Jump to content
منتدى البحرين اليوم

روايتي بين يديكم " رسالة من الماضي"


Recommended Posts

أختي Bounty

اسعدني تواجدك الجميل بين ثنايا أحلامي..

فقد كنت أتمناه منذ زمن بعيد..

فلا تكتمل الأماني.. إلا بمعانقة قلوبكم الصافية..

 

واذا سمحت لي بوجهة نظر بسيطة قد تعينك في روايات أخرى

 

<<

 

أحداث روايتك تجري بسرعة كبيرة

 

فلو كانت أكثر هدوءاً وأكثر تفصيلاً

 

نقطة مهمة غفلت عنها.. وإن شاء الله المرة القادم اوظفها بالطريقة الصحيحة..

وإذا هناك شيئاً آخر لا تتردي بالبوح به..

سلمتي على حظورك المنير..

ودوماً

كوني معي..

Link to comment
Share on other sites

  • Replies 232
  • Created
  • Last Reply

Top Posters In This Topic

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

 

في الحقيقة أود أن أهنئك على الإبداع الذي تقومين بتسطريه في صفحات هذا المنتدى

 

وعلى قلمك الجميل الذي يُقطِرُ كلماتٍ وأسطرٍ تزن في مضمونها و رقة تفاصيلها وبساطتها

 

كنوز العالم جامعةً ...

 

 

أختي الكريمة الشاعرة ...

 

أنا لا اعرف المجاملة في مثل هذه الأمور ... والكلام الذي كتبته في الأعلى كان شيئاً تستحقينه بكل تأكيد وبكل جدارة ...

 

فتسلسل الرواية جميل جداً ... وأحداثها تضع القارئ في تلهف واضح لتكملة هذه الرواية ومعرفة الأحداث المقبلة ...

 

نقطةٌ أخرى شدت انتباهي وهي ... أنكي في هذه الرواية تطرقتي لقضايا مهمة جداً وحساسة أيضا ومنتشرة في واقعنا المعاصر ... وسلطتي الضوء عليها مع تسلسل الأحداث الجميلة في الرواية ... وهذه ميزةٌ أخرى أضيفها إلى هذه الرواية ...

 

الواقعية في سرد الرواية ...

نقطة مهمة جداً ... وقد تمكنتي من اضافتها الى روايتك الجميلة بالفعل

وتبينت لي شخصيا هذه الواقعية في السرد من خلال التفاصيل التي ان كانت بسيطة نوعاً ما في الاغتراب والتعرف على أشخاص ونظرة الشخص المغترب إلى الأشخاص الذين هم حوله ... وقد وفقتي صراحةً في هذه النقطة ...

 

وأؤكد لك هذا الشي ... لكوني مغترب حاليا للدراسة ... وقد تأثرت صراحةً في سرد الأحداث وخصوصا المتعلق منها في طريقة توديع الأقارب في المطار ...

إلى نوبات الأرق التي تصاحب الشخص المغترب ليلة عودته لوطنه الأم

إلى نقطة أثرت فيني كثيرا وهي ...

شعور * سهير * حين عودتها في المطار بإفتقاد الأم ... لأن هذه النقطة أعيشها

حاليا ... ولأنني فقدت هذا الحنان منذ اغترابي بفترة شهر واحد فقط

 

 

عزيزتي الشاعرة ...

 

لاحظت في الرواية عدم الأخذ بالتفاصيل ... مثل ...

 

* وصف شكل الأشخاص كالطول والبشرة والعيون والشعر إلخ ...

وهذه التفاصيل تجعل القارئ يعيش مع هذه الشخصيات ...

ومن خلال قرائتي للرواية كم تمنيت أن يحدث هذا الشي ...

خصوصا بأني أعتقد أن * أحمد * ستكون له شخصية بارزة ومحاور كثيرة في هذه الرواية

 

فوصف الشخصيات والأخذ بالتفاصيل الدقيقة يعطي لذةً أخرى في الرواية وتجعل القارئ

يتعمق ويعيش في تفاصيل الشخصيات ...

 

 

أتمنى أن لا أكون مزعجاً في ردي هذا

 

وأئسف كل الأسف للإطالة فيه ...

 

 

وقد كان هذا الرأي الشخصي في الرواية ...

وبإنتظار الفصول القادمة وخفايا هذه الرواية الجميلة ...

 

 

تمنياتي لك بالتوفيق ...

 

تحياتي ...

