Jump to content
منتدى البحرين اليوم

إلىّ ابنَتي "رِيما"..


Recommended Posts

6084dca7b8.jpg

إلىّ ابنَتي "رِيما"..

( وَقفات فيرُوزية ، علىّ صفحاتٍ بيضاءْ !. )

 

رُغم أننِي أجهلُ مَن تكونِي ، وأجهلُ إنْ كنتِ ستكونِي أَو لنْ تكونِي ، ورُغم أننِي لمْ أنجبكِ بَعد ، وما زالَ مبكراً عَلى أنْ أنجبكِ بَعد ؛ ولكِن مخاضُ ذلكَ القَلم ، شاءَ أنْ تَكوني لِي ابنَة ، ورامَ أنْ يكونَ مثواكِ فِي قَلب هذِه الصَفحات ؛ لتصبحَ صفحاتً ملائكِية ، محشوةٌ بهذيانِ الجَوى .

ابنتِي وكينونتِي ، لا أعلمُ كيفَ أبدَأ ؛ فأنَا لا أعلمُ كيفَ تُصنع تِلك الدِيباجات ، ولمْ أَمتهن حَتى الآنْ كيفَ أصوغُ لكِ مشاعرَ الأمومةِ لَدي ؛ رُبما لأننِي لمْ أشعُر بِها قَط ، أوْ رُبما لأنَ مَشاعري كَانت لِحبيبٍ ، وُلدتُ لَه ، وتَولدت مِنه ، وسَتموت فِيه . فَيا أُماه ، كُوني كَأمكِ فِي الشَيء القَليل ؛ لأنَها لَيست مِثالية ، وَلا تملكُ إلا الضَئيل ، فَلا تَكوني مِثلها ، فَاترة عِند الأَلم ، قَانعة عِند العَدم ، مُكبلة عِند الحَقيقة ، مُعتَقة مِن قَلب صَديقة ، مُستأنفة عِند الوُقوف ، وَاقفة فِي أَدنى الصُفوف ، مُتقيئة للنَقاء ، مُتناولة ثَوب الوَباء ، مُتلقفة صَوت العَناء ، قَاذفة لَحن السَماء ، مُذعنة عِند البُكاء ، ثَابتة فِي صَدر الخَلاء . فََالضعف لَن يَجعلكِ سِوى صَبيةً مُتهرئه ، ذُو قلبٍ رَث ، ومَظهرٍ غَث ، وَلنٍ يَكترث أحدٌ بِك ؛ فَستصبحين امتداداً للضُعفاء ، أعنِي امتِداداً لِوالدتك ! فَكانت أَكثر النِساء سَذاجة هِي أَنا ، عِندما اِعتقدتُ بِأنني سَأكون يَوماً مَا حَبيبة وزَوجة ، وأُماً لابنَة ، لا أعلمُ إنْ كانتْ ستكونُ رِيما فِعلاً ، أو ستكونُ ابنةً أُخرى ، وَضحية لاسمٍ آخَر ، وَأب آخَر ، أوْ حَتى هَوية أُخرى . أَيا رِيما ، حَتى لا تَكوني مُهشمة ، وُمهمشة ، لا تَكوني كوالدتكِ ، يَستوطن أَزقتها القُنوط ، وَأعلى مَراتبها السُقوط ، تهذِّب أَرصفة الطَريق ، بِخطوط مَشيتها المُنكسرة ، وَخطواتها المَتدهورة . فَربما أنتِ دَهشة ، كَما هُم غَيرك ، لمَ لا أريدكِ أنْ تَكوني مِثلي ، حَتى فِي أقوَى خِصالي ، والجوابُ أننِي لستُ راضيةً حِيالي ؛ فيكفِي بأنكِ شَذرة مِن رُوحي ، فَلا تَكوني شَذرة مِن قَلبي المِيت ؛ حَتى لا تَبلغي العُتي مِن عُمركِ مُبكراً ، وَتبلغين الصِّبا بقلبٍ بالٍ ، ويأسٍ عالٍ . فَكوني شخصيةً مُنفردة ، تستشعرينَ الحُب ، وتؤمنينَ بالرضَا ، والأهَم ، أنْ لا تصِلي مِن الصبابةِ حَد النُخاع ، حَتى لا يخدعكِ الآخَرين ، ثمَ تضمحلُ مَا بقيتْ فِيك مِن أَحلام غَضة ، فتهجركِ السَعادة . ابنتِي ، إنْ قدَّر المَولى وجئتِ إِلى وَاحة الأرضْ ، دَعيني أحفلُ بانتصاركِ ، دعينِي أسعدُ باختياركِ ، وَدعيني إنْ جئتِ عزيزتِي ، أجنِي مِن طيبِ ثِماركِ ، دَعي الودَ مُبتغاك ، والوجدُ شِعاركِ ، فاعتصمِي بالحُرية ، وتقيدِي بِقرارك ، وَلا تَختبئي خلفَ أقنعةٍ زَائفة ، وأخذيةٍ عَابرة ، حتَى لا تمضغكِ المَصائب ، وتناغيكِ النَوائب ، وَحتى تكونِي الأجَمل ، فِي كوكبٍ شَائب ، احمِلي وَردة كُل لَيلة وَقولي : تشبهُني هيَ ، فِي كلِ العَجائب ! ، وإنْ لحظتِ رقراقَ غيثٍ ، لا تختبئِي خلفَ مِظلة ، فهذَا ليسَ باستقبالِ غَائب ، وإنْ أيقضتكِ شقشقةُ البلابِل ، انهضِي وتبسمِي ، أبداً لا تتجهمِي ، وإنْ عدوتِ نَحو فراشةٍ ، عَن مطاردتِها لا تستسلمِي ، وإنْ طعمتِ حلوىً لاذعةْ ، قُولي : مَا أحلاكِ وأنتِ فِي فَمي ! ، فكونُي مُتفائلة ، حتَى لُو أنَّ التفاؤلَ مِني لَم تَتعلمي .

أعترفُ لكِ بأننِي فشلتُ فِي كلِّ شَيء ، حتّى فِي عِلاقاتي ، وَبأنني يائسةُ مِن هَذه الحَياة ، فَما ألبثُ أنْ أفرحَ لِليلة ، حتّى أتيقنُ بوجودِ مصيبةٍ جَليلة ، فأمتقعْ ثَانية ، وَأكتفي بأننِي أَعيش ، وبأنهُم راضونَ عنِّي ، لَو بِنسبة قَليلة ، فَلا تسألِيني لمَ أكتبُ هَذا النَص الآنْ ، وَفي هَذه المَرحلة مِن عُمري بِالتحديد ، أوهَل بيدِ الموجوعِ حِيلة ؟ ، فَأنا أحتاجُ لابنَة ، حتّى لَو كانتْ عَلى الوَرق ، أقصُ عَليها يومياتِي المَكلومة ، وَعن مُعاناتي الطَويلة ، أنَا أحتاجُ لابنَة ، أغويِها بفيضِ حنانِي ، أُقوي بِها فِيني إمتهانِي ، أنَا أحتاجُ إِليك ، رُبما لأنكِ الوَحيدة التِي تستحقينَ حُبي ، رُبما لأنكِ فِي قَلبي ، رُبما لأنكِ حَبيبتي ، رُبما لأنكِ مِن صُُلبي .

 

( وفيّ النِهاية هيَ محضُ ثرثَرة ، ومحضُ نصْ !. )

بِقلم " مَهْتاب " / 17 تِشرين الثَاني 2007 ..

 

 

 

 

Link to comment
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
الرد على هذا الموضوع...

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

Loading...
×
×
  • Create New...