المال يتحدث

[وحداني]

يعد الاعلان عن مكافأة مالية لمن يقتل أيا من رئيس الادارة المدنية الامريكية في العراق بول بريمر او الاخضر الابراهيمي مبعوث الأمم المتحدة في العراق، ومن قبلها في افغانستان، او الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان نفسه تغيرا كبيرا في الخطاب الذي عادة ما تتضمنه الأشرطة المنسوبة لتنظيم القاعدة.

القاعدة ترى ان الامم المتحدة لاتمثل سوى المصالح الامريكية

القاعدة ترى ان الامم المتحدة لاتمثل سوى المصالح الامريكية

 

و سواء كان المتحدث في هذه الشرائط اسامة بن لادن زعيم المنظمة نفسه او نائبه ايمن الظواهري او أي من القادة الأخرين المحليين التابعين للمنظمة فإن هذه هي المرة الأولى التي تعرض فيها القاعدة مكافأة مالية لمن ينفذ عملية تخدم مصالحها.

 

وفي الماضي كان الخطاب الذي تتبناه هذه الاشرطة لايخرج عن امور ثلاثة:

 

1- التأكيد على ان قيادات المنظمة ما زالت موجودة وبخير على رأسها اسامة بن لادن وذلك في أعقاب أي عملية كبرى تقوم بها القوات الأمريكية او الدول الحليفة لها ضد اهداف تابعة للقاعدة في افغانستان او المنطقة الحدودية المتاخمة للحدود الباكستانية.

 

2- التعليق على الاحداث العالمية الجارية وشرح وجهة نظر قيادة المنظمة خاصة في اعقاب أي حدث جلل قد تشهده المنطقة العربية او الاسلامية رغم ان تسليم هذه الشرائط لإذاعتها في احدى المحطات العربية كان يأتي متأخرا قليلا ربما لظروف لوجستية.. ونذكر منها الشريط الذي اعقب احتلال العراق والاطاحة بالرئيس السابق صدام حسين.

 

3- تهديد الولايات المتحدة وحلفائها وعلى رأسهم اسرائيل بالانتقام بضرب مصالحهم في العالم ردا على ما ترى المنظمة انه عمل عدواني ضد العرب والمسلمين ومنها التهديد بالانتقام لاغتيال الشيخ احمد ياسين الزعيم الروحي لحركة حماس.

 

والواقع ان خطاب منظمة القاعدة شهد تغيرا جذريا خلال الآونة الاخيرة بعرض الهدنة الذي تقدم به اسامة بن لادن للدول الاوروبية.

 

وعلى الرغم من الخطاب الرسمي الأوروبي الذي اعلن رفضه عرض بن لادن إلا ان زعيم منظمة القاعدة يبدو أنه كان يرمى الى تحقيق عدة اهداف منها على سبيل المثال تقديم منظمته على انها لاتعادي الا من يعادي من وجهة نظرها الشعوب العربية والاسلامية وانها لاتؤمن بفكرة الارهاب من اجل الارهاب، وثانيا محاولة الايقاع بين الشعوب الاوروبية وحكوماتها خاصة تلك المؤيدة لاحتلال العراق او اتباع سياسة العصا والجزرة حيث ان عرض الهدنة جاء بعد تفجيرات مدريد التي نسبت للقاعدة واسقطت 192 قتيلا ومئات الجرحى .

 

تغير كبير في خطاب منظمة القاعدة مؤخرا

 

وعلى المستوى العربي، قدم بن لادن نفسه كما لو كان متحدثا باسم الشعوب العربية ومدافعا عن مصالحها مستغلا في ذلك أي مشاعر سخط قد تكون موجودة لدى قطاعات من هذه الشعوب ازاء توجهات قياداتهم وحكوماتهم المتماشية مع التوجهات الأمريكية التي قد لاتعني بالضرورة تحقيق آمالهم من القضايا المحورية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والشأن العراقي.

 

المعاملة بالمثل

ولكن خروج خطاب منظمة القاعدة الى وضع مكافأت مالية لمن يأتيها برؤوس من قادة امريكيين ممثلين في هذه الحالة في بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي في العراق يبدو أنه تعامل مع الولايات المتحدة بمبدأ المثل.

 

فالولايات المتحدة تضع بالفعل مكافأة مقدارها 27 مليون دولار لرأس بن لادن ومكافأت اخرى متفاوتة لرؤوس قادة المنظمة الأخرين كالظواهري او ابو مصعب الزرقاوي. ومن قبلهم كانت هناك مكافأت تتعلق بصدام حسين وولديه وقادة اخرين بحزب البعث العراقي.

 

اما وضع مكافأة مماثلة لمن يقتل كوفي عنان او الاخضر الابراهيمي فيأتي من منطلق رؤية القاعدة للأمم المتحدة على انها مؤسسة لاتضم سوى عملاء ينفذون مصالح الولايات المتحدة.

 

وكان قد اشير بأصابع الاتهام الى تنظيم القاعدة عندما تم تفجير مقر الامم المتحدة في العراق والذي اسفر عن مقتل العشرات واصابة المئات وكان على رأس الضحايا مبعوث الامم المتحدة في بغداد سيرجيو دي ميلو.

 

وفي النهاية فإن اتباع بن لادن اسلوب الاعلان عن مكافأت مالية لمن ينفذ اعمالا لمنظمة القاعدة يعتبرتحولا عن الاعتماد على اعضاء المنظمة او خلايها النائمة فقط الى تجنيد المزيد من العناصر عن طريق توجيه دعوة غير مباشرة الى أي فرد او منظمة او جماعة تتقاطع مصالحها مع مصالح منظمة القاعدة للانضمام بشكل غير مباشر اليه لتحقيق هدف مشترك.

 

ولعل هذا من شأنه ان يمثل عنصر ضغط كبير على هؤلاء المستهدفين والمؤسسات التي يمثلونها سواء كان هذا الضغط نفسيا أو ماليا كما حدث في حالة الامم المتحدة التي قررت رصد المزيد من المخصصات المالية لتأمين مبانيها وامينها العام الذي اعلن أنه يأخذ هذه التهديدات على محمل الجد وإن اشار الى انه سيواصل متابعة حياته وعمله.