 

bu_jass84

Edited by bu_jass84
Link to comment
Share on other sites

السلام عليكم..

عذراً على تأخري في الرد.. ولكن الأنترنت منقطع ..

وإ نشاء الله سأتمكن من الرد عليكم في وقت لاحق..

وشكراً لكل المتابعين..

وإليكم يا ألوان الطيف السبعة المرتسمة في لوحة حياتي..

 

الفصل الخامس عشر:

أغلقت سماعة الهاتف ويدي ترتعشان، بادرتني سهير بسؤالها:

_ ماذا هناك؟

ابتلعت ريقي بصعوبة وأنا أقول:

_ ليندا وجيمي في المستشفى.

بدت علامات الاستغراب تتلوها أمارات الحزن ترتسم على وجه سهير وهي تقول:

_ ما بهما؟

_ لست أدري، هلمي بنا نذهب إلى المستشفى.

أكملت حديثي وهممت بصعود السلم فأمسكتني سهير بيدي وهي تقول:

_ رويدك يا إيمان، أن الساعة الآن تقترب من الثانية صباحاً كيف سنذهب لوحدنا، وأنت تعلمين أننا لسنا في بلادنا.

توقفت وأنا أكاد أن أبكي، صرخت قائلة:

_ إذن ما العمل، لا أستطيع الانتظار أكثر، أن قلبي يتمزق في داخلي.

أمسكتني سهير من يدي لتجلسني على الأريكة قالت لي وهي تربت على كتفي:

_ بالهدوء ستنحل المشكلة إن شاء الله.

دسست وجهي بين ركبتي وأنا أبكي، لا أحب أن أكون في مثل هذا الموقف، أن تحاصرني الأفكار والوساوس ولا استطيع أن أضع لها حلاً، وفي غمرة حزني تذكرت فجأة رقم أحمد الذي وضعته في حقيبتي، فوقفت وأنا أصرخ:

_ وجدتها.. وجدتها..

نهضت سهير بسرعة وهي تقترب مني قائلة:

_ أخبريني ماذا طرأ على عقلك من أفكار؟

أجبتها وأنا امسح دموعي:

_ أم أحمد ذات يوم قدمت إلى منزلنا وأعطتني رقم أحمد لأتصل به إذا احتجته.

_ ماذا تنتظرين إذن.!

صعدت السلم بسرعة وغبت في غرفتي بضع ثواني وعدت إلى حيث الهاتف، حملت السماعة وأنا أقول لسهير:

_ ألن نزعجه فربما يكون نائماً.

_ هذا ظرف طارئ، ولا اعتقد أنه سيمانع في مساعدتنا.

شجعتني سهير فبدأت بالضغط على الأرقام، وما انتهيت حتى سمعت الرنين، كان قلبي يدق مع تلك النغمة، رُفعت السماعة وأتى رده من البعيد:

_ الو.

قلت بصوت مرتبك:

_ السلام عليكم.

_ وعليكم السلام.

_ أحمد.

_ نعم.. من أنتِ؟

_ أنا إيمان، عذراً على إزعاجك.

غطت مسحة من الفرح على صوته وهو يقول:

_ مرحباً بكِ.. لست منزعجاً على الإطلاق.

_ إذا كان بإمكانك فأني أود الذهاب إلى المستشفى الرئيسي.

سألني بخوف:

_ هل أنتِ بخير؟ هل تعانين من شيء؟ هل تتألمين؟..

قطعت حديثه بهدوء:

_ لا، ولكني أود الذهاب لصديقتي ليندا وأخوها جيمي.

تنهد قائلاً:

_ لقد أوقعتي بقلبي من شدة الخوف.

أحرجني كلامه فخيم علي الصمت، فقال ليتدارك الأمر ويبعد عني الإحراج:

_ حسناً أعطيني عنوانك وسأطلب سيارة أجرة لنذهب إلى المستشفى.

أعطيته عنواني وأغلقت الهاتف بعدها وأنا أتنفس الصعداء، غيرنا ملابسنا وتجهزنا وبقينا ننتظر، لم تمر أكثر من ربع ساعة حتى سمعت صوت جرس المنزل يدق، فتحت الباب لأحمد وسلمت عليه، فرد التحية وهو يشير إلى سيارة الأجرة المركونة بقرب منزلنا وهو يقول:

_ تفضلا..

