّاتيَّ الأَزَليَّ .. إنَّ الله بعدَما خَلَقَ الأصواتَ سمعَها بسمْعه الأزليِّ مَعَ حُدُوث الأصوات . إنَّ الله تعالى يسمعُ أصواتنا بسمْع أزليٍّ أبديٍّ . ويسمعُ حديثَ النفسِ في النفْس . وليس سَمْـعُهُ الذي يسمعُ به الأصواتَ سمعًا يحدثُ له عندَ وُجُود الصَّوت . وإنما الله يسمعُ بسمْع أزليٍّ الصَّوتَ الذي هو لم يَكُنْ في الأزل ثمَّ وُجدَ بعدَ أَنْ خَلَقَهُ الله ..

 

ولا نقول :" لا نَعْلَمُ كَيْفَ يَسْمَعُ " ، ولكنْ نقول :" يَسْمَعُ بلا كَيْف " .

 

 

5) لله صفةُ البصَر : إنَّ الله بصيرٌ مَوْصُوفٌ بصفة البصَر فيما لا بداية ، ولا يزالُ مُتَّصـفًا به إلى ما لا نهاية .

 

فالبصَر صفتُه مُتَّصفٌ به أَزَلاً وأَبدًا . فهو صفَةٌ أَزَلـيَّةٌ أبديَّة . والله تعالى يَرَى برُؤْيـته الأَزَلـيَّة الأبديِّة جميعَ المَرْئيَّات بلا كيفٍ . ويَرَى بها ذاتَه الأزَليَّ الأَبديَّ ..

 

إنَّ الله بعدَما خَلَقَ العالمَ رآه برؤيته الأزلـيَّة مَعَ حُدُوث العالم . إنَّ الله تعالى يَرانا برؤية أزلـيَّة أبديَّة . وليستْ رُؤْيتُه التي يرى بها المخلوقَ رُؤيةً تحدثُ له عندَ وُجُود المخلوق . وإنما هو ، سبحانه وتعالى ، يَرَى برؤية أزلـيَّة الحادثَ الذي هو لم يَكُنْ في الأزل ثمَّ وُجدَ بعدَ أَنْ خَلَقَهُ الله ..

ولا نقول :" لا نَعْلَمُ كَيْفَ يُبْصر " ، ولكنْ نقول :" يُبْصرُ بلا كَيْف " .

 

 

6) لله صفةُ القدرة : الله قادرٌ على كُلِّ شيء . مَوْصُوفٌ بصفة القدرة على كُلِّ شيء فيما لا بداية ، ولا يزالُ مُتَّصـفًا بها إلى ما لا نهاية .

فالقدرةُ صفتُه مُتَّصفٌ بها أَزَلاً وأَبدًا . فهي صفَةٌ أَزَلـيَّةٌ أبديَّة . والله تعالى لا يُعْجزُهُ شيءٌ . فكُلُّ ما هو مخلوقٌ لا شَكَّ أَنَّ الله خَلَقَهُ بقدرته . وكُلُّ ما هُوَ مَعْدُومٌ ممَّا يَصحُّ في العقلِ وُجُودُه قادرٌ رَبُّنا على خَلْقه أَيْ إبرازِه من العَدَم إلى الوُجُود .

 

وأَمَّا المَعْدُومُ الذي لا يَصحُّ في العَقْلِ وُجُودُهُ فلا يُقالُ إنَّ الله قادرٌ على إيجاده ، ولا يُقالُ إنَّ الله غيرُ قادرٍ على إيجاده . ومثالُ المعدُوم الذي لا يَصحُّ في العَقْلِ وُجُودُهُ الشَّرِيكُ لله ، والوَلَدُ ، والزَّوْجَةُ ، والشَّبيهُ له ، وتحَيُّـزُ الذَّات ، والتغيُّرُ ، والظُّلْمُ ، والكَذبُ ، والإتصافُ بصفة من صفات البشَر . هذه الأُمُورُ لا تجُوزُ عَقْلاً في حَقِّ الله تعالى ولا تَعَلُّقَ لها بالقُدْرَة .

 

 

7) لله صفةُ العلْم : الله عليمٌ مَوْصُوفٌ بصفة العلْم فيما لا بداية ، ولا يزالُ مُتَّصـفًا بالعلْم إلى ما لا نهاية .

