طالب حقوق Posted فبراير 15, 2006 Report Share Posted فبراير 15, 2006 جريدة الوطن / ملحق الشباب 13-02-2006 محمود العريبي اقرأ ودع عنك السيف أكثر ما يثير حفيظتي وعجبي، هو وجود فئة تحارب الكلمة، في أمة أول ما نزل عليها من الدين كان دعوة للقراءة والتأمل، بل إن معجزتهم ارتكزت على الكلمة.. ففي الحوار الأول الذي دار بين الوحي والرسول الكريم ، كانت أول كلمة هي "إقرأ" وكررت ثلاث مرات؛ لتكون دلالة صريحة على أهمية القراءة والتفكر فيما نقرأ.. فلما يتجاهل البعض هذا الأمر، وينصرفون إلى غيره.. من بين ما قرأت في الأدب العربي، استوقفتني قصيدة أبي تمام التي جاءت فيها مقولته الشهيرة "السيف أصدق أنباء من الكتب".. ولعل أكثر ما جعل عقلي يصاب بحالة من الغليان الفكري، هو حين يردد البعض هذا القول ويكملون شعر أبي تمام "في حده الحد بين الجد واللعب"، فكأنما يريد مرددي قول أبي تمام، أن يغلبوا حد السيف على الحجة المنطقية والجمالية في التعبير والتقنية التي تحويها الكتب.. ولكن مع كل احترامي لما قاله أبي تمام، فإنه لم يكن موفقا في بيت شعره؛ فالذي يقدر على التغيير هو الكلمة، وليس حد السيف.. ولعل ترديد البعض لهذا القول يدل على أنهم حفاري قبور أكثر من كونهم مثقفين..وكأن ظل السيف ظل حديقة خضراء تنبت حولنا الأزهار.. فما قاله أبي تمام في عصره، كان نتاج ردة فعل شامت وهازئ، بنبوءة منجم لدى المعتصم، أخبر الأخير بأنه لن يقدر على فتح عمورية.. وحين دخلها المعتصم فاتحا، سخر أبي تمام منه قائلا "أين الرواية أم أين النجوم وما صاغوه من زخرف فيها ومن كذب" ولو علم بأن ما قاله سيسخر لغير عرضه، لكمم فاه وقطع لسانه.. فعجبي ممن يردد هذا القول؛ ليرهب به كل من يملك حرفا حرا، ورأيا يخالفهم، دون أن يعي خلفيته التاريخية.. فإن دل ذلك على شيء، فإنه ينم عن إرادة في قمع الحرية والأدب بالعنف والقوة.. ولكي تتضح الصورة حول أهمية الحرف والكلمة، فإن غالبية الثورات التي قامت في العالم، أضرمها المثقفون بكتاباتهم وخطاباتهم، ومن ثم جاء السلاح كوسيلة للدفاع عن النفس.. فالمواجهة كانت بالكلمة والكتاب، قبل الاحتكام إلى السيف والزناد.. وكلما تعمقنا في قراءاتنا، زاد الكم المعرفي والثقافي لدينا.. فالقراءة ليست عملية تهجي أحرف في مجموعة ورق، بل إنها فرصة لفتح المجال أمام العقل للتأمل والتفكر، وجني ثمار المعرفة، بالغوص في أسبار الفكر والإبداع والحضارة.. فهي أشبه بعملية التجارة الرابحة دائما؛ فمن يقرأ بتمعن، يستحيل أن يخسر.. فنحن نقرأ لكي نبني بيتا ثقافيا داخل الذات، نرتكز عليه في بناء وجهات نظرنا، وإبداء آراءنا.. فإذا كان السيف في وجهة نظر البعض أصدق من الكتب، فإني أرى بأن من يقرأ يملك الكثير.. Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
الشاعرة Posted فبراير 16, 2006 Report Share Posted فبراير 16, 2006 Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
lemoona Posted فبراير 16, 2006 Report Share Posted فبراير 16, 2006 تسلم على هذه اللفتة الجميلة ومن يقراة المقال يرى الفائدة فيه وبكل صراحة لفت نظري في شيئين مع ان كنت اعرفهم لكن خليتني افكر اكثر فيهم " قوله تعالى : قرأ " فنحن نقرأ لكي نبني بيتا ثقافيا داخل الذات مشكور وما تقصر واتمنى الكل يقرا الموضوع Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
زخات المطر Posted فبراير 16, 2006 Report Share Posted فبراير 16, 2006 مشكور اخوي على الموضوع المهم هذا الموضوع يبرز شخصية كاتبه المثقفة و اتمنى الكل يداوم على القراءة لانها احد من السيف و الله يعطيك العافية Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
محمود العريبي Posted فبراير 16, 2006 Report Share Posted فبراير 16, 2006 شكرا للتفاعل مع الموضوع وفقط كلمة اخير إلى متى ستظل أمة "إقرأ" لا تقرأ؟؟ لي عودة مرة اخرى Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
ريم البوادي Posted فبراير 16, 2006 Report Share Posted فبراير 16, 2006 مشكور أخوي على الموضوع الحلو صدق انه واااااااااااااااااااجد مفيد ورائع تسلم ويعطيك ألف عافية تحياتي ريم Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
خفيفة جدا Posted فبراير 17, 2006 Report Share Posted فبراير 17, 2006 فعلا موضوع رائع ولكن الحمد لله ... عن نفسي أنا من الفئة التي تقرأ ، وتقرأ كثيرا وبتفكر وتأمل ... عموما شكرا لك على النقل المتميز لهذا الموضوع المتميز ،،، Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
حلمـ الشتاء Posted فبراير 17, 2006 Report Share Posted فبراير 17, 2006 فكر راقي.. واسلوب مميز.. وكذا فائدة تجنى.. أعجني ما كتبت في نقلك المغزى لبيت أبي تمام.. فقد كنت أجهله.. أو ربما لم يستوقفني للتفكير به حتى أعلم أو أجهل فما قاله أبي تمام في عصره، كان نتاج ردة فعل شامت وهازئ، بنبوءة منجم لدى المعتصم، أخبر الأخير بأنه لن يقدر على فتح عمورية.. وحين دخلها المعتصم فاتحا، سخر أبي تمام منه قائلا "أين الرواية أم أين النجوم وما صاغوه من زخرف فيها ومن كذب" ولو علم بأن ما قاله سيسخر لغير عرضه، لكمم فاه وقطع لسانه.. ولكن العجب ممن يتخذ شعر أبي تمام لهكذا حجج.. فيكفي بأبي تمام شاعرا وفصيحا.. حتى وإن قصد ما قصدوا.. عجبي!!! شكرا أخي.. أفدت والله.. ولك امتناني.. حلمـ Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
محمود العريبي Posted فبراير 18, 2006 Report Share Posted فبراير 18, 2006 شكرا للتفاعل الطيب مع هذا الموضوع وبإنتظار تواصلكم مع الجديد القادم ترقبوا محلق الشباب بجريدة الوطن الذي يصدر كل إثنين وامنحوني آرائكم أخوكم الصغير جدا محمود العريبي Quote Link to comment Share on other sites More sharing options...
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.