شكرته وأنا أتقدم مع سهير وجلسنا في الخلف بينما جلس أحمد في الأمام مع السائق، وما أن تحركت السيارة حتى بدأت الهواجس تغزو عقلي من جديد فيصارعها صوت قلبي وهو يقول اللهم اجعله خيرا.

مضت نصف ساعة في الطريق حتى وصلنا للمستشفى الرئيسي، ترجلت من السيارة وذهبت إلى الداخل، كان المكان مزدحماً، توجهت إلى مكتب الاستقبال وسألت بلهفة عن جيمي وليندا، أرشدتني الممرضة إلى غرفة الدكتور الذي أشرف عليهما، طرقت الباب لأستأذن بالدخول، ولم تمضي إلا ثواني حتى سمعت ذلك الصوت الذي سمعته في الهاتف يقول:

_ تفضلوا.

دخلنا جميعاً إلى تلك الغرفة التي تنبعث منها رائحة الأدوية المعقمة، كان الطبيب رجل في الأربعين من العمر، له شعر أحمر خفيف، وعينان زرقاوان كزرقة السماء الصافية، ابتسم لنا وأشار علينا بالجلوس، فتح أحد الملفات وقال:

_ إذا لم يخب ظني أعتقد أنكما إيمان وسهير.

أجبته:

_ نعم.. أنا أيمان وهذه سهير وهذا زميلنا أحمد.

رفع رأسه وتفحصنا بكل عناية ودقة، وبعدها أردف يقول:

_ سوف أدخل معكما في الموضوع بلا مقدمات، فأنا احتاج لأن تساعدوني.. ربما أنتم لا تعلمون أن والدهما سكير، فقد دخل عليهما المنزل في الساعة العاشرة ليلاً من هذا اليوم وهو يعربد ويصرخ ويكسر كل شيء يراه أمامه، وعندما حاولت ليندا أن توقفه أخذ عصا غليظة وضربها على رأسها فسالت دمائها وفي تلك اللحظة حاول جيمي أن يأخذ العصا من يد والده بالقوة، فغضب وأخرج من جيبه بندقية وأطلق النار على جيمي فأصابته رصاصتان واحدة في صدره والأخرى في ذراعه اليمنى، فسقط على الأرض مضرجاً بدمائه، وأغمي على ليندا، سمع الجيران صوت أطلاق النار، فداهموا المنزل، ليجدوا الأب ممداً وقد اخترقت إحدى الرصاصات رأسه، وليندا وجيمي فاقدين للوعي، وتم نقلهم للمستشفى حتى يحصلوا على العناية.. وطبعاً هذا الكلام وفق ما سمعناه من عدة شهود وقد اتفق مع ما قالته لنا ليندا بصعوبة بالغة وعندما سألنها عن أحد تعرفه أعطتني رقم هاتفكما..

سألته بلهفة ودموعي تنسكب:

_ والآن كيف حالتهما؟

قال لي:

_ لقد رأيت فيك صبرك على التحمل، فأنا لا أريد منك أن تنهاري، فهما بحاجة لكما.

مدت لي سهير منديلاً لأمسح دموعي بينما استطرد الطبيب قائلاً:

_ لا أخفي عليكم فحالة جيمي حرجة جداً، فهو الآن في غيبوبة، وقد حاولنا معه بكل السبل.. ليس بأيدنا الآن سوى الانتظار، أما أخته فأتمنى أن تأخذوها معكم، فهي تحتاج لعنايتكما ووقوفكما معها أكثر من مكوثها في المستشفى تصارع أنينها، فهي قد فقدت والدها الذي انتحر وتركها تلوذ بحزنها في ساحة الظلام، وأخاها في حالة صعبة لا أعلم أن كان سيخرج منها حياًً..

نهضت وأنا أحاول أن أداري تلك الدموع التي تجمعت في مقلتي ، فطلب الطبيب من الممرضة أن ترافقنا إلى غرفة ليندا، وقبل خروجنا نادانا وعندما التفتنا قال بابتسامة:

_ أنكما حقاً صديقتان وفيتان.

شكرته ومضينا نمشي خلف الممرضة حتى وقفت عند غرفة وقالت لي أن ليندا هنا، فسألتها عن جيمي فقالت:

_أن غرفته في الطابق الثاني تحمل رقم 10، ولكن الزيارة ممنوعة له نظراً لحالته.