 

فالعلْمُ صفتُه مُتَّصفٌ به أَزَلاً وأَبدًا . فهو صفَةٌ أَزَلـيَّةٌ أبديَّة .

والله تعالى يَعْلَمُ ما كانَ وما يَكُونُ الآنَ وما سيكونُ إلى ما لا نهايةَ . ويَعْلَمُ أَنَّ ما لا يَكُونُ لو كانَ يَكُونُ كيفَ يَكُون . كما قال في حَقِّ الكفار ﴿ ولو رُدُّوا لعادوا لِما نُهُوا عنه [الأنعام/28]، وإن كان يعلم أنهم لا يُرَدُّون . ويَعْلَمُ الله ذاتَه وصفاته ، ويَعْلَمُ ما يستحيلُ في العَقْلِ أنْ يَكُونَ كالمثيلِ له .

 

ولا يَخْفَى على الله شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماء . يَعْلَمُ ما في الـبَـرِّ والبحرِ . وما تَسْقُطُ من وَرَقَة إلاَّ يَعْلَـمُها ، ولا حَبَّة في ظُلُمات الأرْضِ ولا رَطْب ولا يابسٍ إلاَّ يَعْلَـمُهُ بعلْـمه الذي لا ابتدَاء له . حَتَّى إنَّ حَرَكَات الكُفَّارِ في جَهَـنَّمَ التي لا تنتهي أبدًا وحَرَكَاتِ المُؤْمنينَ في الجَنَّة التي لا تنتهي أبدًا يَعْلَـمُهَا إجمالاً وتفصيلاً . ولقد علمَها الله في الأَزَل قبلَ أَنْ يخلقَ شيـئًا من هذا العالمِ .

 

ولا بُدَّ من الإيقان بأنَّ ما يعلمُه الله لا يَدْخُلُ تحتَ حَصْرٍ . قال الله تعالى ﴿وما يَعْزُبُ عن رَبِّكَ من مثقال ذَرَّة في الأَرْضِ ولا في السَّماء ولا أَصْغَرَ من ذلكَ ولا أَكْـبَـرَ إلاَّ في كتاب مُبين [يونُس/61].

 

 

8) لله صفةُ البقاء : الله باق . لا يَفْـنَى ولا يَبيدُ . وهو مَوْصُوفٌ بصفةِ البقاء فيما لا بداية ، ولا يزالُ مُتَّصفًا بها إلى ما لا نهاية . فالبقاء صفتُه مُتَّصفٌ به أَزَلاً وأَبدًا . فهو صفَةٌ أَزَلـيَّةٌ أبديَّة .

 

 

9) لله صفةُ القيام بالنفْس : الله قائمٌ بنفْسه ، بمعنَى أنه لا يحتاجُ إلى غيرِه . فالله مَوْصُوفٌ بصفة القيام بالنفْس فيما لا بداية ، ولا يزالُ مُتَّصِـفًا بها إلى ما لا نهاية . فالقيامُ بالنفْس صفتُه مُتَّصفٌ به أَزَلاً وأَبدًا . فهو صفَةٌ أَزَلـيَّةٌ أبديَّة . والله تعالى لا يَرْجُو ثوابـًا ولا يخَافُ عقابـًا وليسَ عليه حَقٌّ يَلْـزَمُهُ .

 

 

10) لله صفةُ الأزلـيَّة : لكُلِّ ما سوَى الله ابتدَاء . إذْ الأزلـيَّةُ لله وحدَه . قال الله تعالى ﴿هُوَ الأَوَّلُ [الحديد/3].. .. أَيْ هو وحدَه الأَوَّلُ . أيْ هو وَحْدَهُ الذي لا بدَايةَ لوُجُوده .

 

وعندما نقول :" إنَّ الله لا بدايةَ لوجوده " لا نعني بذلك أن وجودَه مُقْتَرِنٌ بالزَّمان وأن الزَّمانَ لا بدايةَ له . بل نعني أنَّ الله موجودٌ غيـرُ مخلوق . وهو معنى قول العلماء :" إنَّ الله أزليٌّ قديم " .

 

قولُ العلماء :" إنَّ الله أزليٌّ قديم " معناه موجُودٌ غيرُ مخلوق .

أمَّا الزَّمانُ فهو مخلوق لله ، لم يكن ثم كان .

فقبلَ أَنْ يخلقَ الله العالمَ لم يَكُنْ زمانٌ ولا مكان . قبلَ أَنْ يخلقَ الله العالمَ كانَ الله ولم يَكُنْ شيءٌ قبلَه . قبلَ أَنْ يخلقَ الله العالمَ كانَ الله وَحْدَه ولم يَكُنْ شيءٌ غيـرُه ولم يَكُنْ شيءٌ معَه : لا زَمانٌ ولا فضاءٌ ولا فراغٌ ولا إنسٌ ولا جنٌّ ولا ملائكةٌ ولا ضَوْءٌ ولا ظَلام ولا جهاتٌ ولا أبعادٌ . لم يَكُنْ مكانٌ ولم يَكُنْ زَمانٌ .

 

فالله أَزليٌّ قديم مَوْصُوفٌ بصفة الأزلـيَّة فيما لا بدَاية ، ولا يَزَالُ مُتَّصفًا بها إلى ما لا نهاية . فالأزلـيَّةُ ، ويُعَـبَّـرُ عنها بالقدَم ، صفَـتُهُ ، وهُوَ مُتَّصفٌ بها أَزَلاً وأَبَدًا .. .. .. ..

 

ولا صحَّةَ للرَّأْي القائلِ :" ما منْ حادث إلاَّ وقَبْلَـهُ حادثٌ إلى ما لا بدَايةَ " والذي عَبَّـرَ عنه بعضُهم بقوله :" العَالَمُ أَزَليٌّ بنوعه " ، إذْ إنَّ هذا الرَّأْيَ باطلٌ لأَنَّ الله هو وَحْدَهُ الأَزليُّ الذي لا بدَايةَ لوجُوده .

 

فالزَّمَنُ والتعاقبُ لم يَكُونا بلْ وُجدَا بتقديرِ الله . هو خَلَقَ الزَّمانَ . هو خَلَقَ التعاقبَ . وكذلكَ المكانُ الذي هو الفَراغُ الذي يَشْغَلُهُ الحَجْمُ وُجدَ بخَلْقِ الله . هذه الأبعادُ الثلاثةُ وهذه الجهاتُ السِّتُّ الله خَلَـقَهَا . هي لم تَكُنْ في الأزل . والله كانَ قبلَها . كُلُّ هذا وُجدَ بتقديرِ الله ..

 

 

11) لله صفةُ المخالفة للحَوادث : قال الله تعالى ﴿ ليسَ كَمثْله شيء [الشُّورَى/11]. فالله لا يُشْبهُ غَيْـرَهُ . إذْ يستحيلُ في العَقْلِ أَنْ يُشْـبهَ غَيْـرَهُ . فهو مَوْجُودٌ بلا مَكَان ولا جهة .

 

وليسَ هُوَ بعَرَضٍ ولا جسم ولا جَوْهَر . يستحيلُ في العَقْلِ أَنْ يمَسَّ أَوْ يُمَسَّ أو أَنْ يَكُونَ له حَدٌّ ، أَيْ مقدارٌ ، أو أَنْ يَكُونَ لذاته امتدادٌ .

 

ويستحيلُ في العَقْلِ أَنْ يَتَحَرَّكَ أَوْ يَسْكُنَ أَوْ يَتَأَثَّرَ أَوْ يَنْفَعلَ أَوْ يُتَصَوَّرَ في القلب أَوْ يَتَغَيَّـرَ أَوْ يَتَطَوَّرَ أَوْ يَزْدَادَ كمالُه أَوْ يَنْقُصَ كمالُه أَوْ يَكُونَ أَصْلاً لغيـرِه أَوْ يَكُونَ فَرْعًا منْ غَيْـرِه أَوْ يَفْعَلَ غَيْـرُهُ فعْلَـهُ .

 

فالله مَوْصُوفٌ بصفةِ المُخَالفَة للحَوَادث أَيْ للمخلوقات .. الله مَوْصُوفٌ بهذه الصِّفَة فيما لا بدَايةَ ولا يَزَالُ مُتَّصـفًا بها إلى ما لا نهاية . فالمُخَالفَةُ للحَوادث صفتُه مُتَّصفٌ بها أَزَلاً وأبدًا لأَنها صفةٌ أَزَلـيَّةٌ أبديَّة . مهما تَصَوَّرْتَ ببالك فالله لا يُشْـبهُ ذلك ..