شكرتها وهممت بالدخول بينما جلس أحمد على أحد الكراسي المقابلة للغرفة، فتحت الباب، فرأيتها جالسة على الفراش، ورأسها ملفوف بشاش أبيض، كانت تحدق في الفراغ وعينيها تسكبان الدموع بغزارة، تقدمت منها ومعي سهير فحضنتها وأنا أبكي معها، فأحسست بأني احضن جسداً خاوي من الروح، أمسكت بيدها بينما كانت سهير تمسح دموعها وتطبطب على رأسها بحنان، التفتت لنا وهي تقول:

_ إيمان.. سهير.. أرجوكما خذوني لجيمي..

قلت لها:

_ حسناً، لنذهب على المنزل لكي ترتاحي، وغداً نأتي لنزوره.

أنكست رأسها وبدأت تبكي ومن بين دموعها قالت:

_ أنا اعلم أن الزيارة ممنوعة.. ولكني أريد أن القي نظرة عليه.. أن قلبي يتمزق من الحزن.. لا أريد شيئاً آخر في هذه الدنيا.. أريد جيمي فقط.. أريد جيمي..

وما أن انتهت من كلامها حتى أمسكتني بقوة أحسست بدموعها الحارة وهي تتساقط على يدي وأردفت متوسلة:

_أرجوك يا إيمان خذيني لأرى جيمي.. أرجوك.

خضعت لهذه الدموع البريئة التي لم ترى إلا شعاعاً من الأمل في هذه الحياة حيث تمثل في أخيها الوحيد، فليس هناك شيئاً يضاهي هذا الأخ في الكون كله..

نهضت وأنا امسك بها من ناحية وسهير من ناحية أخرى، خرجنا من الغرفة، كان أحمد نائماً على الكرسي وعلى وجهه قد رسم التعب بكل أنواعه، حز منظره في قلبي، لقد أتعبته معي، تقدمت من ناحيته لأحاول أن أوقظه، ناديته فأستيقظ قلت له وأنا أعتذر:

_ أنني جد آسفة، لقد أتعبتك معي.

قال لي وهو يبتسم:

_ لا عليك، فتعبك راحة..

_ إن ليندا تود أن تلقي نظرة على أخيها.

_ حسناً، لنذهب.

ذهبنا بالمصعد إلى الطابق الثاني، وتوجهنا إلى غرفته، كان مسموحاً لنا فقط أن نراه من خلال زجاج النافذة، رأيته وهو ممد على ذلك الفراش مغطى بشراشف بيضاء وحوله الكثير من الأجهزة التي تخترق بطنينها الآذان، عيناه ذابلتان وعلى شفتيه تلك الابتسامة التي طالما رأيتها، رغم أن جهاز التنفس يغطي أكثر معالم وجهه إلا أن هذه الابتسامة بصفائها وحزنها تظهر جلية للأعين. كان يستلقي على ذلك الفراش، وهو يحاول في ذاته أن يقهر أشباح الموت..

رفعت ليندا يديها وهي تلمس زجاج النافذة، لصقت وجهها فيه وهي تبكي بمرارة، أنينها الحزين يفجع كل القلوب، حاولت أن اسحبها لكي نرحل أحسست بأني أخذت معي جسد ليندا، فقلبها وروحها بقيا في ذلك الركن الأبيض لتلازم جيمي في هذه المحنة.

 

وإن شاء الله إذا سمحت لي الفرصة بنزل الفصل القادم..

Link to comment
Share on other sites

يسلمووووووووووو الشاعرة على هذا البارت الحو وسلمت يداج يالحلوة

 

وخذي اقل من مهلج على الجزء الياي نبي يطلع طويييل وروعة اووكي :rest58:

 

تحياتي لج اختي الشاعرة

النملة الشقية

:aaq5:

Link to comment
Share on other sites

 

جزء جديد يحمل معانٍ كبيرة !! :smile:

 

،،

 

يالقسوة هؤلاء الرجال !! لم يتركوا ابناءهم و لا زيجاتهم الا و قد ابرحوهم ضربًا :dry:

 

و على الرغم من تواجد رجال قساة ، هناك رجال تملأ قلوبهم الطيبة و الاحسان ، و الوقوف بجانب من يحتاجه في وقت الضيق ، أليس كذلك ؟؟!!؟؟

 

هذا ما تعلّمته من هذا الفصل !! :up:

 

و لكن ، لا يزال التساؤل مطروح :

 

هــــل مــــــن وفــــاء فـــــي هــــذا الزّمـــــن ؟؟

 

،،

 

لكـ ِمنّيـ تحيّاتيـ ،، :n11:

 

 

Link to comment
Share on other sites

الشاعرة تعتذر لكم نتيجو عطل انترنتي لديها وانا سوف اقوم بالنيابة عنها بانزال الجزء كونها ابنة عمتي ولي تواصل مباشر معها

اليكم الجزء السادس عشر

 

 

الفصل السادس عشر:

كانت السيارة تسير بسرعة متوسطة، وكل المرئيات تختلط في عيني فالشوارع تطوي نفسها بألم، والمصابيح التي تسطع على جانبي الطريق يذوب نورها عندما تخالطها العبرات، والثلوج البيضاء التي تكسي كل شيء باتت موحشة وكئيبة، فكل شيء يوحي بالحزن، ومن بين كل الذكريات والصور التي تغزو ذاكرتي تبقى صورة جيمي وهو طريح الفراش ثابتة في مخيلتي، في حياتي كلها لم أقع في وضع مشابهه لهذا، لذلك أجده صعباً خصوصاً حين أرى انهيار ليندا وبكائها الحزين، فكيف أواسيها وهذه الدنيا تتقاذف بها يميناً ويساراً وتصفعها كل حين بأحزانها، كيف أطيب خاطرها والموت يتربص بكل عزيز تملكه، تنهدت وأنا أقول في سري:

_ هذه أرادة الله، ولا اعتراض على مشيئته.

طلبت من ليندا أن تمكث معنا في منزلنا ريثما يتعافى أخاها، فقبلت بعد إلحاح منا، توقفت السيارة بجانب منزلنا ترجلنا منها وأنا وسهير نسند ليندا على أكتافنا لنساعدها على المشي، شكرت أحمد على جميله الذي لن أنساه بينما رد علي بابتسامة عذبة أطلقها بعفوية، فتحت الباب ودلفنا إلى الصالة، جلست ليندا على الكنبة وأسندت رأسها، جلست بجانبها بينما ذهبت سهير لتشعل المدفأة ومن ثم عادت وجلست معنا، كان الصمت يخيم علينا حتى أصوات أنفاسنا بالكاد أستطيع سماعها، فكل واحدة منا فكرها قد غاب عنها في دنيا أخرى، قطعت هذا الصمت ليندا حين قالت:

_ عندي سؤال أود أن أعرف أجابته.

قلنا معاً:

_ تفضلي.

_ ماذا تفعلون أنتم المسلمين حين تواجهكم مصيبة؟

أجبتها والدهشة تعلوا على وجهي:

_ الكثير، فنحن نصلي عادة وندعو الله بأن يفرج عنا كربنا.

طأطأت رأسها وهي ساهمة في التفكير، من ثم عادت وسألت:

_ هل سيتقبل الله دعائي وأنا لست مسلمة.

أجابتها سهير:

_ إن الله سبحانه وتعالى لا يرد عبداً من عبيده، فهو يعطي من سأله ومن لم يسأله، ويفرج هم من دعاه ومن لم يدعوه.

تهلل وجه ليندا فرحاً وهي تقول:

_ أود أن أصلي وأدعو الله.

ابتسمت لها وأمسكت بيدها وأنا أساعدها على النهوض أخذتها لغرفتي وأعطيتها ملابس طويلة وساترة، فقالت لي:

_ هل من الواجب أن أرتدي هذه الملابس.

_ نعم فالله قد أمرنا بذلك، وعليك أيضاً أن تغطي شعرك.

_ حسناً، وهل هناك شيئاً آخر؟

_ نعم عليك بأن تتوضئي.

_ وكيف ذلك.

أخذتها وعلمتها كيف تتوضأ وعندما انتهينا فرشت لها سجادة وقد اقترحت أن أجاهر بصلاتي حتى تستطيع ليندا أن تصلي، وهكذا وقفنا جميعاً لنصلي، كانت ركعتان، ولكنني أحسست بسعادة غامرة عندما ختمتها، ورفعنا أيدنا بالدعاء بأن يشفي الله جيمي ليعود لنا سالماً.