 

 

12) لله صفةُ المشيئة : إنَّ الله شاء بمشيئة لا تَتَغَـيَّـر . والله مَوْصُوفٌ بصفة المشيئة فيما لا بداية ، ولا يزالُ مُتَّصـفًا بها إلى ما لا نهاية . فالمشيئةُ صفتُه مُتَّصفٌ بها أَزَلاً وأَبدًا . فهي صفَةٌ أَزَلـيَّةٌ أبديَّة .

فالمخلوقُ وُجدَ لأَنَّ الله شاءَ في الأَزَل وُجُودَه فوُجدَ في الوَقْت الذي شاءَ الله أَنْ يَكُونَ فيه وعلى الحالِ التي شاءَ له أَنْ يَكُونَ عليها . أمَّا المَعْدُومُ الذي يَصحُّ في العَقْلِ أَنْ يُوجَدَ فإنه يُوجَدُ في الوَقْت الذي شاءَ الله له أَنْ يُوجَدَ فيه وعلى الحال التي شاءَ وُجُودَهُ عليها ، وأَمَّا إنْ شاءَ الله بقاءَه في العَدَمِ فلنْ يَخْرُجَ من العَدَمِ إلى الوُجُود أَبَدًا . وهذا معنى قَوْل أَهْلِ التـنـزيه لمَّا عَرَّفُوا المشيئةَ :" المَشيئةُ تخصيصُ المُمْكنِ العَقْليِّ ببَعْضِ ما يجُوزُ عليه " .

 

ولا يَصحُّ أَنْ يُقالَ إنَّ الله شاء لذاته أَنْ يَسْمَعَ أَوْ يَرَى أَوْ يَتَكَلَّمَ أَوْ يَقْدرَ ونحوُ ذلكَ لأَنَّ السَّمْعَ والبصرَ والكَلامَ والقُدْرَةَ ونحوَها من صفات الله الذَّاتيَّة واجبةٌ له عَقْلاً ، لا يُعْقَلُ عَدَمُ اتصاف الله بها . ومشيئةُ الله لا تَتَعَلَّقُ إلاَّ بالممكنِ الوُجُود . هي لا تَتَعَلَّقُ بما يجبُ وُجُودُهُ عَقْلاً ولا بما يستحيلُ وُجُودُهُ عَقْلاً كالشَّرِيك لله والوَلَد والزَّوْجَة والشَّبيه له وتحَـيُّـزِ الذَّات والتغيُّرِ والظُّلْم والكَذب والاتصاف بصفة من صفات البشر .

 

جميعُ هذه الأُمُورِ لا تجُوزُ في حَقِّ الله عَزَّ وجَلَّ . أَيْ لا يَصحُّ في العَقْلِ أَنْ يَتَّصفَ الله بها ولا تَعَلُّقَ لها بمشيئة الله ، وذلكَ لأَنَّ المَشيئةَ هي تخصيصُ المُمْكنِ العَقْليِّ ببَعْضِ ما يجُوزُ عليه . والممكنُ العَقْليُّ هو ما يَصحُّ في العَقْلِ وُجُودُهُ بعدَ عَدَم ، كالإنسِ والجنِّ والملائكة والجنَّة والنَّار والسَّماوات وهذا العالم كلُّه .

 

واعلمْ ، أَنَّ الأُمورَ مُقَسَّمَةٌ أقسامًا أربعةً :

القسمُ الأَوَّل : أَمْـرٌ شاءهُ الله وأَمَـرَ به ورَضـيَهُ كإيمان المؤمنينَ وطاعة الطَّائعينَ .

 

والقسمُ الثاني : أَمْـرٌ شاءهُ الله ولم يَأْمُـرْ به ولم يَرْضَهُ كعصْـيان العُصَاة وكُفْرِ الكَافرين ونحوِ أَكْلِ آدَمَ من الشَّجَرَة .

 

والقسمُ الثالث : أَمْـرٌ لم يَشَأْهُ الله لكنْ أَمَرَ به ورَضـيَهُ كالإيمانِ بالنسبة للكافرين ونحوِ السُّجُود الذي أَمَرَ الله به إبليس .