لا أحد يستطيع أن يغوص في أعماق النفس البشرية لينتشل ذلك الحزن الدفين فيها غير التقرب من الله، هكذا أحسست عندما انتهت ليندا من صلاتها، ودموعها تنسكب بغزارة لتعانق الإيمان الذي كان بعيد عنها، كالنجم في السماء، وبين لحظات أمسكت ذلك النور بيديها، ووصلت للمستحيل، فأرى وجهها الذي يشع براءة وعذوبة، وتلك الدموع الندية تغسله بطهارة لتزيح تلك الجراح التي تراكمت عليه ولتبعد غمامة الظلال عنه، فيكتسي حلة من نور الإيمان.

***

في اليوم التالي عندما حل الصباح خرجنا أنا وسهير وتركنا ليندا في المنزل نائمة لكي ترتاح، فالليلة الماضية كانت عصيبة عليها لا يحتملها قلبها المرهف، ذهبنا إلى الجامعة لكي اطلب أجازة مرضية من أجل ليندا وجيمي، وطلبت أجازة ليوم واحد لي ولسهير، فلا يجوز أن نترك ليندا وحدها تصارع أحزانها، فهي تحتاج لنا في هذا الوقت بالذات، وافقت إدارة الجامعة على منحنا إجازة مرضية ليوم واحد لي ولسهير، ولمدة يومان من أجل ليندا، أما جيمي، فإجازته مفتوحة.. وكم أتمنى أن يفيق من غيبوبته ويعود كما كان، بل أفضل مما كان..

عدنا للمنزل سريعاً، وما أن دخلت حتى رأيت ليندا مستلقية على الكنبة وبين يديها كتاب على غلافه صورة يد مرفوعة وفي الوسط كُتب " الدعاء ولحظات التقرب من الله " وهو كتاب لكاتب عربي مترجم بالانجليزية وقد كان من بين مجموعة الكتب الموضوعة على الطاولة، انتبهت لنا ليندا فأدارت وجهها الذي بدا صفاءه يتوهج رغم الاصفرار البادي عليه وابتسمت لنا مرحبة ووضعت الكتاب على الطاولة المجاورة للكنبة وقالت وهي تعاتبنا:

_ إلى أين ذهبتما وتركتماني وحيدة؟

أجابتها سهير:

_ مشوار صغير للجامعة لأخذ إجازة مرضية.

استوت في جلستها، فسألتها:

_ هل أصبح حالك أفضل.

ترقرقت الدموع في عينيها وهي تجيبني:

_ وما بي أنا مقارنة بأخي..

حاولت أن تخفي دموعها وأن تغير الموضوع فأردفت:

_ عذراً، لقد أخذت هذا الكتاب من على الطاولة من دون استئذان.

_ لا عليك.. فنحن سواء.

سألتها سهير:

_ ما رأيك به.

حملت الكتاب وضمته إلى صدرها وأسهبت تقول:

_ قرأته وعيناي تلتهم السطور وقلبي يزداد توسعاً، هل تصدقان إن الأمس كان من أجمل أيامي رغم الحادثة، فلأول مرة أشعر بأني إنسانة لي قيمتي في هذه الحياة وقد كرمني ربي بكل شيء أعطاني إياه، فكم كنت جاهلة بابتعادي عن هذا الدرب الأخضر المفروش بالفل والياسمين، ورائحة الأيمان العطر تعبق في أورقته، فكم أحسست بالطمأنينة وبالسكينة تملأ قلبي الصغير، وأنا أتجول فيه ونور الإسلام يشع لألتمس طريقي النير، ولأقطف ثمار أيامي المتدلية من تلك الأشجار اليانعة، رغم أنني لا أعلم الكثير عن هذا الدين، ولكنني أحببته.

امتلأت عيني بدموع الفرح وأنا أسمع كلامها، نهضت وربت على كتفيها وقلت:

_ لا أحد يعرف سر هذا الأيمان إلا قلبك فحدثيه دوماً، وسيجيبك عنه.

ابتسمت لي ومضت تكمل قراءتها بينما ذهبنا أنا وسهير لأعداد طعام الفطور.

***

في عصر هذا اليوم قررنا الذهاب لزيارة جيمي، ارتدت كل منا ملابسها وقد أعطيت ليندا من ملابسي لكي تلبسها، وكم بدت جميلة حينما نزلت فقد أسدلت شعرها بطريقة بسيطة تتناسب مع ملامح وجهها وقد غطى جزء منه جبهتها وحاجبيها برقة كاملة ليعكس لونه الذهبي صفاء عينيها الخضراء ، وقد ارتدت ملابس ساترة وجميلة، فقلت في نفسي وأنا معجبة بها:

_ لا ينقصها إلا الحجاب.