 

والقسمُ الرَّابع : أَمْـرٌ لم يَشَأْهُ الله ولم يَأْمُرْ به ولم يَرْضَـهُ كالكُفْرِ بالنسبة للأَنبياء والمَلائكة .

 

 

13) لله صفةُ الوَحْدَانيَّة : الله ، تباركَ وتعالى ، مَوْصُوفٌ بصفة الوَحْدَانيَّة فيما لا بداية ، ولا يزالُ مُتَّصفًا بها إلى ما لا نهاية فالوَحْدَانيَّةُ صفتُه مُتَّصفٌ بها أَزَلاً وأَبدًا .

فهيَ صفَةٌ أَزَلـيَّةٌ أبديَّة له سبحانَه وتعالى . والله واحدٌ في ذاته وصفاته وفعْله .

هو واحدٌ لا من طريق العَدَد . وليسَ لأَحَد صفَةٌ تماثلُ صفةَ الله . وهو ، سبحانَه وتعالى ، وحدَه الذي يخلقُ أَفْعَالَ العباد ، ما كانَ منها خَيْـرًا وما كانَ منها شَرًّا ، ما كانَ منها باختيارِهم وما كانَ منها بغَيرِ اختيارِهم . يخلُقُهَا على الوَجْه المُطَابق لما شاء وعَلمَ في الأَزَل . ولأَنَّ العَبْدَ مخلوقٌ لله كانتْ أفعالُه مخلوقةً أيضًا لله من باب الأَوْلى . قال الله تعالى ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ [النحل/17]..

 

تمَدَّحَ الله بتفرُّده بصفة الخَلْقِ أَيْ الإبرازِ منَ العَدَمِ إلى الوُجُود . ولو كانَ غَيْـرُهُ يُبْـرِزُ من العَدَمِ إلى الوُجُود ما تمَدَّحَ الله بتفرُّده بصفة الخَلْق . وقال الله تعالى ﴿ورَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشَاء [القَصَص/68]. ويَدْخُلُ في ذلكَ الـنِّـيَّـاتُ والخَواطرُ التي تَطْرَأُ على قُلوب العباد بما فيها وَسْوَسَاتُ الشَّياطين وما يَعْقدُ المَرْءُ قلـبَه عليه من اعتقاد

 

وهُوَ ، سبحانَه وتعالى ، وحدَه خالقُ الأسباب والمُسَـبَّـَبات . وهذا هُوَ المَقْصُودُ بقَوْل عُلماء الأُصُول لمَّا عَرَّفُوا القَدَرَ الذي هو بمعنَى التقدير إذْ بَيَّـنُوا أَنَّ القَدَرَ هو تدبيرُ الأَشياء على الوَجْه المُطَابقِ لمشيئة الله وعلْمه الأَزَلـيَّـيْـن .

 

و صلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله و صحبه و سلم...

 

 

Edited by ilaa
Link to comment
Share on other sites

شكرا لك يا اخي الكريم جزاك الله خيرا واثابك اجرا ووفقك ربي في الدنيا والآخره

والله ولي التوفيق

اللهم اهدي امة محمد اجمعين

اللهم لك الحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك

Link to comment
Share on other sites

الله أكبر .. سبحانه وتعالى ..

 

أخي وحبيبي في الله ilaa جزاك ربي الفردوس الاعلى من الجنة على هذه المساهمة العطرة .. ولكن يا ليت قومي يعلموووووووووون

 

موازين حسناتك إن شاء الله .. وإسمح لي يا حبيبي إني انقل هذا الموضوع المتميز فعلا إلى منتديات أخر ..

 

وأؤيد فكرة التثبيت وبشدة biggrin.gif

 

بارك الله فيكم فتح الله عليكم وأثابكم

Link to comment
Share on other sites

ما شااء الله على الموضوع الرائع

الصراحه يستحق التثبيت

بس عقب جم يوم ان شااء الله

وذكريني عشان اثبته

والله يعطييك الصحه والعافية

 

Link to comment
Share on other sites

أشهد أن لا إله إلا الله

وأشهد أن محمدا رسول الله

 

بارك الله فيكم على هذا الموضوع القيم والمفيد

جزاكم الله خــيــر ،،،

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...