حملت حقيبتي الصغيرة لكي نخرج سبقتهم وفتح الباب فتلاقت عيني بتلك العينان اللتان تحملان كل معاني الجمال الروحية والخلقية، فقد كان أحمد صاحب هاتين العنينان يقف بجانب الباب ويده ممتدة وكأنه كان يريد أن يضغط على الجرس، ابتسم لي فخجلت كعادتي وأنكست رأسي لكي لا يلاحظ ارتفاع الدم إلى وجنتاي اللتان اصطبغتا بالون الوردي، قال مبادراً:

_ السلام عليكم.

رددت عليه ولا زالت أثار الخجل مرتسمة حتى في صوتي:

_ وعليكم السلام.

_ عذراً على إزعاجكم وعلى هذه الزيارة المفاجئة فقد كنت أريد أن أعطيك ملخصاً عن محاضرات اليوم لكي يتسنى لكم الوقت في نقلها.

أكمل جملته ومد يده ليعطيني كومة من الأوراق، أخذتها وأنا أبتسم، فقلت له:

_ شكراً لك، لم يكن من الداعي أن تتعب نفسك أكثر.

_ هذا من واجبي، ثم تسعدني مساعدتك.

_ هذا لطف كبير منك.

_ حسناً.. أستأذن.

أطلت ليندا من خلفي وهي تقول:

_ أحمد.. سوف نذهب لزيارة جيمي ألا تود أن ترافقنا؟

قال وهو يغادر:

_ طبعاً بودي ذلك، ولكنني وعدت أحد الأخوان أن ألقيه في المسجد لنتباحث في عدة أمور.. وصلوا سلامي لجيمي ودعواتي له بالشفاء.. حسناً.. في أمان الله..

وأبتعد في خطوات سريعة ونشيطة، أخذت سهير الأوراق من يدي ووضعتهم على الطاولة وهممنا جميعاً في الخروج، وتوجهنا مباشرة إلى محطة الحافلة وجلسنا نترقب قدوم أحداهم، مضت الدقائق بطيئة ورتيبة، لا شيء هناك نفعله غير الدعاء لجيمي، فأنا لا أتخيل كيف سيئول حال ليندا إذا فقدت أخاها سندها الوحيد في هذه الدنيا، فحتى أنا لن أبقى لها، وسوف أعود لدياري بعد انتهاء مدة هذه الدراسة، أبعد صوت صرير الحافلة وهي تتوقف هذه الأفكار عن عقلي الذي بات يصور لي كل كئيب ومفجع يمكن أن يقع، رفعت عيني وتهللت الابتسامة على وجهي وأنا أقول:

_ أنها حافلة بطابقين، كم كنت أود أن أصعد على متنها..

ابتسمت ليندا وأمسكتني بيدي وهي تقول:

_ هيا بسرعة.. لنصعد قبل أن تمتلئ بالركاب وخصوصاً الطابق الأعلى..

ركبنا الحافلة وصعدنا على الدرج للطابق الثاني منها، جلست في مقعد مقابل للنافذة ليتسنى لي رؤية المناظر على الطريق، والتأمل في كل شيء، وما أن بدأت الحافلة تتحرك حتى تحركت حماستي للأشياء فأنا أراها من مكان مرتفع فتبدوا أجمل وأزهى، فبدت لي الأرصفة التي تغطيها الثلوج والأطفال يلعبون هنا وهناك، يقذفون بالكرات الثلجية وعلى وجوههم ترتسم تلك الضحكات الطفولية البريئة التي لم تطالها يد الشيطان لتدنسها، وبقيت هكذا أراقب الأجواء إلى أن وصلنا إلى المستشفى، وبسرعة ترجلنا من الحافلة تسبقنا أشواقنا لمعانقة كل خبر جميل، تقدمنا إلى مكتب الدكتور وطرقنا الباب ودخلنا عندما إذن لنا بذلك، وما أن رآنا حتى ارتسمت على ملامحه نظرة حزينة، فوخزني قلبي بأن شيئاً ما قد حدث..

 

كلمة الشاعرة لكم

عذراً على تقصيري معكم .. ولكن ما باليد حيلة..

فأنا أنتظر بفارغ الصبر أن يعود الانترنت لكي أعود من جديد..

وشكراً لكل من خط حرف أو قرأ حرف في هذه الصفحة

 

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...

×
×
  • Create New...